قسمت نهم ولما

قسمت نهم ولما كتاب : العاقبة في ذكر الموت | كتاب : خريدة القصر وجريدة العصر | الموسوعة الشاملة - جمـهرة اللغة | نشانـه های جادو و راهکارهای قرآنی به منظور باطل «سحر و ... |

قسمت نهم ولما

كتاب : العاقبة في ذكر الموت

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
قال الشيخ الإمام الأوحد الزاهد أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن ابن عبد الله الأزدي الإشبيلي المالكي رضي الله عنـه
الحمد لله الذي أذل بالموت رقاب الجبابرة وكسر بصدمته ظهور الأكاسرة وقصر ببغتته أمال القياصرة الذي أدار عليهم حلقته الدائرة وأخذهم بيده القاهرة فقذفهم في ظلمات الحافرة وصيرهم بها رهنا إلى وقفة الساهرة فأصبحوا قد خسروا الدنيا ولم يحصلوا على شيء من الآخرة
مصيبتهم والله لا يجبر مصابها ولا يتجرع صابها ولا تنقضي آلامـها ولا أوصابها
لم يمنعهم ما حصنوه من المعاقل والحصون ولا حرسهم ما بعثوه من الحرس والعيون ولا فداهم من ريب المنون ما ادخروه من علق مصون وذهب مخزون
بل صدمـهم بركنـه الشديد وصبحهم بجيشـه المديد وأنفذ فيهم ما كتب عليهم من الوعيد
نقلهم من لين المـهود إلى خشونة اللحود وصيرهم بين حجرها المنضود وجندلها المعقود أكلا للهوام وطعما للدود
نظر إليهم بعينـه الشوساء وأرسل عليهم كتيبته الخرساء فأذل عزتهم

القعساء وأبدل من نعمتهم بؤسا وأنطق بالعويل ألسنة خرسا وصيرهم حديثا يذكر على مر الزمان ولا ينسى
نزلوا عن الأرائك والكلال والأسرة والحجال إلى الحجارة والرمال والأراقم والصلال وشظف العيش وضيق المجال وحلوا بربع غير محلال بحيث لا زوال ولا انتقال ولا عثرة تقال ولا يسمع فيها مقال ولا يلتفت عندها إلى من قال
أرسل عليهم ربك جنوده العاتية وأخذهم أخذته الرابية وسلك بهم مسلك الأمم الخالية والقرون الماضية فهل تحس منـهم من أحد أو هل ترى لهم من باقية وفيهم قيل وفي أمثالهم
( حدث حديث القوم من فارس ... قسمت نهم ولما ومن بني قبط ويونان )
( ومن بني الأصفر أعجب بهم ... قسمت نهم ولما وسيد الأتراك خاقان )
( والأقدمين الأعظمين الألى ... من حمير أبناء قحطان )
( من تبع العرب ومن قيصر ... الروم وكسرى آل ساسان )
( من كل قرم شامخ أنفه ... وكل فرعون وهامان )
( وإن نسيت اليوم شيئا فلا ... تنس نبطا أخت كلدان )
( واذكر ملوك الأرض من بعدهم ... من عرب صيد وعجمان )
( من كل منصور اللوا أروع ... سليل أطواق وتيجان )
( مجتمع الشمل على عزة ... شيدت بأساس وأركان )
( قد زلزل الأرض وراع الورى ... من جيشـه الضخم بطوفان )
( وذلل الخلق بسلطانـه ... كأنـه رب لهم ثان )
( انظر إليهم هل ترى منـهم ... غير أحاديث بأفنان )

( وانظر إلى الموت وأعماله ... فيهم ترى الهلك ببرهان )
( وأبصر القوم وماذا لقوا ... بالموت من ذل وخسران )
( قد صفعتهم يده صفعة ... خروا لآناف وأذقان )
( ودك في الأرض بيتجانـهم ... وألبسوا تيجان صمان )
( من حجر صلد ورخو ومن ... ترب وحصباء وصيدان )
( وأنزلوا بطن الثرى بعدما ... كانوا قعودا فوق كيوان )
( واطعم الديدان لحما نـهم ... ويالك من لحم وديدان )
( فكم هناكم من فتى ناعم ... ومن فتاة ذات أردان )
( ومن هزبر مرح في الوغى ... وظبية تسرح في بان )
( كانوا كذا ثم اغتدوا عبرة ... لنازح الدار وللدان )
( ولم يع عنـهم جحفل ... قد طبق الأرض بفرسان )
( ولا بيوت ملئت كلها ... من لؤلؤ بحت وعقيان )
( بل مر ذاكم كله مسرعا ... كالريح مرت بين قضبان )
( وأصبح الملك لمن ملكه ... باق وكل غيره فان )
فسبحان من تفرد بالعزة والكبرياء وتوحد بالديمومة والبقاء وطوق عباده بطوق الفناء وفرقهم بما كتب عليه من السعادة والشقاء وجعل الموت مخلصا لأوليائه السعداء وهلكا لأعدائه الأشقياء
خلق خذلانا وقدر توفيقا وأنـهج سبيلا وأوضح طريقا فهدى إليه فريقا وأضل عنـه فريقا لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون
وأشـهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شـهادة من وفق لها في الأزل وكتب له بها في القسم الأول ففتح لها كل باب وهتك دونـها كل حجاب وخلصها من الشبهة والارتياب وظهرت عليه فيها نعمة العزيز الوهاب الغفور التواب ملك الملوك ورب الأرباب

26 - وأشـهد أن محمدا عبده ورسوله المرفوع عليه علم التحقيق المختص بخصائص التوفيق الداعي إلى أنـهج سبيل وأوضح طريق
صلى الله عليه صلاة تزيده شرفا وترفعه زلفى وتوردنا مورده الذي عذب وصفا وعلى آله الطيبين وصحابته الأكرمين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم وكرم وشرف وعظم
أما بعد فإن الموت أمر كبار لمن أنجد وأغار وكأس تدار فيمن أقام أو سار وباب تسوقك إليه يد الأقدار ويزعجك فيه حكم الاضطرار ويخرج بك إما إلى الجنة وإما إلى النار
خبر - علم الله - يصم الأسماع ويغير الطباع ويكثر من الآلام والأوجاع
واعلموا أنـه لو لم يكن في الموت إلا الإعدام وانحلال الأجسام ونسيانك أخرى الليالي والأيام لكان والله لأهل اللذات مكدرا ولأصحاب النعيم مغيرا و2لأرباب العقول عن الرغبة في هذه الدار زاجرا ومنفرا كما قال مطرف بن عبد الله بن الشخير
إن هذا الموت نغص على أهل النعيم نعيمـهم فاطلبوا نعيما لا موت فيه فكيف ووراءه يوم يعدم فيه الجواب وتدهش فيه الألباب وتفنى في شرحه الأقلام والكتاب ويترك النظر فيه والاهتمام بـه الأولياء والأحباب
واعلموا رحمكم الله أن الناس في ذكر الموت على ضروب فمنـهم المنـهمك في لذاته المثابر على شـهواته المضيع فيها مالا يرجع من أوقاته لا يخطر الموت له على بال ولا يحدث نفسه بزوال قد أطرح أخراه واكب على دنياه واتخذ إلهه هواه فأصمـه ذلك وأعماه وأهلكه وأرداه
فإن ذكر له الموت نفر وشرد وإن وعظ أنف وبعد وقام في أمره الأول وقعد قد حاد عن سواء نـهجه ونكب عن طريق فلجه وأقبل على بطنـه وفرجه تبت يداه وخاب مسعاه وكأنـه لم يسمع قول الله عز و جل ( كل نفس

ذائقة الموت ) ولا سمع قول القائل فيه وفي أمثاله حيث قال
( يا راكب الروع للذاته ... كأنـه في أتن عير )
( وآكلا كل الذي يشتهي ... كأنـه في كلأ ثور )
( وناهضا إن يدع داعي الهوى ... كأنـه من خفة طير )
( وكل ما يسمع أو ما يرى ... كأنما يعنى بـه الغير )
( إن كؤوس الموت بين الورى ... دائرة قد حثها السير )
( وقد تيقنت وإن أبطأت ... أن سوف يأتيك بها الدور )
( ومن يكن في سيره جائرا ... تالله ما في سيرها جور )
ثم ربما أخطر الموت بخاطره وجعله من بعض خواطره فلا يهيج منـه إلا غما ولا يثير من قلبه إلا حزنا مخافة أن يقطعه عما يؤمل أو يفطمـه عن لذة في المستقبل وربما فر بفكره منـه ودفع ذلك الخاطر عنـه ويا ويحه كأنـه لم يسمع قول الله عز و جل ( قل إن الموت الذي تفرون منـه فإنـه ملاقيكم ) ولا قول القائل
( فر من الموت أو اثبت له ... لا بد من أنك تلقاه )
( واكتب بهذي الدار ما شئته ... فإن في تلك ستقراه )
وكذلك من كان قلبه متعلقا بالدنيا وهمـه فيها ونظره مصروفا إليها وسعيه كله لها وهو مع ذلك من طلابها المحرومين وأبنائها المكدودين لم ينل منـها حظا ولا رقى منـها مرقى ولا نجح له فيها مسعى إن ذكر له الموت تصامم عن ذكره ولم يمكنـه من فكره وتمادى على أول أمره رجاء أن يبلغ ما أمل أو يدرك

بعض ما تخيل فعمره ينقص وحرصه يزيد وجسمـه يخلق وأمله جديد وحتفه قريب ومطلبه بعيد
يحرص حرص مقيم ويسير إلى الآخرة سير مجد كأن الدنيا حق اليقين والآخرة ظن من الظنون وفي مثل هذا قيل
( أتحرص يا ابن آدم حرص باق ... وأنت تمر ويحك كل حين )
( وتعمل طول دهرك في ظنون ... وأنت من المنون على يقين )
وهذا إذا ذكر الموت أو ذكر بـه لم يخف أن يقطع عليه مـهما من الأغراض قد كان حصله ولا عظيما من الآمال في نفسه قد كان أدركه لأنـه لم يصل إليه ولا قدر عليه لكنـه يخاف أن يقطعه في المستقبل عن بلوغ أمل يحدث بـه نفسه ويخدع بـه حسه وهو يرى فيه يومـه كما قد رأى فيه أمسه
قد ملأ قلبه بتلك الأحاديث المشغلة والأماني المرذلة والوساوس المتلفة قد جعلها ديدنـه ودينـه وإيمانـه ويقينـه
وربما ضاق ذرعه بالدنيا وطال همـه فيها من تعذر مراده عليه وقلة تأتيه له فتمنى الموت إذ ذاك ليستريح بز وهذا من جهله بالموت وبما بعد الموت والذي يستريح بالموت غيره والذي يفرح بـه سواه إنما الفرح من وراء الصراط والراحة بعد المغفرة
توفيت امرأة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يمازحونـها ويضحكون معها فقالت عائشة رضي الله عنـها لقد استراحت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما يستريح من غفر له ذكره أبو بكر البزار في مسنده
فلا يزال هذا البائس يتحمل من الدنيا بؤسها ويتلقى نحوسها ويلبس

لكل شدة لبوسها وهو يتعلل بعسى ولعل ويرىالأفل وحزبه الأقل وناصره الأذل فلا يرعوي ولا يزدجر ولا يفكر ولا يعتبر ولا ينظر ولا يستبصر حتى إذا وقعت رايته وقامت قيامته وهجمت عليه منيته وأحاطت بـه خطيئته فانكشف له الغطاء وتبدت له موارد الشقاء صاح واخيبتاه واثكل أماه واسوء منقلباه
هيهات هيهات ندم والله حيث لا ينفعه الندم وأراد التثبيت بعدما زلت بـه القدم فخر صريعا لليدين وللفم إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم فنعوذ بالله من الحرمان ومن ضحك العدو وشماتة الشيطان
وهذا والذي قبله إن لم يكن لهما عناية أزلية وسابقة أولية فيمسك عليهما الإيمان ويختم لهما بالإسلام وإلا فقد هلكا كل الهلاك ووقعا بحيث لا دراك ولا مخلص ولا إنفكاك
فنعوذ بالله من سوء القضاء ودرك الشقاء بفضله ورحمته
ورجل أخر وقليل ما هم من أزيل من عينـه قذاها وكشف عن بصيرته عماها وعرضت عليه الحقيقة فرآها وأبصر نفسه وهواها فزجرها ونـهاها وأبغضها وقلاها فلبى المنادي وأجاب الداعي وشمر لتلافي ما فات والنظر فيما هو آت وتأهب لهجوم الممات وحلول الشتات والانتقال إلى محلة الأموات
ومع هذا فإنـه يكره الموت أن يشـهد وقائعه أو يرى طلائعه أو يكون ذاكرا حديثه أو سامعه وليس يكره الموت لذاته ولا لأنـه هادم لذاته ولكن يخاف أن يقطعه عن الاستعداد ليوم المعاد والاكتساب ليوم الحساب ويكره أن تطوى صحيفة عمله قبل بلوغ أمله وأن يبادر بأجله قبل إصلاح خلله وتدارك زلله فهو يريد البقاء في هذه الدار لقضاء هذه الأوطار والإقامة بهذه المحلة بسبب هذه العلة

كما روى عن بعض العالمين وقد بكى عند الموت فقيل له ما يبكيك فقال والله ما أبكى لفراق هذه الدار حرصا على غرس الأشجار وإجراء الأنـهار لكن على ما يفوتني من الادخار ليوم الافتقار والاكتساب ليوم الحساب
قال في هذا أو معناه
( أهون بداركم الدنيا وأهليها ... واضرب بها صفحات من محبيها )
( الله يعلم أني لست وامقها ... ولا أريد بقاء ساعة فيها )
( لكن تمرغت في أدناسها حقبا ... وبت أنشرها حينا وأطويها )
( أيام أسحب ذيلي في ملاعبها ... جهلا وأهدم من ديني وأبنيها )
( وكم تحملت فيها غير مكترث ... من شامخات ذنوب لست أحصيها )
( فقلت أبقى لعلي أهدم ما ... بنيت منـها وأدناسي أنقيها )
( ومن ورائي عقاب لست أقطعها ... حتى أخفف أحمالي وألقيها )
( يا ويلتي وبحار العفو زاخرة ... إن لم تصبني برش في تثنيها )
وهذا إذا مات فيالله دره من ميت ما أفضل حياته وأطيب مماته وأعظم سعادته وأكرم وفادته وأتم سروره وأكمل حبوره
واعلم أن هذا لا يدخل تحت قوله عليه الصلاة و السلام من كره لقاء الله كره الله لقاءه لأن هذا لم يكره لقاء الله تعالى لذات اللقاء إنما كره أن يقدم على الله عز و جل متدنسا بأوضاره ثقيل الظهر بأوزاره ملأن من عاره وشناره فأراد أن يتطيب للقاء ويستعد لفصل القضاء
قال أبو سليمان الداراني قلت لأم هارون العابدة أتحبين أن تموتي قالت لا قلت ولم قالت والله لو عصيت مخلوقا لكرهت لقاءه فكيف بالخالق جل جلاله

وقال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم يا أبا حازم ما لنا نكره الموت فقال لأنكم عمرتم دنياكم وخربتم أخراكم فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب قال كيف القدوم على الله عز و جل فقال يا أمير المؤمنين أما المحسن فكالغائب يأتي أهله فرحا مسرورا وأما المسيء فكالعبد الابق يأتي مولاه خائفا محزونا
قال أبو بكر الكتاني كان رجل يحاسب نفسه فحسب يوما سنيه فوجدها ستين سنة فحسب أيامـها فوجدها واحدا وعشرين ألف يوم وخمسمائة يوم فصرخ صرخة وخر مغشيا عليه فلما أفاق قال يا ويلتاه أنا آتي ربي بواحد وعشرين ألف ذنب وخمسمائة ذنب
يقول هذا لو كان ذنب واحد في كل يوم فكيف بذنوب كثيرة لا تحصى
ثم قال : قسمت نهم ولما آه علي عمرت دنياي وخربت أخراي وعصيت مولاي ثم لا أشتهي النقلة من العمران إلى الخراب وكيف أشتهي النقلة إلى دار الكتاب والحساب والعتاب والعذاب بلا عمل ولا ثواب
وأنشد
( منازل دنياك شيدتها ... وخربت دارك في الآخرة )
( فأصبحت تكرهها للخراب ... وترغب في دارك العامرة )
ثم شـهق شـهقة عظيمة فحركوه فإذا هو ميت
على أن هذا الحديث من كره لقاء الله كره الله لقاءه قد جاء مفسرا فعن عائشة رضي الله عنـها
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقلت يا نبي الله أكراهية الموت فكلنا نكره الموت قال ليس كذلك ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانـه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله

لقاءه وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه وعقوبته كره لقاء الله فكره الله لقاءه
ذكره مسلم بن الحجاج
وقال البخاري في هذا الحديث ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامـه فأحب لقاء الله فأحب الله لقاءه وإن الكافر إذا حضره الموت بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء أكره إليه مما أمامـه فكره لقاء الله فكره الله لقاءه
ورجل أخر هو من القليل قليل قد عرف الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا وشاهد ما شاهد من كمال الربوبية وجمال الحضرة الإلهية فملأت عينـه وقلبه وأطاشت عقله ولبه فهو يحن إلى ذلك المشـهد ويحوم على ذلك المورد ويستعجل إنجاز ذلك الموعد وقد علم أن الحياة حجاب بينـه وبين محبوبه وستر مسدل بينـه وبين مطلوبه وباب مغلق يمنعه من الوصول إلى مرغوبه
فلو أصاب سبيلا إلى هتك ذلك الحجاب هتكه أو رفع ذلك الستر رفعه أو كسر ذلك الباب حطمـه وكسره فعذابه في الحياة وراحته في الممات
كما يروى أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنـه لما نزل بـه الموت قال حبيب جاء على فاقة
وقد قيل إن الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب
وأنشد بعضهم
( يا حبذا الموت وأهواله ... وسكرة منـه تلي سكره )
( وزفرة في أثرها زفرة ... كأنـها في كبدي جمره )
( وروعة تقطع مني الحشا ... كأنـها في أضلعي شفره )
( يا حبذا يا حبذا كل ما ... لاقيت من ضر ومن عسره )
( أهون بـه ثمت أهون بـه ... ولو غدا مثل الحصى كثره )

( إذ كان ذاكم معقبي نظرة ... في وجه ذي العز وذي القدرة )
( يا لأماني تمنيتها ... تفقد نفسي دونـها حسرة )
( والموت جسر للقاء المنى ... فليعمل الغافل ما سره )
ويروى عن علي بن الفتح أنـه رأى الناس في يوم عيد يتقربون بقرابينـهم يعني بضحاياهم فقال يا رب وأنا أتقرب إليك بأحزاني ثم غشي عليه فلما أفاق قال إلهي إلى كم ترددني في هذه الدنيا فمات من ساعته
ومقدمات هذا وأمثاله تدل على ما وراءها من الوصال والاتصال والأنس بذلك الجلال والجمال
وآخر قد شاهد ما شاهد ذلك وربما زاد عليه ولكنـه فوض الأمر إلى خالقه وسلم الحكم لبارئه فلم يرض إلا ما رضي له ولم يرد إلا ما أريد بـه ولا اختار إلا ما حكم فيه ان أبقاه في هذه الدار أبقاه وان أخذه إليه أخذه
قال أحمد بن أبي الحواري قال أبو سليمان الداراني
الناس رجلان رجل أحب الله تعالى فأحب الموت شوقا إلى لقاء الله ورجل أحب البقاء لإقامة حق الله تعالى
قال فوثب إليه غلام لم يحتلم فقال ورجل ثالث أو قال ورجل آخر فقال أبو سليمان ومن هو يا بني قال من لم يختر هذا ولا هذا اختار ما اختار الله عز و جل له فقال أبو سليمان احتفظوا بالغلام فانـه صديق
واجتمع يوما وهيب بن الورد وسفيان الثوري ويوسف بن أسباط رحمـهم الله تعالى فقال الثوري كنت أكره موت الفجأة ووددت اليوم أني مت فقال له يوسف بن أسباط لم قال لما أتخوف من الفتنة في الدين فقال يوسف لكني أحب الحياة وطول البقاء فقال له سفيان لم قال لعلي أن أصادف يوما أتوب فيه وأعمل صالحا

فقيل لوهيب أي شيء تقول أنت فقال أنا لا أختار شيئا أحب ذلك الي أحبه إلى الله عز و جل فقبل الثوري بين عينيه وقال روحانية ورب الكعبة
وقال علي بن جهضم عن علي بن عثمان بن سهل دخلت على عمرو بن عثمان وهو في علته التي توفي فيها فقلت له كيف تجدك
فقال أجد سري واقفا مثل الماء لا يختار النقلة ولا المقام
يعني مثل الماء في الإناء أو القرار من الأرض يقول لا يختار الحياة ولا الموت وقال القائل في هذا المعنى المعنى
( كل ما يفعل الحبيب حبيب ... والذي شاء بي فشيء عجيب )
( إن سكون أراد بي فسكون ... أو وحيب اراد بي فوجيب )
( وإذا ما أراد موتي فموتي ... أو حياتي لكل ذاك أجيب )
( كل ما كان من قضاء فيحلو ... بفؤادي نزوله ويطيب )
فهذا إذا مات لا يسأل عن حاله ولا يقال ما فعل به
ومنـهم من يتمنى الموت ويشتهيه ويسأله ربه تعالى ويرغب إليه فيه وقد علم أن وراءه يوما ثقيلا وحبسا طويلا ومقاما يقوم فيه ذليلا لكن لما رأى نفسه منصوبا للمحن معرضا للفتن مرتهنا بما هو بـه مرتهن وأبصر تفريطه في الزاد ليوم المعاد وفي الاستعداد ليوم الإشـهاد وخاف أن يقتطع عن سبيل المؤمنين ويختلج عن طريق المسلمين تمنى الموت لينجو من هذا الخطر ويسلم من هذا الغرر وأن يقدم على الله عز و جل بالإيمان كائنا منـه بعد ذلك ما كان وهذا إن شاء الله إذا مات خرجت له البشرى بالأمان وأن يحتل في جوار الرحمن حيث شاء من دار الكرامة والرضوان
واعلم أن هذا لا يدخل تحت قوله عليه السلام لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل بـه فإنـه عليه السلام إنما أراد الضرر الدنيوي الذي ينزل بالإنسان من محن الدنيا في النفس والأهل والمال وهذا إنما تمناه مخافة أن ينزل بـه الضرر الأخروي وأن يقتطع بالمعاصي عن الله وأن يصد بالفتن عن سبيل الله

وبالجملة فالموت طريق نجاة يركبها المؤمنون ومورد سلامة يردها المسلمون لقوا فيه ما لقوا وسقوا منـه ما سقوا كل ذلك يهون لما يفضي بهم إليه من السعادة الأبدية والحياة السرمدية
نسأل الله جميل الخاتمة وحسن العاقبة ومردا غير مخز ولا فاضح برحمته لا رب سواه
والأحاديث التي وردت في النـهي عن تمني الموت صحيحة مشـهورة ذكر مسلم بن الحجاج رحمـه الله من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل بـه فإن كان لا بد متمنيا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي
وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يتمنين أحدكم الموت ولا يدع بـه من قبل أن يأتيه إنـه إذا مات أحدكم انقطع عمله وإنـه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا
وذكر البخاري من حديث أبي هريرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله أن يزداد وإما مسيئا فلعله أن يستعتب
وذكر أبو بكر البزار من حديث جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تتمنوا الموت فإن هول المطلع شديد وإن من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة
وسأذكر لك إن شاء الله جملة كافية مما ورد في الموت ومما يعين على ذكره والفكرة فيه وذكر الصالحين له وكلامـهم عند نزوله مع كلام غيرهم من

المغترين والجهلة المخدوعين وما وراءه من السؤال والحساب والثواب والعقاب والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ولعلك تظن بقولي هذا وبالجملة فالموت طريق نجاة يركبها المؤمنون الكلام إلى آخره إني إنما أردت بذلك تهوين الموت وتسهيل كربه وتحقير خطبه والازدراء بشأنـه وقلة المبالاة بـه كلا ومن كتبه على البشر وجعله عبرة من العبر وإحدى آياته الكبر ما قلت ذلك لهذا وإنما قلته للحالة التي يؤول المؤمنون إليها ويقيمون عليها ويكرمون بها ويخلدون فيها فذلك يهون الموت وما هو أعظم من الموت بل الإقامة في سكراته وتجرع مراراته آلافا من السنين وأضعاف ما تعده مئين
وإلا فالموت هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طا أكره وأبشع وإنـه الحادث الهادم للذات والأقطع للراحات والأجلب للكريهات
وإن أمرا يقطع أوصالك ويفرق أعضاءك ويفتت أعضادك ويهد أركانك لهو الأمر العظيم والخطب الجسيم وإن يومـه لهو اليوم العقيم
وما ظنك رحمك الله بنازل ينزل بك فيذهب رونقك وبهاءك ويغير منظرك ورواءك ويمحو صورة جمالك ويمنع من اجتماعك واتصالك ويردك بعد النعمة والنضرة والسطوة والقدرة والنخوة والعزة إلى حالة يبادر فيها أحب الناس لك وأرحمـهم بك وأعطفهم عليك فيقذفك في حفرة من الأرض قريبة أنحاؤها مظلمة أرجاؤها محكم عليك حجرها وصيدانـها متحكم فيك هوامـها وديدانـها
ثم بعد ذلك يتمكن منك الإعدام وتختلط بالرغام وتصير ترابا تطؤه الأقدام

وربما ضرب منك إناء فخار أو أحكم منك بناء جدار أو طلي منك محبس ماء أو موقد نار كما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنـه أنـه أتى بإناء ماء ليشرب منـه فأخذه بيده ونظر إليه وقال كم فيك من عين كحيل وخد أسيل
وكان بقرطبة امرأة صالحة مذكورة بالخير معروفة اسمـها عزيزة بنت القلفيطي وكانت لها رؤيا صادقة فرأت فيما يرى النائم كأنـها خارجة على باب الضاغط بقرطبة عن يسار الخارج بنيانا من أعضاء بني آدم وشعورهم ولهم صياح وضجيج ورجل طويل واقف وعليه ثياب خضرة نيرة ويداه على عينيه وهو يقول عيناي يا قوم في الحائط فأخبرت بهذا الرؤيا أبا بكر بن مؤمن رحمـه الله تعالى فخرج إلى الموضع فوجد فيه مسجدا ودورا قد بنيت في طرف مقبرة كانت هنالك تعرف بمقبرة عباس
وبنيت تلك الدور والمسجد لمصلحة رأى الجيران في ذلك
ذلك حدثني بهذه الحكاية صاحبنا الوجيه أبو الحسن بن أبي بكر بن مؤمن عن أبيه وعن المرأة أيضا وقد سمعت أيضا الحكاية قبل هذا من أبي الحسن بن كامل الصوفي ومن غيره من أصحابه
ويحكى أن رجلين تنازعا وتخاصما في أرض فانطق الله عز و جل لبنة في حائط من تلك الأرض فقالت يا هذان إني كنت ملكا من الملوك ملكت كذا وكذا سنة ثم مت وصرت ترابا فبقيت كذلك ألف سنة ثم أخذني خزاف يعني فخارا فعمل مني إناءا فاستعملت حتى تكسرت ثم عدت ترابا فبقيت ألف سنة ثم أخذني رجل فضرب مني لبنة فجعلني في هذا الحائط ففيم تنازعكما وفيم تخاصمكما
وهذا التغيير إنما يحل بجسدك وينزل ببدنك لا بروحك لأن الروح لها حكم آخر وما مضى منك فغير مضاع وتفرقه لا يمنعه من الاجتماع

قال الله تعالى ( قد علمنا ما تنقص الأرض منـهم وعندنا كتاب حفيظ )
والحكايات في هذا الباب أكثر من هذا والكلام فيه متسع
وقد دونت في الموت الأخبار وصيغت فيه الأشعار وضربت بشدته الأمثال وكثر فيه القيل والقال وعملت بسببه أعمال وأعمال قال بعضهم
( قالوا صف الموت يا هذا وشدته ... فقلت وامتد مني عندها الصوت )
( يكفيكم منـه أن الناس إن عجزوا ... عن وصف ضربهم قالوا هو الموت )
وقد أمر عليه الصلاة و السلام بذكر الموت وأعاد القول فيه تهويلا لأمره وتعظيما لشأنـه
ذكر النسائي عن عائشة رضي الله عنـها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أكثروا ذكر هادم اللذات الموت
وهذا كلام مختصر وجيز وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة ومنعه من تمنيها في المستقبل وزهده فيما كان منـها يؤمل
ولكن النفوس الراكدة والقلوب الغافلة تحتاج إلى تطويل الوعاظ وتزويق الألفاظ وإلا ففيما ذكر من قوله عليه الصلاة و السلام أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت ما يكفي السامع له ويشغل الناظر فيه
ويروى عن عطاء الخراساني أنـه قال
مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بمجلس قد ارتفع فيه الضحك فقال شوبوا مجلسكم بذكر مكدر اللذات قالوا وما مكدر اللذات قال الموت
وخرج يوما عليه الصلاة و السلام إلى المسجد فإذا قوم يتحدثون ويضحكون فقال اذكروا الموت أما والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا

وعن ابن عمر قال أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم عاشر عشرة فقال رجل من الأنصار يا رسول الله من أكيس الناس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنـهم له استعدادا قبل أن ينزل بـه أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرم الآخرة
وقال عليه الصلاة و السلام أنا النذير والموت المغير والساعة الموعد
ويروى عنـه عليه الصلاة و السلام أنـه قال تركت فيكم واعظين ناطقا وصامتا فالناطق القرآن والصامت الموت
ويروى أن جبريل عليه السلام قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به
وهذه الأحاديث رويتها من طريق أبي بكر البزار والقاضي أبي الحسن بن صخر وأبي علي الغساني وغيرهم
وقال أبو الدرداء من أكثر ذكر الموت قل فرحه وقل حسده
وقال بعض أصحاب الحسن كنا ندخل على الحسن فما هو إلا النار والقيامة والآخرة وذكر الموت
وكان ابن سيرين إذا ذكر عنده الموت مات كل عضو منـه على حدته وقال التيمي رحمـه الله شيئان قطعا عني لذاذة الدنيا ذكر الموت وذكر الوقوف بين يدي الله عز و جل
وقال مطرف بن عبد الله رأيت في ما يرى النائم كأن قائلا يقول في وسط جامع البصرة قطع ذكر الموت قلوب الخائفين فوالله ما تراهم إلا والهين محزونين
وقال عمر بن عبد العزيز رحمـه الله لو فارق ذكر الموت قلبي ساع ة لفسد

وقال لعتبة أكثر ذكر الموت فإن كنت واسع العيش ضيقه عليك وإن كنت ضيق العيش وسعه عليك
وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه ويحك يا يزيد من ذا الذي يصلي عنك بعد الموت من ذا الذي يصوم عنك بعد الموت من ذا الذي يرضي عنك ربك بعد الموت
ثم يقول أيها الناس ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم ويا من الموت موعده والقبر بيته والثرى فراشـه والدود أنيسه وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر كيف يكون حاله ثم يبكي حتى يسقط مغشيا عليه
ويروى أن عيسى عليه السلام كان إذا ذكر عنده الموت والقيامة يقطر جسده دما
وعن داود عليه السلام أنـه كان إذا ذكر عنده الموت والقيامة بكى حتى تنخلع أوصاله فإذا ذكرت الرحمة رجعت
وكان عمر بن عبد العزيز رحمـه الله يجمع الفقهاء فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة فيبكون حتى كأن بين أيديهم جنازة
وأنشد بعضهم
( يا باكيا من خيفة الموت ... أصبت فارفع من مدى الصوت )
( وناد يا لهفي على فسحة ... في العمر فاتت أيما فوت )
( ضيعتها ظالم نفسي ولم ... أصغ إلى موت ولا ميت )
( يا ليتها عادت وهيهات أن ... يعود ما قد فات يا ليت )
( فخل عن هذي الأماني ودع ... خوضك في هات وفي هيت )
( وبادر الأمر فما غائب ... أسرع إتيانا من الموت )
( كم شائد بيتا ليغنى بـه ... مات ولم يفرغ من البيت )
وأعلم أن كثرة الموت تردع عن المعاصي وتلين القلب القاسي وتذهب الفرح بالدنيا وتهون المصائب فيها وإن من لم يخفه في هذه الدار ربما تمناه في

الآخرة فلا يؤتاه وسأل فيه ولا يعطاه
وكتب رجل إلى بعض إخوانـه
يا أخي احذر الموت في هذه الدار من قبل أن تصير إلى دار تتمنى الموت فيها فلا يوجد ويطلب فيها فلا يدرك
ويروى أن امرأة شكت إلى عائشة رضي الله عنـها قساوة في قلبها فقالت لها اكثري من ذكر الموت يرق قلبك ففعلت فرق قلبها فجاءت تشكر عائشة
وقال الحسن فضح الدنيا والله هذا الموت فلم يترك فيها لذيفرحا
وقال ما رأيت عاقلا قط إلا وجدته حذرا من الموت حزينا من أجله
وقال كعب الأحبار من ذكر الموت هانت عليه المصائب
وقال حامد اللفاف ويح ابن أدم إن أمامـه ثلاثة أشياء موت كريه المذاق ونار أليمة العذاب وجنة عظيمة الثواب
وأعلم أن الموت لن يمنعه منك مانع ولا يدفعه عنك ع وإن فيه لزجرا للبيب وشغلا للأريب ومنبهة للنائم وتنشيطا للمستيقظ وانـه للطالب المدرك والمتبع اللاحق والمغير الذي يبعث الطليعة ويعجل الرجعة ويسبق النذير العريان لا يرده الباب الشديد ولا البرج المشيد ولا اللجب العرمرم ولا البلد البعيد
وروى خيثمة عن سليمان بن مـهران الأعمش قال وحدث بـه غيره أيضا إن رجلا كان جالسا مع نبي الله سليمان عليه السلام فدخل عليه داخل فجعل ينظر إلى الرجل الجالس مع سليمان ويديم النظر إليه فلما خرج قال له الرجل يا نبي الله من هذا الرجل الداخل عليك
قال ملك الموت قال يا نبي الله لقد رأيته يديم النظر إلي ويشخص في وإني لأظنـه يريدني قال فما تريد قال يا نبي الله أريد أن تأمر الريح فتأخذني فتلقيني في أبعد جزائر البحر فإنـه قد أطاش عقلي وأذهب لبي ونقض كل عضو

في بدني
فأوحى الله تعالى إلي سليمان أو ألقى في نفسه أن يفعل ذلك فأمر الريح فأخذته فألقته حيث أراد فما استقر بالأرض حتى نزل عليه ملك الموت فقبض روحه ثم رجع إلى سليمان فقال له سليمان رأيتك تديم النظر إلى جليسي قال نعم كنت أتعجب منـه لأني أمرت بقبض روحه في أبعد بلاد الهند في ساعة قريبة من الوقت الذي كان عندك فما هو إلا أن خرجت قيل لي انزل عليه فإنـه بها فنزلت عليه فوجدته بها فقبضت روحه وأنشد بعضهم
( ما أنت والرشأ الأحوى تغازله ... والركب تسأل عنـه بانة الواد )
( وقد أظلك جيش للردى لجب ... كالبحر يوصل أمدادا بأمداد )
( من كل داهية لو أنـها مثلت ... شخصا لأظلم منـها كل وقاد )
( لا يمنع المرء منـها رأس شاهقة ... ولا يرد شباها نسج زراد )
( وأنت غاد على ظهر الطريق وما ... لديك من ناصر يرجى ولا فاد )
( كأنني بك مصروعا لوطأته ... هذا أو أن مغار الفارس العاد )
( قم قد أتيت ولا منجي ولا وزر ... للويل أصبحت من ركض وإنشاد )
( صح بالندى وبالقصر المشيد عسى ... هيهات هيهات كان القصر والناد )
( يا راقدا وعيون الموت ساهرة ... لقد أعرت لأمر غير رقاد )
وأعلم أن في النظر إلى الميت ومشاهدة حاله وسكراته ونزعاته وتأمل صورته بعد مماته ما يقطع عن النفوس لذاتها ويطرد عن القلوب مسراتها ويمنع الأجفان من النوم والأبدان من الراحة ويبعث على العمل ويزيد في الاجتهاد والتعب
يروى أن الحسن البصري رحمـه الله دخل على مريض يعوده فوجده في سكرات الموت فنظر إلى كربه وعلته وشدة ما نزل بـه فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج بـه من عندهم فقالوا له الطعام يرحمك الله أتأكل فقال

يا أهلاه عليكم بطعامكم وكم فوالله لقد رأيت مصرعا لا أزال أعمل له حتى ألقاه
وقال بعض العلماء أي عيش يطيب وليس للموت طبيب
وقال بعد الزهاد لنا من كل ميت عظة بحاله وعبرة بماله
وقال ابن مسعود كفى بالموت واعظا وباليقين غنى وبالعبادة شغلا
واعلم أن الموت وإن كان هو المصيبة العظمى والرزية الكبرى فأعظم منـه الغفلة عنـه والإعراض عن ذكره وقلة التفكر فيه وترك العمل له وإن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر وفكرة لمن تفكر
وفي خبر مروي عن النبي صلى الله عليه و سلم لو أن البهائم تعلم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منـها سمينا
ويروى أن رجلا من الأغنياء نزل بـه داء في وجهه فعجز أطباء بلاده عن معالجته ولم يجدوا سبيلا إلى شفائه فخرج يضرب في الأرض ويخترق البلاد ويطلب علاجا لدائه وفرجا لبلائه فدل على طبيب حاذق ببلاد الهند فقطع إليها المفاوز البعيدة وركب إليه البحار الخطرة واللجج الهائلة حتى وصل إليه بعدما كاد أن يهلك فدخل عليه فوجد رجلا ملقى على فراشـه جلده على عظم فسلم عليه فأحسن الرد وأظهر البشر وسأله عن حاله ومن أي البلاد هو وما الذي جاء بـه فأخبره خبره وأنـه إنما جاء يلتمس معالجة دائه فقال له كم معك من المال وما جئت بـه من البضاعة فأخبره فقال له أخذ منك نصف ما معك وأعالجك حتى تستريح فأجابه إلى ذلك ودفع إليه نصف ما عنده فعالجه ولاطفه حتى ذهب عنـه الألم وجميع ما كان بوجهه ولم يبق بـه شيء إلا أن موضع الداء بقي أسود دون ألم يجده فيه فقال له لقد بريء داؤك وذهبت علتك وقد استوجبت ما أخذته منك فقال له أيها الفاضل أو ما ترى الموضع قد بقي أسود مخالفا لونـه لوني وكيف يكون هذا البرء وكيف تكون هذه الصحة وكيف تستوجب ما أخذته مني

فقال له لم أشارطك على نقاء اللون وبياض البشرة وإنما شارطتك على ذهاب الألم وحسم الداء ولست أنظر لك فيما تريده من إزالة هذا السواد إلا بأن تدفع إلي النصف الثاني من مالك
فقال له أيها الفاضل أنا رجل غريب بعيد الدار ناء عن الأهل وإذا دفعت لك النصف الثاني بقيت منقطعا بي عن أهلي ووطني فقيرا بأرض غربة عالة على من لا يعرفني
فقال له لا بد لك من أن تعطيني ما قلت لك وإلا لم أنظر لك في شيء مما تريد
فلما رأى الرجل أنـه لا يجيبه إلى معالجته والنظر في أمره حتى يعطيه ما سأل أجابه إلى ما أراد ودفع إليه النصف الثاني فعالجه حتى ذهب عنـه سواده
فلما بريء قال له أبقي لك شيء فقال لا قال فاستوجبت ما أخذته منك قال نعم
فقال له يا هذا إني لم آخذ مالك رغبة فيه ولا لأستأثر بـه دونك ولكن أردت أن أدري مقدار نفسك عندك وأيهما أحب إليك المال أم هي فقد رأيت وهذا مالك كله مردود عليك لا والله لا آخذ منـه درهما واحدا فرده عليه ثم قال له ما نحلتكم التي تنتحلون وما شريعتكم التي بها تتشرعون فقال له نحن مسلمون فقال وما مسلمون فقال نحن أمة محمد صلى الله عليه و سلم قال وما محمد قال رجل من العرب ثم من قريش بعثه الله تعالى إلينا رسولا واختاره صفيا أمينا فبلغ الرسالة وأدى الأمانة وذكر لنا أن بين أيدينا يوما يبعث فيه الأموات ويجازي فيه بالسيئات والحسنات
فقال له وكيف انتم في اتباعه قال إنا لنسلك في غير هديه ونترك كثيرا من أمره
قال والله يا هذا ما أقول بما تقولون وما ردني كما ترى جلدة على عظم إلا الفكرة في الموت خاصة وفيما هو فكيف لو قلت بما تقولون مما بعد الموت من

الحساب والعقاب والجزاء والثواب ما رأيت أقل عقولا منكم
ثم دفع إليه ماله وانصرف
حدثني بهذه الحكاية أبو عمرو الشريف رحمـه الله تعالى
وهذا الكلام الأخير منـها في ذكر الموت وغيره شككت هل ذكره في الحكاية أم لا ولكني قد سمعته من غيره
ويروى أن أعرابيا كان يسير على جمل له فخر الجمل ميتا فنزل الأعرابي عنـه وجعل يطوف بـه ويتفكر فيه ويقول
ما لك لا تقوم مالك لا تنبعث هذه أعضاؤك كاملة وجوارحك سالمة ما شأنك ما الذي كان يحملك ما الذي كان يبعثك ما الذي صرعك ما الذي عن الحركة منعك ثم تركه وانصرف متفكرا في شأنـه متعجبا من أمره
وأنشدوا في هذا المعنى
( ومجرر خطية يوم الوغى ... منسابة من خلفه كالأرقم )
( تتضاءل الأبطال ساعة ذكره ... وتبيت منـه في إباءة ضيغم )
( شرس المقادة لا يزال ربيئة ... فمتى يحس بنار حرب يقدم )
( تقع الفريسة منـه في فوهاء إن ... يطرح بها صم الحجارة يحطم )
( ظمآن للدم لا يقوم بريه ... إلا المروق في الجسوم من الدم )
( جاءته من قبل المنون إشارة ... فهوى صريعا لليدين وللفم )
( ورمى بمحكم درعه وبرمحه ... وامتد ملقى كالفنيق الأعظم )
( لا يستجيب لصارخ إن يدعه ... أبدا ولا يرجى لخطب معظم )
( ذهبت بسالته ومر غرامـه ... لما رأى خيل المنية ترتم )
( يا ويحه من فارس ما باله ... ذهبت فروسته ولما يكلم )

( هذي يداه وهذه أعضاؤه ... ما منـه من عضو غدا بمثلم )
( هيهات ما خيل الردى محتاجة ... للمشرفي ولا السنان اللهذم )
( هي ويحكم أمر الإله وحكمـه ... والله يقضي بالقضاء المحكم )
( يا حسرة لو كان يقدر قدرها ... ومصيبة عظمت ولما تعظم )
( خبر علمنا كلنا بمكانـه ... وكأننا في حالنا لم نعلم )
فكيف إذا أضاف إلى الفكرة في الموت الفكرة فيما بعد الموت وفي حال الميت ومآله وما يجازي بـه من أقوال وأفعال وفي أي متجرفاته وأي بضاعة فرط فيها وأي علق نفيس من العمر ضيعه
هنالك تطيش الألباب وتذهل العقول وتخرس الألسن وتنبذ الدنيا بالعراء وتطرح بجميع ما فيها بالوراء
وقال ابن السماك رحمـه الله تعالى إن الموتى لم يبكوا من الموت ولكنـهم يبكون من حسرة الفوت فاتتهم والله دار لم يتزودوا منـها ودخلوا دارا لم يتزودوا لها فأية ساعة مرت على من مضى وأية ساعة بقيت علينا والله إن المتفكر في هذا لجدير أن يترك الأوطان ويهجر الخلان ويدع ما عز وما هان
ويروى أن ملكا من ملوك بني إسرائيل كان كلما ولد له ولد فبلغ مبلغ الرجال وعقل ما يعقله الرجال لبس مسوحه وتعلق برؤوس الجبال وسلك بطون الأودية يعبد الله عز و جل فلم يزل ذلك دأبه حتى ولد له ولد فشب إلى أن ولد له ولد فجمع رجاله وخاصته وقال تعلمون ما كان من أمر بني وأنـه ليس منـهم واحد بقي معي ولا التفت إلي وإنـه ليس يصلح لكم ولا يستقيم أمركم إلا بأن يليكم واحد من ولدي وإني أخاف إن لم يكن ذلك أن تهلكوا أبهلاكي فخذوا ولدي هذا فربوه وقوموا بأمره فإذا شب وعقل فزينوا له الدنيا وعظموا قدرها عنده
ثم أمر فبني له قصر عظيم فرسخا في فرسخ وجمع له المراضع وأكثر له من الحواضن ووكل بـه رجالا من عقلاء أصحابه ووجوه دولته
وأمر إذا فهم وعقل أن لا يخرج من ذلك القصر ولا يذكر عنده الموت ولا يبصر ميتا في موضع يكون فيه مخافة أن يسمع بالموت أو يرى ميتا فيسأل عنـه

فيفسر له فتتنغص عليه لذته وتتكدر عليه حياته ويزهد في الملك ويسلك مسلك إخوته ويلحق بهم ويحذو حذوهم
فبقي الغلام على ذلك لا يذكرون عنده موتا ولا يسمعونـه حديث ميت ولا يطلعونـه عليه ولا يذكر عنده إلا الدنيا وتعظيمـها والفرح بها والإقبال عليها وتعظيم آبائه الملوك وأجداده العظماء والترغيب في الاقتداء بهم والمشي على طريقهم والاستنان بسنتهم
إلى ان شب الغلام وعقل ما يعقله الناس فمشى ذات يوم في ذلك القصر وطاف في أرجائه وقد أحدق بـه خاصته والموكلون بـه فانتهى إلى سور القصر فقال ما وراء هذا السور وما خلف هذا الحائط فقالوا له وراءه الأرض الواسعة والبلاد الكثيرة والجم الغفير من الناس وكل ذلك لك وللملك أبيك فقال أخرجوني حتى أنظر وأرى فأبوا حتى يشاوروا أباه فشاوروه وأخبروه بأنـه يريد أن يخرج ويرى الناس وظنوا أنـه يحكمـهم
فأذن لهم فأخرجوه فرأي ونظر فأول ما وقع بصره من الناس على شيخ كبير قد سال لعابه من فيه وسقط حاجباه على عينيه من الكبر
فقال ما هذا فقالوا شيخ كبير فقال وما شيخ كبير قالوا كان شابا فعمر وعاش حتى أصابه الهرم فعمل بـه ما ترى قال وما الهرم قالوا الكبر وطول العمر يعيش إلى أن تقل طاقته وتضعف حركته حتى لا يقدر أن يمسك لعابه في فيه مع علل أخر تعتريه من طول الحياة
قال أو يصيبكم هذا أو هو شيء يصيب قوما دون قوم قالوا هو ليس مختصا بأحد دون أحد بل يصيب كل من طال عمره قال ويصيبني أنا مع ما أنا فيه من النعيم وضروب اللذات وبلوغ الشـهوات قالوا نعم ويصيبك أنت إن طالت بك الحياة فقال أف لعيش يكون آخره هذا
ثم رجع إلى قصره وقد تكدر عليه بعض نعيمـه وتنغص عليه بعض ما كان فيه فعالجوه بكل لهو وكل باطل حتى استخرجوا من قلبه ما كان وقع فيه من أمر الهرم والكبر

فأقام عاما ثم أمرهم أن يخرجوه ثانية فأبوا عليه وخافوا من أبيه ثم إنـه عزم عليهم فأخرجوه فأول من رأى من الناس شاب بـه جذام أو غيره من الأدواء فقال ما هذا ومم يكون فقالوا هذا فساد في المزاج وتحريك في الأخلاط فيتولد عنـه هذا وغيره قال أهذا وحده أصحابه أم كلكم يخاف أن يصيبه هذا الداء قالوا ما عند أحد أمان كل أحد خائف من هذا الداء ومن غيره فإن الدنيا دار أمراض وأسقام ورزايا وبلايا
قال وأنا أخاف قالوا وأنت قد أخبرناك أنـه ليس لأحد أمان على نفسه قال فأصابه من الغم أكثر مما أصابه في المرة الأولى فرجع ورجعوا ولم يزالوا يشغلونـه بضروب المحاب وأصناف الملاذ حتى أخرجوا من قلبه ما كان وقع فيه أو كادوا
وأقام كذلك حولا ثم قال أخرجوني فأخرجوه فنظر فإذا برجل ميت يحمل قال ما هذا قالوا ميت قال وما ميت قالوا رجل مثلنا نزل بـه قضاء إلهي وحادث سماوي فأطفأ شرارته أحمد حرارته ورده حجرا من الحجارة وجمادا من الجمادات فقال علي بـه حتى أراه فجاءوا بـه وكشف له عنـه
فقال كلموه فقالوا إنـه لا يتكلم
فقال أجلسوه فقالوا إنـه لا يجلس
فجعل ينظر إليه ويتفكر فيه ثم قال وهذا وحده خص بهذا الحادث أو انتم كلكم ينزل بكم مثل ما نزل بهذا
قالوا كلنا فيه سواء وكلنا ينزل بـه هذا الحادث قال وأنا قالوا وأنت وقد أخبرناك قال لا يدفع عني أبي قالوا ولا يدفع عنك أبوك ولا يدفع عن نفسه فقال إن نعيما يصير أخره إلى هذا لجدير أن يتكدر وإن قلبا يخطر بـه ذكر هذا لحقيق أن يتفطر
قال وما تصنعون بـه قالوا نحفر له حفرة في الأرض ونرد عليه التراب إلى يوم النشور والعرض قال وما النشور والعرض قالوا هو يوم يعبث فيه الأموات وتظهر فيه المحبآت ويكون ويكون
قال ولا بد منـه قالوا لا بد منـه فقال وهذه أشد

فعمل الكلام في نفسه عمله وأخذ الكلام في قلبه مأخذه فتغير وجهه وضعف جسمـه وشحب لونـه وأقصر عما كان فيه من تلك الراحات وتلك البطالات
فأخبر أبوه بخبره ووصف له حديثه فقال أو قد فعلها قالوا نعم فداراه أبوه بكل شيء فلم ينفع فيه شيء وهون عليه الأمر فلم يهن وسلاه فلم يتسل فقال له أبوه لا جرم والله لأدعنك تلحق بإخوتك فبعث إليه ثيابه من المسوح فلبسها وخرج في جوف الليل فتعلق بالجبال ولحق بإخوته فتعبد معهم وكان يقول في مناجاته اللهم إني أسألك أمرا ليس إلي قد سبقت بـه المقادير لوددت أني كنت الطير في الهواء أو السمك في الماء ولم أك شيئا مذكورا مخافة الحساب والعقاب
واعلم رحمك الله أن كثرة الاشتغال بالدنيا وإفراغ المجهود فيها والميل بالكلبة إليها وحلاوة أحاديثها ولذة أمانيها تمنع حرارة ذكر الموت أن ترد على القلب وأن تلج فيه لأن القلب إذا امتلأ بشيء لم يكن لشيء آخر فيه مدخل ولا لسواه فيه مجال ألا ترى أن الإناء إذا ملأته بشيء لم يمكنك أن تدخل عليه شيئا أخر ووجهك إذا صرفته إلى موضع صرفته عن موضع آخر ومتى دام القلب على هذا لم يكن لذكر الموت فيه تأثير ولا لترداده عليه حلاوة وكيف يؤثر فيه وهو لا يجد مكانا ينزل فيه ولا موضعا يتعلق بـه قد ملأه حب الشـهوات الفانية واللذات المنصرمة فهو شبعان ريان حيران سكران أصم أعمى إن عرض عليه طريق هدى لم يره أو نودي باجتناب رديء لم يسمع
فإذا اراد صاحب هذا القلب سماع الحكمة والانتفاع بالموعظة لم يكن له بد من تفريغه ليجد التذكر فيه منزلا وتلقى الموعظ فيه محلا قابلا فلا يزال يتهاهد ويتفقده بالأذكار والأفكار والنظر والاعتبار آناء الليل وأطراف النـهار لئلا يرجع إلى ما كان عليه من الرين ويعود إلى حالته الأولى من

الغين
وإن لم يقدر على تفريغه بمرة فرغ منـه ما أمكن وجعل مكان ما أزاله ضده فيجعل مكان الغفلة ذكرا وكان الفرح حزنا ومكان الاغتباط ندما ومكان السهو تيقظا ولا يزال هكذا يزيل شيئا ويجعل مكانـه ضده ويستعين بجعل هذا على إزالة هذا وبإزالة هذا على جعل هذا وبالله تعالى يستعان على كل ما يحاول وبمنـه وتيسيره سبحانـه يتناول كل ما يتناول لا رب غيره ولا معبود سواه
واعلم رحمك الله أن مما يعينك على الفكرة في الموت ويفرغك له ويكثر اشتغالك بـه تذكر من مضى من إخوانك وخلانك وأصحابك واقرانك الذين مضوا قبلك وتقدموا أمامك كانوا يحرصون حرصك ويسعون سعيك ويأملون أملك ويعملون في هذه الدنيا عملك وقصت المنون أعناقهم وقلعت أعراقهم وقصمت أصلابهم وفجعت فيهم أهليهم وأحباءهم فأصبحوا آية للمتوسمين وعبرة للمعتبرين
ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنـه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أبا هريرة ألا أريك الدنيا جمعاء قلت بلى يا رسول الله قال فأخذ بيدي وأتي بي واديا من أودية المدينة فإذا مزبلة فيها رؤوس وعظام وخرق بالية وعذرات فقال يا أبا هريرة هذه الرؤوس كانت تحرص كحرصكم وتأمل كأملكم ثم هي اليوم عظام لا جلد عليها ثم هي صائرة رمادا وهذه العذرات ألوان أطعمتهم اكتسبوها من حيث اكتسبوها ثم قذفوها من بطونـهم فأصبحت والناس يتحامونـها وهذه الخرق البالية كانت رياشـهم فأصبحت والرياح تصفقها وهذه العظام عظام دوابهم التي كانوا ينتجعون عليها أطراف البلاد فمن كان باكيا على الدنيا فليبك قال فما برحنا حتى اشتد بكاؤنا

رويت هذا الحديث من طريق أسد بن موسى
ويتذكر أيضا ما كانوا عليه من حدة الجلباب , ونضرة الإهاب وما كانوا يسحبونـه من أردية الشباب وأنـهم كانوا في ظلال النعيم يتقلبون وعلى أسرة السرور يتكئون وبما شاءوا من محابهم يتنعمون وفي أمانيهم يقومون ويقعدون لا يتحدثون بزوال ولا يهمون بانتقال ولا يخطر الموت لهم ببال
قد خدعتهم الدنيا بزخرفها وخلبتهم برونقها وحدثتهم بأحاديثها الكاذبة ووعدتهم بمواعيدها المخلفة لم تزل تقرب لهم بعيدها وترفع لهم مشيدها وتلبسهم غضها وجديدها حتى إذا تمكنت منـهم علائقها وتحكمت فيهم رواشقها وتكشفت لهم حقائقها ورمقتهم من المنية روامقها فوثبت عليهم وثبة الحنق وأغصتهم غصة الشرق وقتلتهم قتلة المختنق
فكم عليهم من عيون باكية ودموع جارية وخدود دامية وقلوب من الفرح والسرور لفقدهم خالية
وانشدوا في هذا المعنى
( وريان من ماء الشباب إذا مشى ... يميل على حكم الصبا ويميد )
( تعلق من دنياه إذ عرضت له ... خلوبا ألباء الرجال تصيد )
( فأصبح منـها في حصيد وقائم ... وللمرء منـها قائم حصيد )
( خلا بالأماني واستطاب حديثها ... فينقص من أطماعه ويزيد )
( وأدنت له أشياء وهي بعيدة ... وتفعل تدني الشيء وهو بعيد )
( أتيحت له من جانب الموت رمية ... فراح بها المغرر وهو حصيد )
( وصار هشيما بعد أن كان يانعا ... وعاد حديثا يقضي ويبيد )
( كان لم ينل يوما من الدهر لذة ... ولا طلعت فيه عليه سعود )
( ليبكي عليه زهوه وشبابه ... وتدمي جفون إثره وخدود )

( تبارك من يجري على الخلق حكمـه ... فليس لشيء منـه عنـه محيد )
يا لله مصرعهم كم فيهم من مجرر ذيل إعجابه متطاول على أصحابه متعاظم على أقرانـه وأترابه تجمع له الأماني وترتاح إلى وصله الغواني إن بصر لا يستبصر وإن أمر لا يأتمر وإن زجر لا يكف ولا ينزجر لا يسمع إلا داعي الهوى ولا يستجيب إلا لمن إليه دعا يلهو ويفرح ويمزح ويمرح ويبيت من دنياه مثل ما كان أصبح قد أبدأ في أمره وأعاد وأحكم غيه فأجاد وأشاد من أمله ما أشاد حتى إذا نال مراده أو كاد صاحت بـه المنية صيحة الغضبان وصدمته صدمة اللهفان فهدت أركانـه وكسرت أعضانـه وفرقت أنصاره وأعوانـه فأصبح قد باع النفيس بالدون وأعطى الثمين بالمثمون ومضى يعض بنانـه المغبون لم يرح بنائل ولا حصل على طائل فنعوذ بالله من سوء الأقدار وسيء الاختيار
وأنشدوا
( جر ذيل التيه والغي ... وقال من مثلي في الحي )
( ومر يرتاح إلى وصله ... ما شاء من زينب أو مي )
( لا ينثني عن خوف شيء ولا ... يسمع إلا داعي الغي )
( وبات من دنياه في مثل ما ... أصبح من نشر ومن طي )
( حتى إذا ما نال أو كاد أن ... ينال منـها جرعة الري )
( صيح بـه في سربه صيحة ... ضعضع منـه كل ما شي )
( و إنفذ الأمر على رغمـه ... وأنجز الوعد بلا لي )
( ولم يرح من ذاك إلا بما ... راح الذي يقبض في الفي )
( تبارك الله وسبحانـه ... ما أقرب الموت من الحي ) ويا لله كم هنالك من ملك طوةيل النجاد رفيع العماد عظيم الأجناد كثير

الأمداد قد ملك البلاد وقهر العباد ووصل من دنياه إلى كثير مما أراد قعد ونـهض وأبرم ونقض وجعل أمره المفترض وحكمـه الذي لا يرد ولا ينقض وطالما حرق وهدم وكسر وحطم وزلزل ودمدم واسترحم فلم يرحم ومضى على ما شاء من رأيه وصمم
بنى المدائن والحصون وأكثر من ماله المخزون واستعد لما قد يكون أو لا يكون حتى إذا استحكمت له الأمور وأطال الفرح والسرور وزخرف الدساكر والقصور وظن أن قد ساعده فيما بقي من أمله المقدور قلبت له الدنيا ظهر المجن وكسته من خطبها ما أجن وسقته من كربها ما يسكر بـه ويجن نظرت بعينـها الشوساء إليه وقبضت ما كان في يديه وأتت بنيانـه من قواعده فألقته عليه فأصبح وقد هدم ذلك البنيان وسقط ذلك الإيوان وتبددت تلك المقاتلة والفرسان وتفرقوا شذر مذر بكل مكان وأصبح كل ما كان كأنـه ما كان وقيل ملك في سالف الزمان ملك يقال له فلان بن فلان لم يحصل مما ملك من البلاد ولا ما ادخر من المال وأعد من العتاد إلا على حنوط وكفن وحفرة ضيقة العطن يحتبس فيها ويرتهن بكل ما عمل من قبيح أو حسن
وأنشدوا
( يا باني القصر الكبير ... بين الدساكر والقصور )
( ومجرد الجيش الذي ... ملأ البسيطة والصدور )
( ومدوخ الأرض التي ... أعيت على مر الدهور )
( أما فزعت فلا تدع ... بنيان قبرك في القبور )
( وانظر إليه تراه كيـ ... ف إليك معترضا يشير )
( واذكر رقادك وسطه ... تحت الجنادل والصخور )
( قد بددت تلك الجيو ... ش وغيرت تلك الأمور )
( واعتضت من لين الحريـ ... ر خشونة الحجر الكبير الأمور )
( وتركت مرتهنا بـه ... لا مال ويك ولا عشير )

( حيران تعلن بالأسى ... لهفان تدعو بالثبور )
( ودعيت باسمك بعدما ... قد كنت تدعى بالأمير )
( ولأنت أهون فيه من ... جعل على نتن يدور )
( إن لم يجد بالعفو من ... يعفو عن الذنب الكبير )
( هذا هو الحق اليقيـ ... ن وكل ذاك هو الغرور )
وأنشدوا أيضا
( أباد ذا الدهر أملاكا وما ملكوا ... ودار مستعقبا عليهم الفلك )
( أدار دورته في أرضهم فغدت ... كالراح ليس بها لناظر نبك )
( رمى بهم حيث لا قيعان تمسكهم ... ولا مرارا بها المرمي يمتسك )
( هوت هوي ثقيل الصخر أمـهم ... فلا حسيس ولا ركز ولا حرك )
( غدت رؤوسهم من تحت أرجلهم ... وزلزلت بهم الأطباق والدرك )
( يا بطشة من حكيم ما بها مـهل ... وغضبة من عزيز ما لها درك )
( جروا إلى اللهو ملأى من أعنتهم ... حتى إذا ما رأوا خيل الردى بركوا )
( حطوا بدار البلى في منزل حرج ... وليتهم ويحهم فيهن لو تركوا )
( لطال ما نقضوا ملكا وما هدموا ... عزا وما هتكوا سترا وما فتكوا )
( مروا وما بلغوا كل الذي طلبوا ... ولا قضوا وطرا من كل ما تركوا )
( أضحاهم اليوم صرف الدهر إذ هلكوا ... كما أضلهم بالأمس إذ ملكوا )
وانشدوا أيضا
( أفاض على الملك سرياله ... وجرر في العز أذياله )
( وصاح فوافاه ما شاء من ... هزبر يعلل أشباله )
( وزلزلت الأرض من أجله ... وقال فكان الذي قاله )

( ولا بد يوما له أن يصيح ... ويبدي شجاه و أعواله )
( ولا أحد مستجيب له ... ولا أحد كاشف حاله )
( وتأتيه في سربه روعة ... تقطع بالموت أوصاله )
( ويطرح فرد بدار البلى ... ويترك فيها وأعماله )
( فكم قائل عنـه لا يبعدن ... وكم قائل فيه أولى له )
( فقل للذي شاد سلطانـه ... وطول ما شاء آماله )
( تأهب لتصدع صدع الزجاج ... وتلحق هذا وأمثاله )
( وتحمل مما جمعت الأجاج ... ونترك للناس سلساله )
( وإن ما نسيت فلا تنسين ... ن يوم الحساب وأهواله )
( هنالك تعلم عقبى الذنوب
وشؤم الخلاف وأنكاله )
يا بؤس الدنيا شدما عن ثديها فطمتهم ومن سمـها أطعمتهم وبيدها الباطشة لطمتهم وفي ظلمات الأرض وغيابات الثرى طرحتهم فقلبت قائم تلك الأعيان وطمست تلك الوجوه الحسان وأعمت تلك الأبصار وأصمت تلك الآذان وأسالت الأحداق على الخدود والوجنات وغسلت بالصديد جميل القسمات وملأت بالتراب اللهازم واللهوات وكسرت تلك الضواحك والرباعيات وعبثت بجسوم أولئك الفتيان والفتيات
لطالما أغربوا ضاحكين وتقلبوا فاكهين وباتوا على سررهم مطمئنين آمنين فكم بها من لسان فصيح فصيح لطال ما أنشد وخطب وأرهب ورغب ومدح فأطنب وكم بها الآن من فصيح لسان وعظيم بيان أخرسه الحدثان وتحكمت فيه الهوام والديدان
وأنشدوا
( وذي بيان إذا ما قال أو خطبا ... أتى بسحر يزين القول والخطبا )

( أتى بسهل من الألفاظ ممتنع ... جزل يصيب المعاني آية عجبا )
( فلو تميع أضحى مشربا سلسا ... ولو تجسد أضحى خالصا ذهبا )
( رمته هذي المنايا وهي صائبه ... سهما فما هو إلا أن رمته كبا )
( فأخرسته فما يبدي بضاحكة ... ولا يرد جوابا هان أو صعبا )
( وبات مطرحا في قعر موحشة ... غبراء مصطفق الأحشاء مستلبا )
( أعطى يديه لدنياه بما طلبت ... إذ أدرك الدود من جنبيه ما طلبا )
وكم هناكم من مسعر حرب قد لبس أوزارها وأضرم نارها وأوصل إلى القلوب أوراها وأقام سوقها ورفع غبارها
كم أغار من غارة شعواء وفتك من فتكة شنعاء وأثار من فتنة عمياء وصال بجنان وطعن بسنان وركض بحصان ولعب بفرسان وفرسان وقال خذها وأنا فلان بن فلان
ها هو اليوم قد بل جنانـه وتكسر سنانـه وأكب بـه حصانـه لأمـه الويل وحسرة سوداء مثل الليل
وأنشدوا
( ومقدام على الأهوال صدق ... لدى الفتكات والأمر الكبير )
( تبيت لذكره الأبطال سكرى ... وتضحي منـه ضيقة الصدور )
( يرض فرائص الفرسان رضا ... ويحطمـهن كالأسد الهصور )
( طموح السيف لا يثنيه شيء ... جهول بالبشير وبالنذير )
( أشار الموت من بعد إليه ... فخر موسدا إحدى الصخور )
( وكب حصانـه ونبا شباه ... وأعلن نادبوه بالثبور )
( وأنسى أن يقيم لواء روع ... بروعات أتته من القبور )
وأن أنت أطلت اعتبارك وأمعنت استبصارك فكم بها من غادة قد هضم

وشاحها ونور مصباحها ومليء فتنة غدوها ورواحها قد فتكت بذلك الأسد الهصور واقتنصت ذلك الفارس المذكور
أدلت إدلالها وجرت أذيالها وأرسلت جمالها فعملت أعمالها وسلبت الملوك قلوبها وأموالها
ما كان بأوشك من أن صارت جيفة من الجيف تبعد وتصرف وتنكر ولا تعرف أحسن أحوالها أن تلف في سربالها وتدفع لحمالها فتطرح في شق من الأرض قريب الطول والعرض مظلم القعر إلى يوم القيامة والحشر قضاء الله النازل من سمائه وحكمـه في عبيده وإماءه
وأنشد بعضهم
( عرج على القبر بدار البلى ... حيث منى نفسي مقبور )
( حيث هوى بدر الدجى ساقطا ... قد زال عن صفحتيه النور )
( وحيث حلت داعيات الهوى ... أجمع مسموع ومنظور )
( يا ظبية بطن الثرى أسكنت ... وبيتها في القصر معمور )
( حقا تمطيت على رضمة ... جنبك منـها اليوم مكسور )
( وطال ما بت على سندس ... بالذهب الإبريز مضفور )
( وجسمك الناعم حقا بـه ... للترب تشقيق وتفطير )
( وطال ما أثر من قبل ذا ... في لينـه هم وتفكير )
( وثغرك العذب ويا ويلتي ... فيه من الديدان جمـهور )
( ولو بـه عل قتيل الهوى ... قبل لاضحى وهو منشور )
( وشعرك الجثل وعهدي بـه ... فيه فتيت المسك منثور )
( قد عششت فيه بنات الثرى ... ففيه تشعيث وتغيير )
( يا حسرتا ثمت يا حسرتا ... لو كان يغني اليوم تحسير )

( ياتا التي أعجبها عطفها ... قبرك في الأقبر محفور )
( وكلنا ذاك ولكننا ... كل بهذي الدار مسحور )
فأنت إذا تذكرت بهذه الأذكار وأطلت لها الترداد والتكرار وأعملت فيها النظر والاعتبار ورأيت أنك واحد من المذكورين ملك أو غير ذلك من أصناف الناس ورأيت خلقك كخلقهم وصفتك كصفتهم وأنـه لا بد ان يصيبك من الموت ما أصابهم وينزل بك منـه ما نزل بهم وأنت تشاهد بهذه الدار أنواع المصيبات وأجناس البليات وضروبا من المـهلكات وأن الموت واحد وأسبابه كثيرة
فمن رجل باشر الكفاح فتخللته الرماح وتمكنت من رقبته الصفاح وربما كان هذا أسهلهم مماتا وأكرمـهم وفاة
وثان قد طرح في أيدي أعدائه وأسلم لبلائه فقطعوه إربا إربا وفصلوه عضوا عضوا
وثالث ردوا مشارع العقاب إليه وصبوا العذاب عليه وما مات حتى كان الموت أحب عائد إليه وأكرم قادم يقدم عليه
ورابع قد أمسى أكيلة حوت في ظلمات البحار
وخامس فريسة أسد في موحشات القفار
إلى غير ذلك من الأمراض الصعبة والآلام الشاقة وما تظنـه وما لا تظنـه حتى إن الرجل ليغص بالطعام ويشرق بال فيكون في ذلك حتفه وتذهب فيه نفسه
كما قال القائل
( وما طريق الموت في ذا الورى ... واحدة بل جمة لاجبه )
( وربما لذ لامريء شربة ... فانقلبت وهي له شاربه )

وأسباب الموت أكثر من أن أحصيها لك وأعدها عليك ولا تدري ما السبب الواصل إليك منـها ولا النصيب الذي قسم لك من جملتها وإنك لا تدري متى يهجم عليك الموت فيقصمك ولا متى ينزل بك فيحطمك ولعله لا يمـهلك حتى ينقضي نفسك
فأنت إذا واظبت على هذا تمكن ذكر الموت من قلبك وملكت القياد من نفسك ونظرت بعون الله عز و جل في أمرك ومـهدت المضجع من قبرك وأعددت بـه الأنيس ليوم حشرك
وإلا فقد نبه من حذر وأعذر من أنذر ولا لوم إلا على المقصر والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ولعلك تقول يا هذا قد أرعدت في ذكر الموت وأبرقت وطولت فيه وعرضت وعرضت في كلامك بمن عرضت وأمرت بالتفكير فيه والاشتغال بذكره وجمع الهمم له وتقصير الأمل والخوف من انقضاء الأجل
وأي فائدة في ذكر الموت وأنواعه وضيق العمر واتساعه وهذا أمر قد فرغ منـه وأعجزت الحيلة فيه
وكما تقول لي لا تكثر الاشتغال بأمر الرزق ولا تغتم له ولا تتفكر فيه فإنـه مقدر مفروغ منـه وما ترزق يأتيك فكذلك الموت أيضا وأسبابه والعمر ومدته وكل ذلك أمر مقدر مفروغ منـه ما قدر علي يصيبني وما كتب علي يأتيني
فأقول نعم كلاهما قد سبق في الأزل وكتب في القسم الأول والسبب الذي كتب عليك في الموت لن تتعداه والعمر الذي قسم لك لن تتخطاه
ولكن بين الأمرين في الاشتغال بهما فرقان وذلك أن الرزق المقدر المفروغ منـه لا يزيد فيه حرصك وكذا لا ينقص منـه كسلك وعجزك وإن كانت له أسباب ولطلبه أبواب فقد تتعلق بأسبابه وتأتيه في الظاهر من أبوابه فتكون أحد المحرومين والمجتهدين والمجدودين فهذا أمر قد شوهد بالعيان وعلم بـه كل إنسان فلا يفيدك الطلب إلا العناء والتعب

ولست بمأجور في ألم الحرص ولا فيما تتحمل من مشقة الطلب لاكثر مما تحتاج إليه وربما تبرمت في الحال ولم تنظر في المآل وسخطت قضاء الله وقدره عليك وحكمـه فيك وإرادته لك من أفعال الخير وأعمال البر وفي هذا ما فيه
وقد تؤجر فيما يصيبك من ألم المشقة في طلب أكثر مما تحتاج إليه إذا كان لك فيه نية صالحة من صدقة أو صلة رحم أو غير ذلك من أفعال الخير وأعمال البر
وأما إن كان سعيك ذلك للتكاثر والتفاخر ومحبة في المال فلا والحول والقوة لله وحده
وأما ذكر الموت والتفكر فيه فإنـه وإن كان أمرا مقدرا مفروغا منـه فإنـه يكسبك بتوفيق الله سبحانـه التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت والنظر فيما تقدم عليه وفيما يصير أمرك إليه ويهون عليك مصائب الدنيا ويصغر عندك نوائبها فإن كان سبب موتك سهلا وأمره قريبا هينا فهو ذاك وإن كانت الأخرى كنت مأجورا فيما تقاسيه مثابا على ما تتحمله
واعلم أن ذكر الموت وغيره من الأذكار إنما يكون بالقلب وإقبالك على ما تذكره وإي فائدة لك رحمك الله في تحريك لسانك إذا لم يخطر بجنانك
وإنما مثل ذلك مثل من يكون في بعض أعضائه جراحة فيريد أن يداويها فيجعل الدواء على عضو آخر صحيح ويدع العضو المريض ليس عليه شيء فانظر كيف يستريح هذا بهذا التداوي ومتى يستريح إلا أن يأتيه البرء من بارئه والشفاء من خالقه سبحانـه وتعالى
أو مثل من يريد أن يوقظ نائما فيدعه في غمرة نومـه ويوقظ غيره فانظر كيف يستيقظ له ذلك الذي أراد إيقاظه بإيقاظ هذا الآخر أو متى يستيقظ

وإنما سنة الله تعالى الجارية أن يقصد العضو المريض بدوائه والنائم بما يوقظ بـه اللهم إلا أن يكون في إيقاظ هذا النائم حركة عظيمة ومعالجة كثيرة تتعدى إلى ذلك النائم الآخر فيستيقظ فيكون إذن كأنـه قصده بالإيقاظ مع صاحبه وإما إن كانت حركته لا تتعداه فإن النائم الآخر يبقى بحاله وفي غمرات نومـه حتى يوقظه الذي أنامـه ويحركه الذي أسكنـه تبارك وتعالى
وإنما مثل الذكر الذي يعقب التنبيه ويكون له معه البرء من السقم والإيقاظ من النوم أن تحضر المذكور قلبك وتجمع له ذهنك وتجعله نصب عينيك ومثالا حاضرا بين يديك وأن تنظر إلى كل ما تحبه من الدنيا من ولد أو أهل أو جاه أو غير ذلك فتعلم أنـه لا بد لك من مفارقته إما في الحياة أو في الممات سنة الله الجارية وحكمـه المطرد
وتشعر هذا قلبك وتفرغ له نفسك فتمنعها بذلك عن الميل إلى ذلك المحبوب والتعلق بـه والهلكة بسببه
كما قيل يا ابن آدم لا تعلق قلبك بما يأخذه منك الفوت أو يأخذك أنت عنـه الموت
ونظر رجل إلى بني له صغير يمشي بين يديه فأعجبه حسنـه وألهته حركته فقال يا بني ولولا الموت لعلقت قلبي بك ولأكثرت من حبي لك
ونظر ابن مطيع يوما إلى داره فأعجبه حسنـها فبكى ثم قال والله لولا الموت لكنت بك مسرورا ولوا ما أصير إليه من ضيق القبر لقرت عيني بك ثم بكى حتى ارتفع بكاؤه وعلا نحيبه
واعلم أن طول الأمل داء عضال ومرض مزمن ومتى تمكن من القلب فسد مزاجه واشتد علاجه ولم يفارقه داء ولا نجع فيه دواء بل أعيا الأطباء ويئس من برئه الحكماء والعلماء
وقد روى في طول الأمل وذمـه وفي التحريض على العمل والترغيب فيه ما في بعضه الكفاية وما بأقل منـه يوصل إلى المقصود بعون الله تعالى
قال الله تعالى ( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون )

وقال عليه الصلاة و السلام لا يزال قلب الشيخ شابا في اثنتين حب الدنيا وطول الأمل ذكره البخاري ومسلم وغيرهما
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنـه قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم خطا مربعا وقال هذا الأجل وخط في وسطه خطا وقال هذا الإنسان وخط في عرضه يعني في جانبه خطوطا فقال هذه الأعراض وخط خطا خارجا وقال هذا الأمل قال فالأعراض تنـهشـه وعينـه إلى الأمل
يريد عليه الصلاة و السلام أن الإنسان قد أحاط بـه أجله وأنـه دائر بـه فحيثما توجه لقيه وأن فتن الدنيا ومحنـها تعترضه وتنـهشـه وتتلقاه وتستقبله وهو مع ذلك بعيد الأمل مصروف النظر إليه
ويروى أنـه عليه الصلاة و السلام أخذ عودا فغرزه بين يديه وغرز عودا آخر إلى جنبه قريبا منـه ثم أخذ عودا ثالثا فغرزه بعيدا منـه ثم قال أتدرون ما هذا قالوا الله ورسوله أعلم
فقال هذا الانسان وأشار إلى العود الذي بين يديه وهذا الأجل وأشار إلى العود الذي إلى جنبه ثم قال وذلك الأمل وأشار إلى العود الثالث البعيد فالإنسان يتعاطى الأمل ويختلجه قبل ذلك الأجل
ويروى أن النبي صلى الله عليه و سلم اطلع ذات يوم على الناس فقال ألا تستحيون من الله قالوا وما ذاك يا رسول الله قال تجمعون ما لا تأكلون وتأملون مالا تدركون

وروى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنـه أنـه قال اشترى أسامة بن زيد من زيد بن ثابت وليدة بمائة دينار إلى شـهر فسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ألا تعجبون من أسامة المشتري إلى شـهر إن أسامة لطويل الأمل والذي نفسي بيده ما طرفت عيني إلا ظننت أن شفري لا يلتقيان حتى تقبض روحي ولا طعمت لقمة إلا ظننت أني لا أسيغها حتى أغص بها من الموت ثم قال يا بني آدم إن كنتم تعقلون فعدوا أنفسكم من الموتى فوالذي نفسي بيده إن ما توعدون لآت وما أنتم بمعجزين
وعن ابن عباس رضي الله عنـهما أنـه قال كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يهريق الماء فيتيمم بالتراب فأقول يا رسول الله إن الماء منك قريب فيقول ما يدريني لعلي لا أبلغه ذكره الحارث بن أبي أسامة في مسنده
وروى عنـه عليه السلام أنـه قال نجا أول هذه الأمة باليقين والزهد ويهلك آخرها بالبخل والأمل
ومن كلام بعضهم أيها الجاري في أمله رويدك فإن الزمان يفتل قيدك وربما صرعك قبل أن تنال ما بـه خدعك وقتلك قبل أن تستوفي أملك فأوردك منـهل رداك وأشمت بك عداك وأخذك بما كسبت يداك وربما أدركت ما طلبت واستوفيت ما أملت فأخذك أخذة أسف قبل فل عرشك وهدم حوضك وأطبق سماءك وزلزل أرضك ورمى بك حيث لا يرعى لك ذمة ولا تدركك رحمة ولا تنكشف عنك كربة ولا تنجلي عنك غمة وأنشدوا
( أمل من دنياه ما أملا ... وقال ما قال لأن يفعلا )
( وصال في هذا الورى صولة ... بز بها الآخر والأولا )
( وطبق الأرض بفرسانـه ... وهد منـها شعفات الفلا )

( وقال هذي ثمرات المنى ... فليجنـها الأفضل والأفضلا )
( فمن حريم فض ختامـه ... ومن مليك في الثرى جندلا )
( حتى إذا بات على عرشـه ... مستوفيا كل الذي أملا )
( صاح بـه صرف الردى صيحة ... ألقى بأعلى عرشـه أسفلا )
( ودك في الأرض بإيوانـه ... وزلزلت أرجاء ذاك الملا )
( ومر لا ينعش من عثرة ... إلا إلى ثمت إلا إلى )
( فلا سقت مصرعه مزنة ... ولا انجلت كربته لا ولا )
وخطب علي رضي الله عنـه فقال ألا وإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع وان الآخرة قد أقبلت وآذنت باطلاع ألا وإن المضمار اليوم والسباق غدا ألا وإن السبقة الجنة والغاية الموت ألا وإنكم في أيام مـهل ومن ورائه أجل يحثه عجل فمن عمل في أيام مـهله قبل حضور أجله نفعه عمله ولم يضره أمله ومن لم يعمل في أيام مـهله قبل حضور أجله ضره أمله وساءه عمله
وقال علي رضي الله عنـه ألا وإن الدنيا قد ارتحلت مدبرة وإن الآخرة قد أشرفت مقبلة وإن لكل واحدة منـهما بنين فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا ألا وإن اليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل ألا وإن من أشد ما أخاف عليكم خصلتين طول الأمل واتباع الهوى أما طول الأمل فإنـه ينسي الآخرة وأما اتباع الهوى فإنـه يصد عن سبيل الله
وقال سلمان الفارسي رضي الله عنـه ثلاث أعجبتني حتى أضحكتني وثلاث أحزنتني حتى أبكتني أما الثلاث الأول فمؤمل دنيا والموت يطلبه وغافل وليس بمغفول عنـه وضاحك ملء فيه ولا يدري أساخط عليه رب العالمين أم راض عنـه
أما الثلاث التي أحزنتني حتى أبكتني ففراق محمد صلى الله عليه و سلم وفراق الأحبة أصحابه والوقوف بين يدي الله تعالى ولا أدري أيؤمر بي إلى الجنة أم إلى النار
وقال أبو بكر زكريا التيمي بينما هشام بن عبد الملك في المسجد الحرام إذ أتى بحجر مكتوب فيه باللسان العجمي فطلب من يقرؤه له فأتى بوهب بن

منبه رحمـه الله فقرأه فإذا فيه يا ابن آدم لو رأيت قرب ما بقي من أجلك لزهدت في طول أملك ولرغبت في الزيادة من عملك ولقصرت من حرصك وحيلك وإنما يلقاك ندمك لو قد زلت بك قدمك وأسلمك أهلك وحشمك ففارقك الولد والقريب ورفضك الوالد والنسيب
فلا أنت لدنياك عائد ولا في حسناتك زائد فاعمل ليوم القيامة يوم الحسرة والندامة
وقال الحسن البصري رحمـه الله كان آدم عليه السلام قبل أن يخطيء الخطيئة أمله خلف ظهره والموت نصب عينيه فلما أصاب الخطيئة تحول أمله فصار بين عينيه وصار أجله خلف ظهره
وقال الحسن ما أطال عبد الأمل إلا نسي العمل
ويروى عن أبي الدرداء رضي الله عنـه أنـه قام على درج مسجد دمشق فقال يا أهل دمشق ألا تسمعون من أخ لكم ناصح إن من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيرا ويبنون مشيدا ويأملون بعيدا فأصبح جمعهم بورا وبنيانـهم قبورا وأملهم غرورا هذه عاد قد ملأت البلاد أهلا ومالا وخيلا ورجالا فمن يشتري مني اليوم تركتهم بدرهمين
وقيل لبعض الزهاد بالبصرة ألك حاجة ببغداد فقال ما أحب أن أبسط أملي حتى تمضي إلى بغداد وتجيء
وأنشدوا
( يا ذا المؤمل آمالا وإن بعدت ... عنـه ويزعم أن يحظى بأقصاها )
( أنى تفوز بما ترجوه ويك وما ... أصبحت في ثقة من نيل أدناها )
وأنشدوا أيضا
( ما الأمر أمرك في حل ولا ظعن ... تجول في جلد جذلان ومنفسح )
( ردت أوائلها بالموت فانقبضت ... والموت يقبض ذا الأحزان والفرح )

( وبادر الأمر ما أصبحت في مـهل ... من المشيب ومن مداك في فسح )
( فربما سكنت في الحال عاصفة ... وعاد غور مياه القوم للنضح )
وقال بعض الحكماء الأمل كالسراب غر من رآه وخيب من رجاه
وخطب عمر بن عبد العزيز يوما فقال ألا إن لكل سفر زادا فتزودوا التقوى لسفركم من الدنيا إلى الآخرة وكونوا كمن عاين ما أعد الله من ثوابه وعقابه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم وتنقادوا لعدوكم وإنـه والله ما بسط الأمل من لا يدري لعله لا يصبح بعد مسائه ولا يمسي بعد صباحه
وبين ذلك خطفات المنايا وهجمات المنون وإنما تقرعين من وثق بالنجاة من عذاب الله تعالى وإنما يفرح من أمن من أهوال يوم القيامة
وأما من لا يداوي جرحا إلا أصابه جارح من ناحية أخرى فكيف يفرح أعوذ بالله أن آمركم بما أنـهى عنـه نفسي فتخسر صفقتي وتظهر غباوتي إنكم قد عنيت بأمر لو عيت بـه النجوم لا نكدرت أو الجبال لذابت أو الأرض لتشققت
أما تعلمون أن ليس بين الجنة والنار منزل وأنكم صائرون إلى أحدهما
وروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنـه قال بينما نحن نصلح خصا لنا إذ مر بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ما هذا فقلنا يا رسول الله قد وهى فنحن نصلحه فقال ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك ذكره الترمذي
والخص بيت من قصب يريد عليه السلام تعجيل الأمر وتقريبه وخوف بغتته والحذر من فجأته
وقيل للحسن البصري رحمـه الله تعالى يا أبا سعيد ألا تغسل قميصك فقال الأمر أعجل من ذلك وكان الحسن رحمـه الله تعالى قصير الأمل طويل

الخوف وكان يأتي عليه الأحيان يظن الظان أن الموت قد نزل بـه وأنـه في سياقه من كثرة تفكره فيه وتخيله له
وقال داود الطائي رحمـه الله تعالى لو أملت أن أعيش شـهرا لرأيت أني قد أتيت عظيما وكيف آمل ذلك وأنا أرى الفجائع تنزل بالخلائق آناء الليل والنـهار
وقيل للربيع بن خيثم رحمـه الله تعالى كيف أصبحت فقال كيف يصبح رجل إذا أصبح لا يدري أنـه يمسي وإذا أمسى لا يدري أنـه يصبح
امتثل الربيع رحمـه الله الحديث المروي عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنـهما قال أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بمنكبي وقال كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وعد نفسك من أهل القبور فإذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح وخذ من حياتك لموتك ومن غناك لفقرك ومن صحتك لسقمك فإنك لا تدري يا عبد الله ما اسمك غدا
وقوله إذا أصبحت الكلام إلى آخره أكثر ما يروى من قول عبد الله بن عمر رضي الله عنـهما
ذكر الحديث الترمذي وغيره
وقال آحر ابن عباس رضي الله عنـهما ما انتفعت ولا اتعظت بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم بمثل كتاب كتبه إلي علي بن أبي طالب رضي الله عنـه
وهو أما بعد فإن الإنسان يسره درك ما لم يكن ليفوته ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه فلا تكن بما نلت من دنياك فرحا ولا بما فاتك منـها ترحا ولا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل ويؤخر التوبة لطول الأمل فكأن قد نزل بك الأجل والسلام
وقال بعض الحكماء في موعظة له كلنا نتيقن الموت وما نرى له منا

مستعدا وكلنا نتيقن الجنة وما نرى لها منا عاملا وكلنا نتيقن النار وما نرى لها منا خائفا فعلام تعرجون وما عسى تنتظرون وماذا ترجون أو ماذا تأملون الموت أول قادم يقدم عليكم بخير أو شر فيا إخوتا سيروا سيرا جميلا
وقال آخر العاقل يعتمد على عمله والجاهل يعتمد على أمله
وقال آخر بطول الأمل تقسو القلوب وبإخلاص النية تقل الذنوب
ويروى عن شقيق البلخي أنـه جاء إلى أستاذ له يقال له أبو هشام وفي طرف كسائه شيء مصرور فضرب عليه الباب فخرج إليه فرأى ما في كسائه فقال له ما هذا الذي في كسائك فقال يا أستاذ دفع إلي أخ لي لويزات وقال أحب أن تفطر عليها فقال له يا شقيق وأنت تحدث نفسك أن تعيش إلى الليل
لا أكلمك ثم أغلق الباب في وجهه ودخل
ويروى عن الحسن أنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أكلكم يحب أن يدخل الجنة قالوا نعم يا رسول الله قال فقصروا آمالكم وثبتوا آجالكم بين أبصاركم واستحيوا من الله حق الحياء
وقال بعضهم رأيت زرارة بن أبي أوفي في المنام بعد موته فقلت له أي الأعمال أبلغ عندكم قال التوكل وقصر الأمل
وقال بعضهم في موعظة له أيها الناس حسنوا أعمالكم وقصروا آمالكم واعلموا أن الموت معقود بنواصيكم وأن الدنيا تطوى من ورائكم
وأنشدوا
( عقد الموت منكم بالنواصي ... ودفعتم منـه لهول القصاص )
( ففرارا ولات حين فرار ... ومناصا ولات حين مناص )
( قد طوتكم صروف هذي الليالي ... عن كمال فعدتم لانتقاص )

( أحكمت أسركم وما من أسير ... في يديها يرجى له من خلاص )
( كم ركضتم وراءها من جياد ... وامتطيتم بإثرها من قلاص )
( وانتضيتم لحربها من نصال ... ولبستم لذاكم من دلاص )
( ونزلتم مساريا وغياضا ... وعلوتم شوائقها وصياصي )
( وإلى ذا فما وجدتم نجاة ... من ترد لكم بها والتحاص )
( رحتم مثخنين جرحا وقتلا ... كقنيص بايتتهم القناص )
( فاطلبوها بما لكم من قصاص ... ومحال أن تسعفوا بقصاص )
( فذروها ذميمة دار دنيا ... أخلصت عيشـها لذي الإخلاص )
( وإذا امتدت الأماني فيها ... وأشادت بوصلها المتعاص )
( فاقطعوا ذكرها بذكر مقام ... هام من ذكره مطيع وعاصي )
( وإن ارتاع من حديث فؤادي ... فلذاكم يشيب سود النواصي )
وقال الثوري الزهد في الدنيا قصر الأمل وليس أكل الخشن ولبس العباءة وصدق الثوري رحمـه الله فإن من قصر أمله لم يتأنق في المأكولات والمطعومات ولا يتفنن بالملبوسات وأخذ من الدنيا ما تيسر واجتزأ منـها بما يبلغه
وفي بعض الخطب أيها الناس إن سهام الموت قد فوقت إليكم فانظروها وحبالة الأمل قد نصبت بين أيديكم فاحذروها وفتن الدنيا قد أحاطت بكم من كل جانب فاتقوها ولا تغتروا بما أنتم فيه من حسن الحال فإنـه إلى زوال ومقيمـه إلى ارتحال وممتده إلى تقلص واضمحلال
أما تسمعون أيها الناس لما بـه توعظون أما تعتبرون بما إليه تنظرون أما تفكرون فيما عنـه تزولون وفيما إليه ترجعون وعليه تقدمون أين من تقدمكم وكان قبلكم ممن أمل أملكم وسعى سعيكم وعمل عملكم أين الذين بنوا المدائن وملأوا الخزائن واستعدوا لما هو عندهم كائن أين الذين غرسوا في روضة الملك ونظموا الآمال في سلك وهتكوا حجبها أيما هتك وكانوا في ظاهر

أعمالهم في ريب من الزمان وفي شك
انظروا إليهم كيف نضبت لهم تلك المياه وذبلت منـهم تلك الشفاه وتكسرت عند سقوطهم تلك الوجنات وتثلمت تلك الجباه وتغيرت الأحوال وانكمشت الآمال وبقيت شاهدة عليهم تلك الرسوم والأطلال
( رفعت عرشك في الدنيا وتهت بـه ... وما بها للبيب ترفع العرش )
( وبت فيها على فرش ملينة ... ولو عقلت لما لانت لك الفرش )
( وظلت تسعى لآمال وتفرشـها ... وللمواريث ما تسعى وتفترش )
( كم كان قبلك من مأسور رغبته ... بالحرص تلدغ جنباه وتنتهش )
( يمسي ويصبح في حل وفي ظعن ... يضم هذا إلى هذا ويحتوش )
( عطشان للمال محماة جوانحه ... ألقى على صدره لسانـه العطش )
( حتى إذا قيل قد تمت مطالبه ... وطاف من حوله أهلوه واحتوشوا )
( مدت إليه يد للموت باطشة ... خشناء لا دهش فيها ولا رعش )
( فقصعته وقدما كان ذا جيد ... واجهشته ولما يدر ما الجهش )
( فبات مستلبا وبات وارثه ... وقد تغطوا بذاك المال وافترشوا )
( أما سمعت بأملاك مضوا قدما ... شم الأنوف بروض الملك قد عرشوا )
( إن دوفعوا دفعوا أو زوحموا زحموا ... أو غولبوا غلبوا أو بوطشوا بطشوا )
( جاءتهم وجنود الله غالبة ... كتائب للمنايا كلها حبش )
( فضعضعت جنبات عزهم ورمت ... منارهم بظلام ما بـه غبش )
( لطال ما أكلوا وطال ما تسربوا ... وطال ما رفعوا الآجام واعترشوا )
( مروا فلا أثر منـهم بدارهم ... ولا حسيس ولا ركز ولا وقش )
( قد كان للقوم آمال مبسطة ... فأصبحوا قبضوا الآمال وانكمشوا )

ويروى أن أمير المؤمنين المـهدي رحمـه الله تعالى نام ليلة ونساؤه حوله فانتبهن لبكائه فقلن له ما شأنك يا أمير المؤمنين فقال ما رأيتن الشيخ قلن لا والله ما رأينا أحدا فقال دخل علي شيخ وأنا بين النائم واليقظان والله لو كان بين ألف رجل لعرفته فأنشدني
( كأني بهذا القصر قد باد أهله ... وأوحش منـه ركنـه ومنازله )
( وصار عميد القصر من بعد بهجة ... وملك إلى قبر عليه جنادله )
( ولم يبق إلا ذكره وحديثه ... ينادي بويل معولات حلائله )
فقلن له أضغاث أحلام خيرا رأيت فوالله ما أتت عليه سابعة حتى مات
وأعلم ان الناس في قصر الأمل وطوله مختلفون وفي درجاته متفاوتون فمنـهم من يؤمل أن يعيش أقصى ما يعيشـه إنسان ممن شاهد أو سمع بـه في زمانـه ولو كان الاختيار إليه لما مات أبدا حبا منـه للدنيا وكلفا بها وتلذذا بالبقاء فيها وهيهات ليس للإنسان ما تمنى ولا أن يدرك كل ما فيه تعنى وغاية هذا أن يتمنى طول العمر ويود أن لو يبقى الأحقاب الكثيرة من الدهر
قال الله تعالى في قوم كانوا كذلك ( يود أحدهم لو يعمر ألف سنة )
ويمكن أن يكون هؤلاء تمنوا طول البقاء لأنـهم كانوا لم يتحقق في الآخرة لهم رجاء لكفرهم بمحمد صلى الله عليه و سلم وتكذيبهم له مع صحة نبوته عندهم لكن حملهم بغيهم وحسدهم له على الكفر بـه والإنكار لدعوته وكانوا يقولون إنـهم يدخلون النار ثم يخرجون منـها فيتمنون لذلك طول العمر
وهذه الآية نزلت في اليهود ومنـهم من يؤمل أن يعيش ستين سنة وسبعين سنة وأكثر من ذلك ومنـهم من يؤمل أن يعيش فوق ذلك ودون ذلك حتى إن منـهم من لا يجاوز أمله يومـه وربما كان أمله أقصر من ذلك بل منـهم من يكون الموت نصب عينيه يتوقعه مع الأنفاس أن يثب عليه

يذكر عن الأسود الحبشي أنـه كان يلتفت يمينا وشمالا فقيل له ما هذا الالتفات قال انظر ملك الموت من أين يأتيني وأنشد بعضهم من كلمة
( وألبس لهذا الموت جبة خائف ... قد ضاق عنـه مسلك ومقام )
( لا نأمنن عليك من إقدامـه ... فله على هذا الورى إقدام )
( وأكحل جفونك بالرقاد لأجله ... فالسهد حل والمنام حرام )
( إلا غرارا كالغذاء تناله ... لولا الضرورة ما وجدت تنام )
( ومن العجائب أن تراه نائما ... من طالبوه ساهرون ينام )
وكان بعض الصالحين يقول ما أحسبني إلا رجلا قد أقعد ليقتل وجرد السيف عليه ومدت عنقه فهو ينتظر أن يضرب فيلقى رأسه بين يديه فشتان ما بين الرجلين
وآخر قد مد في عمره وطول في أمله فازداد في كسله ودخل الوهن في عمله
ورجل آخر قد جعل التقوى بضاعته والعبادة صناعته ولم يتجاوز بأمله ساعته بل جعل الموت نصب عينيه ومثالا قائما بين يديه وسيفا مصلتا عليه فهو مرتقب له مستعد لنزوله لا يشغله عن ارتقابه شاغل ولا يصرفه عن الاستعداد له صارف قد ملأ قلبه وجلا وعمره عملا وعد يوما واحدا يعيشـه بقاء ومـهلا وغنيمة تملأ نفسه سرورا وجذلا لازدياده فيه من الخير وادخاره فيه من الأجر واكتسابه عند الله عز و جل من جميل الذكر
ومثل هذا قد رفع التوفيق عليه لواءه وألبسه رداءه وأعطاه جماله وبهاءه
فانظر رحمك الله تعالى أي الرجلين تريد أن تكون وأي العملين تريد أن تعمل وبأي الرداءين تريد أن تشتمل وبأيهما تريد أن تتزين وتتجمل فلست تلبس هناك إلا ما لبسته هنا ولا تحشر هناك إلا فيما كنت فيه هنا إن

صلاح فصلاح وإن فجور ففجور
ولعل هذا هو تأويل الخبر المروي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال يبعث الميت في ثيابه التي مات فيها لأنـه قد صح أن الناس يبعثون حفاة عراة
وهذا الخبر ذكره أبو داود في السنن
وأنشد
( قد طواك الزمان شيئا فشيئا ... وبرتك الخطوب جزءا فجزءا )
( ورمت منك حادثات الليالي ... حبة القلب فأدن بعد أو انأى )
( كان ما كان وانقضت مدة العمـ ... ـر وولى الشباب خبرا ومرأى )
( وقديما قد أعلمتك الليالي ... أن أدواءها تفوتك برءا )
( فادرك منـها فائتا بمتاب ... بل بإيمان انشىء اليوم نشئا )
( واتخذ للهيام ويحك ريا ... واتخذ للسهوم ويلك فيئا )
( وإاذ ما خرقت بالدين خرقا ... فارفينـه بالإنابة رفئا )
( وإذا ما وردت مورد دنيا ... فليكن ما وردت من ذاك ظمئا )
( ولتدعها تحيلا وأماني ... ألبست قلبك المغفل صدأ )
( وإذا ما ال جاءك يوما ... لم تجد من جميع ذلك شيئا )
واعلم أن طول الأمل حجاب على قلبك يمنعك من رؤية الموت ومشاهدته ووقر في أذنيك يمنعك من سماع وجبته ودوي وقعته وبقدر ما يرفع لك من الحجاب ترى وبقدر ما يخفف عن أذنيك من الوقر تسمع
فانظر رحمك الله نظر من رفع الحجاب وفتح بابه واستمع سماع من أزيل وقره وخوطب سره وبادر قبل أن يبادر بك وينزل عليك وينفذ حكم الله فيك فتطوى صحيفة عملك ويختم على ما في يديك ويقال لك اجن ما

غرست واحصد ما زرعت وأقرأ كتابك الذي كتبت كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا وبربك تبارك وتعالى شـهيدا ورقيبا
قال مالك بن دينار رحمـه الله رأيت في البادية في يوم شديد البرد شابا عليه ثوبان خلقان وعليه آثار الدعاء وأنوار الإجابة فعرفته وكنت قبل ذلك عهدته في البصرة ذا ثروة وحسن حال وكان ذا مال وآمال
قال فبكيت لما رأيته على تلك الحال فلما رآني بكى وبدأني بالسلام وقال لي يا مالك بن دينار ما تقول في عبد أبق من مولاه فبكيت لقوله بكاء شديدا وقلت له وهل يستطيع المسكين ذلك البلاد بلاده والعباد عباده فأين يهرب المسكين فقال يا مالك سمعت قارئا يقرأ ( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية ) فأحسست في الحال بنار وقعت بين ضلوعي فلا تخمد ولا تهدأ من ذلك اليوم يا مالك أتراني أرحم وتطفأ هذه الجمرة من قلبي
فقلت له أحسن الظن بمولاك فإنـه غفور رحيم
ثم قلت له إلى أين قال إلى مكة شرفها الله تعالى لعلي أن أكون ممن إذا التجأ إلى الحرم استحق مراعاة الذمم
قال مالك ففارقني ومضى فتعجبت من وقوع الموعظة منـه موقعها وما تأجج بين جنبيه من نار التيقظ والإنابة وما حصل عليه من صدق القبول وحسن الاستماع
واعلم أن الأمل يكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني ويعقب التشاغل والتقاعس ويخلد إلى الأرض ويميل إلى الهوى وهذا أمر قد شوهد بالعيان فلا يحتاج إلى بيان ولا يطلب صاحبه ببرهان
كما أن قصره يبعث على العمل ويحمل على المبادرة ويحث على المسابقة وسأضرب لك في ذلك مثلا مثل ملك من الملوك كتب إلى رجل يقول له افعل كذا وكذا وانظر في كذا وكذا وأصلح كذا وكذا وانتظر رسولي فلانا فإني سأبعثه إليك ليأتيني بك وإياك ثم إياك أن يأتيك إلا وقد فرغت من أشغالك وتخلصت من أعمالك ونظرت في زادك وأخذت ما تحتاج

إليه في سفرك وإلا أحللت بك عقابي وأنزلت عليك سخطي وأمرته أن يأتيني بك مغلولة يداك مقيدة رجلاك مشمتا بك عداك مسحوبا على وجهك إلى دار خزيي وهواني وما أعددته لمن عصاني
وإن هو وجدك قد فرغت من أعمالك وقضيت جميع أشغالك أتي بك مكرما مرفعا مرفها إلى دار رضواني وكرامتي وما أعددته لمن امتثل أمري وعمل بطاعتي
واحذر أن يخدعك فلان أو فلانة عن امتثال أمري والاشتغال بعملي وكتب إلى رجل آخر بمثل ذلك الكتاب
فأما الرجل الأول فقال هذا كتاب الملك جاء يأمرني فيه بكذا وكذا وذكر لي أن رسوله يأتيني ليحملني إليه وأنا لا أمضي إليه حتى يأتيني رسوله ولعل رسوله لا يأتيني إلا إلى خمسين سنة أو أكثر فأنا على مـهلة وسأنظر فيما أمرني بـه ولم يقع الكتاب منـه بذلك الموقع ولم ينزله من نفسه بتلك المنزلة وقال والله لقد أتى كتابه إلى خلق كثير بمثل ما أتاني ولم يأتهم رسوله إلا بعد السنين الكثيرة والمدد الطويلة وأنا واحد منـهم ولعل رسوله يتأخر عني كما تأخر عنـهم وجعل الغالب على ظنـه أن الرسول لا يأتيه إلا إلى خمسين سنة كما ظن أو أكثر أو إلى المدة التي جعل لنفسه بز
ثم أقبل على اشغال نفسه مما لا يحتاج إليه ومما كان غنيا عنـه وترك أوامر الملك والشغل الذي كلفه النظر فيها والاشتغال بـه فكلما دخلت عليه سنة قال أنا مشغول في هذه السنة وسأنظر في السنة المقبلة والمسافة أمامي طويلة والمـهل بعيد وهكذا كلما دخلت سنة قال أنا في هذه مشغول وسأنظر في الأخرى أو سأنظر في نصف السنة أو في الشـهر الثاني منـها أو سأنظر غدا ذ
فبينما هو على ذلك من تسويفه واغتراره إذ جاءه رسول الملك فكسر بابه

وهتك حجابه وحصل معه في قعر بيته وقال له أجب الملك فقال والله لقد جاءني كتابه يأمرني فيه بأعمال أعملها وأشغال انظر له فيها وما قضيت منـها شغلا ولا عملت منـها حتى الآن شيئا
فقال له الرسول ويلك وما الذي أبطأك عنـها وما الذي حبسك عن الاشتغال بها والنظر فيها فقال لم أكن أظن أنك تأتيني في هذا الوقت
فقال له ويلك ومن أين كان لك هذا الظن ومن أخبرك بـه ومن أعلمك بأني لا آتيك إلا في الوقت الذي تظن قال ظننت وطمعت وسولت لي نفسي ومنتني وخدعني الشيطان وغرني
فقال له ألم يحذرك الملك في كتابه منـهما وأمرك ألا تسمع لهما قال بلى والله لقد فعل ولقد جاءني هذا في كتابه ولكني خدعت فانخدعت وفتنت فافتتنت وارتبت في وقت مجيئك فتربصت
فقال له ويلك غرك الغرور وخدعك المخادع أجب الملك لا أم لك
قال أنشدك بحق الملك إلا ما تركتني حتى أنظر فيما أمرني بـه أو في بعضه أو فيما تيسر منـه حتى لا أقدم عليه في جملة المفرطين وعصابة المقصرين
وهذا مال قد كنت جمعته لنفسي وأعددته لمؤنة زماني فاتركني حتى آخذ منـه زادا أتزوده ودابة أركبها فإن الطريق شاقة والمفازة صعبة والعقبة كؤود والمنزل ليس فيه ماء
قال أتركك حتى أكون عاصيا مثلك ثم دفعه دفعة ألقاه على وجهه ثم جمع يديه إلى عنقه وانطلق بـه يجره من خلفه خزيان ندمان جوعان عطشان وهو ينشد بلسان الحال
( لا كحزني إذا لقيت حزينا ... جل خطبي فديتكم أن يهونا )
( ضاق صدري عن بعضه واحتمالي ... فاسلكوا بي حيث ألقى المنونا )

( ما تريد العداة مني وإني ... لبحال يرق لي المبغضونا )
( زفرات هتكن خلب فؤادي ... وهموم قطعن مني الوتينا )
( خنت عهد المليك قولا وفعلا ... واتخذت الخلاف شرعا ودينا )
( غرست في الحياة كفي شرا ... فاجتنيت العقاب منـه فنونا )
( ليتني لم أكن وأين لمثلي ... ظالم نفسه بأن لا يكونا )
( يا خليلي ولا خليل لي اليو ... م سوى حسرة تديم الأنينا )
( ربح الرابحون وانقضت السو ... ق وخلوا بغبنـه المغبونا )
( فابكني إن يكن بكاك مفيدا ... أو فدعني وعصبة يبكونا )
وأما الآخر الذي كتب إليه الملك بمثل ما كتب بـه إلى هذا فإنـه أخذ كتاب الملك وقبله وقرأه وتصفحه وتدبره وقال أرى الملك قد كتب إلي بأن أعمل له كذا وكذا وأقضي له كذا وكذا وأنظر له في كذا وكذا ومن أين سبقت لي هذه السابقة عند الملك ومن الذي عني بي عنده ومن الذي أنزلني منـه بهذه المنزلة حتى جعلني من بعض خدامـه والقائمين بأمره والناظرين في أعماله
والله إن هذه لسعادة والله إن هذه لعناية الحمد لله رب العالمين ثم نظر في الكتاب وقال أسمع الملك وقد قال لي في كتابه وانتظر رسولي فإني سأبعثه إليك ليأتيني بك وأراه لم يحد لي الوقت الذي يبعث فيه الرسول إلي ولا سماه لي ولعلي لا أفرغ من قراءة كتابه إلا ورسوله قد أتاني ونزل علي والله لا قدمت شغلا على شغل الملك ولا نظرت في شيء إلا بعد فراغي مما أمرني بـه الملك وإعدادي زادا أتزوده ومركوبا أركبه إذا جاءني رسوله وحملني إليه
فتعرض له رجل وقال له لم هذه المسارعة كلها وفيم هذه المبادرة كلها فقال له ويحك أما ترى كتاب الملك بما جاءني أما تسمع ما فيه أما تصدقه

أما تؤمن بـه قال بلى سمعت وآمنت وصدقت ولكن لم يقل لك فيه إن رسوله يأتيك اليوم ولا غدا ولا وقتا معلوما ولكنـه سيأتيك وقد جاء كتابه إلى فلان بهذا الذي قد جاءك أنت بـه وقد بقي منتظرا لرسوله أكثر من سبعين سنة وإلى الآن ما أتاه وبعد زمان طويل ما جاءه وفلان أتاه بعد ثمانين سنة وفلان أتاه بعد مائة سنة وأكثر وفلان كاد أن لا يأتيه
وأنت واحد من المرسول إليهم فلم هذه العجلة وفيم هذا الإسراع
فقال ويحك أما ترى أنت فلانا قد جاءه كتاب الملك بهذا الذي جاءني وجاءه الرسول في إثر مجيء الكتاب وفلان كذلك وفلان جاءه بعد سنة وفلان كذا
فقال له بلى ولكن لا تنظر إلى هؤلاء خاصة وانظر إلى الذين قلت لك ممن تأخر عنـه مجيء الرسول
فقال له دعني يا هذا فقد شغلتني والله وإني لأخاف أن يأتيني الرسول وأنا أكلمك
ثم أقبل على ما أمره بـه الملك فامتثله ونظر فيما حد له واشتغل بما يجب أن يشتغل بـه وأخذ الزاد لسفره وأخذ الأهبة لطريقه وجعل ينتظر الرسول أن يأتيه وأقبل يلتفت يمينا وشمالا من أين يأتيه ومن أين يقبل عليه
فبينما هو كذلك وإذا برسول الملك قد أتاه فقال أجب الملك قال نعم قال الساعة قال الساعة قال وفرغت مما أمرك بـه وعملت ما حد لك أن تعمله قال نعم قال فانطلق قال بسم الله فخلع عليه خلعة الأولياء وكساه كسوة الأصفياء وأعطاه مركوبا يليق بـه ويجمل بمثله وانطلق بـه في حبور وسرور وهو ينشد بلسان الحال
( هنئوني بغبطتي وسروري ... فجدير بأن يهنأ مثلي )
( ربحت صفقتي وزكي سعيي ... وارتقى للإله قولي وفعلي )
( كيف لي أن أعبر اليوم عني ... بمقال يبين وصف محلي )
( ضاقت الكتب أن تضم حديثي ... بل تلاشت عن بعض ما أنا أملي )

( قد بلغت المنى وزدت عليها ... وتملأت بالمسرة كلي )
( ليت قومي لو يعلمون بما لله ... من نعمة علي وفضل )
( طاب عيشي وقر فيه قراري ... وتقلبت بين ماء وظل )
( أنا ذاكم حقيقا أم هو غيري ... اعذروني فقد تدله عقلي )
فبان لك بهذا المثل وبغيره فضيلة قصر الأمل وفضيلة المبادرة إلى العمل والاستعداد للموت قبل نزوله والانتظار له قبل حلوله
وقد كثر الحض على هذا وكثرت الأقاويل فيه ولم يزل المذكرون يذكرون والمنبهون ينبهون لو يجدون سمعا واعيا وقلبا حافظا ومحلا قابلا والحول حول الله والأمر كله بيد الله
ويروى عن ابن عباس رضي الله عنـهما عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال لرجل وهو يعظه
اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك
وعن ابن عباس أيضا عن النبي صلى الله عليه و سلم قال نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ
ذكر البخاري
وقال القائل
( إن في الموت والمعاد لشغلا ... وادكارا لذي النـهى وبلاغا )
( فاغتنم نعمتين قبل المنايا ... صحة الجسم يا أخي والفراغا )
وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال
ما ينتظر أحدكم من الدنيا إلا غنى مطغيا أو فقرا منسيا أو هرما مفندا أو

مرضا مفسدا أو موتا مجهزا أو الدجال والدجال شر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر
وعن أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة
وقال النبي صلى الله عليه و سلم أنا النذير والموت المغير والساعة الموعد
ذكره القاضي أبو الحسن بن صخر في الفوائد
وقال جابر بن عبد الله كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا خطب رفع صوته واحمرت عيناه كأنـه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم
ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى
ذكره مسلم بن الحجاج يريد عليه السلام تقريب الأمر وسرعة نزوله وكل آت قريب وكل ما هو كائن سيكون
قال ابن مسعود قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام فقال إن النور إذا دخل القلب انفسح فقيل يا رسول الله هل لذلك من علامة تعرف
قال نعم التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزوله
ومن كلام بعضهم أما تسمعون أيها الناس داعي الموت يدعوكم وحاديه يحدوكم أما ترون صرعاه في منازلكم وقتلاه بين أيديكم ففيم هذا التصامم عن الداعي والتشاغل عن الحادي والتعامي عن مصارع القتلى والتغافل عن مشاهدة الهلكى فرحم الله امرأ أيقظ نفسه في مـهلة الحياة قبل أن توقظه روعة الممات واستعد لما هو آت قبل الانبتات وحلول الفوات وكان

الحكم قد وقع والخطاب قد ارتفع أعرض من أعرض وسمع من سمع
وانشدوا
( قطعت زماني حينا فحينا ... أدير من اللهو فيه فنونا )
( وأهملت نفسي وما أهملت ... وهونت من ذاك ما لم يهونا )
( ورب سرور شفى غلة ... وولى فأعقب حزنا رصينا )
( وكم آكل ساعة ما يريد ... يكابد ما أورثته سنينا )
( وما كان أغنى الفتى عن نعيم ... يعود عليه عذابا مـهينا )
( وكم وعظتني عظات الزمان ... لو أني أصيخ إلى الواعظينا )
( وكم قد دعاني داعي المنون ... وأسمع لو كنت في السامعيا )
( وماذا أؤمل أو أرتجيه ... وقد جزت سبعا على الأربعينا )
( فلو كان عقلي معي حاضرا ... سمعت لعمري منـه أنينا )
( ولن يبرح المرء في رقدة ... يغط إلى أن يوافي المنونا )
( فتوقظه عندها روعة ... تقطع منـه هناك الوتينا )
( وإذ ذاك يدري بما كان فيه ... وتجلو الحقائق منـه الظنونا )
وقال أنس في قول الله عز و جل ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) قال أكثركم للموت ذكرا وأحسن استعدادا وأشد منـه خوفا وحذرا )
وقال حذيفة رضي الله عنـه ما من صباح ولا مساء إلا ومناد ينادي أيها الناس الرحيل الرحيل
وقال بعضهم أيها الإنسان إنما أنت نازل من الدنيا في منزل تعمره أيام عمرك ثم تخليه عند موتك لمن ينزله من بعدك وانشدوا
( أخل لمن ينزل ذا المنزل ... وارحل فقد آن أن ترحل )
( وارحل بما قد كنت جمعته ... واحمله إن خليت أن تحمل )

( هيهات لا تخرج منـه بشيء ... فافعلن ما شئت أن تفعل )
( واقعد من الغيظ وإلا فقم ... واطلع إلى الكوكب أو فانزل )
( فلست بالخارج إلا بما ... جئت فسلم ويك واستبسل )
( وخل عن هذي الأماني فما ... تثمر إلا شر ما يؤكل )
( كم من فتى طول آماله ... فقصرت دنياه ما طول )
( فجاءه الموت على غرة ... فمات من قبل الذي أمل )
( فيا إلهي والذي جوده ... قد غمر الآخر والأول )
( رحماك يا رحمن في فتية ... ليس لهم دونك من مؤمل )
( قد حجبتها عنك آثامـها ... وأنزلتها شر ما منزل )
( وليس إلا عفوك المرتجى ... أو دلها ماذا الذي تعمل )
وقال محمد بن إبراهيم جلست إلى عامر بن عبد الله وهو يصلي فجوز في صلاته فقال أخبرني بما جئت له فإني أبادر فقلت له وما تبادر قال ملك الموت رحمك الله فإني أخاف أن ينزل بي فقمت عنـه وقام إلى صلاته
ومر داود الطائي رحمـه الله فسأله رجل غريب عن حديث فقال دعني فإني أبادر خروج نفسي
وقال الربيع بن خثيم رحمـه الله من خاف الوعيد قرب عليه البعيد ومن طال أمله ساء عمله
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنـه التؤدة خير في كل شيء إلا في أمر الآخرة والتؤدة هي التثبت والتأني
وكان الحسن رحمـه الله يقول في موعظته المبادرة المبادرة فإنما هي الأنفاس لو حبست انقطعت عنكم الأعمال التي تتقربون بها إلى الله عز و جل رحم الله امرأ نظر لنفسه وبكى على ذنبه ثم قرأ هذه الآية ( إنما نعد لهم

عدا ) يعني الأنفاس آخر العدد خروج نفسك وفراق أهلك وقال بعض الصلحاء اغتنم تنفس الأجل وإمكان العمل واقتطع ذكر المعاذير والعلل فإنك في أجل محدود ونفس معدود وعمر غير ممدود
وقال غيره أعمل عمل المرتحل فإن حادي الموت يحدوك ليوم ليس يعدوك فيطرحك في حفرة لا يخافك فيها أحد ولا يرجوك
وكتب رجل إلى بعض إخوانـه أما بعد فإن الدنيا حلم والآخرة يقظة والموت متوسط بينـهما ونحن في أضغاث أحلام والسلام
وكتب محمد بن يوسف رحمـه الله إلى أخ له سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني محذرك من دار منقلبك إلى دار إقامتك وجزاء أعمالك فتصير في باطن الأرض بعد ظهرها فيأتيك منكر ونكير فيقعدانك وينتهرانك فإن يكن الله معك فلا فاقه ولا بأس ولا وحشة وإن يكن غير ذلك فأعاذني الله وإياك يا أخي من سوء مصرع وضيق مضجع ثم تبلغك صيحة النشور ونفخة الصور وقيام الخلائق لفصل القضاء وامتلأت الأرض بأهلها والسموات بسكانـها فباحث الأسرار وسعرت النار ووضعت الموازين ونشرت الدواوين وجيء بالنبيين والشـهداء وقضي بينـهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين
فكم من مفتضح ومستور ومعذب ومرحوم وكم من هالك وناج فيا ليت شعري ما حالي وحالك يومئذ فإن في هذا ما هدم اللذات وسلى عن الشـهوات وقصر من الأمل وأيقظ النائم ونبه الغافل أعاننا الله وإياك على هذا الخطر العظيم وأوقع الدنيا من قلبك وقلبي موقعها من قلوب المتقين فإنما نحن له وبه والسلام
وأنشد بعضهم
( مرادك أن يتم لك المراد ... وتركض في مطالبك الجياد )
( وتمضي في أوامرك الليالي ... فلا يعصى هواك ولا يكاد )

( لقد ملكت مضلات الأماني ... قيادك فاعتديت بها تقاد )
( ألم تسمع بذي أمل بعيد وآمال الفتى منـها بعاد )
( رماه الموت فانقبضت إليه ... أمانيه بشيء لا يراد )
( ويلقاه بإثر الموت يوم ... تميد لهوله السبع الشداد )
( تصم لوقعه الآذان صما ... وينطق من زلازله الجماد )
( فكم سالت هنالك من دموع ... يغيرهن من دمـه الفؤاد )
( وكم شاهت هنالك من وجوه ... على صفحاتها طلي الحداد )
( وماذا الكرب يشبه ما عهدنا ... وأنى يشبه البحر الثماد )
( وما الأسماء تعطيك اتفاقا ... على معنى يتم لك المراد )
( ولكن ربما كان اشتباه ... قليل لا يحس ولا يكاد )
( يسمى البحر ذو الأهوال بحرا ... وبحر مثله الفرس الجواد )
وفي بعض الخطب المروية أيها الناس إن لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم وإن لكم نـهاية فانتهوا إلى نـهايتكم وإن المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه وأجل بقي لا يدري ما الله قاض فيه فليتزود العبد من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته ومن الحياة قبل الموت فإن الدنيا خلقت لكم وخلقتم أنتم للآخرة والذي نفسي بيده ما بعد الموت من مستعتب وما بعد الدنيا دار إلا الجنة أو النار
وخطب عمر بن عبد العزيز رحمـه الله فقال أيها الناس إنكم لم تخلقوا عبثا ولن تتركوا سدى وإن لكم معادا يجمعكم الله فيه للفصل وللحكم فيما بينكم فخاب وشقي عبد أخرجه الله من رحمته التي وسعت كل شيء وجنة عرضها السموات والأرض وإنما يكون الأمان غدا لمن خاف واتقى وباع قليلا بكثير وفانيا بباق وشقاء بسعادة
إلا ترون أيها الناس أنكم في أصلاب الهالكين ويستخلف بعدكم الباقين

ألا ترون أيها الناس أنكم تشيعون غاديا ورائحا إلى الله عز و جل قد قضى نحبه وانقطع عمله وأمله فتضعونـه في بطن قاع من الأرض غير د ولا موسد قد قطع الأسباب وفارق الأحباب وواجه الحساب
وأيم الله إني لأقول مقالتي هذه ولا أعلم عند أحدكم من الذنوب أكثر مما عندي ولكنـها سنن من الله عادلة أمر فيها بطاعته ونـهى فيها عن معصيته ثم استغفر الله تعالى ووضع كمـه على وجهه وبكى حتى بلت دموعه لحيته وما عاد إلى مجلسه ذلك حتى مات رحمـه الله
ومما يروى من خطبه أيضا أنـه قال أيها الناس إن الدنيا ليست بدار قراركم ولا محل إقامتكم دار كتب الله عليها الفناء وأوجب منـها على أهلها الرحيل فكم من عامر مؤنق عما قليل ستخرب عمارته وكم من مقيم مغتبط عما قليل سيرحل فأحسنوا رحمكم الله منـها الرحلة واحملوا خير ما يحضركم للنقلة وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
إن الدنيا كظل قلص فذهب بينما ابن آدم فيها ينافس وعليها يضارب إذ دعاه الله بقدره ووافاه يوم حتفه فسلبه آثاره ودنياه وصير للآخرين مصانعه ومغناه إن الدنيا ما تسر بمقدار ما تضر إنـها تسر قليلا وتحزن حزنا طويلا
وخطب المأمون يوما فقال عباد الله اتقوا الله ما استطعتم وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا وعلموا أن الدنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا بها وتعوضوا عنـها
أيها الناس استعدوا للموت فقد أظلكم وترحلوا فقد جد بكم وإن غاية تنقصها اللحظة وتهدمـها الساعة لجديرة بقصر المدة وإن غائبا يحدوه الجديدان لجدير بسرعة الأوبة وإن قادما يقدم بالفوز أو بالشقوة

لمستحق بأفضل العدة
اتقى عبد ربه نصح نفسه وغلب ه وقدم توبته فإن أجله مستور عنـه وأمله خادع له والشيطان موكل بـه يمنيه التوبة ليسوفها ويزين لها المعصية ليركبها حتى تهجم عليه منيته أغفل ما يكون عنـها وأنسى ما يكون لها وإن ما بين أحدكم وبين الجنة والنار إلا الموت أن ينزل بـه فيالها من حسرة على ذي غفلة أن يكون عمره عليه حجة أو أن تؤدبه أيامـه إلى شقوة جعلنا الله وإياكم ممن لا تبطره نعمة ولا تقصر بـه عن الطاعة معصية ولا تحل بـه بعد الموت حسرة إنـه سميع الدعاء فعال لما يشاء
ومن كلام بعضهم يا ابن آدم إنك لو رأيت ما حل بك وما أحاط بأرجائك لبقيت مصروعا لما بك مذهولا عن أهليك و أصحابك يا ابن آدم أما علمت أن بين يديك يوما يصم سماعه الآذان وتشيب لروعه الولدان ويترك ما عز وهان ويهجر له الأهلون والأوطان
يا ابن آدم أما ترى مسير الأيام بجسمك وذهابها بعمرك وإخراجها لك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك وبعد ذلك ما لذكر بعضه تتصدع القلوب وتنضج له الجوانح وتذوب ويفر المرء على وجهه فلا يرجع ولا يؤوب
وأنشدوا
( لأمر ما تصدعت القلوب ... وباح بسرها دمع سكيب )
( وباتت في الجوانح نار ذكرى ... لها من خارج أثر عجيب )
( وما خف اللبيب لغير شيء ... ولا أعيا بمنطقه الأريب )
( ذراه لائماه فلا تلوما ... فربت لائم فيه يحوب )
( رأى الأيام قد مرت عليه ... مرور الريح تدفعها الهبوب )
( وما نفس يمر عليه إلا ... ومن جثمانـه فيه نصيب )
( وبين يديه لو يدري مقام ... بـه الولدان من روع تشيب )
( وهذا الموت يدنيه إليه ... كما يدنى إلى الهرم المشيب )
( مقام تستلذ بـه المنايا ... وتدعى فيه لو كانت تجيب )
( وماذا الوصف بالغه ولكن ... هي الأمثال يفهمـها اللبيب )
وخطب الحجاج يوما فقال أيها الناس إن الله كتب على الدنيا الفناء

وعلى الآخرة البقاء فلا فناء لما كتب الله عليه البقاء ولا بقاء لما كتب الله عليه الفناء فلا يغرنكم شاهد الدنيا من غائب الآخرة واقهروا طول الأمل بقصر الأجل
وفي بعض الخطب المروية أيها الناس إن الآمال تطوى والأعمار تفنى والأبدان تحت التراب تبلى وإن الليل والنـهار يتراكضان كتراكض البريد يقربان كل بعيد ويبليان كل جديد وفي ذلك عباد الله ما يلهي عن الشـهوات ويسلي عن اللذات ويرغب في الباقيات الصالحات
وفي بعض الخطب أيضا أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت فإنكم إن ذكرتموه في ضيق وسعه عليكم فرضيتم بـه فأجرتم وإن ذكرتموه في غنى نغصه عليكم فجدتم بـه فأثبتم إن المنايا قاطعات الآمال والليالي مدنيات الآجال وإن المؤمن بين يومين يوم قد مضى أحصى فيه عمله فختم عليه ويوم قد بقي لعله لا يصل إليه إن العبد عند خروج نفسه وحلول رمسه يرى جزاء ما أسلف وقلة غناء ما خلف ولعله من باطل جمعه أو من حق منعه
وقال بعض الحكماء إن للباقي بالماضي معتبرا وللآخر بالأول مزدجرا والسعيد لا يغتر بالطمع ولا يركن إلى الخدع ومن ذكر المنية نسي الأمنية ومن أطال الأمل نسي العمل وغفل عن الأجل
وقال بعض المفسرين في قول الله عز و جل ( فتنتم أنفسكم ) قال بالشـهوات واللذات ( وتربصتم ) قال بالتوبة ( وارتبتم ) قال شككتم ( حتى جاء أمر الله ) قال الموت ( وغركم بالله الغرور ) قال الشيطان
وكتب عمر بن عبد العزيز رحمـه الله إلى يزيد بن عبد الملك إياك أن تدركك الصرعة عند الغرة فلا تقال العثرة ولا تمكن من الرجعة ولا يحمدك من خلفت على ما تركت ولا يعذرك من تقدم عليه بما بـه اشتغلت

وقال بعض البلغاء لا تبت على غير وصية وإن كنت من جسمك في صحة ومن عمرك في فسحة فإن الدهر خائن وكل ما هو كائن كائن
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنـه ما منكم من أحد إلا وهو ضيف وماله عارية فالضيف مرتحل والعارية مردودة
وقال الحسن البصري رحمـه الله يا عجبا لقوم أمروا بالزاد ونودي فيهم بالرحيل وحشر أولهم على آخرهم وهم مع ذلك قعود يلعبون
وقال بعض الحكماء ليس من الدين عوض ولا من الإيمان بدل ولا من الجسد خلف ومن كانت مطيته الليل والنـهار فإنـه يسار بـه وإن لم يسر
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنـه أيها الناس اتقوا الله الذي إن قلتم سمع وإن أضمرتم علم وبادروا الموت الذي إن قمتم أخذكم وإن هربتم أدرككم
وكان عبد الله بن ثعلبة يقول في موعظته تضحك يا هذا ولعل أكفانك عند القصار
وقال بعض الحكماء كل يجري من عمره إلى غاية تنتهي إليها مدة أجله وتنطوي عليها صحيفة عمله فخذ من نفسك لنفسك وقس يومك بأمسك وكيف عن سيئاتك وزد في حسناتك قبل أن تستوفي مدة الأجل وتقصر عن الزيادة في السعي والعمل
وفي كلام بعضهم أعلم رحمك الله أن أمانيك سترد عليك وترجع خائبة إليك وان الساعات تهدم في جسدك وربما عاجلتك المنية في ساعتك أو في يومك أو في غدك فأوقفتك على غشك وظلمك وأطالت في كربك وزادت في غمك وأرتك ما لم تعهد وأشـهدتك مشـهدا ما مثله مشـهد
وأنشد
( مرادك لا يصح ولا يتم ... إذا ما كنت للدنيا تدم )
( وما فرقت منـها من أمان ... فلست وإن أصبت لها تضم )
( وما تبنيه في دنياك هذي ... ستلقاه من الأيام هدم )

( وجسمك ويك اسرعه انـهداما ... وهل يبقى مع الساعات جسم )
( ومن تتبعه تابعة المنايا ... محال أن تبقي منـه رسم )
( وليتك لم تكن إلا منون ... يضاعف بينـها كرب وغم )
( ولكن بعدها يوم عصيب ... طويل الكرب ذكراه تصم )
( وما تلك الكروب كما عهدنا ... ولا هي ما يعبر عنـه فهم )
( فلا تغتر بالأسماء جهلا ... فربت معنيين عليهما اسم )
( يسمى الكوكب الدري نجما ... ومنبسط النبات كذاك نجم )
وقال أبو عبيدة الناجي رحمـه الله دخلنا على الحسن البصري رحمـه الله في يومـه الذي مات فيه فقال مرحبا بكم وأهلا وحياكم الله بالسلام وأحلنا وإياكم دار المقام هذه علانية حسنة إن صدقتم وصبرتم فلا يكونن حظكم من هذا الأمر أن تسمعوه بهذه الآذان وتخرجوه من هذه الأفواه فإن من رأى محمدا صلى الله عليه و سلم رآه غاديا ورائحا لم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة ولكن رفع له علم فشمر إليه الوحي الوحي النجاء النجاء علام تعرجون ارتبتم ورب الكعبة كأنكم والأمر معا رحم الله امرأ جعل العيش عيشا واحدا فأكل كسرة ولبس خلقا ولصق بالأرض واجتهد في العبادة وبكى على الخطيئة وفر من العقوبة وطلب الرحمة حتى يأتيه أجله وهو على ذلك
وقال أبو محمد الزاهد خرجنا في جنازة بالكوفة وخرج فيها داود الطائي رحمـه الله فانتبذ وقعد ناحية وهي تدفن فجئته فقعدت إليه قريبا منـه فتكلم فقال من خاف الوعيد قصر عليه البعيد ومن طال أمله ضعف عمله وكل ما هو آت قريب
واعلم يا أخي أن كل شيء شغلك عن الله فهو عليك مشؤوم وأعلم أن

أهل القبور إنما يندمون على ما يتركون ويفرحون بما يقدمون فما عليه أهل القبور يندمون أهل الدنيا عليه يقتتلون وفيه يتنافسون وعليه يتزاحمون
وقال محمد بن أبي توبة رحمـه الله أقام معروف الكرخي رحمـه الله الصلاة ثم قال لي تقدم فقلت إن صليت لكم هذه الصلاة لم أصل لكم غيرها فقال لي أراك تحدث نفسك أنك تعيش حتى تصلي صلاة أخرى أعوذ بالله من طول الأمل فإنـه يمنع من خير العمل
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنـه ويل لمن كانت الدنيا أمله والخطايا عمله عظيم بطنته قليل فطنته عالم بأمر دنياه جاهل بأمر آخرته
وقال العلاء بن زياد رحمـه الله تعالى لينزل أحدكم نفسه أنـه قد حضره الموت وأنـه استقال ربه فأقاله فليعمل بطاعة الله
وقال بعض الحكماء عجبت ممن يحزن على نقصان ماله ولا يحزن على نقصان عمره وعجبت ممن الدنيا مدبرة عنـه والآخرة مقبلة عليه كيف يشتغل بالمدبرة ويعرض عن المقبلة
وقال بعضهم أيها الناس إن لكم معالم تستبقون إليها وإن لكم موارد تردون عليها وإن الجديدين يسيران بكم وإن لم تسيروا ويسرعان بكم وإن لم تسرعوا وإن قصاراكم الموت وإن بعد الشأو وامتدت الغاية وطال المدى
فرحم الله امرأ أضمر نفسه للسباق وساقها إلى الغاية أشد مساق واستعد للموت قبل هجومـه واخذ حذره منـه قبل قدومـه وانفد دموعه على ما تقدم قبل أن تزل بـه القدم ويؤخذ بما علم وبما لم يعلم
وأنشد بعضهم من كلمة له
( لمن ورقاء بالوادي المريع ... تشب بـه تباريح الضلوع )
( على فينانة خضراء يصفو ... على أعطافها وشي الربيع )

( تردد صوت باكية عليها ... رماها الدهر في الأهل الجميع )
( فشتت شملها وأدال منـه ... غراما عاث في قلب صريع )
( عجبت لها تكلم وهي خرسا ... وتبكي وهي جامدة الدموع )
( فهمت حديثها وفهمت أني ... من الخسران في أمر شنيع )
( أتبكي تلك إن فقدت أنيسا ... وتشرب منـه بالكأس الفظيع )
( وها أنا لست أبكي فقد نفسي ... وتضييعي الحياة مع المضيع )
( ولو أني عقلت اليوم أمري ... لأرسلت المدامع بالنجيع )
( إلا يا صاح والشكوى ضروب ... وذكر الموت يذهب بالهجوع )
( لعلك أن تعير أخاك دمعا ... فما في مقلتيه من دموع )
وقال بلال بن سعد رحمـه الله يقال لأحدنا تريد أن تموت فيقول لا فيقال له لم فيقول حتى أتوب وأعمل صالحا فيقال له اعمل فيقول سوف أعمل فلا يحب أن يموت ولا يحب أن يعمل فيؤخر عمل الله تعالى ولا يؤخر عمل الدنيا
وقال بعض الحكماء السعيد من صرف الله أمله إلى ما يبقى وقطعه عما يفنى وأعانـه في دار الفناء على عمارة دار البقاء
والويل الطويل والحسرة التي لا تزول لمن أعرض ونأى ولم ينـه نفسه عن الهوى وإن كان الكل من الله عز و جل فاللوم متوجه على المقصر وقد بدت عليه علامة البعد وظهرت من أفعاله أمارة الطرد
وقال عيسى بن مريم عليه السلام عجبت لثلاثة لغافل وليس بمغفول عنـه ومؤمل دنيا والموت يطلبه وبان قصرا والقبر مسكنـه
وقال بعض الحكماء ما انقضت ساعة من يومك إلا بقطعة من عمرك ونصيب من جسمك

وقال لقمان لابنـه يا بني أمر لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفجأك
وقال الحسن رحمـه الله ما رأيت يقينا أشبه بالشك من يقين الناس بالموت مع غفلتهم عنـه وما رأيت صدقا أشبه بالكذب من قولهم إنا نطلب الجنة مع عجزهم عنـها وتفريطهم في طلبها
وقال بعضهم أيها الناس إن الحكم قد وجب وإن الموت قد اقترب والعمر قد ذهب فكم من آسف عليه وناظر بعين الشفقة إليه وإن في تلاشي العمر ما يقصر عن أمل الأريب ويجمع من هم اللبيب ويرسل من عبرات الكئيب فرحم الله امرأ بكى على نفسه فليس يبكي عليها غيره ونظر إليها فليس ينظر إليها سواه
وأنشدوا
( لبيك على الشبيبة من بكاها ... كما أبكي عليها ملء جفني )
( ومن يك بات ذا حزن عليها ... فمثلي فليبت في فرط حزن )
( ومن يك ساليا يوما فإني ... قطعت علائق السلوان عني )
( عجبت لمن يبكي رسم دار ... عفت أبياتها أو سير ظعن )
( ويترك نفسه يبكي عليها ... وقد جبلت على ضعف ووهن )
( وقد صاح ال بها أجيبي ... إلام وفيم ويلك ذا التأن )
( ومن بعد ال له حديث ... يريه من العجائب كل فن )
( حديث ما حديث ما حديث ... يبين له اليقين من التظني )
( وعمر ينقضي في غير شيء ... ولكن في المحال من التمني )
( ويعذلني إذا أرسلت دمعا ... على وجنات ذي خسر وغبن )

( ألا يا صاح والبلوى ضروب ... ودعتك للذي تهوى فدعني )
( إذا أنا لم أبك ذهاب عمري ... فمن هذا الذي يبكيه عني )
ولعلك أن تقول لو أني قصرت أملي كما تريده مني وقصر ذلك أمله وذاك أمله وقصر الناس آمالهم وتركوا صناعاتهم وأسباب معيشتهم لخربت الأرض وهلك الناس وفسد هذا العالم
فأقول نعم صدقت لو قصر الناس آمالهم بحيث يتركون صناعاتهم والنظر في معيشتهم وعمارة دنياهم وأجمعوا على ذلك لكان ما قلت ولكنـهم لا يفعلون وليس بتقصيرك أنت أملك يقصر الناس آمالهم ولا بزمدك أنت في الدنيا يزهد الناس كلهم فيها فلا تبك يا هذا ولا تشغل نفسك بـه ولا يمنعك ذلك من تقصير أملك ولا من زهدك وإصلاح عملك وعليك بنفسك فعنـها تسأل وبالواجب عليها تطلب
وليس تقصيرك أملك بالذي يمنعك أن تطلب رزقك وإن تشتغل بإصلاح نفسك ومعيشتك وتربية ولدك إلى غير ذلك من جميع منافعك بل تقدر أن تجمع بينـهما وذلك أن تنظر بمعونة الله عز و جل لك وتثبيته إياك إلى غير ذلك من سبب معيشتك
فإن كان مما يتكرر كل يوم عملت فيه يومك وأخذت منـه قوتك ولم تعول على أنك تعيش غدا فإن أصبحت غدا عملت كذلك أيضا
وكذلك إن كان سببك مما يتم بعد أيام كثيرة أو يكون مما ينظر فيه السنة كلها كالزراعة وغيرها نظرت فيه على كماله ولم تعول على أن تدرك إبانـه وأن تبلغ وقته وأوانـه فإن بلغته كان الذي أردت وإن اخترمتك المنية دونـه كان ما عملت منـه معونة لغيرك وتسهيلا لمن يأتي من بعدك
وتقدر أن تعمل السبب الذي يكون فيه معيشتك كما وصفت لك وتقصر أملك عن تمامـه سواء كان السبب مما تعمل فيه سنة أو يوما أو أقل وكذلك سائر الناس لو كانوا هكذا لما هلكوا ولا خربت الأرض ولا فسد هذا

العالم كما قلت لكنـه كان يقل فرحهم بالدنيا وسعيهم لها واغتباطهم بها وكانوا يتركون تشييد البنيان وتنضيده وزخرفته وتنجيده ويدعون التأنق في ملابسهم ومراكبهم إلى غير ذلك من جميع أمورهم ويجتزئون من الدنيا بما أمكن ويأخذون منـها ما تيسر ويقتصرون على ما يبلغ فتقل تبعتهم ويهون حسابهم ويخرجون من الدنيا خفافا يقدرون على قطع عقبات الآخرة وسلوك طرقها الضيقة وسبلها الشاقة ويسهل عليهم الأمر هنالك
وأما قصر الأمل حتى تترك الصانعات وأسباب المعيشة فإنما يصح في بعض الأشخاص وفي القليل من الناس بمؤنته ونظر له سواه في معيشته سنة الله عز و جل مع المتوكلين وعادته مع المنقطعين ويبقى أولئك مع آمالهم والنظر في أعمالهم فإن الأمل رحمة من الله تعالى تنتظم بـه أسباب المعاش وتستحكم بـه أمور الناس ويتقوى بـه الصانع على صناعته والعابد على عبادته
وإنما يذم من الأمل ما امتد وطال حتى أنسى العاقبة والمآل وثبط عن صالح الأعمال
يروى أن الله عز و جل لما مسح ظهر آدم عليه السلام فاستخرج ذريته قالت الملائكة رب لا تسعهم الأرض
قال الله عز و جل إني جاعل موتا قالت الملائكة لا يهنأهم العيش قال إني جاعل أملا
وقال الثوري رحمـه الله بلغني أن الإنسان خلق أحمق ولولا ذلك ما هنأه العيش
ويروى أن عيسى عليه السلام كان جالسا وبين يديه شيخ يعمل بمسحاة في أرض له فنظر إليه وقال اللهم انزع الأمل من قلبه فطرح

الشيخ المسحاة في الأرض وقعد فقال عيسى عليه السلام اللهم رد عليه أمله فقام الشيخ إلى مسحاته ورجع إلى عمله فدعاه عيسى عليه السلام فقال أيها الشيخ لم طرحت مسحاتك ثم رجعت إليها فقال يا روح الله بينما أنا أعمل بمسحاتي إذ قلت في نفسي وإلى متى هذا العمل وإلى متى هذا التعب ولعل الموت يأتيني في هذه الساعة فطرحت المسحاة وقعدت فبينما أنا قاعد إذ تفكرت في نفسي وقلت لعل الموت لا يأتيني في هذا الوقت وأنا محتاج إلى قوت يقيمني وغذاء يمسك بنيتي ولا بد من العمل فقمت إلى مسحاتي ورجعت إلى عملي
وقال مطرف بن عبد الله رحمـه الله لو علمت متى أحلي لخشيت ذهاب عقلي ولكن الله من على عباده بالغفلة عن الموت ولولا الغفلة عنـه ما تهنأوا بعيش ولا قامت الأسواق
وقال الحسن رحمـه الله الغفلة والأمل نعمتان عظيمتان على ابن آدم ولولاهما ما مشى المسلمون في الطرق يريد لو كانوا من التيقظ وقصر الأمل وخوف الموت بحيث لا ينظرون في معايشـهم وما يكون سببا لحياتهم لهلكوا وكذلك أراد مطرف رحمـه الله
ويروى أن المفضل بن فضالة رحمـه الله تعالى سأل ربه أن يرفع عنـه الأمل فاستجاب له فترك الأكل والشرب ولم تستقم له عبادة فدعا ربه أن يرد عليه أمله فرده عليه فرجع إلى طعامـه وه
وقال ابن المـهدي رحمـه الله من قوى أمله قل عمله ومن أتاه أجله لم ينفعه أمله غير أنـه لا بد من أمنية وأمل تحيا بهما النفس ويقوي بهما القلب وتعمر بهما الدنيا
وقال سعيد بن عبد الرحمن إنما عمرت الدنيا بقلة عقول أهلها يريد أنـهم بقلة عقولهم انصرفت هم عن الآخرة وأقبلت على الدنيا فعمروها واشتغلوا بها
وأنشدوا

( خذ من الآمال ما احتجت إليه ... ففضول المرء محسوب عليه )
( كان مالا أو كلاما أو هوى ... أو فآمال مشت بين يديه )
( ولدنياك فويه شبم ... وقديما شاقنا ذاك الفويه )
( ولأخراك وإن طال المدى ... موقف يسلك إحدى جهتيه )
( وإذا لم تك أعددت له ... نلت ما تكرهه من عدتيه )
( و صروف الدهر تخبر قبل ذا ... بأمور ركبت في طيتيه )
( ورأى الإنسان طرفا لهما ... فمضى يعمل فيه صفتيه )
( وإلى كم أنت في سكر الهوى ... وإلى كم أنت مأسور لديه )
( وكلا الدارين تحتاج له ... ويمين المرء أقوى عضديه )
( فلتبادر ما هو الأولى بمن ... صرفت عامله الريح لديه )
( ورآه الموت فانقض له ... كعقاب خر من جو عليه )
واعلم رحمك الله أن تقصير الأمل مع حب الدنيا متعذر وانتظار الموت مع الإكباب عليها غير متيسر فإن حب الدنيا هو سبب طول الأمل فيها والإكباب عليها يمنع من الفكرة في الخروج منـها والجهل بغوائلها وعواقبها يحمل على الإرادة لها والازدياد منـها لأن من أحب شيئا أحب الكون معه والازدياد منـه ومن كان مشغوفا بالدنيا محبا لها حريصا عليها قد خدعته بزخرفها و أمالته برونقها وسحرته بزينتها كيف يريد مفارقتها أم كيف يحب مزايلتها هذا أمر لم تجر العادة بـه ولا حدثنا عنـه بل تجد من كان على هذه الصفة أعمى عن طريق الخير أصم عن داعي الرشد قليل الرأي سيء النظر ضعيف الإيمان لم تترك له الدنيا ما يسمع بـه ولا ما يرى الحقائق بواسطته إنما دينـه وشغله وحديثه دنياه لها ينظر ولها يسمع ولها يعطي ولها يأخذ قد ملأت عينـه وقلبه وأذنـه

كما قال القائل
( ملأت قلبه غرورا وفتنـه ... واصمت عن الحقيقة أذنـه )
( ورمت عينـه ببرقة سحر ... طمستها فما يرى ما أجنـه )
( لم تدع فيه مطمعا لسواها ... فهواها لديه فرض وسنة )
( أي خداعة تعلق منـها ... إنـها إنـها وإنـه إنـه )
( فأطرحها فما إخالك إلا ... مثله فالكلام شعر وجنة )
فتجده قد طول أمله ومد المسافة بين يديه فإن كان شابا قال أنا صغير والأيام بين يدي وأين حتى أبلغ ستين سنة أو سبعين سنة وأنا محتاج إلى الزوجة والزوجة تحتاج إلى كذا وكذا وإذا كانت الزوجة كان الولد وكانت البنت واحتاج الولد إلى كذا وكذا واحتاجت البنت أيضا إلى كذا وكذا وهذا كله إنما يكون بالمال وإن لم يكن لي مال لم أصل إلى مرغوب ولم أظفر بمطلوب وإن قعدت عن الطلب احتجت إلى الناس فإذا احتجت إلى الناس احتقرت واستخف بي وجهل قدري كما قال القائل
( والمرء لا يصغر مقداره ... إلا إذا احتاج إلى الناس )
وترى فلانا قد اكتسب وجمع وتزوج وتمتع وظفر بالمراد ووصل إلى ما أراد وفلان كذلك
ولا يقول ترى فلانا كان شابا مثلي وأراد ما أردت وسعى فيما سعيت فمات قبل أن يصل إلى إرادته واختطف قبل أن يحصل على مطلبه
ولا يقول ترى فلانا طلب واجتهد فلما اجتمع له ما اجتمع سرق منـه أو اعتدى عليه فاغتصب أو عطب في رجوعه إلى بلده وانصرافه إلى وطنـه فمات في عطبته وهلك في نكبته
أو ترى فلانا خرج محزونا مسلوبا فقيرا حسيرا

وترى فلانا كذلك وفلانا كذلك
إنما يعرض على نفسه ويجرى على خاطره من بلغ إلى إرادته وصل إلى أمنيته لأن ذلك هو الذي غلب على قلبه وشغف بحديثه فتراه يسعى ويرغب ويحرص ويطلب ويزفر ويكد في حدور وصعود وطلوع وهبوط آناء الليل وآناء النـهار ولا يقر بـه قرار ولا تضمـه في أكثر الأوقات دار وكلما فرغ من شغل أخذ في آخر مما يحتاج إليه بل لا يفرغ من شغل إلا وقد عرضت له أشغال ولا يصل إلى أمل إلا انبعث له آمال
فيمني نفسه بالأماني الباطلة ويحدثها بالأحاديث الكاذبة
فإن وصل إلى حظ من المال ونصيب وافر من الكسب مما يمكن أن يعيش بـه عمره كله أو طعن في السن وقيل له يا فلان أرح نفسك ودع جسمك فهذا الذي عندك يكفيك قال يا أخي لا تقل هذا الليل والنـهار بين يدي ولا يكفيهما قليل ولن يدوما على أحد إلا أذهبا ما في يده وأخذا ما كان عنده ولا يدري ما يكون والآفات كثيرة والإمراض متوقعة والحاجة إلى الناس صعبة لا سيما مع الكبر ولا سيما إن كان الأهل والولد
فيقيم العذر لنفسه ويطلب لها الحجة ويوجد لها الدليل ويصحح لها بز التأويل
فإن ذكر بالموت أو حدث بموت إنسان قال إنا لله وإنا إليه راجعون والله إني لفي غفلة والله إني لفي غرور والله إن هذه لمصيبة لا يدري الإنسان متى يخترم ولا متى يختطف ولا متى تفجؤه المنية وتحل بـه هذه الرزية وتنزل بـه هذه المصيبة
هكذا قولا بلا فعل وكلاما بلا نية ولو كان عن صدق نية وصحة طوية لظهر ذلك عليه وبدت مخايله منـه

وربما وعد نفسه ومناها وطمعها في التوبة ورجاها وقال لو جئت من هذه السفرة أو لو بنيت هذه الدار أو لو جمعت ما كان لي متفرقا أو لو جهزت هذه البنت أو هذا الولد وأدخلته بيته ونظرت له فيما يعيش بـه لتفرغت للنظر لنفسي وقدمت ما أجده في رمسي وكنت من داري إلى مسجدي ومن مسجدي إلى داري ولا أنظر في شيء ولا اشتغل في شيء
فإن جاء من سفرته تجهز لغيرها وإن فرغ من بنيان داره نظر فيما يصلح لها وإن جمع ماله نظر في تفريقه في الوجه الذي ينميه ويزيد فيه وإن جهز ولدا بقي له آخر وإن لم يكن له آخر قال ما تريد تريد أن آكل ما عندي وأرجع إلى ولدي حتى يطعمني ويكسوني ويعولني لا يكون هذا أبدا الموت في القفار ولجج البحار أهون علي من هذا فهو هكذا أبدا لا مع المال ولا دون المال ولا مع الولد ولا دون الولد
يحدث الناس عن الأموات ولا يحدث نفسه أنـه يموت ويشيع جنائزهم ولا يتخيل أن جنازته تشيع ويقدر لنفسه العيش الطويل ولا يقدر لها الموت القريب قد غلب عليه السهو وأطبقه الجهل وسدت عليه الغفلة طرق الإنابة وصرفته عن أسباب الفكرة
كم رأى من إنسان قد أعد ثوبا ليلبسه فكان كفنـه وكم رأى ممن يبني دارا ليسكنـها فكانت قبره وكم رأى من آخر كان يحب الولد ويشتهيه ويتضرع إلى الله عز و جل ويرغب إليه فيه فلما أعطيه ومن عليه بن جمع عليه الرجال وأنفق عليه الأموال وقال العقيقة سنة والنفقة فيها حسنة وربما كانت إلى الإسراف أقرب وإلى التبذير أميل وربما كانت نفقته سببا للمناكر وسلما لبعض المعاصي على روية منـه ومشاهدة لذلك كما جرت العادة في الأعراس والولائم والاجتماعات فيجعل الإسراف شكرا لتلك النعمة والمعصية جزاء لتلك المنة
ولعل الولد يموت بعد ذلك بأيام أو بأشـهر أو بأعوام أو يعيش فيرى فيه من الأمراض والأسقام وأنواع الابتلاء والامتحان ما يود معه أنـه هو لم يكن فكيف ولده هذا أمر مشاهد في العيان موجود بالبرهان ولعله إن شب

وبلغ فيه الأمل ورأي له من العمر ذاك الذي كان أمل صار له أعدى الأعداء وكان منـه أبعد البعداء كما قد سمع بجماعة قتلهم أولادهم ليستعجلوا ميراثهم أو ليصير لهم الملك بعدهم ونعوذ بالله من أمر لا يستخار الله فيه ولا يرد إليه عند تمنيه
وكذلك إن كان صاحب تجارة في سوقه وملتزما في دكانـه إنما هو من الحانوت إلى الدار ومن الدار إلى الحانوت ومن الصباح إلى المصباح ومن البكرة إلى آخر الرواح
وإن كان ممن يصلي في المسجد ويكثر التعاهد له قل ما يخلو فيه مع ربه ويتنصل من ذنبه إنما هو في الحديث مع فلان والضحك مع فلان والسؤال عن أحوال الإخوان وما جرى في البلدان وما اتفق في القديم من الأزمان
وربما أخرجه ذلك إلى الغيبة وكثير من البهتان
وكذلك صاحب الصنعة والضعيف من الحرفة إنما هو في كد وعناء وتعب وشقاء ونصب وبلاء وكده وجهده ولذته وأمنيته أن يكسو ظهره ويشبع بطنـه أو يقوم على عيال أو يغدو على أطفال مع شكايته لربه وتسخطه لحكمـه وتبرم بقضائه وقلة صبره على بلائه ولا يحدث نفسه بموت ولا يخطر بباله زوال ولعله إن ذكر الموت إنما يذكره متمنيا له ليريحه من ذلك العذاب العاجل الذي عذب بـه وذلك البلاء النازل الذي نزل عليه قد شغله ما لقي في الحال عن النظر في المآل وعن التزود من صالح الأعمال فلا هو من أبناء الدنيا المنعمين ولا من طلابها المدركين ولامع الصابرين الراضين الحامدين الشاكرين ولا يزال كل واحد من هؤلاء على حاله مواظبا ولما هو فيه ملازما حتى يموت على ما هو عليه ثم يبقى في البرزخ على ما كان عليه ثم يبعث على ما بقي عليه في البرزخ أو تتغمده الرحمة وتغشاه المنة فيستنقذه ربه تعالى من هذه الغمرات ويأخذ بيده من هذه الهلكات ويجعل له نورا

يمشي بـه في الظلمات على ما يرجى من منته وفضله لا رب غيره ولا معبود سواه
وربما كان الرجل مبخوتا من أول عمره إلى آخره فيولد في نعمة ويتربى في نعمة وينشأ في نعمة تمد عليه ظلالها وتطول من خلفه أذيالها ويجدد عليه في كل حين إسعادها وإقبالها قد صار لوالديه دينا ودنيا فله يقومان وله يقعدان وله يهتمان وله يجمعان وبعينيه ينظران وبأذنيه يسمعان ثم يموتان ويسلمان له تلك النعمة بكمالها ويتركانـها له على حالها لم يسمع له فيها أنين ولا عرق له فيها جبين فيبقى هو على ما كان عليه يمد في تلك النعمة يديه ورجليه ويفتح لها عينيه وأذنيه فما شاء من لذة نال في الحال وأخرى تنتظر في المآل كلما نال لذة سعى في الأخرى وكلما وصل إلى مطلوب نظر في غيره لم يصحب إلا شكله ولا يسمع إلا قوله ولا رأى إلا عمله وفعله فإن ذكر بالتوبة أو خوف بالموت قال دعنا من هذا وحدثنا في غير هذا هذه سنوات الصبا وأيام الشباب ومنازل اللذات ومرتع الأحباب
كما قال القائل فيه وفي أمثاله
( نال أمورا خاب من نالها ... ثم سعى يطلب أمثالها )
( وواقع الذنب فما هاله ... والباذخات الشم قد هالها )
( وقال هذي سنوات الصبا ... فاسحب على رسلك أذيالها )
( وقم إلى خاتم جريالها ... ففضه واستف جريالها )
( ومن يقل في شأننا قولة ... فخلها في فم من قالها )
( أما ترى القضبان ميالة ... فامدد على رأسك ميالها )
( ومر يستهتر في عصبة ... من شكله تصحب أشكالها )
( أولى له ثمت أولى له ... وتلكم العصبة أولى لها )
( يا ويحه من غافل يا له ... وتلكم يا ويحها يا لها )

وأما أكثر الشباب فيقول إذا كبرت تبت والطلق ممتد والميدان عريض ولا يرى هذا البائس أنـه قد شيع إلى الآخرة من كان اصغر منـه سنا وأحدث منـه بالرحم عهدا قد غرته الشبيبة وخدعته الصحة وتمكنت منـه الغرة بما عنده من الثروة والقوة
يقول أنا صحيح ومتى أمرض ومتى أموت ولا يرى المسكين أن الموت في الشباب أكثر وحادثه إليهم فيه أسرع وأن الذي يموت في الهرم قليل وأن الإنسان يموت بغتة وإن لم يمت بغتة مرض بغتة ثم مات كما يروى أن الحسن قيل له إن فلانا مات بغتة فقال ما تعجبكم من ذلك إنـه لو لم يمت بغتة لمرض بغتة ثم مات أما يعلم هذا المسكين المغرور ان الأرض كلها مكان للموت وأن الزمان كله وقت للموت لا يختص من الأرض بمكان دون مكان ولا من الزمان بوقت دون وقت فلا يزال هذا المغرور منكبا على ه مثابرا على لذته غافلا عن يوم صرعته حتى يؤخذ بما تأخر وما تقدم ويلقى صريعا لليدين والفم إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم تبكيه بواك طال ما من حبها أضحكته وتندبه نوادب طال ما قبل ذلك غنته
وفي مثل ذلك قيل
( تندبه نادبة طال ما ... غنته من قبل وغنى لها )
( ولم يكن يخطر ذا باله ... ولم تكن تخطر ذا بالها )
فانظر رحمك الله كيف يقصر مع هذه الأحوال أمل أو يستقيم معها عمل أو كيف يطمع مع هذه الموانع أن يخرج حب الدنيا من القلب أو يقطع علائقها عن النفس أو يخطر بالخاطر ذكر الموت كلا
حب الدنيا في القلب أرسخ وإخراجها منـه أصعب والنفس إليها أميل

وهي بها أشغف وفي طلبها أهلك وأتلف وعن طريق الرشد أبعد وأصرف
وإن حب الدنيا لهو الداء العضال الذي أهلك الرجال وأفسد كثيرا من الأعمال إلا أن تأتي العناية الإلهية والشفاعة الربانية فتصرف الإنسان إلى النظر الصحيح وتحمله على الطريق المستقيم فيرى بعين الحقيقة وصحيح البصيرة أنـه لا بد من الموت وإن طال المدى وامتد الطلق وبعدت الغاية وأنـه يدفن تحت أطباق الثرى ويرمي بـه في ظلمات الأرض ويسلط الدود على جسده والهوام على بدنـه فتأخذه من قرنـه إلى قدمـه وقد عدم الطبيب وأسلمـه القريب وتركه الولي والحبيب وعرض عليه عذاب السعير وأتاه منكر ونكير ولم يجد هنالك أنيسا إلا عمله ولا صاحبا إلا فعله الذي فعله كما قال القائل
( أسلمني الأهل ببطن الثرى ... وانصرفوا عني فيا وحشتا )
( وغادروني معدما يائسا ... ما بيدي اليوم إلا البكا )
( وكل ما كان كأن لم يكن ... وكان ما حاذرته قد أتى )
( وذاكم المجموع والمقتنى ... قد صار في كفي مثل الهبا )
( ولم أجد لي مؤنسا هاهنا ... غير فجور كان لي أو تقى )
( فلو تراني أو ترى حالتي ... بكيت لي يا صاح مما ترى )
وأما الدنيا فينظر إليها فإن كان ملكا نظر إلى من تقدمـه من الملوك وما فعل الدهر بهم كيف فرق جموعهم وشتت جميعهم واقفرت منـهم قصورهم وعمرت بهم حفرهم وقبورهم
وينظر إلى أيام ملكه هل يخلو من عدو يكابده أو منازع يكايده أو قتال يكافحه أو مرض يهجم عليه أو خلط سوء يثور معه
وأنـه كما قيل تمرة بجمرة إن نال لذة تجرع بعدها غصة وإن أتته فرحة غشيته في أثرها ترحة بل ربما كانت الترحات أكثر من الفرحات والداهية

أكثر من العافية وكلما عظم ملكه عظمت همته وامتد أمله وأراد ما لا يمكن وطلب مالا يجد وقد يأتيه النكد من حيث لا يظن ويدخل معه الهم من حيث لا يحتسب ولو من جارية يحبها أو امرأة يشغف بها فيجعلها قبلته ويصفي لها مودته ويخلص لها محبته ويريد منـها مثل ذلك والقلوب قد تتنافر والمزاج ربما يختلف والطباع قد لا تتفق فيرى منـها خلاف الذي يريد ويجد عندها غير الذي يطلب ولا يقدر على معاقبتها لأنـه إن عاقبها إنما يعاقب نفسه وإن آلمـها إنما يؤلم قلبه فتجده يتحمل منـها مالا يتحمل من بعض رعيته فبينما هو ملك إذ قد صار مملوكا وبينما هو رئيس إذ قد عاد مرؤوسا
كما قد سمع وتحقق عن بعض الملوك حتى قال أمير المؤمنين هارون الرشيد وقصته مشـهورة
( ملك الثلاث الآنسات عناني ... وحللن من قلبي بكل مكان )
( مالي تطاوعني البرية كلها ... وأطيعهن وهن في عصيان )
( ما ذاك إلا أن سلطان الهوى ... وبه قوين أعز من سلطاني )
وقد تكون صادقة في محبتها مخلصة في مودتها فيتهمـها في ودادها ولا يصدقها في إخلاصها لشدة كلفه بها وفرط محبته لها لأنـه يتخيل أن عيشـه لا يطيب وسروره لا يتم وفرحه لا يكون إلا بأن تخلص له المودة من قلبها وتحبه من ذات نفسها وقد تكون له كما يريد فيخلع عنانـه معها ويستوي سروره بها فيصاب فيها بمرض أو يفجع فيها بموت فيعود الفرح حزنا والسرور هما
كما يروى في قصة يزيد بن عبد الملك أمير المؤمنين أنـه كان مشغوفا بجارية يقال لها حبابة وكانت قد ملأت قلبه وأطاشت عقله وأذهبت لبه ونزلت من نفسه حيث أرادت وحلت منـه بالمحل الذي شاءت وكان قد نزل منـها بالمكان الذي نزلت منـه

فقال يوما لحاجبه لا تأذن اليوم علي لأحد ولا تخبرني بخبر ولو كان فيه ذهاب ملكي
وخلا بجاريته تلك في مجلس أنسه ومكان سروره ومعه من الدنيا ما يكون مع مثله فبينما هما على ما اشتهيا إذ أخذت حبة رمان فأدخلتها في فيها فشرقت بها فتخبطت حتى خرجت روحها بين يديه
فلا تسأل عن حال يزيد وما طرأ عليه وما حل بـه فقد الصبر والعقل وتوله وتحير وتدله وأكثر الصراخ والبكاء والصياح والعجيج والضجيج ومنع من دفنـها وصد عن مواراتها وأقامت على ذلك الحال أياما حتى تغيرت وأنتنت
فاجتمع إليه بنو أمية وعزوه فيها وصبروه عنـها وسألوه في دفنـها وقالوا له يا أمير المؤمنين هذه فضيحة بنا وسبة علينا وأي فائدة لك في تركها وكم عسى أن تبقى على هذه الحالة وكم عسى أن تدوم على هذه الصفة فلم يزالوا بـه حتى كلمـه النساء ممن يكرم عليه من أهله وسراريه إلى أن أمر بدفنـها وخرج في جنازتها على رجليه
فلما دفنت تمثل على قبرها ببيتين لكثير
( وإن تسل عنك النفس أو تدع الهوى ... فباليأس تسلو عنك لا بالتجلد )
( وكل خليل زارني فهو قائل ... من أجلك هذا هامة اليوم أو غد )
ثم أخرجها من قبرها بعد شـهر وجعل يعانقها ويقبلها فاجتمع عليه أهله وبنو من بني أمية وقالوا له ما هذا يا أمير المؤمنين والله لئن سمع بهذا لتخلعن من ملكك ولينقضن عليك أمرك وليقومن في مقامك هذا غيرك فأقصر عن هذا الهيمان وسكن من ذلك الهيجان ثم لم يزل واجدا عليها محزونا بموتها إلى أن مات ولم يعش بعدها إلا يسيرا وكذلك غيره وغيره ويروى أنـه ما عاش من بعدها إلا تسعة أيام أو نحوها

ويروى أن الهادي أمير المؤمنين كان له جارية تسمى غادر وكانت أحظى من عنده وأغلبهم على قلبه وأملكهم لنفسه وكانت من أحسن الناس وجها وأطيبهم غناء كان إبراهيم الموصلي هو الذي رباها وأدبها وعلمـها وباعها بعشرة آلاف دينار
فبينما الهادي يوما يشرب مع ندمائه وهي تغنيهم من وراء الستارة إذ عرض له فكر وسهو وتغير لون وقطع ال فقال له ندماؤه مالك يا أمير المؤمنين قال وقع في فكري أني أموت وأن أخي هارون يلي الخلافة بعدي ويتزوج جاريتي غادر هذه فقالوا له نعيذك بالله يا أمير المؤمنين ويطيل الله بقاءك ونتقدم نحن وهو بين يديك ونموت قبلك فقال لهم ليس هذا مما يزيل ما في نفسي ثم أمر أن يؤتى برأس هارون ثم رجع عن ذلك وأمر بإحضاره فعرفه بما خطر بباله فاستعطفه هارون وجعل يكلمـه بما يوجب زوال ما في نفسه ويخضع له ويتذلل فلم يقنع بذلك وقال لا أرضى حتى تحلف لي بكل ما أحلفك بـه أني إذا مت لم تتزوج جاريتي هذه غادر قال افعل فأحلفه بكل يمين يحلف بها الناس من طلاق وعتاق وحج راجلا وغير ذلك من الأيمان المؤكدة أنـه لا يتزوجها أبدا فحلف له بجميع ذلك فرضي وسكن ذلك الخاطر عنـه
ثم قام إلى الجارية ودخل عليها الستر فأحلفها بالأيمان المؤكدة من الحج والعتق والصدقة وما يحلف بـه النساء أنـها لا تتزوجه أبدا قال فلم يلبث بعدها إلا شـهرا أو نحوه حتى مات
وولى هارون الخلافة بعده فلما ولي بعث إلى الجارية فخطبها فقالت يا أمير المؤمنين كيف بأيماني وأيمانك قال اكفر عن أيماني وأيمانك وأحج راحلا ففعل وتزوجها فوقعت من قلبه ألطف موقع وشغف بها اشد من شغف أخيه الهادي حتى كانت تسكر وتنام في حجره فلا يتحرك ولا ينقلب حتى تنتبه
فبينما هي ليلة نائمة في حجره إذ انتبهت فزعة مرعوبة فقال لها مالك

فديتك فقالت له رأيت أخاك الهادي الساعة في النوم فأنشدني
( أخلفت وعدي بعد ما ... جاورت سكان المقابر )
( ونسيتني وحنثت في ... أيمانك الكذب الفواجر )
( وحللت في أهل البلى ... وغدوت في الحور الغرائر )
( ونكحت غادرة أخي ... صدق الذي سماك غادر )
( لا يهنك الإلف الجديـ ... ـد ولا تدر عنك الدوائر )
( ولحقت بي قبل الصبا ... ح وصرت حيث غدوت صائر )
قالت ثم ولى عني ولكأنـها مكتوبة في قلبي ما نسيت منـها كلمة
فقال لها هارون هذه أحلام الشيطان فقالت كلا والله يا أمير المؤمنين ثم اضطربت بين يديه وتخبطت حتى خرجت روحها تلك الساعة
ولا تسل عن هارون وما لقي عليها
وكذلك إن لم يكن ملكا وكان وزيرا أو غير ذلك من أصناف الناس وصفاتهم في تقلب الدنيا بهم معلومة وأحوالهم فيها مشـهورة وكل واحد منا يعلم هذا من نفسه ويراه من غيره
وأنـه ليس من إنسان إلا وله شرب من الكدر ونصيب من الهم يقل عند إنسان ويكثر عند آخر فإذا أخذ نفسه بهذه الأفكار وعرض عليها هذا الاعتبار أعرض عن الدنيا ولم يلتفت إليها ولا شغل نفسه بها وتذكر الموت وخاف فجأته ولم يأمن بغتته ولم يسمع إلا وجبته ولا رأى إلا صدمته وصرعته والله تعالى ولي التوفيق بفضله وطوله لا رب غيره ولا معبود سواه
وأنشدوا
( سجعت هذه الة سجعا ... فتذكرت أنت إلفا وربعا )
( لا لشيء إلا لأنك ناس ... مصرعا قد تقدمت فيه صرعى )
( وحديثا من بعده وحديثا ... وحديثا يجري فؤادك دمعا )
( يا جهولا وغافلا وظلوما ... كل هذي جمعن عندك جمعا )
( ما لآمالي انتجعت سناها ... حيث لاحت بروقها حيث تسعى )

( خلب أبرد المناهل ماء ... مـهمل أجذب المراتع مرعى )
( شغلت نفسك اللجوج وأعمت ... منك عينا وأثقلت منك سمعا )
( فتخطيت بالدواء أساة ... لم يروا للدواء عندك نجعا )
( ومحال بأن يرى فيك شحم ... لانتجاع وأنت جسمك ترعى )
واعلم رحمك الله أنـه من كان منتظرا لعقاب أن ينزل بـه من أمير بلدته أو عظيم قريته فإنـه لا يزال متألم القلب مشغول النفس وبحسب النوع الذي يخاف من العقاب يكون ألم قلبه وشغل نفسه بها
فإنـه من توعده الأمير بأن يضربه مائة سوط فإنـه أشغل سرا ممن توعده أن يضربه عشرة أسواط ومن توعده أن يقطع جارحة من جوارحه كان أكثر توجعا ممن توعده بأن يضربه مائة سوط ومن توعده بأن يضرب عنقه كان أشد خوفا ممن وعده بأن يقطع بعض جوارحه وكذلك من توعده بأن يجعل عليه أنواع العذاب ويعاقبه بضروب من العقاب حتى يموت تحتها وتخرج نفسه بها كان أعظم جزعا ممن توعده بضرب عنقه هذا هو المتعارف
فإن وجد إنسان يختار تطويل العذاب ويهون عليه رغبة منـه في الحياة ما بين موته بالعذاب وسرعة موته بالسيف فهذا رجل قد غلب عليه الجزع وملك قلبه الهلع فأطاش لبه وأزال عقله حتى منعه من حسن النظر وأوقعه في سيء الاختيار
وما منا أحد إلا وقد توعد بالقتل لأن الموت قتل في الباطن ألا ترى أنـه يقال قتل فلان فلانا فيقال بم قتله فيقال بسيف أو بسكين أو بخنجر أو خنقه أو غرقه أو بغير ذلك من أنواع القتل والموت كالخنق فهو إذن قتلة من القتلات وإنما جرت العادة بأن يقال قتل فلان إذا قتله مخلوق وقد يقال قتل الله فلانا وهو قد مات من علة أو مات بغتة ولم يكن لمخلوق في ذلك فعل
فقد بان لك إذن أن كل واحد منا ينتظر القتل ولا فرق بين أن يثب عليك إنسان بسيف أو سكين أو خنجر أو بغير ذلك فيقتلك أو يثب عليك

ملك الموت فيقبض روحك
فلو كشف للناس عن أبصارهم فرأوه حين يثب عليك وشاهدوه في الباطن حين يأخذ روحك لما كان بينـه وبين إنسان يقتلك في الظاهر فرق إلا أن الإنسان يحتاج إلى آلة يقتل بها من سيف أو سكين أو غير ذلك والملك لا يحتاج إلى شيء من ذلك
فإن أخذك إنسان وروعك وحبسك للقتل وهددك ثم قتلك فاجعل ذلك الألم الذي تجده من حبسه وترويعه وتهديده كالذي يصيبك من المرض أو مما كان من العلل قبل الموت ثم تموت
ومعلوم أن من الأمراض ما يقوم ألمـه مقام التهديد والوعيد بل منـها ما هو أشد وأشق كوجع الاحتقان ووجع الحصى وغيرهما وقد شوهد من الناس من مات من وجع الحصى ووجع الاحتقان
وليس القتل الذي هو الضرب بشيء على يد مخلوق ولا ما يكون على يد غير المخلوق كالهدم والغرق والحرق وغير ذلك مما يزيد في شدة الموت ويكثر من ألمـه ووجعه لأن هذه كلها أسباب للموت والموت شيء آخر وهو أمر إلهي ينزل بالروح لا يعلم حقيقته إلا الذي ينزل به
قال أبو حامد رحمـه الله اعلم أن شدة الألم في سكرات الموت لا يعرفها على الحقيقة إلا من ذاقها ومن لم يذقها فإنما يعرفها إما بالقياس على الآلام التي أدركها وإما بالاستدلال بأحوال الناس في النزع على شدة ما هم فيه فأما القياس الذي يشـهد له فهو أن كل عضو لا روح فيه لا يحس بالألم فإذا كان فيه الروح أحس فالمدرك للألم هو الروح فمـهما أصاب العضو جرح أو حريق سرى الأثر إلى الروح فبقدر ما يسري إلى الروح يتألم والمؤلم يتفرق على اللحم والدم وسائر الأجزاء فلا يصيب الروح إلا بعض الأثر فإن كان في الألم ما يباشر نفس الروح ولا يلاقي غيره فما أعظم ذلك الألم وما أشده

والنزع عبارة عن مؤلم نزل بنفس الروح فاستغرق جميع أجزائه حتى لم يبق جزء من أجزاء الروح المنتشر في أعماق البدن إلا وقد حل بـه الألم فلو أصابته شوكة فالألم الذي يجده في جزء من الروح يلاقي ذلك الموضع الذي أصابته الشوكة وإنما يعظم أثر الاحتراق لأن أجزاء النار تغوص في سائر أجزاء البدن فلا يبقى جزء من العضو المحرق ظاهرا ولا باطنا إلا وتصيبه النار فيحس بـه في الأجزاء الروحانية المنتشرة في سائر أجزاء اللحم
وأما الجراحة فإنـها تصيب الموضع الذي يمسه الحديد فقط فكان لذلك ألم الجرح دون ألم النار
فألم النزع يهجم على نفس الروح فيستغرق جميع أجزائه فإنـه المنزوع والمجذوب من كل عرق من العروق وعصب من الأعصاب وجزء من الأجزاء ومفصل من المفاصل ومن أصل كل شعرة وبشرة من القرن إلى القدم
فلا تسأل عن كربه وألمـه حتى قالوا إن الموت أشد من ضرب بالسيف ونشر بالمناشير وقرض بالمقاريض لأن قطع البدن بالسيف إنما يؤلم لتعلقه بالروح فكيف إذا كان المتناول المباشر نفس الروح
وإنما يستغيث المضروب ويصيح لبقاء قوة في قلبه وفي لسانـه وإنما انقطع صوت الميت وصياحه من شدة ألمـه وكربه لأن الكرب قد بالغ فيه وتصاعد على قلبه شدة ألمـه وغلب على كل موضع منـه فهد كل جزء وأضعف كل جارحة فلم يترك له قوة الاستغاثة
أما العقل فقد غشيه وشوشـه وأما اللسان فقد أبكمـه وأما الأطراف فقد أضعفها
ويود أن لو قدر على الاستراحة بالأنين والصياح والاستغاثة ولكنـه لا يقدر على ذلك فإن بقيت فيه قوة سمعت له عند نزع الروح وجذبه خوارا وغرغرة من حلقه وصدره وقد تغير لونـه وأربد حتى كأنـه ظهر منـه التراب الذي هو أصل خلقته وقد جذب منـه كل عرق على حياله فالألم منتشر في داخله وخارجه حتى ترتفع الحدقتان إلى أعلى جفونـه ويتقلص اللسان إلى أصله وترتفع

الأنثيان إلى أعالي موضعهما وتخضر أنامله
فلا تسأل عن بدن يجذب منـه كل عرق من عروقه ولو كان المجذوب عرقا واحدا لكان ألمـه عظيما فكيف والمجذوب نفس الروح المتألم وليس هو من عرق واحد بل من العروق كلها
ثم يموت كل عضو من أعضائه تدريجا فتبرد أولا قدماه ثم ساقاه ثم فخذاه ولكل عضو سكرة بعد سكرة وكربة بعد كربة حتى يبلغ بها الحلقوم فعند ذلك ينقطع نظره عن الدنيا وأهلها وينغلق دونـه باب التوبة وتحيط بـه الندامة والحسرة
ويروى أن العبد يقول لملك الموت عند الموت يا ملك الموت أخرني يوما استعتب فيه وأتوب إلى ربي وأعمل صالحا فيقول له فنيت الأيام فلا يوم فيقول أخرني ساعة فيقول فنيت الساعات فلا ساعة فتبلغ الروح الحلقوم فيؤخذ بكظمـه عند الغرغرة فيغلق باب التوبة دونـه ويحجب عنـها وتنقطع الأعمال وتطوى الصحف وتتم الأوقات ويبقي عدد الأنفاس يشـهد فيها المعاينة عند كشف الغطاء فيحد بصره فإذا كان في آخر نفس يدركه ما سبق له من السعادة فتخرج روحه على الإيمان فذلك حسن الخاتمة أو يدركه ما سبق له من الشقاوة فتخرج روحه على الكفر أو الشك وذلك سوء الخاتمة ونعوذ بالله ثم نعوذ بالله
وأنشد بعضهم
( كأني بنفسي على ضعفها ... تجرع رغما كؤوس الردى )
( وقد كشف الله عنـها الغطا ... فحنت هناك لكشف الغطا )
( ومدت إليها يد فظة ... لفظ غليظ شديد القوى )
( فما شئت من نفس ضيق ... وجذب عروق وقطع الحشا )
( ونفس تساق أشد مساق ... فتضغط في لهوات الفتى )
( ولا ع يرتجى دفعه ... ولا قائل ما بـه يفتدى )
( ومالي انتصار ولا لي قرار ... ومالي من حيلة ترتجى )

( فدعني ويومي أبكي له ... فحق ليومي بطول البكا ) وأنشدوا أيضا
( يا ندما أندمـه ليس في ... ذلك من ريب ولا شك )
( إذا أرسي الموت على لبتي ... وحال بين الفك والفك )
( ولم يكن لي عنـه من مخلص ... ولم أكن عنـه بمنفك )
( وحشرجت نفسي في صدرها ... كأنـها تمخض في مسك )
( وكل ما تدريه من نخوة ... في ومن عجب ومن فتك )
( قد عاد ذاكم كله ذلة ... يظل منـها شامتي يبكي )
( وذاكم المال الذي كنت قد ... جمعته من زور ومن إفك )
( قد حيل ما بيني وما بينـه ... وزال عن حكمي وعن ملكي )
( غير تبعات تحملتها ... تكثر من همي ومن معكي )
( فكيف لا أندم أو كيف لا ... ملء جفوني بدم أبكي )
( فيا إلهي والذي جوده ... سال لذي الإخلاص والشك )
( رحماك في واهي القوى بائس ... في عيشـه من حالة ضنك )
( قد حجبته عنك آثامـه ... ورد عن بابك بالصك )
( إن لم ينله عفوك المرتجى ... وتحتويه سعة الملك )
( فاعف إلهي عنـه واغفر له ... واعدل بـه عن هوة الهلك )
( أولا فمن ذا جوده يرتجى ... غيرك أو عن فضله نحكي )
ويروى أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل على مريض فقال إني لأعلم ما يلقى ما فيه عرق إلا ويألم للموت على حدته
وكان علي رضي الله عنـه يحرض على القتال ويقول إن لم تقتلوا تموتوا والذي نفس محمد بيده لألف ضربة بالسيف أهون من موت على فراش

وقال شداد بن أوس الموت أفظع هول في الدنيا والآخرة على المؤمن وهو أشد من نشر المناشير وقرض المقاريض وغلي في القدور ولو أن الميت نشر فأخبر أهل الدنيا بألم الموت لما انتفعوا بعيش ولا التذوا بنوم
ودخل الحسن البصري رحمـه الله على رجل مريض فوجده في سكرات الموت فنظر إليه وقال إن أمرا هذا أوله ينبغي أن يتقى آخره وإن أمرا هذا آخره ينبغي أن يزهد في أوله
ويروى أن النبي صلى الله عليه و سلم كان عنده قدح من ماء عندما نزل بـه الموت فجعل يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه ويقول اللهم أعني على سكرات الموت وروى يدخل يده في الإناء ويمسح بها وجهه ويقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات وفاطمة ابنتيه رضي الله عنـها تقول واكرباه لكربك يا أبتاه وهو يقول لا كرب على أبيك بعد اليوم
ذكره البخاري ومسلم والنسائي وغيرهما ذكر كل واحد منـهم أشياء لم يذكرها صاحب على
وعن عيسى عليه السلام أنـه قال يا معشر الحواريين ادعوا الله لي أن يهون علي هذه السكرة يعني الموت فقد خفت من الموت مخافة أوقعني خوفي من الموت على الموت
وعن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنـه قال إذا بقي على المؤمن نم ذنوبه شيء لم يبلغه بعمله شدد عليه الموت ليبلغ بسكرات الموت وشدائده درجته في الجنة وإن الكافر إذا كان قد عمل معروفا في الدنيا هون عليه الموت ليستكمل ثواب معروفه في الدنيا ثم يصير إلى النار
وكان عمرو بن العاص رضي الله عنـه يقول لوددت أني رأيت رجلا لبيبا حازما قد نزل بـه الموت فيخبرني عن الموت فلم نزل بـه الموت قيل له يا أبا عبد الله قد كنت تقول في حياتك وددت أني رأيت رجلا لبيبا حازما قد نزل به

الموت يخبرني عن الموت وأنت ذلك الرجل اللبيب الحازم وقد نزل بك الموت فأخبرنا عنـه
فقال أجد كأن السموات أطبقت على الأرض وأنا بينـهما وكأن نفسي يخرج من ثقب إبره وكأن غصن شوك يجر من هامتي إلى قدمي
ويروى عن مكحول رحمـه الله عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال لو أن شعرة من شعرات الميت وضعت على أهل السموات والأرض لماتوا بإذن الله تعالى لأن في كل شعرة من الميت الموت ولا يقع الموت على شيء إلا مات
وأنشدوا
( ماذا تؤمل والأيام ذاهبة ... ومن ورائك للآمال قطاع )
( وصيحة لهجوم الموت منكرة ... صمت لوقعتها الشنعاء أسماع )
( وغصة بكؤوس أنت شاربها ... لها بقلبك آلام وأوجاع )
( يا غافلا وهو مطلوب ومتبع ... أتاك سيل من الفرسان دفاع )
( خذها إليك طعانا فيك نافذة ... تعدي الجليس وأمر ليس يسطاع )
( إن المنية لو تلقى على جبل ... لأصبح الصخر منـه وهو مياع )
ويروى أن إبراهيم الخليل عليه السلام لما مات قال الله عز و جل له كيف وجدت الموت قال كسفود جعل في النار ثم أدخل في صوف رطب ثم جذب فقال الله تعالى أما إنا لقد هوناه عليك يا إبراهيم
ويروى عن موسى عليه السلام أنـه لما صارت روحه إلى الله تعالى قال له يا موسى كيف وجدت الموت فقال وجدت نفسي كالعصفور حين يلقى في المقلى لا يموت فيستريح ولا ينجو فيطير
ويروى عنـه أنـه قال وجدت نفسي كشاة حية بيد القصاب تسلخ
وقال عمر رضي الله عنـه لكعب الأحبار يا كعب حدثنا عن الموت

فقال نعم يا أمير المؤمنين كغصن كثير الشوك أدخل في جوف رجل فأخذت كل شوكة بعرق ثم جذبه رجل شديد الجذب فأخذ ما أخذ وأبقى ما أبقى
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال تحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج فإنـهم كانت فيهم أعاجيب ثم أنشأ يحدث قال خرجت طائفة فأتوا مقبرة من مقابرهم فقالوا لو صلينا ركعتين ودعونا الله تعالى أن يخرج لنا بعض الأموات فيخبرنا عن الموت قال ففعلوا فبينما هم على ذلك إذ أطلع رجل رأسه من قبر وبين عينيه أثر السجود فقال يا هؤلاء ما أردتم إلي فوالله لقد مت منذ مائة سنة وما سكنت عني حرارة الموت حتى الآن فادعوا الله أن يعيدني كما كنت
وفي الخبر أن العبد الصالح ليعالج سكرات الموت وكروبه وإن مفاصله ليسلم بعضها على بعض يقول عليك السلام لا نجتمع إلى يوم القيامة
وأما مشاهدة صورة ملك الموت وما يدخل في القلب منـه من الروع والفزع فهو أمر لا يعبر عنـه لعظم هوله وفظاعة رؤيته ولا يعلم حقيقة ذلك إلا الذي يشاهده ويطلع عليه وإنما هي أمثال تضرب وحكايات تحكى
يروى أن إبراهيم الخليل عليه السلام قال لملك الموت هل تستطيع أن تريني الصورة التي تقبض بها روح الفاجر فقال لا تطيق ذلك قال بلى قال فأعرض عني ف'رض عنـه ثم التفت فإذا هو برجل أسود الثياب قائم الشعر منتن الريح يخرج من فيه ومناخره لهب النار والدخان قال فغشي على إبراهيم عليه السلام ثم أفاق وقد عاد ملك الموت إلى صورته الأولى فقال يا ملك الموت لو لم يلق الفاجر عند موته إلا رؤية وجهك لكان ذلك

حسبه
ونظر إبراهيم الزيات رحمـه الله إلى أناس يترحمون على ميت فقال لو تترحمون على أنفسكم لكان خيرا لكم إن ميتكم قد نجا من أهوال ثلاثة وجه ملك الموت وقد رآه ومرارة الموت وقد ذاقها وخوف الخاتمة وقد أمنـها
ويروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنـهما أنـه قال إذا قبض ملك الموت روح العبد قام على عتبة بابه ولأهل البيت ضجة فمنـهم الضاربة وجهها ومنـهم الناشرة شعرها ومنـهم الداعية يا ويلها فيقول ملك الموت فيم هذا الجزع فوالله ما انتقصت لأحد منكم عمرا ولا أخذت لأحد منكم رزقا ولا ظلمت أحدا منكم حقا فإن كانت شكايتكم وتسخطكم علي فإني والله مأمور وإن كانت على ميتكم فإنـه مقهور وإن كانت من ربكم فأنتم بـه كفرة ولي فيكم عودة ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحدا
قال فلو سمعوا كلامـه ورأوا مكانـه لشغلوا عن ميتهم وبكوا على أنفسهم
وأنشد بعضهم
( بكى لأن مات ميت من عشيرته ... وقال واحربا وصاح يا هربا )
( وبات فوق حشاه للأسى لهب ... إذا أراد خبوا فار والتهبا )
( ولو رأى بصحيح العقل حين رأى ... وكشف الله عنـه للهوى حجبا )
( لما رأى الدهر ميتا أو أحس بـه ... إلا بكى نفسه المسكين وانتحبا )
( ومن رأى السمر في جنبيه شارعة ... أنى يراها بجنب ناء أو قربا )
( وطلعة الموت أن تطلع على أحد ... أرته في نفسه من هولها عجبا )
ولعلك تقول قد ذكرت من هول الموت وشدته وكربه وغصته وأنـه أشد من نشر بالمناشير وقرض بالمقاريض وأن هو أنـه وقد شاهدنا من بعض

الأموات ما يدل على أن الموت ليس كما وصفت وأنـه إنما هو كأس يسهل على إنسان ويصعب على آخر وقد رأينا من الأموات من يتحدث فيوصي ويشـهد بماله وبما عليه ونفسه تخرج من قدميه إلى صدره أو إلى حلقه وهو على حاله في وصيته وإشـهاده وربما ظن من رآه فجأة أنـه لا بأس عليه ولا موت عنده ثم يموت كذلك وما هذه صفة من ينشر بالمناشير ويقرض بالمقاريض ويفعل بـه ويفعل بـه ولو كان كذلك لمنعه ألم النشر ووجع القرض وكرب الموت عن الكلام والإشـهاد وعن الوصية بأن يدفن في موضع كذا وكذا وأن يكفن في ثوب كذا وكذا
ولو كان كما قلت فقد رأينا من سرعة خروج بعض الأرواح ما لو كان في الميت أضعاف ما قلت من الشدة لما كان يبالي في ذلك لسرعة خروج روحه وعجلة استلابها
نعم للموت عند الأكثر مقدمات من الآلام والأمراض والأسقام يبلغ منـه المبالغ قبل الموت ثم يموت وقد تنزل تلك الأمراض والإسقام بآخر فتشرف بـه على اليقين وتريه المنون قبل المنون ثم تقلع عنـه فلا يبقى لها أثر وكأنـه ما سمع لها بخبر
فأقول صدقت والأمر كما قلت وقد شوهد في بعض الأموات ما ذكرت وقد علم أن الموت يهون على بعض الناس ويسهل عليه وبعضهم أو أكثرهم يشدد عليه ويغص بـه فمن أي الفريقين أنت ممن يهون عليه أو ممن يصعب عليه فلا بد لك من أن تشرب بأحد الكأسين وترمى بأحد السهمين لا بد لك من ذلك فما الذي يؤمنك أن تطعم أضره وتسقى أمره وتصلى أشقه وأحره ما الذي أمنك من هذا وكيفما كان فالموت شربه كريه وكأس مرة حتى إن الإنسان لو عرض عليه ه من الجنة وقيل له تموت ثم تصير إليه ربما انقبض عن ذلك وان جمع عندما يذكر له الموت
كما روى عن سهل بن عبد الله التستري رحمـه الله أن وليا من أولياء الله عز و جل تبدي له ملك الموت فأخبره برضا الله عز و جل عنـه وبشره بالجنة وأنـه يموت في وقت قريب حده له

قال سهل فقلت له كيف وجدت نفسك عند ذكر الموت فقال أصابتني قشعريرة ثم مات الرجل في الوقت الذي حد له
وقد تقدم لك أن النبي كان عند الموت يدخل يده في قدح فيه ماء ويمسح بـه وجهه ويقول اللهم هون علي سكرات الموت
وقال عمر بن صبيح السعيدي رأيت عبد العزيز بن سليمان العابد في منامي بعد موته وعليه ثياب خضر على رأسه إكليل من لؤلؤ فقلت له يا أبا محمد كيف كنت بعدنا وكيف وجدت طعم الموت وكيف وجدت الأمر هناك فقال أما الموت فلا تسأل عن شدة كربه وغمـه ولكن رحمة الله تعالى سترت منا كل عيب وما نلتها إلا بفضله
وأيضا فإنك لا تدري بما تسمع نغمة الملك الوارد عليك من ربك ولا بماذا يبشرك ولا بد لك من إحدى البشريين والإعلام بمنزلك الذي كتب لك من إحدى الدارين ولا بد لك من أن يقرع سمعك قوله إما يا ولي الله أبشر بالجنة وإما يا عدو الله أبشر بالنار
وهذا هو الذي قطع قلوب الخائفين وأسال عبرات التائبين وأسهر ليالي العابدين
وإن كنت من جملة الخاطئين وأصحاب الكبائر من المسلمين فلا بد أن يفتح لك الباب الذي تلج منـه ويظهر لك العمل الذي تسأل عنـه
وقد تقدم الحديث الصحيح عن الله عز و جل إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه وإذا كره عبدي لقائي كرهت لقاءه
وإن هذه المحبة وهذه الكراهية لا تكون إلا عند الموت ذكرت ذلك عائشة رضي الله عنـها وهذا موضع ذكرى تتفتت لها الأعضاد وتتصدع لها الأكباد
وسأذكر لك جملة من كلام المرضى والمحتضرين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الصالحين وغيرهم من المغترين والجهلة المخدوعين لعله يحرك منك ساكنا ويخوف منك آمنا ويشغلك بعون الله ظاهرا وباطنا

ويروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنـه أنـه مرض فقيل له ألا ندعو لك طبيبا فقال قد رآني فقالوا وأي شيء قال لك قال قال إني فعال لما أريد
ومرض أبو الدرداء رضي الله عنـه فقالوا له أي شيء تشتهي قال الجنة قالوا ندعو لك طبيبا قال الطبيب أمرضني فقال له رجل من أصحابه يا أبا الدرداء أتشتهي أن أسامرك الليلة فقال أبو الدرداء أنت معافى وأنا مبتلى فالعافية لا تدعك أن تسهر والبلاء لا يدعني أن أنام أسأل الله الذي لا إله إلا هو أن يهب لأهل العافية الشكر ولأهل البلاء الصبر
ولما اشتد المرض على عمر بن عبد العزيز جاءوه بطبيب فلما دخل عليه ورآه قال إنـه قد سقي السم ولا آمن عليه الموت فرفع بصره عمر وقال لا يؤمن أيضا الموت على من لم يسق السم فقال الطبيب وهل أحسست بذلك يا أمير المؤمنين فقال نعم عرفت ذلك حين وقع في بطني قال تعالج يا أمير المؤمنين فإني أخاف أن تذهب نفسك فقال عمر ربي تبارك وتعالى خير مذهوب إليه والله لو علمت أن شفائي عند شحمة أذني ما رفعت إليه يدي اللهم خر لعمر في لقائك فلم يلبث إلا أياما قلائل حتى مات رضي الله عنـه
ومرض الربيع بن خثيم رضي الله عنـه فقالوا له ألا ندعو لك طبيبا فتفكر وقال أين عاد وثمود وأصحاب الرس وقرون بين ذلك كثير قد كانت فيهم الأدواء والأطباء فلا أرى المداوي بقي ولا المداوي كل قد قضى ومضى والله لا أدعو لي طبيبا أبدا
وذكر ابن جهضم في كتابه عن أبي يعقوب يوسف بن أحمد قال خرجت إلى مكة على طريق البصرة ومعي جماعة فقراء وفيهم شاب كنت أميل إليه لحسن سمته ومراعاة حاله واشتهاره بذكر ربه وكثرة مناجاته

وتملقه فلما وصلنا إلى المدينة شرفها الله تعالى مرض مرضا شديدا وانفرد عنا فسرت إليه مع جماعة من أصحابنا نتعرف خبره فلما رأينا شدة ما بـه قال بعضنا لو أحضرنا له طبيبا ينظر إليه ويرى علته فلعله يكون عنده دواء فاستمع الشاب مقالته فتبسم من ذلك وقال يا مشايخي ويا أحبابي ما أقبح المخالفة بعد الموافقة من أراد الله له حالا وأراد هو غيرها أليس قد خالف الله في إرادته قال أبو يعقوب فخجلنا من كلامـه فنظر إلينا وقال لو علمتم داء القتيل لطلبتم لدائه دواء إن الأمراض والأسقام فيها تطهير وتكفير وتذكير ودواء القتيل مشاهدة النفس وموافقة الهوى
ثم أنشأ يقول
( بيد الله دوائي ... وبعلم الله دائي )
( إنما أظلم نفسي ... باتباعي لهوائي )
( كلما داويت دائي ... غلب الداء دوائي )
فقمنا من عنده وتركناه يريد بقوله داء القتيل الداء الذي يقتل صاحبه وهو اتباع الهوى
وقيل لحسان بن أبي سنان في مرضه كيف تجدك قال أجدني بخير إن نجوت من النار
وقال بعض الصالحين دخلنا على مغيرة الخراز وهو مريض فقلنا له كيف تجدك فقال أجدني موقرا بالآثام فقلنا له فما تشتكي قال الحسرة على طول الغفلة قلنا فما تشتهي قال الإنابة إلى ما عند الله والنقلة عما يكرهه الله قال فبكى القوم جميعا
ودخل الحسن البصري على عطاء السلمي وهو مريض فوجده قد علاه الغبار والصفار فقال يا عطاء لو خرجت إلى صحن الدار فكان يضربك

الهواء فتجد له راحة فقال له يا أبا سعيد وبهذا تأمرني إني لأستحي من الله عز و جل أن أخطو خطوة في راحة بدني
وقال منصور دخلت على عطاء السلمي بعد هذا أعوده وهو مريض فرأيته يتبسم فعجبت من ذلك فكأنـه فهم عني
فقال أتعجب يا ابن أخي فقلت وكيف لا أعجب فقال وكيف لا اضحك وقد دنا فراقي ممن كنت أخافه وأحذره ودنا قدومي على خالق كنت أرجوه وآمله أتجعل مقامي مع مخلوق أخافه كقدومي على خالق أرجوه قال هذا قبل أن يحضره وينزل بـه الموت
قال أحمد بن أبي الحواري دخلت على بعض المتعبدين وهو مريض فقلت كيف تجدك فقال بحال شريفة أسير كريم حبيس جواد مع أعوان صدق والله لو لم يكن لي مما ترون عوضا إلا ما أودع قلبي من محبته لكنت خليقا أن أدوم على الرضى عنـه وما الدنيا وما غاية البلاء فيها هل هو إلا ما ترون من هذه العلة ويوشك إن اشتد بي الأمر أن يدخلني إلى سيدي ولنعمت العلة رحلت بمحب إلى محبوب قد أحزنـه طول التخلف عنـه
ويروى أن مالك بن دينار رحمـه الله دخل على شاب يعوده فوجده خيالا على فراشـه كالشن البالي فسأله عن حاله فلم يستطع الجواب بلسانـه فأشار بطرفه فبينما نحن كذلك إذا بصوت المؤذن فسمعناه يقول كما يقول المؤذن ويشير بأصبعه عند الشـهادتين ثم أمر ولده فوضاه ثم أمره أن يوجهه إلى القبلة ليصلي راقدا بالإيماء ثم قال يا مالك البلاء منـه سبحانـه راحة مع بقاء الإيمان يا مالك ن لا تعد وبلاؤه واحد قال مالك فتعجبت من يقينـه وصبره وصدق وفائه وخالص محبته فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات رحمـه الله
وقال عبد الله بن عتبة عدت رجلا مريضا فلما قعدت عنده قلت له كيف تجدك فقال

( خرجت من الدنيا وقامت قيامتي ... غداة أقل الحاملون جنازتي )
( وعجل أهلي حفر قبري وصيروا ... خروجي وتعجيلي أجل كرامتي )
( كأنـهم لم يعرفوا قط صورتي ... غداة أتى يومي علي وساعتي )
ولما احتضر أبو بكر الصديق رضي الله عنـه جاءته ابنته عائشة أم المؤمنين رضي الله عنـها فلما رأته تمثلت بهذا البيت
( لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر )
فكشف أبو بكر عن وجهه وقال ليس كذلك ولكن قولي وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منـه تحيد
ثم قال في كم كفن رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت في ثلاثة أثواب بيض سحولية فقال أبو بكر خذوا هذا الثوب لثوب كان عليه قد أصابه مسك أو زعفران فاغسلوه ثم كفنوني فيه مع ثوبين آخرين وكان ثوبا خلقا فقالت عائشة رضي الله عنـها ما هذا تريد أنـه خلق فقال أبو بكر الحي أحوج إلى الجديد من الميت إنما هذه للمـهل يريد الصديد والقيح ثم سمع منشدا في البيت ينشد
( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل )
فالتفت إليه أبو بكر رضي الله عنـه وقال ذاك رسول الله صلى الله عليه و سلم وصدق أبو بكر فهذا البيت قاله أبو طالب عم رسول الله في قصيدته التي مدح بها رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال فيها
( وما ترك قوم لا أبالك سيدا ... يحوط الذمار غير ذرب مواكل )
( وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل )

( يلوذ بـه الهلاك من آل هاشم ... فهم عنده في رحمة وفواضل )
كذا قال أبو طالب يلوذ بـه الهلاك من آل هاشم ولم يدر أنـه صلى الله عليه و سلم يلوذ بـه الهلاك من بني آدم
( ويروى عن سعيد بن المسيب رضي الله عنـه أنـه قال لما احتضر أبو بكر الصديق رضي لله عنـه أتاه ناس من أصحابه فقالوا له يا خليفة رسول الله إنا نراك ألم بك فأوصنا بوصية وزودنا منك بموعظة فقال من قال هذه الكلمات ثم مات جعل الله روحه في الأفق المبين فقالوا وما الأفق المبين قال قاع بين يدي العرش فيه رياض وأشجار وانـهار فمن قال هذا القول جعله الله في ذلك المكان
اللهم إنك ابتدأت الخلق من غير حاجة بك إليهم ثم جعلتهم فريقا للنعيم وفريقا للسعير فاجعلني للنعيم ولا تجعلني للسعير اللهم إنك خلقتهم وميزتهم قبل أن تخلقهم فجعلت منـهم شقيا وسعيدا وغويا ورشيدا فلا تشقني بمعاصيك اللهم إنك علمت ما تكسب كل نفس قبل أن تخلقها ولا محيص لهم مما علمت فاجعلني ممن تستعمله بطاعتك اللهم إن أحدا لا يشاء إلا ما تشاء فاجعل مشيئتي أن أشاء ما يقربني إليك اللهم إنك قدرت حركات العباد فلا يتحرك شيء إلا بإذنك فاجعل حركاتي في تقواك اللهم إنك خلقت الخير والشر وجعلت لكل واحد منـهما عاملا يعمل بـه فاجعلني من خير القسمين اللهم إنك خلقت الجنة والنار وجعلت لكل واحدة منـهما أهلا فاجعلني من ساكني جنتك اللهم إنك أردت الضلال بقوم وضيقت بـه صدورهم فاشرح صدري للإيمان وزينـه في قلبي اللهم إنك دبرت الأمور فجعلت مصيرها إليك فأحيني حياة طيبة وقربني إليك زلفى اللهم من أصبح وأمسى ثقته ورجاؤه غيرك فأنت ثقتي ورجائي ولا حول ولا قوة إلا بك
قال أبو بكر وهذا كله في كتاب الله عز و جل
وقال الشعبي رحمـه الله لما طعن عمر رضي الله عنـه أتي بلبن فشرب منـه

فخرج اللبن من طعنته فقال الله أكبر وعلم أنـه يموت فجعل جلساؤه يثنون عليه خيرا فقال وددت أن أخرج من الدنيا كفافا كما دخلت لا علي ولا لي والله لو كان لي اليوم ما طلعت عليه الشمس لافتديت بـه من هول المطلع
ولما احتضر غشي عليه ورأسه في الأرض فوضع ابنـه عبد الله رأسه في حجره فلما أفاق قال له ضع رأسي على الأرض كما أمرتك فقال له ابنـه يا أبت وهل الأرض وحجري إلا سواء قال ضع رأسي على الأرض كما أمرتك فوضعه
قال فمسح خديه بالتراب ثم قال ويل لعمر ويل لعمر ويل لأم عمر إن لم يغفر الله لعمر فإذا قضيت فأسرعوا بي إلى حفرتي فإنما هو خير تقدمونني إليه أو شر تضعونـه عن رقابكم
ولما احتضر عثمان بن عفان رضي الله عنـه جعل يقول ودمـه يسيل لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين اللهم إني أستعين بك على أموري وأسألك الصبر على بلائي
ولما احتضر سلمان الفارسي رضي الله عنـه بكى فقيل له ما يبكيك قال والله ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ولكن عهد عهده إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب فلما مات نظر في جميع ما ترك فإذا قيمته ثلاثون درهما وقد كان أميرا على المدائن مدائن كسرى
ويروى أن امرأته قالت وهو في الموت واحزناه فقال سلمان بل واطرباه غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه
ومثل هذا الققول يرولاى أيضا عن بلال رضي الله عنـه أنـه قال عند موته غدا نرى الأحبة محمدا وحزبه
ويروى أن عمرو بن العاص رضي الله عنـه لما دنا منـه الموت دعا بحرسه ورجاله فلما دخلوا عليه قال هل تغنون عني من الله شيئا قالوا لا قال فافترقوا عني ثم دعا بماء فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم قال احملوني إلى المسجد

ففعلوا فقال استقبلوا بي القبلة ففعلوا فقال اللهم إنك أمرتني فعصيت وائتمنتني فخنت وحددت لي فتعديت اللهم لا بريء فأعتذر ولا قوي فأنتصر بل مذنب مستغفر لا مصر ولا مستكبر ثم قال لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فلم يزل يرددها حتى مات
وقوله لحرسه ورجاله هل تغنون عني من الله شيئا إنما فعل ذلك تصغيرا لنفسه وتحقيرا وليريها رؤية مشاهدة أن الذين كانوا يغنون عنـه في الدنيا لا يغنون عنـه عند نزول الموت شيئا
ويروى أن ابنـه عبد الله قال له يا أبت ما كنت أظن أن ينزل بك أمر من الله إلا صبرت عليه فقال يا بني نزل بأبيك ثلاث خصال فراق أحبته وانقطاع أمله والثالثة هول المطلع ثم قال اللهم إنك أمرت فتوانيت ونـهيت فعصيت اللهم من شيمتك العفو والتجاوز
ولما حضرت معاوية بن أبي سفيان الوفاة رضي الله عنـه قال أقعدوني فأقعدوه فجعل يذكر الله تعالى ويسبحه ويقدسه ثم قال الآن تذكر ربك يا معاوية بعد الانحطام والانـهدام ألا كان ذلك وغصن الشباب نضير ريان وبكى حتى علا بكاؤه ثم قال
( هو الموت لا منجى من الموت والذي ... أحاذر بعد الموت أدهى وأفظع )
ثم قال يا رب ارحم الشيخ العاصي ذا القلب القاسي اللهم أقل العثرة واغفر الزلة وجد بحلمك على من لم يرج غيرك ولا وثق بأحد سواك ثم قال لابنـه يزيد يا بني إذا وفى أجلي فاعمد إلى المنديل الذي في الخزانة فإن فيه ثوبا من أثواب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقراضة من شعره وأظفاره فاجعل الثوب مما يلي جسدي واجعل أكفاني فوقه واجعل القراضة في فمي وأنفي وعيني فإن نفعني شيء فهذا فإذا جعلتموني في قبري فخلوا معاوية وأرحم الراحمين
ويروى أنـه قال في جملة ما قال يا ليتني كنت رجلا من سائر قريش بذي طوى ولم أل من هذا الأمر شيئا
ولما حضرت أبا هريرة الوفاة بكى فقيل له ما يبكيك فقال يبكيني بعد

المفازة وقلة الزاد وضعف اليقين والعقبة الكؤود التي المـهبط منـها إما إلى الجنة وإما إلى النار
ولما حضرت حذيفة بن اليمان الوفاة قال اللهم إني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنـهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر وقيام الليل ومكابدة الساعات ومزاحمة العلماء في حلق الذكر ولما اشتد بـه النزع جعل كلما أفاق من غمرة فتح عينيه وقال يا رب شد شداتك واخنق خنقاتك فوعزتك إنك لتعلم أني أحبك
ومثل هذا يروى عن محمد بن المنكدر رضي الله عنـه أنـه لما نزل بـه الموت بكى فقيل له ما يبكيك فقا ل ما أبكي حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت ولكن أبكي على ما يفوتني من ظمأ الهواجر وقيام ليالي الشتاء
وكذلك يروى عن عامر بن قيس
وقال أنس بن مالك رضي الله عنـه لما حضر وقد نزل بـه الموت ليعاين الناس غدا من عفو الله وسعة رحمته ما لم يخطر على قلب بشر
كشف له رضي الله عنـه عن سعة رحمة الله وكثرة عفوه وعظم تجاوزه ما أوجب أن قال هذا
ولما دنت الوفاة من عمر بن عبد العزيز رحمـه الله بكى فقيل له ما يبكيك يا أمير المؤمنين أبشر فقد أحيا الله تبارك وتعالى بك سنة وأظهر عدلا فبكى ثم قال أليس أوقف ثم أسأل عن هذا الخلق والله لو عدلت فيهم لخفت أن لا تقوم نفسي بحجتها عند الله تعالى إلا أن يلقنـها حجتها ويثبتها فكيف بكثير مما ضيعت ثم بكى
ويروى عن فاطمة بنت عبد الملك بن مروان امرأة عمر بن عبد العزيز هذا أنـها قالت كنت أسمع عمر بن عبد العزيز في مرضه الذي مات فيه يقول اللهم أخف عليهم موتي ولو ساعة من نـهار فلما كان اليوم الذي مات فيه خرجت من عنده فجلست في بيت قريب منـه بيني وبينـه باب فسمعته يقول

( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )
ثم بعد ذلك هدأ فلم أسمع له حركة ولا كلاما فقلت لو صيف لنا انظر إلى أمير المؤمنين ما صنع فلما دخل عليه صاح فأسرعت إليه فإذا هو ميت رحمـه الله
ويروى أنـه لما قرب موته قال أجلسوني فلما أجلسوه قال اللهم أنا الذي أمرتني فقصرت ونـهيتني فعصيت قالها ثلاث مرات فإن عفوت فقد مننت وإن عاقبت فما ظلمت ثم قال لكن أرجو خيرا بقولي لا إله إلا الله محمد رسول الله
ثم أحد النظر فقيل له في ذلك فقال أرى حضرة ما هم بإنس ولا جان ثم خرج من كان عنده فلم يلبث إلا قليلا حتى مات رضي الله عنـه
ويروى أنـه قيل له وقد اشتد مرضه أوصنا يا أمير المؤمنين فقال أحذركم هول مصرعي هذا
ويروى أنـه دخل عليه قبل أن يموت بأيام ابن أبي زكريا أو أحد الفقهاء فتذاكرا الآخرة فبكى عمر وبكى الرجل ثم دعوا الله جميعا وسألاه أن يقبضهما إليه جميعا فجاء ابن صغير لعمر يدب فقال عمر وهذا معنا فإني أحبه فماتوا ثلاثتهم قريبا أو في جمعة واحدة
ويروى عن عبد الملك بن مروان أنـه لما حضره الموت نظر في موضع له مشرف إلى رجل وبيده ثوب وهو يضرب بـه المغسلة فقال يا ليتني كنت مثل هذا الرجل أعيش من كسب يدي يوما بيوم ولم أل من هذا الأمر شيئا
وقال له رجل كيف تجدك يا أمير المؤمنين قال تجدني كما قال الله تبارك وتعالى ( ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم )
ويروى أنـه قال عند موته أيضا يذم الدنيا إن طويلك لقصير وإن كبيرك

لصغير وإن كنا منك لفي غرور
ولما حضرت الوفاة أبا جعفر المنصور أمير المؤمنين تمثل بهذه الأبيات
( المرء يأمل أن يعيـ ... ـش وطول عيش قد يضره )
( تبلى بشاشته ويبـ ... ـقى بعد حلو العيش مره )
( وتحزنـه الأيام حتـ ... ـى لا يرى شيئا يسره )
( كم شامت بي أن هلكـ ... ـت وقائل لله دره )
ثم قال للربيع هذا السلطان لا سلطان من يموت ثم قال اللهم إني ارتكبت الجرائم من الذنوب جرأة عليك وأطعتك في أحب الأشياء إليك شـهادة إن لا إله إلا الله منا منك لا منا عليك اللهم اجعل ذلك قربة لي عندك ثم مات من ساعته
وعن محمد بن منصور البغدادي قال دخلت على عبد الله بن طاهر وهو في سكرات الموت فقلت السلام عليك أيها الأمير فقال لا تسمني أميرا وسمني أسيرا ولكن أكتب عني بيتين ما أراهما إلا آخر بيتين أقولهما ثم أنشأ يقول :
( بادر فقد أسمعك الصوت ... إن لم تبادر فهو الفوت )
( من لم تزل نعمته قبله ... زال عن النعمة بالموت )
ولما نزل الموت بهشام بن عبد الملك أمير المؤمنين نظر إلى أولاده وأهله يبكون حوله فقال لهم جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم عليه بالبكاء وترك لكم هشام ما جمع وتركتم عليه ما اكتسب ما أعظم منقلب هشام وما أسوأه إن لم يغفر الله له
وكان أمير المؤمنين هارون الرشيد ينتقي أكفانـه بيده وينظر إليها ويقول ما أغني عني ماليه هلك عني سلطانيه
ويروى عن الأصمعي أنـه قال دخلت على هارون الرشيد فرأيته ينظر في الكتاب ودموعه تسيل على خديه فوقفت حتى سكن وحانت منـه التفاتة فنظر إلي وقال اجلس ثم رمى بالقرطاس إلي فإذا فيه شعر لأبي العتاهية

( الخلق مختلف جواهره ... ولقل ما تزكو سرائره )
( ولقل من تصفو إرادته ... وصح باطنـه وظاهره )
( الناس في الدنيا ذوو ثقة ... والدهر مسرعة دوائره )
( والموت لو صح اليقين بـه ... لم ينتفع بالعيش ذاكره )
( لا خير في الدنيا لذي بصر ... عميت لما فيها نواظره )
( وسبيلنا في الموت واحدة ... يتلو أكابره أصاغره )
( من كان للصالحات مدخرا ... فستستبين غدا ذخائره )
( يا من يريد الموت مـهجته ... لا شك مالك لا تبادره )
( هل أنت معتبر بمن خربت ... منـه العداة معا دساكره )
( وبمن أذل الدهر مصرعه ... فتبرأت منـه عشائره )
( وبمن خلت منـه أسرته ... وبمن خلت منـه منابره )
( درست محاسن وجهه ونفى ... عنـه النعيم ثرى يباشره )
( أين الملوك وأين غيرهم ... صاروا مصيرا أنت صائره )
( يا مؤثر الدنيا للذته ... والمستعد لمن يفاخره )
( نل ما بدا لك أن تنال من الد ... نيا فإن الموت آخره )
ثم قال الرشيد والله لكأني المخاطب بهذا دون الناس قال فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات
وقال أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي رحمـه الله لما اشتدت علة هارون الرشيد وسار إلى طوس هون الأطباء عليه علته وحقروا أمرها فأرسل ماءه في قارورة مع جملة قوارير فعرضت على متطبب فارسي كان هناك فجعل ينظر إليها قارورة قارورة ويقول ما يقول حتى أتى على القارورة التي فيها ماء هارون الرشيد فنظر فيها فقال عرفوا صاحب هذا الماء أنـه هالك بعد ثلاث فمروه فليوص فأنـه لا برء له من علته هذه فأتى الغلام هارون فقال له ما قال لك فجمجم الغلام ولم يبين فعزم عليه فأخبره بما قال وقال قال عرفوا صاحب هذا الماء أنـه هالك بعد ثلاث فبكى هارون بكاء شديدا وتمايل على فراشـه

وجعل ينشد
( إن الطبيب بطبه ودوائه ... لا يستطيع دفاع مقدور القضا )
( ما للطبيب يموت بالداء الذي ... قد كان يبرىء مثله فيما مضى )
( ذهب المداوي والمداوي والذي ... جلب الدواء وباعه ومن اشترى )
واشتد ضعفه عندما سمع كلام الطبيب وأرجف الناس بموته فلما بلغه ذلك دعا بحمار ليركبه فلما صار عليه سقط ولم يقدر أن يثبت على السرج فقال صدق المرجفون ثم دعا بأكفان فنشرت بين يديه فجعل يختار منـها ما يصلح
ثم أمر بقبره فحفر فلما اطلع عليه جعل يقول ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه
ومثل هذا القول مروي عن أبي شجاع فناخسرو بن عضد الدولة يروى أنـه لما نزل بـه الموت لم يسمع منـه إلا قوله ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه ويروى أنـه قال قبل ذلك شعرا يمدح بـه نفسه منـه قوله
( ليس شرب الراح إلا في المطر ... وغناء من جوار في السحر )
( غالبات سالبات للنـهى ... ناعمات في تضاعيف الوتر )
( مبرزات الكأس من مطلعها ... ساقيات الراح من فاق البشر )
( عضد الدولة وابن ركنـها ... ملك الأملاك غلاب القدر )
قال أبو منصور الثعالبي لم يفلح بعد هذا البيت يعني قوله عضد الدولة الخ
ولما حضرت أمير المؤمنين المأمون الوفاة أمر بجل دابته ففرش له فاصطجع عليه ووضع الرماد على رأسه وجعل يقول يا من لا يزول ملكه ارحم اليوم من قد زال ملكه
ويروى أنـه قيل له في صباه إنك تموت في أرض يقال لها مد رجلك فلما ولي الخلافة وأقام ما أقام غزا بلاد الروم فلما انصرف من غزاته نزل بموضع فيه عين ماء عظيمة لها قعر عميق فاطلع فيها فرأى في قعرها حوتا

كبيرا فأمر بـه فأخرج وجعل بين يديه فانتفض الحوت انتفاضة فرشـه بما كان عليه من الماء فأخذته قشعريرة وحم فسأل عن اسم الموضع الذي هو فيه فذكر له اسم أعجمي قال فسروه ففسروه مد رجلك فلما سمع ذلك تفكر فيما قيل له فأيقن بالموت فأمر بجل دابته ففرش له فاضطجع عليه وأمر أن يطاف بـه على هذه الحالة وأمر المنادي أن يقول هذا القول يا من لا يزول ملكه ارحم اليوم من قد زال ملكه
وكان المعتصم أخوه يقول عند موته وكان قد ولي بعده لو علمت أن عمري هكذا قصير ما عملت ما عملت وجعل يقولها ويبكي
ولما حضرت المنتصر الوفاة جعل يضطرب فقالوا لا بأس عليك يا أمير المؤمنين فقال تقولون هكذا لا بأس عليك ذهبت عني الدنيا والآخرة وتقولون لا بأس عليك
ولما حضرت أمية بن أبي الصلت الوفاة أغمي عليه ثم أفاق وجعل يقول
( لبيكما لبيكما ... ها أنذا لديكما )
لا برىء فأعتذر ولا قوى فأنتصر ثم أغمى عليه وأفاق فجعل يقول
( إن تغفر الله تغفر جما ... وأي عبد لك لا ألما )
ثم أغمي عليه وأفاق فأنشأ يقول
( كل عيش وإن تطاول دهرا ... فمصيره إلى أن يزولا )
( ليتني كنت قبل ما قد بدا لي ... في رؤوس الجبال أرعى الوعولا )
ولما حضرت عبد الله بن علي الوفاة قال ما إغفلني أمس عن مصرعي اليوم
وقال أبو سليمان الداراني دخلنا على عابد وقد حضره الموت وهو يبكي فقلنا له ما يبكيك رحمك الله فأنشأ يقول

( وحق لمثلي بالبكا عند موته ... ومالي لا أبكي وموتي قد اقترب )
( ولي عمل في اللوح أحصاه خالقي ... فإن لم يجد بالعفو صرت إلى العطب )
وقال عبد الله بن العلاء شـهدت أعرابيا قد نزل بـه الموت فشخص ببصره ثم قال
( كل آت فإنـه سوف يأتي ... أنت يا يموت هاذم اللذات )
( يرحم الله أعظما باليات ... أصبحت في عساكر الأموات )
ويروى أن ابن المنكدر رحمـه الله عندما نزل بـه الموت بكى فقيل له ما يبكيك فقال والله ما أبكي لذنب أعلم أني أتيته ولكني أخاف أن أكون قد أذنبت ذنبا حسبته هينا وهو عند الله عظيم
وقد روى عنـه كلام آخر يدل على علو منزلته وارتفاع درجته
وقيل لجابر بن زيد عند موته ما تشتهي فقال نظرة إلى الحسن فجاء الحسن فلما دخل عليه قيل له هذا الحسن فرفع طرفه وقال يا إخوتاه الساعة أفارقكم إما إلى الجنة وإما إلى النار
وقال الحجاج بن يوسف الثقفي عند موته اللهم اغفر لي فإنـهم يزعمون أنك لا تفعل فكان عمر بن عبد العزيز تعجبه هذه الكلمة
وذكر ذلك للحسن البصري فقال أقالها قالوا نعم قال عسى
وقال سليمان التيمي دخلت على بعض أصحابنا وهو في الموت فرأيت من جزعه ما ساءني فقلت هذا الجزع كله لماذا وقد كنت تحمد الله على كذا يعني على حالة صالحة فقال ومالي لا أجزع ومن أحق مني بالجزع والله لو أتتني المغفرة من الله عز و جل لأهمني الحياء منـه فيما أفضيت بـه إليه
وقال بعض الصالحين لغلامـه وقد حضره الموت يا غلام شد كتافي وعفر بالتراب خدي ففعل الغلام ثم قال دنا الرحيل اللهم لا براءة لي من ذنب ولا عذر لي فأعتذر بـه ولا قوة فانتصر بها ثم قال أنت لي ثلاثا ثم صاح صيحة ومات

فسمعوا صوتا يقول في البيت استكان العبد لمولاه فقبله وأدناه
ولما حضرت محمد بن سيرين الوفاة بكى فقيل له ما يبكيك فقال أبكي لتفريطي في الأيام الخالية وقلة عملي للجنة العالية وما ينجيني من النار الحامية
ولما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة بكى فقيل له ما يبكيك فقال انتظر رسولا من ربي يبشرني بالنار أو بالجنة
وقال حماد بن سعيد بن أبي عطية المذبوح لما حضر أبا عطية الموت جزع فقالوا له أتجزع من الموت فقال وما لي لا أجزع وإنما هي ساعة فلا أدري أين يسلك بي
ولما حضرت الوفاة فضيل بن عياض رحمـه الله غشي عليه ثم أفاق وقال يا بعد سفري وقلة زادي
وكان عامر بن قيس يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة فلما حضره الموت بكى فقيل له ما يبكيك قال أبكي لقوله تعالى ( إنما يتقبل الله من المتقين )
وقد تقدم عنـه كلام آخر قاله عند الموت أيضا ولما نزل الموت بسليمان التيمي قيل له أبشر فقد كنت مجتهدا في طاعة الله تعالى فقال لا تقولوا هكذا فإني لا أدري ما يبدو لي من الله عز و جل فإنـه يقول سبحانـه وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون قال بعضهم عملوا أعمالا كانوا يظنون أنـها حسنات فوجدوها سيئات
وكان الجنيد يقرأ القرأن وهو في سياق الموت ويصلي فختم فقيل له في مثل هذه الحال يا أبا علي فقال ومن أحق مني بذلك وها هو ذا تطوى صحيفة عملي ثم كبر ومات

وقيل له قل لا إله إلا الله فقال ما نسيته فأذكره
ولما نزل الموت ببشر الحافي وكان على عليائه من العبادة والزهادة شق عليه وساءه ذلك فقيل له أتحب الحياة يا فلان فقال يا قوم القدوم على الله شديد
ولما حضر أبا سليمان الداراني الموت قال له أصحابه أبشر فإنك تقدم على رب غفور رحيم فقال لهم ألا تقولون تقدم على رب يحاسبك بالصغير ويعاقبك بالكبير
فأبو سليمان هذا غلب عليه الخوف في هذه الحالة فتكلم عن حاله
وقيل لرويم عند الموت قل لا إله إلا الله فقال ما أحسن غيرها وكان رويم هذا من الصالحين ويروى أنـه كان يدعو الطير فتجيبه
واحتضر بعض الصالحين فبكت امرأته فقال ما يبكيك قالت عليك أبكي قال إن كنت باكية فابكي على نفسك فأما أنا فقد بكيت على هذا اليوم منذ أربعين سنة
ولما حضرت أبا علي الروذباري الوفاة وكان رأسه في حجر ابنته فاطمة ففتح عينيه ثم قال هذه أبواب السماء قد فتحت وهذه الجنان قد زخرفت وهذا قائل يقول يا أبا علي قد بلغناك الرتبة القصوى وإن لم تردها ثم قال
( وحقك لانظرت إلى سواك ... بعين مودة حتى أراك )
( أراك معذبي بفتور لحظ ... وبالخد المورد من حياك )
( أراك منعمي بجميل ظن ... وبالأمن المكرم من رضاك )
( فلو قطعتني في الحب إربا ... لما نظر الفؤاد إلى سواك )
وكان أبو علي هذا ممن يعبد الله لذاته وكان يقول لا أريد الجنة ونعيمـها إنما أريدك يا رب

وكذلك كان ممشاد الدينوري لما نزل بـه الموت جعل بعض المشايخ يدعو له فضحك وقال منذ ثلاثين سنة تعرض علي الجنة بما فيها فما نظرت إليها
ويروى أن بعض الصالحين ضحك عند موته وقال صادق يا وفي وفيت لي وما وفيت لك
ويروى عن عبد الله بن المبارك أنـه لما احتضر نظر إلى السماء فضحك ثم قال لمثل هذا فليعمل العاملون
ومثل هذا يروى عن بعض أصحاب ابن فورك وكان من الصالحين الكبار المجتهدين أنـه لما نزل بـه الموت شخص ببصره إلى السماء ثم قال يا ابن فورك لمثل هذا فليعمل العاملون
وفتح ابن بنان عينيه عند الموت فقال ارتع فهذا مرتع الأحباب وخرجت روحه
ولما نزل الموت بأبي يعقوب النـهرجوري رحمـه الله قال له أبو الحسن المزين قل لا إله إلا الله فتبسم أبو يعقوب وقال إياي تعني وعزة من لا يذوق الموت ما بيني وبينـه إلا حجاب العزة ثم خرجت روحه من ساعته
وكان أبو الحسن يأخذ بلحية نفسه ويقول يا حجام مثلك يلقن أولياء الله الشـهادة وكان إذا ذكر هذه القصة بكى
وقال الجنيد دخلت على سري السقطي رحمـه الله تعالى عند الموت وكان ممن أحرق قلبه الخوف فقلت له كيف تجدك فقال كيف أشكو إلى طبيبي ما بي والذي قد أصابني من طبيبي
قال الجنيد فأخذت المروحة لأروح عليه فقال كيف يجد روح المروحة من قلبه يحترق ثم أنشد
( القلب محترق والدمع مستبق ... والكرب مجتمع والصبر مفترق )
( كيف القرار على من لا قرار له ... مما جناه الأسى والشوق والقلق )
ثم ذكر الله تعالى ومات رحمـه الله
وقيل لذي النون عند موته ما تشتهي فقال أشتهي أن أعرفه تبارك وتعالى قبل موتي بلحظة

لم يقل هذا القول ذو النون المصري رحمـه الله لجهله بالله تعالى لكنـه كان يستقل معرفته وصدق في هذا فشأن الله أجل وأعظم من أن يحاط بمعرفته أو يبلغ كنـه وصفه
ويروى عن عبد الله بن شبرمة أنـه قال دخلت مع عامر الشعبي على مريض نعوده فوجدنا لما بـه ورجل يلقنـه الشـهادة ويقول له
قل لا إله إلا الله وهو يكثر عليه فقال له الشعبي ارفق بـه فتكلم المريض وقال إن يلقني أو لا يلقني فإني لا أدعها ثم قرأ ( وألزمـهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها ) فقال الشعبي الحمد لله الذي نجى صاحبنا
وحكى أن قوما من أصحاب الشبلي قالوا له عند موته قل لا إله إلا الله
فأنشد
( إن بيتا أنت ساكنـه ... غير محتاج إلى السرج )
( وعليلا أنت زائره ... قد أتاه الله بالفرج )
( وجهك المأمول حجتنا ... يوم تأتي الناس بالحجج )
( لا أتاح الله لي فرجا ... يوم أدعو منك بالفرج )
يريد الشبلي أن القلب إذا امتلأ واشتغل بعظمة الله وجلاله لم يحتج إلى منبه ينبهه ولا إلى مذكر يذكره
ويروى أن الجنيد بن محمد دخل على بعض المشايخ فوجده في سياق الموت فقال له الجنيد قل لا إله إلا الله فنظر إليه الشيخ شزارا فأعاد عليه الجنيد فلم يقلها فأعاد عليه فلم يتكلم فقال له الشيخ يا جنيد تذكرني بالتوحيد وأنا منذ ثلاثين سنة أبكي عليه ولا أسلو عنـه يا جنيد إني مشاهد

حبيبي ومستأنس به
ويروى أن إبراهيم بن أدهم دخل على بعض العباد يعوده فوجده في الموت أو في مقدمات الموت فجعل العابد يتنفس ويتأسف فقال له إبراهيم علام تتأسف رحمك الله فقال ما تأسفي على النقلة من دار الدنيا دار الأحزان والأسقام والخطايا والذنوب ولكن أسفي على يوم أفطرته أو ليلة نمتها أو ساعة غفلت عن ذكر الله فيها ولكن يا أخي إن وقع في هذا تقصير فلم يقع في التوحيد تقصير ما عبدت سواه ولا وحدت غيره ولا سكن في قلبي محبة شيء إلا محبته
ودخل المزني على الشافعي رحمـهما الله في مرضه الذي مات فيه فقال كيف أصبحت يا أبا عبد الله فقال أصبحت من الدنيا راحلا وللإخوان مفارقا ولسيء عملي ملاقيا ولكأس المنية شاربا وعلى ربي تبارك وتعالى واردا ولا أدري روحي للجنة فأهنيها أو للنار فأعزيها ثم أنشد
( ولما قسا قلبي وضاقت مذاهبي ... جعلت الرجا مني لعفوك سلما )
( تعاظمني ذنبي فلما قرنته ... بعفوك ربي كان عفوك أعظما )
( فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل ... تجود وتعفو منـه وتكرما )
( فلولاك لم يغو بإبليس عايد ... وكيف وقد أغوى صفيك آدما )
وقال عطاء بن يسار رحمـه الله تعالى تبدى إبليس لعنـه الله لعابد عند الموت فقال له نجوت يا هذا فقال ما أمنتك بعد
ولما حضرت الحسن بن هانئ الوفاة أنشد
( دب في السقام سفلا وعلوا ... وأراني أموت عضوا فعضوا )
( ليس من ساعة مضت بي إلا ... نقصتني بمرها بي جزوا )
لهف نفسي على ليال وأيا ... م قضيتهن لعبا ولهوا )
( قد أسأت كل الإساءة فالـ ... لهم صفحا وغفرانا وعفوا )

ولما حضرت الوفاة أحمد بن خضرويه سئل عن مسألة فقال يا بني باب أدقه منذ خمس وسبعين سنة وها هو ذا يفتح لي الساعة ولا أدري بما يفتح لي بالسعادة أم بالشقاوة فآن لي أوان الجواب
ويروى عن مالك بن دينار أنـه دخل على جار له وقد نزل بـه الموت فقال له الرجل يا مالك إني أرى جبلين من نار وأنا أكلف الصعود عليهما قال مالك فسألت امرأته عن حاله فقالت كان له مكيالان يأخذ بأحدهما ويعطي بالآخر قال فدعوت بهما فضربت أحدهما بالآخر فكسرتهما ثم قلت له ما ترى قال ما أرى الأمر يزداد إلا شدة
وروى أن رجلا نزل بـه الموت وعند رأسه صندوق فيه مال فجعل يشير إليه ويقول النار في الصندوق النار في الصندوق
ويروى أن طلحة بن عبيد الله القرشي عاد مريضا فوجده في الموت فسمع صوتا وهو يقول
( ناد رب الدار ذا المال الذي ... جمع المال بحرص ما فعل )
فأجابه آخر
( كان في دار سواها نائما ... عللته بالمنى ثم انتقل )
ويروى أنـه ما من ميت يموت إلا ويكلمـه ملكاه اللذان يكتبان عمله في الدنيا فإن كان مطيعا قالا له جزاك الله من صاحب خيرا فرب كلام حسن قد أسمعتناه ورب مجلس خير قد أجلستناه ورب عمل صالح قد أحضرتناه فنحن لك اليوم على ما تحب
وإن كان فاجرا قالا له جزاك الله من صاحب شرا فرب كلام قبيح قد أسمعتناه ورب مجلس سوء قد أجلستناه ورب عمل سوء قد أحضرتناه فنحن لك اليوم على ما تكره

الباب الأول من أخبار الأموات عند الموت ...
ذكر مسلم بن الحجاج من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له أجب ربك فلطم موسى عين ملك الموت ففقأها فرجع الملك إلى الله عز و جل فقال إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني قال فرد الله عليه عينـه وقال ارجع إلى عبدي فقل له الحياة تريد فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور فما وارت يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة قال ثم مـه قال ثم تموت قال فالآن من قريب رب أدنني من الأرض المقدسة رمية حجر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فوالله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جنب الطريق عند الكثيب الأحمر
وروى أن عيسى عليه السلام مر برأس ميت فضربه برجله وقال تكلم بإذن الله تعالى فتكلم وقال يا روح الله أنا ملك زمان كذا وكذا بينا أنا جالس على سرير ملكي علي تاجي وحولي حشمي وخدمي وجندي إذ تبدى لي ملك الموت فزال مني كل عضو على حياله وخرجت نفسي إليه فيا ليت ما كان من تلك الجموع كان فرقة ويا ليت ما كان من ذلك الأنس وحشة
ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنـه أنـه قال كان داود عليه السلام رجلا غيورا وكان إذا خرج غلق الأبواب فغلق ذات يوم أبوابه وخرج فأشرفت امرأته فإذا برجل في الدار فقالت من ادخل هذا دارنا لئن جاء داود

فرآه ليلقين منـه عنتا فجاء داود فرآه فقال من أنت فقال أنا الذي لا أهاب الملوك ولا يمنعني الحجاب قال فأنت إذن والله ملك الموت ثم قبض روحه
ويروى عن ابن عباس رضي الله عنـه قال كان إبراهيم عليه السلام غيورا وكان له بيت يتعبد فيه فإذا خرج أغلقه فخرج ذات يوم بعدما أغلق بابه فإذا هو برجل في جوف البيت فقال له من أدخلك دارنا قال ادخلنيها ربها فقال أنا ربها قال ادخلنيها من هو أملك لها منك فقال له إبراهيم من أنت من الملائكة قال ملك الموت فقال له هل تستطيع أن تريني الصورة التي تقبض فيها روح المؤمن قال نعم فأعرض عني فأعرض عنـه فإذا هو بشاب فذكر من حسن وجهه وطيب ريحه فقال يا ملك الموت لو لم يلق المؤمن عند الموت إلا صورتك لكان حسبه ثم قبض روحه
قال وهب بن منبه كان ملك من الملوك أراد الخروج إلى أرض له فلبس أحسن ثيابه وركب إفره دوابه وخرج في خاصته وجنوده ورجاله فنفخ الشيطان فيه نفخة ملأه كبرا وعجبا فكان يمشي ولا يلتفت إلى أحد من الناس كبرا و إعجابا بنفسه فتصدى له رجل رث الهيئة فسلم عليه فلم يرد عليه السلام ولا التفت إليه فأخذ بلجام دابته فقال له ويلك لقد تعاطيت أمرا عظيما كف يدك عن اللجام فقال له أنا ملك الموت فتغير لون الملك ودهش واضطرب لسانـه وقال سألتك إلا ما تركتني حتى أرجع إلى أهلي وأودعهم وأقضي حاجتي منـهم فقال لا والله لا رأيت أهلك أبدا وقبض روحه فخر كخشبة ملقاة
ثم لقي آخر في مثل حاله إلا أنـه كان متواضعا فتعرض له فسلم عليه فرد عليه السلام فقال له إن لي إليك حاجة وأريد أن أذكرها لك في أذنك فقال هات فأعطاه أذنـه قال أنا ملك الموت فقال له مرحبا بمن طالت

غيبته علي فوالله ما كان غائب أحب إلي من أن ألقاه منك فقال له ملك الموت اقض حاجتك التي خرجت إليها قال لا هذه الحاجة أهم حوائجي ومالي حاجة أهم علي ولا أحب إلي من لقاء الله عز و جل قال فاختر على أي حالة تريد أن أقبض روحك قال وتقدر على ذلك قال بذلك أمرت قال فدعني حتى أتوضأ وأصلي وتقبل روحي وأنا ساجد قال نعم فتوضأ وصلى ثم قبض روحه في سجوده
وقال بكر بن عبد الله جمع رجل من بني إسرائيل مالا فلما أشرف على الموت قال لبنيه أروني أصناف أموالي التي جمعت فأتي بشيء كثير فلما رآه بكى تحسرا فقال له ملك الموت ما يبكيك فوالله ما أنا بخارج من منزلك حتى أفرق بين روحك وبدنك فقال له أمـهلني حتى أفرقه قال هيهات انقطعت المـهلة فهلا كان هذا قبل حضور أجلك ثم قبض روحه
ويروى أن رجلا جمع مالا فأوعى ولم يدع صنفا من أصناف المال إلا اتخذه ثم ابتنى قصرا وجعل عليه حجابا وحراسا ثم جمع أهله وعياله وصنع لهم طعاما وقعد على سريره ووضع إحدى رجليه على الأخرى وهم يأكلون ثم قال يا نفسي تنعمي سنين فقد جمعت لك ما يكفيك فما فرغ من كلامـه حتى أقبل ملك الموت في هيئة رجل عليه خلقان من الثياب فقرع الباب بشدة عظيمة فوثب إليه الغلمان فقالوا له ويلك ما شأنك ومن أنت فقال ادعوا إلي مولاكم قالوا إلى مثلك يخرج مولانا
قال نعم فأخبروا مولاهم فقال هلا فعلتم بـه وفعلتم فقرع الباب قرعة أشد من الأولى فوثب إليه الحرس فقال أخبروه أني ملك الموت فلما سمعوه ألقى عليهم الرعب ووقع على مولاهم الذل والخشوع فقال قولوا له يدخل وقولوا له قولا لينا فدخل فقال له اصنع بمالك ما أنت صانع فإني لست بخارج عنك حتى أخرج بنفسك فأمر بماله فجمع فلما رآه قال لعنك الله من مال فأنت شغلتني عن عبادة ربي ومنعتني عن النظر لنفسي فأنطق الله عز و جل المال فقال لم تسبني وبي جلست مجالس الملوك وبي نكحت المتنعمات وبي

فعلت وفعلت وكنت تنفقني في سبيل الشر فلا أمتنع منك ولو أنفقتني في سبيل الخير وطريق البر لنفعتك اليوم ثم قبض ملك الموت روحه فسقط ميتا
وقال يزيد الرقاشي بينما جبار من جبابرة بني إسرائيل في منزلة قد خلا ببعض أهله إذ رأى شخصا قد دخل عليه من باب بيته فوثب عليه مغضبا فقال له ويلك من أنت ومن أدخلك داري وما حملك على الهجوم علي في بيتي فقال له أما الذي أدخلني الدار فربها أنا الذي لا يمنعني الحجاب ولا استأذن على الملوك ولا أخاف صولة السلاطين فأسقط في يد الجبار وأرعد حتى سقط منكبا على وجهه ثم رفع رأسه إليه مستخذيا متذللا فقال له فأنت إذن ملك الموت قال أنا هو قال فهل أنت لني حتى أحدث عهدا قال هيهات انقطعت مدتك وانقضت أنفاسك ونفدت ساعاتك فليس إلى إمـهالك سبيل قال فإلى أين أذهب قال إلى عملك الصالح الذي قدمت وإلى بيتك الحسن الذي مـهدت قال فإني لم أقدم عملا صالحا ولا مـهدت بيتا حسنا قال فإلى لظى نزاعه للشوى ثم قبض روح فسقط بين أهله فمن صارخة تصرخ وباكية تبكي
قال يزيد ولو يعلمون سوء المنقلب لكان العويل أعظم والبكاء أكثر

الباب الثاني ما يستحب من أحوال الميت عند الموت وفي تلقين الشـهادتين للمسلم وغيره وما يستحب للمسلم من الرجاء وحسن الظن بالله عند الموت
اعلم رحمك الله أن المحبوب من حال الميت عند الموت أن يعلوه الهدوء والسكون ومن لسانـه الكلمة بالشـهادتين ومن قلبه حسن الظن بالله تعالى
وذكر الترمذي من حديث بريدة بن حصيب عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال المؤمن يموت بعرق الجبين ويروى في خبر أنـه قال ارقبوا الميت عند ثلاث إذا رشح جبينـه وإذا ذرفت عيناه ويبست شفتاه فذلك من رحمـه الله نزلت بـه وإذا غط غطيط المخنوق واحمر لونـه واربدت شفتاه فهو من عذاب الله نزل به
وأما انطلاق لسانـه بالشـهادتين فهو علامة الخير ودليل السعادة وأمارة الاتصال بالحضرة الإلهية
وذكر أبو داود من حديث معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من كان آخر كلامـه لا إله إلا الله دخل الجنة
وذكر أيضا من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من مات وهو

يعلم أنـه لا إله إلا الله دخل الجنة
وذكر أيضا من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله
وذكر مسلم من حديث عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة
ومن غير كتاب مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال حضر ملك الموت رجلا فنظر في عمله فلم يجد له شيئا ففك لحييه فوجد طرف لسانـه لاصقا بحنكه يقول لا إله إلا الله فغفر الله له بكلمة الإخلاص
وقال عمر رضي الله عنـه احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله فإنـهم يرون ما لا ترون
وذكر مسلم من حديث سعيد بن المسيب عن أبيه قال لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه و سلم فوجد عنده أبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أشـهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب فلم يزل رسول الله يعرضها عليه ويعيدان له تلك المقالة حتى قال أبو طالب آخر ما كلمـهم بـه هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أما والله لأستغفرن لك ما لم أنـه عنك
فأنزل الله عز و جل ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنـهم أصحاب الجحيم
وأنزل الله في أبي طالب فقال لرسول الله صلى الله عليه و سلم إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء

ويروى عن أنس بن مالك أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي فمرض فأتاه صلى الله عليه و سلم يعوده فقعد عند رأسه فعرض عليه الإسلام فقال له أسلم فنظر الغلام إلى أبيه وهو عنده فقال له أبوه أطع أبا القاسم فأسلم فقام النبي وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار
ذكر هذا الحديث البخاري وأبو داود وغيرهما
وينبغي أن لا يلح على الميت بتلقين الشـهادتين قال ابن المبارك لقنوا الميت لا إله إلا الله فإن قالها فدعوه ولأنـه يخاف عليه إذا ألح عليه بها أن يبرم ويضجر ويثقلها الشيطان عليه فيكون ذلك سببا لسوء الخاتمة
ذكر أبو بكر الدينوري في كتاب المجالسة عن الحسن بن عيسى قال لما حضرت ابن المبارك الوفاة قال لنصر مولاه أجعل رأسي على التراب قال فبكى نصر فقال ما يبكيك قال ذكرت ما كنت فيه من النعيم وأنت هذا تموت فقيرا غريبا فقال اسكت فإني سألت الله أن يحييني حياة السعداء ويميتني ميتة الفقراء ثم قال لقني الشـهادة ولا تعد علي إلا أن أتكلم بكلام ثان
والمقصود أن يموت الرجل ولا يكون في قلبه إلا الله وحده لأن المدار على القلب وعمل القلب هو الذي ينظر فيه وتكون النجاة بسببه وأما حركة اللسان دون أن تكون ترجمة عما في القلب فلا فائدة فيها ولا خير عندها
وأما حسن الظن بالله تعالى عند الموت فواجب قال عليه الصلاة و السلام لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ذكره مسلم
وقال عبد الله بن مسعود والذي لا إله غيره لا يحسن أحدكم الظن بالله إلا أعطاه الله ظنـه وذلك أن الخير بيده
وقال عبد الله بن عباس إذا رأيتم الرجل قد نزل بـه الموت فبشروه حتى يلقى ربه وهو حسن الظن بالله تعالى وإذا كان حيا فخوفوه بربه واذكروا له شدة عقابه

وقال المعتمر بن سليمان قال لي أبي عند موته يا معتمر حدثني بالرخص لعلي أن ألقى الله تعالى وأنا حسن الظن به
وكانوا يستعجبون أن يذكروا العبد بمحاسن عمله عند موته كي يحسن الظن بربه
وقال الفضيل بن عياض ما دمت حيا فلا يكن شيء عندك أخوف من الله عز و جل وإذا نزل بك الموت فلا يكن عندك شيء أرجى من الله عز و جل
ويروى أن حذيفة بن اليمان لما نزل بـه الموت قال حبيب جاء على فاقة قد كنت قبل اليوم أخشاك وأما اليوم أرجوك
ويروى عن الحسن بن الليث قال رأيت محمد بن محمد الرازي في المنام فقلت له يا أبا عبد الله ما فعل الله بك قال غفر لي قلت بم قال برجائي له منذ ثمانين سنة
ودخل واثلة بن الأسقع على رجل فوجده في الموت فقال اخبرني كيف ظنك بالله تعالى فقال الرجل اغرقتني ذنوبي وأشرفت بي على الهلكة ولكن أرجو رحمة الله تعالى فكبر واثلة وكبر أهل البيت لتكبيره وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا ما شاء
ويروى أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل على شاب وهو في الموت فقال له كيف تجدك قال أرجو الله وأخاف ذنوبي فقال عليه السلام لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو وأمنـه الذي يخاف أخرجه الترمذي
ورأى بعض الصالحين الحسن بن هانيء بعد موته في النوم فقال له ما فعل الله بك قال غفر لي قال بماذا قال بأربعة أبيات قلتهن في طي فراشي فمشى الرجل إلى دار الحسن فالتمسها فوجدها وهي

( يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة ... فلقد علمت بأن عفوك أعظم )
( أدعوك رب كما أمرت تضرعا ... فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم )
( إن كان لا يرجوك إلا محسن ... فمن الذي يرجو المسيء المجرم )
( مالي إليك وسيلة إلا الرجا ... وجميل ظني ثم أني مسلم )
وقال ثابت البناني كان شاب بـه حدة وكانت أمـه تعظه وتقول له يا بني إن لك يوما فاذكر يومك وإن لك مصرعا فاذكر مصرعك فلما نزل بـه أمر الله تعالى اكبت عليه أمـه فجعلت تقول أي بني قد كنت أحذرك مصرعك هذا فقال لها يا أمة إن لي ربا كثير المعروف وإني لأرجو أن لا يعذبني بكرمـه ورحمته قال ثابت فC عز و جل بحس ظنـه بربه أخبر بذلك في النوم أو أخبر بـه عنـه
وقال جابر بن عبد الله كان شاب بـه زهو فنزل بـه الموت فقالت أمـه يا بني توصي بشيء قال نعم خاتمي ادفنيني بـه فإن فيه ذكر الله تعالى فلعله يرحمني فلما دفن رئي في المنام فقال اخبروا أمي أن الله قد غفر لي
وقال ذو النون المصري رحمـه الله كان في جواري شاب مسرف على نفسه كثير الخطايا فمرض فدخلت عليه أعوده فإذا هو قد مات وأوصى أن يكتب على قبره شيء فرأيته في منامي فقلت له ما فعل الله بك قال غفر لي فقلت بماذا قال فكرت في جرمي وفي عفوه فرأيت عفوه أكثر من جرمي قال ذو النون فلما أصبحت جئت إلى قبره فإذا عليه مكتوب
( حسن ظني بك يا ... رب جرأني عليك )
( فارحم اللهم عبدا ... صار رهنا في يديك )
ويروى عن بعض الصالحين قال قال مالك بن دينار رأيت مسلم بن يسار في

النوم بعد موته بسنة فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فقلت له لم لا ترد علي السلام قال وكيف أرد عليك وأنا ميت فقلت له وماذا لقيت بعد الموت قال ودمعت عينا ما لك عند هذا القول لقيت أهوالا وزلازل وعظائم وشدائد قال مالك فقلت له فما كان بعد ذلك قال وما تراه يكون من الكريم إلا الكرم قبل منا الحسنات وغفر لنا السيئات وضمن عنا التبعات كما كان حسن ظني به
قال ثم شـهق ما لك شـهقته خر مغشيا عليه فلبث في غشيته أياما مريضا ثم مات من مرضه ذلك وكان يقال إن قلبه انصدع
ولولا حسن الظن بالله تعالى لهلك الخلق
وقال عبد الواحد بن زيد وما كان سبب موت مالك بن دينار إلا هذه الرؤيا سألته عنـها فقصها علي فجعل يشـهق ويضطرب حتى ظننت أن كبده تقطعت في جوفه ثم هدأ فحملناه إلى منزله فلم يزل مريضا منـها يعاد حتى مات
وقال أبو عمر الضرير حدثني سهيل أخو حازم قال رأيت مالك بن دينار في النوم بعد موته بسنة فقلت له يا أبا يحيى ماذا فعل الله بك وماذا قدمت بـه عليه فقال قدمت عليه بذنوب كثيرة فمحاها حسن ظني بـه تبارك وتعالى
وقال عمار بن سيف رأيت الحسن بن صالح في منامي بعد موته فقلت له لقد كنت متمنيا للقائك فماذا عندك أخبرنا فقال لم أر شيئا مثل حسن الظن بـه تبارك وتعالى
وأنشدوا
( أحسن الظن برب لم يزل ... دائم الإحسان برا لم يمل )
( من غدت نعماؤه في ذا الورى ... جملا ترفق في إثر جمل )
( وسع العالم فضلا وجدا ... مرسل العزلاء سجا متصل )
( وإذا لم تحسن الظن بـه ... فيمن تحسن إن خطب نزل )
( وإذا لم ترجه من يرتجى ... وإذا لم تسألنـه من ذا تسل )

( فلتطلب نفسا عليه وله الـ ... مثل الأعلى والأسنى الأجل )
وقالوا أيضا
( احسن الظن ما استطعت بربك ... فالأماني جمعن في حسن ظنك )
( وإذا ما أصبت يوما بضر ... فإليه اللجا في كشف ضرك )
( وإذا ما انتحاك أمر عسير ... فهو المرتجى لتيسير أمرك )
( وذنوب خبأتهن قديما ... وحديثا كسرت عظم ظهرك )
( تب إليه والجأ منـها إليه ... فهو أدنى إليك من ذات نفسك )
( ودموع الحزين لا تمسكنـها ... ولتدعها مساربا تحت نحرك )
( واقد حن في الضلوع نار متاب ... فعساها تميت نيران روعك )
( وإذا ما تعاظمتك ذنوب ... فاعتقاد القلوب أعظم ذنبك )
ومرض أعرابي فقيل له إنك تموت فقال فإذا مت أين يذهب بي قيل إلى الله تعالى قال ما أكره أن يذهب بي إلى من لا يرى الخير إلا عنده

الباب الثالث في الجنائز وفضل اتباعها ذكر البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنـها فإنـه يرجع من الأجر بقراطين كل قيراط مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل الدفن فإنـه يرجع بقيراط
وذكر مسلم عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من صلى على جنازة فله قيراط فإن شـهد دفنـها فله قيراطان القيراط مثل أحد
واعلم رحمك الله أن في الجنائز عبرة للمعتبرين وفكرة للمتفكرين وتنبيها للغافلين وإيقاظا للنائمين بينما الإنسان في قيام وقعود ونزول وصعود وخذ هذا ودع هذا وابن هذا واهدم هذا وقد كان وما كان وأين ذهب فلان ومن أين جاء فلان إذ جاءه أمر إلهي وحادث سماوي وحكم رباني فسكن حركته وأطفأ شعلته وأذهب نضرته وتركه كالخشبة الملقاة والحجر المرمي إن صيح بـه لم يسمع وإن دعي لم يجب وإن قطع أو أحرق لم يتكلم إن ربك على ما يشاء قدير
ولكن حب الدنيا وحجاب الهوى الذي غطى القلوب وأعشى البصائر يمنع الفكرة في الجنائز والاعتبار بها فصارت لا تزيد رؤيتها إلا غفلة ولا مشاهدتها إلا قسوة حتى كأن الميت إنما هو نائم يستيقظ بعد ساعة ويهب عن

قريب أو كأن الذي يراها لا يكون مثلها ولا يدخل مدخلها وكأن ذلك الميت نزل بـه ملك الموت وحده وإياه قصد خاصة
نعم يعلم الإنسان منا أن سيموت كما مات هذا وتشيع جنازته كما شيعت جنازة هذا وربما مات بحيث لا تشيع جنازته ولا توارى له جثة ولكن لا يظن ذلك عن قريب ولا يحسب أنـه منـه غير بعيد قد فسح لنفسه في المدة ومد لها في المـهلة وحكم أنـه لا يموت إلا بعد سنين وإن قال ربما أموت اليوم أو غدا فقول ضعيف لا يتحرك منـه بسببه ساكن ولا يظهر عليه منـه أثر نازل لأنـه عند رؤية الجنازة كما كان قبل أن يراها وربما يحدث بحديثه الذي كان يتحدث والميت يدفن أو هو وراءه يشيعه إلى قبره وإن جاءه ضحك ضحك وإن حضره نادر من لغو الكلام تكلم بـه وأودعه صحيفته وبعث بـه إلى ربه
وقلما يبكى على الجنازة إلا أهلها تألما لفراقها لا لنفس الموت كبكاء الصبي والمرأة اللذين لا يعقلان ولا يعلمان ولو كانوا يعلمون لكان بكاؤهم على أنفسهم لا على ميتهم لأن ميتهم قد مات وهم ينتظرون الموت
وأنشدوا
( أعاذل حتى ما تعذليني ... إن لم تعينيني فاتركيني )
( لومي بما شئت من ملام ... ووبخيني وفنديني )
ولا تظني بأن حزني ... وسقم جسمي وما تريني )
( أثار ذاكم إن مات ميت ... قد كان دنياي ذا ودين )
( تركته في القبور فردا ... وحييت في دمعه الحزين )
( لا والذي جوده يرجى ... كل أوان وكل حين )
( ما أنا باك إلا لنفسي ... لا لقريب ولا خدين )
( ومصرع للمنون ضيق ... أتل فيه على الجبين )
( أؤخذ فيه من كل أفق ... أخذ شديد القوى متين )
( فمن أمامي ومن ورائي ... وعن شمالي وعن يميني )
( وفوق رأسي معا وتحتي ... من حيث ما رحت يلتقيني )

( ولا احتيال ولا افتداء ... لا برفيع ولا بدون )
( فخلني عاذلي وشأني ... فليس شأني من ذي الشئون )
واعلم أن الجنازة تمر بالإنسان ولا يدري حالها ولا يتبين حقيقة مصيرها وإنما يرجى لها بحسب ما ظهر منـها من الطاعات ويخاف عليها بحسب ما بدا منـها من المخالفات وإن لها كلاما لو سمعه الإنسان لا نصدع له حجاب قلبه وشغله عن بنيه وأهله بل أذهله عن النظر في خاصة نفسه
ذكر البخاري من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني قدموني وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلتي أين تذهبون بي يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق
وهما ميتان فميت يستريح من تعب هذه الدار ويفضي إلى راحة دار القرار وميت يستريح منـه البلاد والعباد ويفضي إلى سوء المصير وبئس المـهاد
ذكر أبو قتادة قال مر على رسول الله صلى الله عليه و سلم بجنازة فقال مستريح أو مستراح منـه فقالوا يا رسول الله ما المستريح وما المستراح منـه قال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وإيذائها إلى رحمة الله والعبد الفاجر يستريح منـه العباد والبلاد والشجر والدواب
وذكر هذا الحديث مسلم بن الحجاج وغيره
وربما يكون منا من يهتز عند رؤية الجنازة ويرتاع عند مشاهدتها ثم لا يلبث أن يعود إلى حاله إلا بمقدار ما يكون بين يديه أو ساعة تمر عليه
قال أبو عمرو بن العلاء جلست إلى جرير وهو يملي على كاتبه شعرا فاطلعت جنازة فأمسك وقال شيبتني والله هذه الجنائز وأنشأ يقول
( تروعنا الجنائز مقبلات ... ونلهو حين تذهب مدبرات )

( كروعة ثلة لمغار ذئب ... فلما غاب عادت راتعات )
وكأن هذا البائس الغافل لم يسمع برجل قد شيع جنازة ثم مات المشيع بعد جمعة وربما كان بعد يوم واحد أو أقل من يوم أو كأنـه لم يعلم أن هذا الميت كان طويل الأمل ممتد الرجاء يطمع في العيش ويحرص على البقاء حتى هجم عليه ملك الموت في الوقت الذي لم يكن يظن بـه وقام معه من المكان الذي لم يكن يحسبه فإنا لله وإنا إليه راجعون
وقد كان السلف الصالح رضي الله عنـهم بخلاف هذا كانوا إذا رأوا الجنائز نظروا إليها نظر المعتبرين وتكلموا عندها بكلام الموفقين وكانوا يقولون القول ويعملون بمقتضاه
وسأذكر لك من كلامـهم وأحكي لك من أقوالهم ما أمكنني لعله يحرك منك ساكنا ويوقظ منك نائما والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله سبحانـه
ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنـه أنـه كان إذا رأى جنازة قال امض ونحن على أثرك
وكان مكحول الدمشقي رحمـه الله إذا رأى جنازة قال اغد فإنا رائحون موعظة بليغة وغفلة سريعة يذهب الأول والآخر لا عقل له
ومرت بالحسن البصري رحمـه الله جنازة فقال يا لها موعظة ما أبلغها وأسرع نسيانـها يا لها موعظة لو وافقت من القلوب حياة ثم قال يا غفلة شاملة للقوم كأنـهم يرونـها في النوم ميت غد يدفن ميت اليوم
وقال أسيد بن حضير ما شـهدت جنازة وحدثت نفسي بشيء سوى ما يفعل بالميت وما هو صائر إليه
ولما مات أخو مالك بن دينار خرج مالك في جنازته فوقف على قبره

وبكى ثم قال والله يا أخي لا تقر عيني بعدك حتى أعلم إلى ما صرت إليه ولا والله لا أعلم ذلك ما دمت حيا
وقال الأعمش كنا نشـهد الجنازة ولا ندري من المعزى فيها لكثرة الباكين وإنما بكاؤهم على أنفسهم لا على الميت
وقال ثابت البناني كنا نشـهد الجنازة فلا نرى إلا باكيا
وقال إبراهيم النخعي كانوا يشـهدون الجنازة فيرى فيهم ذلك أياما كأن فيهم الفكرة في حال الموت وفي حال الميت
وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه أنـه كان يلقى الرجل في الجنازة من خاصة إخوانـه قد بعد عهده بـه فلا يزيده على السلام حتى يظن الرجل أن في صدره عليه موجدة كل ذلك لانشغاله بالجنازة وتفكره فيها وفي مصيرها حتى إذا فرغ من الجنازة لقيه وسأله ولاطفه وكان منـه أحسن ما عهد
ورأى عبد الله بن مسعود صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا يضحك في جنازة فقال أتضحك وأنت في جنازة والله لا أكلمك أبدا
وفي الخبر أن الله يكره لكم ثلاثا العبث في الصلاة والرفث في الصوم والضحك عند المقابر
ولما مات ذر بن عمر بن ذر ووضع في قبره قال أبوه عمر يا ذر لقد شغلنا الحزن لك عن الحزن عليك فليت شعري ماذا قلت وماذا قيل لك ثم قال اللهم إن هذا ولدي ذر متعتني بـه ما متعتني ووفيته أجله ورزقه ولم تنقصه حقه اللهم وقد كنت ألزمته طاعتك وطاعتي وإني قد وهبت له ما فرط فيه من طاعتي فهب له ما فرط فيه من طاعتك اللهم وما وعدتني عليه من الأجر في مصيبتي فقد وهبت ذلك له فهب لي عذابه ولا تعذبه وأنت أجود الأجودين وأكرم الأكرمين

قال فأبكى الناس ثم قال عند انصرافه يا ذر ما علينا بعدك من خصاصة وما بنا مع الله إلى إنسان من حاجة
ياذر مضينا وتركناك ولو أقمنا عندك ما نفعناك
ألا ترى إلى هذا لم يشغله الحزن على ولده وثمرة كبده عن الحزن بما قال وبما قيل له لأنـهم إنما كانوا يقدمون الأهم فالأهم ويبدأون بالأعظم فالأعظم
يروى عن الأصمعي قال حجت امرأة من العرب ومعها ابن لها فأصيبت بـه فلما دفن قامت على قبره وهي موجعة فقالت يا بني والله لقد غذوتك رضيعا وفقدتك سريعا وكأن لم يكن بين الحالتين مدة ألتذ فيها بعيشك وأتمتع فيها بالنظر إلى وجهك وبقيت مدة أتذكرك فيها وأذوب فيها بالحزن عليك
ثم قالت اللهم منك العدل ومن خلقك الجود اللهم وهبتني قرة عيني فلم تمتعني بـه كثيرا بل سلبتنيه وشيكا ثم أمرتني بالصبر عليه ووعدتني الأجر فصدقت وعدك ورضيت قضاءك اللهم ارحم غربته واستر عورته يوم تنكشف العورات وتظهر السوآت فرحم الله من ترحم على من استودعته الردم ووسدته الثرى
فلما أرادت الخروج إلى أهلها وقفت على قبره وقالت أي بني قد تزودت لسفري من الدنيا فليت شعري ما زادك لسفرك ويوم معادك اللهم أسألك الرضى له برضاي عنـه ثم قالت استودعك من استودعنيك جنينا في الأحشاء وأذاقني عليه غصة الثكلى واثكل الولدات ما أقل أنسهن وأشد وحشتهن وصلت عند قبره ركعتين وانصرفت
ولعلك يا هذا ممن يلبس النعش الثياب الملونة ويجعل عليه الأردية المصبغة ويحليه الحلية المبيضة ويخرجه كالفتاة المحلاة والعروس المجلاة ولا يتفكر في ميته هل كسي أثواب الحرير أو قطران السعير وإنـه لموضع الفكرة وإرسال العبرة وإطالة العويل والحسرة

وأنشدوا
( وألبسوا النعش أثوابا ملونة ... مثل العروس تقام عند جلوتها )
( مثل العروس تنص في منصتها ... لتستميل قلوبا بزينتها )
( وفيه ميت أزال الله نضرته ... كالأرض قد زال عنـها ثوب نضرتها )
( وشيعوه جماعات تطوف بـه ... تعشى العيون بمرآها وكثرتها )
( من بين باك يكف فيض دمعته ... وبين صارخة تعدي بصرختها )
( حتى أتوا حفرا إزاء بلدتهم ... فغادروه بها رهين وحشتها )
( وما دروا هل تلقته بنفحتها ... دار المقامة أو لظى بلفحتها )
( ثم انثنوا نحو أموال قد أحرزها ... للنائبات فحازوا بجملتها )
( وذاكم البائس المغرور ما دفعت ... عنـه القضاء ولا استشفى بلذتها )
( لكن تحمل منـها كل فادحة ... من الكبائر لا يقوى لعدتها )
( ومن ترفعه الدنيا وتسعفه ... فهو المحير مغمور بحسرتها )
( فما بكته السماء والأرض حين مضى ... ولا الرياض نضت أثواب زهرتها )

الباب الرابع في الثناء الحسن على الميت والثناء السوء ذكر مسلم بن الحجاج من حديث أنس بن مالك قال مر بجنازة فأثني عليها خيرا فقال نبي الله صلى الله عليه و سلم وجبت وجبت وجبت ومر بجنازة فأثني عليها شرا فقال وجبت وجبت وجبت وجبت فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنـه فداك أبي وأمي مر بجنازة فأثني عليها خيرا فقلت وجبت ومر بجنازة فأثني عليها شرا فقلت وجبت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار وأنتم شـهداء الله في الأرض
وفي بعض طرق البخاري فقيل يا رسول الله قلت لهذا وجبت ولهذا وجبت قال شـهادة القوم المؤمنون شـهداء الله في الأرض
وعن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من شـهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة قلنا وثلاثة قال وثلاثة قلنا واثنان قال واثنان ثم لم نسأله عن الواحد وهذا الحديث مخصوص والله أعلم
والذي قبله يعطي العموم وإن من كثرت شـهوده وانطلقت ألسنة المسلمين فيه بالخير والثناء الصالح كانت له الجنة والله أعلم وغير مستكثر إذا أحب الله عبدا أن يلقي على ألسنة المسلمين الثناء عليه وفي قلوبهم المحبة له قال الله تبارك وتعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا ) وقال عليه السلام إذا أحب الله عبدا دعا جبريل عليه السلام

فقال إن الله يحب فلانا فأحبوه قال فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض وذكر في البغض مثل ذلك وهذا حديث صحيح أخرجه مسلم بن الحجاج وغيره
وقد شـهد رجال من المسلمين علماء وصالحون كثر الثناء عليهم وصرفت القلوب إليهم في حياتهم وبعد مماتهم ومنـهم من كثر المشيعون والحاملون لجنازته والمشتغلون بـه وربما كثر الله الخلق بما شاء من الجن والإنس وغيرهم مما يشاء يكونون في صور الناس
ذكر قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي قال مات عمرو بن قيس الملاي بناحية فارس فاجتمع بجنازته مالا يحصى عددهم من الخلق فلما دفن نظروا فلم يروا أحدا قال الرفاعي سمعت هذا ممن لا أحصي كثرة
وكان سفيان الثوري يتبرك بالنظر إلى عمرو بن قيس هذا
ولما مات أحمد بن حنبل رضي الله عنـه صلى عليه من المسلمين ما لا يحصى فأمر المتوكل أن يمسح موضع الصلاة عليه من الأرض فوجدوا موقف ألفي ألف وثلاثمائة ألف أو نحوها
ولما انتشر خبر موته أقبل الناس من البلاد يصلون على قبره فصلى عليه مالا يحصى
ولما مات الأوزاعي رضي الله عنـه اجتمع للصلاة عليه خلق لا يحصى ويروى أنـه أسلم ذلك اليوم من أهل الذمة اليهود والنصارى نحو ثلاثين ألفا لما رأوا من كثرة الخلائق على الجنازة ولما رأوا من العجب ذلك اليوم
ولما مات سهل بن عبد الله التستري رحمـه الله انكب الناس على جنازته وحضرها من الخلق مالا يعلمـه إلا الله وكان في البلد ضجة فسمع بها يهودي شيخ كبير فخرج فلما رأى الجنازة صاح وقال هل ترون ما أرى قالوا وما ترى قال أرى قوما ينزلون من السماء يتمسحون بالجنازة ثم أسلم وحسن إسلامـه

ويقال إن الكعبة لم تخل من طائف يطوف إلا يوم مات المغيرة بن حكيم فإنـها خلت لانحشار الناس بجنازته تبركا بها ورغبة في الصلاة عليها
وقد شوهد من جنائز الصالحين من تشيعها الطير وتسير معها حيث سارت حدث بذلك الثقات
وذكر أبو الحسن بن جهضم قال أخبرنا محمد بن جعفر أبو الحسن ساكن دمشق قال سمعت أبا بكر المصري يقول لما مات أبو الفيض ذو النون المصري بالجيزة حمل في قارب مخافة أن تتقطع الجسور من كثرة من شيع جنازته من الناس وكنت قائما مع الناس على كوم أنظر فلما أخرج من القارب ووضع على الجنازة يعني النعش وحمله الرجال على أعناقهم رأيت طيورا خضرا قد اكتنفت الجنازة ترفرف عليها حتى عطف بـه إلى المغار وغاب عني قال أبو بكر فحدثت بـه خالي الحسن بن يحيى فقال قد رأيت مثل هذه الطيور على جنازة أبي إبراهيم المزني وذكر مرثاة رثى بها فقال منـها
( ورأيت أعجب ما رأيت ولم أكن ... من قبل ذاك رأيته لمشيع )
( طيرا ترفرف نعشـه وتحفه ... حتى توارى في حجاب المضجع )
( قد احتجبن عن العيون ولم أحط ... علما بكنـه مسيره في المرجع )
( وأظنـها رسل الاله تنزلت ... والله أعلم فوق ذاك الشرجع )
ويجب ألا يحتقر أحد من المسلمين وإن كان ظاهر الفسوق فلعل له بطانة من خير وخبيئة من عمل صالح ولأنـه أيضا قد صار إلى أرحم الراحمين
وحكى أن رجلا من المنـهمكين في الفساد مات في نواحي البصرة فلم تجد امرأته من يعينـها على حمل جنازته إذ لم يدر بها أحد من جيرانـه لكثرة فسقه وتحامي الناس له فاستأجرت امرأته حمالين يحملونـه إلى المصلى فما صلى عليه أحد فحملوه إلى الصحراء ليدفنوه بها وكان بالقرب من الموضع جبل فيه رجل من

الزهاد الكبار فنزل ذلك الزاهد للصلاة عليه فانتشر الخبر في البلد وقالوا نزل فلان ليصلي على فلان فخرج الناس فصلوا عليه مع الزاهد وجعلوا يتعجبون من صلاته عليه فقال لهم إني قيل لي في المنام انزل إلى الموضع الفلاني ترى فيه جنازة رجل ليس معها أحد إلا امرأته فصل عليه فإنـه مغفور له فزاد تعجب الناس فاستدعى الزاهد زوجته فسألها عن ذلك وكيف كانت سيرته فقالت كان كما سمعت كان طول النـهار في الماخور مشتغلا بشرب الخمر فقال انظري هل تعرفين له شيئا من أفعال الخير
قالت لا والله إلا أنـه كان يفيق في كل يوم من سكره عند صلاة الصبح فيبدل ثيابه ويتوضأ ويصلي الصبح ثم يعود إلى ما هو عليه فيشتغل بشربه ولهوه وكان لا يخلو بيته من يتيم أو يتيمين يفضله على ولده وكان يفيق في أثناء سكره فيبكي ويقول إلهي أي زاوية من زوايا جهنم تريد أن تملأها بهذا الخبيث يعني نفسه
وكذلك إن كان الميت منبوذا أو مطروحا لا يعرف أو لا يحضره أحد فلا تحتقره ولا تنظر إلى الظاهر من حاله
يروى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ذكره مسلم بن الحجاج
ومن غير كتاب مسلم رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره
ويروى عن عمر بن عثمان بن شعبة قال رأيت في بعض الليالي في المنام كأن قائلا يقول لي إذا كان غدا فأت مصلى خولان فصل على ولي لنا قال فخرجت قبل طلوع الفجر خوف أن يفوتني ثم قعدت إلى قريب من غروب الشمس فلم يؤت بميت إلى ذلك المصلى قال فانصرفت فبينما أنا بين الآكام إذا أنا بميت على رأس حمال على فرد باب وعليه عباءة فقال لي الحمال يا هذا إن هذا الميت رجل غريب فهل لك أن تصلي عليه فقلت في نفسي

أنا قاعد له منذ اليوم قال فصليت عليه ثم قال لي الحمال ادخل معي حتى نواريه فنزلت في قبره فصوبه علي فأضجعته وحللت العقدة من عند رأسه فالتفت الميت إلي وقال سوف أشكرك عند الله غدا يا عمر ثم عاد كما كان
ويروى عن أبي علي الروذباري قال قدم علينا فقير فمات فدفناه فكشفت عن خده فجعلته على التراب ليرحم الله غربته ففتح عينيه وقال يا أبا علي أتذللني بين يدي من يدللني فقلت يا سيدي أحياة بعد الموت فقال بلى أنا محب لله وكل محب لله فهو حي يا روذباري لأنصرنك غدا لجاهي عنده
وقال أبو سعيد الخراز كنت بمكة فجزت على باب بني شيبه فرأيت بـه شابا حسن الوجه ميتا فنظرت في وجهه فتبسم في وجهي وقال يا ابا سعيد أما علمت أن الأحباء أحياء وإن ماتوا فإنما ينقلون من دار إلى دار
واعلم رحمك الله أن الميت وإن كان لا يتكلم فقد يسمع الله تعالى كلاما منـه ويريه على صورة حياة بشارة له بصلاته عليه ودفنـه إياه واشتغاله به
وقد حدثني الفقيه أبو القاسم عبد الرحمن بن يحيى القرشي قال لما مات أبي غسله المقريء أبو الحسن بن عطية فقال لي أبو الحسن لما كشفت الثوب عن وجهه لأغسله ضحك في وجهي لا أشك في ذلك ولا أرتاب
وإذا جاز الخبر الأول جاز هذا أيضا فأبو القاسم وأبو الحسن صادقان عدلان من أهل المعرفة والذكاء
وذكر الوليد بن عثمان وكان من الصالحين قال قدم علينا في إشبيليه رجل أسود فأقام في المسجد الذي كنت فيه ثم انتقل عنـه لعلة أصابته فأقام في فرن يرقد فيه على الحطب ويتصدق عليه ثم إنـه مات فنقلته إلى داري لأغسله فكشفت عنـه الثوب لأغسله فبينما أنا أغسله إذ رأيت وجهه قد ابيض بياضا شديدا وصار مثل القمر ليلة البدر حسنا وعم البياض وجهه وعنقه خاصة دون سائر جسده فراعني ما رأيت وأرعدت وأصابني دهش عظيم فرددت الرداء على وجهه وخرجت فأنذرت جماعة من أصحابي وجئت بهم معي وأعلمتهم قصته فلما كشفوا الرداء عن وجهه راعهم حسنـه وجماله وابيضاضه

وسائر جسده أسود كما كان وتسامع الناس بـه فما كدنا نبلغ قبره إلى الليل من كثرة الزحام على نعشـه وكثرة من حضر جنازته رحمـه الله
ذكر هذه القصة ابن مغيث في كتاب التهجد وذكرها غيره أيضا
وذكر عمر بن ذر أنـه مات رجل من جيرانـه وكان مسرفا على نفسه فتحامى كثير من الناس جنازته فلم يحضرها وحضرها عمر فلما دفن وقف على قبره فقال يرحمك الله فلقد عشت عمرك بالتوحيد وعفرت وجهك بالسجود وإن قالوا مذنب وذو خطايا فمن منا غير مذنب وذي خطايا

الباب الخامس ما يقال عند حضور الميت وما جاء في البكاء عليه ذكر مسلم بن الحجاج عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون
قالت فلما مات أبو سلمة أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات قال قولي اللهم اغفر لي وله واعقبني منـه عقبى حسنة قالت ففعلت فأعقبني الله من هو خير لي منـه محمدا صلى الله عليه و سلم
وعنـها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال لي إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المـهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه
وأبو سلمة هذا كان زوج أم سلمة
وعن أم سلمة قالت لما مات أبو سلمة قلت غريب وفي أرض غربة لأبكينـه بكاء يتحدث بـه عنـه فكنت قد تهيأت للبكاء عليه إذ أقبلت امرأة من

الصعيد تريد أن تسعدني فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال أتريدين أن يدخل الشيطان بيتا أخرجه الله منـه مرتين قال فكففت عن البكاء فلم أبك
وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنـهما قال لما طعن عمر أغمي عليه فصيح عليه فلما أفاق قال أما علمتم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن الميت ليعذب ببكاء الحي
وعن عمر أيضا في هذا الحديث قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه
وعنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم المعول عليه يعذب
وعن ابن عباس قال لما مات عمر ذكرت ذلك لعائشة يعني قول عمر عن رسول الله في البكاء على الميت فقالت يرحم الله عمر والله ما حدث رسول الله صلى الله عليه و سلم قط أن الميت يعب ببكاء أحد ولكنـه قال إن الله يزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه وقالت عائشة حسبك القرآن لا تزر وازرة وزر أخرى قال وقال ابن عباس عند ذلك والله أضحك وأبكي
وعن عروة بن الزبير قال ذكر لعائشة أن ابن عمر يرفع إلى النبي صلى الله عليه و سلم إن الميت يعذب في قبره ببكاء أهله
فقالت إنما قال رسول الله إنـه ليعذب بخطيئته أو بذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن
وعن عمرة بنت عبد الرحمن أنـها سمعت عائشة رضي الله عنـها وقد ذكر لها أن عبد الله بن عمر يقول إن الميت ليعذب ببكاء الحي فقالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما أنـه لم يكذب ولكنـه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بيهوديه يبكى عليها فقال إنـهم ليبكون عليها وإنـها لتعذب في قبرها

قد صح حديث عمر وابن عمر رضي الله عنـهما في تعذيب الميت ببكاء الحي من حديثهما وصح أيضا من حديث المغيرة بن شعبة
وذكر مسلم بن الحجاج عن المغيرة بن شعبة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول من نيح عليه فإنـه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة
وعائشة رضي الله عنـها إنما حدثت بما سمعت وأنكرت ما لم تسمع وقال بعض العلماء أو أكثرهم إنما يعذب الميت ببكاء الحي عليه إذا كان البكاء من سنة الميت واختياره أو يكون قد وصي به
وقد روى ما يدل على أن الميت يصيبه عذاب ما ببكاء الحي وإن لم يكن من سنته ولا من اختياره ولا مما أوصى به
ذكر ابن أبي خيثمة من حديث قيلة بنت مخرمة وذكرت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ولدا لها مات ثم بكت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أيغلب أحدكم أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفا فإذا حال بينـه وبينـه من هو أولى بـه منـه استرجع ثم قال اللهم أثبني فيما أمضيت وأعني على ما أبقيت فوالذي نفس محمد بيده إن أحدكم ليبكي فيستعبر إليه صويحبه فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم وإسناده لا بأس به
ومساق هذا الحديث يدل على أن بكاء هذه لم يكن من اختيار ابنـها لأن ابنـها صاحب من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا كان هذا البكاء المعروف في الجاهلية الذي كان من اختيار الميت ومما يوصي به
ذكر البخاري من حديث النعمان بن بشير قال أغمي على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته تبكي وتقول واجبلاه واكذا واكذا تعدد عليه فقال حين أفاق ما قلت شيئا إلا قيل لي أأنت كذلك فلما مات لم تبك عليه وهذا أيضا لم يكن من سنة عبد الله بن رواحة ولا من اختياره ولا مما أوصى بـه لأن منصبه في الدين أجل وأرفع من أن كان يأمر بهذا أو يوصي به

وفي هذا الباب حديث أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال الميت يعذب ببكاء الحي عليه إذا قالت النائحة واعضداه واناصراه واكاسباه جذب الميت وقيل له أأنت عضدها أأنت ناصرها أأنت كاسبها ذكره أبو عمر بن عبد البر في الاستذكار
وأيضا فإن البكاء عند العرب يكون البكاء المعروف وتكون النياحة وقد يكون معها الصياح وضرب الخدود وشق الجيوب ولا أعلم خلافا أن ذلك حرام وقد ورد الوعيد على هذا كله
ذكر مسلم بن الحجاج رحمـه الله من حديث أبي بردة بن أبي موسى الأشعري قال وجع أبو موسى وجعا فغشي عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة من أهله فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال أنا بريء ممن بريء منـه رسول الله صلى الله عليه و سلم فإن رسول الله بريء من الصالقة والحالقة والشاقة
وفي لفظ آخر عن عبد الرحمن بن يزيد وأبي بردة قالا أغمي على أبي موسى فأقبلت امرأته أم عبد الله تصيح برنة ثم أفاق فقال ألم تعلمي وكان يحدثها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال انابريء ممن حلق وصلق وخرق
الصالقة هي التي ترفع صوتها بالعويل عند المصيبة والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة والشاقة التي تشق ثوبها كل ذلك عند المصيبة
ذكر مسلم أيضا من حديث ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال اثنتان في الناس هما بهم كفر

الطعن في النسب والنياحة على الميت
وعن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركوهن الفخر في الاحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة على الميت
وقال النائحة على الميت إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب
وأما البكاء من غير نياحة فقد ورد فيه الإباحة وهو بكاء الرحمة والرأفة التي لا يكاد يخلو منـها البشر ولا يوجد قلب إلا وبه منـها أثر
وقد قال عمر رضي الله عنـه دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقه والنقع ارتفاع الصوت واللقلقة تتابع ذلك
وقال أبو عبيدة قال بعضهم يريد عمر بالنقع وضع التراب على الرأس قال أبو عبيد وليس النقع عندي في هذا الحديث إلا الصوت الشديد واللقلقة رفع الصوت
وأما حديث النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الباب في إباحة البكاء من غير نياحة ولا صياح فصحيح مشـهور
ذكر مسلم بن الحجاج عن أسامة بن زيد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيا أو ابنا لها في الموت فقال للرسول ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار بأجل المسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب فعاد الرسول فقال إنـها قد أقسمت لتأتينـها قال فقام الرسول صلى الله عليه و سلم وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت ورجال وانطلقت معهم فرفع إليه الصبي ونفسه تقعقع كأنـها شن ففاضت عيناه فقال له سعد بن عبادة ما هذا يا رسول الله قال هذه رحمة جعلها الله في قلوب العباد وإنما يرحم الله من

عباده الرحماء
وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ولد لي الليلة غلام سميته باسم أبي إبراهيم وذكر الحديث وفيه فدعا النبي صلى الله عليه و سلم بالصبي فضمـه إليه وقال ما شاء الله أن يقول قال أنس لقد رأيته وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم فدمعت عينا رسول الله فقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون
قوله يكيد بنفسه يعني يموت
وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنـهما قال اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود فلما دخل عليه وجده في غشية فقال أوقد قضى قالوا لا يا رسول الله قال فبكى رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما رأى القوم بكاءه بكوا فقال ألا تسمعون إن الله عز و جل لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب وإنما يعذب بهذا وأشار إلى لسانـه أو يرحم
وذكر أبو عبد الرحمن النسائي من حديث أبي هريرة قال مات رجل من آل رسول الله صلى الله عليه و سلم فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينـهاهن فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم دعهن يا عمر فإن العين دامعة والفؤاد مصاب والعهد قريب
وعن جابر بن عبد الله قال قتل أبي يوم أحد فجعلت أكشف الثوب عن وجهه وأبكي وجعل الناس ينـهونني ورسول الله لم ينـهني وجعلت عمتي تبكيه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم تبكيه أو لا تبكيه ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه

ويروى عن عائشة رضي الله عنـها قالت لما مات عثمان بن مظعون كشف رسول الله صلى الله عليه و سلم الثوب عن وجهه وقبل بين عينيه وبكى بكاء طويلا فلما رفع على السرير قال طوبى لك يا عثمان لم تلبسك الدنيا ولم تلبسها وبكاء النبي صلى الله عليه و سلم على عثمان بن مظعون مشـهور وذكره أبو داود وغيره
وأما نعي الميت والإعلام بموته إذا قصد بذلك اجتماع الناس للصلاة عليه لما يناله من دعائهم له واستغفارهم ورغبتهم إلى الله تعالى فيه وسؤالهم ولما ينالون أيضا من ثواب الصلاة عليه فمنـه مفروض ومندوب إليه ومنـه غير جائر
وقد نعى النبي صلى الله عليه و سلم النجاشي للناس في اليوم الذي مات فيه وقال استغفروا لأخيكم وخرج بالناس إلى المصلى فصف بهم وصلى عليه وكبر أربع تكبيرات
وكان موت النجاشي ببلد بعيد عن مدينة النبي صلى الله عليه و سلم
ذكر نعي النجاشي والصلاة عليه مسلم بن الحجاج وغيره من حديث أبي هريرة وغيره
وقد نعى النبي صلى الله عليه و سلم زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة نعاهم قبل أن يجيء خبرهم وعيناه تذرفان
وقد قال عليه السلام لا يموت فيكم ميت إلا أعلمتموني بـه فأمر بأن يعلم بكل ميت من المسلمين ليصلي عليه لما في صلاته صلى الله عليه و سلم من البركة والرحمة ولإقامة سنته أيضا في الصلاة على موتى المسلمين وفي صلاة المسلمين بعضهم على بعض ودعاء بعضهم لبعض
وقال صلى الله عليه و سلم إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء
ذكره أبو داود من حديث أبي هريرة
وقال عليه السلام من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط فإن

تبعها فله قيراطان قيل وما القيراط قال أصغرهما مثل أحد يريد مثل جبل أحد
ذكره مسلم وغيره من حديث أبي هريرة وغيره
وأما إذا كان نعي الميت والإعلام بموته ليجمع الناس عليه على معنى التعظيم له والمصيبة بفقده والتفاخر بما يجتمع له من الناس ويحضره من الأشراف فهذا لا يجوز
وعلى هذا يخرج نـهي النبي صلى الله عليه و سلم عن النعي
ذكر الترمذي من حديث حذيفة بن اليمان قال إذا مت فلا تؤذنوا بي أحدا إني أخاف أن يكون نعيا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم ينـهى عن النعي وأما المفروض من هذا الباب فهو ان يدعى للصلاة على الميت من تقوم بـه سنة الصلاة عليه

الباب السادس ما يحذر من سوء الخاتمة وما سبق من ذلك لأكثر الخلق في السابقة اعلم رحمك الله أن هذا أمر إذا ذكر حقيقة ذكره انفطرت له القلوب وتشققت وانصدعت له الأكباد وتقطعت ولولا أن الآجال محدودة والأنفاس معدودة فلا يتجاوز ذلك المحدود ولا يزاد على ذلك المعدود لزهقت الأنفس عند أول ذكره زهوقا لا تجد لسرعته طعم وفاة بل تكاد تنعدم معه انعداما لا تعود معه إلى وجود ولا حياة ولكنـها مربوية مدبرة مقهورة مصرفة تخرج إذا أذن لها في الخروج وتلج إذا أذن لها في الولوج وقد كتب عليها الوجود والبقاء فلا انعدام ولا مطمع لها في ذلك ولا مرام
وما يمنع القلوب رحمك الله من الانشقاق والانصداع والانفطار والانقطاع والذي يلقى المختوم له بهذه الخاتمة عذاب لا تقوم السموات والأرض لشدته ولا آخر لمدته وما منا أحد إلا ويخاف أن يكون هو وما الذي أمنـه منـه وما الذي حاد بـه عنـه والخاتمة مغيبة والعاقبة مستورة والأقدار غالبة والنفس كما تدري والشيطان منـها بحيث تدري وهي مصغية إليه ملتفتة نحوه مقبلة عليه

وأنشدوا في هذا المعنى
( هي النفس إن تنظر إلى الحق نظرة ... فإن لها في غيره نظرات )
( وإن نـهضت يوما إلى الله نـهضة ... فإن لها عنـه غدا نـهضات )
( إلى الله أشكوها فبالله حولها ... وبالله تمضي في الأمور وتأتي )
كذا جرت الأقلام وانبرمت الأحكام فقسم الخلق إلى قسمين وفرقهم إلى فريقين شقي وسعيد غوي ورشيد قريب وبعيد ذميم وحميد ارتفاع واتضاع واتصال وانقطاع إجابة وامتناع وانت يا هذا ما تدري بما جرى سهمك ولا كيف ثبت في هذه الأسماء اسمك
( قد حكم الله بما شاء من ... وضع لمن شاء وإعلاء )
( وقدر الأمر على ما يرى ... من منع أقوام وإعطاء )
( وأبرمت أحكامـه في الورى ... من قبل بإسعاد وإشقاء )
( وأنت لا تدري بماذا جرت ... طيرك في محكم الأجواء )
( هل بشفاء أو بسعد وهل ... مرت برشد أو بإغواء )
( فاقدح زناد الخوف بين الحشا ... واقنع من النوم بإغفاء )
( وابك على نفسك حتى ترى ... ما اسمك في مثبت الأسماء )
ورد في الخبر الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة وإنما الأعمال بالخواتيم وروي أيضا من طريق آخر ليس فيه فيما يبدو للناس
وصح عنـه صلى الله عليه و سلم أنـه قال جف القلم بما أنت لاق
وقال صلى الله عليه و سلم رفعت الأقلام وجفت الصحف

ذكر هذه الأحاديث مسلم والبخاري والترمذي وعند أحدهم ما ليس عند الآخر
وأنشد بعضهم
( قد جرت الأقلام في ذا الورى ... بام من أمر العليم الحكيم )
( وخطت الشيء على حكمـه ... في علمـه السابق منـه القديم )
( فمن سعيد وشقي ومن ... مثر من المال وعار عديم )
( ومن عزيز رأسه في السهى ... ومن ذليل وجهه في التخوم )
( ومن صحيح شدت أركانـه ... وآخر واهي المباني سقيم )
( كل على منـهاجه سالك ... ذلك تقدير العزيز العليم )
فانظر رحمك الله كيف تقرعين عاقل في هذه الدار وكيف يستقر بـه فيها قرار مع هذه الحال وتوقع هذا المآل واشتغال هذا الخاطر وتقسم هذا البال
كلا لا حلول له ولا قرار ولا ريع ولا دار ولا قلب إلا مستطار ولا نوم ينامـه إلا غرار حتى يدري أين مسقط رأسه ومحط رجله وما المورد والمنـهل وفي أي المحال يحل وفي أي المنازل بعد الموت ينزل
كما قال الأول
( وكيف تنام العين وهي قريرة ... ولم تدر في أي المنازل تنزل )
وقال غيره
( وكيف بالنوم على زأرة ... من أسد تكشر أنيابه )
( وانت في ذا غير مستعتب ... في منزل قد كسرت أبوابه )

( وثلمت بالروع حيطانـه ... وفرقت بالخوف حجابه )
لكن حجاب الغفلة الذي غطى القلوب كثيف فلا يرى ما وراءه والوقر الذي في الآذان عظيم فلا يسمع من ناصح دعاءه
روى في الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال يجاء بالموت يوم القيامة كأنـه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال يا أهل الجنة هل تعرفون هذا قال فيشرئبون وينظرون ويقولون نعم هذا الموت ثم يقال يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون ويقولون نعم هذا الموت فيذبح ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ( وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ) وأشار بيده إلى الدنيا
وقال البخاري ( وهم في غفلة ) وهؤلاء في غفلة أهل الدنيا وهم لا يؤمنون
فانظر رحمك الله إلى عظيم هذه الغفلة وكثافة حجابها وكيف منعت من النظر في هذا الحديث والفكرة فيه والعمل بمقتضاه
وقد بكى أولو الألباب على هذا فأكثروا وسهروا من أجله الليالي الطويلة وأسهروا ورام عاذلوهم كفهم عما هم فيه فلم يقدروا وكلموهم في الإقصار فلم يقصروا ولم يسمعوا ولم يبصروا وذلك للعلم الذي لاح لهم والتأييد الذي شملهم والتوفيق الذي قطع عنـهم ما صدهم عن طريق الله عز و جل وشغلهم وربما هبت عليهم نفحات الرجاء فاستبشروا وسكنوا من ذلك الهيجان وفتروا ثم ذكروا ما هم معرضون له فعادوا لما كانوا عليه من الاجتهاد وربما زادوا عليه وأكثروا
ومع هذا فإنـهم لشدة خوفهم وكثرة جزعهم يحسبون كل صيحة عليهم ويظنون كل إشارة إنما يشار بها إليهم

كما روى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنـه سمع قارئا يقرأ ( والطور وكتاب مسطور ) قال هذا قسم حق فلما بلغ القاريء إلى قوله عز و جل ( إن عذاب ربك لواقع ) ظن أن العذاب قد وقع بـه فغشي عليه
وسمع آخر قارئا يقرأ ( خذوه فغلوه ) أو آية نحوها فغشي عليه
ومر آخر على رجل يبيع الخيار وهو يقول الخيار عشرة بدانق فغشي عليه فلما أفاق قيل له مم غشي عليك فقال أوما سمعته يقول الخيار العشرة بدانق وإذا كانت قيمة الخيار هذه فكم تكون قيمتي وقيمة أمثالي
فانظر إلى هذا لم يلق باله إلى أنـه الخيار المأكول لشدة خوفه وسوء ظنـه بنفسه
والأخبار في هذا الباب كثيرة فلتسلك رحمك الله على منـهاج هؤلاء العقلاء ولتمش على آثار هؤلاء الفضلاء ولتتزين بزينة هؤلاء الحكماء وأدم حسرتك وأطل زفرتك وامزج بدم الفؤاد عبرتك وابك ثم ابك وصل البكاء بالبكاء والأسى بالأسى حتى تنكشف لك هذه الغشاوة وتنجلي عنك هذه العماية كما قال الأول وقد دعي إلى الخلافة وكان قد تعرض له متعرض دونـها
( رويدك حتى تنظري عم تنجلي ... عماية هذا العارض المتألق )
وبكى سفيان الثوري ليلة إلى الصباح فقيل له أبكاؤك هذا على الذنوب فأخذ تبنة من الأرض وقال الذنوب أهون من هذه إنما أبكي خوف الخاتمة
وبكى سفيان وغير سفيان لأنـه الأمر الذي يبكى عليه ويصرف الاهتمام كله إليه وقال القائل
( والذي أبكى الجفون دما ... فغدت من ذاك في غدر )

( سابق لم يدر كيف جرى ... في القضاء الحتم والقدر )
( وأمور في الورى خفيت ... عن ذوي الألباب والنظر )
( فدع الأنفاس صاعدة ... ودموع العين تنحدر )
( وابك لا جفت دموعك ما ... ضاع من أيامك الغرر )
وقد قيل لا تكف دمعك حتى ترى في المعاد ربعك وقيل لا تكحل عينك بنوم حتى ترى حالك بعد اليوم
وقيل لا تبت وأنت مسرور حتى تعلم عاقبة الأمور
وقيل لا يخصب لك الجناب ولا تأنس بكعاب حتى ترى ما خط لك في أم الكتاب وتستبين العاقبة والمآب
وأنشد
( حاسب النفس قبل يوم الحساب ... وأذقها العذاب قبل العذاب )
( وأصبها من الأسى بشواظ ... ينضج اللحم قبل نضج الإهاب )
( وإذا ما بكيت يوما بدمع ... فبدمع من الفؤاد مشاب )
( وحذار حذار أن تتهنا ... بطعام تناله أو )
( أو منام تنام بالليل حتى ... تستبين المآل يوم المآب )
وقيل يا ابن آدم الأقلام عليك تجري وأنت في غفلة لا تدري يا ابن آدم دع المغاني والأوطار والمنازل والديار والتنافس في هذه الدار حتى ترى ما فعلت في أمرك الأقدار
وسمع بعض الصالحين منشدا ينشد
أيا راهبي نجران ما فعلت هند

فبكى ليلته كلها فلما أصبح قيل له ما كان شأنك البارحة وما الذي أبكاك فقال سمعت منشدا ينشد
ايا راهبي نجران ما فعلت هند
فقلت في نفسي ما فعلت الأقدار في وماذا جرت بـه علي
وقد علمت رحمك الله أن الناس صنفان صنف مقرب مصان وآخر مبعد مـهان صنف نصبت له الأسرة والحجال وجمعت لهم الرغائب والآمال والأرائك والكلال وآخرون أعدت لهم الأراقم والصلال والمقامع والأغلال وضروب الأهوال والأنكال وأنت لا تعلم من أيهما أنت ولا في أي الفريقين كتبت
وأنشدوا
( نزلوا بمكة من قبائل نوفل ... ونزلت بالبيداء أبعد منزل )
( وتقلبوا فرحين تحت ظلالهم ... وطرحت بالصحراء غير مظلل )
( وسقوا من الصافي المعتق ربهم ... وسقيت دمعة واله متململ )
( يا قسمة قسمت ولم يعلم بها ... وقضية ثبتت لأمر الأول )
( هل فيك للملك المـهيمن نظرة ... فتزيل من داء البعاد المعضل )
( فأجاب يسمع نفسه عن نفسه ... والعقل يسمعها إذا لم تعقل )
( هيهات قد سبق القضاء بما ترى ... فاكفف سؤالك بعد ذا أو فاسأل )
البيت الأول قديم
وقيل من قعد بـه جده لم ينـهض بـه جده
قال أبو القاسم القشيري كان أبو علي الدقاق كثيرا ما ينشد
( ما حيلتي تفعل الأقدار ما أمرت ... والناس ما بين ذي غي وذي رشد )

وقال إذا كان الرضا والغضب صفة أزلية فما تنفع الأذيال المقصرة والأقدام المورمة والوجوه المصفرة
وقيل يا ابن آدم أي شيء يمنعك وأي مكان يعصمك إذا كانت الأقدار تطلبك
ومر على بعض الصالحين بيهودي ميت قد أوصى أن يدفن ببيت المقدس فقال أيكابر هؤلاء الأقدار أما علموا أنـهم لو دفنوا في الفردوس الأعلى لجاءت لظى بأنكالها حتى تأخذه إليها وتنطلق بـه معها
وقال آخر من حكم له بالسعادة لا يشقى أبدا وإن ألح غاويه وكثر معاديه وأحيط بـه من جميع نواحيه ومن حكم له بالشقاوة لا يسعد أبدا وإن عمر ناديه وأخصب واديه وحسنت أواخره ومباديه كم من عابد ظهرت عليه أنوار العبادة وآثار الإرادة وبدت منـه مخايل السعادة وارتفع صيته وانتشر في الآفاق ذكره وعظم في الناس شأنـه وقدره جمحت الأقدار بـه جمحة ردته على عقبيه وسلبته ما كان في يديه وأخذت بناءه من قواعده فألقته عليه فنعوذ بالله من درك الشقاء وجهد البلاء وشماتة الأعداء برحمته
وأعلم رحمك الله أن لسوء الخاتمة أعاذنا الله منـها أسبابا ولها طرق وأبواب أعظمـها الإكباب على الدنيا والإعراض عن الأخرى والإقدام بالمعصية على الله تعالى
وربما غلب على الإنسان ضرب من الخطيئة ونوع من المعصية وجانب من الإعراض ونصيب من الافتراء فملك قلبه وسبى عقله وأطفأ نوره وأرسل عليه حجبه فلم تنفع فيه تذكرة ولا نجعت فيه موعظة فربما جاءه الموت على ذلك فسمع النداء من مكان بعيد فلم يتبين المراد ولا علم ما أراد وان أعاد عليه وأعاد
يروى أن بعض رجال الناصر بن علناس نزل بـه الموت فجعل ابنـه يقول له قل لا إله إلا الله فقال الناصر يا مولاي فأعاد عليه فأعاد هو ثم أصابته

غشية فلما أفاق قال الناصر أمولاي ثم قال لابنـه يا فلان الناصر إنما يعرفك بسيفك فالقتل ثم القتل ثم مات
وقيل لآخر وقد نزل بـه الموت قل لا إله إلا الله فقال الدار الفلانية أصلحوا فيها كذا والجنان الفلاني افعلوا فيه كذا
هذا فيما حدثت عنـه ولم أشـهده وفيما أذن لي أبو طاهر السلفي أن أخطه في الديوان الذي وقع فيه هذا الحديث أن رجلا نزل بـه الموت فقيل له قل لا إله إلا الله فجعل يقول بالفارسية ده يازده دوازده تفسيره عشرة أحد عشر اثنا عشر كان هذا الرجل من أهل العمل والديوان فغلب عليه الحساب والميزان
كما روي ان رجلا نزل بـه الموت فقيل له قل لا إله إلا الله فجعل يقول أين الطريق إلى منجاب
وهذا الكلام فيه قصة وذلك أن رجلا كان واقفا على باب داره وكان بابها يسبه باب فمرت بـه جارية لها منظر وهي تقول أين الطريق إلى منجاب فقال لها هذا منجاب وأشار إلى داره فدخلت الدار فدخل وراءها فلما رأت نفسها معه في داره وليست ب علمت أنـه خدعها فأظهرت له البشر والفرح باجتماعها معه على تلك الخلوة في تلك الدار وقالت له يصلح أن يكون عندنا ما يطيب بـه عيشنا وتقر بـه عيوننا فقال لها الساعة آتيك بكل ما تريدين وبكل ما تشتهين وخرج فتركها في الدار ولم يغلقها وتركها مفتوحة على حالها ومضى فأخذ ما يصلح لهما ورجع ودخل الدار فوجدها قد خرجت وذهبت ولم يجد لها أثرا فهام الرجل بها وأكثر الذكر لها والجزع عليها وجعل يمشي في الطرق والأزقة وهو يقول
( يا رب قائلة يوما إذا بلغت ... أين الطريق إلى منجاب )
وبعد اشـهر مر في بعض الأزقة وهو ينشد هذا البيت وإذا بجارية تجاوبه من طاق وهي تقول
( هلا جعلت لها إذ ظفرت بها ... حرزا على الدار أو قفلا على الباب )

فزاد هيمانـه واشتد هيجانـه ولم يزل كذلك حتى كان من أمره ما ذكر فنعوذ بالله من المحن والفتن
ويروى أن رجلا عشق شخصا واشتد كلفه بـه وتمكن حبه من قلبه حتى وقع لما بـه ولزم الفراش من أجله وتمنع ذلك الشخص واشتد نفاره عنـه فلم تزل الوسائط تمشي بينـهما حتى وعد بأن يعوده فأخبر بذلك البائس ففرح واشتد سروره وانجلى غمـه وجعل ينتظر الميعاد الذي ضرب له فبينما هو على ذلك إذ جاءه الماشي بينـهما وقال إنـه وصل معي إلى بعض الطريق ورجع فرغبت إليه وكلمته في إنجاز وعده والوفاء بعهده فقال إني أخاف الفضيحة ولا أدخل مداخل السوء والريب ولا أعرض نفسي لمواقع التهم وسألته فأبى وانصرف فلما سمع اليائس هذا سقط في يده وعاد إلى أشد مما كان بـه وبدت علائم الموت وأماراته عليه
قال الراوي فسمعته يقول وهو في تلك الحال
( سلام يا راحة العليل ... وبرء داء المدنف النحيل )
( لقاك اشـهى إلى فؤادي ... من رحمة الخالق الجليل )
قال فقلت له يا فلان اتق الله فقال قد كان فقمت عنـه فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت قد قامت عليه فنعوذ بالله من سوء العاقبة وشؤم الخاتمة بكرمـه
واعلم أن سوء الخاتمة أعاذنا الله منـها لا يكون لمن استقام ظاهره وصلح باطنـه وإنما يكون ذلك لمن كان له فساد في العقل وإصرار على الكبائر وإقدام على العظائم فربما غلب ذلك عليه حتى ينزل بـه الموت قبل التوبة ويثب عليه قبل الإنابة ويأخذه قبل إصلاح الطوية فيصطلمـه الشيطان عند تلك الصدمة ويختطفه عند تلك الدهشة والعياذ بالله ثم العياذ بالله أن يكون لمن كان مستقيما لم يتغير عن حاله ويخرج عن سنته ويأخذ في غير طريقه

فيكون ذلك سببا لسوء الخاتمة وشؤم العاقبة والعياذ بالله إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونـه من وال
وقد سمعت بقصة بلعام بن باعوراء وما كان آتاه الله من آياته وأطلعه عليه من بيناته وما أراه من عجائب ملكوته
أخلد إلى الأرض واتبع هواه فسلبه الله سبحانـه جميع ما أعطاه وتركه مع من استماله وأغواه
ويروى أنـه كان بمصر رجل يلزم مسجدا للأذان والصلاة فيه وعليه بهاء الطاعة وأنوار العبادة فرقي يوما المنارة على عادته للأذان وكان تحت المنارة دار لذمي نصراني فاطلع فيها فرأى ابنة صاحب الدار فافتتن بها فترك الأذان ونزل إليها ودخل الدار عليها فقالت له ما شأنك وما تريد فقال أنت أريد قالت لماذا قال لها قد سلبت لبي وأخذت بمجامع قلبي قالت له لا أجيبك إلى ريبة
قال لها أتزوجك قالت أنت مسلم وأنا نصرانية وأبي لا يزوجني منك قال لها أتنصر قالت إن فعلت أفعل فتنصر الرجل ليتزوجها وأقام معهم في الدار فلما كان في أثناء ذلك اليوم رقى إلى سطح كان في الدار فسقط منـه فمات فلا هو بها اتصل ولا هو بدينـه حصل فنعوذ بالله ثم نعوذ بالله

الباب السابع تلقين الميت بعد الدفن والدعاء له وقراءة القرآن عنده وذكر محاسنـه والسكوت عن مساوئه
يروى عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا مات أحدكم فسويتم التراب عليه فليقم أحدكم على رأس قبره ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنـه يسمع ولا يجيب ثم ليقل يا فلان ابن فلانة الثانية فإنـه يستوي جالسا ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فإنـه يقول أرشدنا يرحمك الله ولكنكم لا تسمعون فيقول اذكر ما خرجت عليه من دار الدنيا شـهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما
فإن منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منـهما بيد صاحبه ويقول انطلق بنا ما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته ويكون الله حجيجهما دونـه فقال رجل يا رسول الله فإن لم تعرف أمـه قال ينسبه إلى أمـه حواء
ويروى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه حضر جنازة رجل فلما دفن قال سلوا الله لأخيكم التثبيت فإنـه الآن يسأل
وعن بعض الصالحين أنـه قال مات أخ لي فرأيته في النوم فقلت يا أخي ما كان حالك حين وضعت في قبرك قال أتاني آت بشـهاب من نار فلولا أن داعيا دعا لي لهلكت

قال شبيب بن أبي شيبة أوصتني أمي عند موتها فقالت لي يا بني إذا دفنتني فقم عند قبري وقل يا أم شيبة قولي لا إله إلا الله قال فلما دفنتها قمت عند قبرها فقلت يا أم شيبة قولي لا إله إلا الله ثم انصرفت فلما كان من الليل رأيتها في المنام فقالت لي يا بني كدت أن أهلك لولا أن تداركني لا إله إلا الله فلقد حفظت وصيتي يا بني
وروى أن رجلا قال رأيت رجلا وقد ذكر رجلا معروفا قال رأيته في النوم وكأنـه قد مات وحمل إلى قبره وكنت ممن شـهده فرأيته قد وضع في قبره فرأيت بابا قد فتح في جانب القبر كأنـه باب مغارة وهي مملوءة ظلمة فخرج من ذلك الباب أسدودان مـهيبا المنظر فأخذا ذلك الميت وجعلا يجذبانـه إلى المغارة والميت ساكت فبينما هما كذلك إذ أقبل رجل كان مشـهورا بالعبادة وكان ذلك الميت يحسن إليه فلما رآه الميت استغاث بـه يا فلان فقال ذلك الرجل سلام لا بأس وأخذ بيده واستنقذه الرجل ذلك الميت ثم صعد بـه إلى السماء
قال الراوي فاستيقظت فوجدت ذلك الرجل المجذوب قد مات وكنت ممن شـهد جنازته
فأول أهل العلم بالتأويل ان ذلك الجذب الذي كان الناس يجذبون ذلك الميت دعاؤهم له ورغبتهم إلى الله فيه وأخذ ذلك الرجل بيد الميت هو دعاؤه له وثواب الخير الذي كان يعمل معه
وروى مسلم بن الحجاج من حديث عبد الرحمن بن شماسة المـهدي قال حضرنا عمر بن العاص وهو في سياق الموت فبكى طويلا ثم حول وجهه إلى الجار فجعل ابنـه يقول ما يبكيك يا أبتاه أما بشرك رسول الله صلى الله عليه و سلم بكذا أما بشرك بكذا قال فأقبل بوجهه وقال إن أفضل ما نعد شـهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إني كنت على أطباق ثلاثة لقد رأيتني وما أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه و سلم مني ولا أحب إلي أن أكون قد تمكنت منـه فقتلته فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار

فلما جعل الله الإسلام في قلبي أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت ابسط يمينك أبايعك فبسط يمينـه فقبضت يدي قال مالك يا عمرو قلت أردت أن اشترط قال تشترط ماذا قلت أن يغفر لي قال أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله
وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا أجل في عيني منـه وما كنت أطيق أن أملأ عيني منـه إجلالا له فلو سئلت أن أصفه لم أطق ذلك لأني لم أكن أملأ عيني منـه إجلالا له فلو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة
ثم ولينا أشياء وما أدري ما حالي فيها فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة ولا نار فإذا دفنتموني فشنوا علي التراب شنا ثم أقيموا حول قبري قد ما ينحر جزور ويقسم لحمـها حتى أستأنس بكم وانظر ماذا أراجع بـه رسل ربي
قوله حتى استأنس بكم يريد أن يستأنس بدعائهم له وبذكرهم الله عز و جل عنده
وروى أبو عبد الرحمن النسائي من حديث معقل بن يسار المزني عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال اقرأوا يس على موتاكم
فيحتمل أن تكون هذه القراءة عند موته ويحتمل أن تكون عند قبره
ويروى عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنـهما أنـه أمر أن يقرأ عند قبره سورة البقرة
وقد روى إباحة القراءة عند القبر العلاء بن عبد الرحمن
ويروى أيضا أن أحمد بن حنبل رجع إلى هذا بعدما كان ينكره
وذكر أبو داود من حديث عائشة رضي الله عنـها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم
وعن عائشة أيضا قالت ذكر عند رسول الله صلى الله عليه و سلم هالك بسوء فقال

صلى الله عليه و سلم لا تذكروا هلكاكم إلا بخير
وروى البخاري عنـها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا تسبوا الأموات فإنـهم قد أفضوا إلى ما قدموا

الباب الثامن ذكر القبور اعلم رحمك الله أن في القبر وظلمته وضيقه ووحشته وطرح الميت فيه غير موسد ولا د قد باشر الثرى وواجه البلى وترك دنياه للورى ونبذ منـها ما كان في يديه بالعراء مع حبيب تركه وقريب أسلمـه ونصير أفرده وترك ما كان عهده ما يفطم النفوس عن الشـهوات وإن كانت صعبة الفطام ويقطعها عن اللذات وإن كان قطعها بعيد المرام إذا بحث عن الحقيقة ونظر بعين البصيرة وسمع النداء من قريب
بينما المرء في بلهنية مرتكضا في أمنيته غافلا عن يوم صرعته ومنيته قد فتح للهو بابه وأرسل عليه حجابه ولم يبال بمن لامـه في ذلك أو عابه إذ هجمت عليه المنية فهتكت أستاره وكسفت أنواره وطمست أعلامـه وآثاره فأخرجته من ذلك القصر المشيد والمنزل المنجد والمتاع المزخرف المنضد إلى حفرة من الأرض سوداء ضيقة الجوانب والأرجاء مملوءة من القرع والرعب ما شاء
فحذار رحمك الله حذار أن تنزع هذا المنزع وبدار عصمك الله بدار أن تصرع هذا المصرع فيفت في عضدك ويسقط في يدك ويرمي بك عن أهلك وولدك في مـهواة تزدحم فيها الأهوال وتنقطع فيها الآمال قد جمعت فيها جمعا ورصعت فيها رصعا وتركت للهوام والدود طعما ومرعى

وأنشدوا
( يا نائما والمنون يقضى ... وغائبا وال أوفى )
( جاءك أمر وأي أمر ... طم على غيره وعفى )
( هل بعد هذا المشيب شيء ... غير تراب عليك يحفى )
( فليس ذا الأمر بالهويني ... ولا بشيء عليك يخفى )
( من بعدما المرء في براح ... يهتز تيها بـه وظرفا )
( ساكن نفس قرير عين ... يرشف ثغر النعيم رشفا )
( إذ عصفت في ذراه ريـ ... ـح تقصف كل الظهور قصفا )
( فبات في أهله حصيدا ... قد جعفته المنون جعفا )
( فعاد ذاك النعيم بؤسا ... وصار ذاك السكون رجفا )
( وسيق سوقا إلى ضريح ... يرصف بالرغم فيه رصفا )
( وبات للدود فيه طعما ... وللهوام العطاش رشفا )
( وليته لم يكن رهينا ... بكل ما قد هفا وأهفا )
ولعلك قد كنت في الدنيا ممن يشكو تبديل المنازل وإن كانت حسانا ويكثر فيه تلونا وافتنانا ولا ترى لربك عز و جل فيها تفضلا ولا امتنانا
فانظر الآن كم بين المنزلتين وكم قدر ما بين الوحشتين إلا أن يدركك فيض الرحمة وتغشاك روائح المنة فتتسع من القبر أقطاره وتمتد أنواره ويكثر مؤنسوه وزواره
وأنشدوا في هذا المعنى
( من كان يوحشـه تبديل منزله ... وأن يبدل منـها منزلا حسنا )

( ماذا يقول إذا ضمت جوانبها ... عليه واجتمعت من ها هنا وهنا )
( ماذا يقول إذا أمسى بحفرته ... فردا وقد فارق الأهلين والسكنا )
( هناك يعلم قدر الوحشتين وما ... يلقاه من بات باللذات مرتهنا )
( يا غفلة ورماح الموت شارعة ... والشيب ألقى برأسي نحوه الرسنا )
( ولم أعد مكانا للنزولا ولا ... أعددت زادا ولكن غرة ومنى )
( إن لم يجد من توالى جوده أبدا ... ويعف من عفوه من طالبيه دنا )
( فيا إلهي ومزن الجود واكفة ... سحا فتمطرنا الأفضال والمننا )
( آنس هنالك يا رحمن وحشتنا ... والطف بنا وترفق عند ذاك بنا )
( نحن العصاة وانت الله ملجؤنا ... وأنت مقصدنا الأسني ومطلبنا )
( فكن لنا عند بأساها وشدتها ... أولى فمن ذا الذي بها يكون لنا )
وكان عثمان بن عفان رضي الله عنـه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا
فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول القبر أول منزل من منازل الآخرة فإن نجا منـه صاحبه فما بعده أيسر منـه وإن لم ينبح منـه فما بعده أشد منـه
وسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ما رأيت منظر قط إلا والقبر أفظع منـه ذكره الترمذي
وذكر الترمذي أيضا من حديث أبي سعيد الخدري قال دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مصلاه فرأى أناسا كأنـهم يكثرون فقال أما أنكم لو أكثرتم ذكر هادم اللذات لشغلكم عما أرى أكثروا ذكر هادم اللذات الموت فإنـه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه فيقول أنا بيت الغربة أنا بيت الوحدة أنا بيت التراب أنا بيت الدود والهوام فإذا دفن العبد المؤمن قال له القبر مرحبا وأهلا أما إن كنت لأحب من يمشي على ظهري إلي فإد وليتك اليوم وصرت إلي

فسترى صنعي بك قال فيفسح له مد بصره ويفتح له باب إلى الجنة وإذا دفن العبد الفاجر أو الكافر قال له القبر لا مرحبا ولا أهلا أما إن كنت لمن أبغض من يمشي على ظهري إلي فإذا وليتك اليوم وصرت إلي فسترى صنعي بك قال فيلتئم عليه حتى يلتقي عليه وتختلف أضلاعه قال وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم بأصابع يديه فأدخل بعضها في بعض وقال ويقيض الله له سبعين تنينا لو أن واحدا منـها نفخ في الأرض ما أنبتت شيئا ما بقيت الدنيا فتنـهشـه وتخدشـه حتى يبعث إلى الحساب قال وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار
وروى أبو الحجاج الثمالي قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول القبر للميت إذا وضع فيه ويحك يا ابن آدم ما غرك بي ألم تعلم أني بيت الفتنة وبيت الظلمة وبيت الوحدة وبيت الدود و ما غرك بي إذ كنت تمر بي فدادا قال فإن كان مصلحا أجاب عنـه مجيب القبر فيقول أرأيت إن كان ممن يأمر بالمعروف وينـهى عن المنكر قال فيقول القبر فإني إذن أعود عليه خضرا ويعود جسده نورا ويصعد روحه إلى رب العالمين
ذكر هذا الحديث أبو أحمد الحاكم في كتاب الكنى وذكره أيضا قاسم بن أصبغ
قيل لأبي الحجاج ما الفداد قال الذي يقدم رجلا ويؤخر أخرى يعني الذي يمشي مشية المتبختر
وقال مجاهد أول ما يكلم ابن آدم حفرته تقول أنا بيت الدود وبيت الوحدة وبيت الوحشة وبيت الظلمة وبيت الغربة هذا ما أعددت لك يا ابن آدم فماذا أعددت لي
وقال بعض الحكماء أربعة أبحر لأربعة الموت بحر الحياة والنفس بحر الشـهوات والقبر بحر الندامات وعفو الله بحر الخطيئات

وقال أبو الدرداء ألا أخبركم بيوم فقري يوم أنزل قبري
وكان جعفر بن محمد يأتي القبور ليلا ويقول يا أهل القبور مالكم إذا دعوتكم لا تجيبوني ثم يقول حيل بينـهم والله وبين الجواب وكأني أكون مثلهم وأدخل في جملتهم ثم يستقبل القبلة ويصلي حتى يطلع الفجر
وأنشدوا
( يا نائما بالضريح هبا ... هاك نسيم الصباح هبا )
( وكل من نام قد تشفى ... وقام من نومـه وهبا )
( قم تروحه النـهار طلقا ... وصدره للأنام رحبا )
( والناس كل إلى هواه ... حرك طرفا وسل عضبا )
( قم ويك طال ذا هجوع ... وطال حزني له وأربي )
( كم ذا أنادي ولا مجيب ... يجيب دامي الفؤاد صبا )
( ولو أنادي جماد صخر ... لرق لي لوعة ولبى )
( فقال لي ينطق اعتبارا ... تفهمـه الفتية الألبا )
( يمنعني أن أجيب خطب ... صير سلم الخطوب حربا )
( أخرس مني ألد خصما ... وقاد مني أشم صعبا )
( فخل عني وعن جوابي ... فبحر همي يعب عبا )
( ولتبك إن كنت ذا بكاء ... نفسك ذنبا أتت فذنبا )
( فيا إلهي ومن إليه ... مددت كفي رهبا ورغبا )
( بدد لحمي ورض عظمي ... وردني للهوام نـهبا )
( وروعة للنشور عظمى ... قدت فؤادي خوفا ورعبا )
( رحماك في بائس فقير ... قد طاف شرقا وطاف غربا )
( فلم يجد حاجة تقضي ... ولا رأى دعوة تلبى )

( إلا ومن أفقكم حياها ... تسكب فوق الأنام سكبا )
( فاغفر إلهي ذنوب عبد ... تبت يداه بهن تبا )
( إن لم ينل من رضاك حظا ... ولم يصب من جداك شربا )
( فالحمد في ذاكم وفي ذا ... نال أجاجا أو نال عذبا )
قال عمر بن عبد العزيز لبعض جلسائه يا فلان لقد أرقت البارحة تفكرا في القبر وساكنـه أنك لو رأيت الميت في قبره بعد ثلاث لاستوحشت منـه بعد طول الأنس بـه ولرأيت بيتا تجول فيه الهوام ويجري فيه الصديد وتخترقه الديدان مع تغير الريح وتقطع الأكفان وكان ذلك بعد حسن الهيئة وطيب الريح ونقاء الثوب ثم شـهق شـهقة ثم خر مغشيا عليه
حدثنا سليمان بن أحمد قال أخبرنا محمد بن زكريا العلائي قال أخبرنا معدي بن سابق البهدلي قال بلغنا أن عمر بن عبد العزيز شيع جنازة فلما انصرفوا تأخر عمر عنـها وأصحابه فقال له أصحابه يا أمير المؤمنين أنت لم تأخرت عنـها وتركتها فقال نعم ناداني القبر من خلفي يا عمر بن عبد العزيز ألم تسألني ما صنعت بالأحبة قلت بلى قال خرقت الأكفان ومزقت الأبدان ومصصت الدم وأكلت اللحم ألا تسألني ما صنعت بالأوصال قلت بلى قال نزعت الكفين من الكوعين وكذلك الفخذين من الركبتين والركبتين من الساقين والساقين من القدمين
ثم بكى عمر وقال ألا إن الدنيا بقاؤها قليل وعزيزها ذليل وغنيها فقير شابها يهرم وحيها يموت ولا يغركم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها والمغرور من اغتر بها أين سكانـها الذين بنوا مرابعها وشققوا أنـهارها وغرسوا أشجارها وأقاموا فيها أياما يسيرة وغرتهم بصحبتهم وغروا بنشاطهم فركبوا المعاصي إنـهم كانوا والله في الدنيا مغبوطين بالمال على كثرة المنع عليه محسودين على جمعه ما صنع التراب بأبدانـهم والرمل بأجسامـهم والديدان بعظامـهم وأوصالهم وإذا مررت فنادهم إن كنت مناديا وادعهم إن كنت لا بد

داعيا ومر بعسكرهم وانظر إلى تقارب منازلهم وسل غنيهم ما بقي من غناه وسل فقيرهم ما بقي من فقره وأسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون وعن الأعين التي كانوا بها ينظرون وسلهم عن الأعضاء الرقيقة والوجوه الحسنة والأجساد الناعمة ما صنعت بها الديدان محت الألوات وأكلت اللحمان وعفرت الوجوه ومحت المحاسن وكسرت الفقار وأبانت الأعضاء ومزقت الأشلاء
قد حيل بينـهم وبين العمل وفارقوا الأحبة فكم من ناعم وناعمة أصبحت وجوههم بالية وأجسادهم من أعناقهم بائنة وأوصالهم متمزقة وقد سالت الحدق على الوجنات وامتلأت الأفواه دما وصديدا ودبت دواب الأرض في أجسامـهم وتفرقت أعضاؤهم ثم لم يلبثوا والله إلا يسيرا حتى عادت العظام رميما قد فارقوا الحدائق فصاروا بعد السعة إلى المضايق قد تزوجت نساؤهم وترددت في الطرق أبناؤهم فمنـهم والله الموسع له في قبره الغض الناعم فيه المتنعم بلذته فيا ساكن القبر ما الذي غرك في الدنيا هل تظن أنك تبقى أو تبقى لك أين دارك الفيحاء نـهرك المطرد وأين ثمرتك الحاضر ينعها وأين رقاق ثيابك وأين كسوتك لصيفك وشتائك هيهات هيهات يا مغمض الوالد والأخ وغاسله يا مكفن الميت وحامله يا مدليه في قبره وراحل عنـه
ليت شعري كيف نمت على خشونة الثرى يا ليت شعري بأي خديك بدأ البلى يا مجاور الهلكى صرت في محلة الموتى
ليت شعري ما الذي يلقاني بـه ملك الموت عند خروجي من الدنيا وما يأتيني بـه من رسالة ربي ثم أنشد
( تغر بما يفني وتشغل بالصبا ... لقد غر باللذات في النوم حالم )
( نـهارك يا مغرور سهو وغفلة ... وليلك نوم والردى لك لازم )

( وتعمل فيما سوف تكره حبه ... كذلك في الدنيا تعيش البهائم )
ثم انصرف فما بقي بعد ذلك إلا جمعة
حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن الحسين الحضرمي قال أخبرنا أسد بن زيد قال كنا مع عمر بن عبد العزيز في جنازة فلما أن دفن الميت ركب بغلة له صغيرة ثم جاء إلى قبر فركز عليه المقرعة فقال السلام عليك يا صاحب القبر قال عمر فناداني مناد من خلفي عليك السلام يا عمر بن عبد العزيز عم تسأل فقلت عن ساكنك وجارك قال أما البدن فعندي وأما الروح فعرج بـه إلى الله عزوجل وما أدري أي شيء حاله قلت أسألك عن ساكنك وجارك قال أسلت المقلتين على الخدين ومزقت الأكفان وأكلت الأبدان ثم ذكر نحوه وزاد فلما ذهبت أقفي ناداني ياعمر عليك بكفن لا يبلى قلت وما كفن لا يبلى قال اتقاء الله والعمل الصالح
وفي بعض الخطب المروية يا ابن آدم لا يغرنك ارتفاع ذكرك ونفاذ أمرك وتشييد قصرك مع ما جمعت فيه من الظباء الشرد والأوانس النـهد والمتاع المزخرف المنجد فإنك تخرج منـه بالرغم والأمر الجزم إلى بيت الحجارة والرضم فتغتسل فيه بصديدك وتأنس فيه بحشراتك ودودك إلى أن تبلغك الرجفة لهلاك هذا المعمور ثم الصيحة ليوم النشور وبعثرة القبور فتخرج بالأمر الكبار إلى دارك دار القرار إما إلى الجنة وإما إلى النار
وأنشد بعضهم
( من كان مسكنـه قصرا يشيده ... فإن مسكنـه من بعد ذا جدث )
( ومن تكن فرشـه فيها مرقشة ... ففرشـه في ضريح بعدها الرثث )
( ومن تكن آنسوه خردا لعبا ... فآنسوه هناك الدود والعثث )
( ومن غدا وسط نار شعره جزل ... فإن آخره التمزيق والشعث )

( وليته مع هذا لو أقام غدا ... لكنـه لمـهول بعد ينبعث )
( وليس ذا الأمر مما يستطاع له ... وصف ولكنـها الأمثال تعترث )
( فالبحر مضربه لذي الندى مثل ... والنار تذكرها إذ يذكر الغرث )
وقيل لبعض الزهاد ما أبلغ العظات فقال النظر إلى محلة الأموات
يروى أن الاسكندر مر بمدينة قد ملكها عدة ملوك وبادوا فقال هل بقي من نسل هؤلاء الملوك أحد فقيل له ما بقي منـهم إلا رجل واحد يكون في هذا المقابر فدعا بـه فلما حضر قال له ما الذي حملك على لزوم المقابر قال أردت أن أميز عظام الملوك من عظام عبيدهم فوجدت الكل سواء فقال له الاسكندر هل لك أن تتبعني فأحيي بك شرف أبائك إن كانت لك همة فقال إن لي همة عظيمة فإن كان بغيتي عندك تبعتك قال ما بغيتك قال حياة لا موت فيها وشباب ليس معه هرم وغنى ليس معه فقر وسرور ليس معه مكروه قال ليس ذلك عندي فقال وأي خير أرجوه عندك إن لم يكن عندك هذه الأشياء فامض لشأنك ودعني أطلب ذلك ممن يملكه وممن هو عنده ثم عاد إلى مكانـه
ومر رجل مسافر بغلام في صحراء فقال له يا غلام أين العمران فقال له اصعد الرابية تشرف على العمران فصعد فأشرف على قبور فرجع إليه فقال سألتك عن العمران فدللتني على القبور فقال إني رأيت أهل هذه الدنيا ينقلون إلى تلك ولم أر أحدا من تلك ينقل إلى هذه وإنما ينتقل من الخراب إلى العمران ولو سألتني عما يواريك ويواري دابتك لدللتك عليه
وكان يزيد الرقاشي رحمـه الله يقول أيها المقبور في حفرته المستخلي في القبر بوحدته المستأنس في بطن الأرض بعمله ليت شعري بأي أعمالك استبشرت وبأي أحوالك اغتبطت ثم يبكي حتى يبل عباءته ثم يقول

استبشر والله بأعماله الصالحة واغتبط بإخوانـه المعاونين له على طاعة الله عز و جل
وكان إذا رأى القبور يخور كما يخور الثور
ومر داود الطائي رحمـه الله بامرأة تبكي على قبر وهي تقول
( عدمت الحياة فلا نلتها ... إذا أنت في القبر قد وسدوكا )
( وكيف ألذ بطعم الكرى ... وها أنت في القبر قد أفردوكا )
ثم قالت يا أبناه بأي خديك بدأ الدود أولا قال فخر داود مغشيا عليه
وقال حاتم الأصم من مر بفناء القبور ولم يتفكر في نفسه ولم يدع لهم فقد خان نفسه وخانـهم
وعن صلة بن أشيم أنـه دفن أخا له ثم وقف على قبره وقال
( فإن تنج منـه تنج من ذي عظيمة ... وإلا فإني لا أخالك ناجيا )
وكان بكر العابد يقول لأمـه يا أماه ليتك كنت بي عقيما وإن لابنك في القبر حبسا طويلا وإن له من بعد ذلك رحيلا
وقال يحيى بن معاذ رحمـه الله يا ابن آدم دعاك ربك إلى دار السلام فانظر من أين تجيبه إن أجبته من دنياك دخلتها وإن أجبته من قبرك منعتها
وكان الحسن بن صالح إذا أشرف على القبور قال ما أحسن ظواهرك إنما الدواهي في بواطنك
وكان عطاء السلمي إذا جن الليل يخرج إلى القبور فيقول يا أهل القبور متم فواماتاه وعاينتم أعمالكم فواعملاه ثم يقول غدا يكون عطاء في القبور فلا يزال ذلك دأبه إلى الصبح
وقال سفيان الثوري رحمـه الله من أكثر ذكر القبر وجده روضة من رياض الجنة

ومن غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار
وقال أحمد بن حرب رحمـه الله تتعجب الأرض ممن يمـهد مضجعه ويسوي فراشـه للنوم تقول يا ابن آدم ألا تذكر طول رقادك في جوفي وما بيني وبينك شيء
وأنشد بعضهم
( يا ليتني والأماني غير طائلة ... إلا تعلل مشغوف بها شغلا )
( علمت أي بلاد الله مضطجعي ... إذا تباين عني الروح وانفصلا )
( لعلني أن أشوب أدمعي بدمي ... فيه واشرح من حزني بـه جملا )
( وأن أسوي من تربائه بيدي ... حتى يكون وثير المس معتدلا )
( هيهات هيهات ما للقبر تسوية ... إلا اليقين وإلا القول والعملا )
ومر علي بن أبي طالب رضي الله عنـه بالمقابر فوقف عليها فقال السلام عليكم أهل الديار الموحشة والمحال المقفرة أنتم لنا سلف ونحن لكم تبع وبكم عما قليل لاحقون اللهم اغفر لنا ولهم وتجازو عنا وعنـهم طوبى لمن ذكر المعاد وعمل للحساب وقنع بالكفاف ورضي في جميع أحواله عن الله تعالى
ثم قال يا أهل القبور أما الزوجات فقد نكحت وأما الديار فقد سكنت وأما الأموال فقد قسمت هذا خير ما عندنا فما خير ما عندكم ثم التفت إلى أصحابه فقال أما أنـهم لو تكلموا لقالوا وجدنا خير الزاد التقوى
ويروى أن رجلا دخل على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنـه فرآه قد تغير لونـه من كثرة العبادة واستحالت صفته فجعل يتعجب من تغير لونـه فقال له عمر يا ابن أخي وما تعجبك مني فكيف لو رأيتني بعد قبري بثلاث وقد خرجت الحدقتان فسالتا على الخدين وتقلصت الشفتان عن

الأسنان وخرج الصديد والدود من المناخر والفم وانتفخ البطن فعلا على الصدر وخرج الصلب عن الدبر لرأيت إذ ذاك مني أعجب مما رأيت الآن
واعلم رحمك الله أنـه من أقام هذا الخيال نصب عينيه وتفكر في الميت وما يؤول إليه ثم نظر فيما يقدم بعد ذلك عليه وعلم أن جسمـه الغض وبدنـه اللين سيطرح في حفرة تقطع أوصاله وتغير أحواله ثم يتبين بعد ذلك مآله ويطلب بكل ما عمله وقاله لم يشغل بميت باله ولم يبك إلا لنفسه لا له
وأنشدوا
( لمن جدث أبصرته فشجاني ... وأرسل في شجو الهموم عناني )
( سفكت عليه أدمعي فسقيته ... كما هو من كأس الشجون سقاني )
( وقفت بـه حيران وقفة هائم ... أعالج قلبا دائم الخفقان )
( وما بي من في القبر لكن رأيته ... على حالة فيها وشيك أراني )
وأنشدوا أيضا
( لمن الأقبر في تلك الربى ... ملأت صدري شجوا وأسى )
( لمن الأوجه فيها كسفت ... بعد حسن وجمال وضيا )
( لمن الأجسام فيها بليت ... بعد زهو وشباب وانتشا )
( ومن الفرسان فيها قد نسوا ... روعة الحرب بروعات الثرى )
( ورموا إذ هتف الموت بهم ... بسيوف الهند رعبا والقنا )
( ومن الخرد فيها شد ما ... فتكت قبل بآساد الشرى )
( نظر الموت إليها فغدت ... تنفر الأنفس منـها إذ ترى )
( لمن الأقبر في تلك الربى ... ألبست جسمي أثواب الضنا )
( يا جفونا أرسلت أدمعها ... ما بذا بأس لو ارسلت الدما )
( صاح يا صاح ونيران الجوى ... علقت مني بأثناء الحشا )

( لا تظنن بكائي لهم ... ليس والله لهم هذا البكا )
( إنما أبكي لنفسي لا لهم ... فكأني اليوم فيهم أو غدا )
( هامد الجمرة موهون القوى ... دائم الحسرة مقطوع العرى )
( رب يا رب يا رب الورى ... ما ترى في عبد سوء ما ترى )
( كفر الأحسان قدما وبغى ... وطغى ثم طغى ثم طغى )
( ما ترى في أمره يا من ترى ... كل شيء وهو رب لا يرى )
( ليس إلا عفوك المرجو أو ... دفعة تنزله قعر لظى )
( وعياذا بك يا مولاي أن ... يلتوي في يده حبل الرجا )
( وإذا اسلمته رب فمن ... يقصد اليوم له أو يرتجى )
ولعلك يا هذا الباكي على ميته لا تفرغ من بكائك عليه حتى ينزل بك ما نزل بـه فتكون قد ضيعت وقتك بسببه ولم تشف صدرك من وصبه ولا قضيت ببكائك جميع أربه كما روى عن عبد الملك بن قريب الأصمعي قال رأيت بالبادية امرأة على راحلة تطوف حول قبر تبكي وتنشد وتقول
( يا من بمقلته زها الدهر ... قد كان منك تطاول الأمر )
( زعموا قتلت وما لهم خبر ... كذبوا وقبرك ما لهم عذر )
( يا قبر سيدنا المجن سماحة ... صلى الإله عليك يا قبر )
( ما ضر لحدا أنت ساكنـه ... ألا يمر بأرضه القطر )
( فلينبعن سماح جودك في الثرى ... وليورقن بقبرك الصخر )
( وإذا غضبت تصدعت فرقا ... منك الجبال وخافك الذعر )
( وإذا رقدت فأنت منتبه ... وإذا انتبهت فوجهك البدر )
( والله لو بك لم أدع أحدا ... إلا قتلت لفاتني الوتر )

قال الأصمعي فأعجبني شعرها فدنوت منـها لأكلمـها وأسألها عن أمرها فإذا هي قد سقطت ميتة
وقال ميمون بن مـهران رحمـه الله خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقابر فلما نظر إليها بكى ثم قال وأقبل علي يا ميمون هذه قبور آبائي بني أمية كأن لم يشاركوا أهل الدنيا في لذاتهم وطيب عيشـهم أما تراهم صرعى قد حلت بهم المثلات واستحكم فيهم البلى وأصابت الهوام في أجسامـهم مقيلا ثم بكى وقال والله لا أعلم أحدا أنعم ممن صار إلى هذه القبور وقد أمن من عذاب الله عز و جل وقال ثابت البناني دخلت المقابر فلما أردت الخروج منـها إذا بصوت يقول يا ثابت لا يغرنك صموت أهلها فكم من نفس معذبة فيها
ويروى أن فاطمة بنت الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنـهم نظرت إلى جنازة الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فقالت
( وكانوا رجاء ثم عادوا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلت )
ثم ضربت على قبره فسطاطا وأقامت عليه سنة فلما مضت السنة قلعوا الفسطاط ليدخدلوا المدينة فسمعوا صوتا من جانب البقيع يعني المقابر يقول هل وجدوا ما طلبوا فسمعوا صوتا من الجانب الآخر يجاوبه بل يئسوا فانقلبوا
ويروى أن بعض المتعبدين أتى قبرا كان يألف صاحبه فأنشأ يقول
( مالي مررت على القبور مسلما ... قبر الحبيب فلا يرد جوابي )
( فأجبت مالك لا تجيب مناديا ... أمللت بعدي خلة الأصحاب )
( أكل التراب محاسني فنسيتكم ... وحجبت عن أهلي وعن أحبابي )
قال فهتف بي هاتف يقول

( قال الحبيب وكيف لي بجوابكم ... وأنا رهين جنادل وتراب )
( فعليكم مني السلام تقطعت ... مني ومنكم عقدة الأسباب )
وقال أبو موسى التيمي توفيت النوار امرأة الفرزدق فخرج في جنازتها وجوه أهل البصرة وقراؤها وفيهم الحسن بن أبي الحسين البصري فقال الحسن للفرزدق يا أبا فراس ما أعددت لهذا اليوم
فقال شـهادة أن لا إله إلا الله منذ ستين سنة وخمس نجائب لا يدركن يعني الصلوات الخمس فلما دفنت النوار قام الفرزدق على قبرها وقال
( أخاف وراء القبر إن لم يعافني ... أشد من القبر التهابا وأضيقا )
( إذا قادني يوم القيامة قائد ... عنيف وسواق يسوق الفرزدقا )
( لقد خاب من أولاد آدم من مشى ... إلى النار مغلول القلادة أزرقا )
( يساق إلى نار الجحيم مسربلا ... سرابيل قطران لبوسا محرقا )
( إذا شربوا فيها الحميم رأيتهم ... يذوبون من حر الجحيم تمزقا )
وقال مالك بن دينار أتيت القبور يوما فقلت فيها بيتين
( أتيت القبور فناديتها ... وأين المعظم والمحتقر )
( وأين المدل بسلطانـه ... واين العزيز إذا ما افتخر )
قال فنوديت من بينـها أسمع صوتا ولا أرى شخصا وهو يقول
( تفانوا جميعا فلا مخبر ... وماتوا جميعا ومات الخبر )
( وصاروا إلى مالك قاهر ... عزيز مطاع إذا ما أمر )
( تروح وتغدو بنات الثرى ... وتمحو محاسن تلك الصور )
( فيا سائلي عن أناس مضوا ... أمالك فيما ترى معتبر )
( لقد قلد القوم ما قدموا ... فإما نعيم وإما سقر )
قال مالك فرجعت وأنا أبكي
وأنشد بعضهم
( قف بالقبور بأكباد مصدعة ... ودمعة من سواد القلب تنبعث )

( وسل بها عن أناس طالما رشفوا ... ثغر النعيم وما في ظله مكثوا )
( ماذا لقوا في خباياها وما قدموا ... عليه فيها وما من أجله ارتبثوا )
( وعن محاسنـهم إن كان غيرها ... طول المقام ببطن الأرض واللبث )
( وما لهم حشرات الأرض تنـهشـهم ... نـهشا تزول له الأعضاء والنجث )
( وتلكم الفتيات إذ طرحن بها ... هل كان فيهن ذا التغيير والشعث )
( فإن يجبك على لأي مجيبهم ... ولن يجيب وأنى ينطق الجدث )
( فانظر مكانك في أفناء ساحتهم ... فإنـه الجد لا هزل ولا عبث )
( واعمل لمصرع يوم هال أوله ... ومن أمامك فيه الروع والجأث )
ولعك أيضا ممن يرفع قبر وليه ويزخرفه ويشيده ويشتغل بظاهره ويغفل عن باطنـه ولا يدري هل أبيض على من فيه أو أسود وهل انفرج له أو انسد وما ساكنـه اشقي أم سعيد غوي أو رشيد وأحسن عنده أن يتصدق بتلك النفقة عنـه ليزداد بها حسنة أو يحط عنـه بها سيئة
وأنشدوا
( ليت شعري ساكن القبر المشيد ... هل وجدت اليوم فيه من مزيد )
( وهل الباطن فيه مثل ما ... هو في الظاهر تزويقا وشيد )
( وهل الأركان منـه بالتقى ... نيرات أو بأعمالك سود )
( وهل المضجع فيه لين ... أو سعير ما لها فيه خمود )
( ليت شعري ساكن القبر المشيد ... أشقي أنت فيه أم سعيد )
( أقريب أنت من رحمة من ... وسع العالم إحسانا وجود )
( أم بعيد أنت منـها فلقد ... طرقت دارك بالويل البعيد )

( ولقد حل بأرجائك ما ... ضاق عنـه كل ما في ذا الوجود )
( أيها الغافل مثلي وإلى ... كم تعامى وتلوى وتحيد )
( ادن فاقرأ فوق رأسي أحرفا ... خرجت ويحك من قلب عميد )
( صرعته فكرة صادقة ... وهموم كلما تمضي تعود )
( وندامات لأيام مضت ... هو منـها في قيام وقعود )
( وغدا ترجع مثلي فاتعظ ... بي وإلا فامض واعمل ما تريد )
( قد نصحناك فإن لم تره ... سيراه بصر منك حديد )
واعلم رحمك الله أن الشيء الممكن وجوده لا يعرف مقداره على الحقيقة إلا إذا عدم وفقد وطلب فلم يوجد كما قال القائل
( مر الشباب ولم أقدر أراجعه ... ولم أحييه إلا بعدما انصرفا )
( والمرء يجهل قدر الشيء يمكنـه ... حتى إذا فاته إمكانـه عرفا )
ألا ترى رحمك الله أن الصحة لا يعرف مقدارها على الحقيقة إلا المرضى والعافية لا يعرف مقدارها إلا المبتلى فكذلك الحياة لا يعرف مقدارها إلا الموتى لأنـهم قد ظهرت لهم الأمور وانكشفت لهم الحقائق وتبدت لهم المنازل وعلموا مقدار الأعمال الصالحة إذ ليس ينفق هناك إلا عمل صالح زكي ولا يرتفع هناك إلا عبد تقي وكلما ازداد هنا عملا صالحا كان هناك أرفع درجة واشرف رتبة وأكثر وجاهة وكلما ازداد في الدنيا فضيلة كان أقرب إلى الله وسيلة
فلما استبان لهم ذلك وعلموا مقدار ما ضيعوا وقيمة ما فيه فرطوا ندموا وأسفوا وودوا لو أنـهم إلى الدنيا رجعوا وإلى حالتهم الاولى ردوا وكل على حاله فالذي عمل صالحا يود أن لو رجع إلى الدنيا فازداد من عمله الصالح وأكثر من متجره الرابح
والمقصر يود لو رد فاستدرك ما فات ونظر فيما فرط فيه
فالمفرط المـهمل بالجملة يكون تمنيه الرجوع أكثر وحرصه على الإقالة أشد كل يتكلم عن حاله ويخبر عما هو فيه حتى قال الشـهيد الذي قتل في

سبيل الله لما قيل له ما تشتهي قال أريد أن أرجع إلى الدنيا فأقاتل فأقتل مرة أخرى وذلك لما يرى من فضل الشـهادة وازدحام الحور العين عليه حال قتله
وقال غيره رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت وقالوا يا ليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل
وقال صلى الله عليه و سلم ما من أحد يموت إلا ندم قالوا وما ندامته يا رسول الله قال إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع أخرجه الترمذي
ويروى أن رجلا جاء إلى القبور وصلى ركعتين ثم اضطجع على شقه فنام فرأى صاحب القبر في المنام فقال له يا هذا إنكم تعملون ولا تعلمون ونحن نعلم ولا نعمل ولأن تكون ركعتاك في صحيفتي أحب إلي من الدنيا وما فيها
وقال بعض الصالحين مات أخ لي في الله فرأيته في النوم فقلت له يا فلان ما فعل الله بك عشت الحمد لله رب العالمين قال لي لأن أقدر يعني علي أن أقول الحمد لله رب العالمين أحب إلي من الدنيا وما فيها ثم قال ألم تر حيث كانوا يدفنونني فإن فلانا جاء فصلى ركعتين لأن أكون أقدر على أن أصليهما أحب إلي من الدنيا وما فيها
ألا ترى رحمك الله إلى ندمـهم على تفريطهم وتأسفهم على تضييعهم ندموا والله حيث لا ينفع الندم وطلبوا مالا يمكن وسألوا فيما لا يجوز فتركوا على حالهم ولم يسعفوا في سؤالهم وبقي كل واحد منـهم فيما هو فيه
ولما أشرف بعضهم على الآخرة وأخذ في الانحدار إلى أوديتها والتدلي في مـهاويها وأراد التمسك فلم يمكنـه ذلك وأراد التثبيت فلم يقدر عليه والرجوع فلم يجد إليه سبيلا أمر أن يكتب على قبره كذا ويرسم عليه كذا ليكون تذكرة لمن رآه وموعظة لمن مر بـه كما قال القائل

( أيها الماشي بين القبور ... غافلا عن حقيقة المقبور )
( أنا ميت كما تراني طريح ... بين أطباق رضمة وصخور )
( ادن مني أنبيك عني ... ولا ينبيك عني مثل خبير )
( أنا في بيت غربة وانفراد ... مع قربي من جيرتي وعشيرتي )
( ليس لي فيه مؤنس غير سعي ... من صلاح سعيته أو فجور )
( وكذا أنت فاتعظ بي وإلا ... فعذيري منك الغداة عذير )
فمن رأى قبرا فإنما رأى واعظا يعظه ومذكرا يذكره فإن كان القبر ساكتا فإنـه ناطق بلسان الحال ومفصح بما يكون منك في المآل فكأنـه إنما يخاطبك إنسان ويبين لك عاقبتك ويقول لك يا هذا كنت حيا مثلك وقد مت وكذلك أنت تموت فضيعت أمر ربي وندمت وكذلك إن ضيعت أمر ربك ستندم كما قال القائل
( ألا قل لماش على قبرنا ... غفول عن أشياء حلت بنا )
( سيندم يوما لتفريطه ... كما قد ندمنا لتفريطنا )
( فويحك كف خطام الهوى ... وقدم جميلا تفز بالمنى )
والسعيد من وعظ بغيره والشقي من وعظ بنفسه وإنما هي ساعة واحدة وإن طال المدى وامتد العمر واتصلت الأيام كما قال القائل
( وإنما عمرك المرجى ... هذا الذي نلته كساعة )
( وقال الأصمعي أصيب حصير حول الحيرة أجرد فيه رجل عليه خلقان وعند رأسه لوح مكتوب فيه أنا عبد المسيح بن حيان بن نفيلة
( حلبت الدهر أشطره حياتي ... ونلت من المنى فوق المزيد )
( وكافحت الأمور وكافحتني ... فلم أخضع لمعضلة كؤود )
( وكدت أنال بالشرف الثريا ... ولكن لا سبيل إلى الخلود )

وحدثني أبو الطاهر السلفي نزيل الإسكندرية فيما أذن لي أن أحدث بـه عنـه بإسناده إلى وهب بن منبه قال أصيب على قبر إبراهيم الخليل مكتوبا خلفه على حجر
( ألهى جهولا أمله ... يموت من جاء أجله )
( وكيف يبقى آخر ... قد مات عنـه أوله )
( ومن دنا من حتفه ... لم تغن عنـه حيله )
ووقع في كتاب المجالسة لأبي بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري ووجد على قبره مكتوبا
( يا أيها الناس كان لي أمل ... قصر بي عن بلوغه الأجل )
( فليتق الله ربه رجل ... أمكنـه في حياته العمل )
( ما أنا وحدي نقلت حيث تروا ... كل إلى مثله سينتقل )
وعلى آخر مكتوبا
( تناجيك أجداث وهن سكوت ... وسكانـها تحت التراب خفوت )
( أيا جامع الدنيا لغير بلاغه ... لمن تجمع الدنيا وأنت تموت )
ووجد على آخر مكتوب
( وقفت على الأحبة حين صفت ... قبورهم كأفراس الرهان )
( فلما أن بكيت وفاض دمعي ... رأت عيناي بينـهم مكان )
ومما يذكر أنـه وجد شعر قديم بالشام مكتوبا على قبر وقيل إنـه على قصر من قصور اليمن
( ماتوا على قلل الأجبال تحرسهم ... غلب الرجال فلم تمنعهم القلل )
( واستنزلوا بعد عز من معاقلهم ... وأنزلوا حفرة يا بئس ما نزلوا )
( ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا ... أين الأسرة والتيجان والحلل )
( أين الوجوه التي كانت منعمة ... من دونـها تضرب الأستار والكلل )

( فأفصح القبر عنـهم حين ساء لهم ... تلك الوجوه عليها الدود يقتتل )
( لطال ما أكلوا دهرا وما نعموا ... فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا )
( قال أبو القاسم محمد بن سعد رأيت قبرا في بستان كثير النخل والرمان وأصناف الشجر وعليه مكتوب
( كم ساكن في حفرة ... يبلى جديد جماله )
( ترك الأحبة بعده ... يتلذذون بماله )
وقال جعفر بن محمد المستملي عن أبيه قرأت على قبر
( ما حال من سكن الثرى ما حاله ... أمسى وقد صرمت هناك حباله )
( أمسى ولا روح الحياة يصيبه ... يوما ولا لطف الحبيب يناله )
( أضحى وحيدا موحشا متفردا ... متشتتا بعد الجميع عياله )
( أمسى وقد درست محاسن وجهه ... وتفرقت في قبره أوصاله )
( واستبدلت منـه المجالس غيره ... وتقسمت من بعده أمواله )
( هل من قبيل تعلمون مكانـه ... سلمت على حدث الزمان رجاله )
قال وقرأت على قبر أيضا
( يا باكي الميت على قبره ... امض ودعه سوف تسلاه )
( من عاين الموت فذاك الذي ... لم تر مثل الموت عيناه )
( كم من شقيق لم يجد غير أن ... أغمض من يهوى وسجاه )
( وكم محب لحبيب إذا ... سوى عليه اللحد خلاه )
ووجد على قبر مكتوبا
( الموت أخرجني من بيت مملكتي ... والترب مضطجعي من بعد تشريف )
( لله عبد رآى قبري فأعبره ... وخاف من دهره ريب التصاريف )

( هذا مصير بني الدنيا وإن نعموا ... فيها وغرهم طول التساويف )
( استغفر الله من جرمي ومن زللي ... وأسأل الله فوزا يوم توقيف )
ووجد على آخر مكتوبا
( قف واعتبر فكأن قد ... حللت هذا المحلا )
( هذا مكان يساوي ... فيه الأعز الأذلا )
( ما كان لي من صديق ... إلا جفاني وملا )
( وما جفاني ولكن ... طال المدى فتسلى )
وعلى قبر أبي عامر بن شـهيد مكتوب وهو مدفون بإزاء صاحبه أبي مروان الرجال وكأنـه إنما يخاطبه وقد دفنا في بستان كانا كثيرا ما يجتمعان فيه
( يا صاحبي قم فقد أطلنا ... أنحن طول المدى هجود )
( فقال لي لن نقوم منـها ... ما دام من فوقنا الصعيد )
( تذكر كم ليلة نعمنا ... في ظلها إذ الزمان عيد )
( وكم سرور همى علينا ... سحابه ثرة يجود )
( كل كأن لم يكن تقضى ... وشؤمـه حاضر عتيد )
( حصله كاتب حفيظ ... وضمـه صادق شـهيد )
( يا حسرتا إن نكبتنا ... رحمة من بطشـه شديد )
( يا رب عفوا فأنت مولى ... قصر في حقه العبيد )
ورأيت على قبر أحد بني حبيب بإشبيلية مكتوبا في لوح رخام
( عمرت خمسين واثنتين ... في حالة لم تقر عيني )
( أطيع دنيا دفعت عنـها ... إلى التي آذنت بحيني )

( تركت في الحي أصفيائي ... وحيل ما بينـهم وبيني )
( قد بنت عنـهم أخرى الليالي ... ليس كبين الحياة بيني )
( وسوف ينسونني وشيكا ... من بعد خمسين واثنتين )
( إن كان دين الحياة ديني ... فسرني أن قضيت ديني )
ومما وجد على قبر مكتوبا
( إن الحبيب من الأحباب مختلس ... لا يمنع الموت حجاب ولا حرس )
( وكيف تفرح بالدنيا ولذتها ... يا من عليه يعد اللفظ والنفس )
( أصبحت يا غافلا في النقص منغمسا ... وأنت دهرك في اللذات تنغمس )
( لا يرحم الموت ذا جهل لغرته ... ولا الذي كان منـه العلم يقتبس )
( كم أخرس الموت من قبر وقفت بـه ... عن الجواب لسانا ما بـه خرس )
( قد كان قصرك معمورا له شرف ... فقبرك اليوم في الأجداث مندرس )
وأمر أبو العلاء بن زهير وكان طبيب عصره أن يكتب على قبره
( ترحم بفضلك يا واقفا ... وأبصر مكانا دفعنا إليه )
( تراب الضريح على صفحتي ... كأني لم أمشي يوما عليه )
( أداوي الأنام حذار المنون ... فها أنا قد صرت رهنا لديه )
ووجد على قبر مكتوبا
( أنا مشغول بذنبي ... عن ذنوب العالمينا )
( وخطايا موبقات ... تركت قلبي حزينا )
( ولقد كنت جليلا ... في عيون الناظرينا )
( صرت في ظلمة قبري ... خاليا فيه رهينا )
( في ثرى الأرض وحيدا ... في جوار الهالكينا )
( وتركت الأهل والما ... ل لعمري والبنينا )

ذ 209
( ولقد عمرت دهرا ... بعد أحقاب سنينا )
( في نعيم وسرور ... فوق وصف الواصفينا )
( وملكت الشرق والغر ... ب وكان الملك فينا )
( وفتحت المدن قهرا ... وغلبت الغالبينا )
( فأتى الموت علينا ... بعد هذا ففنينا )
( أيها المغرور بادر ... لثواب الصالحينا )
( كل حي سوف يفنى ... غير محيي الميتينا )
ووجد على قبر مكتوبا
( هذي منازل أقوام عهدتهم ... في ظل عيش عجيب ما له خطر )
( صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا ... إلى القبور فلا عين ولا أثر )
ومما يذكر أنـه وجد على قبر بطليلطلة إذ كانت للمسلمين مكتوبا
( كأنك قد رحلت عن المباني ... ووارتك الجنادل والصعيد )
( وناداك الحبيب فلم تجبه ... وقربك منـه في الدنيا بعيد )
( وأصبح مالك المجموع نـهبا ... وعطل بعدك القصر المشيد )
( وصار بنوك أيتاما صغارا ... وعانق عرسك البعل الجديد )
( وأكبر منـه أنك لست تدري ... شقي أنت ويحك أم سعيد )
ووجد على باب مقبرة مكتوبا
( سلام على أهل القبور الدوارس ... كأنـهم لم يجلسوا في المجالس )
( ولم يشربوا من بارد الماء شربة ... ولم يطعموا من كل رطب يابس )
( ولم يك منـهم في الحياة منافس ... طويل المنى فيها كثير الوساوس )
( ألا ليت شعري أين قبر خليلكم ... وقبر العزيز الشامخ المتشارس )

( لقد صرت في غاية الترب واحدا ... فهاهم بها ما بين راج ويائس )
( ولو عقل المرء المنافس في الذي ... تركتم من الدنيا له لم ينافس )

الباب التاسع في زيارة القبور والبكاء عندها وما جاء أن الميت يعرف من زاره ويبلغه دعاء من دعا له وسلام من سلم عليه وفي إباحة زيارة قبر الوالدين المشركين وما جاء أن الموتى يسألون عن الأحياء ويعرفون أحوالهم وأعمالهم
ذكر مسلم بن الحجاج من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه قال زار النبي صلى الله عليه و سلم قبر أمـه فبكى وأبكى الناس من حوله وقال صلى الله عليه و سلم استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنـها تذكر بالموت
وذكر أبو داود من حديث بريدة بن حصيب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم نـهيتكم عن زيارة القبور فزورها فإن في زيارتها تذكرة
وذكر النسائي عن بريدة أيضا عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من أراد أن يزور قبرا فليزره ولا تقولوا هجرا
وذكر أبو عمر بن عبد البر من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال ما من رجل يزور قبر أخيه المؤمن كان يعرفه ويسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام
ويروى من حديث عائشة رضي الله عنـها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما من رجل يزور قبر أخيه فيجلس عنده إلا استأنس بـه حتى يقوم

وذكر النسائي عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن لله ملائكة سياحين يبلغونني من أمتي السلام
وذكر أبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام وقال سليمان بن نعيم رأيت النبي صلى الله عليه و سلم في النوم فقلت يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك ويسلمون عليك أتفقه منـهم قال نعم وأرد عليهم
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أتى المقابر قال السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع أسأل الله لنا ولكم العافية وكان عليه السلام يعلمـهم مثل هذا أن يقولوه إذا دخلوا المقابر وهذا يدل على أن الميت يعرف سلام من يسلم عليه ودعاء من دعا له
ويروى أن الفضل بن موفق قال كنت آتي قبر أبي المرة بعد المرة وأكثر من ذلك فشـهدت يوما جنازة في المقبرة التي دفن فيها فتعجلت بحاجتي ولم آته فلما كان من الليل رأيته في المنام فقال لي يا بني لم لا تأتيني فقلت له يا أبت وإنك لتعلم بي إذا أتيتك قال أي والله يا بني وإنك لتأتيني فما أزال أنظر إليك حتى تطلع من القنطرة حتى تصل إلي وتقعد عندي ثم تقوم فلا أزال أنظر إليك حتى تجوز القنطرة
وكذلك أبيحت زيارة القبور للنساء كما أبيحت للرجال و أبيح لهن البكاء عند القبور كما أبيح للرجال
مر النبي صلى الله عليه و سلم بامرأة تبكي عند قبر صبي لها فقال لها اتقي الله واصبري فقالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه فلما ذهب

قيل لها إنـه النبي صلى الله عليه و سلم فأخذها مثل الموت فأتت بابه فلم تجد على بابه بوابين فقالت يا رسول الله لم أعرفك فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى
والحديث صحيح مشـهور ذكره مسلم والبخاري وغيرهما
ولو كان بكاء النساء عند القبور وزيارتهن لها حراما لنـهاها صلى الله عليه و سلم ولزجرها زجرا يزجر بمثله من أتى محرما وارتكب منـهيا
وما روي من النـهي عن زيارة القبور للنساء فغير صحيح والصحيح ما ذكرت لك من الإباحة إلا أن عمل النساء في خروجهن ما لا يجوز لهن من تبرج أو كلام أو غيره فذلك هو المنـهي عنـه وقد أبيح لك أن تبكي على قبر ميتك حزنا عليه أو رحمة له مما بين يديه فإن وجدت لك بكاء فإبك ومع بكائك على ميتك فلا تغفل عن بكائك على نفسك وعن الفكرة فيما عملته في يومك وأمسك وفي مآلك عند حلول رمسك
بل لو أمكنك أن تجعل بكاءك كله عليك كان الأولى بك والأحمد لك
وأنشدوا
( لمن جدث لدى باب البنود ... صدعت عليه أكباد العميد )
( نظرت إليه منتبذا بعيدا ... فذكرني بمنتبذ بعيد )
( مررت بـه فحادثني حديثا ... أعاد علي أحزاني وعيد )
( وأبكاني وأبكاني وأبكى ... ومثلي من بكى عند اللحود )
( وما بي من ثوى فيها ولكن ... غداة غد سأدخل في العديد
وفي هذا المعنى
( ولما حللنا من بجاية جانبا ... تصان بـه هذي الجسوم وتكرم )
( وجدت لها طيبا وروحا وراحة ... كأني لأنفاس الصبا اتنسم )
( فقلت لصحبي ما الذي أمرجت له ... مقابر منـها لاطيء ومسنم )

( فأوهمتهم أني جهلت وأنني ... لأدري بذاك الأمر منـهم وأفهم )
( فقالوا طلبنا علم ذاك فلم نجد ... سوى رمم ممن تحب وتعظم )
( تضوع بطن الأرض منـها كأنما ... تفتق من دارين مسك مختم )
( ففاضت دموعي عند ذاك وربما ... تشـهر بالدمع السرار المكتم )
( خليلي ما بالي وبال نوائب ... يراع لذكراها فؤادي ويكلم )
( ومما شجاني وهو أعظم أنني ... قذفت بـه مسودة الجوف تلطم )
( ولم أدر ما كانت تحية خصمـه ... له هل ببشرى أم بشنعاء تقصم )
( وأعظم منـها موقعا وأشده ... وما خصني أدهى علي وأعظم )
( بأني في تلك المسالك سالك ... أساق إليها أن أبيت وأرغم )
( وما أنا أدري ما ألاقي وما الذي ... عليه إذا ما كان ذلك أقدم )
( فهل من دم أبكيه صرفا فإنما ... يبكى على هذا من المقلة الدم )
وقد تقدم أن الميت يتأذى ببكاء أهله عليه وفيه حديث ابن أبي شيبة يقول النبي صلى الله عليه و سلم يا عباد الله لا تعذبوا أمواتكم
وربما يتأذى كذلك أو أكثر من ذلك ببكاء غير أهله ويعتبر ذلك بالحي إذا بكى عنده من ليس له غرض في بكائه ولا إرادة في عويله
يروى عن أبي بكر بن اللباد قال حدثتني عائشة الأندلسية وكانت عائشة هذه من الصالحات قالت توفي لي ولد بمصر فقدمت القيروان فكنت أخرج إلى المقابر في باب سلم فأجلس عند قبر وأبكي فرأيت ذات ليلة كأني خرجت إلى باب سلم على عادتي وإذا أهل القبور قعود على أفنية قبورهم الرجال والنساء والصبيان فلما أقبلت إلىالموضع الذي كنت أبكي عنده سمعت أهل القبور يقولون قد جاءت هذه المرأة ألها عندنا قبر تبكي عليه قالوا لا قالوا فلم تؤذينا ببكائها قالت ثم لطمني منـهم ميت في خدي الأيمن قالت فقلت لهم أتلطمون خدي وقد مسست بـه الركن

والحجر الأسود فقالوا لي قبرك بمصر وتؤذينا أنت ها هنا قالت فانتبهت وأثر اللطمة في خدي قال أبو بكر وكشفت لي عن وجهها فرأيت أثر اللطمة سوادا أقام نحوا من أربعين يوما ثم تقشر وذهب
فينبغي لمن زار القبور أن يسلم على أهلها وأن يدعو لهم ويسأل الله عز و جل فيهم ويترك الكلام عندهم بما لا يحل والحديث على رؤوسهم بما لا يحب فإن كان المتكلم لا يدري مقدار ما يقول فإن الميت يدري مقداره ويتحقق موقعه ويتبين ضرره فواجب عليك ألا تؤذيه بسماع ما لا يريد سماعه وألا تدخل عليه ما لا يريد إد وإلا فربما لم يف لك خير زيارتك إياه بشر ما تنقلب بـه من عنده
كان بقرطبة رجل من الزهاد المحتسبين يكنى بأبي مروان وكان دينا فاضلا طلب العلم وروى الحديث وسمع من محمد بن وضاح وسكن عنده إلى أن مات وصلى عليه ابن وضاح ودفنـه بمقبرة تعرف بمقبرة خلال وتعرف أيضا بمقبرة المساكين وكان ابن وضاح بعد ذلك متى حضر جنازة في تلك المقبرة مشى إلى قبر أبي مروان هذا فوقف بـه وسلم عليه ودعا له فحضر جنازة في بعض الأيام في تلك المقبرة وأعجله أمر عن المشي إليه على عادته للسلام عليه والدعاء له قال ابن وضاح فلما كانت الليلة المقبله رأيت أبا مروان في نومي وكأنـه يقول لي يا أبا عبد الله كن إذا دخلت هذه المقبرة وقفت بي وسلمت علي ودعوت لي فأنست بك وفرحت بدعائك ودخلت اليوم فلم تفعل شيئا من ذلك فقلت له يا أبا مروان وإنكم لتعرفون من يقف بكم ويسلم عليكم فقال نعم ولقد قعد ابنك محمد على قبري اليوم مع رجل ما هو إلا يهودي وتكلم بكلام ما هو إلا كفر ولقد تأذيت بقعودهما وكلامـهما قال ابن وضاح فلما أصبحت دعوت ابني محمدا فقلت له أين قعدت أمس إذ حضرنا جنازة فلان قال عند قبر أبي مروان الزاهد فقلت مع من قعدت فكتمني فقلت له مع من قعدت وعزمت عليه فقال لي مع فلان وأعلمني بالقاعد معه فعرفته وكان ذلك الرجل مولعا ببعض الكلام وقلت له فيم تكلمتم وفيم خضتم فقال تكلمنا في الباري تبارك وتعالى وفي القرآن وغير ذلك فقلت

له إياك أن تقاعده أو تتكلم معه أو مع غيره في شيء من هذا فإن أبا مروان أتاني البارحة في نومي فأعلمني بكذا وكذا
وهذه حكاية صحيحة عن ابن وضاح وفي بعض طرقها ان ابنـه قال سبحان الذي جعل أبا مروان وكيلا علينا في حياته وبعد مماته
وكما يتأذى الميت رحمك الله بما يسمع من الكفر فكذلك يتأذى بما يسمع من الفحش والهجر ولكنـه أذى دون أذى فواجب عليك ألا تؤذيه بقليل ولا كثير وإن لم تنفعه فلا تضره
واعلم أن الميت كالحي فيما يعطاه ويهدي إليه بل الميت أكثر وأكثر لأن الحي قد يستقل بما يهدى إليه ويستحقر ما يتحف بـه والميت لا يستحقر شيئا من ذلك ولو كان مقدار جناح بعوضة أو وزن مثقال ذرة لأنـه يعلم قيمته وقد كان يقدر عليه فضيعه
ومما يدلك على صحة وصول ما يهدي الحي إلى الميت قوله صلى الله عليه و سلم إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع بـه أو ولد صالح يدعو له
فدعاء الولد يصل إلى والده وينتفع بـه وكذلك أمره عليه السلام بالسلام على أهل القبور والدعاء لهم ما ذاك إلا لكون الدعاء لهم والسلام عليهم يصل إليهم ويأتيهم والله أعلم
ويروى أن النبي صلى الله عليه و سلم قال الميت كالغريق في قبره ينتظر دعوة تلحقه من ابنـه أو أخيه أو صديق له فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها والأخبار في هذا كثيرة
قال بشر بن منصور كان رجل زمن الطاعون يختلف إلى المقابر ثم يستقبل القبور فيقول أمن الله روعتكم آنس الله وحشتكم رحم الله غربتكم تقبل الله حسناتكم تجاوز الله عن سيئاتكم لا يزيد على هؤلاء الكلمات قال الرجل فانصرفت ذات يوم ولم أدع فلما كان الليل رأيت فيما يرى النائم خلقا

كثيرا قد جاءوني فقلت لهم من أنتم قالوا أهل المقابر قلت وما حاجتكم قالوا إنك قد عودتنا منك هدية تهديها إلينا عند انصرافك قلت وما هي قالوا الدعوات التي كنت تدعو بها لنا قلت فإني أعود لما كنت أدعو بـه قال فما تركت ذلك بعد
وقال بشار بن غالب رأيت رابعة العدوية يعني العابدة في المنام وكنت كثير الدعاء لها فقالت يا بشاء هديتك تأتينا في أطباق من نور عليها مناديل حرير وهكذا يا بشار دعاء المؤمنين الأحياء إذا دعوا لأخوانـهم الموتى فاستجيب لهم يقال هذه هدية فلان إليك
ورأيت لبعض من يوثق بـه قال ماتت لي امرأة فقرأت في بعض الليالي آيات من القرآن فأهديتها لها ودعوت الله عز و جل واستغفرت وسألت فلما كان في اليوم الثاني حدثتني امرأة تعرفني وتعرفها قالت لي رأيت البارحة فلانة في النوم تعني الميتة المذكورة في مجلس حسن في دار حسنة وقد أخرجت لي أطباقا من تحت سرير كان في البيت والأطباق مملوءة قوارير فقالت لي يا فلانة هذا أهداه لي صاحب بيتي قال وما كنت أعلمت بما أهديت من ذلك أحدا
وقال أبو قلابة أقبلت من الشام إلى البصرة فمررت على مقابر فنزلت الخندق فتوضأت وصليت ركعتين ثم وضعت رأسي على قبر فنمت فإذا بصاحب القبر في المنام قد وقف بي ثم قال يا هذا لقد آذيتني منذ الليلة يعني بوضع رأسه على قبره ثم قال جزى الله أهل الدنيا خيرا فإنـهم لا يزال يدخل علينا من دعائهم أمثال الجبال فأقرئهم مني السلام
وحدثني من أثق بـه قال رأى فلان وسمى رجلا موثوقا بـه في النوم فلانة وكانت ميتة قال فقالت لي يا هذا إمض إلى ابنتي فلانة الفاعلة الصانعة تسبها وقل لها أهذا من الصواب أو من البر أن أقعد مع النساء فتأتيهن الطرف والهدايا من عند بناتهن وأخوانـهن وأهليهن وأتطلع وأنا أنظر يمينا وشمالا رجاء أن يأتيني منـها شيء فلا يأتي فأبقى خجلة عند النساء خزيانة بينـهن وقل لها أو لفلانة تمضي إلى موضع كذا وكذا فإن فيه دنانير مدفونة فتفعل بها كذا وكذا قال فوجدت الدنانير كما قالت

والأخبار في هذا الباب كثيرة قديما وحديثا فينبغي لمن دخل المقابر أن يتخيل أنـه ميت وأنـه قد لحق بهم ودخل في معسكرهم وأنـه محتاج إلى ما هم إليه محتاجون وراغب فيما هم فيه راغبون فليأت إليهم بما يحب أن يؤتي بـه إليه وليتحفهم بما يحب أن يتحف بـه وليتفكر في تغيير أحوالهم وألوانـهم وتقطع أبدانـهم وتنكر أحوالهم وكيف صاروا بعد الأنس بهم والتسلي بحديثهم إلى النفار من رؤيتهم والوحشة من مشاهدتهم ويتفكر أيضا في انشقاق الأرض وبعثرة القبور وخروج الموتى وقيامـهم بمرة واحدة حفاة عراة غرلا مـهطعين إلى الداعي مسرعين إلى المنادي
قال مطرف بن أبي بكر الهذلي كانت عجوز متعبدة في بني عبد قيس وكانت إذا جاء الليل قامت في محرابها فإذا جاء النـهار خرجت إلى القبور فعوتبت في كثرة إتيانـها إلى القبور فقالت إن القلب إذا قسا وعتا لم يلينـه إلا زيارة الموتى والوقوف على رسوم البلى فإني لآتي القبور فأقف عليها وأنظر إليها وأعتبر بها وأتفكر فيها فكأني أنظر إليهم وقد خرجوا من بين أطباقها وانبعثوا من تحت أحجارها فيا لها من نظرة لو أشربها العباد قلوبهم ما أشد نـهكتها في الأجسام وأعظم مرارتها في الأنفس
وأعلم أن قبور الصالحين لا تخلو من بركة وأن زائرها والمسلم عليها والقاريء عندها والداعي لمن فيها لا ينقلب إلا بخير ولا يرجع إلا بأجر وقد يوجد لذلك أمارة ويبدو منـها بشارة
روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما نزل يالمأزمين قال له أصحابه يا رسول الله إنا نجد هاهنا ريح مسك فقال وما يمنعكم وها هنا قبر أبي معاوية وأبو معاوية هو عبادة بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه و سلم قتل يوم بدر شـهيدا وكان خرج ذلك اليوم ومات هناك شـهيدا رضي الله عنـه
وروى يحيى بن سعيد عن شعبة بن الحجاج قال
فتن الناس بقبر عبد الله بن غالب كان يوجد ريح المسك منـه
قال مالك بن دينار رحمـه الله ذهبت إلى قبر عبد الله بن غالب رضي الله عنـه فأخذت من ترابه فإذا هو مسك أو كأنـه مسك

وقال حماد بن زيد حدثني سعيد بن زيد قال أدخلت يدي في قبر عبد الله بن غالب إلى المرفق فأخرجت منـه ترابا فإذا ريحه ريح مسك
وقصة هذا القبر صحيحة مشـهورة ولما خيف على الناس منـه الفتنة سوي
حدثنا أبو الوليد إسماعيل بن أحمد المعروف بابن افرند وكان هو وأبوه صالحين معروفين قال قال أبو الوليد مات أبي رحمة الله عليه فحدثني بعض إخوانـه ممن يوثق بـه وبحديثه نسيت أنا اسمـه قال لي زرت قبر أبيك فقرأت عليه حزبا من القرآن ثم قلت له يا فلان هذا أهديته لك فماذا لي قال فهبت علي نفحة مسك غشيتني وأقامت معي ساعة ثم انصرفت وهي معي فما فارقتني إلا وقد مشيت نصف الطريق
وروى أبو محمد عبد الله الكبرى ويعرف بالمغاور وكان من الصالحين والله أعلم مشـهورا بالصدق والخير قال زرت قبر الزبير بن العوام صاحب النبي صلى الله عليه و سلم وقرابته وهو أحد العشرة وقبره بأرض البصرة قال فبينما أنا على قبره إذ رأيتني قد صب علي ماء ورد من الجو فبلني حتى بل مرقعتي رأيت ذلك وأنا حاضر الذهن مفتوح العين
وغير بعيد أن يخلق الله على رأسه ماء ورد يبله بل يبل الأرض كلها إذا شاء كرامة لصاحب نبيه صلى الله عليه و سلم وبشرى لهذا بزيارته إياه ولا يلزم أن يكون هذا لكل زائر ولا عند كل مزور بل يكون الزائر أفضل من هذا والمزور أفضل من ذلك ولا يكون شيء من هذا
وللكلام على هذا موضع آخر
وذكر ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة رضي الله عنـها قالت لما مات النجاشي كان يتحدث أنـه لا يزال يرى على قبره نور
ويستحب لك رحمك الله أن تقصد بميتك قبور الصالحين ومن أهل الخير فتدفنـه معهم وتنزله بإزائهم وتسكنـه في جوارهم تبركا بهم وتوسلا إلى الله تعالى بقربهم وأن تجتنب بـه قبور من سواهم ممن يخاف التأذي بمجاورته والتألم بمشاهدته فقد روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال إن الميت يتأذى بالجار السوء كما

يتأذى بـه الحي
يروى أنـه دفنت امرأة بقرطبة فأتت أهلها في النوم فجعلت تعاتبهم وتشكوهم وتقول ما وجدتم أن تدفنوني إلا إلى بيت فرن جير فبحثوا وسألوا عمن كان مدفونا بإزائها فوجدوه رجلا سيافا كان لابن عامر وقبره إلى قبرها فأخرجوها من جواره والله تعالى أعلم بحقيقة حال المقبور وإنما لنا ما ظهر خاصة ولله عز و جل ما ظهر وما بطن

الباب العاشر ذكر منامات رئيت لبعض الصالحين تدل على ما هم فيه من الخير وحسن العاقبة قال صلى الله عليه و سلم إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي قال فشق ذلك على الناس فقال لكن المبشرات قالوا يا رسول الله وما المبشرات قال رؤيا المسلم وهي جزء من أجزاء النبوة
وقد فسر قوله تبارك وتعالى ( لهم البشرى في الحياة الدنيا ) أنـها الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له
ذكر الحديثين الترمذي
وروى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال الرؤيا الصالحة بشرى من الله
ومن حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءا من النبوة ذكر هذا الحديث مسلم وغيره
وقال صلى الله عليه و سلم رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة وإذا ثبت صلاح العبد صدقت رؤياه وإلا فهي تسر ولا تضر والله أعلم بمن يثبت صلاحه وبمن يصدق كل ما يراه وليس هذا موضع الكلام وسأذكر لك جملا من هذه الأخبار

وذكر البخاري من حديث أم العلاء وكانت ممن بايع رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت طار لنا عثمان بن مظعون في السكنى حين أقرعت الأنصار على سكنى المـهاجرين فاشتكى فمرضناه حتى توفي ثم جعلناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت رحمة الله عليك أبا السائب شـهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال وما يدريك أن الله أكرمـه قلت لا أدري والله قال أما هو فقد جاءه اليقين إني لأرجو له الخير من الله والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا بكم قالت فوالله لا أزكي أحدا بعده
قالت وأحزنني ذلك فنمت فرأيت لعثمان بن مظعون في النوم عينا تجري فجئت رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال ذلك عمله يجري له
ويروى عن عبد الرحمن بن غنم أنـه قال رأيت معاذ بن جبل بعد وفاته بثلاث على فرس أبلق وخلفه كرجال أهل منى رجال بيض وعليهم ثياب خضر على خيل بلق وهو قدامـهم وهو يقول يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين ثم التفت يمينـه وشماله يقول يا ابن رواحة يا ابن مظعون الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين قال ثم صافحني وسلم علي
معاذ بن جبل وعثمان بن مظعون وعبد الله بن رواحة رضي الله عنـهم تشـهد لهم صحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم بما هم فيه من الخير وبما صاروا إليه من الكرامة ولا يحتاج لهم إلى رؤيا ولكن أردت ألا أخلي هذا الباب من ذكر بعض الصحابة رضي الله عنـهم
قال صالح بن بشير المري رأيت عطاء السلمي في النوم بعد موته فقلت له يرحمك الله لقد كنت طويل الحزن في الدنيا فقال أما والله لقد أعقبني ذلك فرحا طويلا وسرورا دائما فقلت في أي الدرجات أنت قال مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشـهداء والصالحين
ولما مات سفيان الثوري رئي في المنام فقيل له ما فعل الله بك قال وضعت أول قدم على الصراط والثاني في الجنة وقال إبراهيم بن إياس رأيت سفيان الثوري في النوم فقلت له ما فعل الله بك قال أنا مع السفرة

قلت وما السفرة قال الكرام البررة
وقال عبد الله بن المبارك رأيت الثوري في المنام فقلت له ما فعل الله بك قال لقيت محمدا وحزبه
وقال صخر بن راشد رأيت عبد الله بن المبارك في النوم بعد موته فقلت له أليس قد مت قال بلى قلت فما صنع الله بك قال غفر لي مغفرة أحاطت بكل ذنب قلت فسفيان الثوري قال بخ بخ ذلك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشـهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
وعن قبيصة بن سفيان قال رأيت سفيان الثوري في النوم بعد موته فقلت له ما فعل الله بك فقال
( نظرت إلى ربي عيانا فقال لي ... هينئا رضائي عنك يا ابن سعيد )
( لقد كنت قواما إذا لليل قد دجا ... بعبرة محزون وقلب عميد )
( فدونك فاختر أي قصر تريده ... وزرني فإني منك عير بعيد )
وعن سفيان بن عيينة قال رأيت سفيان الثوري في النوم وقد مات كأنـه يطير في الجنة من شجرة إلى نخلة ومن نخلة إلى شجرة وهو يقول لمثل هذا فليعمل العاملون فقيل له بم دخلت الجنة قال بالورع فقيل له فما فعل علي بن عاصم قال ما نراه إلا مثل الكوكب
وكان شعبة بن الحجاج ومسعر بن كدام رحمـهما الله رجلين فاضلين جليلين وكانا من ثقات المحدثين وحفاظهم وكان شعبة أكبر وأجل فماتا قال أبو أحمد اليزيدي فرأيتهما في النوم وكنت إلى شعبة أميل مني إلى مسعر فقلت له يا أبا بسطام ما فعل الله بك قال وفقك الله يا بني لحفظ ما أقول ثم أنشد

( حباني إلهي في الجنان بقبة ... لها ألف باب من لجين مجوهرا )
( وقال لي الجبار يا شعبة الذي ... تبحر في جمع العلوم فأكثرا )
( تنعم بقربي إنني عنك ذو رضا ... وعن عبدي القوام في الليل مسعرا )
( كفى مسعرا عزا بأن سيزورني ... وأكشف عن وجهي ويدنو لينظرا )
( فهذي فعالي بالذي تنسكوا ... ولم يألفوا في سالف الدهر منكرا )
وذكر أبو الحسن بن جهضم عن أبي بكر أحمد بن محمد بن الحجاج قال حدثني رجل من أهل طرسوس قال دعوت الله عز و جل أن يريني أهل القبور حتى أسألهم عن أحمد بن حنبل ما فعل الله بـه فرأيت بعد عشر سنين فيما يرى النائم كأن أهل القبور قد قاموا على قبورهم فبادروني بالكلام وقالوا يا هذا كم تدعو الله أن يريك إيانا
تسألنا عن رجل لم يزل منذ فارقكم تحفه الملائكة تحت شجرة طوبى
وهذا الكلام من أهل القبور إنما هو عبارة عن علو درجة أحمد بن حنبل وارتفاع مكانته وعظم منزلته فلم يقدروا أن يعبروا عن صفة حاله وعما هو فيه إلا بهذا أو بما هو في معناه
وقال محمد بن أحمد الكندي رأيت أحمد بن حنبل في النوم فقلت له يا أبا عبد الله ما فعل الله بك فقال غفر لي ثم قال لي يا أحمد ضربت في ستين سوطا قلت نعم يا رب قال هذا وجهي قد أبحتك فانظر إليه
ويروى عن عبدة العابدة قالت لما حضرت الوفاة رابعة العدوية قالت لي يا عبدة لا تؤذني بموتي أحدا وكفنيني في جبتي هذه وهي جبة من شعر كانت تصلي بالليل فيها قالت فكفناها في تلك الجبة وفي خمار من صوف

كانت تلبسه قالت عبدة فرأيتها في منامي بعد دفنـها وعليها حلة استبرق خضراء وخمار من سندس أخضر لم أر قط شيئا أحسن منـهما قالت فقلت لها يا رابعة ما فعلت تلك الجبة التي كنا كفناك فيها والخمار الصوف قالت إنما والله نزعا مني واستبدلت بهما هذا الذي ترين علي وطويا وختم عليهما ورفعا في عليين ليكمل ثوابهما إلى يوم القيامة قلت لها فما فعلت عبيدة بنت أبي كلاب قالت هيهات هيهات سبقتنا والله إلى الدرجات العلى قلت لها وبم وقد كنت أنت عند الناس أكبر منـها قالت إنـها لم تكن تبالي على أي حال أصبحت من الدنيا ولا أمست قلت فما فعل ضيغم بن مالك قالت يزور الله عز و جل متى شاء قلت فما فعل بشر بن منصور قالت بخ بخ أعطي والله فوق ما كان يأمل
قالت فقلت لها فيم تأمرينني أن أتقرب إلى الله عز و جل فقالت عليك بذكر الله فيوشك أن تغتبطي بذلك في قبرك
وقال بعض الصالحين رأيت بشر بن منصور في النوم بعد موته فقلت له ما فعل الله بك فأعرض عني فقلت له فضيغم بن مالك قال ركب إلى الله الساعة
وقال ابن ثعلبة العابد رأيت ضيغم بن مالك في النوم بعد وفاته فقال لي يا ابن ثعلبة أما صليت علي فذكرت له شيئا منعني فقال أما أنك لو صليت علي لربحت رأسك يقول لنجوت وغفر لك
وقال أبو جعفر السقاء صاحب بشر بن الحارث رأيت بشر بن الحارث ومعروفا الكرخي رحمة الله عليهما وهما جائيان وكأنـهما في قبة أو كما قال فقلت من أين قالا من جنة الفردوس زرنا كليم الله موسى عليه السلام
ولما احتضر حجاج الزاهد قيل له ما تشتهي قال الله ثم خرجت نفسه فرآه بعض إخوانـه في النوم يمشي على حائط قال فرفعت رأسي إليه وأنا أمشي بالأرض فقلت له أبا يوسف كيف حالك وكيف أنت وعلام

قدمت قال فضحك وقال ما الأمر إلا سهل ما رأيت شيئا مما كنت أخافه والحمد لله رب العالمين
وعن سعيد بن أسد أن رجلا كان من دعائه اللهم سهل علي الموت ويسر علي الحساب وبارك لي في اللقاء وأعذني من جهد البلاء فمات فرئي في النوم فقيل له ما فعلت فقال لقيت خيرا وكل شيء سألت الله أن يعطينيه أعطانيه
وقال بعض الصالحين رأيت بشر بن الحارث في النوم وما كنت رأيته في اليقظة ولا كلمته قط فرأيت كأني واقف بين يدي الله عز و جل أسمع كلاما ولا أرى أحدا وهو يقول يا بشر قد قبلناك وقبلنا ما كان منك فسمعت بشرا يقول ومن تبعني يا رب قال قد غفرت لهم
وقال عاصم الجزري رأيت في النوم كأني لقيت بشر بن الحارث فقلت من أين يا أبا نصر فقال من عليين قال فقلت له ما فعل أحمد بن حنبل قال تركته الساعة مع عبد الوهاب الوراق بين يدي الله تعالى يأكلان ويشربان قلت له فأنت قال علم الله قلة رغبتي في الطعام فأباحني النظر إليه
وقال أبو جعفر السقاء رأيت بشر بن الحارث في النوم بعد موته فقلت له يا أبا نصر ما فعل الله بك فقال ألطفني ورحمني وقال لي يا بشر لو سجدت لي في الدنيا على الجمر ما أديت شكر ما حشوت قلوب عبادي منك وأباح لي نصف الجنة فأسرح فيها حيث شئت ووعدني أن يغفر لمن تبع جنازتي فقلت له ما فعل أبو نصر التمار قال ذاك فوق الناس لصبره على بلائه وفقره لعله أراد بقوله أباح لي نصف الجنة نصف نعيم الجنة لأن نعيم الجنة نصفان نصف روحاني ونصف جسماني فيتنعمون أولا بالروحاني ثم إذا ردت الأرواح إلى الأجساد أضيف لهم النعيم الجسماني إلى النعيم الروحاني والله أعلم بما أراد

وذكر بعض الصالحين قال رئي بشر بن الحارث في النوم وهو يهرول ويقول الساعة انطلقنا من السجن
وقال أبو الحسن المالكي صحبت خيرا النساج سنين كثيرة فقال لي قبل موته بثمانية أيام أنا أموت يوم الخميس قبل المغرب وأدفن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى هذا فلا تنس قال فنسيته إلى يوم الجمعة فلقيت من أخبرني بموته فخرجت لأحضر جنازته فوحدت الناس قد أخرجوا جنازته قبل الصلاة كما قال فسألت من حضر وفاته فقال إنـه غشي عليه ثم أفاق فالتفت إلى ناحية البيت وقال قف عافاك الله فإنما أنت عبد مأمور وأنا عبد مأمور والذي أمرت بـه أنت لا يفوتك والذي أمرت بـه أنا يفوتني ثم دعا بماء فجدد الوضوء ثم صلى ثم تمدد وغمض عينيه ومات رحمـه الله فرئي في المنام فقيل له كيف حالك فقال لا تسأل ولكني تخلصت من دنياكم الوضرة
وكان من دعاء بعض الصالحين اللهم يا سيدي حبست من شئت عن خدمتك وأطلقت لها من أحببت من خلقك غير ظالم ولا مسئول عن فعلك وقد تقدمت لي فيك آمال فلا تجمع علي المنع من الطاعة وخيبة الأمل فيك يا كريم فكان هذا خاتمة دعائه فلما مات رئي في المنام في الجنة فقيل له بم نلت هذا قال بذلك التضرع والاستغاثة في الأسحار قيل ورئي عليه حلة قال الرائي فما رأيت شبها لها وعليها مكتوب بالذهب انعم فقد نلت الأمل فقلت له ما هذا الكتاب على ثيابك قال هذا خاتمة تضرعي وأملي الذي كنت أؤمله من سيدي
وقال بعض الصالحين رأيت أبا بكر الشبلي رحمـه الله في المنام وكأني قاعد في مجلس الرصافة بالموضع الذي كان يقعد فيه وإذا بـه قد أقبل وعليه ثياب حسان قال فقمت إليه وسلمت عليه وجلست بين يديه فقلت له يا سيدي من أقرب أصحابك إليك فقال مسرعا ألهجهم بذكر الله وأقومـهم بحق الله وأسرعهم مبادرة في مرضاة الله

وقال أبو عبد الرحمن الساحلي رأيت ميسرة بن سلم في المنام بعد موته فقلت له أصلحك الله طالت غيبتك فقال السفر طويل قلت فما الذي قدمت عليه فقال رخص لنا لأننا كنا نفتي بالرخص فقلت له فما تأمرني بـه فقال اتباع الآثار وصحبة الأخيار ينجيان من النار ويقربان من الجبار
وروي عن شعيب بن حرب قال كانت بمكة امرأة من الصالحات من أهل القرآن فرأت فيما يرى النائم حول الكعبة وصائف بأيديهن الرياحين وعليهن المعصفرات فقالت سبحان الله أحول الكعبة يكون هذا فقيل لها أما علمت أن عبد العزيز بن أبي رواد تزوج الليلة قالت فاستيقظت فإذا عبد العزيز بن أبي رواد قد مات في تلك الليلة
قال بعض الصالحين رأيت في النوم كأني في السماء ولأهل السماء ضجيج وحركة وهم يقولون جاء المحسن جعفر بن الزبير فانتبهت فمشيت إلى منزله فوجدته قد مات
ويروى عن أبي جعفر الضرير أنـه قال رأيت عيسى بن زادان في النوم بعد موته فقلت له ما فعل الله بك فأنشأ يقول
( لو رأيت الحسان في الخلد حولي ... وأكاويبها بصافي ال )
( يترنمن بالقرآن جميعا ... يتمشين مسبلات الثياب )
وقال عبود المعلم وكان يعرف بوجه الجنة رأيت أبا عبد الله الفزاري المعلم في النوم بعد موته فقلت له كيف وجدت الأمر قال أسهل مما تذكرون وأصعب مما تصفون فقلت له صاحبك سهل الوراق أمعك هو قال يدي في يده ويده في يدي يعني في الجنة ولكنـه أطول مني قامة
وقوله أطول مني قامة يريد أرفع مني مرتبة وكان قد رآه بعد موته
ويروى عن معوذ بن داود الباكرتي وكان من الصالحين أنـه قال رأيت أبا حفص عمر بن عبادل الرعيني الزاهد بعد موته فقلت له ما فعل الله بك

فقال لو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وهذا يدل على أنـه فعل معه خير فأراد الزيادة منـه
وعن يعلي بن عبيد قال جاء رجل إلى سفيان الثوري فقال له يا أبا عبد الله رأيت في المنام كأن ملكا نزل من السماء إلى الشام فاقتلع ريحانة ثم صعد بها إلى السماء فقال له سفيان إن صدقت رؤياك فقد مات الأوزاعي فحفظ ذلك اليوم فجاء نعيه أنـه مات فيه
ويروى عن حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن حفصة قالت كان مروان المحلمي لنا جارا وكان عابدا مجتهدا فمات فحزنت عليه حزنا شديدا فرأيته في النوم فقلت له يا أبا عبد الله ما صنع بك ربك
قال أدخلني الجنة قلت ثم ماذا قال رفعت إلى أصحاب اليمين قلت ثم ماذا قال ثم رفعت إلى المقربين قلت فمن رأيت ثم من أصحابك قال رأيت الحسن البصري ومحمد بن سيرين وميمون بن سياه قال حماد قال هشام فحدثتني أم عبد الله وكانت من خيار نساء أهل البصرة قالت رأيت فيما يرى النائم كأني دخلت بستانا فذكرت من حسنـه ما شاء الله أن تذكر فإذا أنا برجل متكيء على سرير من ذهب وحوله الوصائف بأيديهن الأكاويب قالت فأنا متعجبة من حسن ما أرى إذ أتى ذلك الرجل فقيل له هذا مروان المحلمي قد أقبل فوثب فاستوى جالسا على سريره قالت فاستيقظت من منامي فإذا بجنازة مروان المحلمي قد مر بها على بابي تلك الساعة
ويروى عن عبد الواحد بن زيد وكان من الصالحين قال رأيت في المنام ليلة مات الحسن البصري كأن أبواب السماء قد فتحت وكأن الملائكة صفوف فقلت ما هذا إلا لأمر عظيم فسمعت مناديا ينادي ألا إن الحسن بن أبي الحسن قدم على الله وهو عنـه راض
ويروى أن امرأة قالت لابن سيرين وهو يأكل رأيت كأن شجرة ياسمين قلعت من الأرض ورفعت إلى السماء وكأن الثريا سقطت من السماء

في دارك قال فرفع ابن سيرين يده من الطعام وقال أعظم الله أجري في نفسي وإن كثر البقاء فإلى سبع فكان كذلك
ويروى عن عمرو بن عمر بن صفوان عن بعض مشيخته قال رأيت في النوم كأني جئت إلى هذه المقبرة التي بمكة فرأيت على عامتها سرادقات ورأيت منـها قبرا عليه سرادق وفسطاط وسدرة فجئت حتى دخلت وإذا مسلم بن خالد الزنجي فسلمت عليه وقلت يا أبا خالد ما بال هذه القبور عليها سرادق وقبرك عليه سرادق وفسطاط وفيه سدرة فقال إني كنت كثير الصيام فقلت له يا أبا خالد أين قبر ابن جريج دلني عليه فقد كنت أجالسه وأنا أحب أن أسلم عليه فقال هكذا بيده هيهات وأدار أصبعه السبابة وقال وأين قبر ابن جريج رفعت صحيفته في عليين
ويروى عن بعض الصالحين قال رأيت بعض جيراني في النوم فقلت له ما حالك فذكر شيئا قلت فما حال عبد الله بن المبارك قال ذلك مشـهور في الجنة
ورئي حماد بن سلمة في النوم فقيل له ما فعل الله بك فقال أوقفني بين يديه وقال لي طال ما كددت نفسك في الدنيا فاليوم أطيل راحتك وراحة المتعبين
وعن أسلم بن زرعة العباداني قال كان عندنا بالساحل رجل له فضل بارع كان يعذب له الماء المالح قال قال لي يوما رأيت البارحة فيما يرى النائم كأن رجلا يقول لي قد فرغنا من بناء دارك ولو رأيتها لقرت عيناك وقد أمرنا أن ننجزها لك والفراغ منـها إلى سبعة أيام واسمـها السرور فأبشر بخير قال فلما كان في اليوم السابع بكر للوضوء ونزل للنـهر وقد هدأ فزلق فغرق فمات فأخرجناه فدفناه قال فأريته بعد ثالثة وهو يكبر وعليه حلل خضر فقال لي يا أبا الرضى أنزلني الكريم دار السرور وماذا أعد لي فيها فقلت صف لي هذا فقال هيهات يعجز الواصفون أن تنطق ألسنتهم بما فيها فيا ليت عيالي

يعلمون أنـه قد هيء لهم منازل معي فيها كل ما اشتهت أنفسهم ولذت أعينـهم نعم وإخواني وأنت معهم إن شاء الله قال ثم انتبهت
وقال أبو محمد اللباد الفقيه رحمـه الله رأيت ربيعا العطار في المنام فقلت له ما فعل الله بك فقال في الجنة فقلت وكيف حالكم فيها قال تارة تزخرف لنا الجنان وتارة تشرف علينا الحور العين وتارة تصطك لنا الحجب قال فقلت له فمن أعلى منزلة أنت أم فلان وسمي له رجلا معروفا عندهم قال فتبسم وقال كلنا جمعنا في حديقة واحدة يعني في جنة واحدة
ورأى بعض من يوثق بـه رجلا كان يعرف بالخير والعفاف بعد موته وعليه عمامة خز فأنكرها عليه وكأنـه قال له أتلبسها ولباس الخز مكروه فقال له هو عندنا في هذه الدار مباح
ورئي غيره شابا وكان في الدنيا أشيب فقيل له نراك دون شيب فقال لا يشيب أحد في هذه الدار
وقال بعض الصالحين كان لي ولد فاستشـهد فرأيته في النوم ليلة مات عمر بن عبد العزيز فقلت له يا بني ألست ميتا قال لا ولكني حي أرزق فقلت فما جاء بك قال نودي في أهل السماء لا يبقى نبي ولا صديق ولا شـهيد إلا ويحضر الصلاة على عمر بن عبدالعزيز فحضرت ثم جئت لأسلم عليكم وأراكم
والأخبار في هذا الباب لا تحصى

الباب الحادي عشر ذكر منامات رئيت لرجال تدل على ما هم فيه من سوء الحال روى عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنـه قال كنت مؤاخيا لأبي لهب فلما مات أخبر الله عنـه بما أخبر وحزنت عليه وأهمني أمره فسألت الله حولا كاملا أن يرينيه في المنام قال فرأيته يلتهب نارا فسألته عن حاله فقال صرت إلى النار والعذاب لا يخفف عني ولا يروح إلا ليلة الاثنين في كل الليالي والأيام قلت وكيف ذلك قال ولد في تلك الليلة محمد صلى الله عليه و سلم فجاءتني أميمة فبشرتني بولادة أمـه إياه ففرحت وأعتقت وليدة فرحا بـه فأثابني الله بذلك أن يرفع عني العذاب في كل ليلة الاثنين
ويروى أيضا أن أبا لهب كان قد أعتق أمة له يقال لها ثويبة وكانت ثويبة قد أرضعت رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله في منامـه بشر خيبة أي بشر حال فقال له ماذا لقيت فقال لم ألق بعدكم خيرا غير أني سقيت في هذه لعتاقتي ثويبة
ومعنى سقيت في هذه يريد النقرة التي بين الإبهام والسبابة ذكر هذه الحكاية البخاري
أبو لهب كان عم النبي صلى الله عليه و سلم وكان كثير الإذاية للرسول بعدما جاءته النبوة شديد العداوة له
ويروى عن طارق بن عبد الله المحاربي قال رأيت بسوق عكاظ رجلا شابا جميل الوجه يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ووراءه رجل أعور قبيح يقول أيها الناس لا تصدقوه فإنـه كذاب وقد رمى كعبيه

وعرقوبيه بالحجارة حتى أدماه فقلت من هذا الشاب قالوا هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب يزعم أن الله أرسله قلت ومن هذا الآخر وراءه قالوا أبو لهب
وسوء حال أبي لهب أوضح من أن يحتاج فيه إلى شاهد ولكني أردت إلا أخلي هذا الباب من ذكره أو ذكر مثله
وليعلم أيضا أن الكافر لا يغني عنـه من الله شيء وأنـه ليس له من دون الله ولي ولا نصير وهذا التخفيف الذي ذكر إن كان فإنما هو في البرزخ وأما في الآخرة فلا تخفيف ولا تفتير ولا راحة نعوذ بالله من عذابه
يروى عن بعض الصالحين من أهل القيروان قال كان لي جار يذكر أنـه ليس بمسلم فمات فرأيت في النوم حجرا ململما يتدحرج حتى وصل إلى باب ذلك الرجل فدنوت منـه فإذا بالحجر قد انفرج فخرج منـه رجل هو ذلك الرجل فقلت له ما هذا فقال هكذا نحن نعذب وذكر سوء حاله فقلت لعل الله أن يغفر لك قال وكيف يغفر لي وأنا قد مت على غير الإسلام
ويروى عن هشام بن حسان قال قال مات ابن لي شاب فرأيته في النوم وهو أشيب فقلت له يا بني ما هذا الشيب قال قدم فلان فزفرت جهنم لقدومـه زفرة لم يبق منا أحد إلا شاب
ويروى أن رجلا رئي في المنام شاحب اللون متغير الوجه وقد غلت يداه إلى عنقه فقيل له ما فعل الله بك فأنشأ يقول
( تولى زمان لعبنا بـه ... وهذا زمان بنا يلعب )
ويروى أن دلف بن أبي دلف العجلي رأى أباه في النوم وكأنـه في بيت مظلم حيطانـه وسقفه مسودة من الدخان وهو جالس في صدر البيت فقال له يا أبت كيف حالك فقال يا بني الأمر صعب والحساب دقيق ثم أنشأ يقول
( ولو أنا إذا متنا تركنا ... لكان الموت راحة كل حي )

( ولكنا إلذا متنا بعثنا ... ونسأل بعده عن كل شي )
وفي رؤيا عمر بن عبد العزيز فذكر القيامة والبعث وجمع الناس لفصل القضاء وكيف نودي الخلفاء واحدا بعد واحد وحسابهم وكل واحد منـهم على منزلته ثم نادى المنادي أين عمر بن عبد العزيز قال فتصببت عرقا ثم أخذت الملائكة بيدي فأوقفتني بين يدي الله تعالى فسألني عن الفتيل والنقير والقطمير وعن كل قضية قضيتها حتى ظننت أني لست بناج ثم إنـه تفضل علي برحمة منـه فغفر لي وأمر بي ذات اليمين إلى الجنة فمررت بجيفة ملقاة فقلت للملائكة من هذا قالوا كلمـه يكلمك فوكزته برجلي فرفع رأسه وفتح عينيه فإذا برجل أفطس أثرم شديد الأدمة وحش المنظر فقال لي من أنت فقلت عمر بن عبد العزيز فقال ما فعل الله بك فقلت تفضل علي برحمته فغفر لي وأمر بي ذات اليمين إلى الجنة قال فما فعل أصحابك الخلفاء الذين معك قلت أما الأربعة فغفر الله لهم وأمر بهم ذات اليمين إلى الجنة وأما الباقون فلا أدري ما فعل الله بهم قال وأخذني البكاء ثم قال هنأك الله بما صرت إليه قلت من تكون قال أنا الحجاج بن يوسف قدمت على ربي فوجدته شديد العقاب قتلني بكل قتيل قتلته قتلة وها أنذا موقوف بين يديه أنتظر ما ينتظر الموجودون
والأخبار في هذا الباب كثيرة أيضا

الباب الثاني عشر ذكر الأرواح أين يذهب بها وما جاء في عذاب القبر والسؤال فيه ذكر أبو بكر البزار في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر ريحان فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين ويقال أيتها النفس المطمئنة اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح الله وكرامته فإذا خرج روحه وضع على ذلك المسك والريحان وطويت عليه الحريرة وذهب بـه إلى عليين
وإن الكافر إذا احتضر أتته الملائكة بمسح فيه جمرة فتنزع روحه انتزاعا شديدا ويقال أيتها النفس الخبيثة اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى هوان الله وعذابه فإذا خرجت روحه وضع على تلك الجمرة ويطوى عليه المسح ويذهب بها إلى سجين
وعن أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن المؤمن إذا حضر أتته الملائكة بحريرة بيضاء فيقولون اخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان فتخرج كأطيب ريح مسك حتى أنـه ليناوله بعضهم بعضا يشمونـه حتى يأتوا بـه باب السماء فيقولون ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض فكلما أتوا سماء قالوا لهم مثل ذلك حتى يأتوا بـه أرواح المؤمنين فلهم أفرح بـه من أحدكم بغائبه إذا قدم فيقولون ما فعل فلان فيقولون دعوه حتى يستريح فإنـه كان في غم الدينا فإذا أصبح واستراح قال لهم أما أتاكم فإنـه قد مات فيقولون ذهب بـه إلى أمـه الهاوية

وأما الكافر فإن ملائكة العذاب تأتيه بمسح من شعر فيقولون اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله وسخطه فتخرج كأنتن ريح جيفة فينطلقون بـه إلى باب الأرض فيقولون ما أنتن هذه الريح كلما أتوا على أرض قالوا ذلك حتى يأتوا بـه أرواح الكفار
ذكره قاسم بن أصبغ وغيره من حديث أبي هريرة أيضا
وذكر مالك في الموطأ من حديث كعب بن مالك رضي الله عنـه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أخابني كعب وهو يجر قصبه في النار
القصب الأمعاء
وذكر مسلم أيضا من حديث أبي سعيد الخدري عن زيد بن ثابت قال قال أبو سعيد ولم أشـهده من رسول الله صلى الله عليه و سلم ولكن حدثنيه زيد بن ثابت قال بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم في حائط لبني النجار على بغلة ونحن معه إذ حادت بـه فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال من يعرف أصحاب هذه الأقبر فقال رجل أنا قال فمتى مات هؤلاء قال ماتوا في الإشراك فقال إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منـه
ثم أقبل علينا بوجهه فقال تعوذوا بالله من عذاب النار فقالوا نعوذ بالله من عذاب النار قال تعوذوا بالله من عذاب القبر فقالوا نعوذ بالله من عذاب القبر قال تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منـها وما بطن قالوا نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منـها وما بطن قال تعوذوا بالله من فتنة الدجال قالوا نعوذ بالله من فتنة الدجال

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنـهما عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال قد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قريبا أو مثل فتنة المسيح الدجال لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن الموقن لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول هو محمد هو رسول الله صلى الله عليه و سلم جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وأطعنا ثلاث مرات فيقال له نم قد كنا نعلم أنك لمؤمن بـه فنم صالحا
وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلت
وذكر النسائي عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولي عنـه أصحابه إنـه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانـه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد فأما المؤمن فيقول أشـهد أنـه عبد الله ورسوله فيقال له انظر إلى ك من النار قد أبدلك الله بـه ا من الجنة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فيراهما جميعا وأما الكافر أو المنافق فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول كما يقول الناس فيقال له لا دريت ولا تليت ثم يضرب ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين
ذكره البخاري وقال ويضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح وذكر باقي الحديث
وذكر الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قبر الميت أو قال أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول ما كان يقول هو عبد الله ورسوله أشـهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله

فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول هذا ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ثم ينور له فيه ثم يقال له نم فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله تعالى من مضجعه ذلك وإن كان منافقا قال سمعت الناس يقولون شيئا فقلت مثله لا أدري فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف فيها أضلاعه فلا يزال فيها معذبا حتى يبعثه الله عز و جل من مضجعه ذلك
وذكر عبد بن حميد من حديث عائشة رضي الله عنـها قالت جاءت يهودية فاستطعمت على بابي فقالت أطعموني أعاذكم الله من فتنة عذاب القبر ومن فتنة الدجال فلم أزل أحبسها حتى جاء الرسول صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله ما تقول هذه اليهودية فقال وما تقول قلت تقول أعاذكم الله من فتنة عذاب القبر ومن فتنة الدجال قالت عائشة فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فرفع يده مدا يستعيذ بالله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر قالت ثم قال أما فتنة الدجال فإنـه لم يكن نبي إلا وقد حذر أمته وسأحذركموه تحذيرا لم يحذره نبي أمته إنـه أعور وإن الله ليس بأعور بين عينيه مكتوب كافر يقرؤه كل مؤمن وأما فتنة القبر ففي تفتنون وعني تسألون فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشعوف فيقال له فيم كنت فيقول في الإسلام فيقال له ما هذا الرجل الذي كان فيكم فيقول محمد رسول الله جاءنا بالبينات من عند الله ربنا فآمنا بـه وصدقناه قال فيقال له هل رأيت الله فيقول ما ينبغي لأحد أن يرى الله فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له انظر إلى ما وقاك الله ثم يفرج له فرجة أخرى قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له هذا ك منـها ويقال له على اليقين كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله وإذا كان الرجل السوء أجلس في قبره فزعا مشعوفا فيقال له فيم كنت فيقول لا أدري فيقال

له ما هذا الرجل الذي كان فيكم فيقول سمعت الناس يقولون قولا فقلت كما قالوا فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها فيقال له انظر إلى ما صرف الله عنك ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له هذا ك على الشك كنت وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ثم يعذب
وقال عبد بن حميد أيضا عن ابن أبي ذئب قال محمد بن عمرو فحدثني سعيد بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل الصالح قالوا اخرجي أيتها الروح الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ويعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا فيقال فلان فيقولون مرحبا بالروح الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها عليون
وإذا كان الرجل السوء قيل اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة وأبشري بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ويعرج بها إلى السماء فيقال من هذا فيقال فلان فيقال لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنك لا تفتح لك أبواب السماء فيرسل من السماء ثم يصير إلى القبر فيجلس الرجل الصالح فيقال له فيرد بما في حديث عائشة سواء وقد تقدم ويجلس الرجل السوء فيقال له فيرد بما في حديث عائشة سواء
قال عبد وأخبرني عمرو بن عون أخبرنا أبو عوانة عن الأعمش عن المنـهال بن عمرو عن زادان أبي عمر عن البراء بن عازب قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم وجلسنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير قال فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يرفع

بصره إلى السماء وينكت في الأرض ويحدث نفسه ثم قال تعوذوا بالله من عذاب القبر ثلاثا ثم قال إن الرجل إذا كان في قبل من الآخرة وانقطاع من الدنيا أتاه ملك الموت فجلس عند رأسه فإن كان مسلما قال اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى مغفرة من الله ورضوان قال فتخرج نفسه تسيل كما تسيل قطرة السقاء وتنزل الملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم أكفان من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة فيجلسون منـه مد البصر فإذا أخذها قاموا إليه فلم يتركوها في يده طرفة عين فذلك قوله عز و جل ( حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ) قال فتخرج منـه مثل أطيب ريح وجدت على وجه الأرض قال فيصعدون بـه فلا يمرون على جند من الملائكة فيما بين السماء والأرض إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون هذا فلان بأحسن أسمائه قال فتفتح له أبواب السماء ويشيعه من كل سماء مقربوها حتى ينتهوا بـه إلى السماء السابعة قال فيقال اكتبوا كتابه في عليين ( وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشـهده المقربون ) وأرجعوه إلى الأرض فإني وعدتهم منـها خلقناهم وفيها نعيدهم ومنـها أخرجهم تارة أخرى قال فيرجع روحه إلى جسده قال ويبعث إليه ملكان شديدا الانتهار فيجلسانـه وينتهرانـه ويقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول رسول الله فيقولان له وما يدريك فيقول قرأت كتاب الله فآمنت بـه وصدقت بـه فذلك قوله عز و جل ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) وينادي مناد من السماء أن قد صدق فألبسوه من الجنة وافرشوا له من الجنة وأروه منزله من الجنة قال فيلبس من الجنة ويفرش له من

الجنة ويرى منزله من الجنة ويفسح له في قبره مد بصره قال ويمثل له رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح قال فيقول له أبشر بما أعد الله لك من الكرامة هذا يومك الذي كنت توعد قال فيقول له من أنت رحمك الله فوالله لوجهك الوجه الذي جاءنا بالخير قال فيقول أنا عملك الصالح والله ما علمت أن كنت حريصا على طاعة الله بطيئا عن معصية الله فجزاك الله عني خيرا قال فيقول رب أقم الساعة لكي أرجع إلى أهلي ومالي
وقال الأعمش وهو سليمان بن مـهران وحدثني أبو صالح قال حدثني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال يقال له نم فينام ألذ نومة نامـها نائم قط حتى توقظه الساعة
ثم رجع إلى حديث البراء بن عازب قال وإن كان فاجرا إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة جاءه ملك الموت فجلس عند رأسه فيقول اخرجي أيتها النفس الخبيثة إلى غضب وسخط من الله قال فيتفرق روحه في جسده قال فيستخرجها يقطع معها العروق كما يستخرج الصوف المبلول بالسفود قال وينزل ملائكة من السماء سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منـه مد البصر فإذا وقعت في يد ملك الموت قامت إليه الملائكة فلم يتركوها في يده طرفة عين قال ويخرج منـه مثل أنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بـه فلا يمرون على جند من الملائكة فيما بين السماء والأرض إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث فيقولون هذا فلان بأسوأ أسمائه قال فإذا انتهي بـه إلى السماء الدنيا أغلقت دونـه ولم يفتح له وينادي مناد أن اكتبوا كتابه في سجين وأرجعوه إلى الأرض فإني وعدتهم أن منـها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنـها أخرجهم تارة أخرى قال فيرمى بـه من السماء فذلك قوله تعالى ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي بـه الريح في مكان سحيق )

قال فيعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان شديدا الانتهار فيجلسانـه وينتهرانـه فيقولان له من ربك فيقول لا أدري فيقولان له ما هذا النبي الذي بعث فيكم فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون ذلك لا أدري قال فيقولان له لا دريت قال فذلك قوله تعالى ( ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ) قال وينادي مناد من السماء إن قد كذب فالبسوه من النار وافرشوا له من النار وأروه منزله من النار قال فيكسى من النار ويفرش له من النار ويرى منـها منزله قال ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه قال ويمثل له رجل قبيح الوجه قبيح المنظر قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوؤك أبشر بغضب من الله وسخط هذا يومك الذي كنت توعد هذا يومك الذي كنت تكذب بـه قال فيقول له ويلك فمن أنت فوالله لوجهك وجه جاء بالشر قال فيقول أنا عملك الخبيث والله ما علمت أن كنت لبطيئا عن طاعة الله حريصا على معصية الله فجزاك الله عني شر الجزاء فيقول يا رب لا تقم الساعة مما يرى مما أعد الله له
وذكر أبو بكر البزار في مسنده عن أبي سعيد الخدري قال شـهدنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم جنازة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أيها الناس إن هذه الأمة تسأل في قبورها فإذا الإنسان دفن وتفرق عنـه أصحابه جاءه ملك بيده مطراق فأقعده فقال ما تقول في هذا الرجل يعني محمدا صلى الله عليه و سلم فإن كان مؤمنا قال أشـهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال فيقول صدقت ويفتح له باب إلى النار فيقول هذا كان منزلك لو كفرت بربك فأما إذا آمنت بـه فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينـهض إليه فيقول له اسكن ويفسح له في قبره
وإن كان كافرا أو منافقا يقول له ما تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري

سمعت الناس يقولون شيئا فقلت فيقول له الملك لا دريت ولا تليت ولا اهتديت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول هذا منزلك لو آمنت بربك فأما إذ كفرت فإن الله قد أبدلك بـه هذا ويفتح له باب إلى النار ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم إلا الثقلين فقال رجل من القوم يا رسول الله ما من أحد يقوم عليه ملك في يده مطرقة إلا تهبل عند ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء )
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنينا تنـهشـه وتلدغه حتى تقوم الساعة ولو أن تنينا منـها نفخ في الأرض لما أنبتت خضرا
وذكر البخاري عن ابن عباس قال مر رسول الله صلى الله عليه و سلم على قبرين فقال إنـهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستنثر من بوله قال فدعا بعسيب رطب فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا واحدا ثم قال لعله أن يخفف عنـهما ما لم ييبسا
وذكر النسائي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال هذا الذي تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء وشـهده سبعون ألفا من الملائكة لقد ضم ضمة ثم فرج عنـه وهذا الذي تحرك له العرش هو سعد بن معاذ الأنصاري رمي بسهم في غزوة الخندق ثم مات منـه بعد ذلك ويعني بالضم ضمة القبر
ومن حديث شعبة بن الحجاج بإسناده إلى عائشة أم المؤمنين رضي الله

عنـها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن للقبر ضغطة لو نجا منـها أحد لنجا منـها سعد بن معاذ
وذكر مسلم من حديث عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أحدكم إذا مات عرض عليه ه بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا ك حتى يبعثك الله يوم القيامة
ويروى عرض على ه
وهذا ضرب من العذاب كبير وعندنا المثال في الدنيا بمن يعرض عليه السيف للقتل أو غيره من آلات العذاب أو بما يهدد بـه من غير أن يرى الآلة ونعوذ بالله من عذابه وعقابه بكرمـه ورحمته
وقد صحت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم في عذاب القبر على الجملة ولا مطعن فيها ولا معارض لها وإنما اختلف الناس هل تعذب الروح في القبر قبل أن ترد إلى الجسد أو تعذب فيه بعدما ترد إليه لأن الرواية في رد الروح إلى الجسد في القبر لم تصح صحة عذاب القبر من غير ذكر رد الروح وحديث رد الروح إلى الجسد في القبر ذكره أبو داود أيضا وكيفما كان فالعذاب محسوس والألم موجود والأمر شديد
وقد ضرب بعض العلماء لتعذيب الروح مثلا بالنائم فإن روحه تتنعم أو تتعذب والجسد لا يحس بشيء من ذلك فتفكر أيها الإنسان في نفسك وتخيل حالك عند حلول رمسك وهل يكون أول سعدك أو يكون أول نحسك
وقد جاء في الخبر أن القبر أول منزل من منازل الآخرة فإن نجا منـه صاحبه فما بعده أيسر منـه وإن لم ينج منـه فما بعده أشد منـه

وفي الخبر أيضا أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار وقد تقدم الحديثان 2
وأنت أعلم بحالك وبما قدمت من أعمالك فتخيل بين عينيك وثوب منكر ونكير عليك وفي اسميهما ما يدل على وصفيهما وقولهما وفعلهما وقد بدا لك بعض ما يعذبان بـه ذلك الممتحن وما يسومان بـه ذلك البائس المرتهن
واعلم أن عذاب القبر ليس مختصا بالكافرين ولا موقوفا على المنافقين بل يشاركهم فيه طائفة من المؤمنين وكل على حاله من عمله وما استوجبه بخطيئته وزلله وإن كانت تلك النصوص المتقدمة في عذاب القبر إنما جاءت في الكافر والمنافق ومن أين لك بالأمان من تلك الصفة المذمومة والأعمال المشئومة وإنما الأعمال بالخواتيم وما ختم لك بـه فهو الواجب عليك واللازم والطوق في عنقك المقيم الدائم وعذاب المؤمن لا يكون كعذاب الكافر والحمد لله
قد يكون عذاب المؤمن في ضمة القبر أو ضيقه أو صعوبة منظره أو بما يصيبه من الروعات عند مشاهدة تلك الزلات وبالحسرات على ما سلف له من الجهالات وبالندامات على ما مضى من الساعات أو بما شاء الله تعالى فيكون من ذلك ما شاء الله أن يكون ويدوم ذلك ما شاء الله أن يدوم فإن أمنت ذلك العذاب الأكبر فما الذي أمنك من هذا الذي هو بالإضافة إليه عذاب أصغر فتفكر ما دام ينفعك التفكر وتخيل ما دمت ترجو ثمرة هذا التخيل إذا طرحت في حفرة من الأرض قصيرة الطول ضيقة العرض فاشتدت بها وحشتك واستبانت غربتك وانضمت عليك ضمة كسرت أنفك وشدخت رأسك ورضت عظامك وسدت وراءك وأمامك وتحتك وفوقك وملأت ظلمة أرضك وأفقك فيالك من قلب قد نكس وبدن قد هرس ونفس قد قصر وحبس فأردت أن تفر فلم تترك وأردت أن تستغيث فلم تملك ولا تدري ما يدوم ولا متى تدرك أن تقعد أو تقوم

أتراك كنت مفتديا من هذا المقام بما كنت جمعت من حطام بل بما جمعه جميع الأنام من حلال وحرام بل بما لا يحصر من أضعاف ذلك ولا يحد ولا يجمع ولا يعد
ولعلك يا هذا قد كنت في الدنيا لا ترضى بمنزلك المتسع ولا بشملك المجتمع ولا تقنع برزق ربك المتدفق عليك المندفع فانظر رحمك الله لنفسك فادفع عنك جوانب هذه الحفرة ونفس عنك من هذه الضمة وآنس من هذه الوحشة واعمل ما وجدت سبيلا للعمل وما دمت في فسحة ومـهل ومـهد المضجع ووطيء لذلك المصرع وارغب وتوسل واضرع وتذلل فلعل الإله المعبود الذي عم جوده الوجود وكرمـه لا محصور ولا معدود وفيض ن لا مقطوع ولا محدود سيرسل منـه قطرة تغمر العرش والذرة فيصيبك منـه بنصيب ويبلك منـه بذنوب ويعمك منـه بشؤبوب وقد انقطع الرجاء إلا منـه وسدت الأبواب إلا عنـه جل وعلا وتبارك وتعالى
حدثني الفقيه أبو الحكم بن برجان وكان من أهل العلم والعمل رحمـه الله أنـهم دفنوا ميتا بقريتهم من شرق إشبيلية فلما فرغوا من دفنـه قعدوا ناحية يتحدثون ودابة ترعى قريبا منـهم وإذا بالدابة قد أقبلت مسرعة إلى القبر فجعلت أذنـها عليه كأنـها تسمع ثم ولت فارة ثم عادت إلى القبر فجعلت أذنيها عليه كأنـها تسمع ثم ولت كذلك ثم أعادت ذلك مرة بعد أخرى قال أبو الحكم رحمـه الله فذكرت عذاب القبر وقول النبي صلى الله عليه و سلم إنـهم ليعذبون عذابا تسمعه البهائم والله عز و جل أعلم بما كان من أمر ذلك الميت ذكر هذه الحكاية لما قرأ القاريء هذا الحديث في عذاب القبر ونحن إذ ذاك نسمع عليه كتاب مسلم بن الحجاج رضي الله عنـه
وروي أن بعض النباشين نبش ذات ليلة قبرا فلما كشف عن الميت إذا بنار تحرق الميت فأهوت إليه منـها شرارة فهرب وتاب إلى الله عز و جل

وروى عن أبي بكر بن أبي الدنيا عن بعض أصحابه أنـه قال لنباش بعد توبته ما سبب توبتك ورجوعك إلى الله قال نبشت إنسانا فوجدته قد سمر بمسامير في جميع جسده ومسمار كبير في رأسه وآخر في رجليه
وقيل لآخر ما سبب توبتك قال رأيت جمجمة إنسان قد صب فيها الرصاص وقد روي في الحديث من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يسرونـه عنـه صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ذكره البخاري ولعل هذا كان ممن يفعل ذلك والله أعلم بما كان عليه

الباب الثالث عشر ذكر يوم القيامة وأهواله ( يضحك المرء والبكاء أمامـه ... ويروم البقاء والموت رامـه )
( ويمشي الحديث في كل لغو ... ويخلي حديث يوم القيامة )
( ولأمر بكاه كل لبيب ... ونفي في الظلام عنـه منامـه )
( صاح حدث حديثه واختصره ... فمحال بأن تطيق تمامـه )
( عجز الواصفون عنـه وقالوا ... لم نجيء من بحاره بكظامـه )
( فلتحدثه جملة وشتاتا ... ودع الآن شرحه ونظامـه )
واعلم رحمك الله أن هذا اليوم ليس عظمـه مما يوصف ولا هوله مما يكيف ولا يجري على مقدار مما يعلم في الدنيا ويعرف بل لا يعلم مقدار عظمـه ولا هو له إلا الله تعالى وما ظنك بيوم عبر الله تبارك وتعالى عن بعض ما يكون فيه بشيء عظيم قال الله عز و جل ( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونـها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد ) وماذا عسى أن يقول القائل فيه وماذا عسى أن يصفه الواصف بـه الأمر أعظم والخطب أكبر والهول أشنع كما قال القائل
( وما عسى أن أقول أو أقوم بـه ... الأمر أعظم مما قيل أو وصفا )

( والأمر مـهما قد نظرت له ... ألفيته الأعظم الألفا )
يوم القيامة وما أدراك ما يوم القيامة ثم ما أدراك ما يوم القيامة يوم الحسرة والندامة يوم يجد كل عامل عمله أمامـه يوم الدمدمة يوم الزلزلة يوم الصاعقة يوم الواقعة يوم الراجفة يوم الرادفة يوم الغاشية يوم الداهية يوم الآرفة يوم الحاقة يوم الطامة يوم الصاخة يوم التلاق يوم الفراق يوم المساق يوم الإشفاق يوم القصاص يوم لات حين مناص يوم التناد يوم الإشـهاد يوم الميعاد يوم المرصاد يوم المساءلة يوم الحساب يوم المناقشة يوم المآب يوم العذاب يوم القرار إما في الجنة وإما في النار يوم القضاء يوم الجزاء يوم البكاء يوم البلاء يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا يوم الحشر يوم النشر يوم الجمع يوم البعث يوم العرض يوم الوزر يوم الحق يوم الحكم يوم الفصل يوم الجزاء يوم عظيم يوم عقيم يوم عسير يوم قمطرير يوم النشور يوم المصير يوم الدين يوم اليقين يوم النفخة يوم الصيحة يوم الرجفة يوم الرجة يوم الزجرة يوم السكرة يوم الفزع يوم الجزع يوم القلق يوم الفرق يوم العرق يوم الميقات يوم يخرج الأموات وتظهر المخبآت يوم الانشقاق يوم الانكدار يوم الانتشار يوم الانفطار يوم الافتقار يوم الوقوف يوم الخروج يوم الانصداع يوم الانقطاع يوم معلوم يوم موعود يوم مشـهود

يوم تبلى السرائر يوم تخرج الضمائر يوم لا تغنى نفس عن نفس شيئا يوم لا تملك نفس لنفس شيئا يوم يدعى فيه إلى النار يوم يسجن فيه في النار يوم تقلب الوجوه فيه في النار يوم البروز إلى الله يوم الصدور إلى الله يوم لا تنفع المعذرة يوم لا يرتجى إلا من الله المغفرة وأهول أسمائه وأشنع ألقابه يوم الخلود وما أدراك ما يوم الخلود يوم لا انقطاع لعذابه ولا آخر لعقابه ولا يكشف فيه عن كافر ما بـه ونعوذ بالله ثم نعوذ بالله من بلائه وسوء قضائه بكرمـه ورحمته
واعلم أن العرب قد تسمى الشيء بأسماء كثيرة وتجعل له ألقابا عديدة تعظيما لشأنـه وإكثارا لأمره وقد سمي الله تعالى يوم القيامة بأسماء كثيرة ولعله من هذا وهو تبارك وتعالى أعلم

الباب الرابع عشر ذكر النفخ في الصور النفخة الأولى والثانية قد تقدم الكلام في ذكر الموت وغصته وكربه وشدته وعذاب القبر وفتنته وضيقه وظلمته ومنكر ونكير ورؤيتهما وسماع كلامـهما على فظاظتهما وغلظتهما وبشاعة منظرهما وتكلف جوابهما والتوقي من مقامعهما بالأقرار بالربوبية والشـهادة بالرسالة لمن ثبته الله تعالى بالقول الثابت وأمده بنور الإيمان وألهمـه حجته وإن في ذكر هذا لتنبيها من الغفلة وتنشيطا من الكسل وحلا من عقال البطالة وصرفا عن اللذات وردعا عن نيل الشـهوات بل فيه ما يذهل النفوس ويميت القلوب أن تنال من الدنيا حظها الذي يكون بـه حياتها ويكون بـه قوامـها و يقيم بـه رمقها فكيف أن ينال منـها غير ذلك فكيف بما وراء هذا من جمع العباد ليوم التناد ويوم يقوم الاشـهاد وحشر الأمم لذلك اليوم الأعظم
واعلم أن الإنسان لا يخرج من الدنيا حتى يرى مكانـه من إحدى الدارين وصحبه من أحد الفريقين وأنـه لا تزال نفسه معذبة أو منعمة إلى يوم الجزاء والاجتماع لفصل القضاء وبعد ذلك يتجدد النعيم أو العذاب على وجه آخر وصفة أخرى مما سيأتي مما أمكن ذكره منـه بعد هذا إن شاء الله عز و جل
واعلم أن الله تبارك وتعالى خلق للجنة أهلا وخلق للنار خلقا وهم مع الساعات راحلون ومع الأنفاس ظاعنون إلى دار البلى ومعسكر الموتى

ومستقر الأرواح وكل مطلع على مكانـه الذي يصير إليه ومشرف على منزله الذي ينزل بـه وبذلك يكون نعيمـهم وعذابهم وبغير ذلك مما شاء الله عز و جل فلا يزالون هكذا يرحلون وينتقلون ويظعنون إلى أن يفرغ العدد السعيد والفريق المنعم ويبقى من العدد الشقي والفريق المقصى بقية وخروجهم من الدنيا في دفعة واحدة لا يحصيها إلا الله تعالى خالقها لكنـهم قليل بالإضافة إلى ما رحل منـهم يكون ارتحال البقية إلى الدار الآخرة بمرة واحدة وخروجهم من الدنيا في دفعة واحدة وهم الذين تبعثهم الصيحة وتقوم عليهم الساعة قال الله تعالى ( يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمـها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة )
يروى عن الشعبي قال لقي جبريل عيسى عليه السلام فقال له عيسى متى الساعة فنفض جبريل أجنحته وقال ما المسئول عنـها بأعلم من السائل ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة
وأما تقريب وقتها فكل آت قريب قال تعالى ( وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير ) وقال عز و جل ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون وما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم ) وقال تعالى ( اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر حكمة بالغة فما تغني النذر )
وقال الله عز و جل ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانـه وتعالى عما يشركون )

ويروى أن النبي صلى الله عليه و سلم لما نزل عليه ( أتى أمر الله ) وثب قائما فلما نزل قوله ( فلا تستعجلوه ) جلس قال بعض العلماء إنما وثب صلى الله عليه و سلم خوفا منـه أن تكون الساعة قد قامت وقال صلى الله عليه و سلم بعثت أنا والساعة كهاتين وقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى ذكره مسلم بن الحجاج في كتابه
وذكر أيضا عن النواس بن سمعان الكلابي عن النبي صلى الله عليه و سلم وذكر خروج الدجال ونزول عيسى بن مريم عليه السلام وقتله الدجال ثم خروج يأجوج ومأجوج عليه ثم هلاكهم ثم ذكر ما يكون من بعد ذلك من البركات والخيرات قال فبينما هم كذلك إذ بعث الله تعالى ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة
واعلم أن كل ميت مات فقد قامت قيامته لكنـها قيامة صغرى وقيامة كبرى فالقيامة الصغرى هي ما يقوم على كل إنسان في خاصته من خروج روحه وفراق أهله وانقطاع سعيه وحصوله على عمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر والقيامة الكبرى هي التي تعم الناس وتأخذهم أخذة واحدة والدليل على أن كل ميت يموت فقد قامت قيامته قول النبي صلى الله عليه و سلم لقوم من الأعراب وقد سألوه متى الساعة فنظر إلى أحدث إنسان منـهم فقال إن يعش هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم ذكره مسلم بن الحجاج في كتابه
والقيامة التي تعم الأرض إنما تأتيهم بغتة وتأخذهم على غفلة لما تقدم ولكنـها تقوم في يوم الجمعة في غير شـهر معروف ولا سنة معروفة
والملك الذي وكل بهذه النفخة وجعل على يديه هذه الصعقة قد استعد لها وتهيأ لإمضائها

وذكر أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده بإسناده إلى عبد الله بن مسعود قال لما كان ليلة أسرى برسول الله صلى الله عليه و سلم لقي إبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام فتذاكروا الساعة متى هي فبدأوا بإبراهيم عليه السلام فسألوه عنـها فلم يكن عنده منـها علم فسألوا موسى عليه السلام فلم يكن عنده منـها علم فردوا الحديث إلى عيسى عليه السلام فقال عهد الله تعالى إلي فيما دون وجبتها فأما وجبتها فلا يعلمـها إلا الله
ويعني بوجبتها وقعتها
قال فذكر من خروج الدجال فأهبط فأقتله فيرجع الناس إلى بلادهم فيستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون لا يمرون بماء إلا شربوه ولا بشيء إلا أفسدوه فيجأرون إلي فأدعو الله فيميتهم فيملأ الأرض ريحهم فيجأرون إلي فأدعو الله فيرسل من السماء ماء فيحمل أجسامـهم فيلقيهم في البحر ثم تنسف الجبال وتمد الأرض مد الأديم فعهد الله إلي أنـه إذا كان ذلك فإن الساعة من الناس كالحامل المتم التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادتها ليلا أو نـهارا
قال النواس فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله عز و جل وقرأ ( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق )
وذكر أبو داود من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق الله آدم وفيه أهبط وفيه تيب عليه وفيه مات وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيها ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه

وذكر النسائي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف أنعم وصاحب الصور قد التقم القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر بالنفخ فينفخ قالوا يا رسول الله وكيف نقول قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا
وذكر الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما زال صاحب الصور مذ وكل بـه مستعدا ينظر نحو العرش أن يؤمر فينفخ قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان
ومن مسند البزار عن أبي سعيد الخدري قال ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم صاحب الصور فقال عن يمينـه جبريل وعن يساره ميكائيل
وذكر الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال ما الصور قال قرن ينفخ فيه
وذكر أبو بشر الدولابي من حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى ( نفخ في الصور ) فقال الصور كهيئة القرن
وقال بعض العلماء الصور أيضا جمع صورة
وذكر البخاري عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينـهما مقتلة عظيمة دعواهما واحدة وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كل يزعم أنـه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرض عليه لا أرب لي فيه وحتى يتطاول الناس في البنيان وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانـه وحتى تطلع

الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس أمنوا أجمعون فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانـها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانـها خيرا ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينـهما فلا يتبايعانـه ولا يطويانـه ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يط ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطا
وذكر مسلم بن الحجاج من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي يريد عوافي السباع والطير ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمـهما فيجدانـها ملئت وحوشا حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما
وسمعت في تفسيره أن هذين الراعيين إنما يخران على وجوههما من صيحة يوم القيامة فعند هذه الصيحة تخمد الأصوات وتسكن الحركات وتخلى من أهلها الأرضون والسماوات إلى يوم الخروج والميقات والجزاء بالحسنات والسيئات إلا أن الله تعالى ذكر عند هذه الصيحة استثناء سيأتي ما قيل فيه بعد إن شاء الله
ثم ينزل الله مطرا فتنبت منـه الأجسام ويحيا بـه الرفات من العظام ويستعد لقبول الأرواح عند النفخة الثانية قال الله تعالى ( ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا )
وذكر مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول اللهA يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين لا أدري أربعين يوما أو أربعين شـهرا أو أربعين عاما الشك من الراوي قال فيبعث الله عيسى بن مريم عليه السلام كأنـه عروة بن مسعود الثقفي فيطلبه فيهلكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد على وجه الأرض في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا قبضته حتى

لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول لهم أما تستجيبون فيقولون فما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشـهم ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا قال وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله قال فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل أو قال ينزل الله مطرا كأنـه الطل أو الظل الشك من الراوي فتنبت منـه أجساد الناس ثم ينفخ فيه أخرى ( فإذا هم قيام ينظرون ) ثم يقال أيها الناس هلموا إلى ربكم ( وقفوهم إنـهم مسئولون ) ثم يقال أخرجوا بعث النار فيقال من كم فيقال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال فذلك يوم يجعل الولدان شيبا وذلك ( يوم يكشف عن ساق )
ويروى أن هذا المطر الذي تنبت منـه الأجساد أنـه كمني الرجال وقد أخبر الله أن إنشاء الأجسام مثل إخراج النبات من الأرض قال الله سبحانـه ( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا بـه الأرض بعد موتها كذلك النشور ) أي كما ينبت نبات الأرض بالماء كذلك تنبت الأجساد بهذا الماء فبينما روحك في البرزخ مع الأرواح وكل على عمله من فساد أو صلاح إذ أمر الله عز و جل بها أن تجمع فتقبل أرواح المؤمنين تتلألأ نورا وأرواح الكافرين

تسود ظلمة فيقبضها جميعا فيجعلها في الصور ثم ينفخ إسرافيل فتخرج الأرواح كأنـها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض
ويروى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يقول الله تعالى وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد فتدخل الخياشيم حتى تمشي مشي السم في اللديغ
وذكر مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بين النفختين أربعون قالوا يا أبا هريرة أربعون عاما قال أبيت قالوا أربعون شـهرا قال أبيت قالوا أربعون يوما قال أبيت ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل قال وليس شيء من الإنسان إلا ويبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنـه يركب الخلق يوم القيامة
وذكر أبو بكر بن أبي داود في كتاب البعث بإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب الذنب قيل وما هو يا رسول الله قال مثل حبة خردل منـه تنشأون
وذكر أبو بكر بن أبي خيثمة بإسناده إلى لقيط بن عامر عن النبي صلى الله عليه و سلم في حديث طويل قال فيه ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصيحة فلعمرو إلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات والملائكة الذين مع ربك فأصبح ربك يطوف في الأرض وقد خلت عليه البلاد فأرسل ربك السماء بهضب من عند العرش فلعمرو إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنـه حتى يخلقه من قبل رأسه وذكر الحديث وسيأتي بكماله إن شاء الله تعالى
قوله فأصبح ربك يطوف في الأرض وقد خلت عليه البلاد إنما هو تفهيم وتقريب إلى أن جميع من في الأرض يموت وأن الأرض تبقى خالية

ليس يبقى إلا الله وحده كما قال تعالى ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
وقوله والملائكة الذين مع ربك فإنـه قد جاء في بعض التفاسير في قوله تعالى ( ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) هو جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك وملك الموت ثم يؤمر ملك الموت أن يقبض روح جبريل ثم روح ميكائيل ثم روح إسرافيل ثم يؤمر ملك الموت أن يموت فيموت ولا يبقى إلا الذي له البقاء والعزة والكبرياء والملك الذي ألا يزول ولا يفنى تبارك وتعالى فينادي جل جلاله لمن الملك اليوم فلا يجيبه مجيب ومن ذا يجيبه ولم يبق موجود إلا الواحد المعبود فيجيب نفسه فيقول سبحانـه لله الواحد القهار ثم يمكث الناس في البرزخ أربعين عاما ثم يحيى الله عز و جل إسرافيل فيأمره أن ينفخ النفخة الثانية فذلك قوله عز و جل ( فإذا هم قيام ينظرون ) قيام على أرجلهم ينظرون إلى ذلك الأمر العظيم والهول الجسيم
واعلم رحمك الله أنك إن كنت ممن لا يشاهد هذه الصعقة العامة التي هي قيام الساعة فلا بد لك من أن تشاهد صعقة نفسك التي تخصك وهي صعقة موتك وخروج روحك ولا بد من إنشائك وتسويتك ورد روحك إلى جسدك وإخراجك من الأرض التي خلقت منـها كما قال تعالى ( منـها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنـها نخرجكم تارة أخرى ) وقال عز من قال ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم )
قال سبحانـه وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في

السموات والأرض وهو العزيز الحكيم
وقوله عز و جل وهو أهون عليه أي هو هين عليه لأنـه ليس عند الله شيء أهون من شيء بل كل عليه هين
و قال تبارك وتعالى ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين )
وقال سبحانـه ( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) وذكر النسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال قال الله تبارك وتعالى كذبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يكذبني وشمتني ابن آدم ولم يكن ينبغي له أن يشتمني أما تكذيبه إياي فقوله أني لا أعيده كما بدأته وليس آخر الخلق بأعز علي من أوله وأما شتمـه إياي فقوله اتخذ الله ولدا وأنا الله أحد صمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد
وقد أخرجه البخاري بمعناه
والاعتبار الصحيح يشـهد بصحة النشأة الآخرة والقدرة متسعة لها ولكل ما شاءه الحكيم القدير تبارك وتعالى كما قال سبحانـه وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا و كان ربك قديرا
خلق سبحانـه الماء من لا شيء وأخرجه من غير شيء أخرجه من عدم إلى الوجود فكونـه بعد أن لم يكن شيئا ثم خلق منـه الإنسان فجعله آية عجبا وعبرة ظاهرة في شكله وتخطيطه وحركاته وسكناته وما فيه من الحكمة وما أودعه من عجائب الصنعة مما يطول وصفه ويتسع شرحه فتبارك الله أحسن الخالقين
وأنشدوا
( أيا ابن آدم والألاء سابغة ... ومزنة الجود لا تنفك عن ديم )

( هل أنت ذاكر ما أوليت من حسن ... وشاكر كل ما خولت من نعم )
( براك باريء هذا الخلق من عدم ... بحت ولولاه لم تخرج من العدم )
( أنشاك من حمأ ولا حراك بـه ... فجئت منتصبا تمشي على قدم )
( مكمل الأدوات آية عجبا ... موفر العقل من حظ ومن فهم )
( ترى وتسمع كلا قد حبيت بـه ... فضلا وتنطق بالتبيين والحكم )
( هداك بالعلم سبل الصالحين له ... وكنت من غمرات الجهل في ظلم )
( ماذا عليك له من نعمة غمرت ... كل الجهات ولم تبرح ولم ترم )
( غراء كالشمس قد ألقت أشعتها ... حتى ليبصرها عليك كل عمي )
( فاشكر ولست مطيقا شكرها أبدا ... ولو جهدت فسدد ويك والتزم )
( رزق وأمن وإيمان وعافية ... متى تقوم بشكر هذه النعم )
( هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونـه إن ربك هو الخلاق العليم )
( فمن آمن بهذا لم يضق صدره عن الإيمان بالنشأة الثانية وكان منتظرا لها مشتغلا بالفكرة فيها وإنـها لموضع الانتظار وموضع الاشتغال آناء الليل وأطراف النـهار لكن حب العاجل والاشتغال بالحاضر والنظر إلى هذا الخيال القائم صرف وجه القلب عن استعمال الحقيقة في هذا الأمر وطمس عينـه عن النظر إليها وسد مجاري فكره عن التصرف فيها فلو اشتغل ونظر وتفكر لأذهله ذلك عن الأهل والمال وشغله عن قيل وقال وصرفه عن لذة الحال إلى المآل لكنـه إن لم ينظر الآن فسينظر في وقت لا ينفعه فيه النظر ولا ينقضي له بـه وطر وسيقدم فيعلم

الباب الخامس عشر في انبعاث الناس من قبورهم وصفة الأرض التي يحشرون عليها وكيف يحشرون وذكر أول من ينشق عنـه القبر يوم القيامة وما جاء أنـهم يبعثون على نياتهم وما كانوا عليه
ذكر مسلم بن الحجاج من حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يعوذ عائذ بالبيت فيبعث الله بعثا فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسفت بهم قلت يا رسول الله فكيف بمن كان كارها قال يخسف بـه معهم ولكنـه يبعث يوم القيامة على نيته
وعن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم
وعن جابر بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول يبعث كل عبد على ما مات عليه
وأما أول من ينشق عنـه القبر يوم القيامة فنبينا محمد صلى الله عليه و سلم كما ذكر مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من تنشق عنـه الأرض وأول شافع وأول مشفع

وذكر البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة فإذا أنا بموسى متعلق بالعرش فلا أدري أكذلك كان أم بعد النفخة الآخرة ويروى فأكون أول من يفيق وهو الأكثر
وقال البخاري أيضا في بعض ألفاظ هذا الحديث فإذا أنا بموسى أخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أقام قبلي أم جوزي بصعقة الطور لم يكن عنده صلى الله عليه و سلم علم حتى يعلمـه الله عز و جل فقد أخبر صلى الله عليه و سلم أنـه أول من ينشق عنـه القبر وهو حديث صحيح مشـهور
واعلم رحمك الله أنـه إن لم تشق سمعك النفخة الأولى في الصور لهلاك هذا المعمور فلا بد أن تشق سمعك النفخة الثانية لبعثرة القبور وقيام الخلائق ليوم النشور وتحصيل ما في الصدور
( إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها يومئذ يصدر الناس أشتاتا ليروا أعمالهم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
( إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا )
( فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية )
( إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت وإذا الجبال سيرت وإذا العشار عطلت وإذا الوحوش حشرت )

فناهيك من صيحة يقوم لها الاموات وتحيا بها العظام الرفات وحسبك من هدة تنـهد لها الجبال وتعود كالكثيب المـهيل من الرمال كما قال عز و جل ( يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مـهيلا ) ( يوم يكون الناس كالفراش المبثوث وتكون الجبال كالعهن المنفوش )
( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان )
وهذه أهوال لا بد لك من مكابدتها وأحوال لا بد لك من مشاهدتها يخرج سهمك فيها بما خرج ويلج بك سعيك منـها فيما يلج فإما بنزول في درك وإما بارتقاء في درج
وقد صح هذا عندك فماذا أعددت له وثبت في نفسك فبماذا تستقبله وماذا تقوله وماذا تفعله لطال ما دعاك الداعي فتصاممت ونصحك النصيح فتعاميت وذكرك المذكر فتناسيت فقد وقفت على العيان مما كان عرضه عليك بالأمس البرهان وجاءك بـه الرسول وخاطبك بـه القرآن فهل من رجعة أو سبيل اليوم إلى استعمالك تلك الدعوة هيهات طمعت في غير مطمع وسمعت مالا يسمع إن كنت تريد أن تعود إلى الدنيا أو ترجع فتفكر الآن في نفسك وكونك في قبرك إذا سمعت انشقاق الأرض من فوقك ووقع ذلك الصوت الهائل في سمعك صوت تتصدع له الأكباد لو أذن لها في الانصداع وتتقطع له القلوب لو أذن لها في الانقطاع قال الله تعالى ( واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج )
وفي الحديث أن هذا الإجتماع يكون بالشام
روى أبو بكر البزار في مسنده من حديث أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الشام أرض المحشر والمنشر

ويروى أن المنادي ينادي على صخرة بيت المقدس أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء
وهذا النداء خلاف الصيحة العظمى فتفكر وأطل فكرك في عظيم تلك الصيحة وشدة تلك النفخة وتخيل قيام الناس وثورانـهم من قبورهم دفعة واحدة وانبعاثهم بمرة واحدة وأنت بينـهم وفي جملتهم منكسفا وجهك متغيرا لونك متعثرا قدمك قد ملأ قلبك الفزع وقصم ظهرك ذلك المستمع وانت حيران عطشان سكران شاخص البصر نحو النداء مستمعا إلى ذلك الدعاء ولو وجدت مطارا لطرت ومفرا لفررت ( كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر )
( يا معشر معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فبأي آلاء ربكما تكذبان )
ويروى عن الأوزاعي عن بلال بن سعد أنـه قال إن للناس جولة يوم القيامة وهو قوله تعالى ( يقول الإنسان يومئذ أين المفر )
وقال تعالى ( ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب )
وقال سبحانـه ( إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم )
وأنشدوا
( ناد في القوم بيوم التناد ... وأعد فيهم حديث المعاد )
( فالحديث اليوم في غير هذا ... محدث في القلب صدع الفؤاد )
( وخلو القلب عن ذكر يوم ... ذكره أذهب طيب الرقاد )

( غبن في الرأي للعقل باد ... ومن الغبن خفي وباد )
( ولأمر ما بكاه رجال ... في الدياجي كبكاء العهاد )
( أي يوم ضاق عن حالتيه ... وصف وصاف بليغ وشاد )
( مشـهد تبيض فيه وجوه ... ووجوه قد طليت بالحداد )
( يجعل الولدان شيبا ويرمي ... بالجبال الشم وسط الوهاد )
( وترى الناس سكارى وما هم ... بسكارى غير سكر التناد )
( فدع الدار وما دار فيها ... من تليد كان أو من تلاد )
( واقطع الأرض على ظهر طود ... نازلا منـه إلى بطن واد )
( طالبا كهف نجاة لتنجو ... رائحا في نيل ذاكم وغاد )
( واقدح النار بجفن مروع ... جانب الأمن ولين المـهاد )
( رام أمرا فشتتته أمور ... وعدته عن هواه عواد )
( فطوى كشحا على محرقات ... نشرت شعلاتها في البلاد )
( وأفض دمعة باك حزين ... مزجت دمعته بالجساد )
( وإذا ما أراد ذكرى لذنب ... بات من كربته في ازدياد )
( وقليل كل هذا قليل ... لأمور بين أيدي العباد )
( وكروب عند ما أنت فيه ... كالبحار السبع عند الثماد )
( فاجهد النفس وجاهد هواها ... فمراد الحق ترك المراد )
وقيل في قوله تعالى ( يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار )

أما تقلب القلوب فانتزاعها من أماكنـها فتغص بها الحناجر فلا هي تخرج ولا هي ترجع إلى مواضعها قال الله تعالى ( وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدي الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع )
وأما تقلب الأبصار فمن الكحل إلى الزرق ومن البصر إلى العمى قال الله تعالى ( ونحشر المجرمين يومئذ زرقا )
وقال سبحانـه ( ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا )
فتفكر في بهتك وحيرتك وانكسارك وذلتك وافتقارك وقلتك يوم لا تجد إلا عملك الذي عملت وسعيك الذي سعيت قال الله تعالى ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينـها وبينـه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه )
وأنشد بعضهم من قصيدة
( واذكر رقادك في الثرى ... في قعر مظلمة بهيم )
( قد نحيت تلك الحلى ... واستبدلت تلك الرسوم )
( واعتضت من حلل الغنى ... وحلاه خلقان العديم )
( وتركت ويحك مفردا ... لا أهل فيه ولا حميم )
( حيران تفزع للبكا ... لهفان تأنس بالغموم )
( حتى ينادى بالورى ... فتقوم أسرع ما تقوم )
( عريان مصطفق الحشا ... هيمان مجتمع الهموم )
( والناس قد رجفت بهم ... حرب هنالكم عقيم )
( في مأزق تهفو بـه ... لفحات نيران السموم )

( وبدت هناك سرائر ... قد كنت قبل لها كتوم )
( ورأيت في محصولها ... ما شئت من خسر وشوم )
( ان لم يجد بالعفو من ... يعفو عن الذنب العظيم )
واعلم أنـه كلما عظم قدر رجل في الدنيا صغر هناك وكلما كثر جاهه في الدنيا قل هناك إلا من كان شعاره التقوى في الدنيا وطريقته المثلى وكل ما تراه أو تسمع بـه من ملك جبار أو عزيز قهار قد قاد الأجناد وأكثر الأمداد ودوخ البلاد وأذل العباد فهو في ذلك اليوم كالذرة في الرغام تطؤه الأقدام ويمحقه ذلك الزحام كما قال القائل
( ألم تسمع عن النبأ العظيم ... وعن خطب خلقت له جسيم )
( وزلزال يهد الأرض هدا ... ويرمي في الحضيضة بالنجوم )
( وأهوال كأطواد رواس ... تلاطم في ضلوع كالهشيم )
( فمن رأس يشيب ومن فؤاد ... يذوب ومن هموم في هموم )
( وسكران ولم يشرب حميا ... وهيمان ولم يعلق بريم )
( ومرضعة قد أذهلها أساها ... فما تدري الرضيع من الفطيم )
( ومؤتمة تولت عن بنيها ... وألقت باليتيمة واليتيم )
( وحبلى اسقطت ذعرا وخوفا ... فيا لله لليوم العقيم )
( وهذا مشـهد لا بد منـه ... وجمع للحديث وللقديم )
( وما كسرى وقيصر والنجاشي ... وتبع والقروم بنو القروم )
( بذاك اليوم إلا في مقام ... أذل من التراب لذي السليم )
( وما للمرء إلا ما سعاه ... لدار البؤس أو دار النعيم )
( وأنت كما علمت ورب أمر ... يكون أذاه أوقع بالعليم )
( فدع عينيك تسبح في معين ... وقلبك ذره يقلب في جحيم )

( وشق جيوب صبرك شق ثكلي ... تعلقت ابنـها رجلا سهوم )
( وماذا الأمر ذلكم ولكن ... تشبه بالبحار يد الكريم )
وذكر مسلم بن الحجاج من حديث ابن عباس رضي الله عنـهما قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بموعظة فقال أيها الناس إنكم محشورون إلى الله عز و جل حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ألا وإنـه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح ( وكنت عليهم شـهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شـهيد إن تعذبهم فإنـهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) فيقال لي انـهم لم يزالوا مدبرين على أعقابهم منذ فارقتهم
وروى شـهر بن حوشب عن ابن عباس قال إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم ثم ينقاض أهل السماء الدنيا على الأرض فأهل السماء الدنيا وحدهم اكثر من جميع أهل الأرض جنـهم وإنسهم بالضعف فيفزعون إليهم ويقولون أفيكم ربنا فيقولون سبحانـه ليس فينا وهو آت ثم اهل السماء الثانية فينتشرون على وجه الارض فأهل السماء وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا وأهل الأرض من جنـهم وإنسهم بالضعف فيفزعون أليهم فيقولون أفيكم ربنا فيقولون سبحانـه ليس فينا وهو آت ثم ينقاض أهل السموات سماء سماء كلما انقاضت سماء انتشر أهلها على وجه الأرض فيكونون أكثر من أهل السموات التي تحتهم وأهل الأرض جنـهم وإنسهم بالضعف ويفزع إليهم أهل الأرض فيقولون أفيكم ربنا فيقولون سبحانـه ليس فينا وهو آت ثم ينقاض أهل السماء السابعة فينتشر

أهلها على وجه الأرض فلهم وحدهم أكثر من أهل السموات ومن جميع أهل الأرض جنـهم وإنسهم بالضعف وينزل الله تبارك وتعالى في ظلل من الغمام والملائكة
فتفكر في هذا المشـهد العظيم واليوم العقيم يوم يجمع فيه هذا الخلق كلهم من الملائكة ومن بني آدم من لدن آدم عليه السلام إلى آخر الدنيا فتفكر في أي أرض تسعهم وأي مكان يحملهم فكيف وينضاف إليهم جميع الوحوش النافرة والهوام الشاردة إلى غير ذلك من المخلوقات التي ضمـها ذلك الموعد وحشرها ذلك المشـهد فتفكر الآن فيهم كيف يساقون وكيف يجمعون وكيف يحشرون من بين محمول قد مدت ظلال الرحمة عليه وجمعت الأماني في يديه وبين ساع على قدميه وآخر مجرور على خديه و مصروع لهول ما بين يديه
كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إنكم تحشرون إلى الله عز و جل رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم ويروى ويجرون على وجوههم على أرض بيضاء قاع صفصف مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا لا ربوة يستتر بها ولا وهدة يختفى فيها بل هو صعيد واحد ليس فيه شيء قائم ولا علم مرتفع قال الله تعالى ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا )
وقال النبي صلى الله عليه و سلم يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها علم لأحد
وقال صلى الله عليه و سلم يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر
ذكر الحديثين مسلم من حديث سهل وأبي هريرة
يريد صلى الله عليه و سلم ارضا مستوية لا جبل فيها ولا أكمة ولا ربوة ولا وهدة

أرض بيضاء نقية لم يسفك عليها دم ولا عمل عليها خطيئة ولا ارتكب فيها محرم
قال الله تعالى ( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار )
وفي حديث ثوبان ان النبي صلى الله عليه و سلم سئل أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات قال هم في الظلمة دون الجسر والجسر هو الصراط
وفي حديث عائشة رضي الله عنـها عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـهم على الصراط ذكر هذين الحديثين مسلم بن الحجاج
فتفكر في هذا المجتمع وهذا الهول الأشنع والخطب الأقطع الأبشع وفيمن يضره ويشـهده ويعانيه ويبصره وكيف يقومون على أقدامـهم ويشخصون بأبصارهم وأنت معهم في ضيق مقام وطول قيام
قد جمعوا جمع الدراهم في الصرة المشدودة والنبل في الكنانة المشحونة وقد انشقت السماء فوقهم وذابت عليهم وسالت على رؤوسهم وطاشت الألباب وذهلت الأوهام وتحيرت العقول وتلجلجت الألسن فلم يدر قائل ما يقول وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا وضعفت الحركات فلا تسمع للأقدام حسا فيالك من هول تنـهد منـه الجبال فكيف الرجال ويالك من خطب تنشق منـه السماء فكيف الأحشاء
فتفكر فيما يشق سمعك من ذلك وما يخلع قلبك من الروع الذي هنالك وكيف بك إذا رأيت الشمس قد كورت فذهب ضوؤها والنجوم قد طمست فمحي نورها وزالت عن مواضعها وفقدت في مطالعها وانتثرت على من تحتها وعلى من كان من سمتها واشتبك الناس بعضهم في بعض وتداخل الخلق بعضهم في بعض فصاروا كالفراش المبثوث وقامت الملائكة على أرجاء السماء وأحاطت بالخلائق من كل الأرجاء والناس حفاة عراة

غرل كما خلقوا فيالك من يوم يختلط فيه الرجال مع النساء وقد أمنوا أن ينظر بعضهم إلى بعض أو يحس بعضهم ببعض
وذكر مسلم بن الحجاج من حديث عائشة رضي الله عنـها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا قلت يا رسول الله النساء والرجال جميعا ينظر بعضهم إلى بعض قال يا عائشة الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض
وذكر النسائي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم تحشرون حفاة عراة غرلا فقالت له زوجته أو يرى بعضنا عورة بعض قال يا فلانة لكل امرىء منـهم يومئذ شأن يغنيه
فيا لك من هول ما أعظمـه ومن كرب ما أشده ومن خطب ما أبشعه
وإياك أن تستبطىء هذا اليوم وأن تستبعده فما سيرك إليه ببطيء وما هو منك ببعيد وإن طال المدى وامتدت الغاية فكل آت قريب وكل ما يكون سيكون قال الله تعالى ( ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النـهار يتعارفون بينـهم )
وقال سبحانـه ( كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فأسأل العادين )
وقال تعالى ( ونحشر المجرمين يومئذ زرقا يتخافتون بينـهم إن لبثتم إلا عشرا نحن أعلم بما يقولون إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوما )
أي يقول ذلك بعضهم إلى بعض سرا فيقول أعدلهم قولا وأرجحهم عقلا ان لبثتم إلا يوما أي ما لبثتم في القبور إلا يوما واحدا

ويروى عن مجاهد أنـه قال للكفار هجعة قبل يوم القيامة يجدون فيها طعم النوم فإذا بعثوا قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا فيقول لهم المؤمنون هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون فيخرج الخلائق مذعورين خائفين وجلين وإذا المنادي ينادي يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون فيطمع في هذا المؤمنون والكافرون فينادي المنادي الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين فينكس الكفار رؤوسهم ويبقى المسلمون فينادي المنادي الثالثة الذين آمنوا وكانوا يتقون فينكس أهل الكبائر رؤوسهم ويبقى أهل التقوى رافعي رؤوسهم قد زال عنـهم الخوف وذهب عنـهم الحزن وغشيهم الفوز والأمن ذلك يوما يجعل الولدان شيبا ولا ترى فيه إلا حزينا كئيبا يوم تشقق السماء كأنـها السحاب وتسير الجبال كأنـها السراب
واعلم ان الناس يحشرون يومئذ على ثلاثة أصناف ركبانا ومشاة وعلى وجوههم كما قال تعالى ( يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا ) والوفد في اللغة القوم المكرمون يفدون من بلادهم في جماعتهم وإلى ملكهم فينزلهم ويكرمـهم والورد العطاش يساقون كما تساق الإبل وغيرها من الأنعام تسوقهم الملائكة بسياط من النار إلى النار وقوم يمشون على وجوههم
ذكر الترمذي من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف صنفا مشاة وصنفا ركبانا وصنفا على وجوههم قيل يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم قال إن الذي أمشاهم على أقدامـهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أما إنـهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك
وذكر مسلم بن الحجاج من حديث قتادة عن أنس بن مالك أن رجلا

قال يا رسول الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة قال أليس الذي أمشاه على رجليه في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة قال قتادة حين بلغه بلى وعزة ربنا
قال أبو حامد وذكر هذا الفصل في طبع الآدمي إنكار كل ما لم يأنس بـه ولم يشاهده ولو لم يشاهد الإنسان الحية وهي تمشي على بطنـها لأنكر المشي من غير رجل والمشي بالرجل أيضا مستبعد عند من لم يشاهد ذلك فإياك أن تنكر شيئا من عجائب يوم القيامة لمخالفتها قياس الدنيا فإنك لو لم تكن شاهدت عجائب الدنيا ثم عرضت عليك قبل المشاهدة لكنت أشد إنكارا لها فأحضر رحمك الله في قلبك صورتك وأنت قد وقفت عاريا مكشوفا ذليلا مدحورا متحيرا مبهوتا منتظر لما يجري عليك من القضاء بالسعادة أو بالشقاء
ذكر أبو بكر بن أبي خيثمة بإسناده إلى لقيط بن عامر العقيلي قال خرجت أنا وصاحب لي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة لانسلاخ رجب فأتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم حين انصرف من صلاة الغداة فقام في الناس خطيبا فقال أيها الناس ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام ألا لأسمعكم اليوم ألا فهل من امرىء بعثه قومـه فقالوا له اعلم ما يقول لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا ثم لعله أن يلهيه حديث نفسه أو حديث صاحبه أو يلهيه الضلال ألا إني مسئول هل بلغت ألا اسمعوا تعوا ألا اجلسوا ألا اجلسوا فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت يا رسول الله ما عندك من علم الغيب قال فضحك لعمرو الله وهز رأسه وزعم أني ابتغي تسخطه فقال ضن ربك بخمس من الغيب لا يعلمـها إلا الله وأشار بيده قلت وما هن يا رسول الله قال علم المنية قد علم متى منية

أحدكم ولا تعلمونـه وعلم المني متى يكون في الرحم قد علمـه ولا تعلمونـه وعلم ما في غد قد علم ما أنت طاعم غدا ولا تعلمونـه وعلم يوم الغيث يشرف عليكم أزلين مشفقين فيظل يضحك قد علم أن غوثكم قريب قال لقيط لم نعدم من رب يضحك خيرا قال وعلم يوم السعة قلت يا رسول الله إني سائلك عن حاجتي فلا تعجلني قال سل عما شئت قلت يا رسول الله علمنا مما لم يعلم الناس وما تعلم قال تلبثون ما لبثتم ثم يتوفى نبيكم ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصيحة فلعمرو إلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات والملائكة الذين مع ربك فأصبح ربك يطوف في الأرض قد خلت عليه البلاد فأرسل ربك السماء بهضب من عند العرش فلعمرو إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنـه حتى تخلقه من قبل رأسه حتى يستوي جالسا يقول ربك مـهيم لما كان فيه فيقول يا رب أمتني أمس وأحييتني اليوم لعهده بالحياة يحسبه حديثا بأهله فقلت يا رسول الله فكيف يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى والسباع قال أنبئك بمثل ذلك في إل الله الأرض أشرفت عليها وهي مدرة بالية فقلت لا تحيا أبدا ثم أرسل ربك عليها السماء فلم تلبث عنـها إلا أياما حتى أشرفت عليها فإذا هي شربة واحدة فلعمرو إلهك لهو أقدر على أن يجمعكم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فتخرجون من الأضواء ومن مصارعكم فتنظرون إليه ساعة وينظر إليكم قال قلت يا رسول الله ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد ينظر إلينا وننظر إليه قال أنبئكم بمثل ذلك في إل الله الشمس والقمر آية صغيرة ترونـهما ساعة واحدة ويريانكم لا تضامون في رؤيتهما ولعمرو ألهك لهو أقدر على أن يراكم وترونـه منـهما أو ترونـهما ويريانكم ولا تضامون في رؤيتهما قلت يا رسول الله فما يفعل ربنا بنا إذا لقيناه قال

تعرضون عليه بادية صفحاتكم لا تخفى عليه منكم خافية فيأخذ ربك بيده غرفة من الماء فينضح بها قبلكم فلعمرو إلهك ما يخطيء وجه واحد منكم منـها قطرة فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء وأما الكافر فتحطمـه مثل الحميم الأسود ألا ثم ينصرف نبيكم ويفرق على أثره الصالحون فيسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم الجمرة فتقول حس يقول ربكم أوانـه ألا فتطلعون على حوض الرسول لا يظمأ والله ناهله فلعمرو إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وقع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذى وتحبس الشمس والقمر فلا ترون منـهما واحدا قال قلت يا رسول الله فبم نبصر الأرض قال بمثل ساعتكم هذه وذلك مع طلوع الشمس في يوم أسفرته الأرض وواجهته الجبال قال قلت يا رسول الله فبم نجزي من حسناتنا أو سيئاتنا قال الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها إلا أن تغفر قلت يا رسول الله ما الجنة والنار قال لعمرو ألهك إن النار لها سبعة أبواب ما منـها بابان إلا يسير الراكب بينـهما سبعين عاما وإن للجنة ثمانية أبواب ما منـها بابان إلا يسير الراكب بينـهما سبعين عاما قال قلت يا رسول الله فعلى ما نطلع من الجنة قال على أنـهار من عسل مصفى وأنـهار من كأس ما بها صداع ولا ندامة وأنـهار من لبن لم يتغير ط وماء غير آسن وفاكهة فلعمرو إلهك ما تعلمون وخير من مثله معه وأزواج مطهرة قلت يا رسول الله وإن لنا فيها أزواجا وهن مصلحات قال الصالحات للصالحين تلذونـهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذذنكم غير إن لا توالدوا وذكر باقي الحديث

فصل دنو الشمس من الناس يوم القيامة ذكر مسلم من حديث المقداد بن الأسود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منـهم كمقدار ميل قال سليم بن عامر فوالله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أو الميل الذي تكحل بـه العين قال فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق فمنـهم من يكون إلى كعبيه ومنـهم من يكون إلى ركبتيه ومنـهم من يكون إلى حقويه ومنـهم من يلجمـه العرق الجاما وأشار رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده إلى فيه
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث قال تدنو الشمس يوم القيامة على مقدار ميل ويزاد فيها كذا وكذا تغلى منـها الهوام كما تغلي القدور على الأثافي ذكره قاسم بن أصيغ
وذكر مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنـهما عن النبي صلى الله عليه و سلم يوم يقوم الناس لرب العالمين قال يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه
وذكر مسلم عن أبي هريرة في هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن العرق يوم القيامة ليذهب في الأرض سبعين باعا وإنـه ليبلغ إلى أفواه الناس أو إلى آذانـهم الشك من الراوي
وروى عن أنس أنـه قال لم يلق ابن آدم قط شيئا منذ خلقه الله أشد عليه من الموت ثم إن الموت لأهون عليه مما بعده إنـهم ليلقون من هول ذلك اليوم وشدته حتى يلجمـهم العرق حتى لو أرسلت فيه السفن لجرت

وذكر أبو بكر البزار في مسنده عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن العرق ليلزم المرء في الموقف حتى يقول يا رب إرسالك بي إلى النار أهون علي مما أجد وهو يعلم ما فيها من شدة العذاب
ثم تفكر في ذلك الازدحام والانضمام والاتساق والالتصاق واجتماع الإنس والجن ومن يجمع من سائر أصناف الحيوان وانضغاطهم وتعهم واختلاطهم ولا فرار ولا انتصار ولا ملاذ ولا انتقاذ وقربت الشمس منـهم قبل تكويرها وكانت كمقدار ميل وزيد في حرها وضوعف في وهجها ولا ظل إلا ظل عرش ربك بما قدمته من كسبك وقد انضاف إلى حر الشمس حر الأنفاس لتزاحم الناس واحتراق القلوب بما غشيها من الكروب واشتد الفرق وعظم القلق وسال من الأجسام العرق وانبعث من كل موضع من الجسد وانبثق وكان الناس فيه على قدر أعمالهم كما تقدم
فتفكر في نفسك أيها المسكين وقد ضاق نفسك وزاد قلقك وسال عرقك وجرى من جميع بدنك من قرنك إلى قدمك ووصل منك إلى حيث أوصلته بعملك إما إلى كعبك أو صاعدا حتى إلى أذنك فانظر إلى هذا الحال وتفكر في هذا الوبال وسوء هذا المآل واعلم رحمك الله أنـه لو سال عرقك في الدنيا طول عمرك وأضعافه في طاعة ربك وفي رضا سيدك على أن لا تعرق في ذلك اليوم لكان ذلك يسيرا ولكنت بـه جديرا ولكانت سلامتك منـه غنما كثيرا وفوزا كبيرا
وأنشدوا
( قدم لنفسك نزلا ... وارفع لرأسك ظلا )
( في يوم تضحى البرايا ... في شمسه تتقلى )
( فمن جسوم تصلى ... ومن رؤوس تقلى )
( ولا ملاذ هناكم ... إلا سرائر تبلى )

( وكل ما كان مخفى ... هناك للخلق يجلى )
( فمن دم في دموع ... تهل في الخد هلا )
( ومن جوى في ضلوع ... قد حل فيها المحلا )
( فيا أخي والمنايا ... تثل عرشك ثلا )
( وهذه مفزعات ... تكفيك قولا وفعلا )
( وإنـه الأمر جد ... وليس يا صاح هزلا )
( فاعمل له في تراخ ... للعمر من قبل ألا )
( وقد نصحتك فاقبل ... واسمع لنصحي وإلا )

فصل طول يوم القيامة أعلم رحمك الله أن يوم يوم القيامة ليس طوله كما عهدت من طول الأيام بل هو آلاف من الأعوام ينصرف فيه هذا الأنام على الوجوه والأقدام حتى ينفذ فيهم ما كتب لهم وعليهم من الأحكام وليس يكون خلاصهم دفعة واحدة ولا فراغهم في مرة واحدة بل يتخلصون ويفرغون بفراغ اليوم لكن طول ذلك اليوم خمسين ألف سنة فيفرغون بفراغ اليوم ويفرغ اليوم بفراغهم
وليس أيضا هذا اليوم مثل أيام الدنيا التي تكون على حكم دوران الفلك إذا ذهب الليل جاء النـهار وإذا ذهب النـهار جاء الليل حكمة الله التي حيرت العقول وأكلت الأبصار وأخرست الألسن
ليس هناك ليل إنما هو وقت واحد على صفة واحدة وهذا الذي يسمى يوما انما هو مقدار من ذلك الوقت يطوله الله عز و جل ما شاء ويقصره ما شاء ويسمي ما شاء بما شاء
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منـها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينـه وظهره كلما بردت أعيدت لهم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار قيل يا رسول الله فالإبل قال ولا صاحب إبل لا يؤدي منـها حقها ومن حقها حلبها يوم وردها إلا إذا

كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منـها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار قيل يا رسول الله فالبقر والغنم قال ولا صاحب بقر ولا غنم لا يؤدي منـها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منـها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلحاء ولا عضباء تنطحه بقرونـها وتطؤه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار
كذا روى وإنما هو كلما مر عليه اخراها رد عليه أولاها
قال الحسن البصري فما ظنك بقوم قاموا على أقدامـهم مقدار خمسين ألف سنة لم يأكلوا فيها أكلة ولم يشربوا فيها شربة حتى إذا انقطعت أعناقهم عطشا واحترقت أجوافهم جوعا انصرف بهم إلى النار فسقوا من عين آنية قد أنى حرها واشتد نضجها
واعلم أن هذا اليوم يتلون ألوانا ويستحيل حال الناس فيه أحوالا فينبعثون فيه من قبورهم ويساقون فيه إلى محشرهم ومكان القضاء فيهم ويقفون فيه ما شاء الله أن يقفوا شاخصة أبصارهم إلى السماء مبهوتين سكارى حيارى من عظيم ما أصابهم وهول ما نزل بهم ثم يموج بعضهم في بعض ويدخل بعضهم في بعض ويمشون من نبي إلى نبي يطلبون الشفاعة في الاستعجال والانفصال والتخلص من تلك الأهوال والأنكال وليس كل الناس يكلم الأنبياء وليس كل الناس يمشي إليهم ومن الناس من يكون بمنزلة الرغام تطؤه الأقدام في ذلك الزحام وضيق ذلك المقام ويأتي في هذا اليوم وقت منـه يتكلم فيه المشركون فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين

ويأتي عليهم منـه وقت آخر لا يتكلمون ولا يؤذن لهم فيعتذرون وفيه تكون المحاسبة والمناقشة وفيه يتعلق الناس بعضهم ببعض ويطلب بعضهم بعضا ويخاصم بعضهم بعضا فمن الناس من يخفف عليه اليوم حتى لا يجد فيه مشقة طول ولا يرد له فيه رغبة ولا سؤل
وذكر ابن وهب من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنـه أنـه قال للنبي صلى الله عليه و سلم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ما أطول هذا اليوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم والذي نفسي بيده إنـه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة كان يصليها في الدنيا فمن الناس من يطول مقامـه وحبسه إلى آخر اليوم ومنـهم من يكون انفصاله في ذلك اليوم في مقدار يوم من أيام الدنيا وفي ساعة من ساعاته أو فيما شاء الله من ذلك أو يكون رائحا في ظل كسبه وعرش ربه ومنـهم من يؤمر بـه إلى الجنة بغير حساب ولا عذاب كما أن منـهم من يؤمر بـه إلى النار في أول الأمر من غير وقوف ولا انتظار أو بعد يسير من ذلك النـهار وبالجملة فليس يتم ذلك اليوم إلا وقد نزل كل إنسان بداره واستقر في قراره من جنته أو ناره
فتفكر أيها الإنسان في طول ذلك اليوم وفي طول ذلك القيام فيه مع ذلك الحال الأخطر والفزع الأكبر والهول الذي لا يكيف ولا يقدر فاختر لنفسك كم تريد أن تقف فيه وكيف تريد أن تكون فيه ما دام النظر إليك والاختيار بيديك مع توفيق ربك عز و جل لك ومعونته إياك
وأنشد بعضهم
( يا آمن الساحة لا يذعر ... بين يديك الفزع الأكبر )
( وإنما أنت كمصبورة ... حم رداها وهي لا تشعر )
( والمرء منصوب له حتفه ... لو أنـه من يبصر )
( وهذه النفس لها حاجة ... والعمر عن تحصيلها يقصر )

( وكلما تزجر عن مطلب ... كانت بـه أهيم إذ تزجر )
( وإنما تقصر مغلوبة ... كالماء عن عنصره يقصر )
( وربما ألقت معاذيرها ... لو أنـها يا ويحها تعذر )
( وناظر الموت لها ناظر ... لو أنـها تنظر إذ ينظر )
( وزائر الموت له طلعة ... يبصرها الأكمـه والمبصر )
( وروعة الموت لها سكرة ... ما مثلها من روعة تسكر )
( وبين أطباق الثرى منزل ... ينزله الأعظم والأحقر )
( يترك ذو الفخر بـه فخره ... وصاحب الكبر بـه يصغر )
( قد ملأت ارجاءه روعة ... نكيرها المعروف والمنكر )
( وبعد ما بعد وأعظم بـه ... من مشـهد ما قدره يقدر )
( يرجف منـه ذا الورى رجفة ... ينـهد منـها الملأ الأكبر )
( وليس هذا الوصف مستوفيا ... كل الذي من وصفه يذكر )
( وإنما ذا قطرة أرسلت ... من أبحر تتبعها أبحر )
( وقد أتاك الثبت عنـه بما ... أخبرك الصادق إذ يخبر )
( فاعمل له ويك وإلا فلا ... عذر وما مثلك من يعذر )
واعلم أنـه كلما طال قيامك في طاعة الله وانتصابك له قصر قيامك في ذلك اليوم وقل تعبك فيه وكلما كثر تصرفك في طاعة الله سبحانـه وإقبالك وإدبارك في قضاء حاجة مسلم ومشيك فيه ومشاركتك له يقل مشيك في ذلك اليوم ويقل تعبك فيه وبقدر ما تبذل تعطى وكما تدين تدان
ولعلك يا هذا تستطيل ركعتين تقرأ فيهما حزبا أو حزبين تقوم بهما لربك جل جلاله ولعلك تعجز عن مشي ميل في قضاء حاجة مسلم أو ميلين

وبين يديك هذا اليوم الطويل المديد والكرب العظيم الشديد الذي لا يقصر إلا على من أطال التعب لله ولا يسهل إلا على من تحمل الشدائد في ذات الله ولعلك ان صليتهما ليلة عجزت عنـهما ليلة أخرى ولعلك ان مشيت يوما في حاجة مسلم برمت من ذلك يوما آخر وضجرت منـه وكسلت عنـه وربما وقفت لسماع حديث فارغ يكون تقديره أكثر من حزب أو حزبين وربما مشيت في فضول الميل والميلين وأكثر من ذلك ولو تدبرت في أمرك ونظرت فيما يراد بك لسهل عليك من أمرك العسير وقرب عليك فيه البعيد فاعمل رحمك الله في أيام قصار وعمر قصير لأيام طوال وعمر طويل

الباب السادس عشر ذكر الحوض قد سمعت رحمك الله بعطش هذا اليوم والتهابه وما يصل إلى القلوب من أواره واحتراقه وأن الماء في ذلك اليوم أعز موجود وأعظم مفقود وأن لا منـهل مورود إلا حوض صاحب المقام المحمود صلى الله عليه و سلم ولا مشرب لأمته سواه ولا تبرد أكبادهم إلا بـه وأن الشربة منـه تروي من الظمأ وتشفي من الصدى وتذهب كل داء فلا يظمأ شاربها ولا يسقم بعدها أبدا وأنـها ترد العقل العازب والشباب الذاهب ويؤوب معها من الزمن الصالح ما لم يكن قبل بآيب وانـه لا يرد ذلك الحوض إلا من ورد في الدنيا حوض شرعته وتمسك بسنته وتوفي على ملته وإلا فيجلى عنـه ولا يدنو منـه ولا يكاد ويضرب عنـه ضربا تتقطع له الجوانح والأكباد
وأنا أذكر لك من أحاديث الحوض ما يسر الله عز و جل
ذكر مسلم من حديث ثوبان أن النبي صلى الله عليه و سلم قال إني لبعقر حوضي أذود الناس عنـه لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم فسئل عن عرضه فقال من مقامي إلى عمان وسئل عن ه فقال أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل يفت فيه ميزابان يمدانـه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق
وعن أبي ذر قال قلت يا رسول الله ما آنية الحوض قال والذي نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المظلمة المصحية آنية الجنة من شرب منـها لم يظمأ آخر ما عليه يشخب فيه ميزابان من الجنة من شرب منـه لم يظمأ عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة ماؤه أشد بياضا من

اللبن وأحلى من العسل
ومن حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ترى فيه أباريق الذهب والفضة عدد نجوم السماء
وذكر الترمذي عن أبي سلام الحبشي قال حدثني ثوبان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال حوضي من عدن إلى عمان البلقاء ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل أكاويبه عدد نجوم السماء من شرب منـه شربة لم يظمأ بعدها أبدا أول الناس ورودا عليه فقراء المـهاجرين الشعث رؤوسا الدنس ثيابا الذين لا ينكحون المنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد فقال عمر بن عبد العزيز قد نكحت المنعمات فاطمة بنت عبد الملك وفتحت لي أبواب السدد لا جرم لا إغسل رأسي حتى يشعث ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ
وذكر البزار من حديث أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم حوضي من كذا إلى كذا فيه من الآنية عدد النجوم أطيب ريحا من المسك وأحلى من العسل وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن من شرب منـه لم يظمأ أبدا ومن لم يشرب لم يرو أبدا
وذكر مسلم من حديث عائشة رضي الله عنـها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول وهو بين ظهراني أصحابه إني على الحوض أنتظر من يرد علي منكم فوالله ليقتطعن دوني رجال فلأقولن أي رب مني ومن أمتي فيقول إنك لا تدري ما عملوا بعدك مازالوا يرجعون على أعقابهم
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم حوضي مسيرة شـهر وزواياه سواء وماؤه أبيض من الورق وريحه أطيب من المسك وكيزانـه كنجوم السماء من شرب منـه فلا يظمأ بعدها أبدا

وقالت أسماء بنت أبي بكر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم وسيؤخذ أناس من دوني فأقول يا رب مني ومن أمتي فيقال أما شعرت ما عملوا بعدك والله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم
قال فكان ابن أبي مليكة يقول اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو أن نفتن عن ديننا
وعن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم عن أم سلمة رضي الله عنـها أنـها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول أيها الناس إني لكم فرط على الحوض فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال فأقول فيم هذا فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا
وقال النسائي في هذا الحديث يا أيها الناس بينا أنا على الحوض إذ مر بكم زمرا فيذهب بكم الطرق فأناديكم ألا هلم إلى الطريق فينادي مناد من ورائي إنـهم بدلوا بعدك فأقول ألا سحقا سحقا
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أتى المقبرة فقال السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أني رأيت إخواننا قالوا أولسنا أخوانك يا رسول الله قال بل أنتم أصحابي وأخواننا الذين لم يأتوا بعد قالوا كيف تعرف من لم يأت بعدك من أمتك يا رسول الله قال أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله قالوا بلى يا رسول الله قال فإنـهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم هلم فيقال إنـهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقا سحقا
وذكر البخاري من حديث سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني فرط لكم على الحوض من مر يشرب ومن شرب لم يظمأ أبدا ليردن أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينـهم زاد أبو سعيد الخدري رضي الله عنـه

قال فأقول أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي وذكر من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال بينا إنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينـهم فقال هلم فقلت أين فقال إلى النار والله قلت وما شأنـهم قال إنـهم ارتدوا بعدك القهقرى على أدبارهم ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينـهم فقال هلم فقلت أين فقال إلى النار والله قلت وما شأنـهم قال إنـهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منـهم إلا مثل همل النعم
قوله صلى الله عليه و سلم بينا أنا قائم يريد على الحوض كما ورد في حديث آخر
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني ممسك بحجزكم عن النار وتغلبونني وتقتحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب وأوشك أن أرسل حجزكم وأفرط لكم عن أو على الحوض الشك من الراوي وتردون علي معا وأشتاتا فأعرفكم بأسمائكم وسيماكم كما يعرف الرجل الغريبة من الإبل في إبله ويذهب بكم ذات الشمال وأناشد فيكم رب العالمين فأقول أي رب رهطي أي رب أمتي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنـهم كانوا يمشون بعدك القهقرى فلأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل بعيرا له رغاء فينادي يا محمد يا محمد فأقول لا

أملك لك من الله شيئا قد بلغت ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسا له حمحمة ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل قشعا من أدم ينادي يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغت
وذكر أبو بكر البزار عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول أنا فرط بين أيديكم فإن لم تجدوني فإني على الحوض وسيأتي أقوام رجال ونساء ثم لا يذوقون منـه شيئا
وذكر ابن السكن من حديث سويد بن جبلة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لتزدحمن هذه الأمة على الحوض ازدحام واردات الحمر
وذكر مسلم من حديث أنس بن مالك قال بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم بين أظهرنا ذات يوم إذ أغفى إغفاءه ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله قال نزلت علي أنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر ) ثم قال أتدرون ما الكوثر فقلنا الله ورسوله أعلم قال فإنـه نـهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم فيختلج العبد فأقول يا رب إنـه من أمتي فيقول ما تدري ما أحدث بعدك
وفي طريق آخر عن أنس أيضا نـهر وعدنيه ربي في الجنة عليه حوضي ويروى عليه حوض
وفي حديث لقيط وذكر البعث قال تسلكون جسرا من النار يطأ أحدكم الجمرة فيقول حس ألا فتطلعون على حوض الرسول لا يظمأ والله ناهله فلعمرو إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وقع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذى رواه عن النبي صلى الله عليه و سلم

وذكر في هذا الحديث أن الحوض بعد الجسر وما تقدم في الحوض من الأحاديث التي لم يحد له فيها موضع هو الصحيح المشـهور
وذكر الترمذي من حديث الحسن عن سمرة رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن لكل نبي حوضا وإنـهم يتباهون أيهم أكثر واردة وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة
وهذا يروى عن الحسن عن النبي صلى الله عليه و سلم مرسلا
وذكر أبو بكر البزار من حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن لي حوضا ما بين بيت المقدس إلى الكعبة أبيض من اللبن فيه عدد الكواكب أنية وأنا فرطكم على الحوض ولكل نبي حوض وكل نبي يدعو أمته فمنـهم من يرد عليه فئام من الناس ومنـهم من يرد عليه ما هو دون ذلك ومنـهم من ترد عليه العصابة ومنـهم من يرد عليه الرجلان والرجل وفيهم من لا يرد عليه أحد فيقول اللهم قد بلغت ثلاثا وذكر باقي الحديث

الباب السابع عشر ذكر الشفاعة الأولى التي تكون لفصل القضاء بين الناس )
وهي المختصة بنبينا صلى الله عليه و سلم فلا تكون إلا له ولا يشركه فيها أحد غيره
ذكر البخاري من حديث آدم بن علي قال سمعت ابن عمر يقول ان الناس يصيرون يوم القيامة جثى كل أمة تتبع نبيها يقولون يا فلان اشفع لنا يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود رواه حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم
وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة قال كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم في دعوة فدفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنـهش منـها نـهشة ثم قال أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون مم ذاك يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون ولا يحتملون فيقول الناس ألا ترون إلى ما قد بلغكم ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربكم فيقول بعض الناس لبعض عليكم بآدم فيأتون آدم فيقولون له أنت أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأمر الملائكة فسجدوا لك اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغ بنا فيقول آدم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب مثله قبله ولن يغضب مثله بعده وإنـه قد نـهاني عن الشجرة فعصيته

نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحا فيقولون يا نوح إنك أنت أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا أشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيقول إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب مثله قبله ولن يغضب بعده مثله وإنـه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فيأتون إبراهيم فيقولون يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك الا ترى ما نحن فيه فيقول لهم إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب مثله قبله ولن يغضب بعده مثله وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات فذكرهن أبو حيان في الحديث نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى فيأتون موسى فيقولون يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالته وبكلامـه على الناس اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيقول إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسا ولم أؤمر بقتلها نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منـه وكلمت الناس في المـهد اشفع لنا إلى ربك ألا ترى ما نحن فيه فيقول عيسى إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله ولم يذكر ذنبا نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد فيأتون محمدا صلى الله عليه و سلم فيقولون يا محمد أنت رسول الله صلى الله عليه و سلم وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألاترى إلى ما نحن فيه فانطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي ثم يقال يا محمد ارفع رأسك سل تعطه واشفع تشفع فأرفع رأسي فأقول أمتي يا رب أمتي يا رب

ثلاثا فيقال يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب ثم قال والذي نفسي بيده إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وحمير أو كما بين مكة وبصرى أو كما بين مكة وهجر

الباب الثامن عشر المساءلة والتقرير والمحاسبة والقصاص قال الله تعالى ( فوربك لنسألنـهم أجمعين عما كانوا يعملون )
وقال سبحانـه ( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا )
وقال جل جلاله ( وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشـهداء وقضي بينـهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون )
ذكر قاسم بن أصبغ من حديث سعيد بن عبد الله عن أبي برزة الأسلمي قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن علمـه ما عمل بـه وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن جسمـه فيما أبلاه ذكره الترمذي أيضا
وذكر مسلم من حديث صفوان بن محرز قال قال رجل لابن عمر كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول في النجوى قال سمعته يقول يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه تعالى حتى يضع عليه كنفه فيقرره بذنوبه فيقول هل تعرف ذنب كذا وكذا فيقول رب أعرف قال فإني سترتها عليك في الدنيا

وإني أغفرها لك اليوم ثم تطوى صحيفة حسناته وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤوس الخلائق هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين
وذكر مسلم أيضا من حديث ابن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنـها قالت قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من حوسب يوم القيامة عذب فقلت أليس قد قال الله تعالى فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ليس ذلك الحساب وإنما ذلك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب
وذكر أبو بكر البزار من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم انـه قال يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين ديوان فيه العمل الصالح وديوان فيه ذنوبه وديوان فيه النعم التي من الله عليه فيقول الله تعالى لأصغر نعمة أحسبه قال في ديوان النعيم خذي ثمنك من عمله الصالح فتستوعب عمله الصالح ثم تتنحى فتقول وعزتك ما استوفيت وتبقى الذنوب والنعم وقد ذهب العمل فإذا أراد الله أن يرحم عبده قال يا عبدي قد ضاعفت لك حسناتك وتجاوزت عن سيئاتك وأحسبه قال ووهبت لك نعمي
وذكر أبو بكر البزار من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يؤتى بالمالك والمملوك والزوج والزوجة حتى يقال للرجل شربت يوم كذا وكذا على لذة ويقال للزوج خطبت يوم كذا فلانة مع خطاب فزوجتكها وتركتهم
وفي الخبر المشـهور أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنـهما أكلا تمرا وبسرا ورطبا ثم أكلا خبزا ولحما أطما رجل من الأنصار وأكلاه على جوع فقال لهما النبي صلى الله عليه و سلم لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة والحديث ذكره مسلم

وذكر الترمذي من حديث عبد الله بن الزبير عن أبيه قال لما نزلت ( ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ) قال الزبير يا رسول الله أتكرر علينا الخصومة بعد الذي كان بيننا في الدنيا قال نعم قال إن الأمر إذن لشديد
وذكر النسائي من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أسلم العبد فحسن إسلامـه كتب الله عز و جل له كل حسنة كان أزلفها ومحيت عنـه كل سيئة كان أزلفها ثم كان بعد ذلك القصاص الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف والسيئة بمثلها إلا أن يتجاوز الله عنـها
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال أتدرون ما المفلس قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار
وذكر البخاري من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يخلص المؤمنون من النار فيجلسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينـهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في الجنة فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى لمنزله في الجنة منـه بمنزله الذي كان في الدنيا
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لتؤدن الحقوق

إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء
وذكر أبو بكر الشافعي من حديث أبي ذر قال رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم شاتين تنتطحان فقال يا أبا ذر هل تدري فيم تنتطحان قلت لا أدري قال لكن الله يدري ويقضي بينـهما يوم القيامة وذكر البخاري من حديث أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منـها فإنـه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه
وذكر أبو بكر البزار عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الظلم ثلاثة فظلم لا يغفره الله وظلم يغفره وظلم لا يتركه فاما الظلم الذي لا يغفره فالشرك قال الله تبارك وتعالى ( إن الشرك لظلم عظيم ) وأما الظلم الذي يغفره فظلم العباد لأنفسهم فيما بينـهم وبين ربهم وأما الظلم الذي لا يتركه الله فظلم العباد بعضهم بعضا حتى يدين بعضهم من بعض
وذكر مسلم من حديث أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني لأعلم آخر أهل الجنة ا الجنة وآخر أهل النار خروجا منـها رجل يؤتى بـه يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوه عنـه كبارها فيعرض عليه صغار ذنوبه فيقال أعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا فيقول نعم لا يستطيع أن ينكر وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ضحك حتى بدت نواجذه

وذكر الترمذي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يجاء بابن آدم يوم القيامة كأنـه بذج فيوقف بين يدي الله عز و جل فيقول الله له أعطيتك وخولتك وأنعمت عليك فماذا صنعت فيقول يا رب جمعته وثمرته فتركته أكثر ما كان فارجعني آتك بـه فيقول له أرني ما قدمت فيقول يا رب جمعته وثمرته وتركته أكثر ما كان فارجعني آتك بـه فإذا عبد لم يقدم خيرا فيمضى بـه إلى النار
فتفكر أيها المسكين في نفسك بينما أنت في هذا اليوم الذي وصف لك وفي هذا الحال الذي حدثت عنـه وقد جيىء بجهنم كما روي في الصحيح تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونـها حتى تكون بمرأى من الخلق ومسمع يرون لهيبها ويسمعون زفيرها
اذ أخذ بضبعيك وقبض على عضديك وجيء بك تتخطى الرقاب وتخترق الصفوف والخلائق ينظرون إليك حتى إذا وقفت بين يدي الله تعالى فسئلت عن القليل والكثير والنقير والقطمير ولا تجد أحدا يجاوب عنك بلفظة ولا يعينك بكلمة ولا يرد عنك جوابا في مسألة
وأنت قد شاهدت من عظم الأمر وجلالة القدر وهيبة الحضرة ما أذهب بيانك وأخرس لسانك وأذهل جنانك ونظرت يمينا وشمالا وبين يديك فلم تر إلا النار وعملك الذي كنت تعمل وكلمك رب العزة جل جلاله بغير حجاب يحجبك ولا ترجمان يترجم لك كما جاء في الخبر الصحيح وسئلت عن كل شيء كان منك في حق نفسك وحق غيرك وقيل لك مالك من أين اكتسبته ومن أين جمعته وفيم أنفقته فما ظنك بنفسك في ذلك اليوم وكيف يكون فزعك وجزعك

وكيف تكون حيرتك ودهشتك إذا قيل لك عاملت فلانا يوم كذا وكذا في كذا وكذا وأخذت منـه كذا وكذا وغبنته في كذا وكذا وتركت نصيحته في كذا وكذا وفي هذه السلعة ولم تبين له هذا العيب أو غصبت فلانا أو ظلمت فلانا أو غششت فلانا أو قتلت فلانا أو فعلت كذا وكذا وقيل لك أدل بحجة قم ببينة ائت ببرهان انفذ بسلطان فأردت الكلام فلم تبين وجئت بعذر فلم يستبن هيهات أنى لك الكلام ولم تنقحه وأنى لك بالعذر وفي الدنيا لم تصححه
قال الله تعالى ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا )
وقال الحارث بن أسد المحاسبي في موعظة له أحذرك يا أخي ونفسي يوما إلى الله فيه على نفسه ألا يترك عبدا أمره في الدنيا ونـهاه حتى يسأله عن عمله كله دقيقه وجليله سره وعلانيته فانظر بأي بدن تقف بين يديه وبأي لسان تجيبه فأعد للسؤال جوابا وللجواب صوابا فتفكر الآن وانظر بأي قدم تقف في ذلك المقام وبأي أذن تسمع ذلك الكلام فما شئت من قلب يخلع وكبد تصدع ولسان يتلجلج وأحشاء تتموج ونفس تريد أن تخرج فلا تترك أن تخرج
فانظر ما أشأم تلك الأرباح التي ربحتها وأخسر تلك المعاملات التي عاملت بها انظر كيف ذهبت عنك مسراتها وبقيت حسراتها والشـهوات التي في ظلم العباد انفدتها كيف ذهب عنك الفرح بها وبقيت تبعتها وانظر الآن بكم تفتدي من ذلك الموقف وبكم تتخلص من ذلك السؤال
أتقول لو كان لك نصف الدنيا أكنت تعطيه في التخلص من ذلك المقام أي لعمرو الله والدنيا وأضعافها مرات فكيف ولم يحصل لك من عمرك الا دريهمات يسيرة أنفقتها في أيام يسيرة وربما لم تنفقها ولعلك كنت أنت جامعها والمتعب فيها وكان المنفق لها سواك والمتلذذ بها غيرك إما زوج ابنتك أو زوجة

ابنك أو غيرهما من ورثتك وأنت إنما حصل لك منـها ما أنفقته في الحال لا ما اعددته للمآل وتركت ذلك لمن لا يحمدك ولا يشكرك ولعله ينفقها في معصية فتكون أنت السبب فيها ويكون مالك العون عليها أو ينفقها في طاعة فترى مالك في ميزان غيرك تشقى أنت بـه وينعم بـه سواك
وان كنت قد أنفقتها في معصية ربك ومخالفة مولاك واتباع هواك واطلقت فيها ك وأرسلت فيها لذتك فيا ويلك ثم يا ويلك من أسير شد خناقه وأحكم وثاقه وثبتت على عنقه أرباقه وطولب بما جناه وأخذ بما كسبت يداه وقيل له لا تلم فيما أنضج من جسمك وطبخ فيداك اوكتا وفوك نفخ ولا تبك من سهم أنفذك وأصماك فطرفك أشار إليك وساعدك رماك
وإن أخذت ذلك بالغصب والظلم وسائر أنواع المحرمات والأمور المحظورات فقد علمت ما أعد الله للظالمين وما تواعدهم في كتابه المبين
وأعلم أن في هذا اليوم يصدق الله تعالى قوله ( فلنسألن الذين أرسل اليهم ولنسألن المرسلين فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ) ( فوربك لنسألنـهم أجمعين عما كانوا يعملون )
فيبدأ بالأنبياء عليهم السلام فيقول ماذا أجبتم قيل في تفسيرها كانوا قد علموا ولكن ذهبت عقولهم وعزبت أفهامـهم ونسوا من شدة الهول وعظم الخطب وصعوبة الأمر فقالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب
ثم يقربهم الله عز و جل فيدعى نوح عليه السلام
وذكر البخاري من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقول لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير فيقول من يشـهد لك فيقول محمد وأمته فيشـهدون أنـه بلغ ويكون الرسول عليهم شـهيدا فذلك قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شـهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شـهيدا ) والوسط العدل

وروى ابن أنعم عن حبان بن أبي جبلة قال أول من يدعى يوم القيامة إسرافيل فيقول الله جل ثناؤه هل بلغت عهدي فيقول نعم يا رب قد بلغته جبريل فيدعى جبريل فيقال هل بلغت إسرافيل عهدي فيقول نعم يا رب فيخلي عن إسرافيل ويقول لجبريل ما صنعت بعهدي فيقول بلغته الرسل فيدعى الرسل فيقول هل بلغكم جبريل عهدي فيقولون نعم فيخلى عن جبريل ويقال للرسل هل بلغتم عهدي فيقولون نعم قد بلغناه الأمم فتدعى الأمم فيقال لهم هل بلغكم الرسل عهدي فمصدق ومكذب فتقول الرسل لنا عليهم شـهداء فيقول تبارك وتعالى من فيقولون أمة محمد صلى الله عليه و سلم فيقال لهم أتشـهدون أن الرسل قد بلغت الأمم فيقولون نعم فتقول الأمم يا رب كيف يشـهد علينا من لم يدركنا فيقول الله تعالى كيف تشـهدون عليهم ولم تدركوهم فيقولون يا ربنا أرسلت إلينا رسولا وأنزلت علينا كتابا فقصصت علينا فيه أن قد بلغوا قال فذلك قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شـهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شـهيدا ) والوسط العدل
ثم يدعى غيره من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين ثم ينادي كل انسان باسمـه واحدا واحدا ويسألون واحدا واحدا وتعرض أعمالهم على رب العزة جل جلاله قليلها وكثيرها حسنـها وقبيحها
وفي بعض الأخبار يتمنى رجال أن يبعث بهم إلى النار ولا تعرض قبائحهم على الله تعالى ولا تكشف مساوئهم على رؤوس الخلائق فما ظنك بهذا المقام وبهذا السؤال وبهذا النكال والوبال وما ظنك بنفسك وق جييء بجهنم على الوصف الذي تقدم وقد دنت من الخلائق وشـهقت وزفرت وثارت وفارت وانتهض خزانـها والموكلون بها والمعدون لتعذيب أهلها متسارعين إلى أخذ ما أمروا بأخذه ساحبين له على بطنـه وحر وجهه سامعين مطيعين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون
فتمثل حالك وكيف أنت وقد امتلأت القلوب خوفا وجزعا ورعبا وفزعا وارتعدت الفرائص وبلغت القلوب الحناجر واصطفقت الأحشاء وتقطعت

الأمعاء وطلبوا الفرار فلا فرار وطاروا لو يصادفون مطارا وجثت الأمم على الركب وأيقن المذنبون بالهلاك والعطب وسوء المنقلب
وينادي الأنبياء والصديقون والأولياء نفسي نفسي كل نفس قد أفردت لشأنـها وتركت لما بها وظن كل إنسان أنـه هو المأخوذ وأنـه هو المقصود وذهلت العقول وطاشت الألباب وتحيرت الأذهان وفر المرء من أخيه وأمـه وأبيه وصاحبته وبنيه واشتغل بشأنـه الذي يغنيه وسئل عن جميع أمره سره وجهره دقيقه وجليله كثيره وقليله وسئل عن أعضائه عضوا عضوا وجارحة جارحة وعن شكره عليها وعن أداء حق الله فيها
وظهرت القبائح وكثرت الفضائح وبدت المخازي واشتهرت المساوي وتركك الأهل والأقربون ولم ينفعك مال ولا بنون وأقبلت تجادل عن نفسك وتخاصم عنـها وتطلب المعاذير لها وقد أسلمت وأفردت واشتغل كل إنسان عنك بنفسه وترك ما حل بك لما حل به
وأنشدوا
( خليلي ما أقضي وما أنا قائل ... إذا جئت عن نفسي بنفسي اجادل )
( وقد وضع الرحمن في الخلق عدله ... وسيق جميع الناس واليوم باسل )
( وجيىء بجرم النار خاضعة له ... وثلت عروش عندها ومجادل )
( فيا ليت شعري ذلك اليوم هل أنا ... أأغفر أم أجزى بما أنا فاعل )
( فإن أك مجزيا فعدل وحجة ... وان يك غفران ففضل ونائل )
وأعلم أنـه بقدر ما تيسسر على أخيك المسلم في الدنيا ييسر عليك في ذلك اليوم وبحسب ما تلتمس له العذر في الدنيا يلتمس لك العذر في ذلك اليوم

وهبك يا ابن آدم أنـه قد غفر لك وستر عليك ألم تقم هذا المقام وتشاهد هذا المشـهد وقرع سمعك هذا النداء وخلع قلبك هذا الروع أقام خوفك هذا بأمنك في الدنيا أقام حزنك هذا بفرحك في الدنيا أقام ذلك هذا بعزك في الدنيا أين يقع هذا منـه أين يبلغ هذا منـه أيقوم تعظيم الخلق لك في الدنيا باحتقار الله لك في ذلك اليوم أتقوم نعمتك في الدنيا ببؤسك في ذلك اليوم فكيف إن نوقشت الحساب ووجب عليك العذاب وضرب بينك وبين ربك عز و جل بحجاب وسد بينك وبين رحمته بباب ليس كالأبواب
هناك لا دعاء يسمع ولا شفاعة تنفع ولا عذاب عن البائس المرتهن يرفع إلا أن تكون ممن سبقت له العناية بالإيمان عند الموت وتداركته الرحمة بـه قبل الفوت فإن الشفاعة ستخلصك من ذلك الاسار وتستخرجك من سوء ذلك القرار يكون منك قبل ذلك ما كان ويدور عليك قبل ذلك ما دار

فصل ذكر أول ما يحكم فيه يوم القيامة وأول من يدعى للخصومة ذكر مسلم بن الحجاج من حديث ابن مسعود رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء
ويروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنـه أنـه قال أنا أول من يجثو يوم القيامة بين يدي الرحمن للخصومة يريد قصته ومبارزته هو وصاحباه مع الثلاثة من كفار قريش وذلك أن علي بن أبي طالب وحمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنـهم بارزوا يوم بدر من كفار قريش ثلاثة شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فبارز علي الوليد فقتله وبارز حمزة شيبة فقتله واختلف بين عبيدة وبين عتبة ضربتان أثبت كل واحد منـهما صاحبه فكر حمزة وعلي على عتبة فأتما عليه واحتملا عبيدة فمات من ضربته في طريق المدينة في رجوع النبي صلى الله عليه و سلم من غزوته تلك ونزلت فيهم هذه الآية ( هذان خصمان اختصموا ) والخبر بها مشـهور صحيح فصل الخصومة بين المسلمين ورد المظالم والانتصاف منـها بالحسنات والسيئات روى من حديث عبد الله بن أنيس رضي الله عنـه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول يحشر العباد أو قال الناس وأومأ بيده إلى الشام حفاة عراة غرلا بهما قلنا ما بهما قال ليس معهم شيء فيناديهم بصوت يسمعه من بعد ويسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمة قلنا كيف وإنما نأتي الله حفاة عراة غرلا قال بالحسنات والسيئات ذكره الحارث بن أبي أسامة
وقوله غرلا يريد بـه غير مختونين
وأما مطالبة الكافر المؤمن فإنما تكون لمن ظلم من أهل الذمة والعهد أو تكون فيما لم يأذن الله بـه من غيرهم والله أعلم
قد تقدم لك ذكر هول يوم الموقف وخطره وغرره وإنك لا تدري إلى ما تصدر عنـه ولا إلى أي مكان تسير منـه فتفكر فيه وأطل الفكرة فقد وجدت مكان التفكر ذا سعة ومجال الفزع ممتدا وميدان الخوف عريضا ثم تفكر فيك بينما أنت واقف في تلك الحال التي حدثت عنـها وتقدم لك ذكرها إذ وثب عليك خصماؤك وهجم عليك طالبوك وأحاطوا بك ومدوا أيديهم إليك فهذا يأخذ بيدك وهذا بشعرك وهذا بما أمكنـه مما أذن الله تعالى له أن يأخذه منك فواحد يقول يا رب هذا ضربني وثان يقول يا رب هذا شتمني وثالث يقول يا رب هذا اغتابني هذا احتقرني هذا غصبني حقي وظلمني هذا

قتلني هذا عاملني فغشني ولم ينصحني هذا رآني مظلوما وقدر على نصرتي فلم ينصرني هذا علم أني جائع وكان قديرا على أن يطعمني فلم يطعمني
وكيف ما كانت معاملتك مع الناس وكيف ما كانت معاشرتك لهم فبينا أنت كذلك لا تدري ما تقول ولا تدري ما تعمل ولا تدري إلى أين تفر ولا كيف تتخلص وقد أبهتك الأمر وأدهشك الحال إذ سمعت نداء المنادي اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب فلا تسأل عن انخلاع قلبك واضطراب صدرك وقلة أنصارك وعدم العين عنك فما شئت من ضلوع تنخرق وأكباد تحترق وأحشاء تصطفق وهموم تنبعث عليك وتندفق وقد علمت أن الأذى لا يرفع عن نفسك هناك بالدينار ولا بالدرهم وإنما هي حسناتك التي تعبت فيها في الدنيا إن كانت قد قبلت منك تعطى منك لخصمك وتدفع لمطالبيك وإن لم يكن لك حسنات أخذ من سيئاتهم فحملت عليك وألقيت على كاهلك
ولعلك جرأت مسلما على معصية أو حملته على ارتكاب خطيئة أو كنت له سببا في ترك سنة واعتقاد بدعة فيجتمع ذلك كله لك ويناط بك ويحمل على ظهرك قال تعالى ( وليحملن أثقالهم وأثقالامع أثقالهم )
فانظر وتدبر كيف يكون حالك وقد أضيفت إلى سيئاتك سيئات أخر وإلى أوزارك أوزار أخر فاجتمعت عليك السيئات وأحاطت بك الخطيئات وانكسر ظهرك من ثقلها ولم تستطع النـهوض بسببها واستغثت فلا مغيث واستعنت فلا معين وإلى الله نرغب في المعونة فالتوفيق بيده والفضل فضله وإليه يرجع الأمر كله لا رب غيره ولا معبود سواه

فصل في الموازين والكتب ( أصلح بهذي الدار ميزانكا ... وليكن العدل بـه شانكا )
( فإن فيه ربحك المرتجى ... في تلكمو الدار وخسرانكا )
( وليس خسرانك مالا ولا ... اهلا فيضني السقم جثمانكا )
( لكنـها نفسك فانظر لها ... واجمع على ذلك أعوانكا )
( من عزمات صادقات ومن ... صبر يشد اليوم إيمانكا )
( وإنما أصبحت في مـهلة ... فاجمع إلى فرضك إحسانكا )
( واحم على قلبك نار الأسى ... واغسل بماء الدمع أجفانكا )
( فربما أضحك طول البكا ... وبردت نارك نيرانكا )
ذكر الترمذي من حديث أنس بن مالك قال سألت النبي صلى الله عليه و سلم أن يشفع لي يوم القيامة فقال أنا فاعل إن شاء الله قلت فأين أطلبك قال أول ما تطلبني على الصراط قلت فإن لم ألقك على الصراط قال فاطلبني عند الميزان قلت فإن لم ألقك عند الميزان قال فاطلبني عن الحوض فإني لا أخطىء هذه الثلاثة مواطن قال حدث حسن غريب
وذكر الترمذي أيضا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول أتنكر

من هذا شيئا أظلمك كتبتي الحافظون فيقول لا يا رب فيقول أفلك عذر فيقول لا يا رب فيقول الله تعالى بلى إن لك عندنا حسنة فإنـه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها أشـهد أن لا إله إلا الله وأشـهد أن محمدا عبده ورسوله فيقول احضر وزنك فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول إنك لا تظلم قال فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل مع اسم الله شيء
وذكر أبو بكر البزار من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ملك موكل بالميزان فيؤتى بابن آدم فيوقف بين كفتي الميزان فإن ثقل ميزانـه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا وإن خف ميزانـه نادى ملك بصوت يسمع الخلائق شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا
وروى عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاريض وأما الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينـه وآخذ بشماله ذكره أبو بكر البزار أيضا وقال الترمذي جدال ومعاذير رواه من حديث الحسن عن أبي هريرة
وذكر أبو جعفر العقيلي من حديث نعيم بن سالم عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال الكتب كلها تحت العرش فإذا كان الموقف بعث الله ريحا فتطيرها بالأيمان والشمائل أول خط فيها ( أقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )
وذكر أبو داود من حديث عائشة أنـها قالت ذكرت النار فبكيت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يبكيك قلت ذكرت النار فبكيت

فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدا عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانـه أم يثقل وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينـه أم في شماله أم من وراء ظهره وعند الصراط إذا وضع بين ظهري جهنم حتى يجوز
وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى ( يوم ندعو كل أناس بإمامـهم ) قال يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينـه ويمد له في جسمـه ستون ذراعا ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ يتلألأ فينطلق إلى أصحابه فيرونـه من بعيد فيقولون اللهم ائتنا بهذا وبارك لنا في هذا فيأتيهم فيقول أبشروا لكل رجل مسلم مثل هذا قال وأما الكافر فيسود وجهه ويمد في جسده ستون ذراعا على صورة آدم فيلبس تاجا من نار فيراه أصحابه فيقولون نعوذ بالله من شر هذا اللهم لا تأتنا بهذا قال فيأتيهم فيقولون اللهم أخره فيقول أبعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا
وقد تقدم تقرير المؤمن بذنوبه وتعريفه بها
وأنشدوا
( أمدد يمينك من دنياك آخذة ... كتاب فوزك إذ تحتل أخراك )
( فلست تدرك ما هناك من أمل ... إلا بواسطة من دار دنياك )
( فإن تكاسلت أو قصرت في طلب ... كنت المخيب والمطلوب إذ ذاك )
( يا نائم القلب عن أمر يراد بـه ... نبهه ويحك إن الأمر حاذاك )
( واشدد حزيمك واكشف ساعديك له ... فربما حمدت بالجد عقباك )
( كم رابح بكتاب كان أملاه ... هنا بما شاء برا أوآفاك )
( فظل مرتقبا أدراج مكرمة ... في عدن أو نازلا في النار ادراكا )
( وطلعة الموت تبدي عن حقيقة ما ... تملي فإياك ان تنساه إياك )

فصل ذكر ما يتكلم من الإنسان وما جاء في شـهادة جوارح ابن آدم عليه يوم القيامة
ذكر أبو بكر بن أبي شيبة من حديث معاوية بن حيدة القشيري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال تجيئون يوم القيامة على أفواهكم الفدام فأول ما يتكلم من الإنسان فخذه وكفه
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة قال قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون في رؤية الشمس في الظهيرة ليست في سحابة قالوا لا قال فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة قالوا لا قال فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما قال فيلقى العبد فيقول أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وترتع فيقول بلى فيقول أفظننت أنك ملاقي فيقول لا فيقول إني أنساك كما نسيتني ثم يلقى الثاني فيقول أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وترتع فيقول بلى يا رب فيقول أفظننت أنك ملاقي فيقول لا فيقول إني أنساك كما نسيتني ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول ها هنا إذا قال ثم يقال له الآن نبعث شاهدنا عليك فيتفكر في نفسه من ذا الذي يشـهد عليه فيختم على فيه

ويقال لفخذه ولحمـه وعظامـه انطقي فتنطق فخذه ولحمـه وعظامـه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه
وذكر مسلم من حديث أنس بن مالك قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فضحك فقال هل تدرون مم أضحك فقلنا الله ورسوله أعلم قال من مخاطبة العبد ربه يقول يا رب ألم تجرني من الظلم قال يقول بلى قال فيقول فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني قال فيقول كفى بنفسك اليوم عليك شـهيدا وبالكرام الكاتبين شـهودا قال فيختم على فيه ويقال لأركانـه انطقي قال فتنطق بأعماله قال ثم يخلى بينـه وبين الكلام قال فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول أني لأعلم آخر رجل من أمتي يجوز الصراط رجل يتلوى على الصراط كالغلام حين يضربه أبوه تزل يده مرة فتصيبها النار وتزل رجله مرة فتصيبها النار قال فتقول له الملائكة أرأيت إن بعثك الله من مقامك هذا فمشيت سويا أتخبرنا بكل عمل عملته فيقول أي وعزته لا أكتمكم من عملي شيئا قال فيقولون له قم فامش سويا فيقوم فيمشي حتى يجاوز الصراط فيقولون له أخبرنا بأعمالك التي عملت فيقول في نفسه إن أخبرتهم بما عملت ردوني إلى مكاني فيقول لا وعزته ما أذنبت ذنبا قط فيقولون له إن لنا عليك شـهودا قال فيلتفت يمينا وشمالا هل يرى من الآدميين أحدا ممن كان يشـهد عليه في الدنيا فلا يرى فيقول هاتوا بينتكم فيختم الله على فيه وتنطق يداه ورجلاه وفخذاه بعمله فيقول أي وعزتك لقد عملتها وإن عندي للعظائم المضمرات قال فيقول الله تعالى له اذهب فقد غفرتها لك

فصل ذكر الصراط ودرجات الناس في المرور عليه ذكر أبو بكر بن أبي شيبة من حديث عائشة قالت قلت يا رسول الله أتذكرون أهاليكم يوم القيامة قال أما عند ثلاث فلا عند الكتاب وعند الميزان وعند الصراط
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة وحذيفة قالا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يجمع الله الناس فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة فيأتون آدم فيقولون يا أبانا استفتح لنا الجنة فيقول وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله قال فيقول إبراهيم عليه السلام لست بصاحب ذلك إنما كنت خليلا من وراء وراء اعمدوا إلى موسى الذي كلمـه الله تكليما فيأتون موسى عليه السلام فيقول لست بصاحب ذلك اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه فيقول عيسى لست بصاحب ذلك قال فيأتون محمدا صلى الله عليه و سلم فيقوم ويؤذن له وترسل الأمانة والرحم فتقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا فيمر أولكم كالبرق قال قلت بأبي أنت وأمي أي شيء كالبرق قال ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين ثم كمر الريح ثم كمر الطير وشد الرجال تجري بهم أعمالهم ونبيكم صلى الله عليه و سلم قائم على الصراط يقول رب سلم سلم حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا قال وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة تأخذ من أمرت بـه فمخدوش ناج ومكدوس في النار والذي نفس أبي هريرة بيده إن قعر جهنم لسبعون خريفا

وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم وذكر الصراط ومرور الناس عليه قال فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح و كالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم وذكر حديث الشفاعة قال ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم السعدان قالوا نعم يا رسول الله قال فإنـها مثل شوك السعدان غير أنـه لا يعلم قدر عظمـها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنـهم الموبق بعمله ومنـهم المجازي حتى ينجى وذكر الحديث
قد سمع رحمك الله بهذا الطريق الحرج والمسلك الشاق والقنطرة المضطربة التي لا تثبت عليها الأقدام ولا تجوزها الأوهام إلا قدم ثبتت على التقوى ووهم جاز في الملكوت الأعلى
ولعلك تظن أن هذا الطريق من طرق الدنيا الصعبة وسبلها الوعرة بل هو أحد من السيف وأدق من الشعرة فما ظنك بك وقد حملت عليه وكلفت المرور بـه ومـهواه جهنم تحتك وقد ملأ زفيرها أذنك ومنظرها الهائل قلبك وعينك وأردت المرور فلم تقدر والنـهوض فلم تستطع واضطرب بك اضطرابا والتهب ذلك السعير تحتك التهابا ولم تجد إلى النجاة سبيلا ولا إلى الخلاص بابا ولا ينـهض بك إلا سعيك الذي سعيت ولا جرى بك إلا عملك الذي عملت ومركوبك الذي في الدنيا ركبت فلتتخير الآن أي المراكب تركبها وأي الأبواب تدخلها وأي الطرق تأخذ فيها وتسكلها والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وأنشدوا
( اجنب جيادا من التقوى مضمرة ... للسبق يوم يفوز الناس بالسبق )
( تمر مر الرياح الهوج عاصفة ... أو لمحة البرق إذ يجتاز بالأفق )
( واركض إلى الغاية القصوى وخل لها ... عنان صدق رمي في فتية صدق )

( فإن خلفك أعمالا مثبطة ... ولست تنـهض إلا ويك بالعنق )
( كم حل عزمك من دنيا معرجة ... بقصدك اليوم عن مسلوكة الطرق )
( وفاز من فاز لا حزن ولا فرق ... وخلفوك حليف الحزن والفرق )
( يا غافلا والمنايا منـه في ذكر ... وضاحكا والردى منـه على حنق )
( قطعت عمرك في سهو وفي سنة ... ومن أمامك ليل دائم الأرق )
( ورب رأي تراه اليوم في سفه ... عقلا تراه غدا في غاية الخرق )

فصل ما جاء في أن بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ذكر مسلم من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول الله عز و جل يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك قال يقول له أخرج بعث النار قال وما بعث النار قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال فذلك حين يشيب الصغير وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد قال فاشتد ذلك عليهم قالوا يا رسول الله أينا ذلك الرجل فقال أبشروا فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ومنكم رجل قال ثم قال والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ربع أهل الجنة فحمدنا الله عز و جل وكبرنا ثم قال والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة فحمدنا الله وكبرنا ثم قال والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة وإن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالرقمة في ذراع الحمار
وفي بعض ألفاظ هذا الحديث من الزيادة اللهم قد بلغت
وفي بعض طرقه من غير كتاب مسلم وذكر بعث النار فقال رجل ومن الناجي بعد ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير فصل ما جاء في أهل الفترة ذكر أبو بكر البزار في مسنده عن الأسود بن سريع عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يعرض على الله تبارك وتعالى الأصم الذي لا يسمع شيئا والأحمق والهرم ورجل مات في الفترة فيقول الأصم رب جاء الإسلام وما أسمع شيئا ويقول الأحمق رب جاء الإسلام وما أعقل شيئا ويقول الذي مات في الفترة رب ما أتاني لك من رسول قال أبو بكر وذهب عني ما قال الرابع قال فيأخذ مواثيقهم ليطيعوه فيرسل إليهم تبارك وتعالى ادخلوا النار فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما
قد جاء هذا الحديث وهو صحيح فيما أعلم والآخرة ليست دار تكليف ولا عمل ولكن الله يختص من شاء بما شاء ويكلف من شاء بما شاء وحيث شاء لا يسأل عما يفعل وهم يسألون فصل في سعة رحمة الله وأنـها تغلب غضبه ( حدث عن الجود وعن فيضه ... فالأمر مبني على الجود )
( واذكر لنا بعض أعاجيبه ... فلست تحصيه بتعديد )
( هيهات ماجود مليك الورى ... وخالق الخلق بمحدود )
( حدث عن البحر وما البحر ... في بعض أياديه بموجود )
ومن الذي أفاض هذه البركات وأتى بهذه الخيرات ومن بهذه النعم التي ملأت ما بين الأرضين والسماوات ومن ذا الذي يستخرج من ظلمات الكفر ويستنقذ من غمرات الجهل ويغفر الذنوب ويستر العيوب وينفس عن المكروب ويجيب المضطر إذا دعاه ولا يبالي أطاعه عبده أم عصاه من هو إلا أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين رب العالمين إله الأولين والآخرين لا إله إلا الله هو الملك الحق المبين
ذكر مسلم عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة أخبره قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين وأنزل في الأرض جزأ واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلائق حتى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه
ولمسلم في لفظ آخر كل رحمة منـها طباق ما بين السماء والأرض فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة ذكره من حديث سلمان الفارسي
وذكر مسلم أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لما خلق الله

الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش أن رحمتي تغلب غضبي
وذكر البزار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما خلق الله تعالى من شيء إلا وقد خلق ما يغلبه وخلق رحمته تغلب غضبه
ومن مسند البزار أيضا عن عمر بن الخطاب قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان في بعض مغزيه فبينما هم يسيرون إذ أخذوا فرخ طير فأقبل أحد أبويه حتى سقط في أيدي الذين أخذوا الفرخ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا تعجبون لهذا الطير أخذ فرخه فأقبل حتى سقط في أيديهم والله لله أرحم بخلقه من هذا الطائر بفرخه
لا نعلم له طريقا غير هذا الطريق
وذكر مسلم بن الحجاج عن أنس بن مالك رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يخرج من النار أربعة فيعرضون على الله عز و جل فيلتفت أحدهم فيقول أي رب إذ أخرجتني منـها فلا تعدني فيها قال فينجيه الله تعالى منـها
ويروى عن أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم أن رجلين ممن يدخل النار يشتد صياحهما فيها فيقول الرب عز و جل أخرجوهما فلما خرجا قال لهما لأي شيء اشتد صياحكما فيقولان فعلنا ذلك لترحمنا فيقول إن رحمتي إياكما أن تنطلقا فتلقيا أنفسكما حيث كنتما في النار فينطلقان فيلقي أحدهما نفسه في النار فيجعلها الله عليه بردا وسلاما ويقوم الآخر فلا يلقي نفسه فيقول له الرب تبارك وتعالى ما منعك أن تلقي نفسك كما ألقى صاحبك نفسه فيقول رب إني لأرجو أن لا تعيدني فيها بعد أن أخرجتني منـها فيقول الرب سبحانـه لك رجاؤك فيدخلان الجنة معا برحمة الله
وهذا الحديث ذكره الترمذي وغيره

وذكر مسلم بن الحجاج من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم
ويروى عن إبراهيم بن أدهم قال طفت ليلة بالبيت الحرام وكانت ليلة مطيرة شديدة الظلمة وقد خلا الطواف وطابت نفسي فوقفت عند الملتزم أدعو فقلت اللهم اعصمني حتى لا أعصيك فهتف بي هاتف يا إبراهيم أنت تسأله العصمة وكل عباده يسأله العصمة فإذا عصمـهم فعلى من يتفضل ولمن يغفر

فصل كثرة أمة محمد صلى الله عليه و سلم
ذكر مسلم بن الحجاج عن أنس بن مالك رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا
وذكر أبو بكر البزار من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يأتي معي من أمتي يوم القيامة مثل الليل والسيل فيحطم الناس حطمة فتقول الملائكة جاء مع محمد أكثر مما جاء مع سائر الأنبياء
وذكر مسلم بن الحجاج عن عبد الله بن مسعود قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأسند ظهره إلى قبة أدم فقال ألا لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة اللهم هل بلغت اللهم اشـهد أتحبون أن تكونوا ربع أهل الجنة قلنا نعم يا رسول الله قال أتحبون أن تكونوا ثلث أهل الجنة قلنا نعم يا رسول الله قال فإني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة ما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر
وذكر الترمذي قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم

فصل ذكر كم يدخل الجنة بغير حساب
ذكر مسلم بن الحجاج من حديث ابن عباس رضي الله عنـه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال عرضت علي الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي ليس معه أحد إذ رفع لي سواد عظيم فظننت أنـهم أمتي فقيل لي هذا موسى وقومـه ولكن انظر إلى الأفق فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي انظر إلى الأفق الآخر فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نـهض فدخل منزله فخاض الناس في أولئك الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الإسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا أشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ما الذي تخوضون فيه فأخبروه فقال هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله ان يجعلني منـهم فقال أنت منـهم ثم قام رجل آخر فقال ادع الله أن يجعلني منـهم فقال سبقك بها عكاشة
وذكر أبو بكر البزار عن الحسن والعلاء بن زياد عن عمران ابن حصين عن عبد الله بن مسعود قال تحدثنا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات ليلة حتى أكثرنا الحديث ثم تراجعنا إلى البيوت فلما أصبحنا غدونا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال صلى الله عليه و سلم

عرضت علي الأنبياء الليلة بأتباعها من أا فجعل النبي يمر معه الثلاثة من قومـه والنبي ومعه العصابة من قومـه والنبي ومعه النفر من قومـه والنبي ليس معه من قومـه احد حتى أتى علي موسى بن عمران في كوكبة من بني إسرائيل فلما رأيتهم أعجبوني فقلت يا رب من هؤلاء فقال هذا أخوك موسى بن عمران ومن تبعه من بني إسرائيل قلت رب وأين أمتي قيل انظر عن يمينك فاذا الضراب ضراب مكة قد سد بوجوه الرجال فقلت يا رب من هؤلاء قيل لي أمتك فقيل لي هل رضيت فقلت رب رضيت رب رضيت رب رضيت ثم قيل لي انظر عن يسارك فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال فقلت رب من هؤلاء قيل أمتك قال فقيل لي هل رضيت فقلت يا رب رضيت ثم قيل لي ان مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب فأنشأ عكاشة بن محصن رجل من بني أسد بن خزيمة فقال يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منـهم فقال اللهم اجعله منـهم ثم أتى رجل آخر فقال يا نبي الله ادع الله أن يجعلني منـهم فقال سبقك بها عكاشة
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فدى لكم أبي وأمي إن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا وإن عجزتم أو قصرتم فكونوا من أهل الضراب فإن عجزتم أو قصرتم فكونوا من أهل الأفق فإني رأيت ثم أناسا يتهوشون كثيرا ثم قال نبي الله صلى الله عليه و سلم إني لأرجو أن يكون من تبعني من أمتي ربع أهل الجنة قال فكبرنا ثم قال إني لأرجو أن تكونوا الثلث قال فكبرنا ثم قال إني لأرجو ان تكونوا الشطر فكبرنا فتلا رسول الله صلى الله عليه و سلم ( قلة من الأولين وثلة من الآخرين ) فتراجع المسلمون من هؤلاء لا نراهم إلا الذين ولدوا في الإسلام ولم يزالوا يعملون بـه حتى ماتوا عليه قال فنما حديثهم إلىالنبي صلى الله عليه و سلم قال ليس كذا ولكن هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون
وذكر مسلم عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون ألفا تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة

البدر وذكر الحديث
كذا في هذا الحديث يدخل من أمتي زمرة ولم يقل الجنة وقال الجنة في طريق آخر
وقال في حديث سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم متماسكون آخذ بعضهم ببعض لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم ووجوههم على صورة القمر ليلة البدر
وذكر أبو داود الطيالسي من حديث رفاعة بن عرابة قال كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم حتى إذا كنا بقديد جعل رجال منا يستأذنون إلى أهليهم فأذن لهم وحمد الله ثم قال ما بال رجال شق الشجرة التي تلي رسول الله صلى الله عليه و سلم أبغض إليهم من الشق الآخر فلم ير عند ذلك من القوم إلا باكيا فقال رجل يا رسول الله إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه ويروى لشقي قال فحمد الله وقال خيرا وقال أشـهد عند الله أن لا يموت عبد يشـهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله صدقا من قلبه ثم يسدد إلا سلك في الجنة ثم قال وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب وإني لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوؤا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذرياتكم مساكن الجنة
وذكر الترمذي من حديث أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا وثلاث حثيات من حثيات ربي
وذكر أبو بكر الشافعي من حديث حذيفة بن اليمان قال غاب عنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج فلما خرج سجد سجدة ظننا أن نفسه قد قبضت فلما رفع رأسه قال إن ربي عز و جل

استشارني في أمتي ماذا أفعل بهم قلت ما شئت يا رب هم خلقك وعبادك فاستشارني الثانية فقل له كذلك ثم استشارني الثالثة فقلت له كذلك فقال إني لم أخزك في أمتك وبشرني أن أول من يدخل الجنة زمرة من أمتي سبعون ألفا مع كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب ثم أرسل إلي ربي ادع تجب وسل تعطه فقلت لرسوله أو معطي ربي عز و جل سؤلي قال ما أرسل إليك إلا ليعطيك ولقد أعطاني ربي من غير فخر أنـه غفر لي ما تقدم وما تأخر وشرح صدري وأعطاني ان لا تجوع أمتي ولا تغلب وأنـه أعطاني الكوثر نـهرا في الجنة يسيل في حوضي وأنـه أعطاني العزة والنصر والرعب وأنـه أعطاني بأني أول الأنبياء ا الجنة وطيب لي ولأمتي الغنيمة وأحل لنا كثيرا مما شدد على من كان قبلنا ولم يجعل علينا في الدين من حرج فلم أجد شكرا إلا هذه السجدة
قوله عليه السلام أعطاني أن لا تجوع أمتي ولا تغلب أي لا تجوع كلها ولا تغلب كلها إنما هو إن جاعت في أرض شبعت في أخرى وإن غلبت في موضع غلبت في موضع آخر
وذكر أبو بكر البزار في مسنده من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا مع كل واحد من السبعين ألفا سبعون ألفا
وعن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنـه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ان ربي عز و جل أعطاني سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب فقال عمر بن الخطاب فهلا استزدته فقال استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا قال فهلا استزدته فقال أعطاني هكذا وبسط باعه فقال هذا من الله تعالى لا يدري ما عدده

الباب التاسع عشر الشفاعة الثانية في الخروج من النار وذكر خروج من يدخلها من الموحدين أعلم رحمك الله أنـه قد وجب في الحكم الأول والقضية السابقة النار على طوائف من المؤمنين ممن أوبقتهم سيئاتهم وأحاطت بهم خطيئاتهم فلم تمحها عنـهم عقوبات الدنيا ولا عذاب القبر ولا أهوال يوم الحشر وكل إنسان منـهم تنال منـه النار بمقدار عمله وتأخذ منـه إلى الحد الذي أمرت به
ثم إن الله تعالى بفضله ورحمته يقبل فيهم شفاعة الشافعين ورغبة الراغبين وسؤال السائلين من الأنبياء والصديقين والشـهداء والصالحين والعلماء العاملين وكل من له عند الله جاه ومنزلة قد بلغها بعمله ونالها بصالح سعيه فإن له شفاعة في أهله وبنيه وأقربائه وأوليائه بل ربما في الرجل كان يعرفه في الدنيا ولم يكن بينـهما صحبة ولا كثير معرفة
واعلم أن الجاه الذي تكون بـه الشفاعة ويقبل بـه السؤال وتقضى بـه الحوائج وتحصل بـه المنزلة عند الله تعالى إنما يكون اكتسابه في الدنيا وتحصيله هنا بالعمل الصالح على الحد الذي حد له فيه والطريق الذي أمر أن يسلكه إليه
ومن ذلك العمل التواضع للمسلمين ولين الجناح لهم واحتمال الأذى منـهم والصبر عليهم وإسقاط المنزلة عندهم وطلبها عند خالقهم جل جلاله
وقد تقدم حديث مسلم بإسناده عن أنس بن مالك رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا أول الناس يشفع في الجنة وأنا أكثر الأنبياء تبعا
وذكر أبو عيسى الترمذي من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله

صلى الله عليه و سلم شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي
ويروى عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال نعم الرجل أنا لشرار أمتي قالوا فكيف أنت لخيارها قال أما خيارها فيدخلون الجنة بأعمالهم وأما شرار أمتي فيدخلون الجنة بشفاعتي
ذكره أبو الحسن الدارقطني
وذكر أبو بكر بن أبي شيبة بإسناده عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يحرسه أصحابه قال فقمت ذات ليلة فلم أره في منامـه فأخذني ما حدث وما قدم فقمت أنظر فإذا معاذ بن جبل قد لقي مثل الذي لقيت فسمعت صوتا مثل هزيز الرحاوين تجررهما فوقفا على مكانيهما فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم من قبل البيوت فقال هل تدريان أين كنت أو فيم كنت قالا أين كنت قال أتاني آت من ربي يخيرني بين أن يدخل شطر أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة فقالا يا رسول الله ادع الله أن يجعلنا في شفاعتك قال أنتم في شفاعتي فدعا لهما فأقبل وأقبلا معه فكلما لقيه رجل سأله حتى استقبله معظم الناس فأخبرهم فقالوا يا رسول الله ادع الله أن يجعلنا في شفاعتك قال أنتم في شفاعتي ومن لقي الله لا يشرك بـه شيئا فهو في شفاعتي
وذكر الترمذي بإسناده عن الطفيل بن أبي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إذا كان يوم لا القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم من غير فخر
وذكر مسلم بن الحجاج من حديث يزيد الفقير قال كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثم نخرج على الناس فمررنا بالمدينة فإذا جابر بن عبد الله يحدث الناس جالسا إلى سارية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا هو قد ذكر الجهنميين قال فقلت يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون والله يقول ( إنك من تدخل النار

فقد أخزيته ) و ( كلما أرادوا أن يخرجوا منـها أعيدوا فيها ) فما هذا الذي تحدثون قال أتقرأ القرآن قلت نعم قال فهل سمعت بمقام محمد صلى الله عليه و سلم الذي بعثه الله عز و جل قال فإنـه مقام محمد صلى الله عليه و سلم المحمود الذي يخرج الله بـه من يخرج قال ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه قال وأخاف أن لا أكون أحفظ ذلك إلا أنـه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها قال فيخرجون كأنـهم عيدان السماسم فيدخلون نـهرا من أنـهار الجنة فيخرجون كأنـهم القراطيس فرجعنا فقلنا ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد أو كما قال
أراد بالرأي الذي شغفه من رأي الخوارج تكذيبهم بالشفاعة وقولهم إنـه من دخل النار من المذنبين فلن يخرج منـها
وذكر مسلم أيضا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن قوما يخرجون من النار يحترقون فيها إلا دارت وجوههم حتى يدخلوا الجنة
وذكر البخاري عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يخرج قوم من النار بشفاعة محمد صلى الله عليه و سلم فيدخلون الجنة ويسمون الجهنميين
وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ليصيبن أقواما سفع من النار بذنوب أصابوها عقوبة ثم يدخلهم الله الجنة بفضل رحمته إياهم فيقال لهم الجهنميون
وذكر أبو داود الطيالسي من حديث حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال ليخرجن أقوام من النار منتنون قد امتحشوا فيدخلون الجنة برحمة الله وشفاعة الشافعين فيسمون الجهنميين

وذكر أبو بكر البزار في مسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون وأما الذين يريد الله إخراجهم فتميتهم النار ثم يخرجون منـها فيلقون على نـهر الحياة فيرش عليهم من مائها فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ويدخلون الجنة فيسميهم أهل الجنة الجهنميين فيدعون الله تعالى فيذهب ذلك الاسم عنـهم
وذكر مسلم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يدخل الله أهل الجنة الجنة يدخل من يشاء برحمته ويدخل أهل النار النار ثم يقول انظروا من وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه فيخرجون منـها حمما قد امتحشوا فيلقون في نـهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة إلى جانب السيل ألم تروها كيف تخرج صفراء ملتوية
وذكر الترمذي عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يعذب ناس من أهل التوحيد في النار حتى يكونوا فيها حمما ثم تدركهم الرحمة فيخرجون ويطرحون على أبواب الجنة قال فيرش عليهم أهل الجنة الماء فينبتون كما ينبت الغثاء في حمالة السيل ثم يدخلون الجنة
وفي مسند أبي بكر بن أبي شيبة عن عمرو بن ميمون أن ابن مسعود حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يكون قوم في النار ما شاء الله ثم يرحمـهم الله فيخرجهم فيكونون في أدنى الجنة فيغتسلون في نـهر الحياة يسميهم أهل الجنة الجهنميين لو أضاف أحدهم أهل الأرض لأطم وسقاهم وأحسبه قال وزودهم لا ينقصه ذلك شيئا
وذكر أبو بكر الشافعي بإسناده من حديث أبي أمامة الباهلي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن من المؤمنين من يدخل بشفاعته الجنة أكثر من ربيعة ومضر

وذكر البزار عن ثابت أنـه سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الرجل ليشفع للرجلين والثلاثة
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن من أمتي لمن يشفع في الفئام من الناس ومنـهم من يشفع للقبيلة ومنـهم من يشفع للعصبة ومنـهم من يشفع للرجل وأهل بيته حتى يدخلوا الجنة
وذكر الطحاوي عن أنس بن مالك رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الجنة صفوفا وأهل النار صفوفا فينظر الرجل من صفوف أهل النار إلى الرجل من صفوف أهل الجنة فيقول له يا فلان ألا تذكر يوم اصطنعت معروفا إليك في الدنيا فيقول اللهم إن هذا اصطنع إلي معروفا في الدنيا قال فيقال له خذ بيده فأدخله الجنة برحمة الله عز و جل قال أنس أشـهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقوله
وذكر الطحاوي أيضا من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنـه قال أصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم فذكر حديثا طويلا من حديث يوم القيامة ثم ذكر فيه شفاعة الشـهداء وقال ثم يقول الله عز و جل أنا أرحم الراحمين انظروا في النار هل فيها من أحد عمل خيرا قط فيجدون في النار رجلا فيقال له هل عملت خيرا قط فيقول لا غير أني قد أمرت ولدي إذا أنامت فاحرقوني بالنار ثم اطحنوني حتى إذا كنت مثل الكحل فاذهبوا بي إلى البحر فاذروني في الريح فوالله لا يقدر علي رب العالمين أبدا فيعاقبني إذا عاقبت نفسي في الدنيا عليه قال الله تعالى لم فعلت ذلك قال من مخافتك فيقال انظر ملكا أعظم ملك فإن لك مثله وعشرة أمثاله
وذكر أبو بكر النجار من حديث أبي بكرة الثقفي عن النبي صلى الله عليه و سلم

قال يحمل الناس يوم القيامة على الصراط فتتقادع بهم جنبتا الصراط تقادع الفراش في النار ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشـهداء والصالحين فيشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان
وذكر مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنـه أن ناسا في زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم نعم فهل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال فما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن لتتبع كل أمة ما كانت تعبد فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار حتى لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر وغبر أهل الكتاب فيدعى اليهود فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد عزيزا ابن الله فيقال كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فماذا تبغون قالوا عطشنا يا رب فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى النار كأنـها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار ثم يدعى النصارى فيقال لهم ما كنتم تعبدون قالوا كنا نعبد المسيح ابن الله فيقال لهم كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد فيقال لهم ماذا تبغون فيقولون عطشنا يا ربنا فاسقنا فيشار إليهم ألا تردون فيحشرون إلى جهنم كأنـها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها قال فما تنظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثا حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب فيقول هل بينكم وبينـه آية فتعرفونـه بها فيقولون نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى أحد ممن كان يسجد

لله من تلقاء نفسه إلا أذن له بالسجود ولا يبقى أحد ممن كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون اللهم سلم سلم قيل يا رسول الله وما الجسر قال دحض مزلة فيه خطاطيف وكلاليب وحسكة تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الخيل والركاب فناج مسلم ومخدوش مرسل ومكدوس في نار جهنم حتى إذا خلص المؤمنون من النار فوالذي نفسي بيده ما من أحد منكم بأشد مناشدة لله في استيفاء الحق من المؤمنين يوم القيامة لإخوانـهم الذين في النار فيقولون ربنا كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون فيقال لهم أخرجوا من عرفتم فتحرم صورهم على النار فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقه وإلى ركبتيه ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا بـه ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا ثم يقول ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه فيخرجون خلقا كثيرا ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيرا
وكان أبو سعيد الخدري يقول إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرؤا ان شئتم ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنـه أجرا عظيما )

فيقول الله عز و جل شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منـها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما فيلقيهم في نـهر في أفواه الجنة يقال له نـهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل ألا ترونـها كيف تكون إلى الشجر أو الحجر فما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما يكون منـها إلى الظل يكون أبيض فقالوا يا رسول الله كأنك كنت ترعى بالبادية قال فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتيم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه ثم يقول ادخلوا الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط احدا من العالمين فيقول لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شيء أفضل من هذا فيقول رضاي فلا أسخط عليكم أبدا
قال مسلم قال أبو سعيد الخدري بلغني أن الجسر أدق من الشعرة وأحد من السيف

وذكر مسلم أيضا من حديث أبي هريرة أن ناسا قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال هل تضارون في الشمس ليس دونـها سحاب قالوا لا قال فإنكم ترونـه كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد القمر القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها وذكر الحديث
قال ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم فأكون أنا وأمتي أول من يجيز ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم السعدان قالوا نعم يا رسول الله قال فإنـها مثل شوك السعدان غير أنـه لا يعلم ما قدر عظمـها إلا الله تخطف الناس بأعمالهم فمنـهم الموبق بعمله ومنـهم المجازى حتى ينجى حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد أن يرحمـه ممن يقول لا إله إلا الله فيعرفونـهم في النار يعرفونـهم بأثر السجود تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود فيخرجون من النار قد امتحشوا فيصب عليهم ماء الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار وهو آخر أهل الجنة فيقول أي رب اصرف وجهي عن النار فانـه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فيدعو الله ما شاء أن يدعوه ثم يقول الله تبارك وتعالى هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غيره فيقول لا أسألك غيره ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء الله فيصرف الله وجهه عن النار فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول أي رب قدمني إلى باب الجنة فيقول الله له أليس قد أعطيت

عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير الذي أعطيتك ويلك يا ابن آدم ما إغدرك فيقول أي رب ويدعو الله حتى يقول له فهل عسيت أن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره فيقول لا وعزتك فيعطي ربه ما شاء من عهود ومواثيق فيقدمـه إلى باب الجنة فإذا قام على باب الجنة انفهقت له الجنة فرأى ما فيها من الخير والسرور فيسكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول أي رب ادخلني الجنة فيقول الله تبارك وتعالى أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول أي رب لا أكون أشقى خلقك فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله تبارك وتعالى منـه فإذا ضحك الله تعالى منـه قال ادخل الجنة فإذا دخلها قال الله له تمنـه فيسأل ربه ويتمنى حتى أن الله ليذكره من كذا وكذا حتى إذا انقطعت بـه الأماني قال الله تعالى لك ذلك ومثله معه
قال عطاء بن يزيد وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة لا يرد عليه من حديثه شيئا حتى إذا حدث أبو هريرة أن الله تعالى قال لذلك الرجل ومثله معه قال أبو سعيد وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة قال أبو هريرة ما حفظت إلا قوله ذلك لك ومثله معه قال أبو سعيد أشـهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه و سلم قوله ذلك لك وعشرة أمثاله قال أبو هريرة وذلك الرجل آخر أهل النار ا الجنة
وذكر عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال آخر من يدخل

الجنة رجل فهو يمشي مرة ويكبو مرة وتسفعه النار مرة فإذا ما جاوزها التفت إليها وقال تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين فترفع له شجرة فيقول أي رب أدنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول الله عز و جل يا ابن آدم لعلي إن اعطيتكها سألتني غيرها فيقول لا يا رب ويعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنـه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منـها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى فيقول أي رب أدنني من هذه فلأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها فيقول لعلي إن أدنيتك منـها تسألني غيرها فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه تعالى يعذره لأنـه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منـها فيستظل بظلها ويشرب من مائها ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة وهي أحسن من الأوليين فيقول أي رب أدنني من هذه لأستظل بظلها وأشرب من مائها لا أسألك غيرها فيقول يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها قال بلى يا رب هذه لا أسألك غيرها وربه عز و جل يعذره لأنـه يرى ما لا صبر له عليه فيدنيه منـها فإذا أدناه منـها سمع أصوات أهل الجنة فيقول أي رب أدخلنيها فيقول يا ابن آدم ما يصريني منك أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها قال يا رب أتستهزيء بي وأنت رب العالمين فضحك ابن مسعود وقال ألا تسألوني مم أضحك قالوا مم تضحك قال هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا مم تضحك يا رسول الله قال من ضحك رب العالمين حين قال أتستهزيء بي وأنت رب العالمين فيقول إني لا استهزئ بك ولكني على كل شيء قدير

وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث قال فيه ويذكره الله تعالى سل كذا وكذا فإذا انقطعت بـه الأماني قال الله هو لك وعشرة أمثاله قال ثم يدخل بيته فتدخل عليه زوجتاه من الحور العين فتقولان الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك قال فيقول ما أعطي أحد مثل ما أعطيت
وذكر مسلم من حديث معبد بن هلال العنزي قال انطلقنا إلى أنس ابن مالك وتشفعنا بثابت فانتهينا إليه وهو يصلي الضحى فاستأذن لنا ثابت فدخلنا عليه وأجلس ثابتا معه على سريره فقال له يا أبا حمزة إن إخوانك من أهل البصرة يسألونك أن تحدثهم حديث الشفاعة فقال حدثنا محمد صلى الله عليه و سلم قال إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم إلى بعض فيأتون آدم فيقولون اشفع لذريتك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنـه خليل الله فيأتون إبراهيم فيقول لست لها ولكن عليكم بموسى فإنـه كليم الله فيؤتى موسى فيقول لست لها ولكن عليكم بعيسى فإنـه روح الله وكلمته فيؤتى عيسى فيقول لست لها ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه و سلم فأوتى فأقول أنا لها ثم أنطلق فاستأذن على ربي فيؤذن لي فأقوم بين يديه فأحمده بمحامد لا أقدر عليها إلا أن يلهمنيها الله ثم أخر له ساجدا فيقول يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقول انطلق من كان في قلبه مثقال حبة من برة أو شعيرة من إيمان فأخرجه منـها فانطلق فأفعل ثم أرجع إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال لي انطلق فمن كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه منـها فأنطلق فأفعل ثم أعود إلى ربي فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي فيقال

انطلق فمن كان في قلبه أدنى أدنى أدنى من مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل
هذا حديث أنس الذي أنبأنا بـه فخرجنا من عنده فلما كنا بظهر الجبان قلنا لو ملنا إلى الحسن فسلمنا عليه وهو مستخف في دار أبي خليفة قال فدخلنا عليه فسلمنا عليه فقلنا يا أبا سعيد جئنا من عند أخيك أبي حمزة فلم نسمع بمثل حديث حدثناه في الشفاعة قال هيه فحدثناه الحديث فقال هيه قلنا ما زادنا قال قد حدثنا بـه منذ عشرين سنة وهو يومئذ جميع ولقد ترك شيئا ما أدري أنسي الشيخ أم كره أن يحدثكم فتتكلوا قلنا له حدثنا فضحك وقال خلق الإنسان من عجل وما ذكرت لكم هذا إلا وأنا أريد أن أحدثكموه قال ثم أرجع إلى ربي في الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر ساجدا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله قال فليس ذلك لك أو قال ليس ذلك إليك ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منـها من قال لا إله إلا الله قال فأشـهد على الحسن أنـه حدثنا بـه أنـه سمع أنس بن مالك أراه قال قبل عشرين سنة وهو يومئذ جميع

فصل ذكر من يخرج من النار برحمة الله من غير شفاعة أحد قد تقدم حديث مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه و سلم وذكر خروج من يخرج من النار بشفاعة الملائكة والنبيين وغيرهم قال فيقول الله عز و جل قد شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منـها قوما لم يعملوا خيرا قط
وذكر الحديث
وقوله عز و جل في الحديث قبل هذا وعزتي وكبريائي وعظمتي وكبريائي لأخرجن من قال لا إله إلا الله
وروى سنان بن حرب العبسي أنـه سمع ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال اشتكت النار إلى ربها ضيقها بما فيها من أهلها وحرها وزمـهريرها فغمزها فقال حس على عبادي فأخرج منـها عدد الجراد والذباب ذكره أبو الحسن الدارقطني
ذكر أبو بكر البزار عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال يأتي على جهنم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد يعني من الموحدين هكذا رواه موقوفا من قول عبد الله بن عمرو وليس فيه ذكر النبي صلى الله عليه و سلم
وروى عن سلمان الفارسي رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية
وروى في مسند أحمد بن خالد فصل ما أول طعام أهل الجنة ذكر البخاري من حديث أنس بن مالك أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة فأتاه يسأله عن أشياء فقال إني سائلك عن ثلاث لا يعلمـهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة وما أول طعام يأكله أهل الجنة وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمـه
قال أخبرني جبريل بهن آنفا قال ابن سلام ذاك عدو اليهود من الملائكة قال أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع الولد إليها قال أشـهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله قال يا رسول الله إن اليهود قوم بهت فسلهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي فجاء اليهود ودخل عبد الله البيت فقال صلى الله عليه و سلم أي رجل عبد الله فيكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وأفضلنا وابن أفضلنا فقال النبي صلى الله عليه و سلم أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام قالوا أعاذه الله من ذلك فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك فخرج إليهم عبد الله فقال أشـهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قالوا شرنا وابن شرنا ونقصوه قال هذا كنت أخافه يا رسول الله الباب العشرون في صفة الجنة وما أعد الله لأهلها قال الله عز و جل ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنـهار كلما رزقوا منـها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا بـه متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنـهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا ) ( إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين )
ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين لا يمسهم فيها نصب وما هم منـها بمخرجين )
( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب )
( إن المتقين في مقام أمين في جنات وعيون يلبسون من سندس واستبرق متقابلين كذلك وزوجناهم بحور عين يدعون فيها بكل فاكهة آمنين لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى ووقاهم عذاب الجحيم فضلا من ربك ذلك هو الفوز العظيم )

( والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنـها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة وفرش مرفوعة إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين )
( ... إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا وكأسا دهاقا لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا جزاء من ربك عطاء حسابا )
( إن الأبرار لفي نعيم على الأرائك ينظرون تعرف في وجوههم نضرة النعيم يسقون من رحيق مختوم ختامـه مسك وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ومزاجه من تسنيم عينا يشرب بها المقربون )
( وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية في جنة عالية لا تسمع فيها لاغية فيها عين جارية فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة )
وذكر أبو بكر البزار من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال خلق الله تبارك وتعالى الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك الأذفر وقال لها تكلمي فقالت قد أفلح المؤمنون فقالت الملائكة طوبى لك منزل الملوك
وذكر البزار أيضا من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال خلق الله الجنة

لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك رواه هناد بن السري
وذكر الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنـه قال قلت يا رسول الله مم خلق الله الخلق قال من الماء قلت والجنة ما بناؤها قال لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران من يدخلها ينعم ولا ييأس ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم
وذكر مسلم عن أبي سعيد الخدري أن ابن صياد سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن تربة الجنة قال درمكة بيضاء مسك خالص
ومن حديثه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا بن صياد ما تربة الجنة قال درمكة بيضاء يا أبا القاسم قال صدقت
وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
وإذا ترابها المسك فيها جنابذ من لؤلؤ والجنابذ القباب
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال قال الله عز و جل أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر مصداق ذلك في كتاب الله تعالى ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )
وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة قال لاق لرسول الله صلى الله عليه و سلم قال الله عز و جل ( أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر اقرؤوا إن شئتم ( فلا تعلم نفس ما أخفي هلم منقرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )

وفي الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها اقرؤوا إن شئتم ( وظل ممدود ) وموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها اقرؤوا ان شئتم ( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور )
وذكر مسلم من حديث سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها قال أبو حازم فحدثت بـه النعمان بن أبي عياش الزرقي فقال حدثني أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع مائة عام لا يقطعها
وذكر البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة واقرؤوا إن شئتم ( وظل ممدود ) ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب
وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب ومن مسند البزار عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن في الجنة شجرة مستقلة على ساق واحدة عرض ساقها اثنتان وسبعون سنة
وذكر ابن المبارك عن سليم بن عامر قال كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يقولون إنـه لينفعنا الله بالأعراب ومسائلهم أقبل أعرابي يوما فقال يا رسول الله لقد ذكر الله في الجنة شجرة مؤذية وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم وما هي قال السدر فإن له شوكا مؤذيا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أو ليس يقول الله عز و جل ( في سدر مخضود ) خضد

الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة فإنـها لتنبت ثمرا تتفتق الثمر منـها على اثنين وسبعين لونا من الطعام ما فيه لونا يشبه الآخر
وثمرا بالثاء المثلثة فيها كلها
وذكر مسلم بإسناده عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن الله عز و جل يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك فيقول هل رضيتم فيقولون ما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول أفلا أعطيكم أفضل من ذلك فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا
وذكر مسلم أيضا من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري العابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينـهم قالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين
وذكر مسلم عن محمد بن سيرين قال إما تفاخروا وإما تذاكروا الرجال أكثر في الجنة من النساء فقال أبو هريرة أو لم يقل أبو القاسم صلى الله عليه و سلم إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء لكل امرىء منـهم زوجتان اثنتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب
وذكر الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن أول زمرة يدخلون الجنة يوم القيامة وضوء وجوههم على مثال ضوء القمر ليلة البدر والزمرة الثانية على مثل أحسن كوكب دري في السماء لكل امريء منـهم

زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من ورائها
وذكر مسلم بن الحجاج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونـهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يتمخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة وأزواجهم الحور العين على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء
وذكر مسلم أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونـهم على أشد نجم في السماء إضاءة ثم هم بعد ذلك منازل لا يتغوطون ولا يبولون ولا يتمخطون ولا يبصقون أمشاطهم الذهب ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك أخلاقهم على خلق رجل واحد على طول أبيهم آدم ستون ذراعا ويروى على خلق
وذكر أيضا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أول زمره تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يتمخطون ولا يتغوطون آنيتهم وأمشاطهم من الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ولكل واحد منـهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينـهم ولا تباغض قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا

وذكر من حديث جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون لا يتفلون ولا يبولون ولا يتغوطون ولا يتمخطون قالوا فما بال الطعام قال جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس
وذكر النسائي من حديث زيد بن أرقم قال جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا أبا القاسم أتزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون فقال أي والذي نفسي بيده إن الرجل منـهم ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشـهوة قال الرجل فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة وليس في الجنة أذى فقال النبي صلى الله عليه و سلم حاجة أحدهم رشح يفيض من جلده فإذا بطنـه قد ضمر
وذكر الترمذي من حديث أنس بن مالك قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم ما الكوثر قال ذلك نـهر أعطانيه الله يعني في الجنة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طير أعناقها كأعناق الجزر قال عمر إن هذه لناعمة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم آكلها أنعم منـها
ومن مسند البزار عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيجيء مشويا بين يديك
وذكر أبو بكر الشافعي من حديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يبعث أهل الجنة على صورة آدم في ميلاد ثلاث وثلاثين سنة جردا مردا مكحلين ثم يذهب بهم إلى شجرة في الجنة فيكسون منـها لا تبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم
وذكره الترمذي وحديث أبي بكر أكمل
وذكر الترمذي أيضا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير يردون بني ثلاثين في الجنة لا يزيدون

عليها أبدا وكذا أهل النار كذا قال ثلاثين والأول أحسن إسنادا
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال من يدخل الجنة ينعم ولا يبأس ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه
وذكر مسلم من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إذا دخل أهل الجنة الجنة ينادي مناد إن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا فذلك قوله عز و جل ( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون )
وعن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا
وذكر مسلم حدثنا أبو عبد الصمد حدثنا أبو عمران بهذا الإسناد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن في الجنة خيمة من لؤلؤة مجوفة عرضها ستون ميلا في كل زاوية منـها أهل ما يرون الآخرين يطوف عليم المؤمن وذكر الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وينصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية إلى صنعاء وذكر الترمذي من حديث علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونـها وبطونـها من ظهورها فقام إليه أعرابي

فقال لمن هي يا رسول الله
قال لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام
وعن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانـه وأزواجه ونعيمـه وخدمـه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمـهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشيا ثم قرأ رسول اللهA ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة )
وهذا يروى عن ابن عمر موقوفا
وذكر الترمذي أيضا عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لغدوة في سبيل الله أو روحه خير من الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم أو موضع قده في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت الدنيا ولملأت ما بينـها ريحا ونصيفها يعني خمارها خير من الدنيا وما فيها
وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لو أن ما يقل ظفرا مما في الجنة بدا لتزخرفت له ما بين خوافق السماوات والأرض ولو أن رجلا من أهل الجنة اطلع فبدا سواره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم
وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن عليهم التيجان إن أدنى لؤلؤة منـها تضيء ما بين المشرق والمغرب
وذكر الترمذي أيضا عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها

وذلك أن الله عز و جل يقول كأنـهن الياقوت والمرجان فأما الياقوت فإنـه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه
ويروى هذا عن عبد الله بن مسعود من قوله
وذكر مسلم من حديث عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني لأعرف آخر أهل الجنة خروجا من النار رجل يخرج منـها زحفا فيقال له انطلق فادخل الجنة قال فيذهب فيدخل الجنة فيجد الناس قد أخذوا المنازل فيقال له أتذكر الزمان الذي كنت فيه فيقول نعم فيقال له تمن فيتمنى فيقال له لك الذي تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا فيقول أتسخر بي وأنت الملك قال فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يضحك حتى بدت نواجذه
وعنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منـها وآخر أهل الجنة ا الجنة رجل يخرج من النار حبوا فيقول الله له اذهب فادخل الجنة قال فيأتيها فيخيل إليه أنـها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول الله له اذهب فادخل الجنة قال فيأتيها فيخيل إليه أنـها ملأى فيرجع فيقول يا رب وجدتها ملأى فيقول الله له اذهب فادخل الجنة فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة أمثال الدنيا قال فيقول أتسخر بي وأنت الملك قال فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ضحك حتى بدت نواجذه فكان يقال ذلك أدنى أهل الجنة منزلة

وذكر مسلم أيضا عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال سأل موسى ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة قال هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة فيقال له ادخل الجنة فيقول أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذتهم فيقال له أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا فيقول رضيت رب فيقول لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله فقال في الخامسة رضيت ربي فيقول هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك فيقول رضيت رب قال ربي فأعلاهم منزلة قال أولئك الذين أردت غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر قال ومصداقه في كتاب الله عز و جل ( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )
وذكر النسائي من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع قالوا يا رسول الله أو يطيق ذلك قال يعطى قوة مائة
وذكر البزار في مسنده عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله أنفضي إلى نسائنا في الجنة فقال والذي نفسي بيده إن الرجل ليفضي في اليوم الواحد إلى مائة عذراء
وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا أبكارا
وذكر الترمذي من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله هل في الجنة من خيل قال إن الله أدخلك الجنة فلا

تشاء أن تحمل فيها على فرس من ياقوتة حمراء تطير بك في الجنة حيث شئت إلا كان فقال آخر هل في الجنة من إبل فلم يقل له ما قال لصاحبه فقال إن يدخلك الله الجنة يكن لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك
وذكر الترمذي من حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة ومنـها تفجر أنـهار الجنة الأربعة ومن فوقها يكون العرش فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس
وذكر الترمذي أيضا من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام
وذكر الترمذي أيضا عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن في الجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في أحداهن لوسعتهم
وذكر البزار من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك رواه هناد بن السري عن عثمان بن زفر عن زهير عن معاوية عن رجل وهو سعد الطائي عن أبي مجاهد عن أبي المدله عن أبي هريرة قال قلنا يا رسول الله أخبرنا عن الجنة ما بناؤها قال لبنة من ذهب ولبنة من فضة ملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت من يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ولا يفنى شبابه ولا تبلى ثيابه
وذكر مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أن ابن صباد سأل رسول اللهA عن تربة الجنة قال درون مكة بيضاء ومسك خالص
ومن حديث أبي سعيد الخدري أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لابن صياد ما تربة الجنة قال درمكة بيضاء ومسك خالص يا أبا القاسم قال صدقت

وذكر النسائي من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضة في الدنيا لم يشرب بها في الآخرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لباس أهل الجنة و أهل الجنة وآنية أهل الجنة
وذكر مسلم من حديث أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن
وذكر الترمذي عن حكيم بن معاوية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن في الجنة بحر الماء وبحر العسل وبحر اللبن وبحر الخمر ثم تشقق الأنـهار بعد
ويروى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأنـهار الجنة تخرج من تلال أو جبال مسك ذكره العقيلي
وذكر الترمذي من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن في الجنة لمجتمعا للحور العين يرفعن بأصوات لم يسمع الخلائق مثلها يقلن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الناعمات فلا نبأس ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له

وذكر البخاري عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن في الجنة ثمانية أبواب منـها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون
وذكر الترمذي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنـه في ساعة واحدة كما يشتهي
قال إسحاق بن إبراهيم في حديث النبي صلى الله عليه و سلم إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان في ساعة كما يشتهي ولكن لا يشتهى
يريد أنـه لا توالد في الجنة كما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم

فصل ما جاء أن أهل الجنة لا ينامون ذكر البزار في مسنده عن جابر بن عبد الله قال قيل يا رسول الله أينام أهل الجنة قال لا النوم أخو الموت زاد أبو الحسن الدارقطني والجنة لا موت فيها ذكره من حديث جابر أيضا
فصل ما جاء في زيارة أهل الجنة ربهم عز و جل
ذكر الترمذي عن سعيد بن المسيب أنـه لقي أبا هريرة فقال أبو هريرة أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة فقال سعيد أفيها سوق قال نعم أخبرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوا فيها بفضل أعمالهم ثم يؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة من أيام الدنيا فيزورون ربهم ويبرز لهم عرشـه ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة فتوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من ياقوت ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ويجلس أدناهم وما فيهم دني على كثبان المسك والكافور وما يرون أصحاب الكراسي بأفضل منـهم مجلسا
قال أبو هريرة قلت يا رسول الله وهل نرى ربنا قال نعم هل تتمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر قلنا لا قال كذلك لا تتمارون في رؤية ربكم ولا يبقى في ذلك المجلس رجل إلا حاضره الله محاضرة حتى يقول للرجل منـهم يا فلان بن فلان أتذكر يوم كذا وكذا إذ قلت كذا وكذا فيذكره

ببعض غدراته في الدنيا فيقول يا رب أفلم تغفر لي فيقول بلى فبسعة مغفرتي بلغت منزلتك هذه فبينما هم على ذلك غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبا لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط ويقول ربنا قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم فنأتي سوقا قد حفت بـه الملائكة فيه ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الآذان ولم يخطر على القلوب فيحمل لنا ما اشتهينا بغير بيع ولا شراء وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضا قال فيقبل الرجل ذو المنزلة المرتفعة فيلقى من هو دونـه وما فيهم دني فيروعه ما يرى عليه من اللباس فما ينقضي آخر حديثه حتى يتخيل إليه ما هو أحسن منـه وذلك أنـه ليس ينبغي لأحد أن يحزن فيها ثم ننصرف إلى منازلنا فتتلقانا أزواجنا فيقلن مرحبا وأهلا لقد جئت وإن بك من الجمال أفضل مما فارقتنا عليه فنقول إنا زرنا اليوم ربنا الجبار جل جلاله ويحق لها أن ننقلب بمثل ما انقلبنا

فصل في رؤية أهل الجنة ربهم ذكر الترمذي من حديث صهيب عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) قال إذا دخل أهل الجنة الجنة نادى مناد إن لكم عند الله موعدا قالوا ألم يبيض وجوهنا وينجنا من النار ويدخلنا الجنة قالوا بلى فيكشف الحجاب قال فوالله ما أعطاهم شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى
وذكر البزار عن جابر بن عبد الله رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بينا أهل الجنة في نعيمـهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تبارك وتعالى قد أشرف عليهم فقال السلام عليكم أهل الجنة فذلك قوله ( سلام قولا من رب رحيم ) قال فينظر إليهم وينظرون إليه لا يلتفتون إلى شيء من النعيم ويبقى نوره في ديارهم فصل ما جاء أن في الجنة سوقا ذكر مسلم من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إن في الجنة لسوقا يأتونـها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم ويزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالا فيقول لهم أهلوهم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا فيقولون وأنتم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالا
وأنشدوا
( لمن ظل بجنات الخلود ... يبرد حر أنفاس العميد )
( يرد من الصبا ما كان غضا ... ويطلع فوقه نجم السعود )
( ويجمع قاصيات للأماني ... شردن عليك أيام الشرود )
( وزد ما شئت من أمل بعيد ... فقد أسعفت بالأمل البعيد )
( لمن تلك القصور مشيدات ... وليس كما عهدت من المشيد )
( قصور ما قصور ما قصور ... تريك عجائب الملك الحميد )
( ذهبت لوصفها فعجزت عنـه ... كعجز الماء يذهب للصعود )
( لمن تلك القباب مكللات ... يطيب العيش والعمر المديد )
( أمان من تصاريف الليالي ... وإسعاد جديد في جديد )
( ملئن بكل قاصرة لعوب ... تلألأ فوق مطلعها السعيد )
( كأن الحسن خص بها رواها ... فليس على رواها من مزيد )

( تماشى من شذاها في رياض ... وتخطر من سناها في برود )
( يحار الطرف من نظر إليها ... ويشخص في خدود أو قدود )
( عجبت لها ولي تدنو وأنأى ... وتدعوني وأعرض في صدود )
( وما هذا كمو إلا لأني ... نزلت بهامتي تحت الصعيد )
( وأعظم حسرة من ذاك جهلي ... بخالقها وجهلي بالوعيد )
( ولو أني استضأت بنور علم ... يوفقني على الرأي السديد )
( لآثرت الإله ولم ألاحظ ... سواه من طريف أو تليد )
( ولكني وردت حياض دنيا ... شرعت بهن في ماء صديد )
( على علم وردت بسوء رأي ... وجهلي بالمقاصد والعقود )
( فمن لي والمنى حلو جناها ... ومنـهلها شـهي للورود )
( بعلم مؤيد فطن لبيب ... وتوبة حازم جلد شديد )
( تريه البدر في ظلم الدياجي ... وتنـهضه بأثقال العهود )
( لعل عوارف الرحمن تصفو ... بذاك على سؤول مستزيد )
( فتورده موارد صافيات ... كطعم المسك بالعذب البرود )
( وإلا صب في مـهوى عميق ... ودحرج من ذرى طود بعيد )

الباب الحادي والعشرون في صفة النار وصفة أهلها وما أعد الله لهم فيها قال الله تعالى ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ) ( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنـها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين لهم من جهنم مـهاد من فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين )
( لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون )
( فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر بـه ما في بطونـهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منـها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق )
( تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون )
( أولئك الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون )

( والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنـهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير
( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمـهل يغلي في البطون كغلي الحميم خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم )
وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم )
( خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه إنـه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون )
( إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما )
( إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا ا إلا حميما وغساقا جزاء وفاقا إنـهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا وكل شيء أحصيناه كتابا فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا )
( هل أتاك حديث الغاشية وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع )

وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لما خلق الله الجنة قال لجبريل اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها فذهب فنظر إليها فقال وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فحفها بالمكاره فقال اذهب فانظر إليها فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال وعزتك لقد خشيت أن لا يدخلها أحد قال ولما خلق الله النار قال لجبريل اذهب فانظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها فذهب فنظر إليها ثم جاء فقال وعزتك لا يسمع بها أحد فيدخلها فحفها بالشـهوات فقال اذهب فانظر إليها فذهب فنظر إليها فلما رجع قال وعزتك لقد خشيت أن لا يبقى أحد إلا دخلها
وذكر مسلم من حديث سفيان عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونـها
ومن حديث مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنـه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال فأنـها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها
وقال سفيان بن عيينة من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ولولا أنـها ضربت بالماء مرتين لما كان لأحد فيها منفعة

وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة
ومن حديث مسلم عن أبي هريرة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ سمع وجبة فقال أتدرون ما هذا قلنا الله ورسوله أعلم قال هذا حجر رمي بـه في النار منذ سبعين خريفا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها
ويروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطيروا كما يطير الشرر فإذا رفعهم أشرفوا على الجنة وبينـهم حجاب ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينـهم أن لعنة الله على الظالمين ) ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمـهما على الكافرين ) فتردهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر جهنم
قال بعض المفسرين هو معنى قوله تعالى ( كلما أرادوا أن يخرجوا منـها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم بـه تكذبون )
ولعلك تقول وكيف يرى أهل الجنة أهل النار وأهل النار أهل الجنة وبينـهم ما بينـهم من المسافة أو كيف يسمع بعضهم كلام بعض وبينـهم ما بينـهم من المسافة وغلظ الحجاب
فيقال لك لا تقل هذا فإن الله تعالى يقوي أبصارهم وأسماعهم حتى يرى بعضهم بعضا و يسمع بعضهم بعضا وهذا قريب في القدرة جدا وإذا تأملته وجدته

وذكر الترمذي من حديث ابن عباس رضي الله عنـهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ هذه الآية ( اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشـهم فكيف بمن يكون طعامـهم
ومن حديثه أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنـهما قال قال رسول اللهA صلو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنـها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا الليل والنـهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها
ومن حديث قاسم بن أصبغ عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لو أن دلوا من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا
وبهذا الإسناد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنـه قال ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره
والصعود جبل من نار يتصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوي كذلك أبدا
قال قاسم بن أصبغ وبهذا الاسناد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال لو أن مقمعا من حديد وضع على الأرض فاجتمع الثقلان ما أقلوه من الأرض
وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه و سلم أنـه قال لو ضرب بمقمع من حديد الجبل لتفتت فصار غبارا

وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول إني وكلت بثلاثة بمن جعل مع الله إلها آخر وبكل جبار عنيد وبالمصورين
وذكر الترمذي من حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله تعالى ( ويسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ) قال يقرب إلى فيه فيكرهه فإذا أدني منـه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره يقول الله عز و جل ( وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) ويقول ( وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمـهل يشوي الوجوه بئس ال وساءت مرتفقا )
وذكر من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه وهو الصهر ثم يعاد كما كان
وذكر مسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أخابني كعب يجر قصبه في النار وقد تقدم والقصب الأمعاء
ومن حديث مسلم عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال له يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال

له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط
وذكر البزار في مسنده عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو كان في المسجد مائة ألف أو يزيدون ثم تنفس رجل من أهل النار لأحرقهم
ومن حديث مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد وغلظ جلده مسيرة ثلاث
وذكر مسلم أيضا من حديث أبي هريرة يرفعه قال ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع
وذكر مسلم أيضا من حديث أبي هريرة يرفعه قال ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع
وذكر الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا وإن ضرسه مثل أحد وإن مجلسه في جهنم كما بين مكة والمدينة
وروى الترمذي من حديث أبي الدرداء رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يلقى على أهل النار الجوع فيعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيتذكرون أنـهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بال فيستغيثون بال فيدفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخلت بطونـهم قطعت ما في بطونـهم فيقولون ادعوا خزنة جهنم عساهم يخففون عنا فيقولون لهم أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال فيقولون ادعوا مالكا فيقولون ( يا مالك ليقض علينا ربك ) فيجيبهم ( إنكم ماكثون )

قال سليمان بن مـهران الأعمش نبئت أن بين دعائهم وإجابة مالك لهم مقدار ألف عام قال فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير منـه فيقولون ( ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منـها فإن عدنا فإنا ظالمون )
قال فيجيبهم ( اخسئوا فيها ولا تكلمون ) فعند ذلك يئسوا من كل خير وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل
وعن ابن عمر رضي الله عنـهما قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن الكافر ليسحب لسانـه الفرسخ والفرسخين يتوطؤه الناس
ويروى عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أيها الناس ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا فإن أهل النار يبكون في النار الدموع حتى تنقطع ثم يبكون الدماء حتى تصير الدماء في خدودهم كأمثال الجداول ولو أجريت فيها السفن لجرت ذكره الترمذي وغيره
وذكر مسلم عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يقول الله عز و جل لأهون أهل النار عذابا لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديا بها فيقول نعم فيقول قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك أحسبه قال ولا أدخلك النار فأبيت إلا الشرك
وذكر البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال يقول الله عز و جل لأهون أهل النار عذابا يوم القيامة لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي بـه فيقول نعم فيقول قد أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا الشرك

ويروى من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن جهنم لما سيق إليها أهلها تلقتهم بعنف فلفحتهم لفحة لم تترك لحما على عظم إلا ألقته على العرقوب

فصل ذكر أهون أهل النار عذابا ذكر مسلم عن العباس بن عبد المطلب أنـه قال يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشيء فإنـه كان يحوطك ويغضب لك
قال نعم هو في ضحضاح من نار ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار
وذكر مسلم أيضا من حديث عبد الله بن الحارث قال سمعت العباس يقول قلت يا رسول الله إن أبا طالب كان يحوطك وينصرك ويغضب لك فهل نفعه ذلك قال نعم وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح
وذكر مسلم عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان وشراكان من نار يغلي منـهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحدا أشد عذابا منـه وإنـه لأهونـهم عذابا
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر عنده أبو طالب فقال لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منـه دماغه

وذكر مسلم أيضا من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال أهون أهل النار عذابا أبو طالب وهو منتعل بنعلين من نار يغلي منـهما دماغه
وذكر مسلم أيضا من حديث النعمان بن بشير قال سمعت رسول اللهA يقول إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منـهما دماغه

فصل ذكر من أشد الناس عذابا ذكر قاسم بن أصبغ من حديث عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي أو مصور يصور التماثيل فصل أخذ النار المعذبين على قدر أعمالهم ذكر مسلم من حديث سمرة بن جندب أنـه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول إن منـهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنـهم من تأخذه إلى حجزته ومنـهم من تأخذه إلى عنقه
وعنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم منـهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنـهم من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنـهم من تأخذه النار إلى حجزته ومنـهم من تأخذه إلى ترقوته
وذكر البزار من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال إن أهون أهل النار عذابا رجل منتعل بنعلين من نار يغلي منـهما دماغه الباب الثاني والعشرون ذكر الخلود ذكر الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد ثم يطلع عليهم رب العالمين فيقول ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد فيتمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره ولصاحب النار ناره فيتبعون ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون فيطلع عليهم رب العالمين فيقول ألا تتبعون الناس فيقولون نعوذ بالله منك الله ربنا هذا مكاننا حتى نرى ربنا وهو يأمرهم ويثبتهم قالوا وهل نراه يا رسول الله قال وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال فإنكم لا تضارون في رؤيته تلك الساعة ثم يتوارى ثم يطلع فيعرفهم نفسه ثم يقول أنا ربكم فاتبعوني فيقوم المسلمون ويوضع الصراط فيمر عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه سلم سلم ويبقى أهل النار فيطرح منـهم فيها فوج ثم يقال لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن قدمـه فيها وأزوى بعضها إلى بعض ثم قال قط قالت قط قط فإذا أدخل الله أهل الجنة الجنة وأهل النار النار أتي بالموت ملببا فيوقف على السور الذي بين أهل الجنة وأهل النار ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين ثم يقال يا أهل النار فيطلعون مستبشرين يرجون الشفاعة فيقال لأهل الجنة وأهل النار هل تعرفون هذا فيقولون هؤلاء وهؤلاء قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا فيضجع فيذبح ذبحا على السور ثم يقال يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود لا موت

وذكر هناد بن السري من حديث أبي هريرة رضي الله عنـه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤتى بالموت يوم القيامة فيوقف على الصراط فيقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين أن يخرجوا من مكانـهم الذي هم فيه ثم يقال يا أهل النار فيطلعون مستبشرين فرحين أن يخرجوا من مكانـهم الذي هم فيه فيقال هل تعرفون هذا فيقولون نعم ربنا هذا الموت فيؤمر بـه فيذبح على الصراط ثم يقال للفريقين كلاهما خلود فيما تجدون لا موت فيها أبدا
وذكر مسلم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يجاء بالموت يوم القيامة كأنـه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال يا أهل الجنة هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون ويقولون نعم هذا الموت ثم يقال يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون ويقولون نعم هذا الموت قال فيؤمر بـه فيذبح ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ رسول اللهA ( وأنذرهم يوم الحسرة إذا قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ) وأشار بيده إلى الدنيا
وذكر مسلم من حديث نافع أن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل الله أهل الجنة الجنة ويدخل أهل النار النار ثم يقوم مؤذن بينـهم فيقول يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه
وذكر أيضا من حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال إذا صار أهل الجنة إلى الجنة وصار أهل النار إلى النار أتي بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي مناد يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت فيزداد أهل الجنة فرحا إلى فرحهم ويزداد أهل النار حزنا إلى حزنـهم
وذكر الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري رفعه قال إذا كان يوم

القيامة أتي بالموت كالكبش الأملح فيوقف بين الجنة والنار فيذبح وهم ينظرون فلو أن أحدا مات فرحا لمات أهل الجنة ولو أن أحدا مات حزنا لمات أهل النار
وذكر البزار من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنـه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال من كتب عليه الخلود لم يخرج منـها يعني من النار
وأنشدوا
( أما سمعت بأهل النار في النار ... وعن مقاساة ما يلقون في النار )
( أما سمعت بأكباد لهم صدعت ... خوفا من النار قد ذابت على النار )
( أما سمعت بأغلال تناط بهم ... فيسحبون بها سحبا على النار )
( أما سمعت بضيق في مجالسهم ... وفي الفرار ولا فرار في النار )
( أما سمعت بحيات تدب بها ... إليهم أم خلقت من خالص النار )
( أما سمعت بأنفاس لهم حبست ... عن التنفس من حرارة النار )
( أما سمعت بأجساد لهم نضجت ... من العذاب ومن غلي على النار )
( أما سمعت بما يكلفون بـه ... من ارتقاء جبال النار في النار )
( حتى إذا ما علوا على شواهقها ... صبوا بعنف إلى أسافل النار )
( أما سمعت بزقوم يسوغه ... ماء صديد ولا تسويغ في النار )
( يسقون منـه كئوسا ملئت سقما ... ترمي بأمعائهم رميا على النار )
( يشوي الوجوه وجوها ألبست ظلما ... بئس ال ساكني النار )
( ولا ينامون إن طاف المنام بهم ... ولا منام لأهل النار في النار )
( إن يستقيلوا فلا تقال عثرتهم ... أو يستغيثوا فلا غياث في النار )
( وإن أرادوا خروجا رد خارجهم ... بمقمع النار مدحورا إلى النار )
( فهم إل النار مدفوعون بالنار ... وهم من النار يهرعون للنار )
( ما أن يخفف عنـهم من عذابهم ... ولا تفتر عنـهم سورة النار )
( فهذه صدعت أكباد سامعها ... من ذي الحجى ومن التخليد في النار )
( ولو يكون إلى وقت عذابهم ... في النار هون ذاكم لفحة النار )
( فيا إلهي ومن أحكامـه سبقت ... في الفرقتين من الجنات والنار )

( رحماك يا رب في ضعفي وفي ضعتي ... فما وجودك لي صبر على النار )
( ولا على حر شمس إن برزت لها ... فكيف أصبر يا مولاي للنار )
( فإن تغمدني عفو وثقت بـه ... منكم وإلا فإني طعمة النار )
ونحن نستعيذ بالله من عذابه الذي لا يقوم له جميع الوجود فكيف الحشرات منـه والدود ومن غضبه الذي لا يستطاع ذكره ولا يقدر قدره ونسأله رحمته التي ننقلب منـها بأفعالنا ونتباعد عنـها بقبيح أعمالنا بمنـه وطوله لا رب غيره ولا معبود سواه وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين

جاء في آخر نسخة اليمن الجنوبية ما نصه
كمل كتاب العاقبة للإمام العلامة عبد الحق الأزدي المالكي الأندلسي بحمد الله وحسن عونـه وتوفيقه
ووافق الفراغ منـه في ثاني شـهر ربيع الآخر من شـهور سنة ست وعشرين وثمانمائة
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه و وارثيه وحزبه ومن تبعه إلى يوم الدين وسلم
تتميم كتابة هذا الكتاب المسمى كتاب العاقبة بقلم السيد العلامة محمد بن عبد الرحيم الزواوي وجله ما عدا المرقع بقلم سيدنا الشيخ الكبير محمد بن الشيخ عبد الرحمن السقاف نفع الله بهم
وجاء في آخر نسخة شستربتي ما نصه
تم كتاب العاقبة بحمد الله تعالى وفضله وعونـه وتوفيقه ومنـه بتاريخ سلخ ربيع الآخر من شـهور سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة
حسبنا الله ونعم الوكيل والحمد لله رب العالمين
وجاء في آخر نسخة المكتبة الأزهرية ما نصه
تم كتاب العاقبة بحمد الله تعالى وعونـه وحسن توفيقه على يد كاتبه العبد المفتقر إلى رحمة ربه العلي أحمد بن علوي بن حمزة الحنبلي ووافق الفراغ منـه في ليلة أسفر صباحها عن ثامن عشر رجب الفرد سنة خمس عشرة وثمانمائة

، قسمت نهم ولما




[قسمت نهم ولما]

نویسنده و منبع | تاریخ انتشار: Tue, 06 Nov 2018 06:50:00 +0000



قسمت نهم ولما

كتاب : خريدة القصر وجريدة العصر

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله مودع أرواح المعاني أشباح الألفاظ، قسمت نهم ولما ومطلع ذكاء الذكآء من أفلاك الإدراك للقرائح الأيقاظ، ومظهر أسرار الحكم لأحداق الضمائر الناظرة، ومنور أزهار الكلم في حدائق الخواطر الناضرة، وحافظ نظام البلاغة في كل عصر، وحاصر أقسام البراعة في نوعي نظم ونثر، الذي أفاض على الأفاضل حلل الكرامة، وخصهم لخصائصهم بالفخار والفخامة، وأرسل محمداً صلوات الله عليه بالفصاحة المعجزة في البيان، والحكمة الواضحة البرهان، وأنزل عليه الذكر العربي المبين، وجعله لحمل أمانة وحيه القوي الأمين، وأيده بذوي الفضائل الغر، والفواضل الغزر، من آله وصحابته، وعين أهل العلم لوراثته، وأصفى بشرعه مشرع أمته، صلى الله عليه وآله وصحبه وعترته.
أما بعد، فإنني لما رأيت الفضل في عصرنا هذا، وإن ضاع عرفه، قد ضاع عرفه كما أنـه، وإن زان ضعفه، فقد زاد ضعفه، لفساد أمره، وكساد سعره، وهبوط نجمـه، وسقوط رسمـه، وحط حظه، وقلة عناية هله بحفظه، آثرت أن أثر من مآثر أهل العصر ما يخلد آثارهم، ويجدد منارهم، فإنني ألفيت أبكار أفكارهم قد عنست، وآرام شواردهم في خميلة الخمول كنست، وعرائس نفائسهم عند الأكفاء ما عرست، وبعد الوحشة ما أنست، والبواعث قلت بل عدمت، والحوادث جلت بل عظمت، وكنت منذ شمت بارقة الأهب، وركبت في استفادة العلم صهوة الطلب، ذاك وصبا الصبا في ريعان الهبوب لها مسرى ومسير، وشبا الشباب الطري طرير، وأنا أحب أن أجمع محاسن من محاسناهم الدهر المسيء، وأظهر مزاين من غفل عن التحلي بمزاياهم الزمان البذئ، وكنت قد طالعت كتابي يتيمة الدهر، ودمية القصر للثعالبي والباخرزي في محاسن أهل عصريهما الشعراء، وقد بلغا الجهد في إظهار اجتهاد البلغاء، وما وجدت بعد ذلك من عني بذلك كعنايتهما، ولا من حدث نفسه أنـه يبلغ إلى غايتهما، فصنفت هذا الكتاب وألفته، ورقمت هذا الوشي وفوفته، وسميته خريدة القصر وجريدة العصر؛ لأنـها حسناء ذات حلي وحلل، غانية تغبطها على الحسن أقمار الكلل. قسمت نهم ولما فهذا الكتاب كالروض الأنف يجمع أنواع الزهر، وكالبحر تضمن على نواصع الدرر؛ وكالدهر يأتي بعجائب العبر، يشتمل على فنون وعيون، وأبكار للمعاني وعون، وأصناف فوائد، وأص فرائد، وضروب ضرب، وضروع أرب، وظروف ظرف، وحروف لطف، فكم فيه من يتيمة لتاج قدره، وكريمة في خدره، وديمة لودقه، وهلال لأفقه؛ ويتضمن من شريف الكلام وحره، ودريه ودره، ولطيف القول وبديعه، وغريبه وصنيعه، ما إذا اجتليت أنواره، واجتنيت أثماره، ونظرت إلى استقامة سمته، وسلامة نحته، وجدته محمي الحريم بالصون، مفري الأديم علي الحسن، منيع الجناب للعاكف، حلو الجني للقاطف، لا يطلب إذناً على أذن، ولا يلتمس رهناً من ذهن، ولا يحتجب عنـه قلب، ولا يحتجر معه لب، بل يعانق القلوب بقبوله معانقة، ويعالق الأرواح براحة معالقة.
وقد ذكرت أهل عصري، وأهل عصر آبائي وأعمامي، فالكتاب مشتمل على العصرين: قسمت نهم ولما السالف الماضي، والحاضر النامي. قسمت نهم ولما وأكثر ما أوردته شعر من أروي عن واحد، عنـه، إن لم يكن أدركته وسمعته منـه، ولم أقتصر على المنتقى المنتقد، والمثنخل المنتخب، بل ذكرت لكل شاعر ما وقع إلي من شعره، وأثبته: إما لمعنى غريب، أو لفظ مستحسن، أو أسلوب رائق، أو حديث بحال من الأحوال لائق، وطلبت الاستكثار من الفوائد، وضممت الشذور إلى الفرائد.
والذي بعثني أولاً على جمع هذا الكتاب أنني وجدت المعاصرين لعمي الصدر الشـهيد عزيز الدين أبي نصر أحمد بن حامد من الشعراء ما فيهم إلا من أم قصده، وطلب ووفد عليه بمدحه، واسترفده من منحه، وفاز عنده بنجحه، وأدرك في ليل الأمل من الفوز ضوء صبحه، وحمل إليه بضائع فضله فحصل من إفضاله بربحه، وكلهم ممتدحه، ومستميحه ومستمنحه، فأحببت أن أحيي ذكرهم، وأقابل بمجازاة شكري شكرهم. وكانت المدائح المجموعة في عمي العزيز مجلدات، غير أن العدو لما نكبه، نـهبها، وذهب بها وأذهبها، لكنـه لم يسلب الأصل والمحتد، ولم ينـهب المجد والسؤدد. وقد كتبت منـها بعض ما حصلته، ومـهدت بـه ذكره على قاعدة الخلود وأثلته.
وقد قسمت هذا الكتاب أقساماً. القسم الأول فضلاء بغداد وما يجري معها من البلاد خلفاء وأمراء بني العباس الإمام المستضيء بالله أمير المؤمنين

وابتدأت القسم الأول من العراق مزكي عرقي، ومنشأ حقي، وموطن أهلي، ومجمع شملي. وهو الإقليم الأوسط، والأقنوم الأحوط، وأهله الراسخون علوماً، الباذخون حلوماً. وقدمت مدينة السلام؛ لأنـها حوزة الإسلام، وبيضة مملكة الإمام، وتبركت بذكر من أدركته من الخلفاء، ومن أدركه منـهم والدي وأعمامي، الذين يشتمل هذا الكتاب على محاسن أيامـهم، ومزاين أجوادهم وكرامـهم، وذكرت من شعر كل واحد منـهم ما سمعته، تفضيلاً لكتابي هذا على الكتب المصنفة في فنـها، ليربي بحسنـه على حسنـها، فهو - بإشراق أضواء ذكر الإمام المستضيئ بأمر الله أمير المؤمنين أبي محمد الحسن ابن الإمام المستنجد - مضيء المطالع مشرقها، صافي الشرائع مغدقها.
والإمام المستضيئ واحد العصر نبلاً، وثاني البحر فضلاً، وثالث العمرين عدلاً، بل ثالث القمرين أنواراً، وثاني القدر أثراً وإيثاراً، وواحد الزمان قدراً ومقداراً. وهو الثالث والثلاثون من خلفاء بني العباس، ذو الفضل والإفضال والنائل والسطوة والباس، ترجى موهبته، وتخشى هيبته، وتدعى هبته، وينادي نداه فيجبر ويجيب، ويجتدي جداه فيصوب ويصيب. أما السماح فهو بدر سمائه الزاهر، وأما الكرم فهو بحر عطائه الزاخر، وأما الفضل فهو جامع شتاته، ورافع راياته، وواضع شرعه، وشارع وضعه، ومشرق آفاقه، ومنفق أسواقه، قس الفصاحة، وقيس الحصافة، وصديق السماحة، وفاروق الحماسة، وعثمان الحلم، وعلي العلم. حلل الأيام معلمة منـه بطراز العدل، وحلل الأنام مكرمة بإعزاز الفضل. وفي عصره المذهب تسنت الفتوح الأبكار، وجرت على الإيثار الآثار، واستخلصت مصر من الأدعياء، واليمن من الأعداء، وملك بنو أيوب، ومكن الله ليوسفهم في الأرض، وعادت مصر آهلة بالمقيمين وظائف السنة والفرض.
ولما بويع له بالخلافة في تاسع ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مئة، كنت بالموصل، فعملت هذه الأبيات المـهموزة، ونفذتها إليه على يد الفقيه شرف الدين بن أبي عصرون، فعاد إلي بخلع منـه سنية، ودنانير أميرية، وصيرها الإمام رسماً في كل سنة، والأبيات هي:
قد أضاء الزمان بالمستضيئ ... وارث البُرْد وابن عم النّبيء
جاءَ بالحقّ والشريعة والعد ... لِ فيا مرحباً بهذا المجيء
رَتَع العالمون من عدله الشا ... مل في المرتع الهنيء المريء
ورعوا منـه في مَرادٍ خصيبٍ ... لا وخيم ولا وبيل وبيء
رقدوا بعد طول خوف مقضّ ... في ذَرا الأمن والمـهاد الوطيء
فهنيئاً لأهل بغدادَ فازوا ... بعد بؤسٍ بكلّ عيش هنيء
سأوافي فِناءَهُ عن قريب ... مسرعاً كي أفوز غيرَ بطيء
وأحلّي عيشي بجدّ جديد ... وأهنّي فضلي بحظّ طريء
وتُريني الأيام نقداً من الآ ... مال ما كان قبله في النسيء
وأمانيّ سوف يظهر منـها ... عند قصدي ذَراه كلُّ خبيء
عاد حظّي من النحوس بريئاً ... وغدا السعد منـه غير بريء
ولقيتُ الدّهرَ العبوسَ وقد عا ... دَ بوجهٍ طَلْقٍ إليِّ وَضيء
ومُضيء إن كان في الزمن المُظلم فالعَود في الزمان المُضيء
ثم مدحته بعد ذلك بقصائد.
ولما خُطِب له بمصرَ سنة سبع وستين في أيام الوزير عضد الدين، كتبت إليه قصيدة، أولها:
قد خطبنا للمستضيئ بمصرٍ ... وارثِ المصطفى إمام العَصْرِ
وخذَلنا لنصره العَضُدَ العا ... ضِدَ والقاصر الذي بالقَصْر
قصدت بالعضد العاضد المجانسة، ونصرة وزير الخليفة كنصرته.
وأشعنا بها شِعار بني الع ... باس فاستبشرتْ وجوهُ النصر
ووضَعْنا للمستضيئ بأمر ال ... له عن أوليائه كُلَّ إصْرِ
ومنـها:
وجرى من نَداه دِجْلَةُ بغدا ... دَ بشطر ونيلُ مصر بشطرِ
وقد اهتز للهدى كلُّ عِطفٍ ... مثلما افترَّ بالمنى كلّ ثَغْرِ
فبَجدْواهُ زائلٌ كلّ فَقرٍ ... وبنُعماه آهِلٌ كلِّ قَفْرِ
ونداهُ الهدى أزال من الأس ... ماع في كلّ خطّةٍ كلّ وَقْرِ

نشكرُ اللهَ إذْ أتمّ لنا النص ... رَ ونرجو مَزيدَ أهلِ الشكر
ونشرنا أعلاَمنا السودَ فهراً ... للعدى الزرق بالمنايا الحمر
خلفاء الهدى سَراة بني الع ... باس والطيّبونَ أهل الطهرِ
كشموس الضحى كمثل بدور ال ... تمِّ كالسحب كالنجوم الزهر
وتمام الحبور ما تمّ من خط ... بة خير الخلائف ابن الحَبْرِ
مَهْبطُ الوحي بيته منزل الذكْ ... ر بشَفْعٍ من المثاني ووِتْر
ومنـها:
ليس مُثري الرجال مَنْ ملكَ الما ... ل ولكنّما أخو اللبّ مُثْر
ولهذا لم ينتفع صاحب القص ... ر وقد شارف الدُّثُورَ بدَثرِ
ومنـها في مدح
لسوي نظم مدحه أهجر النظْ ... مِّ فما مَدحُ غيره غير هُجْر
وأرتنا له قلائدَ من مس ... نٍ وبِرّ ليست بجِيدٍ ونَحْر
وبإِنعامـه تَزايد شكري ... وبتشريفه تَضاعف فخري
كم ثَراءٍ وقوةٍ وانشراحٍ ... منـه في راحتي وقلبي وصدري
وعليِّ النُذُورُ في مثل ذا اليو ... مِ وهذا يوم الوفاء بنَذْري
واستهلّت بوارق الأنعم الغرِّ ... بـه في حَيا الأيادي الغُزْر
نَعشَ الحقَّ بعدَ طول عثارٍ ... جَبرَ الحقّ بعدَ وَهْنٍ وكسر
دام نصرُ الهدى بملك بني الع ... بَّاس حتى يكونَ يوم الحشر
وهذه قصيدة طويلة جداً، ولكنني اقتصرت منـها على هذا القدر.
ومن قصائدي في مدحه:
هل عائدٌ زمنُ الوصالِ المنْقَضِي ... أم عائدٌ لي في الصبابة ممرضي
لا أشتكي إلاّ الغرام فإِنّهُ ... بَلوى عليِّ من السماء بها قُضي
يا لاح حالي في الهَوى مشـهورةٌ ... حاوَلتَ تسليَتي وأنت مُحرّضي
خَفِّضْ عَليكَ فما الملامُ بناجعٍ ... فيمن يقولُ لكلِّ لاحٍ خَفّض
كان التعرُّضُ لي بِنصحك نافعي ... لو كان يمكن للسُّلوّ تَعرُّضي
عَرَّضت وجدي للسلوّ ومُتْعِبٌ ... كتمانُ سرٍّ للوُشاةِ مُعرِّض
أَنفقتُ ذُخر الصبر من كلفي فهل ... من واهبٍ للصبر أو مِن مُقرِض
أيبلُّ مُضنىً قلبُه مُتَهدِّفٌ ... لسهام رامٍ للّواحظِ مُنْبِضِ
شَغَفي بأغيَدَ مُقْبلٍ بوداده ... لمحبّه ويَصدّ صَدِّ المعرِض
شكوايَ من دَلٍّ يزيدُ مُحبّبٍ ... وضَنايَ من صدٍّ يدوم مُبغِّض
يا حبّذا ماءُ العُذَيْبِ وحبّذا ... بنِطافه الغُزرِ العِذاب تمضمضي
لَهفي على زمن الشباب فإنِّني ... بسوي التأسّف عنـه لم أتعوض
نُقِضَتْ عُهودُ الغانياتِ وإنـها ... لولا انقضاءُ شبيبتي لم تَنقض
كان الصِبا أضفى الثياب وإنما ... ذهبت نضارة عيشتي لمّا نُضي
يا حسنَ أَيام الصِّبا وكأنـها ... أيامُ مولانا الإِمام المستَضِي
وهذه القصيدة أيضاً طويلة.

الإمام المستنجد بالله أمير المؤمنين

المستنجد بالله أبو المظفر يوسف أمير المؤمنين ابن الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين أبي عبد الله محمد بن المستظهر بالله أمير المؤمنين أبي العباس أحمد بن المقتدي بأمر الله أمير المؤمنين عبد الله بن الذخيرة محمد بن أمير المؤمنين القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله أمير المؤمنين أحمد بن ولي العهد إسحاق بن أمير المؤمنين المقتدر بالله أبي الفضل جعفر ابن أمير المؤمنين المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق بالله أبي أحمد طلحة بن أمير المؤمنين المتوكل على الله أبي الفضل جعفر بن أمير المؤمنين المعتصم بالله أبي إسحاق محمد بن أمير المؤمنين الرشيد أبي جعفر هارون بن أمير المؤمنين المـهدي أبي عبد الله محمد بن أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، رضي الله عنـه وعن آبائه، الذي نطقت بشرفه السور، وأرخت بفضيلته السير، ووضحت حجول أيامـه والغرر، وتسنى في زمانـه للإسلام الظفر.
أما شرفه، فهو أوضح من ذكاء. وأما مناقبه، فهي بعدد أنجم السماء.
بويع له بالخلافة يوم الأحد، ثاني ربيع الأول، سنة خمس وخمسين وخمس مئة يوم وفاة المقتفي، وتوفي تاسع شـهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مئة.
وكان يحب الفضل وذويه، ويستخدمـهم، ويقربهم.
وله شعر حسن، فمنم ذلك ما ذكره الوزير عون الدين يحيى بن هبيرة في كتاب صنفه له يشرح أبياته، ويقول: وإنما غرض كتابنا هذا شرح أبيات سمح بها خاطره ارتجالاً، وأنا قائم بين يديه، في شخص لا أعلمـه في الحقيقة إلا هو.
سَهْلُ التَّعَطُفِ في الصواب دِرايةً ... بمآله متوقّفٌ في ضدّهِ
مُتأيِّدٌ في رَأْيه لسداده ... طلاّع أنجده بواري زنده
والسيفُ يَفْري الهامَ من إفْرِندِه ... لا ما يُقال مَضاؤه في حَدّه
وكذا اللّبيبُ يرى الصواب برأيه ... لا يَستريب بقربه أو بُعدِه
وإذا الشجاعة يُسِّرَتْ لمُسدِّدٍِ ... حاز النُّهى منم حزمـه وبجدِّه
وله:
وباخِلٍ أشعل في بيته ... طرمذةً منـه لنا شَمْعَهْ
فما جرت من عينـها دمعة ... حتى جرت من عينـه دَمعَهْ
ولأمير المؤمنين المستنجد بالله:
حالٍ وحالي خالُه ... شَجِيَ الصبُّ بـه والخال خال
ومنـها:
بان لما بان فيه يَقَقٌ ... ونُصولُ الشيب فلّ في النِّصال
ونظم شرف الدين مظفر بن الوزير ابن هُبيرة على وزنـها قصيدة، منـها:
وبنو الأشراف من تحملهم ... عزّة السُّؤل على ذل السؤال
وللمُستنجد في عامل له كان يمن بخدمته:
يَمُنُّ ولا يَدري بأني عالمٌ ... بأفعاله، والمنُّ بالمنّ يُوزَنُ
وفي القول تعريضٌ وفيه غباوةٌ ... ولولا تغابيه لقد كان يَفطِنُ
وهذه الأشعار أكتبها لشرف قائلها، وقد قيل:
وخيرُ الشعر أشرفه رجالاً ... وشرُّ الشعر ما قال العبيدُ
على أنـها قد أعجزت الشعراء، وأعجبت البلغاء الفصحاء.
ويُنسب إلى الإمام المستنجد شعر:
وقد تُنظر الأشياء بالسمع إن جرت ... موانع صدَّتْ عن تأمُّلِ ناظِر
وله رضي الله عنـه في وصف سمعة:
وصفرآء مثلي في القياس ودمعُها ... سِجامٌ على الخدّين مثل دموعي
تذوبُ كما في الحبِّ ذبتُ صبابة ... وتحوي حشاها ما حَوته ضلوعي
وقد تبركنا بذكر الخلفاء الراشدين، الذين أدركتهم وأدركهم والدي وجدي، وأولهم:

القائم بأمر الله عبد الله بن القادر بالله توفي رضي الله عنـه في ليلة الخميس ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربع مئة. وكان بويع له بالخلافة يوم موت أبيه القادر، يوم الاثنين الحادي عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربع مئة. وكانت مدة خلافته أربعاً وأربعين سنة وثمانية أشـهر وخمسة وعشرين يوماً.
وكان ولياً من الأولياء، ولو جاز بعث نبي لكان من الأنبياء، وهو أزهد الخلفاء.
وله شعر، وقد ذكرته - وإن سبق عصره - تيمناً بذكره، وأورده السمعاني. فمن ذلك قوله:

القلبُ من خَمرِ التَّصابي منتشٍ ... مَن ذا عَذيري من مُعْطشِ
والنفسُ من بَرْحِ الهوى مقتولةٌ ... ولكَمْ قتيلٍ في الهوى لم ينعش
جُمعت عليِّ من الغرام عجائبٌ ... خلفن قلبي في إسار موحش
خل يصد وعاذل متنصح ... ومعاند يؤذي ونمام يشي
وقوله سنة الغرق وهي سنة ست وستين وأربع مئة.
يا أكرم الأكرمين العفو عن غرق ... في السيئات له وِردٌ وإصدارُ
هانت عليه معاصيه التي عَظُمَت ... علماً بأنَّك للعاصين غفّار
فامنُنْ عليّ وسامحني وخذ بيدي ... يا مَن له العفو والجنّات والنار
وقوله رضي الله عنـه:
سقى ليلنا بأعالي الرُّبا ... من المزن هطّالةٌ تنسجم
سَهرنا على سنّة العاشقين ... وقلنا لما يكره الله نَم
وما خيفتي من ظهور الوَرى ... إذا كان ربُّ الورى قد علِم
وقوله، وما أحسن التشبيه الذي اخترعه!:
قالوا الرحيل فأنشبتْ أظفارها ... في خدِّها وقد اعتَلقْنَ خضابا
واخضرَّ تحت بنانـها فكأَنَّها ... غَرَستْ بأرض بنفسج عُنَّابا

المقتدي بأمر الله أمير المؤمنين بن الذخيرة أبي العباس محمد بن القائم بويع له بالخلافة نـهار ليلة وفاة القائم جده، بين الظهر والعصر، وله تسع عشرة سنة. وظهرت في أيامـه خيرات كثيرة، ومبرات وافرة، وآثار حسنة في البلدان القاصية والدانية، وكما ذكر عن المتوكل وأيامـه إنـها كانت أحسن من الخصب بعد الجدب، والسلم بعد الحرب، والأمن بعد الرعب.
توفي يوم السبت رابع عشر المحرم سنة سبع وثمانين وأربع مئة. ومدة خلافته تسع عشرة سنة وخمسة أشـهر وثلاثة أيام. والدي، رحمـه الله ولد في زمانـه.
ومن شعره، الذي أورده السمعاني، قوله:
أردت صفاء العيش معْ من أُحِبُّهُ ... فحاولني عمّا أريد مَريد
وما اخترت بتّ الشمل بعد اجتماعه ... ولكنّه مما يريد أُريد
وقوله:
أما والذي لو شاء غيَّر ما بنا ... فأهوى بقوم في الثرّيا إلى الثرى
وبدّلنا من ظلمة الجور بعد ما ... دجا ليلها صُبحاً من العدلِ مسفرا
لئن نظرت عيني إلى وجه غيره ... فلا صافحت أجفانـها لذَّة الكرى
وإن تسعَ رجلي نحو غيرك أو سَعتْ ... فلا أمِنَتْ من أن تَزِلَّ وتعثرا
فواللهِ إنِّي ذلك المخلص الذي ... عزيزٌ علي الأيّام أن يتغيرا
الإمام المُستظهر بالله
أبو العباس أحمد أمير المؤمنين بن المقتدي بأمر الله. وكانت علامته: القاهر الله.
بويع له بالخلافة يوم الثلاثاء ثامن عشر المحرم من سنة سبع وثمانين وأربع مئة. فإن المقتدي توفي يوم السبت، ولم تظهر وفاته إلى يوم الثلاثاء، وصلي عليه في هذا اليوم. وسن المستظهر يوم بيعته ست عشرة سنة وشـهران وتسعة وعشرون يوماً، لأن مولده كان يوم السبت العشرين من شوال سنة سبعين وأربعة مئة.
وكانت أيامـه مواسم للتهاني، ومباسم مفترة عن ثنايا الأماني، وزمانـه مذهباً، وإحسانـه للبس مذهباً، وشأنـهُ مـهذباً، وهو أوضح وأشرح صدراً ومذهباً. وكان عصره عصر العدل والجود، وإشراق السعود وإخفاق الحسود، وأسواق الفضلاء نافقة، وحظوظ الكرام لهم موافقة، إلى أن قبضه الله حميد الأثر، كريم الورد والصدر، وجميل السير، يوم الأربعاء الثالث والعشرين من شـهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمس مئة. وكانت مدة خلافته خمساً وعشرين سنة وثلاثة أشـهر وخمسة أيام.
ومن شعره الذي أورده السمعاني، قوله رضي الله عنـه:
أذاب حرُّ الجوى في القلب ما جمدا ... يوماً مددتُ على رسم الوَداع يدا
فكيف أسلكُ نَهجَ الاصطبار وقد ... أَرى طرائقَ في مَهوى الهوى قِدَدا
قد أخلفَ الوعدَ بدرٌ قد شُغِفتُ بـه ... من بَعد ما قد وفى دهري بما وَعدا
إن كنت أنقضُ عهد الحبِّ في خَلَّدي ... من بعد هذا فلا عاينتُه أبدا
وله مثال إلى زين الملك أبي سعد هندو بن محمد نسخته:

بسم الله الرحمن الرحيم لكَ يا زين الملك من شريف الارتقاء ما يزلفك إلى الحسنى، في العاقبة والأولى، وما أبديته من خبايا الإخلاص فهو يقتضي عطايا الاختصاص، والسكون إلى ولائك مستدام، يبقى على مرور الأيام، والثقة بطاعتك مشتهرة عند الخاص والعام. ومع هذه الأسباب والأواخي، فما نقنع منك بالإغفال والتراخي، والله يعلم أن الشفقة على السيرة الغياثية أمرٌ قد ظهر حكمـه وتم، وقد قيل: نسبه لها عمراً ثُمّ نَمْ. وفي هذه الإشارة مقنع، مع خلوص عقيدتك يا زين الملك وأنت أجدر بالمذاكرة بما يجمع بين الأجر والثواب، وجميل الذكر المستطاب، والله عنده حسن الثواب.

الإمام المسترشد بالله أبو منصور الفضل أمير المؤمنين بن المستظهر.
ومولدي في عصره. بويع له بالخلافة يوم وفاة والده، واستشـهد بالمراغة في سادس عشر ذي القعدة سنة تسع وعشرين وخمس مئة، فتكت بـه الملاحدة، خذلهم الله، فكانت مدة خلافته سبع عشرة سنة وسبعة أشـهر. وثلاثة وعشرين يوماً. وعلامته: الناصر الله.
ومن شعره ما أنشدت له، وهو قوله:
أنا الأشقر الموعود بي في الملاحم ... ومَن يملك الدنيا بغير مُزاحِم
ستبلغ أرض الروم خيلي وتُنْتضي ... بأقصى بلاد الصين بيضُ صواري
وقوله:
ودونَ بغدادَ وما حَوْلَها ... خليفةٌ أشجعٌ من عَنْترِ
وأورد السمعاني في المذيل قوله:
أقول لشَرْخ الشباب اصطبرْ ... فولِّي وردَّ قضاء الوطَرْ
فقلتُ قنعتُ بهذا المشيب وإن زال غيمٌ فهذا مَطَرْ
فقال المشيبُ أيبقى القُتار ... على جَمرَةٍ ذاب منـها الحَجَرْ
وقوله:
قضيتُمْ حقوق الوُدِّ ثم نأيتُمُ ... فقلت: أراني الله يُمْنَ جِوارِكمْ
ولي ساعدٌ يَمري ضُروع سعودكم ... وزيّنـهاريّ بفصٍّ سواركمْ
وكل نسيم هبّ من عرَصاتكم ... يُعطّر أوقاتي بَعرْف صُوارِكم
ذكرتُ بخير في البوادي نَواركم ... وخيَّم في سمعي ملام نَواركم الإمام الراشد بالله أبو جعفر منصور بن المسترشد. تولى الخلافة بعد والده في سادس عشر ذي القعدة سنة تسع وعشرين وخمس مئة. ثم خرج من دار الخلافة متوجهاً إلى الموصل، وخلع؛ وبويع الإمام المقتفي لأمر الله يوم الأحد خامس عشر ذي القعدة سنة ثلاثين، فكانت مدة ولايته سنة.
ثم تنقل إلى ديار بكر وأذربيجان ومازندران، ثم إلى أصفهان، وأقام على بابها مع السلطان داوود بن محمود، والبلد محاصر، وهناك قحط عظيم، وضر عميم.
أذكر، ونحن أطفال، وقد خرجنا من البلد وأقمنا بالربط المبنية عند المصلى بالقرب من زندَ ورد، والمعسكر قريب منا، فسمعنا أصواتاً هائلة وقت القائلة من نـهار يوم الثلاثاء سادس عشرين شـهر رمضان سنة اثنتين وثلاثين، فقيل لنا: إن الخليفة قد فتكت بـه الملاحدة - خذلهم الله - وخرج أهل أصفهان حافين حاسرين، وشيعوا جنازته إلى مدينة جي، ودفنوه رضي الله عنـه بالجامع.
وكان له الحسن اليوسفي، والكرم الحاتمي بل الهاشمي.
وقد أورد السمعاني في تأريخه هذه الأبيات منسوبة إليه:
زمانٌ قد استنَّتْ فِصال صُروفه ... وذلّل آساد الكرام مع القَرعى
أكولته تشكو صُروفَ زمانـها ... فليس لها مأوى وليس لها مرعى
فيا قلب لا تأسفْ لعيه فربّما ... ترى القوم في أكناف آفاته صَرعى
وكان قد استدعى والدي صفي الدين رحمـه الله ليوليه الوزارة، فتعلل عليه، وكانت الخيرة فيه. الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين أبو عبد الله محمد بن المستظهر. قد ذكرنا يوم بيعته. ونشأت أنا في ظل عارفته، وخصصت بتشريفه وكرامته، وتشرفت بخدمته، وغرفت من بحر نعمته.
ولقد كان عارفاً بأقدار الرجال، محباً لأهل المروءة والتجمل والجمال، فائض السجال، سابغ الظلال لبني الآمال.
توفي يوم الأحد ثاني ربيع الأول سنة خمس وخمسين، فكانت مدة خلافته رضوان الله عليه أربعاً وعشرين سنة وثلاثة أشـهر وستة عشر يوماً، وكانت مدة عمره خمساً وستين سنة وأحد عشر شـهراً وثمانية أيام، لأن مولده كان في الثاني والعشرين من شـهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربع مئة.

وكان ذا علم وافر، وفضل باهر، وعدل شامل، وإحسان كامل. وهو الذي أقام حرمة دار الخلافة، وأعاد رونقها، وحفظ رمقها، وقطع طمع الأعاجم عنـها، وحكم بأسهم منـها.
وله مكاتبات حسنة، وتوقيعات مستطرفة.
وذكرت ولده المستنجد بالله أولاً، لأنـه أقرب عصراً، وأسير شعراً.

الأمير أبو الحسن علي بن المستظهر بالله توفي في أيام أخيه المسترشد بالله. ومما كتب بـه إلى أخيه حين خرج من الدار العزيزة، واتصل بملك العرب دبيس بن صدقة، فلم يرع ذمام قصده، وسلمـه إلى أخيه:
فأشمتَّ أعدائي وأوّهنْتَ جانبي ... وهِضْتَ جناحاً رَيِّشَتْه يدُ الفخر
وما أنت عندي بالملوم ولا الذي ... له الذنب هذا قَدْر حظّي من الدّهر
وله:
قد جدّدَ الدهر في الوَرى مِحَنا ... وأودع الدهر في الحشا حَزَنا
لو كان شخص يموتُ من أسفِ ... على حبيب نأى لكنتُ أنا
وكان وصولي إلى بغداد في الأيام المُقْتَفوِيِّة، وفي ظِلّها المنشأ، وفي فضلها المربي، وفي جوارها حصل الأمن، ووصل المنّ؛ وبخدمتها عُرِفتُ، وبنعمتها تَعرْفتُ، وفي جَنابها حَلا الجنى، وعَلا السنا.
وأَول مَنْ مدحته من الخلفاء المُقتفي رضي الله عنـه. خَدَمْتُه في سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، بقصيدة عقيب انكشاف كربة الحصار برحيل محمد شاه عن بغداد، أولها:
أَضحتْ ثغور النصر تبسم بالظَفَرْ ... وغدت خيول النصر واضحة الغُرَرْ
ومنـها:
يا ابن السَّراةِ ذوي العُلى من هاشم ... والأكرمينَ أُولي المناقب من مُضَرْ
متقلّدي الذكر المنزّل فيهمُ ... إن نازلوا بَدلاً عن العَضْب الذَّكر
أنت ابن عمِّ المصطفى وسميُّه ... إبشر فإِنّك بعده خير البشر
من راحتيك المُزن في المَحْل احتدي ... وإلى سناك البدرُ في الليل افتقرْ
أدنى وليِّ في رضاك مُعَظّمٌ ... وأَجَلُّ ذي مُلْكٍ بسخطك مُحتقَرْ
أضحى حمى الباغي رضاك ممنّعاً ... بين الورى وغدا دم الباغي هَدَرْ
لو كنتَ في زمن النبيِّ لأُنزِلَتْ ... في هذه السِّيرِ التي لَكم سُوَرْ
بكم الورى في نعمة لا تَنقضي ... لا تنقضي والله نعمةُ من شَكَرْ
في أنفس بكم تُقَرُّ وألسن ... بكم تُقِرُّ وأعينٍ بكم تَقَرّْ
عصيكمُ لم يقضِ إلا نحبه ... من دهره ومطيعكم إلا الوَطَرْ
ومنـها أصف ركوبه:
لما شفعتَ العزمَ وهو مؤيَّدٌ ... بالحزم أسفر بالمُنى منك السَّفرْ
وبرزتَ مثلَ الشمسِ تُشرق للورى ... وسَناك يحجُبُ عنك ناظِر مَنْ نظرْ
فِي شيبةٍ مفطورة للهِ من ... أنواره سبحانـه فيما فَطَرْ
بيضاء يستسقى بها صوبُ الحيا ... وبأصلها إذ أجدبوا استسقى عمر
وكأنما تلك المِظلَّةُ هالةٌ ... وجه الإمام بضيئ فيها كالقمرْ
ومنـها في صفة الجيش:
للهِ جيشٌ للخليفة قاده ... ربُّ الخليفة بالميامن والظّفَرْ
مَجْرٌ إذا جَرَّ القنا لا يرتضي ... وجه المَجرَّة أن يكون لها مَجَر
أَشجار خَطٍّ إن تشاجرت العِدى ... أضحت لها هاماتُ مُخْيطهم ثَمرْ
فوق الجياد الجُرْدِ ما وردت وغىً ... إلا وخيل عدوّها عنـها صَدَرْ
يتركن في الظمأ الزُّلال بصفوه ... ويَرِدنَ في الروع الدماء على كَدَرْ
فالأرض وهي فسيحة ضاقت بـه ... وعلى العدى منـه فما وجدوا مَقَرْ
قد أوقدوا ناراً هم احترقوا بها ... وشِرارهم متطاير بهم الشَّرَرْ
لما أبوا ما فيه خيرهُمُ أتوا ... ما فيهم بَشَرٌ نجا إلا بِشَرْ
ومنـها:
هذي أمير المؤمنين قصيدةٌ ... غَرّاهُ تَقْصِدُ قُبَّة الملك الأَغَرْ

حسناءُ يَهديها وليّ مُخلصٌ ... لكم الولاءَ فأوْلها حسن النَّظرْ
صُوَرٌ تقوم بها معانٍ منكمُ ... إنّ المعانيّ زائناتٌ للصُّوَرْ
دَقّت لمعنى السحر إلا أنـها ... راقت ورقّت مثل أنفاس السحَرْ
لما رأيتُ مَنار بيتك كعبةً ... وافيت فيمن حَجّ بيتك واعتمرْ
وهجرتُ أوطاني إليه، ومَن رأى ... شرفاً له في أنْ يفارقها هَجَرْ
ونأيتُ عن قومي ليرفع دونـهم ... قدري اصطناعُك لي فجئت على قَدَرْ
والقصيدة طويلة، ولقصدها فضيلة، وكانت لي بها إلى إفضاله وسيلة.
ووَليتُ بعد ذلك الأعمال الجليلة، ووليتُ بواسطَ نيابة وزيره عون الدين بن هبيرة. فانحدر إليها الخليفة مع الوزير، وأنا هناك في دست التصدير، فخرجت للاستقبال، في أهبة الإعظام والإجلال. ولما نظرت إلى الموكب الشريف، نزلت عن المركب المنيف، وجئت أسعى معفراً خد الضراعة، موفراً جد الطاعة. فلما بصر بي الإمام، أمسك عنانـه فوقف، واستوقف موكبه الشريف وشرف، وقال مثنياً: هذا الذي له القصيدة التي من شأنـها كذا وكذا؟ فقال له المخلص الكيا الإمام. وهو الذي يقول في هذه المظلة الشريفة:
وكأنما تلك المظلّة هالة ... وجه الإمام يضيء فيها كالقمر
فلم يبرح حتى وصى الوزير بي، وعرفه بيتي ومحتدي وحسبي، وذلك في سنة أربع وخمسين.
ومدحته، قبل أن أتولى واسط، بقصيدة أخرى، فيها:
كن عاذري في حبهم، لا عاذِلي ... يا فارغاً عن شُغل قلبي الشاغل
هَبْ أَنْ سمعي للنصيحة قابلٌ ... ما نافعي والقلبُ ليس بقابل
أخفيتُ سِرّ الوَجْدِ خيفةَ عُذّلي ... فتعرّفوا من أدمعي ومَخايلي
لم يقبلوا عذر المحبِّ وقابلوا ... حقّ الهوى من لوْمـهم بالباطل
مالوا إلى وصلي فحين وَصَلْتُهم ... مَلَّوا وليس يُمَلُّ غير الواصل
يا ناشداً يبغي فؤاداً ضائعاً ... يومَ النوى إثْرَ الخليط الزائل
أين الفؤاد أَراحِلٌ في إثرهم ... أم سائلٌ ما بين دمع سائل
وأغنَّ أغنى طَرْفُه في سِحرِه ... ورُضابُه في سكره عن بابل
مَن وجهُهُ حَسنٌ وليس بمحسنٍ ... والقدُّ مُعتدِلٌ وليس بعادل
متلوِّنٌ كمدامِعي متعفِّفٌ ... كضمائري متعذِّرٌ كوسائلي
أنا في الضنى كالخصر منـه أشتكي ... من جائرٍ ما يشتكى من جائل
يا قلبه القاسي تعلّمْ عطفةً ... وتمايلاً من عِطْفِهِ المتمايل
سقياً لوصل الغانيات وشربنا ... كأس الرُّضاب على غناء خلاخل
بنواظرٍ قد حِلتُهُنَّ غوافلاً ... لفتورهنّ وهنَّ غيرُ غوافل
وقُدودُ هنَّ قُدودُ سمرِ رَواعفٍ ... وجُفونُهنَّ جفون بيض مناصل
أيامَ لا عهدُ الوفاء بحائلٍ ... غَدْراً ولا أُمُّ الصَّفاء بحائل
أعقيلَة الحيّ اللّقاحِ ودُونَها ... بيضٌ وسُمْرٌ من ظُبَىً وذوابِل
بَكّرتْ تلوم على لزوم مواطنٍ ... وَضْعُ الرَّفيع بها ورَفعُ الخاملِ
طال التردّد في البلاد فلم أفز ... منـها على رغم العدوّ بطائلِ
أوَما رأيتَ البحر يغرَقُ دره ... ويخلّص الأزباد نحو الساحلِ
مُضَرَّيةٌ عذَلتْ على حبِّ الندى ... من ليس يسمع فيه عذْل العاذلِ
يا هذه لولا السماحة لم يكن ... عدم الكريم على ثراء الباخل
عنفت في حب السماحة مؤثراً ... عُدْمَ الكريم على ثراءِ الباخلِ
أوَ هَل يخاف العُدْمَ مَنْ وجَد الغنى ... من جودِ مولانا الإمام العادلِ
ولقد وردتُ فِناء بحرٍ للندى ... أغنى بـه عن أنـهرٍ وجداولِ
في كفّه للجود خمسة أبحرٍ ... فَيّاضةٍ تُسْمى بخمس أنامِلِ

ممدود ظلِّ العدل ليس بزائلٍ ... معمودُ رُكن المُلك ليس بمائلِ
ومنـها في صفة الجيش:
وَعَرَ مْرَمٍ لَجِبٍ كمنْهالِ النَّقا ... مَجْرٍ ومنـهلِّ السحاب الهامِلِ
ستر الغزالةَ بالعجاجةِ مُطْلِعاً ... زُهر الأسِّنة في سماء قساطلِ
فالشمسُ ما بين العجاج كأَنّها ... بدرٌ تطلّع جُنْح ليلٍ لائلِ
والنقْعُ ينصل بالنصول خِضابُهُ ... فكأنّه لونُ الشباب الناصلِ
والمُقرَباتُ بأنْسُرٍ وقوائم ... تحكي قوادِمَ أنْسُرٍ وأجادِلِ
في مأزِقٍ لا يسمع الواغي بـه ... إلا أنينَ صَوارمٍ وصواهِلِ
والجيش مَن مَلك الجيوشَ برأيه ... في صائب وبجأشِه في صائلِ
هزم العدى قبل اللقاء برعبه ... فغدوا بأُمِّ في الشقاوة هابل
طلبوا الفرار ولم يزل متكفّلاً ... بهزيمة الرِّعْديدِ بأسُ الباسل
ومنـها:
أمُطَ؟وِّقَ الأعناق من إفضاله ... نِعَماً تسامت عن سؤال السائل
ماذا أقول، ولا يقوم بشكر ما ... تُوليه من نُغمى لسانُ القائل
أو هل بلوغ مقاصدي بقصائدي ... أم هل قَبول وسائلي برسائلي
أم قد كفى سبباً إلى درك المُنى ... صدقُ الوَلاء وحُسنُ ظنِّ الآمل
الفخر كلُّ الفخر لِي نظمي لكم ... مِدَحاً تَزِين مشاهدي ومحافِلي
لكنْ يقول الحاسدون لِمَ انثنى ... غِرِّيدُ مدحِهمُ بجيدٍ عاطل
وإذا حَظِيتُ من الإِمام برتبة ... فيها الفخار على جميع الناس لي
لا زلت غيثَ مواهبٍ وبقيت غَوْ ... ث ممالكٍ وسلمت كَهفَ أَرامل
ثم مدحت الإمام المستنجد بالله بعد انتقال الخلافة إليه بقصائد مدّة مقامي بالعراق. فمن ذلك قصيدة ضادية أوردها الراوية بالمركب الشريف في الديوان آخر شـهر رمضان سنة سبع وخمسين، ومنـها:
لقد بَسطَ الإِحسانَ والعدل في الأرض ... إمامٌ بحكم الله في خَلْقه يَقضي
أفاد المنايا والمنى فَوليُّه ... غدا للمنى يَقضي وحاسده يقضي
مـهيبٌ يُغَضُّ الطرف دون لقائه ... يَغُضُّ حياءً وهو في الحقِّ لا يُغْضي
أفي يوسُفَ المستنجدِ الله قولُه ... كذلك كنّا ليوسُفَ في الأرض
ألا إنَّ أمراً ليس يُبرَمُ باسمـه ... فإبرامـه يُفضي سريعاً إلى النقض
وختم دوام المُلك فيه فلِلتُّقي ... على مُلكه ختمٌ يجلُّ عن الفَضِّ
لِسَيْبٍ وسيفِ كَفُّهُ حالتي نَدىً ... وبأسٍ فما تخلو من البسط والقبض
صرائمـهُ في الحادثات صورامٌ ... إذا نَبت الآراء عن كشفها تمضي
بحزم لأسرار المقادير مُقتضٍ ... وعزم لأبكار الحوادث مُغْتضِّ
إمامٌ له ما يُسخط الله مسخطٌ ... وما غير ما يرضي الإله له مُرْضِ
لكَ النُّور مَوْصولاً بنور محمد ... أضاءَت بـه الأنساب عن شرفٍ مَحض
وظِلّك في شرق البلاد وغربها ... مَدِيدٌ على طول البسيطة والعَرْض
أنمْتَ عباد الله أَمْناً فلم تدع ... عيون العدى رُعباً تكحْلُ بالغمض
فعهدُ الأعادي قالصُ الظلِّ مُنقَصٍ ... ونجم الموالي طالعٌ غير منقضِّ
لقد فرضتْ منك النوافل شُكرها ... على الناس حتى قابلوا النَّفل بالفرض
وما الفرق بين الرُّشْد والغيِّ في الورى ... سوى حُبِّكم في طاعة الله والبُغض
رفَعتَ منار الدين عَدلاً فأهلُه ... من العزِّ في رفع وبالعيش في خفض
بخيلٍ كمثل العارضِ السَّحِّ كثرةً ... تَضيق صُدور البيدِ عنـها لدى العَرض

مُعوَّدة خوض النَّجيع من العدى ... إذا انتجعته ألسنُ السُّمرِ بالوَخْض
إذا حَفِيت منـها النِّعال تنعَّلت ... بهام عِدى رُضَّتْ بها أيَّما رَضِّ
حوافر خيل ودت الصيد أنـها ... تكحل منـها بالغبار لدى النفض
عوارِضكم نابت عن العارض الرّوِي ... وآراؤكم أغنت عن الجحفل العَرْض
عدوُّك مرفوض بمَجْهَل حَيرة ... لقي كلّ سيل من عقابك مرفضّ
عِقابُك أوهاهُ فأصبح ناكِصاً ... على عَقِبيه ما له مُنّةُ النّكض
لشانئكم قلبٌ من الرعب خافقٌ ... ومن وَهَج الحمّى تُرى سرعة النّبض
وما صدقتْ إلا بوارقُ عدلكم ... أوان بروقِ الظلم صادِقة الومض
ومنـها في الوزير:
ويحيا ليحيي كلُّ حقٍِ قضى وهل ... قضى غيركم ما كان للدين من قَرْض
وزيرٌ بأعباء الممالك ناهضٌ ... إذا عجزت شمّ الرواسي عن النـهض
مشتّتُ شملٍ للُّهى غير مُنفضٍ ... وجامعُ شملٍ للعلى غير منفضّ
ومنـها:
وعزمٌ كحدّ الصارم السيف منتضي ... نَضوتَ بـه ثوب الغبار الذي ينضي
رجوتُ أميرَ المؤمنين رجاء مَن ... إلى كلّ مقصودٍ بـه قصدُه يفضي
وأشكو إليه نائباتٍ نُيوبها ... نَوابتُ في عظمي ثوابِتُ في نَحضي
ومنكرة إنْ عضّني ناب نائب ... أما عرفتْ عمودي صَليبا على العَضّ
تحضّ على نِشدان حَظٍّ فقدته ... إذا الحظُّ لم ينفع فلا نفعَ في الحضّ
يكلّفها حبُّ السلامة أنّها ... تكلّفني حبّ القناعة والغَضّ
لقد صدقتُ إنّ القناعة والتُّقى ... لأصون في الحالين للدين والعِرض
تقول: إلامَ السعيُّ في الرزق راكضاً ... ورزقك محتومٌ وعمرك في رَكض
ولو كانت الأرزاق بالسعي لم يكن ... غِنى الغِرّ معقولاً ولا فاقَة العِضّ
إذا كان هذا البحر جَمّاً نَميره ... ففيمَ اقتناعي عنـه بالوشل البَرْض
كفى شرفاً في عصر يوسف أنّني ... لبست جديد العزّ في الزمن الغضّ
لساني وقلبي في وَلائك والثَّنا ... عليك فها بعضي يغار من البعض
لَسوَّدَني تسويد مدِحك في الورى ... فإِضْت بوجهٍ من ولائك مبيضّ
وما كل شعر مثل شعريَ فيكمُ ... ومَن ذا يقيس البازِل العَوْد بالنِّقض
وما عزَّ حتى هانَ شعر ابن هانئ ... وللسّنّةِ الغرّاء عِزٌّ على الرفْض
وخدمته في رجب سنة تسع وخمسين وخمس مئة بقصيدة طويلة منـها:
رسمٌ عليّ لذلك الرّسم ... أنّي أُقاسِمـه ضنى الجسم
دارٌ على حرب الزمانِ لنا ... جنحت بها سلمى إلى سَلمي
ما للهوى أبداً يلازمني ... فيها فهل كتب الهوى باسمي
يا صاح تعذلني على شعفٍ ... ما زال يعذرني له خصمي
إني رَضعت لِبان حبهمُ ... ويعزّ عنـه وإنْ جَفوا فطمي
كلمٌ فراقهم ولومك لي ... في حبّهمْ كلمٌ على كلم
بَخِلوا عليَّ بوصل طيفهمُ ... ما كان بخل الطيف في زعمي
أنَّى يطيب ويستطيب كرى ... قلبٌ يهيم وناظرٌ يَهمي
أوَ ما سوى هجري عقابهمُ ... أم ليس غير هواهمُ جُرْمي
أمّا الغرام فأدمعي أبداً ... يُعربن عنـه بألسنٍ عجم
والقلب مسكنـهم فكيف رَضُوا ... أن يجعلوه مسكن الهمِّ
والسقم في جسم المحب فلِمْ ... وصفت عيون البيض بالسقم
أُدْمٌ سفكن دمي بأعينـها ... يا للرجال من الدُّمى الأُدْم

بيض الظُّبى تَنْبو وترشقنا ... بيض الظباء بأعينٍ تدمي
ما كنت أعلم قبل رؤيتها ... أنَّ النواظر أسهمٌ تُصمي
أقمار خُمرٍ إن سَفرن لنا ... وإن انتقبن أهلّة اللَّثْم
يضعفن عن حمل الإِزار فلم ... يحملن أوزاراً من الإثم
لظباء كاظمةٍ مقابلتي ... غيظي من الرُّقباء بالكظم
وأغنّ بالكشح الهضيم له ... يا كاشحي أغناك عن هضمي
أحمي بجهدي في الهوى جلدي ... واللحظ منـه يبيح ما أحمي
من منصفي من جور حاجبه ... ولحاظه عن قوسه ترمي
وحلا ومرّ تجنّيَا وجنىً ... يا شـهده لم شيب بالسمِّ
الخمر ريقته وقد عذبت ... ما كلُّ خمر مُزّة الطعم
وإذا شفت شفةٌ عليل صدٍ ... فالظُّلم صدُّكه عن الظِّلم
أقنعت من برق الحمى سحراً ... ونسيمـهِ بالشيم والشم
ورضيت من نُعم وإن مطلت ... بنَعَمْ ونعمى تلك من نعم
وبلغت من عظم الشكاة مَدىً ... فيه المُدى بلغت إلى العظم
فإِلامَ تشكو الظلم من زمنٍ ... يتهضّم الأحرار بالظلم
تأتي نوائبه منبهة ... وتمرُّ كالمرئيّ في الحلم
لا تخفض اسمك وارتفع حذراً ... فعلاً تصرّفه يد الحزم
سم نفسك العلياء واسمُ بها ... في بغية الدنيا عن الوسم
حتى متى تظما إلى ثمدٍ ... أيقنت أنّ وروده يظمي
فدع التيمم بالصعيد ففي ... كنف الإمام شريعة اليم
ملكٌ ليالي النائبات بـه ... تجلى وتخصب أزمن الأزم
ورأى الورى الوجدان من عدم ... في عصره والوُجْدَ من عدم
أوصافه بالوحي نعرفها ... فصفاته جلّت عن الوهم
تسمو بلثم تراب موكبه ... فلقد سمت يده عن اللثم
ما كنت تبصر نقع موكبه ... لولا تواضعه من العظم
النجم منزله ومنزله ... للوحي منزل سورة النجم
من معشرٍ آساس ملكهمُ ... صينت قواعدها عن الهدم
من كلّ سامي الأصل سامقه ... زاكي الخليقة طاهر الجذم
شم المعاطس عزّهم أَبداً ... قمنٌ بذلّ معاطس الشمّ
المنـهبون الوفد وفرهمُ ... والمشترون الشكر بالشكم
قومٌ يرون إذا هم اجتمعوا ... تفريق ما غنموا من الغنم
خفوا إلى فعل الجميل فما ... يستثقلون تحمل الغُرم
حمر النصال جلوا ببيضهمُ ... ظلمات ظلم الأزمن الدهم
وخطابهم في كل داهية ... يقتاد أنف الخطب بالخطم
ومنـها:
إرث النبوَّة بل خلافتها ... في يوسف المستنجد القرم
كالبدر نوراً والهزبر سطاً ... يومَ الهياج وليلة التمّ
لا بالجهام ولا الكهام إذا ... نوب الزمان عرت ولا الجهم
لو للسيوف مضاء عزمته ... ويراعه أمنت من الثّلم
وإذا المنى عقمت فنائله ... شافي العقام وناتج العقم
الدين مرتبط بدولته ... والدهر تابع أمره الحزم
لوليه من فيض نائله ... فيض الوليّ ونائل الوسمي
قسماً نصيب من الوفاء بـه ... أوفى النصيب وأوفر القسم
للحقّ ما يرضيك من عملٍ ... والحكم ما تمضيه من حكم
ومنـها:
أما الطغاة فقد وسَمتهمُ ... ووصَمتهمْ بالذلِّ والرغم
بين الزِّجاج تصدَّعوا شُعَباً ... صدع الزُّجاج لوقعة الصدم
للوقد أنفسهم وسمعُهُمُ ... للوقر والأعناق للوَقم
إغمد حُسامك في رقابهمُ ... فالداء مفتقر إلى الحَسْم
ومنـها:

آزرت ملكك بالوزير فمن ... شَرْوا كما في العزم والحزم
يحيي الذي أضحى بسيرته ... حيَّ المحامد ميت الذمّ
كبرت وجلّت فيك همته ... فله بنصحك أكبر الهمّ
هو حاتميُّ الجود ليس يرى ... إسداء نائله سوى حتم
فليهننا أنّا لملكك في ... زمن يردّ شبيبة الهمّ
وهَناك أنك بين أظهرنا ... خَلَفُ النبيّ ووارث العلم
وكما وزَنتَ عِيار فضلك بال ... إفضال زِنتَ العلمَ بالحلم
بمكارمٍ لك عَرْفُها أبداً ... فينا يَنُمُّ وعُرفها ينمي
ما روضةٌ غناء حاليةٌ ... وَشياً تُحلّيه يَدُ الرَّقم
فعرائس الأغصان قد جُلِيَتْ ... في زهرها بالوشي والوسم
وتمايلت أزهارها سَحراً ... بنسيمـه المتمارِض النَّسم
فلكلِّ نَوْرٍ نُور ثاقبةٍ ... ولكلِّ ناجِمةٍ سنا نجم
دُرّانِ من طَلّ على زَهرٍ ... يا حُسنَهُ نثراً على نظم
إذْ كلُّ هاتفةٍ وهاتنة ... مشغولة بالسجع والسجم
فالوُرْق في نوح وفي طربٍ ... والوَجْد في بَوْح وفي كتم
بأتمّ حسناً من صدائح لي ... فيكم منزهة عن الوصم
دُرّية الإِشراق مشرفة ال ... دُرّيّ بل مِسكية ام
تجري وتفتح من سلاستها ... صُمَّ الصَّفا ومسامع الصمّ
يغني الطروب عن الغناء بها ... وابن الكريم عن ابنة الكرْم
لطُفَت وطالت فهي جامعة ... عظمَ الحِجا ولطافة الحجم
ولكم سحبت الذيل مبتهجاً ... حيث الرجاء مطرز الكُمِّ
مستنزرٌ جمَّ الثناء إذا ... قابلته بعطائك الجمِّ
لم يُخطِ منذ أَصبتُ خِدْمَتكم ... أغراضَ أغراضي بكم سهمي
ولَرُبَّ مجدٍ قد أَضفت إلى ... ما نلت من خالٍ ومن عمِّ
فالدهر يصرف صَرْفه بكم ... ويكُفُّ كفَّ البسط عن غشم
ولئن نطقت بكم فوصفكمُ ... مُحيي الجماد ومُنطِق البُكم
ولما توفي الوزير ابن هبيرة، أُعتقِلتُ في الديوان ببغداد، بسبب منابتي عنـه في واسط والبصرة، فمدحت الخليفة بقصيدة أستعطفته بها في شعبان سنة ستين، منـها:
أُعيذُكمُ أن تغفلوا عن أموره ... وأن تتركوه نُهبةً لمُغيرهٍ
عفا الله عنكم قد عفا رَسمُ وُدِّكم ... خلعتم على عهدي دِثار دُثورهِ
بما بيننا يا صاحبي من مودّة ... وفاءَك إني قانعٌ بيسيرهِ
وهذا أوان النصح إن كنت ناصحاً ... أخاً فقبيح تركهُ بغرورهِ
وإني أرى الأرْيَ المَشور مَشورةً ... حَلَتْ موقعاً عند امرئٍ من مُشيرهِ
تحملتُ عِبءَ الوَجد غير مُطيقهِ ... وعَلّمتُ صبر القلب غيرَ صَبورهِ
صِلوا مَن قضى من وحشة البَينِ نحبه ... ونَشرُ مطاوي أُنسه في نُشوره
رعى الله نجداً إذ شكرنا بقربكم ... قِصارَ ليالي العيش بين قصورهِ
وإذْ راقت الأبصار حُسنى حسانـه ... وأطْرَبتِ الأسماع نجوى سَميرهِ
وإذ بُكرات الروض ألسنةُ الصَّبا ... تعبِّر في أنفاسها عن عبيرهِ
وإذ تكتب الأنداء في شجراته ... وأوراقها إملاءَ وُرقِ طيورهِ
ومنـها:
أيا نجد حيّاك الحيا بأحبّتي ... بهم كنت كالفردوس زين نُحوره
وما طاب عَرف الريح إلا لأنّه ... أصاب عَبيراً منك عند عبورهِ
ومنـها:
ومُطْلَقَةٍ لمّا رأَتنيَ موثقاً ... أعِنَّة دمعٍ أُترِعَتْ من غديرهِ
تناشدني بالله مَن لي ومَن ترى ... يقوم لبيتٍ شِدْتَه بأمورهِ
فقلتُ لها بالله عودي فإنمّا ... هو الكافل الكافي بجبر كسيرهِ
ومنـها:

هو الفلك الدوّار لكنْ على الورى ... مقد؟ّرةٌ أَحداثه من مُديرهِ
عذيريَ أضحى عاذلي في خُطوبه ... فيا مَن عذيرُ المُبتلى من عَذيرهِ
يُجرّعني من كأُسه صِرْفَ صَرْفِه ... فعيشٌ مَريرٌ ذوقه في مُرورهِ
ولستُ أرى عاماً من العمر ينقضي ... حميداً ولم أفرح بمرّ شـهورهِ
لحى الله دهراً ضاق بي إذ وَسِعتُه ... بفضلي كما ضاقت صدور صدوره
فلم أرَ فيها واحداً غيرَ واعدٍ ... يخيِّل لي زَوْرَ الخيال بزُوره
وما كنت أدري أنَّ فضليَ ناقصي ... وأن ظلام الحظّ من فيض نوره
كذلك طول الليل من ذي صبابةٍ ... يُخبّره عن عَيشـه بقصوره
وما كنت أدري أنَّ عقليَ عاقِلي ... وأنّ سراري حادثٌ من سفوره
وكان كتاب الفضل باسمي مُعنونَا ... فحاول حظّي مَحوَهُ من سطورهِ
فيا ليت فضلي الآسري قد عَدِمتُه ... فأضحى فداءً في فكاك أسيره
أرى الفضلَ معتادٌ له خَسف أهلهِ ... كما الأفق معتادٌ خسوف بدوره
أقول لعزمي إنّ للمجد منـهجاً ... سهول الأماني في سلوك وعوره
فهوّنّ عليك الصعب فيه فإِنمّا ... بأخطاره تَحظَى بوصل خطيره
وما لي يا فكري سواك مُظاهِرٌ ... وقد يستعين المبتلي بظهيره
فخلِّ معنّىً خاض في غمراته ... وحسبك معنى خضت لي في بحوره
وكن لي سفير الخير تسفرْ مطالبي ... فحظُّ الفتى إسفاره بسفيره
وقل للذي في الجدب أطلق جَدُّه ... سبيل الحيا حتى همى بدروره
لماذا حبستم مخلصاً في ولائكم ... وما الله ملقي مؤمنٍ في سعيره
ومنـها:
وكم فَدْفَدٍ جاوزت أجوازه سُرىً ... كأَنّي وِشاحٌ جائلٌ في خصوره
بمـهريّة تحكي بكفّي زمامـها ... وأحكي لكدِّ السير بعض سيوره
وخاطب أبكار الفد جاعلٌ ... بكار المـهارى في السرى من مـهوره
وإن رجاءً بالإِمام أنوطه ... حقيقٌ بآمالي ابتسام ثغوره
تمرُّ بعلياه الخلافة عينـها ... فناظرها لم يكتحل بنظيره
ومنـها:
أرى الله أعطى يوسفاً حسن يوسفٍ ... ومكّنـه في العالمين لخِيره
برتني صروف الحادثات فآوني ... تضعْ منّيَ الإِنعام عند شكوره
كذا القلم المبريُّ آوته أنملٌ ... فقام يؤدّي شكرها بصريره
ومنـها:
وما زَهرٌ هامي الرَّباب يحوكه ... تعمّم هامات الرُّبى بحريره
كانّ سَقِيطَ الطَّلّ في صفحاته ... سحيراً نظيم الدُّرّ بين نثيره
يقابل منـه النرجسُ الوردَ مثلما ... رأت بوجنة المعشوق عين غيوره
وللورد خدّ بالبنفسج معذرٌ ... ونرجسه طرفٌ رنا بفتوره
بأبهج من شعرٍ مدحتكُمُ بـه ... ومعناكُمُ مستودَعٌ في ضميره
وما حقُّ هذا الشعر لا لجريره ... وقد سار في الآفاق جيش جريره
وكتبت إليه، وأنا على تلك الحالة قصيدةً في طلب الإدالة، منـها:
مقصوده أعصي الهوى وأُطيعه ... هذا لعمر هواك لا أسطيعه
سمعي أصَمُّ عن العذول وعذلِهِ ... فعلامَ يقرع مسمعي تقريعه
غلب النزاع إلى الحسان تجلُّدي ... والقلب مغلوب العزا منزوعه
لا تنزِعَنّ إلى ملامِ متيِّمٍ ... لا يستتبّ عن النزاع نزوعه
ومَلاحة الرشأِ المليح تروقه ... وملامة اللاحي الملحّ تروعه
يا عزه لو لم يعزّ عزاؤه ... يا ذلّه إنْ لم تعنـه دموعه
وبمـهجتي حلو الشمائل عذبها ... لكنّه مُرُّ الصدود شنيعه

نشوان من خمر الصبا قلبي بـه ... أفديه مخمورُ الغرام صريعه
غصنٌ على حِقفٍ يميل ويستوي ... فكأَنّما يعصيه حين يطيعه
رثمٌ وفي قلب المحبِّ كِناسه ... قمرٌ وفي ليل العذار طلوعه
وكانّ قلبَ محبّه إقطاعه ... وكأنّ خطّ عِذاره توقيعه
مسلوب سهم اللحظ منـه محبّه ... ملسوب عقرب صدغِه ملسوعه
للهِ عيشٌ بالحمى أَسلفته ... والشمل غير مفرّقٍ مجموعه
أيامَ دارت للشباب كؤوسه ... فينا ودرّت بالسرور ضروعه
رويت بأنواء العِهاد عهوده ... وزَهَت بأنوار الربيع ربوعه
أفراجعٌ ما مر من أيامـه ... هيهات لا يرجى إليّ رجوعه
وجدي مقيمٌ ما يزال بظاعنٍ ... توديع قلبي أنـه توديعه
مُلاّك مـهجته عليكم حفظها ... فالملك ليس لمالكٍ تضييعه
لا تنسبوا قلبي إليّ فإِنّه ... لكُمُ وفيكمْ جرحه وصدوعه
قلبي المتيَّم للأحبَّة كلّه ... وندى الإمام لمُعتفيه جميعه
وبيوسف المستنجد بن المقتفي ... دين الهدى سامي العماد رفيعه
ضافي رداء الفخر صافٍ روحه ... نامي ضياء البشر زاكٍ رُوعه
حالي الضمائر بالعَفاف وبالتُّقى ... للهِ ما تحنو عليه ضلوعه
محمرُّ نصل النصر في يوم الوغى الْ ... مغبرِّ مبيضَّ العطاء نصوعه
في الأمن إلا ما له وعدّوه ... فكلاهما في الحالتين مروعه
ومنـها:
للهِ أصلٌ هاشميّ طاهرٌ ... طابت وطالت في العلاء فروعه
لكَ نائلٌ محيٍ وبأسٌ مـهلكٌ ... فلأنت ضرّار الزمان نفوعه
ومنـها:
يا أفضل الخلفاء دعوةَ قانعٍ ... برضاك ما كشف القناع قنوعه
أيكون مثلي في زمانك ضائعاً ... هيهات يا مولاي لست تضيعه
أودع جميلاً لي أُذعه فخير من ... أودَعتَه منك الجميلَ مذيعه
حسب المؤِّمل منجحاً في قصده ... أنّ الرجاء إلى نداك شفيعه
ونظمت حينئذٍ قصيدة في عماد الدين بن عضد الدين ابن رئيس الرؤساء، وكان حينئذ أستاذ الدار، ومنـها:
قلْ للإِمام علامَ حبس وليكم ... أولوا جميلكُمُ جميلَ ولائه
أوَليس إذْ حبس الغمامُ وليّه ... خلّى أبوك سبيله بدعائه
فأمر بإطلاقي وتوفير أرزاقي.
وقد أوردت من مدائحي في أمير المؤمنين المستضيئ بأمر الله ما تهيَّا، وضوَّعت من نفحات ذاك النسيم ريَّا.
ولي فيه مدائح تناسب منائحه كثرة وغزارة، وأيام دولته غضارة ونضارة. فمن ذلك قصيدتان: صادية إليها القلوب صاديةٌ، وضادية نفوس ذوي التضاد من روعتها متضادية.
فالصادية نظمتها في سنة تسع وستين، في أيام نور الدين محمود بن زنكي رضي الله عنـه، وأولها:
أطاع دمعي وصبري في الغرام عصى ... والقلب جرّع من كأَس الهوى غصصا
وإنَّ صفو حياتي ما يكدّره ... إلا اشتياقي إلى أحبابيّ الخلصا
ما أَطيب العيش بالأحباب لو وصلوا ... وأَسعد القلب من بلواه لو خلصا
زمُّوا فؤادي وصبري والكرى معهم ... غداة بانوا وزمُّوا للنوى القلصا
وقفت أُتبِعهم قلبي يسايرهم ... وأُرسل الدمع في آثارهم قَصصا
ومقلة طالما قرّت برؤيتهم ... أضحى السهاد لها من بعدهم رمصا
لم تحدر الدمع إلا أنـها رفعت ... إلى الأحبّة من كرب الهوى قِصصا
رخصت بعد غلائي في محبتكم ... وربِّ غالٍ عزيزٍ هان إذ رخصا
أرى أمانيِّ منكم غير صادقةٍ ... كذا حديث المنى ما زال مخترصا
يا هل تعود ظلال العيش سابغةً ... وكيف يرجع عيشٌ ظله قلصا

وحبذا قرصٌ للدهر ممكنةٌ ... والدهر من لم تزل أوقاته فرصا
لهفي على عُنْفُوان العمر كيف مضى ... عني وشيكاً ولما تمّ لي نقصا
ما كنت أعلم ريعان الصِّبا حلماً ... إذا انقضى أصبحت لذّاته نُغصا
أيامَ أخلع في اللهو العِذار كما ... أهوى وأَلبس من أَطرابه قُمصا
أيامَ لا رَشَئي يعتاده مَللٌ ... ولا رِشاء الصِّبا من قبضتي ملصا
إذ الليالي بما أهوى مُساعفتي ... تدني إلى النجح آمالاً إليّ قصى
أروح ذا مَرَحٍ بالوصل مبتهجاً ... أناله سُؤله من دهره الحصصا
أطاعت الغانيات الغيد منـه فتىً ... إذا لحى في هُواهنّ العَذول عصى
ما بالهُنّ زَهِدْن اليوم فيه وقد ... أفاده الشيبُ تجريباً وثقل حصى
كَرِهْنَ بعد سوادٍ شيب لِمَّته ... لمّا رأَينَ بياضاً خِلْنـهُ بَرَصا
بمـهجتي رشأَ قلبي له قنصٌّ ... فيا له رشا للأُسد مُقتنصا
تمضي عزائمـه في قتل عاشقه ... عمداً ويطلب في تعذيبه الرُّخَصا
يا لائما بشباك العذل يقنصني ... ولست إلا لا شراك الهوى قنصا
بغيتَ راحة من تعتاصُ سلوته ... وأتعب الناس من يبغي الذي عَوِصا
لا تحرصنَّ على ما أنت طالبه ... فربَّما حُرم المطلوبَ من حرصا
تبغي بقرع عصا التقريع لي رَشَداً ... كما ينبّأ ذو حلم بقرعه عصا
أقصِرْ فلي شَعَفٌ بالمجد طال له ... باعي وطرف حسودي دونـه بخصا
لو أنصف الدهر كان الفضل في دَعَةٍ ... منـه وعاثر حظّ الفضل منتعصا
ربّى الزمانُ بنيه شرَّ تربيةٍ ... فالجهلُ ذو بطنةٍ والفضلُ قد خمصا
لولا زمان الإِمام المستضيئ لنا ... لما امتحى ذنب أيامي ولا محصا
مَن ألزم الله كلّ الخلق طاعته ... مُخوّفاً منـه عِصياناً وَشقّ عصا
مَن لا خمائل لولا سحبه هطلت ... ولا مخايل لولا برقه وبصا
قد عاش في العِزّة القعساء حامده ... ومات جاحده من ذِلَّةٍ قعصا
مولىَ لراحة أهل الأرض راحته ... وكم يُفرِّج عنّا الحادث اللّحِصا
بالجود للمعتفي حلو الجنى سلساً ... بالبأس للمعتدي مُرُّ الإِبا عفصا
يا سيّد الخلفاءِ الأوصياء ومَن ... نَبْتُ المنى منـه في روض النجاح وصى
يا مُحِكماً كلَّ نظم للزّمان وهَى ... وجابراً كلّ عظمٍ للمنى وهصا
بالحقّ إن دانت الدنيا له ودنا ... سحاب معروفه الهامي إذا نشصا
أنمت عدلاً عيون العالمين بما ... أذهبت عنـها القذى والرّيْن والغمصا
عدوّكم واقعٌ في الرُّعب طائره ... حتى لقد حسب الدنيا له قفصا
وحسبُ كلّ حسودٍ أنَّ ناظره ... إلى مـهالكه من حيرة شخصا
يا خيرَ مَن حجَّ وفدُ الله كعبته ... على المطيّ الذي في سيره قمصا
وما توجّه ذو عزمٍ إلى أملٍ ... إلا لدى بابه عن حَجّه فحصا
سأجتدي وابلاً من جوده غَدقاً ... وأمتري حافلاً من خِلفه لَخِصا
وإنْ عنديَ ذا التوحيد من شَكَرَ ال ... نعمى لديك وذا الإشراك من غمصا
من ذا الّذي سار سيري في ولائكمُ غداةَ قال العدا لا سير عند عصا
بعثي على الحقِّ أصفى مصر من رَنَقٍ ... بها وأخرس منـها باطلاً نبصا
ومنـها في مدح نور الدين محمود بن زنكي قدس الله روحه:
ونالَ عبدُك محمودٌ بها ظفراً ... ما زال يرقبه من قبل مرتبصا

كلب الفرنج عوى من خوف صولته ... وقيصر الروم من إقدامـه معَصا
سطا فكم فِقْرَةٍ للكفر قد وُقمَتْ ... وكم وكم عنقٍ للشرك قد وقصا
من خوف سطوته أنّ العدوَّ إذا ... أمَّ الثغورَ على أعقابه نكصا
ورُبَّ معتركٍ رحب الفضاء بـه ... أضحى على مُسعريه ضيِّفاً لَقِصا
لما انتشى الهامُ من كأْس النجيع بـه ... غنّى المـهنّد والخَطّيُّ قد ا
وللكُماة على أهوالها نَهَمٌ ... نامٍ كانّ بها نحو الردى لعصا
والحرب عضّت بأنيابٍ لها عُصُلٍ ... والصَّفُّ أحكَم من أَضراسها لَصَصا
والبِيض فيه بقدِّ البَيض ماضيةٌ ... والسُّمر تخترق الماذِيَّة الدُّلُصا
وكلّ نفسِ مشيحٍ رَهن ما كسبت ... والسامِريُّ رَهينٌ بالذي قَبصا
ومن دماء مساعير الهياج نرى ... على سوائعها من نضحها نُفَصا
أعاد عبدك نور الدين منتصراً ... ما كان يغلو من الأرواح مُرتخصا
وكم أخاف العدا بالأولياء كما ... أخافت الأُسد في إصحارها النُحصا
والمبطلون متى طالت رقابهُمُ ... أبدى من الهُون في أعناقها الوَقَصا
عدى نَداك أمير المؤمنين على ... حظٍّ تعدّى ودهرٍ رَيبُهُ قَرَصا
نعشتَ فضلي بإِفضالٍ حَلَلْتَ بـه ... من عَقده ما لَواهُ الحظُّ أو عَقَصا
تَملَّ مدحَ وليٍّ فخرُ ناظمـه ... أنّ القريض إلى تقريظكم خلصا
لا يصدق الشعر إلا حين أمدحكم ... وكلُّ مدح سوى مدحيكُمُ خرصا
وكيف أحصي بنطقي فضل منتسبٍ ... إلى الذي في يديه نطق كلِّ حصى
وأما الضادية، فإِنّني نظمتها بالشام أيضاً، في أيام الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة سبعين، وهي:
أصَحُّ عيون الغانيات مريضها ... وأفتك ألحاظٍ الحسان غضيضها
تَهزُّ قُدود السُّمر للفتك سمرها ... وتشـهر من أجفانـها البيض بيضها
وقد طال فكري في خُصورٍ ضعيفةٍ ... بأعباءِ ما في الأُزْرِ كيف نُهوضها
غَرِضْنَ بشيبي والشبيبة إنما ... يغرّ الغريراتِ الحسانَ غَريضها
سوافر غُرّ عن وجوهٍ لحُسنـها ... معانٍ على فهمي يدقّ غموضها
نوافر مسودُّ الشباب أليفها ... حَبائب مبيضُّ المشيب بَغيضها
عن المُقْتِر البادي القَتِير نِفارُها ... وعند الفتى الحالي الثراء رُبوضها
كأن قلوب العاشقين بدينـها ... رُهون غرامٍ ما تؤدَّي قُروضها
وقد غرّ في ميعادها وهو خُلّبٌ ... كما غرِّ مِن شَيم البروق وميضها
أجرْني بصبرٍ إنّ فيض مدامعي ... سيولُ هموم في فؤادي مغيضها
وهل مطفئاتٌ أدمعي نارَ لَوعةٍ ... توقّد في أرجاء قلبي مضيضها
تُكلّفُني نقض العهود بسلوةٍ ... ثباتي على إبرام وَجدي نقيضها
أأغضي على حدٍّ من الضيم مُرمضٍ ... وسيفيَ بتّارُ الحدود رميضها
أغثنيَ بالإرشاد فالطرق إنما ... يَدُلُّ بها خِرِّيتُها ونَفيضُها
النِّفَضَةُ والنَّفِيضَةُ: قوم يبعثون في الأرض ينظرون: هل بها من عدو، أو خوف.
أعِنّي على بلوايَ فالعمر غَمرة ... يعاين أهوال الرَّدى من يخوضُها
شَجاني انضمامي والخطوبُ كثيرةٌ ... إلى خطّةٍ يؤذي الأُسودَ بعوضُها
تساوي لديها غَثُّها وسمينـها ... وأودي بها منحوضُها ونحيضها
التحيض: الكثير اللحم، والمنحوض: الّذي أُخذ لحمـه.
ولي عند تحقيق المعاني أدَّلة ... تزيَّف في وقت النُّضار نقوضها
حُظوظي على عِلاّتِها وشَتاتِها ... كأبياتِ شِعرٍ ما يصحّ عَروضُها

جوامِدُ لكنْ نار عزمي تُذيبها ... جوامحُ لكنْ طول صبري يروضها
ستشرق في أوج الصعود سُعودها ... وإنْ زاد إظلامَ الحظوظ حضيضها
بجودٍ أمير المؤمنين وسَيبه ... تَفيضُ على أرض الأماني فُيوضُها
إمام البرايا خيرها مُستضيئها ... غزير الأيادي جَمُّها مُستفيضها
تفيض لترويض الرجاء مياهه ... وللنُجح يُرجَى عِدُّها ونضيضها
جزيل العطايا وافر الفضل وارِف ال ... ظِلاّل طويل المأثرات عريضها
تبدّل بالأموال آمال وَفدِه ... فكم فاقةٍ منّا بوجد يعيضها
ويفتح من مُدّاحه باللُّها اللّها ... وقد حال من دون القريض جَريضها
إذا اقترحت منّا القرائح مُدحَه ... تسابق من شوقٍ إليه قريضها
مُواليه مشكور المساعي نَجيحها ... وشانيه مردود المباغي دَحُوضها
أتتنا وفود المكرمات بجوده ... ووافى إلينا قَضُّها وقضيضها
إذا ظمئت آمالنا وردت له ... بحار لهىً يروي العطاش فضيضها
من الأسرة الغُرّ الّتي بولائها ... أفاض المبرّات الغزار مفيضها
مكرّمة أعراضها ومـهانةٌ ... لإظهار عزّ الأولياء عُروضها
موالاتهم في الله عن صدق نيّة ... غسولٌ لأدران الذنوب رحوضها
هُم الكاشفو الغمّاء في كلّ لزبةٍ ... عدا بنيوب النّائبات عضوضها
أضاء بهم شرق البلاد وغربها ... وحيزت لهم أطوالها وعروضها
ومن عجب صلّت لقبلة بأسهم ... رؤوس أعادٍ من ظُباهم محيضها
تدلُّ على الرُّعب الّذي في قلوبها ... مفاصل للأَعداء شاجٍ نقيضها
وما هامرٌ هامٍ من الودق إن بكى ... تبسَّم مرهوم الرّياض أريضها
تأرّج واديها وطاب نسيمـها ... وغرّد شاديها وغنّى غريضها
بأغزر من جود الإِمام الّذي بـه ... إذا شكت الآمال يشفي مريضها
حباني على ضَنّ الزّمان بثروةٍ ... جلا زُبدها في عيشتي ومخيضها
جناح رجائي رِيشَ والنّاس منـهمُ ... رجائيَ محصوص الخوافي مَهيضها
إليك أميرَ المؤمنين أحثّها ... نياقاً تردّى بالهُزال نغوضها
طلائع آمالٍ رَذايا مطالبٍ ... تداعت بتعريق النُّحول نحوضها
حوامل آرابٍ حوامل نُجحها ... إذا عقمت ميلادها ونفوضها
لئن عافت الأقدار عن قصد بابكم ... وعارضني عند المسير عروضها
فإِنّي أنَّى كنت في ظلّ طاعةٍ ... لغير هداكم ما تقام فروضها
سأطلب ريّي في ورود بحاركم ... وأهجر قوماً أظمأتني بروضها

باب في ذكر محاسن الوزراء والكتاب للدولة العباسية وما نمى إلي من شعرهم الوزير ظهير الدين أبو شجاع محمد بن الحسين بن عبد الله بن إبراهيم، من أهل روذراوَر.
مولده بقلعة كِنكِوَر سنة سبع وثلاثين وأربع مئة. وزر للإمام المقتفي، بعد عزل عميد الدولة أبي منصور بن جَهير، سنة ستّ وسبعين وأربع مئة. وعزل سنة أربع وثمانين يوم الخميس تاسع عشر صفر. ولما قرأ التوقيع بعزله وانصرف، كان يُنشد:
تولاّها وليس له عدوّ ... وفارقها وليس له صديق

فخرج إلى الجامع ماشياً يوم الجمعة من داره، وانثالت العامة عليه تصافحه وتدعو له، وكان ذلك سبباً لإلزامـه بيته. ثم أخرج إلى روذراور، وهي موطنـه قديماً، فأقام هناك مدّة، ثم خرج إلى الحجّ وسافر إلى مكّة في موسم سنة سبع وثمانين، فخرج العرب على الرُّفقة بقرب الرَّبَذَة، فلم يسلم من الحجيج سواه. وجاور بعد الحجّ بمدينة الرّسول صلوات الله عليه إلى أن تُوفّي في النصف من جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين، ودفن بالبَقيع عند القبّة الّتي فيها قبر إبراهيم عليه السلام ابن رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
وكان عصره أحسن العصور، وأيامـه أنضر الأزمان، ولم يكن في الوزراء من يحفظ أمر الدين وقانون الشريعة مثله، صعباً شديداً في أمور الشرع، سهلاً في أمور الدنيا، لا تأخذه في الله لومة لائم. ذكره ابن الهمذاني في الذيل وقال: (كانت أيامـه أوفى الأيام سعادة للدولتين، وأعظمـها بركة على الرعية، وأا أمناً، وأشملها رخصاً، وأكملها صحةً، لم يغادرها بؤس، ولم تشبها مخافة. وقام للخلافة في نظره من الحشمة والاحترام، ما أعادت سالف الأيام.
وكان أحسن الناس خطاً ولفظاً.
وله شعر حسن، وذكر أنـه لم يقل بعد الوزارة غير هذه القطعة في الزهد:
قد آن بعد ظلام الشَّيب إبصاري ... للشّيب صبحٌ يناجيني بإِسفار
ليلُ الشّباب قصيرٌ فاسْرِ مُبتكراً ... إِنّ الصّباحَ قصارى المُدْلِجِ السّاري
كم اغتراريَ بالدُّنيا وزُخْرُفِها ... أبني بِناها على جُرْفٍ لها هارِ
وكم كذوبٍ بعهدٍ لا وفاءَ له ... تعّلم الغَدرَ منـها كلُّ غدْارٍ
دارٌ مآثمـها تبقَى ولذّتُها ... تفنى ألا قُبِّحت هاتيك من دارٍ
فما انتفاعي بأوطارٍ مضت سَلَفاً ... قضيتُها وكأنْ لمْ أقضِ أوطاري
فليت إذ صَفِرتْ ممّا كسبْتُ يدي ... لم تعتَلِقْ مِن خطاياها بأوزارِ
ليس السَّعيدُ الّذي دُنياهُ تسعدهُ ... إنَّ السّعيدَ الّذي ينجو من النّارِ
أصبحت من سيئآتي خائفاً وَجِلاً ... واللهُ يعلم إعلاني وإسراري
إذا تعاظَمَني ذنبي وآيسَني ... رجوتُ عفوَ عظيمِ العفوِ غفّارِ
وقرأت في المذيل تأريخ أبي سعد السمعاني: سمعتُ أبا علي أحمد بن سعيد العجلي يقول: قلت للوزير أبي شجاع: أردت أن أقرأ عليك ديوان شعرك. فقال: لا، ولكن أنشدك أبياتاً من شعري. وأنشدني لنفسه:
ليس المقادير طوعاً لامرئ أبداً ... وإنّما المرء طوعٌ للمقاديرِ
فلا تكن إن أتت باليُسْر ذا أشَرٍ ... ولا يَؤُوساً إذا جاءت بتَعسيرِ
وكن قنوعاً بما يأتي الزَّمانُ بـه ... فيما يَنوبُك من صفوٍ وتكديرٍ
فما اجتهادُ الفتى يوماً بنافعه ... وإنّما هو إبلاءُ المعاذير
وأورد السَّمعانيّ في المذيّل: أنشدني المُباركُ بن مَسْعود الغَسَّال له:
ما كان بالإِحسان أوْلاكُم ... لو زرتُمُ من كان يهواكُمُ
أحبابَ قلبي ما لكم والجفا ... ومَنْ بهذا الهَجر أغراكمُ
ما ضركُمْ لو عُدتُمُ مُدْنَفاً ... مُمرّضاً من بعض قتلاكمُ
أنكرتمونا مُذْ عهدناكمُ ... وخُنْتُمونا مذ حَفِظْناكمُ
لا نظرتْ عيني سوى شخصِكمْ ... ولا أطاع القلب إلاّكمُ
جُزتمْ وخُنْتمْ وتحاملْتُم ... على المُعَنّى في قضاياكمُ
ما كان أغناني عن المُشتكى ... إلى نجوم الليل لولاكمُ
سَلُوا حُداةَ العيس هل وردت ماءً سوى دمعي مطاياكمُ
أو فاسألوا طَيْفَكمُ هل رأى ... طَرْفي غَفا من بَعْدِ مَسْراكمُ
أحاول النَّوم عسى أنّني ... في مُستَلَذّ النَّوم ألقاكمُ
يا ظَبَيات الإِنس في ناظري ... وُرودُكم والقلب مرعاكمُ
خونوا وُجوروا وانصفوا واعدلوا ... في كلّ حالٍ لا عدِمْناكمُ

ما آن أنْ تَقضُوا غَرِيماً لكم ... يخشاكمُ أن يتقاضاكم
ونقلت ببغداد من مجموع له:
وإِنّي لأُبْدي من هواك تَجَلُّداً ... وفي القلبِ منّي لوعةٌ وغليلُ
فلا تَحسَبي أنّي سَلوت فربّما ... تُرى صِحّةٌ بالمرء وهو عليلُ
وله:
أيذهب جُلُّ العُمْرِ بيني وبينكمْ ... بغير لقاءٍ إنَّ ذا لَشَدِيدُ
فإِن يسمح الدَّهْر الخؤون بوصلكم ... على فاقتي إني إذَنْ لَسعِيدُ
وله، نقلتهُ من مجموع آخر:
وأسلمني الباكون إلا ة ... مطوَّقة قد صانعت ما أصانِعُ
إذا نحن أنفَدْنا الدُّموعَ عَشيّةً ... فموعدُنا قَرْنٌ من الشَّمس طالع
إذا لم يكن إلا صدودٌ وجفوةٌ ... فما أنا فيما بين هذين صانع
أبيتُ بليلٍ ليس فيه راحِمٌ ... ولا مُسْعدٌ إِلاّ الحَمام السّواجع
ونقلت من ذيل التأريخ لابن الهمَذاني: أنـه سئل الوزير أبو شجاع إجازة أبيات كثيرٍ التي منـها:
إذا قيل هذا بيتُ عزة قادني ... إليه الهوى واستعجلتني البوادر
فقال:
ألا ليتَ شعري والعِدا يُوعدونني ... أيعذُرني إنْ زرْتُ عَزَّةَ عاذر
أمر على أبيات عزّة خائفاً ... عِداها فجنْبي عنـهُمُ متزاوِرُ
ألا إنّ بيتاً لا أزورُ فِناءَهُ ... لأشـهَى من البيت الّذي أنا زائرُ
إذا حضر الواشونَ أبديت سَلْوةً ... وفي القلب من حُبِّيكِ داءٌ مخامرُ
تعاللتِ عنّي كي تخوني مودَتي ... وتلك التي يا عَزِّ كنتُ أحاذِرُ
تقولين لم أضْمِرْ بقلبي خيانةً ... دَعِيني فما للنّاس إلاّ الظَّواهرُ
وله في نظام الملك لمّا قصده إلى أَصفهان، وكتب بذلك إلى بغداد:
مَن مبلغٌ ساكني الزوراء مَأْلكةً ... أنّي بمنزل عزٍّ صِينَ من هُون
حيث اشتريتُ غلاء العِزّ مرتخصاً ... بصفقةٍ لم أكن فيها بمغبون
فاليوم أيقنت أنَّ الدَّهْرَ سالمني ... وأن أيدي العدا قد قصّرت دُوني
لا زال ركن قوام الدّين مُستَلَمَاً ... مُشَيّداً بالمعالي غير مَعْيُون
يفيض في النّاس فضلاً ينعشون بـه ... والله يُعطيه أجراً غيرَ ممنون
وله فيه:
أترى الزْمانَ يجور في أحكامـه ... والدَّهْر ينصُرني بعدل قوامـه
كلاّ فجارُ أبي عليّ في الحِمى ... من عِزّهِ والخصبُ من إنعامـه
متبوِّئاً للعزّ في سلطانـه ... متهنّئاً بالأمن في أيّامـه
من مبلغٌ أهل العراق وفيهمُ ... مَن لو ذُكرتْ له بكى بسجامـه
أني نزلتُ بدار أكرم طائع ... لإلهه ونبيّه وإمامـه
هيهات أخشى الدّهر بعد تحرٌُّمي ... بجواره وذمامـه وطعامـه
ذاك امروٌ يخشى الإِله ويتَّقي ... متحرّجاً في حلّه وحَرامـه
فسل اللّياليَ إن جهلت حديثه ... تخبر بطول سجوده وقيامـه
فليهن سلطان البلاد سُعودُه ... فالله يكلأ ملكه بنظامـه
وإني أذكر من فضائله مما ذكره ابن الهمذاني لمعاً، وهو أنـه ظهر منـه من التلبس بالدين وإظهاره، وإعزاز أهله والرأفة بهم، والأخذ على أيدي الظلمة ما أذكر بـه عدل العمرين وكان لا يخرج من بيته حتى يكتب شيئاً من القرن ويقرأ في المصحف ما تيسر، وكان يؤدي زكاة أمواله الظاهرة في سائر أملاكه وضياعه وإقطاعه، ويتصدق سراً.
وعرض عليه رقعةٌ فيها: إن في الدار الفلانية بدرب القيار امرأة معها أربعة أطفال أيتام وهم عراة جياع، فاستدعى صاحباً له وقال له: مر واكسهم، وأشبعهم. وخلعَ أثوابه وحلف: لا لبستها ولا دفئت حتى تعود وتخبرني أنك كسوتهم وأشبعتهم. ولم يزل يرعد إلى أن عاد صاحبه إليه وأخبره بذلك. فلا جرم أن الله تعالى ختم له بالخير، كما قال الله تعالى: والعاقبة للمتقين.
ومن أشعاره في أمير المؤمنين المقتدي، وأثبتها لكونـها في الخليفة:

بقيتَ أمير المؤمنين مخَلّداً ... تُطِلّ بأسبابِ العَلاءِ على النّجم
وتفديك أرواح المَوالي على الرِّضا ... وتفديك أرواح الأعادي على الرّغمْ
فقرٌ بذخر الدِّين عَيْناً وصِنْوِهِ ... أبي جعفر يا معدِن الجود والحَكْم
إذا الدَّهْرُ لم يثلمْ عُلاكَ فإِنّه ... جدير بأن يلقى أماناً من الذمّ
فلا زلت في الإقبال ما ذرّ شارق ... وما درّ في أرضٍ حَيا الدِّيَم السُّجْم

الوزير عميد الدولة أبو منصور محمد بن محمد بن محمد بن جهير كان ذا شـهامة وصرامة، وحصافة وفصاحة، وحماسة وسماحة. له من الوقار والهيبة ما لم يعرف في غير الطود الأشم، والبحر الخضم.
ورد مع فخر الدولة أبيه بغداد في أيام القائم بأمر الله سنة أربع وخمسين وولي أبوه الوزارة، وكان بميافارقين يخدم بني مروان، ثم كاتب أمير المؤمنين وبذل بذولاً، وأخرج إليه نقيب النقباء طراد الزينبي فقرر معه ما أراد تقريره. ثم خرج معه كأنـه مودع له، وتم إلى بغداد. وتولى وزارة القائم، وبقي فيها إلى آخر عهد القائم، ومعه ولداه: أبو منصور، وأبو القاسم زعيم الرؤساء.
فلقب هذا عميد الدولة، وكان ينوب عن والده. فلما عزل أبوه في أيام المقتدي بعد ما وزر له سنين سنة إحدى وسبعين، خرج عميد الدولة إلى نظام الملك واسترضاه، وعاد إلى بغداد وتولى الوزارة مكان أبيه.
وخرج أبوه عن السلطان ملكشاه لفتح ديار بكر ومحاربة ابن مروان في ميافارقين، وكان فتحها على يده. وبقي في وزارة المقتدي إلى أن عزل وتولى الوزير أبو شجاع، ثم وزر للمقتدي بالله بعد عزل أبي شجاع ثانياً. ووزر بعد وفاته للمستظهر بالله، وعزل مرة وأعيد إلى الوزارة، وعزل في سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة، وعاش بعد ذلك.
وله مقطعات حسنة، فمنـها له وأورده السمعاني في الذيل:
يقول صديق باللسان مُخاتِر ... كما قيل في الأمثال عَنقاء مُغرِبُ
فأمّا إذا ما رمتَ شخصاً معيّناً ... من النّاس موجوداً فذلك مُتْعِبُ
وله:
إلى متى أنت في حِلٍّ وتَرْحالِ ... تبغي العُلى والمعالي مَهُرها غالِ
يا طالب المجد دون المجد مَلْحَمةٌ ... في طَيّها بالنّفس والمالِ
ولليالي صروف فلّما انجذَبَتْ ... إلى مُرادِ امريءٍ يسعى لآمالِ
ذكر فصل في عميد الدّولة ذكَرَهُ ابن الهمذانيّ في تأريخه، قال: إنتشر عنـه الوقار والهيبة والعِفّة وجودة الرّأي، وخدم ثلاثة من الخلفاء، وَوزَر لاثنين منـهم. وكان عليه رسوم كثيرة وصلات جَمّة مع استِزادة النّاس له. وكان نظام المُلك يصفه دائماً بالأوصاف العظيمة، ويشاهده بعين الكافي الشـهم، ويأخذ رأيه في أهمّ الأمور، ويقدّمـه على الكُفاة والصّدور. ولم يكن يعابُ بأشدّ من الكِبْر الزائد، وأن كلماته كانت محفوظة مع ضَنّه بها. ومن كلّمَه بكلمةٍ قامت عنده مقام بلوغ الأمل. فمن جُملة ذلك ما قال لوَلَد الشّيخ الإمام أبي نَصر ابن الصبّاغ: اشتغل وادأب، وإلا كنت صباغاً بغير أب.
لم يكن له من الشعر ما يثبت إلا الأبيات التي أوردتها. سديد الملك أبو المعالي المفضل بن عبد الرزاق بن عمر العارض في الأيام الجلالية هو والد حسام الدين أبي الخطاب، وسأورده في فضلاء أصفهان وصدورها. وإنما أوردت سديد الملك هاهنا، لكونـه وزر للمستظهر عشرة أشـهر. ولي في رمضان سنة خمس وتسعين، وعزل في رجب سنة ست وتسعين وأربع مئة، وعاد محترماً إلى أصفهان.
ذكر ابن الهمذاني في التأريخ: أنـه لما استدعي إلى بين يدي الخليفة حين أفيضت عليه خلع الوزارة، غلبه الحصر، فقال: تاج الرؤساء نسيب بن الموصلايا للخليفة: المفضل بن عبد الرزاق يخدم، ويقول كما قال الله تعالى: (رب أوزعني أن أشكر نعمتك).
أنشدت له بيتين بأصفهان، وهما:
قلْ للوزير وكلّهم جذلان ... لا تشمَتوا فوراءَه الحدثان
المَلك بعد أبي عليّ لعبةٌ ... يلهو بها النِّسوان والصّبيان الوزير جلال الدين أبو علي الحسن بن صدقة

وزير المسترشد بالله أمير المؤمنين. ناب في دولته. كبير القدر، خطير الأمر، ذو الأصالة والجلالة والبسالة، والصدق في المقالة، والفضل الكثير، والكرم الغزير.
وكان صديق عمي العزيز رحمة الله عليهما، وهما كالأخوين، وكنفس واحدة لا نفسين، بل كانا في الدولتين شمسين.
أنشدني له محمود الكاتب المعروف بالمولد البغدادي بالشام، وذكر أنـه رآه يكتب بخطه إلى المواقف المسترشدية هذه الأبيات يوم جلوسه في الوزارة ثانية بعد النكبة:
بدأتَ بنُعْمى ثمّ واليتَ فِعلَها ... وتابعتَها في حالة البعد والقرب
ولم تُخْلِني من حُسْن رأيك إن سطا ... بيّ الدّهر واسودّتْ بـه أَوْجُه الخَطْب
فأقررتَ عَينَ الأولياء بأوْبتي ... وأرغمتَ حُسّادي وأوطأتَهم عقبي
فلا زلتَ في عّزٍ يدوم ونعمةٍ ... يقصّر عنـها مُنتهى السَّبْعةِ الشُّهْب
وتُنْسَب إليه هذه الرّباعِيّة:
آتيك غداً ولو حَماكِ الأهل ... لا أرجع عنك أو يتِمَّ الوصل
آتيك ولو سُلَّ عليَّ النَّصْل ... السّيف أو الفراق كلٌّ قَتْل

الوزير عون الدين أبو المظفر يحيى بن هبيرة نسبه من شيبان بموجب ما أثبته عنـه: يحيى بن محمد بن هبيرة بن سعيد بن حسن بن أحمد بن الحسن بن جهم بن عمر بن هبيرة بن علوان بن الحوفزان، وهو الحارث بن شريك بن عمرو بن قيس بن شراحيل بن مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن الصعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط ابن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد ابن عدنان. أخرج له هذا النسب بعد سنين من وزارته، وذكره الشعراء في مديحهم إياه.
وكان غزير العلم، ذا هيأة، ... ذا هيبة، مفوهاً، مـهيباً.
وزر للمقتفي وللمستنجد، وتوفي ليلة الأحد ثالث عشر جمادى الأولى سنة ستين وخمس مئة، وهو وزير الإمام المستنجد. وكانت مدة وزارته للإمامين إلى حين وفاته ست عشرة سنة وشـهرين وتسعة أيام.
وكان يتبرك بيوم الأربعاء، ويقول: هؤلاء المنجمون يتطيرون من التربيعات، وأنا وليت يوم الأربعاء رابع ربيع الأول سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وكان مقرباً لأولي الفضل والدين.
وصنف تصنيفاً في شرح الصحاح وسماه الإفصاح، وبذل على حفظه ونسخه أمواله، حتى كان في زمانـه لا يشتغل إلا به.
ورزق من الشعر والشعراء ما لم يرزق أحد، وأجاز عليه.
سمعت صاحب الخبر ابن المـهدي يقول يوماً له: ق جمعت من القصائد التي مدحت بها ما يزيد على مئتي ألف بيت، وكان كل سنة يحمل منـها مجلداً، فلما توفي الوزير، وبيعت كتبه، اشترى الشريف ابن المـهدي ما كان جمعه من خزانة الوزير، وسمعت أنـها أخذت منـه وغسلت.
ومدائحي فيه كثيرة.
وله شعر حسن، فما أروي له أبيات هنأ بها الخليفة بالعيد:
بك العيدُ يُزْهَى بل بك الدّين يفخرُ ... وأنت الّذي من كلِّ ما فيك أكثرُ
فدٌمْ للأَماني مثلَما أنت حيث قد ... بلغت إلى ما لم يكن عنـه مظهر
أفرضٌ على أن ليس في النّاس ناطقٌ ... من الفضل إلا ما بـه أنت أخبر
وله:
يا غايةَ الحُسْن هذا غاية الكَمَدِ ... ومُنتهى البدْر هذا منتهى جَلَدي
إن كان حسنك لا يُفضي إلى أمدٍ ... فإِنّ وجديَ لا يُفْضي إلى أمدِ
وله:
ركبت بحار الحبّ جهلاً بقدرها ... وتلك بحار لا يُقَفَّى غَريقُها
فسرنا على ريح تدُلُّ عليكُمُ ... فبانت قليلاً ثمَّ غاب طريقها
إليكم بكم أرجو النّجاة فما أرى ... لنفسيَ منـها سائقاً فيسوقها
وله:
تمسكْ بتقوى الله فالمرء لا يبقى ... وَكلُّ امرئٍ ما قَدَّمت يدهُ يلقى
ولا تظلِمَنَّ النّاسَ ما في يديهِمُ ... ولا تذكُرنْ إفْكاً ولا تحسُدَنْ خلقا
ولا تقربن فعل الحرام فإنّما ... لذاذته تفنى وأنت بـه تشقى
وعاشِرْ إذا عاشرتَ ذا الدّين تنتفِعْ ... بدربتهِ واحذر معاشرة الحَمقى

ودارِ على الإِطلاق كُلاً ولا تَكُنْ ... أخا عجلٍ في الأمر واستعمل الرِّفقا
وخالِفْ حُظوظ النّاس فيما يرونـه ال ... أماني ولا تَستَعْرِ فَنَّ لها الصّدقا
تَعَوَّد فِعال الخير جمعاً فكلّما ... تَعَوَّده الإِنسان صار له خُلْقا
ولده عز الدين محمد كان كبير الشان رفيعَ المكان. ناب عن والده مدة وزارته، وكان روض الدولة بـه في ريعان نضارته.
وحبس عند موت أبيه إلى يوم ولاية المستضيئ بأمر الله، فأخرج المحبوسين وما خرج، فعرف أنـه درج.
وله شعر كثير، وقلما نظم شيئاً إلا وعرضه علي، أو سيره إلي. لكنني فقدته كما فقدته، ولو وجدته أوردته.
ولده أبو البدر ظفر لقبه شرف الدين كان جذوة نار لذكائه، وحدة خاطره، وجودة قريحته. يشتعل ذكاءً، ويتوقد فطنةً. وهو محب للفضل والتحلي به.
وله شعر يروق، وعبارة تشوق. امتحن بالحبس في أيام والده سنين بقلعة تكريت، ثم تخلص. ولما توفي الوزير، رقي عنـه إلى الإمام أنـه عازم على الخروج من بغداد مختفياً، فقبض وحبس.
وقد أثبت له قصائد أنشدنيها لنفسه، نظمـها على أسلوبه الرائق مجرياً مـهر خاطره الماهر في مضمار مـهيار، أرق من صفو العقار. فمن ذلك، وأنشدنيه لنفسه في مدح الإمام المستنجد بالله:
طُلَّ دمٌ بالعِتاب مطلوبٌ ... وطاح دمعٌ في الرَّبع مسكوبُ
وذلَّ قلبٌ أمسى الغرامُ بـه ... وهو بأيدي الغُواة مَنْهُوب
لا أنف للعِرق يستثير له ... ولا سليم الصُّدود مَطْبوب
يركب في طاعة الهوى خَطَراً ... تُضرَمُ من دُونِه الأنابيب
إذا ادْلَهمَّ الدُّجى أضاء له ... من زَفَرات الضُّلوع أُلْهُوبُ
لا موعدٌ مُطْمِعٌ ولا أملٌ ... ولا لِقاءٌ في العمر محسوب
مقتنِعاً من وصاله بمُنىً ... أصدَقُ ما عندها الأكاذيب
يا غادَة الحيِّ بعضَ هجرِكِ لي ... حَسْبِيَ أَنّي إليك منسوب
مقتنِعاً من وصاله بمُنىً ... أصدَقُ ما عندها الأكاذيب
يا غَادَة الحيِّ بعضَ هجرِكِ لي ... حَسْبِيَ أَنّي إليك منسوب
ما بعد دمعي دمعٌ يُراقُ ولا ... فوقَ عذابي لدَيْك تَعْذيبُ
لم يبق للنّاصحين من أَملٍ ... فيِّ ولا للعُذَّال تأنيب
وضاق صدر البيداء عن رحلي ... وحُلِّئَت تحتيَ المصاعيب
ألا سقى الله أرض كاظِمةٍ ... صوْبَ حياً قَطْرُهُ شآبيب
وخصَّ داراً أمسى الوصال بها ... وهو أَمينُ الأكنافِ مَرْهوب
رحابُها حيث سِرُّنا خَمَر ... وحيث إعلانُنا أهاضيب
يا حَرَجات الظِّلال أَين أَحبّا ... ؤك والعاقِرونَ والنِّيَبُ
وأين تلك القِباب مُشْرعَةً ... تمنَعُها غِلْمَةٌ يعاسيب
تؤمّها العاشقون عن وَلَهٍ ... فهي لأشُواقهمْ محاريب
فالآن لي في رِباعِها عِبَرٌ ... ومن أقاصيصها تَجاريب
فمن ثراها عليَّ أرْدِيَةٌ ... ومن دموعي لها جَلابيب
كم عند دَوحِ الغَضى لذي عَلَقٍ ... قلبٌ بأيدي الحِمام مَغْصوب
إذا رَكِبْنَ الأغصان صِحْنَ بنا ... فكلُّ عقلٍ في الرَّكْبِ مسلوب
يا خابِط الليل غيرَ مُتَّئدٍ ... رفقاً فثوب الظّلام غِرْبيب
ما لك لا تألف الرّفيقَ ويُدْ ... نِيك إلى فضل زاده الذّيب
ضمّكما الاتّفاق في قَرَنٍ ... فأنتما صاحبٌ ومصحوب
ومنـها:
ما ليّ لا أمدحُ الشَّبابُ ولي ... من نوره شارةً وتَطريب
إذا تمايلت في مُلاءته ... فحبّذا راغِبٌ ومرغوب
أصنعُ ما شئتُ في حمايته ... وهو إلى الغانيات محبوب
وكيف لا أُوسعَ المشيبَ قِلىً ... وهو بماء العيون مخضوب

أيْامـه ذِلةٌ ومَبْخَلَةٌ ... ولونـه نفرةٌ وتثريب
يلومني النّاس أن رأوا كلمي ... ليس لها في المديح أسلوب
قد سلكتْ مذهباً تَدِين بـه ... تبراء لا حبة ولا حوب
بكاءُ ربعٍ أو وَصف غانية ... وضِدّها خالبٌ ومخلوب
وهل لعرض الزّمان غير فتى ... يمدحه تغمُر المحاريب
إمام حَقٍّ لنا بطاعته ... كلُّ منيع الجَناب مرهوب
تسنّم المُلْكَ وهو ذو ضلعٍ ... فلم تنل حُضْرَهُ السّلاهيب
وقام بالأمر بعد أن نغِلت ... فيه قلوبٌ وعزَّ مطلوب
فانتظم الأمر غير مُحْتفلٍ ... كذّب غرّ وغرَّ مكذوب
أفاض صِرْفاً ماءَ الظُّبا فغدا ... وهو بصرف النّجيع مقطوب
عوّد فرسانَهُ السُّرى فلهم ... في غَمَرات الظّلام تشبيب
لا يسألون النّجمًَ ما خبرُ ال ... ليل ولا النّافضين ما رِيبوا
كأنّهم ما دَرَوْا على خَطَر ال ... شُّقّة أنَّ الصبَّاح مكتوب
من معشر أعْنَقَتْ بهم هممٌ ... حيث رِواق النُّجوم مضروب
لا يسألون الرّكبان عن غِرَة ال ... خصب ولا أَين سامت النّيب
إنْ رحلوا فالثّرى بهم رمض ... أو نزلوا فالثراء منصبوب
أو طلبوا فالفضاء ذو حَرَج ... أَو رَكِبوا فالقضاء مركوب
أو كلّفوا الدَّهْرَ غيرَ عادته ... أصحَبَ للأمر وهو مصحوب
وأنشدني لنفسه على وزن قصيدة الأبيوردي التي يقول فيها:
ترنْحَ من بَرْحِ الغَرام مَشُوقُ ... غداةَ نأت بالوائليّة نوقُ
قال هو:
أضاءت لنا بالأبرقَينِ بروق ... نواقل منـها كاذبٌ وصدوق
يُذعْنَ لنا من أهل وَجْرةَ ريبةً ... يخِفُّ إليها السَّمع وهو فَروق
وما كلُّ مطويٍّ من السّرّ مُنكر ... ولا كلُّ منشور الحديث يروق
أبارق ذاك الشِّعب هل أَضمر النّوى ... تفرُّقهم أَو ضمَّهُنّ وَسيق
وهل حَرَجات الحَيّ بدّلن أدمعاً ... عن السُّحْب لم ترقع لهنّ خروق
لعَمْرُكَ ما البرقُ اليمانيُّ وامِقٌ ... ولا ذلك الشِّعبُ الرّحيب مَشوق
وهل تزع الأَشجانَ خفقة لامعٍ ... وقد علِقت بالجانحاتِ علوق
لحى الله يوماً بالثنِيّة أشرفتْ ... علينا بأقصى أرض وجْرَةَ نُوق
يرفّعهنَ الآل فَوْضى كأنما ... أغار على أطرافهنّ سَرُوق
إذا حَثْحث الحادي بهنُّ أطَغنَهُ ... جوافل أدنى سيرهِنَّ عنيِق
كأنّ توالي الظُّعْن والآل دونَها ... سَفِينٌ بمُسْتَنّ الفُراتِ غريق
إذا أفلت شمس الأصيل بدت لنا ... شموسٌ لها فوق الحُدوج شُروق
تسير بها الأظعانُ أَنّى تيمّمَتْ ... قواصدَ لا يشقى بهنّ رفيق
أجيراننا إِنّ القلوبَ لديكمُ ... فهل للجُسوم نحوَكُنّ طريق
لئن جمعتكم نيّةٌ يمنيّةٌ ... وفرّقكم وحش الفِجاج عميق
فودّي على الأَيّام ما تعلمونـه ... وعهدي على طول المَزار وثيق
ولي عبراتٌ لا تضنّ بمائها ... تديّمُ في أجراعكم وتريق
فإِن يروها دمعي وإِلاّ سقيتُها ... دماً ما له إلا الغرام مُريق
يقولون بعض الصّبر عنـهم ومنْ لنا ... بأنْ يتساوى مُوثَقٌ وطليق
ولكنَّ حُبّاً أنتمُ بَدءُ غرسه ... رَطيبٌ على مَحْل الزّمان وَرِيقُ
ألم تعلمي يا ضرَّة البدرِ أنَّني ... جديرٌ بفعل الصّالحات خليق

عفيف محاني الرّبوتين وما لنا ... سوى ذلك الستر الرقيق رفيق
ينوب عن الوحي الكفاح وكأسنا ... دموعٌ ومشمولُ الرُّضاب رحيق
إذا خفّت الأحلام وَقّرَ حَبْوَتي ... نِجارٌ وسيع الدّوَحتَيْنِ عريق
تجاذِبُني طُرقَ العَلاء بهِمَّةٍ ... لها فوق مرسي النّيِّريْنِ سُموق
ولكنَّ لي في باطن النّفس حاجةً ... تَنِمُّ عليها زفرةٌ وشـهيق
أُجمّع أسباب المعالي تعلُّلاً ... وأُعجِزُ في ألفاظها وأفوق
وأَنظِم ما لا تنظم العرْبُ مثلَهُ ... وأَيّ لسان بالمُقال ذَليق
ودخلت يوماً إليه ببغداد قبل نكبته بسنة، في صفر سنة تسع وخمسين وخمس مئة، فأنشدني قصيدة عملها على وزن قصيدة مِهيار التي أولها:
بكَر العارِضُ تحدوه النُّعامى ... فسُقِيتِ الغيث يا دار أَماما
وسألني أن أعمل قصيدة على وزنـها ورويّها، وهي:
أخلَفَ الغيثُ مواعيدَ الخُزامى ... فقفِ الأنضاءَ تستسقي الغَماما
وخُذِ اليَمْنَةَ من أَعلى الحِمى ... تَلْقَ بالْغَوْر حَميماً وجِماما
وأبحني ساعةً من عُمُري ... أملأ الدّار شَكاةً وسلاما
أصف الأشواق في تلك الرُّبا ... وأعاطي التُّرْب سَوْفاً والتئاما
فَلعلّي أنْ تداوي حُرَقي ... غفلة الغَيران أو أرضي النَّدامى
أيُّ حلمٍ خفّ في حُبِّهمُ ... وعقولٍ رفضت فيه الملاما
ودموعٍ كلّما كَفْكَفَها ... زاجرُ العَذْلِ أَبَت إِلاّ انسجاما
يا وُلاة الغَدْر ما دِينُكُمُ ... أحرامٌ فيه أن تقضوا ذِماما
قد رضينا إنْ رضيتم بالأذى ... وعزيزٌ بعزيزٍ أن يُضاما
خَطَرتْ لي يا زميلي سَحَراً ... نسمةٌ أحسبها ريح أُماما
خطرت والعينُ تقري طيفَها ... والكرى يمزجُ للرَّكْب المُداما
ومنـها:
فارجع الطَرْفَ وقل لي في خَفَا ... أهِضاباً ما تراها أم خِياما
ما صنيعي بِمَهاةٍ كُلمَّا ... زوَّدَتْني رشفة زدت أُواما
أهُيامٌ أم لَظَى في كبِدي ... لفحت حتى انثنى الظَّلمُ ضِرام
ليس إِلا فرط وجدي بهمُ ... ظَعَنَ العاذل عنّي أم أقاما
أنا من أسْرِ الهَوى في رِبقَةٍ ... حكمت للحرّ فيها أن يساما
وطني حيث أناخَتْ عيسُكم ... ومقامي حيثما اخترتم مقاما
كل خِلٍ يجتني لذَّتهُ ... وأنا الجاني أراكا وبَشاما
أَنِسَتْ بي وحش أَوطانكُمُ ... فرعى اللهُ ظباءً ونَعاما
كلَما آنسَ قلبي وحشةً ... ملأت سمعي رُغاءُ وبُغاما
وأبيتُمْ ليَ إِلاّ نفرةً ... وأبى حبْلَكُمُ إلا انصراما
يا زماني ولكم أَدعو بـه ... ومن الضِّلَّة أن أدعو الرِّماما
لست عندي بالّذي أَعتِبُه ... كيف عتبي زَمَناً يأبى الكِراما
أنا حِرزٌ لك من ذمِّ الورى ... فأتِ ما شئِت حلالاً وحراما
لو بغيري حمَلت أيّامـهُ ... لَتَمنّت أنـها أمست عُقاما
أطمعَ الدَّهرَ بنوه إِذْ رأوا ... أكْبَرَ النِّعْمة ظِّلاً وحُطاما
فأقرّوه على غفلته ... أخملَ الأبرار أمْ أعلى اللئاما
كلُّ شخصٍ تقتضيه دولةٌ ... ترفع النّفسَ وتستَدْعي التّماما
وهو لا ينفكُّ حرباً لامرئٍ ... يطلب الذِّروةَ منـه والسَّناما
أنا مَن قد رَضيَ النَّاسُ وقد ... أتعبَ النّفسَ فتى أرضى الأَناما
لا أسوم الدّهرَ إِلاّ صالحاً ... يشتكي الدّهر ولا أشكو الأَثاما

كلّما قرَب منّي مُعرضاً ... لم يَزِدْه شَرَفي إِلاّ احتكاما
فهو لا يسألني إِلا الرّضى ... ولغيري شَدّ ما أعطى زماما
فعملت قصيدة، أولها:
خطرتْ تحمل من سَلْمى سلاما ... فانثنى يشكر إِنعاما النُّعامى
مُغرمٌ هاجت جواه نَسْمةٌ ... يا لها من نسمةٍ هاجتْ غراما
نفحةٌ أذكَت بقلبي لَفْحةً ... كلمَّا هبّت له زادتْ ضِراما
عاتبت سلمى سُحَيْراً أم ترى ... غازلت بالرّوض أَنفاس الخُزامى
يا لأوطارِي فقد أنشرها ... نشرها من بعد ما كانت رِماما
ذكَرت ريحُ الصّبا رَوْح الصِّبا ... وزماناً كنتُ بل كانَ غلاما
ونَديماً ليَ لم أندَمْ بـه ... يا رعاه الله من بين النّدامى
ألْهمَ الدَّوْحَ التّثنِّي بثّه ... شَجْوَهُ بل علّم النَّوْحَ الحَماما
قال ما أطيبَ أَيّامَ الصِّبا ... قلت ما أَطيَبَهُ لو كان داما
كان وعداً بالأماني مُزْنَهُ ... كلَّما استسقيتُهُ عاد جَهاما
وهضيم الكَشْحِ في حبِّي له ... لم يَزدْني كاشحي إِلاّ اهتضاما
كَرُمَ العاشِقُ منـه مثلَما ... لؤُمَ العاذِلُ فيه حين لاما
بقَوامٍ علّم الهزّ القنا ... ولِحاظٍ تُودِعُ السُّكرَ المُداما
أتراه إِذْ تثنَّى ورنا ... سمـهريّاً هزّ أَمْ سَلّ حُساما
خدّه يجرحه لحظ الورى ... فلذا عارِضُهُ يَلْبَسُ لاما
ويريك الخطّ منـه دائراً ... هالةَ البدر إذا حطَّ اللّثاما
وكثيب الرَّمل قد أخجله ... وقضيب البان رِدفاً وقَواما
أنا منـه ومن العُذّال في ... نَصَبٍ أشكو مَلالا وملاما
لم تكن تلك وقد لاحَظْنَني ... لحظاتٍ إنّما كانت سهاما
تركت في غَمَراتِ مُهْجَتي ... غمرات ملكت منـها الزِّماما
مـهجة أَرخصَها سَوْمُ الهوى ... وتسامى عزّةً من أنْ تساما
ومقامي بعد توديعهِمُ ... بالحِمى ما خِلتُهُ إلا حِماما
عَدِمَ الإِصباح ليلي بعدَكُمْ ... أسفروا لي مرّةً تجلو الظّلاما
بِتّ عن طيفِكُمُ مُستخبِراً ... من غرامي بكُمُ من كان ناما
وغرامي رُمْتُ أن أكتمـه ... فأبى الدّمعُ لأَسراري اكتتاما
ولماذا ظمِئتْ نحوَكُمُ ... مقلةٌ إنسانُها في الدّمع عاما
يا رفيقيَّ ارفقا بي فالهوى ... عُنْفُهُ يكفي المحِبَّ المُستهاما
أنْجِداني فبنجْدٍ أَرَبي ... حين غيري شام بالغَوْر الشَّآما
وانشُرا عنديّ أخبار الحِمى ... فبأَخبار الحِمى قلبيَ هاما
ناظري من دمعتي في شُغُلٍ ... فانظُرا عنّيَ هاتيك الخِياما
سار قلبي يوم ساروا وانْثَنَوْا ... نحوَ نجدٍ وأقاموا فأقاما
عَلِّلاني بأحاديثهِمُ ... فأحاديثهُمُ تَشفي الأُواما
هذهِ أَطلالُهُم تشكو الظَّما ... فدعا الأدمُعَ تنـهلَ انسجاما
وقِفا نستَسقِ جَدْوَى ظَفَرٍ ... فهو من بَخَّلَ بالجود الغَماما
ومنـها:
فهو الغيثُ إذا بَثَّ اللُّها ... وهو اللّيْث إذا فَلَّ اللُّهاما
لم يزِدْ أَعداءه يومَ الوَغى ... والقنا إِلا انحطاطاً وانحِطاما
إجتلَى من مَشرِق المجدِ السَّنا ... وامتطى من بازِل المُلْك السّناما
وأَضاءَتْ بِسَنا سُنّتِهِ ... ظُلَمُ الظّلم لأيّام الأيامى
أَوْلَدَتْ أنعُمُهُ عُقْمَ المُنى ... وشفى من يأسِنا الدّاءَ العُقاما

كرمٌ يُحيي وبأسٌ مـهلِكٌ ... وهما ما صَحِبا إِلاّ هُماما
ومنـها:
أنت عذْرُ الدَّهْر يا واحدَهُ ... ولقد أعظم لولاه اجتراما
ببنيه ملكاً أو سُوقةً ... ملأ الأرضَ طغاةً وطَغاما
ليس بِدْعاً سَقَمي من صِحَتي ... القنا حُطِّم من حيث استقاما
وإذا المرءُ تشكّى خطّةً ... كانت الصِحّة للنّفس سَقاما
ومنـها:
صُغتها منظومةً في مدحِكُمْ ... فتَلاها الدُّرُّ فَذَّاً وتُؤاما
جمعت لفظاً ومعنىً شائقاً ... بَعُدا في الحُسن مرمىً ومراما
هِيَ راحٌ كيف حَلّتْ عَجَباً ... وهي سِحرٌ كيف ما كانت حراما
فاغتنمـها إنّما أوفى الورى ... مَنْ يَرى من مِثْليَ الحمدَ اغتناما
ونظم ابن الخُراساني أيضاً على وزنـها وجماعة من الشّعراء اقْتُرِح ذلك عليهم ولم يبلغ أحد منا شأو مـهيار في بيتي قصيدته اللذين هما في رقة الصبا ورونق الصبا، وهما:
حَمِّلوا ريح الصبّا نَشْرَكُمُ ... قبلَ أنْ تحملَ شِيحاً وثُماما
وابعثوا أشباحكم لي في الكرى ... إن أذِنْتم لجُفُوني أن تناما
ولمـهيار: أروض الوادي أم أبيض الغسق؟ ولشرف الدين بن الوزير ابن هبيرة على وزنـها:
أَسلمني إلى الغَرام والأرَقْ ... طيفٌ متى شاء على النّأي طرقْ
يخبِطُ جَفْني بأباطيل المُنى ... ويَسْحَر العين ببشرٍ ومَلَقْ
ما وردتْ أحلامـه من مُقلتي ... فصَدَرت إِلاّ برِيِّ وشَرَقْ
ولا انثنت عن كبِدي ركابُهُ ... بخبرٍ إلا الزّفير والقلق
ضمانة من حبّ ليلى عَلِقت ... بمـهجة خاليةٍ من العَلَق
أحسبها ثاويةً قد تَخِذَت ... في كلّ شِعْبٍ من هوى النّفس نفقْ
إليك يا خِلْوَ الهوى عن عَذَلي ... ما وَجْدُ سالٍ عنْهُمُ كمن عشِق
دعانيَ الحبُّ فمِلْتُ معه ... وذو الغرام مصحب فمنطلق
يا راكب اللّيل على ناجِيةٍ ... قد خلطت وَخْدَ الذمِّيل بالعَنَق
يَؤُمّ نَجْداً والعَقيقُ همُّهُ ... مُسترشداً ينفض أخلاق الطرق
عرج على بانات سلع فبها ... ما شئت من مُصطَبحٍ ومُغْتبقْ
دارٌ لليلى روّضتْ بقربها ... تلك البِطاح واكتست ذاك العَبَقْ
فابلغ سلامي إن وجدتَ أذناً ... واعيةً أو عطفَةً ممّن أبق
آهٍ لسُقْمٍ كلِفَ الآسي بـه ... وولعٍ حَمّلني ما لم أطِقْ
وجسدٍ أنْحَلَه ذكرهُمُ ... ومضجع ينبو إذا النّجمُ خَفَق
يا جُلَساءَ الوَصْلِ هل دَوْحُ الحِمى ... كعهدنا ريّان مُخضرّ الورق
وهل مجاري ذلك الشِّعْب عَفَتْ ... آثارُها أم روّضت تلك الطّرق
وهل ظباؤكن في أرجائه ... تشب فيه مرحاً وتستبق
هَيْهات ما تسأل إِلاّ زفرةً ... جائلةً بين الضّلوع والحدق
سَقْياً للأيّامٍ أَطعْنَ أَمَلي ... حتّى علِقتُ من زماني بِسَبَق
وليلة ما فطّن الواشي بها ... شـهدِتُ وصل صُبْحها قبل الشَّفق
وخَلَوات بين هاتيك الرُّبا ... وقُبلة أصبْتُها على فرق
تسألني لمياء ماذا غرست ... أَشواقُها في كبدي من الحُرق
أيُّ قلوبٍ لم تُقطّع أسفاً ... لبعدكم وأَي دمعٍ لم يُرَقْ
ما لي وللدّهر أَعنْ رَويّةٍ ... يجحدني فضْليَ أم ذاك خُلُقْ
يا للزّمان كيف ضاع نَقْدُه ... لأهله من جاهلٍ أو مُستَحق
وكيف أمستْ فُرُطات صَرْفِهِ ... إلى أولي الفضل دِراكاً تستبق

عارٌ عليك يا زمانُ ما أرى ... ذا العلم عارٍ والجهول مُنتَطِق
ما شرُفتْ نفس امرئٍ بأدبٍ ... إلا وعُدّ فيك من إحدى السُّوَق
ويحَ الرّجال رفِعت آدابهم ... فالفضل فرعٌ عندهم على الحمُق
واستحوذَ الجهلُ على قلوبهمْ ... حتّى لقد صار البغيض من نطَق
وعاد مَن كان يُعدّ عالماً ... يبيع في سوق الكساد ما نَفَق
صبراً على عتب اللّيالي إنّها ... ما أصْحبت مَجبولةٌ على الخرَق

الأكرم أبو العباس السديد بن عبد الواحد بن محمد ابن هبيرة حكي: أن شرف الدين أبا البدر ابن الوزير عون الدين نظر إلى القمر في بعض الليالي، وهو يدخل تحت السحاب تارة وينكشف أخرى، فقال للحاضرين: ليأخذ كل منكم في هذا المعنى شعراً.
فقال الأديب مفلح:
كأنْما البدر حين يبدو ... لنا ويستحجب السحابا
خريدةٌ من بني هلالٍ ... لاثَتْ على وجهها نِقابا
وقال شرف الدين:
إذا تطلّع بدرُ التّمِّ من فُرَجٍ ... بين السَّحاب وغارَتْ حولَهُ الشُّهُبُ
ت من رثيثٍ في مُلاءَته ... خرقاء تسفر أحياناً وتنتقب
وقال الأكرم:
فكأنّ هذا البدر حيث تُظلّه ... سحبٌ فيخفى تارةً ويؤوبُ
حسناءُ تبدو من خِلالِ سُجوفها ... طوراً فتنظر نحوها فتغيبُ الأجل فخر الدين أبو جعفر مكي بن محمد بن هبيرة أخو الوزير عون الدين توفي في زمان أخيه. أنشدت له قوله يرثي أخاه أبا الفرج:
أما عن سبيلٍ للمنيّةِ مَذْهَبُ ... ولا عن طِلاب الموت ويحكَ مَهْرَبُ
فكن مستعِدّاً للمَنُون فإِنّها ... إذا هجمت طاش الشُّجاع المُجَرِّبُ
تفكّرتُ في الدّنيا فلم أر لذّةً ... تدوم ولا مستحسَناً ليس يُسلبُ
ولا آملاً إِلاّ ويرجع خائباً ... ولا سالماً في النّاس إلاّ ويعْطَبُ
تُرى فجعت مثلي خليلاً وصاحباً ... وقرّة عينٍ كان يُرجى ويُرهب
ومنـها:
أبا الفرج المسلوب من كلِّ ناظرٍ ... تعتِّبتَ عَن هَجْري وما كنتَ تعتِب
عجبتُ لمن خلّفت كيف قراره ... وإنَّ بقائي بعد موتك أعجب
فيا ابن الهُبَيْريّ الّذي ليس دونـه ... أرى اليوم خّلاً في البَرِيَّة يصحَبُ
لئن غبت عن عينيَّ في التُّربِ قسوةً ... وكلُّ نفيس في التُّراب يغيِّبُ
فها كبِدي حرَّى تذوبُ ومـهجتي ... تبيت على جمر الأَسى تنقلّبُ
فلا لذّ لي من بعد موتكَ مطْعَمٌ ... ولا طاب لي من بعد فقدك مَشْرَبُ أمين الدولة أبو سعد العلاء بن الحسن بن وهب بن الموصلايا كاتب الإنشاء بدار الخلافة. كتب لثلاثة من الخلفاء: القائم والمقتدي، والمستظهر رضي الله عنـهم خمساً وستين سنة. وكان ابتداء خدمته لدار الخلافة في أيام القائم سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة، وتوفي ثاني عشر من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين بعد أن أضر، وكان يملي على ابن أخته الأجل أبي نصر، ولم يبطل إلى أن مات. وكان نصرانياً فأسلم في أيام المقتدي على يده ووزارة أبي شجاع، ولم يزل موقراً موفور الخدمة، ينوب عن الوزارة المقتدية والمستظهرية، حتى قال عميد الدولة للمستظهر عنـه وابن أخته: هما يمينا الدولة وأميناها. وكان لا يُبرم دونـهما أمر. وكان كثير الصدقة والصلة، ذكر عنـه أنـه فرق في يوم من أيام الغلاء ثلاثين ألف رطل خبزاً.
كان بليغ الإنشاء سديد الآراء؛ رسائله تعبر عن غزارة فضله، ووفور علمـه، وكان نثره أحسن من نظمـه، لتمرنـه عليه، وانقطاعه إليه. على أن له مقطعات مستعذبة أراها أحلى من الأرْي، وأزين من الحلي، وهي في أسلوب شعر الكتاب بعيدة من التكلف في الصنعة، أرق معنى من الدمعة، وأعذب لفظاً من كلمة كريم مستبشر الطلعة.
فمن تلك القطع الموشية، المؤنسة غير الوحشية قوله:
يا هِنْدُ رقّي لفتىً مُدنَفٍ ... يحسن فيه طَلَبُ الأَجرِ

يرعى نجوم اللّيل حتّى يرى ... حلّ عُراها بيدِ الفجرِ
ضاق نطاق الصّبر عن قلبه ... عند اتّساع الخَرق في الهَجْرِ
قد راقتني هذه الأبيات لرقّتها، وحلاوة الاستعارة في معناها مع دقتها، ولقد ساعده التوفيق، في هذا التطبيق، وما كل شاعر يخلص من هذا المضيق، هكذا شعر الكتاب يجمع إلى اللطافة طرافة، وإلى الحلاوة طلاوة.
وله أيضاً:
وكأسٍ كساها الحسن ثوبَ مَلاحةٍ ... فحازت ضِياءً مشرقاً يشبه الشمْسا
أضاءت على كفّ المُدير وما درى ... وقد دجت الظّلماءُ أصبح أَو أمسى
وله:
أقول للائمي في حُبِّ ليلى ... وقد ساوى نـهارٌ منك ليلا
أَقِلَّ فما أقلّتْ قطُّ أرضٌ ... مُحبّاً جرّ في الهِجران ذَيْلا
ولو ممّن أحبُّ مَلأت عيناً ... لكنت إلى هواه أشدّ ميلا
وله في المستظهر بالله:
يا حبّذا ظبيٌ نشا ... يضمنـه هذا الرَّشا
ظبيٌ شعاع نوره ... أَهدى إلى العين العَشا
تمايلتْ أعطافه ... من غير سكرٍ فانتشى
لمّا ارتوى من حسنـه ... زاد القلوبَ عطشا
تمايلتْ أعطافه ... من غير سكرٍ فانتشى
لمّا ارتوى من حسنـه ... زاد القلوبَ عطشا
فإِنْ لوى عنانـه ... إلى النَّوَى وأَوَحشا
وشاء أنْ يغدر بي ... لقول نمّامٍ وشى
لُذْتُ بظلّ مالكٍ ... رُقى المّعالي مذ نّشا
مُستظْهِرٍ بالله دا ... مَ مُنعِماً ومُنعِشا
وعاش ما عاقب ضَؤْ ... ء الصُّبح ظلماء العِشا
يأخذ لي بالثّار من ... عُدْوانـهِ كما يشا
وأنشدني الشيخ الإمام الأفضل عبد الرحيم بن الأخوة البغدادي الشيباني بأصفهان، قال: أنشدني ابن المُوصَلايا لنفسه:
يا خليليّ خلّياني ووجدي ... فملام العَذول ما ليس يُجْدي
ودعاني فقد دعاني إلى الحك ... م غَريم الغَرام للدّين عندي
فعساه يرِقُّ إذ ملك الرقّ ... بنقدٍ من وصَلْه أَو بوعد
ثمّ من ذا يُجيرُ منـه إذا جا ... رَ ومن ذا على تَعدّيه يعدي
أنا أستحلي هذا النوع من التجنيس وأستعذبه، ويحسبه زلال الماء قلبي في الرقة والصفاء فيشربه ويتشربه.
وأنشدني الشيخ أبو منصور بن أحمد الجواليقي، ولي منـه إجازة، قال: أنشدنا العلاء بن الحسن بن وهب الكاتب لنفسه:
أحنّ إلى روض التصابي وأرتاحُ ... وأمْتَحُ من حَوْض التّصافي وأمتاحُ
وأشتاق رِيماً كلّما رُمْتُ صَيده ... تَصُدُّ يدي عنـه سيوفٌ وأرماح
غزالٌ إذا ما لاح أو فاح نَشْرُه ... تعذَّبُ أرواحٌ وتعذُبُ أرواح
بنفسي وإن عَزّتْ وأهلي أهلّة ... لها غُرَرٌ في الحسن تبدو وأَوضاح
فتتّضحُ الأعذار فيهم إذا بَدوا ... وتفتضِح اللاحون فيهم إذا لاحوا
وكرخيَّةِ عَذْراء يُعْذِر حبُّها ... ومن زندِها في الدّهر تقدح أقداح
إذا جُليت في الكأس والليلُ ما انجلى ... تقابل إصباح لديك ومِصباح
يطوف بها ساقٍ لسُوق جمالهِ ... نَفاق لإِفساد الهوى فيه إصلاح
به عُجْمَةٌ في اللفظ تُغري بوصله ... وإن كان منـه بالقطيعة إفصاح
وغُرَّتُهُ صبحٌ وطُرَّته دُجىً ... ومبسِمُه دُرٌّ وريقته راح
أباح دمي مذ بُحْتُ في الحبّ باسمـه ... وبالشّجْو من قبلي المحبّون قد باحوا
وأوعدني بالسُّوء ظُلماً ولم يكن ... لإِشكال ما يفضي إلى الضّيم إيضاح
وكيف أخاف الضّيمَ أو احذر الرّدى ... وعوني على الأيّام أَبْلَجُ وضّاح
وظلّ نظام الملك للكَسر جابرٌ ... وللضُّرّ منّاعٌ وللنّفع مَنّاح
وله، نقلته من مجموع:

وإنّي لصَبٌّ بالصِّبا مُذْ غدا لها ... هبوبٌ بهاتيك الخِيام تَجول
ومن عجبٍ أنْ أَبتغي من نسيمـها ... شِفاء عليلٍ والنّسيم عليلُ
وقرأت في كتاب الذيل لابن الهمذاني المؤرخ، أنـه عمل قصيدة في نظام الملك، وأنفذها على يد الشيخ الإمام فخر العلماء أبي بكر بن فورك الشافعي رضي الله عنـه إلى المعسكر بتبريز، فمثل بين يدي نظام الملك، وقال: إن كاتب الإمام قد أصحبني عروساً آثر أن تُجلى بهذا المجلس السامي، فأنشدها منشد هناك بمحضر من الأئمة والزُّهاد والأدباء والكتاب، فما فيهم إلا من طرب، وكتب بعضهم إليه متمثلاً بهذا البيت:
وتقسم النّاسُ المسرَةَ بينـهم ... قسماً فكان أجلّهم حظّاً أنا
والقصيدة هي هذه:
أثِرْها في أزمّتها تَهادى ... وغادِ بها الثنايا والوهادا
وأنْجدها إذا ضَعُفَتْ بعزم ... يُذِلُّ لها التهائِمَ والنّجادا
عساها أن تبلّغ بي محلاّ ... عهدتُ بـه مع المحلِ العهادا
وَتُنزلني على نصبي بربع ... يوّطئ لي النّدى فيه المـهادا
وتعلقني من الأنجاد إِمّا ... حللتُ بهم جميعاً أو فرادى
بأثقلهم إذا وزنوا حصاةً ... وأثقبهم إذا قدحوا زنادا
وأسرعهم إلى العليا جواباً ... وأَسبقهم إلى النُّعمى جوادا
وأصنعهم لمتبع مُراداً ... وأمرعهم لمنتجع مَرادا
وأخشنـهم على الأعداء مسّاً ... وألينـهم لذي طلب قِيادا
وأضفاهم على اللهوفِ ظِلاً ... وأَوفاهم من المعروف زادا
هنالك لن ترى المقصود إلا ... غياث الدولة الملكَ الجوادا
أغرُّ إذا اجتبي لبناء مجد ... على فلك العلى أَرسى وشادا
وإنْ أمَّ العُفاة ذَراهُ لَبَّى ... نَداهُ نِداهمُ عفواً وجادا
ومدَّ إلى مطالب سائليه ... يداً ألِفت إلى الكرم امتدادا
وردَّ مقاصدَ الآمالِ بيضَا ... وقد لبست على الجود الحدادا
تخيَّر ذِروة العليا محلاّ ... وطيبَ الذكر في الدُّنيا عَتادا
وصيَّر ما حوتْ كفاه نـهباً ... لوفد الحمد قصداً واعتمادا
ولم تترُك مكارمـه عليه ... طريفاً في يديه ولا تِلادا
ولما أن تفرَّد بالمعالي ... وأدرك من مداها من أَرادا
وأمطى كاهل الباغي نَداه ... من الإِحسان ما أَعيا وَآدا
أفادَ معالِمَ الحمد انتظاماً ... وزادَ غنائمَ المجد انتضادا
وحرّم أن ترى الأيام فيها ... لغير نظام علياه اطّرادا
وقاوَمَ صولة العدوان عَدلٌ ... أقامَ بـه من الحقِّ العمادا
وخصَّ مواقف التقوى بفعل ... أمات الغيّ واستحيا الرشادا
نَحا فيه صلاحاً لم تُخالط ... مشارِبهُ قذى ومحا فسادا
أيا من لم يَفدْ أحد عليه ... بحسن رجائه إلا أفادا
ويا من كلما ازدحمت عليه ... مطايا الخائفين حمى وذادا
ويا من كلما شكت الليالي ... إليه الجدبَ والسنةَ الجمادا
أمال إلى بني الآمال عِطفاً ... إذا أبدا لمكرمة أعادا
وخلّى الجودَ يخلو بالأماني ... يحكِّمـها ويعطيها المرادا
أجِلْ طرفَ انقيادك في محبّ ... إذا كدر الهوى أصفى الودادا
رأى طيّ الضلوع على ولاء ... لمجدك لم يجد فيه ازديادا
وغالى فيه إذ أرخصت فيه ... نوالاً منك راوَحَه وغادى
ووافى نشرَ أنعمكم لديه ... وَوالى في محبتكم وَعادى
وآلى لا انثنى يهدي إليكم ... ثناء ما ارتوى فلم مِدادا
وأصدق في الوفا قولاً وفعلا ... وأَوثق فيه عقداً واعتقادا
ومنـها:
ولو لم أبدِ ما أشكو إليه ... لفاتحني بأن وبادا

فعش ما غردت في الأيك ورق ... وماء ما جرى في العود عادا
فِدى لك من ببذل العِرض منـه ... عن المال المصون لديه فادى
وكلُّ يدٍ لواهي العقد ضمّت ... على بخل أنامله الجِعادا
فما يُثنى عليه إذنْ بخير ... ولا يَثني لمكرمة وسادا
ولم يَرِ زنده في الرشد يوماً ... ولم يَرَ في مقاصده سدادا
ولا عدِمت أوامرُكم نَفاذاً ... ولا عرفت عوارفكم نفادا

تاج الرؤساء أبو نصر ابن أخت ابن الموصلايا وهو هبة الله ابن صاحب الخبر، الحسن بن علي. رباه ، وكتب بين يديه في ديوان الإنشاء في الأيام القائمية والمقتدية والمستظهرية. أسلم مع على يد الإمام المقتدي. وكان لما أضرّ ، يكتب عنـه ما جرت بـه العادة من الإنـهاءات، فلما توفي ، رد ديوان الإنشاء إليه في الأيام المتسظهرية. وخرج في الرسالة إلى السلاطين مراراً وعاد من الرسالة إلى بركيارق - بعد موته - إلى بغداد. وتوفي حادي عشر جمادى الأولى، سنة ثمان وتسعين وأربع مئة، وله سبعون سنة. وبين موته وموت سنة إلا عشرة أيام.
وكان لا يقاربه أحد في الإنشاء والعبارة. ولم يكتب كتاباً قطّ فرجع فيه إلى مبيضة.
وجدت من شعره في الألغاز مقطعات مستحسنة، فمنـها قوله:
ومنكوح إذا ملَكته كفّ ... وليس يكون في هذا مراء
له عين تجللها ضياء ... فإِن كحلت فبالميل العماءُ
يظلُّ طليقه للوصل هَوْناً ... وللحاشي بزورته احتماء
وقد أوضحتُهُ وأبنتُ عنـه ... ففسّرهُ فقد بَرح الخفاء
هذا اللغز في الخاتم. وقوله:
ومَيتة فيها حَراك إذا ... قامت على منبرها خاطبهْ
ساعية في غير منفوعِها ... فهي إذن عاملة ناصبهْ
إن وُطئت تحملُ من وَقتها ... حتى ترى مجذوبة جاذبهْ
تَعرى من اللبس وفي جيدها ... قلائد تُلفى بها كاسبهْ
تمدُّ غرثاها بريّ إذا ... أَضحت بروق للحيا كاذبةْ
هذه دالية الماء، وما دامت ملقاة فهي كالميتة. فإذا قامت على حائطها الذي شبهه بالمنبر، صارت ذات حركة، وهي ساعية في نفع غيرها. وإذا وطئت بالأرجل، تحمل من وقتها، أو تحمل من يطؤها. وقلائدها الحبال التي كفّتها بها معلقة. وغرثاها: جياعها، أي النّبات. ولو تهيأ له أن يقول عطاشـها لكان أحسن. على أنّ الشعر جيد السبك، حسن الاستعارة، مليح العبارة، صائب المعنى. الأجل أبو الحسن ابن رضوان كان يلقب بنظام الدورة. كان كاتباً في ديوان الإنشاء في الدولة المستظهرية بعد نسيب ابن الموصلايا، وعاش إلى قريب من آخر أيامـها.
قرأت له في الكتاب الذي ألفه الشيخ أبو المعالي الكتبي في الألغاز هذه الأبيات في اللغز:
وقائلةٍ هلمَّ بغير لفظ ... ولا لغة تبين من اللغات
ترى عذباتها يَخفقنَ حيناً ... كما خفق اللواء على القناة
محلّتها سواد القلب ترعى ... جناباً منـه ليس بذي نبات
هي النار، ومن عادة العرب أن توقدها ليلاً للضيف والضال، فكأنـها تقول: هلم بلسان الحال. وخفق عذباتها: لهبها. وقوله: محلتها سواد القلب؛ لأن القلب معدن نار الهوى، ومنبع الحرارة من البدن أيضاً. وليس بين صفات هذا اللغز تناسب، لأن بين نار القِرى ونار القلب بوناً بعيداً، فقد أخطأ فيه. ويجوز أن يكون قد ألغز كل واحدة من النارين، فإنـه كما تدعو نار القرى الضيف تدعو نار الهوى النفس، لكن بالبيت الثاني أبعد، فليس لنار الهوى لهب تشبه عذباتها بخوافق الألوية.
تاج الرؤساء ابن الأَصباغي الكاتب
كتب بديوان الزمام في بعض الأيام المستظهرية، وناب عن ديوان الزمام في أيام المقتدي. وله تصنيف في علم الكتابة. وجماعة الحساب وكتاب العراق يكتبون الحساب على طريقته. وأسلم في صفر سنة أربع وثمانين وأربع مئة قبل إسلام ابني الموصلايا بيوم حيث خرج التوقيع الشريف بإلزام أهل الذمة الغيار، وكان من بركات ذلك إسلامـهم.
أنشدني الشيخ الإمام عبد الرحيم بن الأخوة الشيباني بأصفهان، قال: أنشدني ابن الأصباغي الكاتب لنفسه:

عقرتهم معقورَةٌ لو سالمتْ ... شرّابها ما سُميتْ بعُقار
ذكرت طوائلها القديمة إذ غدت ... صرعى تداس بأرجل العصّار
لانت لهم حتى انتشوا وتمكنتْ ... منـهم فصاحت فيهمُ بالثار
وله في اللغز:
مقامر مذ كان لم يُقمَر ... كأنما يعلب بالسُدّر
يعشَقُه الناس على جورِه ... والجور ممقوت على الأكثر
شبابه المرموق في شيبه ... وشيبه مذ كان لم يخطر
يدلُّ في البيع ولكنّه ... يميل أحياناً مع المشتري
حديثُه مع أنـه صامت ... يَهيج مِن شِقشِقة السمَّر
هو القمر، وإنما قال مقامر لأنـه رأى اسمـه فعلاً، وهو قمر دائماً ولا يكون مقموراً. ولعب السدر معروف عند المقامرين، وهو معشوق الناس. وجوره: علوه عن منالهم. وشبابه: إبداره. وشيبه: نقصانـه. والمنجّمون يذكرون أنّ له ميلاً مع المشتري. وحديثه: طلوعه ودوام ضوئه. والسمر: جمع سامر.
وله في اللغز أيضاً:
ما حائم في كلام العُجم والعَربِ ... وما له في ورُودِ الماء من أَرَب
مَجْدولُ طيّ الحشا يهتزُّ من هَيَفٍ ... ومن نُحولٍ ومن شُربٍ ومن طرب
يبكي فيذري دموعاً ماؤها سَرِبٌ ... في السُّكْر لا من جوى بادٍ ولا حَرَب
إذا انتدى وابتدا بالشُّرب بادَرَه ... في آخر الدْور ذَرْعُ القيء والذَّرَب
تسري بـه اللّيلَ والإِصباحَ يعملةٌ ... ذَفُوفَة السّير في نقلٍ وفي خبب
تجري مع الرّيح لا تشكو الكَلالَ ولا ... تحيص عن صوبها حَيْصَ الوجِي اللغِب
هذا وراكبُها يعتاقُ نـهضته ... تقاعس بني عَقد الرّأس والذَّنَب
فما يجوز بسمعي قدُّ قامته ... طولاً ولا عُرُضاً في الميل والنكب
إذا امتطى عَنْسه جدَّ النّشاط بـه ... وإن تَرجَّل عنـها باءَ بالعَطب
ينقضُّ عنـه إذا ما انقضّ منصلتاً ... في السّير مثل رجوم الجِنّ بالشُّهُب
يناضل الغيث من جودٍ ومن كرمٍ ... حتّى يكادَ يرُدُّ الماء في السُّحُب
وقد تركت له وصفاً تجيبَ بـه ... والخِلّ يغني أخاه النَّدْب عن تعب
هذا اللُّغز في دولاب الماء. والحائم: العطشان يطلب الماء وقوله: انتدى وابتدا من التجنيس المصحف. وقوله: بادره في آخر الدّورِ ذَرْع القيْ. في نـهاية حُسن الاستعارة، والعبارة كناية عن صّب الماء الذي ملأ كوزَه منـه. واليعملة: هي الماء الّذي تدريه. والذفوفة: السريعة. والخبب: ضرب من السّير. والحَيص: الميل وطلب الهرب. وقوله: راكبها، الهاء راجعة إلى اليعملة. والراكب: الدولاب. والعنس: الناقة، وهي هاهنا الماء. وإذا امتطاه جد بـه نشاط الحركة؛ وإن نزل عنـه الماء عطب. والمنصلت: العاري. وقوله: يناضل الغيث، أي يراميه ونضاله: صب الماء.
فأجاب بعض أصدقائه:
جاءت صفاتُك تَبغي كشف مُضمرها ... يا واحدَ الدّهر فَرْدَ العلم والأَدبِ
حلّيتَه أدهماً لِلّيل صبغته ... أَقبَّ نَهْداً عجيب النقل والخَبب
كأنّه إذ جرى في شَوطه عَنَقاً ... إيّاه والفَلك الدّوار في قُطب
تراه يهوي إذا جَدّ المسير بـه ... يظَلُّ في صَعَدٍ طَوْراً وفي صَبَب
يقول طارَ ولا غَرْوٌ وجُملته ... ترى جناحاً بلا ريشٍ ولا زغَبِ
مُسخرَّاً في طريقٍ لا انقضاءَ له ... لا يشتكي من وجَىً فيه ولا تعَبِ
يسقي وللغير جَدْواه ومسكبُه ... فيا له أبداً من عاملٍ نصِب
إن أَنْ أبدى سُروراً قلبُ صاحبه ... وإن بكى قرّت العينان من طرب
قال صديقنا أبو المعالي الكتبيّ في كتاب الألغاز: هذه الأبيات أجود سبكاً، وأسلس حوكاً.
وقوله: مسخراً في طريق لا انقضاء له، مأخوذ من قولهم: سير السواني لا ينقطع. والسواني: هي الدالية. وفي دعاء بعض الحكماء: اللهم! ارفعني إليك بخط مستقيم؛ فإن المستديرَ لا طرفَ له.

أبو طاهر ابن الأصباغي أخو تاج الرؤساء أبي غالب كان يخدم عفيفَا القائمي، وانصرف عن خدمته، فبلغه أنـه تهدده، وكان عفيف قد بنى داراً وأنفق على سقفها في التذهيب أكثر من خمسة آلاف دينار، فعمل هذه الأبيات. وذكر ابن الهمذاني في تأريخه أنـه عملها تاج الرؤساء أبو غالب فيه:
تنوّق وزوّق واذهب السّقف والعُمرا ... فإِن تمّ فاكتب تحت زُنَّاره سطرا
علوٌّ وإقبال ومجد مؤثَّلٌ ... لصاحبه حقُاً ومالكهِ الدَّهْرا
لمن عنده في الدّار وجه مقدَر ... على مثل هذا الوجه والأوجه الأخرى
وهذا دعاء أنت منـه مُبرّأ ... وكان أمير المؤمنين بـه أحرى
فتطير منـها عفيف، ومات بعد شـهر، وأخذ المقتدي السقف، فكأن الله أنطق ما في الغيب على لسانـه. الأجل سديد الدولة أبو عبد الله محمد بن عبد الكريم الأنباري، منشئ ديوان الخلافة، من بيت السؤدد والكرم والفضل، وهو شيخ الدولة، كتب لخمسة من الخلفاء، وتوفي في الأيام الزاهرة المستنجدية سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، وولي ولده مكانـه.
وكان رحمـه الله غزير الفضل، رائق الخط واللفظ، ولمكان فضله لم يخل ديوان من شعر أهل العصر من مدحه، لا سيما الغزي، والأرجاني. ولو جمع ما فيه من شعر الأرجاني، لكان ديواناً بنفسه. فاضل مفضال، ومنشئ منشئ بالحقيقة لأبكار الأفكار، عارف بنقد الشعر وجهابذته، فكل ما زيف على محك انتقاده، أذن الدهر بكساده. وكل إبريز خلص على سبكه، ولم يبهرج على محكه، وأجازه صيرفي نقده، ولم يصمـه، نفق وراج، وصار درة على كل تاج.
وترددت إليه ببغداد، وما كان يتعاطى الشعر تغنياً عنـه، وكنت أهابه وأكبره من أن أستنشده، لكنني أثبت من شعره البيتين والثلاثة على حسب ما أنشدتها. فمن ذلك رباعياته الخالبة للِخلب، السالبة للب، فمنـهما:
يا قلب إلاَم لا يُفيدُ النّصح ... دَعْ مزحْك كم هوىً جناه المزح
ما جارحة منك خلاها جرح ... ما تشعر بالخُمار حتىّ تصحو
ومنـها:
الدَّهر يعوقني عن الإِلمام ... مَعَ ما أنّي إلى التَّصابي ظام
لا تأخذني بما جنت أيّامي ... ما ذنب السَّهم حين يخطي الرّامي
ومنـها:
يا ريح تحملي من المـهجور ... شكواه إلى المُعَسكر المنصور
قولي لمعذّبي شَبيه الحور ... ما أنت عن الجواب بالمعذور
وأنشدني مجد العرب العامري الشاعر بأصفهان، لسديد الدولة في ابن أفلح الشاعر:
يا فتى أفلح وإنْ ... لم يكنْ قطُّ أفلحا
لك وجهٌ مشوهٌ ... أسود قدّ من رحى
وكان وجهه منكراً. وأنشدني أبو المفاخر محمد بن أبي الشرف محفوط بن العلاء بن أسعد بن إسرائيل الجرباذقاني قال: أنشدني سديد الدولة لنفسه:
إن قدَّم الصاحب ذا ثروةٍ ... وعاف ذا فقرٍ وإفلاس
فالله لم يدعُ إلى بيته ... غير المياسير من النّاس
قال: فلما رجعت إلى أصفهان أنشدتهما لوالدي، فقال: لما قال: إن قدم الصاحب، كان الأحسن أن يقول: وأخر، أو يغير لفظه قدم، والأولى أن يقول:
إن آثر الصاحب ذا ثروة ... وعافَ ذا فقر وإِفلاس
فيكون قد جمع بين صناعتين: التطبيق، لأن آثر: اختار، وعاف: كره. والتجنيس بين آثر وثروة. وقوله: فالله لم يدع إلى بيته قاصر عن جواب الشرط، فالفاء وحده لا يصلح جواباً، فالأولى والأحسن أن يقول:
إن آثر الصّاحب ذا ثروةٍ ... وعاف ذا فقرٍ وإفلاس
لا غَزوَ فالربُّ إلى بيته ... دعا المياسيرَ من النّاس
وله في بعض الوزراء:
إنَّ زماناً قد صرتَ فيه ... مرشّحاً للوزارتين
قد أسخنَ الله كلَّ عين ... فيه ولكنْ لا مِثل عيني
وله:
الآن وما روضه العمر ندي ... لا تخل من الكؤوس والرّاح يدي
في باقي العمر فز بعيش رغدٍ ... عن الدّنيا إذا مضَتْ لم تَعُدِ
ثقة الدولة ابن الدُّرَيني

المعروف بابن الإبري، أبو الحسن علي بن محمد من بغداد. كان من أركان دولة المقتفي رضي الله عنـه. مجموع الكرم والفضل والورع والدين، لم يزل متعصباً لأصحاب الشافعي رضي الله عنـه.
وبنى ببغداد مدرسة لهم وسلمـها إلى شيخنا شرف الدين يوسف الدمشقي وأقمت بها ثلاث سنين للتفقه، وهي المدرسة المعروفة بالثقتية على الشط تحت دار الخلافة. وكان جاهه على نفع ذوي الحاجات موقوفاً، وما له في وجوه البر والخيرات مصروفاً.
توفي في شـهور سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
له اليد الطولى في العربية، والنظم، والترسل. أنشدني له بعض الأفاضل ببغداد أبياتاً قد صدر بها كتاباً:
وإِنّي إِذا الظّلامُ رواقَهُ ... وساوَرَ طرْفي فيه هَمٌّ مؤرِّقُ
أُجاذِب أَطراف الحنين نُوَيْقةً ... تَحِنُّ إلى رملِ الحِمى وتُحَمْلِقُ
وتشتاق سَعْدانَ الحِمى ومناخها ... ولكنّني منـها إلى الرَّملِ أشوقُ
وله:
قالوا أبيّاتك ماذا بها ... أَعْطَى كأنّ الشِّعر لم يُرضِهِ
فقلت: أعطاني بها حُلَّةً ... أخلق من شِعْري ومن عِرضهِ
وكلُّ مدحٍ هكذا أجْرُهُ ... يَقْدِر بانيه على نَقْضِهِ
وله من الخمريّات:
إذا ما حساها في الدُّجُنّة شاربٌ ... ظننّاه بالبدر المُنيرِ تَلَثَّما
وكم ليلةٍ لم يَبْدُ منـهنَّ كوكبٌ ... أقمنا حَبابَ الكأس فيهنَّ أنجُما

جماعة أفاضل أماثل من بيت رئيس الرؤساء آل الرفيل بني المظفر كان جدهم وزير القائم بأمر الله، وقصته في نصر الدولة مع البساسيري مشـهورة، وله مآثر في ذلك مأثورة.
الأجلّ أبو محمد الحسن
ابن الأجل أبي نصر محمد ابن الوزير رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن الحسن ابن المسلمة. وجدت له في مجموع من مدائح عميد الدولة ابن جهير:
تذكَر والذِّكرى تهيجُ البلابِلا ... بوادي الغضا من آل نُعْمٍ منازِلا
عفتها الرّياح الجاريات جنائباً ... تهُبُّ بها طوراً وطوراَ شمائلا
ومنـها:
أصاحِ تبصّرْ هل ترى لمح بارقٍ ... يُضيء قُصوراً باللِّوى ومعاقلا
إذا ما استطار في الغمام ظننته ... أكفّ كُماةٍ ينتضون مناصلا
يناسبه قلبي خفوقاً ولوعتي ... ضِراماً غداةَ الحَيُّ غَلّسَ راحلا
ومنـها في التخلص:
سقى الله دهراً ضَمَّ شملي وشملكم ... جميعاً وأيّاماً مضيْنَ قلائلا
حويت بها جُلّ الأَماني كما حوى ... نَصِيرُ أميرِ المؤمنين الفضائلا
وله في وصف البخيل المستبشر، والكريم العابس:
لا تَمْدَحن طَلقَ المُحَيّا باسِماً ... لا خيرَ يُرْجَى عنده لمؤّمل
إِنَّ السماء إذا اكفهرَّ سحابُها ... كان البشير بصوبٍ غَيْثٍ مُسبِلِ
وله:
لنا برمٌ ذكيّ النشّر يغني ... عن الكافور أو عَرْف الكِباءِ
إذا ما السّلك أبرزه نَظيماً ... حكى للحُسن أزرار الفِراء
وله في اللّيمو:
يا رُبَّ ليموَةٍ حيّا بها قمرٌ ... حُلْوُ المقبَّل أَلمى بارد الشَّنَبِ
كأنّها كُرَةٌ من فضّة خُرِطَتْ ... واستودعوها غلافاً صيغ من ذهب
وله في النّارنج:
أنظر إلى النّارنج يَجْ ... لُوه من الصُّبح وَضَحْ
من حمرةٍ في خضرةٍ ... كأنَّها قوس قُزَحْ
وله في الباقلاء الأخضر:
وخضرآءَ مُحقوقِفٌ ظَهْرُها ... تضمُّ لآلئ لم تثقبِ
وتحمل في رأسها شوكة ... أشبّهها إبرة العقرب
وله:
لم يبق شيءٌ في الأنام يسرّني ... إلاّ صروف الدّهر بالبُخَلاء
أحياؤهم موتى وأموات النَّدى ال ... أجواد بالمعروف كالأَحياء
وله:
أما رأيتَ الأفْقَ لمّا غَدا ... هِلاله مُلتقِمَ الزُّهْرَهْ
كعاشِقِ قَبّلَ معشوقهُ ... فاستقبلَتْ من فمـه دُرّهْ أثير الدين

أبو جعفر عبد الله بن عميد الدين أبي شجاع المظفر بن هبة الله بن المظفر ابن رئيس الرؤساء، ابن عم الوزير عضد الدين.
ذو المكان المكين، والفضل المبين، والحلم الرصين، والعلم المتين، المستكمل أدوات الكتابة: من حسن الخط والعبارة، والتصرف في اليراعة والبراعة.
هو ابن العميد الثاني نسباً وأدباً، واحد العصر فضلاً وحسباً، ابتلي بالاعتقال في الدولة المستنجدية، واستضاءت أمانيه بالأيّام المستضية. وما أجمعه لشتات المعالي، وأبدعه لأبيات المعاني، وأسلكه لجدد السلامة، وأمكنـه لقيادة الجودة والنفاسة! اعتناؤه بالنثر أكثر، واشتغاله بالترسل أشـهر، فهو الأثير الأثير فلكه في مطالع النجوم، الكبير دركه لمجامع العلوم، المأثور أثره في المنثور والمنظوم، فرند خاطره العضب الغرار ذو أثر، ومدعو صناعاته في زمانـه غير كثر.
اتفق اجتماعي معه في التوكيل بالديوان العزيز. ومما أنشدنيه لنفسه في عشرة محرم سنة إحدى وستين وخمس مئة في القمري:
وورقاء تندب فوق الغصون ... على نفسها خوفَ قنّاصها
وأشجى بكاها على نخلة ... تذكّرها كرب أقفاصها
وأنشدني لنفسه في المسك:
ما أنسَ لا أنسَ مسكاً كان يمسك لي ... بطيبه رمقاً في الحبس كان بقي
يهدي نسيمَ جنان الخلْد لي وأنا ... في النّار أشكو إليه شدّة الحرق
فلو قدرت أجازيه وهبت له ... سواد عيني وفضلَ الطِّيب من خلقي
وأنشدني لنفسه في الفرس:
وأدهم كالليل لما بدا ... مسيرَهُ والصبح قد أقبلا
ودَعه الصبح بتقبيلةٍ ... ما بين عينيه وقد طوّلا
والبرق إذْ خَجَّله عَدْوه ... حَجَّلَ منـه كل ما أَقبلا
وأنشدني لنفسه في السوط:
أنا سوط كالرعد لكن بلا صو ... تٍ أسوق السحاب من حيث تجري
قبضتني يد كبحرٍ فمن أب ... صر قبلي بحراً يسيرُ ببرّ
فقلت له: ألمعت في هذا ببيتي الشـهاب بن الصيفي، اللذين أنشدنيهما لنفسه:
لِمْ لا أَتيه على الرماح إذا ... فخرت وتحسدني الظُّبى البُتْر
واليّ سوق الريح حالمةً ... طوداً أشمّ وقابضي بحر
فإنـه وصف الفرس، والراكب وكفه، والمقرعة في هذا البيت، ولا يلحق شأوه أحد في معناه.
فقال: الذي قلت، غير هذا المعنى.
وأنشدني أثير الدين ابن رئيس الرؤساء لنفسه في السكين:
وذات حدّ يكلُّ السيف وهي إذا ... دانت على قِمم الأقلام لم تحم
تخافها الأسْدُ في الآجام ضاريةً ... فكيف تقوى بها الأقلام في الأُجُم
لكنّها إنْ برت روس اليراع مشت ... فوق الطّروس بلا ساق ولا قدم
وكلّمتك على القرطاس كاتبةً ... لا من كلام لِسانٍ ناطق وفم
وهذه آية الأقلام أظهرها ... موسى حديد كموسى جاء في الأمم
وأنشدني في التفاح لنفسه:
وتفّاحٍ أتى من خ ... دَ قاتلتي وقد جَنَت
فقلت لها لقد أهدي ... تِ ما قد جلّ عن صفتي
بعثت بـه شـهود دمي ... وحمرته ببينتي
وأنشدني لنفسه في الأترج:
أمسيت أرحم أترّجاً وأحسبه ... لصفرة فيه من بعض المساكين
عجبت منـه فما أدري أصفرته ... من فرقة الغصن أو خوف السكاكين
فقلت له: قد التفتّ في هذا البيت إلى بيت الغزي:
كالشمع يبكي ولا يدري أعَبرته ... من صحبة النار أو من فرقة العسل
ثم قلت: ولكن، لي بيتان في الأترج، وهما:
وأترّجة صفراء لم أدر لونـها ... أمن فَرْق السكين أم من فرق السكن
بحقِّ علتها صفرة بعد خضرة ... فمن شجر بانت وصارت إلى شجنْ
فعجب من ذلك، وقال: متى نظمـها فلم تخطئ المعنى؟ وأنشدني أيضاً لنفسه في الشمعة:
وشمعة في الظلام تؤنسني ... والنار فيها وفيّ تأتلق
تشبهني في الدجى وأفضُلُها ... إنّيَ طولَ النـهار أحترق
وأنشدني لنفسه في الديوان، عند حضوري معه في الاعتقال، في تاسع عشر رجب سنة ستين وخمس ومئة:

إنّي لأعشق من تملا محاسنـه ... أذني ولم تَر عيني وجهه الحسنا
والعشق بالقلب إمّا العين تصدقه ... وصف الحبيب وإما تصدق الأذنا
وأنشدني لنفسه ما يكتب على مروحة:
أحسن ما روّح بي شادن ... يداه تحكي اللؤلؤ الرطْبا
يروّح الجسم بترويحه ... وحسنـه قد روّح القلبا
وأنشدني لنفسه في الدفتر:
خير ما جالس اللبيب كتابٌ ... لا قرين فيه ريا ونفاق
وهو مثل الرّياض حقاً كما أَو ... راقه بينـه لها أوراق
وأنشدني لنفسه:
قلت شعراً قالوا بغير عروض ... ناقص والعروض بالميزان
قلت إنّي لصّ القوافي وديوا ... نيَ من شعر كلّ ذي ديوان
أَسرق الشعر لا بوزنٍ وما يس ... رق إلاّ حرف بلا ميزان
وأنشدني لنفسه:
وصَيْت بي من كان أخ ... ذ عطاي مُنْية قلبِه
والذَّنب للأيّام في ... عكس الرّجاء وقلبه
كالمرء يأكل رزقه ... في الصّيد من يد كلبه
وهو مأخوذ من قول أبي نواس:
أنعت كلباً أهله من كدّه ... وكُلّ صيدٍ عندهم من عنده
وله في مرثية ابن التلميذ الطبيب، وكانت وفاته سنة ستين:
أودى أبو الحسن الطبيب، فمن ترى ... يبقى ليوم فضيلة مشـهود
قد قلت لما أن نعوه وأَمطروا ... حمر الدُّموع على الثّياب السُّودِ
فُقِد الطَبيب فليس توجد صحة ال ... موجود منّا بعد ذا المفقودِ
مرض الصحيح أسىً عليه وبعده ... هلك المريض بطبّ كلّ بليدِ
فكأَنّما الأرواح من أنفاسه ... كانت تدبُّ بأعظم وجلودِ
قد كان يصطاد القلوب ببشره ... وبلطفه ويلين كلّ شديد
وإذا انتحت ألفاظه لبلاغة ... ركب القريب فنال كلّ بعيد
فالنّاس مأتمـهم عليه واحد ... من شامتٍ ومؤالف وحسودِ
وأنشدني لنفسه في كتاب صنّفه الوزير في شرح الصحاح، وهو:
كسرتَ الصحاح بتفسيرها ... وأصبحت تضربها في الكسور
أكنت دليلا عليها لنا ... وهل كان أعمى دليل البصير
وما كنت تقصد تهذيبها ... ولكن لتهذي بها في الصدور
وأنشدني له:
يا علّة الفالج لا تتركي ... مَنْ صحَّة العالم في سقمـه
وأنشدني له في الحبس:
أفادني السجن منـه عقلاً ... لعقله سُمتي اعتقالا
لكنَّه شفَّني بغم ... غادرني بالضنى خيالا
يضيء للعقل كلّ شيء ... إذ صرتُ من دقتي هلالا
وله فيه:
إن حاول الدهر إخفائي فإنَّ له ... في حبسيَ الآن سراً سوف يبديه
أعدَّني للعُلى ذخراً ومن ذَخرتْ ... يداه في الدهر شيئاً فهو يخفيه
وله في استهداء تقويم:
تفاءلت بالتَّقويم حين طلبته ... لعلَّ بـه تقويم ما اختلَّ من حالي
وللفأل في بعض الأمور إصابة ... وقد يحكم التقويم أيضاً بإقبالي
فأنعِمْ بـه حتى يقولوا تطوَّلَتْ ... يداه بما نالت من الفَلك العالي
وله في يهودي كان كاتباً بالعين وشفائي، وصرف:
خدمت بالعين وقد فرّقوا ... بينكما يا سخنة العين
العين لا تسخو بإنسانـها ... لو كنته ما زلت بالعين
وأنشدني في الغزل له:
تجري دموعيَ شوقاً إنْ نظرت إلى ... بدر السماء وبدرُ الأرض قد غابا
ما أطيبَ العيشَ لو كانا معاً طلعا ... وأجملَ الصبرَ لو كانا معاً غابا
وجدي بكم فوق ما قد كنت أعهده ... لم ينقص البعد من وجدي ولا عابا
يكفيكُمُ سهري في وقت نومكُمُ ... ومُرُّ عيشي إذا ما عيشكم طابا
وله في الزهد ومناجاة الله قبل خروجه:
يا أكرم الأكرمين يا مَنْ ... يطمع في جوده العبيدُ
ليس عجيباً خلاص مثلي ... مِنْ سجنِ مَنْ بأسه شديدُ

هل هو إلا عبدٌ لمولى ... له جميع الورى عبيدُ
يا مُخرج الأعظُم البوالي ... عَجِّلْ خروجي كما أريدُ
فكلّ ما قد كرهت منّي ... قد تبت منـه فما أعودُ
قد بان في شدّتي صديقي ... وبان لي المبغض الحسود
وكان هذا لِلوصل أهلا ... وذاك أهلا له الصّدود
وقد أفادتنيَ الليالي ... تجارباً مثلها يفيد
وأنشدني له إلى جهة أم أمير المؤمنين المستنجد بالله أبياتاً كان التوقيع عليها سبب الإفراج:
يا من لها شرف كفا ... طمة وعائشة ومريمْ
وعطاؤها كالغيث لا ... بل جودها أندى وأكرم
والخير من بركاتها ... وجودها الله يعلمْ
لا فخر مثل فخارها ... فيمن تأخر أو تقدّمْ
ولها أمير المؤمني ... ن خليفة مولى محكّمْ
مثل النبيّ محمد ... في الناس ممدوح معظّمْ
إن كان يوسف حسنُهُ ... في مصر أعجبَ من تَقدّمْ
فالحسن في كلّ البلا ... د ليوسف هذا مسَلَّمْ
فبحقّه قسماً تذكر بالسعيد عساه يرحَمْ
وله من أبيات يصف بها مرثية بعضهم:
رَثيتَ مَن ذكره يغثي ... فاصبرْ على القيء يا سميع
فإنّه كالمدام مُرٌّ ... والفيء من شربها ذريعُ
لكنْ لها نشوة الحميّا ... في آخر الأمر يا خليع
وله في النثر في صديق له زاره في محبسه، ثم انقطع عنـه: إن استدعينا حضورك أيدك الله، عرضناك للعناء، وإن تاركناك أعناك على البعد والجفاء. والأولى بك أن ترد أمر ترددك إلى هوى مودتك، فإنـه ينشطك على المواصلة والطلب، وتتهم مشورة الرأي في مقام الخطار، فإنـه يثبطك عن التعب أو العطب. فإن فرسان الوغى، وأهل الصبابة والهوى، لو لم ينزلوا من قلل عقولهم قليلاً، لم يجدلوا قتيلاً، ولا وجدوا إلى قضاء وطر سبيلاً. وقد زرع أيده الله زرعاً ما يقوم بسقيه، غير سعيه؛ ولا ينشيه، إلا تردده وتمشيه. فإن راعاه رعاه، وإن جنى عليه بجفاه حُرمَ جناه.
(وله إلى ابن شـهاب الدين، وقد رزق ولداً: عرفت أطال الله بقاك مقدم القادم الميمونة غرته، المأمولة رؤيته، الطالع في سماء مجده هلالاً، الناطقة شواهده بأنـه يصير بدراً يملأ العيون جمالاً وكمالاً، فتضاعف تصيبي من المسرة بـه والاستبشار، ووددت أن تمتد يدي عند الورود بـه إلى النثار، وشكرت الله على هذه الموهبة النفيسة التي زاد بها عدد هذا البيت فتزينوا بجمالها، وترشحوا للتكثير بها وبأمثالها، والخالق المصور بفضل حكمته يجعله على فطرة الحكمة وعلى الهمة مولوداً، وفي مـهاد السيادة والزيادة وداً، وفي الخير والصلاح ناشياً، وإلى رتب النـهى والعلى كل يوم صاعداً راقياً، وأن يجعله لبيباً نجيباً، وإلى كل القلوب قريباً حبيباً، ويتبعه بأخوة بدور، يقرون الأعين ويشرحون الصدور، ويملأون الأفنية والدور والمجالس والصدور، ليقوى بهم أزره، ويبقى إلى آخر الدهر صيته وذكره، ويرزق الاستمتاع بهذا الولد السار البار، وبما سيتلوه من الأولاد الصغار والكبار، موقى فيهم كل ما يخافه ويحذره، ملقي منـهم جميع ما يختاره ويؤثره، ولا بَرِحَ يستظلّ ويظللهم، بظل جدهم الصاحب الكبير جامع شمله في العز وشملهم، ليكونوا لقول الأول مستحقين:
سعوا للمعالي وهم صبية ... وسادوا وجادوا وهم في المـهود
ونالوا بِجِدِّهمُ جَدّهمْ ... فإنّ الجدودَ عُلا للجدود
وله رسالة عَمِلها لبعض أصدقائه إلى بعض الكتّاب:
أعزّ الله دعوة مستهام ... بذكرك في الصباح وفي المساء
دعاك على النوى بلسان شوق ... دُعا الظمآن من عطش بماء
يصعّد فيك أنفاساً ضعافاً ... فلو هبّت لطار إلى اللقاء
وما تقوى على ذا البعد نفسي ... ولا نفس بأرض أو سماء

كتب خادم المجلس السامي هذه الخدمة، عن خاطر مملوء بالمحبة وناظر مردود عن النظر بعده إلى أحد من هذه الأمة، ولسان، مملوء ببث الأشواق والأشجان، فائض عن جنان رحب، وبيان سكب. وذا كان الصاحب المخدوم محبباً إلى أنفس مواليه، والخادم المشتاق بليغاً لسناً فيما يخاطب بـه أو ينشيه، تدفقت ينابيع الكلم من خلال خطابه وكتابه، وارتفعت عوارض التهم عن أوصاف ذاته بالمحبوب وغرامـه، وصارت عبارات المحبين من أهل الهوى، وإشارات الممتحنين بالأشواق على طول البعد والنوى، مسلوكة على طريقته، مسبوكة على جسم لطيمته، مرددة من منطقة، مرقعة بخرق خرقه.
لا يدعي كلفي في الحب ذو كلف ... أنا الأمير على العشاق كلِّهم
ولولا أن شكل الزمان وشغل القلب الشاغل بالأهل والأوطان، يقيدان ذا الصبابة عن الخفوف، إلى من هو بـه صب مشغوف، والقدوم، على من يشتري يوم وصاله بالنوم وانضاء الركائب وعناء الجسوم، لكنت أجعل مقيلي دائماً لديه، ورحيلي وافداً من منزلي عليه، ومن حضرته إليه. وها أنا مذ الآن مجدّ في قصده، وآخذٌ أهب المسير عند إقبال القر لتقر بـه عيناي، وأستريح بـه من شدة عناي، وأشتو عنده شتاء الأعرابي النازل على آل المـهلب حين ذم زمانـه وشكا محله، فما زال بـه إكرامـهم وافتقادهم حتى حسبهم أهله. ووصل إلى الخادم تشريف حلله وجمله، فود لو اتبع إنفاذ تشريفه، باستنـهاضه في بعض المآرب وتكليفه. ولقد تأمله عليه صدور العراق فما منـهم إلا من شكر وبشر، وأثنى عليه خيراً وذكر.
وبعد، فلئن ألبس خادمـه خلعة غدا ثوبها مبهجاً، وسيكون غداً منـهجاً، فقد ألبس مجده حلة من الثناء والإطراء يبقى حديثها على الأيام طرياً أرجاً، والله لا يسلب كافة أوليائه، سابغ ن وآلائه في قرب أو بعد، وكسوة حر أو برد، والسلام).
وكتب إلي، وهو في الاعتقال سنة إحدى وسبعين، زمان اشتغالي بحل أقليدس:
ماذا يضرّ العزيز يوماً ... إن زار في أسره الذليلا
لو كان يبدي إليّ مَيْلاً ... لكان يسعى إليّ مِيلا
يا ملهماً حلّ كّلِ شَكْلٍ ... يقيم في حلّه الدليلا
أقليدسي في الأسار شكل ... فابغ إلى حلّهِ سبيلا
فكتب جوابها قطعةً طويلة على وزنـها.
وأنشدني لنفسه ممّا كتبه إلى صديق له يستزيره وهو في الحبس:
الحيُّ لِمْ يُهْجَرُ في حبسه ... والمَيْتُ لا يهجر في الترب
إن لم يكن لي فرج عاجل ... فعجّلوا لي فرج القرب
فأنتم الدّنيا إذا أقبلت ... عليّ كانت منية القلب

كمال الدين أبو الفضل عبيد الله بن الوزير عضد الدين بن رئيس الرؤساء.
شـهم مـهيب، وله فهم مصيب. وهو غضنفر بني المظفر، وقيل آل الرفيل. لما تولى أبوه الوزارة، صار أستاذ الدار، فغضت لهيبته الأبصار.
وبيني وبينـه من المعرفة وله عند من العارفة ما يوجب علي عرفان قدره، والاعتراف بشكره.
وله شعر يروق ويفوق، ومنـه قوله في بعض المماليك المستنجديه، وكان مليحاً:
وأهيف معسول الفكاهة واللمى ... مليح التثنّي والشمائل والقدّ
به ريَ عيني وهو ظامٍ إلى دمي ... وخدّي له وردٌ ومن خدّه وردي
ولي فيه مديح، ومن ذلك أنّه كتب إلى أخي من العراق يشكره على تكفله بأسبابنا، وتكلفه لآرابنا، فعملت فيه قصيدةً، وسيرتها إليه من الشام، مطلعها:
قضى عمره في الهجر شوقاً إلى الوصل ... وأبلاه من ذكرى الأحبّة ما يبلي
وكان خليّ القلب من لوعة الهوى ... فأصبح من بَرْح الصبابة في شغل
وأطريه اللاحي بذكر حبيبه ... فآلى عليه أن يَزِيد من العذل
وإنّ مرير العيش يحلو بذكركمْ ... وهل لمرير العيش غيريَ مُسْتَحْل
وصالكم الدنيا وهجركم الردى ... وقربكُمُ عزّي وبُعدكُمُ ذلّي
ومستحسنٌ حِفظ الوداد فراقبوا ... لأجل اقتناء الحمد نـهديّ لا أجْلي
نَفى الصبر من قلب المتيّم حَبلُهُ ... وكيف ثبات القلب في مسكن الخبل
فقلبيَ بين الشوق والصبر واقفٌ ... على جَدَد بين الولاية والعزل

إذا ما بقاء المرء كان بوصلٍ مَنْ ... يحبَ فإن الهجر نوعٌ من القتل
وهل نافعي عذل ونصح على الهوى ... وعذليَ يُغري بي ونصحيَ لا يسلي
وما كنت مفتون الفؤاد وإنّما ... عليّ فتوني دلَه فاتنُ الدلّ
نحولي ممّن شدّ عَقْدَ نطاقه ... على ناحلٍ واهٍ من الخصر منحلّ
إذا رام للصدِّ القيامَ أبت له ... روادفه إِلاّ القيامَ على وصلي
كبدر تجلّى في هَزِيع من الدجى ... وغصنٍ تثنّى فوق حقف من الرمل
وناظره نشوانُ لا من سلافة ... سقيمٌ بلا سقمٍ كحيل بلا كحل
وأشـهد أنّ الحسن ما خطّ خطّه ... بعارضه والسحر ما طَرفه يُملي
وما لحظه إلاّ عُقارٌ فإنّني ... وجدت هوى عينيه يذهب بالعقل
سقى الله بالزوراء عصر استقامتي ... لإنجازه الوعد المَصَون من المَطلْ
غداة نضوت الجد أبلى جديده ... ولا عيشَ إلا هزّ عِطْفي إلى الهزل
أنادمُ غرّاً من أفاضل أهلها ... كراماً وكلٌّ حلية الزمن العطل
وإخوان صدق للصداقة بيننا ... صفاء صدور طهّروها من الغِلّ
ندارس آي العقل من سورة الهوى ... ونفهم معنى العلم من صورة الجهل
وها أنا قد أصبحت بالشام شائماً ... سنا بارق من غير وبل ولا طلّ
يؤهَلني للبعد من كلّ حظوةِ ... ويحرمني اللذات بعدي من الأهل
ولا صاحب عندي أحاول نصره ... بتخفيف ما يعروه من فادح الثفل
وإنّي أرى عين الخصاصة ثروتي ... إذا عجزت عن سدها خَلّة الخِلّ
أُلايِنُ حسادي الأشدّاء رِقبةً ... لهم وأعاني الصعب بالخُلُق السهل
وأبقي مداراة اللئيم لعلّه ... يبيت ولا يطوي الضمير على دغل
سوى السوء لا تجدي مداراة حاسدي ... كما يستفاد السّمّ من صلة الصّلّ
ومن نقص دهري قصد فضلي بصرفه ... ليرخص منـه ما من الحقّ أن يغلي
وإنّي من العلياء في الكنف الّذي ... بـه حظُّ فضلي كلّما انحطّ يستعلي
وماذا بأرض الشام أبغي تعسّفاً ... ولا ناقتي فيها ترام ولا رحلي
ولي حرمٌ منـه الأفاضلُ في حمىً ... من الصون بالمعروف بالبذل في حِلّ
ومن جملة المديح:
أبي الفضل فيه أن يكون كماله ... لغير كمال الدين أعني أبا الفضل
رحيب النوادي والندى واسع الذرا ... رفيع الذُّرا عالي السنا وافر الظِّلِّ
نداه حيا المعروف قد شمل الورى ... عموماً وغيث الخصب شرّد بالمحل
إذا خفيت سُبْلُ الكرام فإنّه ... كريم المساعي بينـهم واضح السبل
وفي الجدب إن جادت سماهُ سماحة ... بدا زَهَرُ الإسعاف في الأمل العقل
تساوى له الإعلان والسرّ في العلى ... فخلوته ملء المـهابة كالحفلِ
فتى السنّ إلاّ أنّ للملك قوةً ... بما هو يستهديه من رأيه الكهل
من القوم أمّا المال منـهم فعرضة ال ... سماح وأمّا العِرض منـهم فللبخل
أَضاء زمان المستضيئ إمامِنا ... بآرائه الميمونة العَقد والحلّ
فمن رأيه ما يطلع السعد من سنا ... ومن عزمـه ما يطبع النصر من نصل
ومنـها في صفة الروض:
وما روضة غناء مرهوبة الثرى ... مُضَوَّعة الأسحار طيّبة الفصل
شمائلها طابت وطاب شمالها ... سقتها شَمُولاً عند مجتمع الشمل
تردّد أنفاس النسيم عليلة ... عليها فيشفي مرُّها كلَّ معتلّ
تهبّ الصبا فيها بِليلٍ بَليلةً ... على زهَر من عبرة الطلّ مبتلّ
لها من ثغور الأقحوان تبسّم ... وتنظر عن أحداق نرجسها النُّجْل

كأنّ نُعاماها تبلّغ نحونا ... تحايا قرأناها على ألسن الرسل
تؤرّج أرجاء الرضا كأنما ... تجامل في حمل التحية عن جُمْل
مرجعةٌ فوق الغصون ُها ... فنونَ هدِيلٍ بين أفنانـها الهُدل
تنوح بها الورقاء شجواً كأنّها ... مفجّعة بين الحمائم بالثكل
مطوّقة أبلت سوادَ حِدادِها ... ففي الجيد باق منـه طوق له كُحْلي
بأحسن من أَخلاقك الزُهْر بهجة ... وأذكى وأزكى من سجيتك الرسل
ومنـها:
إليك سرت منّي مطايا مدائح ... من الشكر والإحماد مُوقرةَ الحمل
سوائر في الآفاق وهي مطيفة ... ببابك دون الخلق مخلوفة العُقْل
تهذّب معناها بصقليَ لفظها ... كما بان إثر المشرفيّ لدى الصقل
وإن يجل شعري في مديحك رونقاً ... وحسنأً فإنّ الشـهد من نِحَل النَّخل
سلمت ولا لاقت عداك سلامةً ... ورهطك في كُثر وشانيك في قُلّ
ودمت ولا زالت بسطوك ديمة ال ... وبال على الأعداء دائمة الوبل
ودرّت لك النعمى على كلّ آمل ... بقيت بقاء الذرّ والحرث والنسل
أخوه:

عماد الدين أبو نصر علي بن الوزير عضد الدين أبي الفرج محمد بن عبد الله بن المظفر رئيس الرؤساء. شاب يتوقد ذكاء، ويتوقر حياء، ويتوقى لله اتقاء، ويتوقل في ذروة المجد ارتقاءً، ويتوقع لحظوة الجد احتظاءً، مرتدٍ بالتقوى، ومسدٍ للجدوى، ومتحلّ بمحاسن الأخلاق، ومتجلّ بأنوار الفضائل في الآفاق. قد خلّى الدنيا وتحلى بالدين وسلك طريق أهل اليقين، وملك التوفيق من الله رب العالمين، فأصبحت وزارة والده بسيرته حالية عالية، وبقيمة فضله غالية، وبديمة إفضاله هامية.
وله نظم أرق من النسيم السحرين وأدق من المعنى السحري، وأعطر من العنبر الشحري، وله عندي فوائد، ولي فيه مديح وقصائد.
ومن شعره السائر، في البادي والحاضر، ويغنى به:
قف باللّوى إن تناءت الدارُ ... فعند تلك الأوطان أوطارُ
وشِمْ لها بارِقَ السحاب فإنْ ... ضَنَّ فماءُ الجفون مدرار
أحبابنا أزمعوا الرّحيل وما ... أظنّ أنّي أعيش إنْ ساروا
راحوا بقلبي وخَلَّفوا جسداً ... جارَ عليه السَّقام مذ جاروا
أحِبّ نجداً إن انجدوا وإذا ... غاروا فعندي للغور إيثار
لا عُذْر لي في الحياة بعدهُمُ ... النْار في حبّهمْ ولا العار
وبيني وبين هذا الوزير عضد الدين خلوص وداد، وخصوص اتحاد. ولما وصلت إلى الشام، وأحوجني التلبس بأشغال المملكة إلى المقام، كتبت إليه قصيدة أتشوقه فيها وأمدحه بها، وذلك عقيب وزارة أبيه، وزهده وتأبيه، أولها:
لائم للمِحبّ غير ملائمْ ... هام قلبي وقلبُهُ غير هائمْ
لم يزل واجداً عليَّ لأنّي ... بتُّ للوجْد واجداً وهو عادم
أغتدي للهوى سليباً سليماً ... وهو سال منم الصَّبابة سالمْ
ناصحي غير عالم بالَّذي بي ... ومن الغَبْن ناصح غير عالمْ
خَلِّ يا خِلُّ في الهوى عذل صبّ ... واجد من لواذع العذلِ واجم
لا ترع بالملام مَنْ ليسَ يخْشى ... في سبيل الغَرام لومة لائم
لا تظنْ الهوى مفارقَ قلبي ... فهو وصفٌ كما علمتَ ملائم
لفؤادي ضمانةٌ وغرامٌ ... أتْلَفاه بلا ضمين وغارم
نار وجدي دخانـها في شحوبي ... وفؤادي صالٍ ووجهيَ ساهم
قد كتمت الهوى وباح بـه الدَّم ... ع فسرّي ما بين مُفش وكاتم
من لِصَبّ رمته مُقلةٌ رئمٍ ... حبّه من ضميره غير رائم
لجفون البيض الصوارم بيضٌ ... لم تزَلْ في الجفون وهي صوارم
وبوادي العُّذَيْب أُدْم ظباء ... فاتكات لحاظها بالضراغم
وبنفسي ظامي الوشاح على عذ ... ب لماه قلبي المُعذّب حائم

فحِمى العشق آهلُ الربع منـه ... وحِمى الصبر عنـه عافي المعالم
ساحر طرفهُ وساجٍ وإنّي ... لتمنّيه ساهِرُ الطّرف ساجم
قرّبَ الطيفُ وصلَهُ وهو ناءٍ ... وأتاني مستيقظاً وهو نائم
أنصفاني رأيتُما قطُّ مظلو ... ماً قضى نحبَه على حبّ ظالم
حبّذا والحبيب في الوصل منّي ... راغبٌ والحسود بالكره راغم
وسقى الله عيشنا المتقضّي ... ورعى الله عهدّنا المُتقادم
حين عصْرُ الصِّبا كحاليَ حالٍ ... وهو في مَرّه كأحلام حالم
فليالي العراق بيضٌ من البي ... ض غوانٍ من الغَواني غَوانِمْ
وزماني مساعِدٌ ورفيقي ... في الهوى مُسعدٌ ودهري مسالم
ومنادي المنى مُجاوبه الاس ... عافُ والسؤل للنجاح منادم
ومن الأكرمين كلُّ نديمٍ ... لستُ من قربه مدى الدهر نادم
ما فقدنا السرور إلاّ هِدانا ... كلُّ هادٍ لما بنى الهمُّ هادِم
وبذاك الجَناب أوطان أوطا ... ري كما أنَّها مغاني المغانم
ومَراد المُراد بالعُرف زاهٍ ... ومَراح المِراح بالعَرف فاغم
ومبيتي ما بين كأسٍ وثغر ... راشفاً منـهما متى شئتُ لائم
ورد خّدٍ نَدٍ وغُصن قوامٍ ... ذا جنيٌّ غضٌّ وذلك ناعم
فأنا اليوم بالشَآم وحيدٌ ... لِسَنا البارِق العراقيّ شائم
لا وَدودٌ على وفائي مُقيمٌ ... لا وفيٌّ بشرط وُدّيَ قائم
أبداً بين هِمَّتي وزماني ... في اقتراحي وفي اطّراحي ملاحم
عَظُمت هِمّتي وها أنا أستصْ ... غرُ في المطلب العظيم العظائم
ما نجا من مطاعِن العجز راضٍ ... بِمَلاهٍ من عَيشـه ومطاعم
مبتَغي قلبيَ المُشوق ببغدا ... دَ وجسمي نائي المَحلّ بجاسِم
ليتَ شعري متى يُبشّر عنّي ... أصدقائي فيها بنيّ قادمْ
ما لشَمْلي بها سوى أمر مولا ... ي عماد الدّين الممّلك ناظمْ
ومنـها في تقريظه:
واحد العصر ثالث الشمس والبد ... ر وثاني الحيا بغير مُزاحم
إنْ يكن مانِحَ المراحم بالجو ... دِ فبالبأس مانِعٌ للمحارم
شَيّدَ المجدَ وهو في المـهد شدّت ... بتمام العلى عليه التّمائم
وهو بالحزم مُدركٌ كلَّ سؤلٍ ... ولَعمْري كم حازماً رام حازِم
نُطْقُ قسٍّ ورأي قيسٍ وإقد ... مُ عليّ وجود كَعْب وحاتِم
وندىً فرّق الخزائن مقتا ... داً إلى المُعدِم الغِنى بالخزائم
بشّر البِشر منـه كلِّ مُرجٍّ ... دِيمة الخير بالنِّجاح الدائم
طالعةٌ طلقةٌ وباعٌ طويل ... ويدٌ بسْطَةٌ وثغرٌ باسم
وعطايا غُزْر وغُرُّ أيادٍ ... وسجايا زُهرٌ وبيضُ عزائم
كفلت كفّه بنُجْح الأماني ... ونُشور الآمالِ وهي رمائم
فله في التُّقى مآثر نزّهْ ... ن سجاياه عن جميع المآثم
ومنـها:
ما رياضٌ فاحتْ لطائف نفا ... س صَباها لطائِفٌ ولطائم
أَظهرَتْ سِرَّ نشرِها فكأنْ قد ... مشت الريح بينـها بالنّمائم
وَشْي نوارها المفوّفُ أسدى ... وأنارت فيه أكفُّ الغمائم
كقدودٍ تعلَّقتْها قلوبٌ ... ذات شجو غصونـها والحمائم
فَبِشَدْو الغِناءِ للوُرقِ أعرا ... سٌ وبالنوح للحَمام مآتم
من سجايا بني المُظْفّر أبهى ... ومساعيهمُ الحِسان الكرائم
ما استقامت إلاّ بهم سُنَّةُ الشر ... ع ودين الهدى ودولةُ هاشم

واستوت في خضارِم الرأي فلك ال ... ملك منـهم على مَراسي المراسم
أحسنوا العفو والتجاوزَ حتّى ... مَهّدوا حرمةً لأهلِ الجَرائم
كم بكت أعين اللّيالي فعادتْ ... وهِيَ اليوم ضاحكات المباسمْ
وبشمس الورى عليّ أبي نَصْ ... رٍ تجلّى عنّا ظلام المظالم
ذو نوالٍ لكلّ عاف معاف ... ولسقم الرّجا مداوٍ مداوم
ففدا كم بني المظفّرِ عاصٍ ... لم يطع أمره من الأمر عاصم
من محاسُنّه المحاسن بالش ... رّ وما زال للمساوي مُساوم
كم رديءِ رَدٍ وساعٍ كمينٍ ... في سعيرٍ وجاحدٍ فيَّ جاحم
ومنـها:
يا ابن من حكمـه على الخَلْق طرّاً ... وعلى ماله مرجّيه حاكم
أنا راقٍ في هُضْب علياك مدحاً ... ولطرز الثناء بالنظم راقم
غير قاصٍ عن قاصدٍ لك عُرفاً ... لفقار افتقاره هو قاصم
لم يَزلْ فائزاً بصدق الأماني ... كلُّ راجٍ لظنّه فيك راجم
بالمُوالين قوّة للموالي ... والخوافي بها نـهوض القَوادم
وكان يُنعت قبل وزارة والده بشـهاب الدين.
ولما اعتقلت بالديوان ببغداد، كتبت إليه قصيدة طويلة:
لو كنتَ تعلم منتهى بُرحَائه ... حابَيْتَ إبقاءً على حَوْبائه
ولكنت تترك في الغرام ملامـه ... كيلا يزيد اللّوْم في إغرائه
لا تنكِرنْ ضحكي أريك تجُّلداً ... ضحك الحَيا بالبرق عين بكائه
ما كنت أعلم دمع عيني مفشياً ... سراً لهم أشفقت من إفشائه
حتى جرى في الخدّ منّي أسطراً ... فعرفت أنَّ الشوق من إملائه
ما كان أعذب بالعذيّب لدى الصّبا ... عيشاً أمنت فناءه بفنائه
إذ كاسمـه ماء العذيب وأهله ... في العزّ تحسدهم نجوم سمائه
والحيّ شمس الأفق تخبأ وجهها ... منـه حياءً من شموس خبائه
أيام لم أبصر جميلاً فيهم ... إلاّ وفاء إلى جميل وفائه
ومقرطق ألفيت قلبي آبقاً ... منّي له فالقلب قلب قبائه
قلق الوشاح محبُّه قلق الحشا ... فكلاهما ظامٍ إلى أحشائه
ويشدُّ عَقْد نِطاقه في خصْره ... حذراً عليه لضعفه ووهائه
بدرٌ فؤادي في محبّة وجهه ... بدريّه المعدود من شـهدائه
إشراق غرِّة وجهه في صدغه ... يبدي لك الإصباح في أمسائه
منشور إقطاع القلوب عذاره ... فالحسن جند وهو من أمرائه
وله الشباب الغضّ أبدع كاتب ... إذ خطّه المرقوم من إنشائه
في عارضيه سواد أبصار الورى ... قد شفّ من ماء الصّبا لصفائه
والصُّدغ منـه لعارضيه معارض ... وسواد ذاك الخطّ من أفيائه
رَمق المحبّ ولم يدعْ رَمقاً له ... هلا أخذت زمامـه لذمائه
أعدى سقام اللّحظ منـه محبّه ... يا محنتي منـه ومن أعدائه
وسقام مقلته زيادة حسنـها ... وأراه في جسمي زيادة دائه
يا صاحبيّ الصاحيين من الهوى ... قد طال عهدكما بكأس طلائه
لا تطمعا في أن أفيق فإننّي ... يا صاحبيَّ سكرت منم صهبائه
لا تسمعاني فيه ما أنا كارهٌ ... إنّ المحب يصدُّ عن نصحائه
ولقد أصمّ عن الكلام تغافلاً ... لأُنزّه الأسماع عن فحشائه
أروي حديث الحادثات وخطبُها ... لي يخطب الأهوال من أهوائه
يخفي الزمان سناي في إظلامـه ... إخفاء ألْثغ سينـه في ثائه
لما مضيت له براني صَرْفه ... مثل اليراع فبرْيه لمضائه

حتَّام أرضي الضّيم من أدوانـه ... وإلى متى أغضي على أقذائه
إحفظ لسانك أن يطول فإنّما ... قصر اللّسان يكُفُّ من غلوائه
والشمْع قطع لسانـه من طوله ... وحياته سببٌ إلى إردائه
ومقاسمٌ في ثروتي لمّا رأى ... عدمي غدا مستأثراً بثرائه
قوَّمت في زمن الشدائد غصنـه ... فاعوج إذْ هبّت رُخاء رَخائه
ونفعته لمّا تناهى ضرّه ... فأعضته السّراء من ضرّائه
قلبي من الإشفاق محترقٌ له ... كالشمع وهو يعيش في أضوائه
متناومٌ عنّي إذا ناديته ... ولطالما استيقظت عند ندائه
إنْ أستزده يزد كراه وزائدٌ ... تحريك مـهد الطفل في إغفائه
ولئن جفاني الدهر في أحداثه ... فلأصبرن على فظيع جفائه
فالله يفعل ما يشاء بخلقه ... وجميع ما يجري لنا بقضائه
فاستعد من ريب الزمان بصاحب ... تعدي فضائله على عدوائه
واشك الزمان إلى شـهاب الدّين كي ... يبدي رياض الخصب في شـهبائه
ونداه ناد فإنّ أندية المنى ... مخضرّة الأكناف من أندائه
وهو الشـهاب حقيقةً فالفضل من ... أنواره والطول من أنوائه
كالشمس في آرائه كالغيث في ... آلائه كالصبح في لألائه
لله راحته ففيها راحةٌ ... لمؤمّليه ومرتجي نعمائه
فعداته يفنون من إعطابه ... وعفاته يحيون من إعطائه
يغضي حياءً والمـهابة كلّها ... في أنفس الأعداء من إغضائه
ويغضُّ عيناً للوقار ونوره ... لتغضّ عين الشمس دون لقائه
إنْ كان ما غثت معاني مدحه ... منّي فما رنت حبال حِبائه
ومنـها في الاستنجاد على الإمام المستنجد:
أبني المظفر ما يزال مظفّراً ... راجيكمُ أيداً بنيل رجائه
وإذا عرا خطب ملمٌّ مؤلمٌ ... داويتُمُ بالجود من أدوائه
يا من علا يحكي أباه وجدّه ... زان العلاء بجدّه وإبائه
يعني الزمان بمن عنيت بأمره ... حاشاك تترك عانياً بعنائه
فانصر أبا نصرٍ على زَمَنٍ أبى ... نصري لفضل أنت من أبنائه
واشفعْ تشفّع وعده بنجازه ... أنّى يخيب وأنت من شفعائه
ذكرْ بحالي الصاحبَ المولى الّذي ... يقوي أمير المؤمنين برائه
وقل استجار كريم بيتٍ بي وذو ال ... بيت الكريم يجد في إحيائه
والمستجير بنا مجارٌ لم يَزلْ ... ولو أنّ هذا الدهر من أعدائه
شافِهْ أميرَ المؤمنين بحاله ... فأرى شفاهك موجبٌ لشفائه
وبعده البيتان اللذان سبق ذكرهما وهما:
قل للإمام علام حبس وليّكم ... أولوا جميلكم جميل ولائه
أوليس إذْ حبس الغمام ولِيَّه ... خلّى أبوك سبيله بدعائه
ومنـها:
لولاك كان رويُّ شعري ظامئاً ... لا يطمع الراوون في إروائه
والفضل بين بنيه أوْكدُ نسبةً ... فَأغث كريماً أنت من نسبائه
وإنما ذكرت شعري فيه، إعراباً عن فضله ونبله، وتسييراً للمثل في ذكر سيرة مثله.
عمر:

تاج الدين أبو علي الحسن بن عبد الله بن المظفر، أخو عضد الدين الوزير، الكريم المطلق، والحليم الموفق، والصاحب المصحب، والمغدي للكرام المقيت.
ولي في الوزير وفيه مدائح إن أثبتها أكثرت في الكتاب نظمي، وخرجت عما هو رسمي.
وتاج الدين هذا جواد بني المظفر، ورئيس بيت رئيس الرؤساء، وشيمته أصفى من زلال الماء، وقرائحه في نظم أبيات. غير أبيات. وأكثر ما رأيت ميله إلى اللغز والمعمى والأحاجي. وسأورد من ذلك ما أتذكره، وأنا على ما سلف منـه في حقي من العارفة أعرف له وأشكره. بنو المطلب الأجل رضي الدين هبة الله بن محمد بن الوزير ابن المطلب، من بيت السؤدد والفضل.
أدواته في الأدب كاملة تامة، ذو نوادر للخاصة والعامة.
له الخط الرائق، والفضل الفائق. إذا كتب أغضى ابن مقلة مقلته حياء، وأغلق ابن البواب بابه خجلاً. وإذا ترسل فاسترسل كان لفظ عبد الحميد، للفظه عبداً غير حميد، لكن له لوثة ما تكاد تصحي سماء فضله بسحابها، ولا تبرز شمس أدبه من حجابها.
قصر حظه عن خطه، فصار موجباً لخموله وحطه. وحيث نسخت آي الفضل في عصرنا فلم تقم سوقه، اقتنع بأن يكون ناسخاً لما رأى عهد الأدب منسوخاً، وعقده مفسوخاً.
ورأيت أهل الأدب الأكابر ينبزونـه بالجرذ، ويتطايبون معه به، وهو كثيراً ما يذكره فيما ينظمـه تعريضاً، وربما صرح به.
ونثره في غاية الحلاوة، واستشـهاداته واقعة موقعها، وأبياته مضحكة.
أنشدني لنفسه:
فديت من في وجهها سنَّةٌ ... أشـهى إلى القلب من الفرض
تنسى عهوداً سلفت بيننا ... كأنما قد أكلت قرضي
هذه إشارة إلى أن أكل الطعام الذي قرضه الفأر، يورث النسيان على ما يقال.
وأنشدني لنفسه في الهجو:
ألا قبّح الله هذي الوجوه ... وبدَّلها غيرها أوجها
فلا أفقها مُؤذِنٌ بالندى ... ولا بالعُلى مؤذِنٌ أوجها
وأنشدني لنفسه في الهزل:
بنفسي كلُوُمٌ من هواك أليمةٌ ... وأخفي الذي بي في الهوى وأكايمُ
ولي في الرّضا والسخط عندك، فاعلمي ... سفيعان: . . . قائمٌ، ودراهمُ!
وأنشدني لنفسه في ابن دينار، كاتب منثر الوزير في محرم سنة إحدى وستين، وكان أحاله عليه فمطله:
مولاي في منثركم كاتبٌ ... يزيد في ظلميَ إفراطا
مضيع للمال لكنـه ... أضحى على شؤمي محتاطا
ظنّ أباه من عطاياك لي ... فليس يعطينيَ قيراطا
وأنشدني لنفسه في الأديب مفلح أيضاً حيث مطله وكان هو عامل المنثر يخاطب حاجب الوزير:
قل لابن تركان حليف الندى: ... جواهري في النظم لم تثَقب
والقول يا مولاي لو رُمْتَهُ ... عند وزير العصر لم يصعب
مولاي يا من برُّه عاجل ... ليس بمجنوب ولا متعب
مفلحُ عُرقوب ولكنني ... أطمع في برّك من أشعب
يقول مَن لقَّبنا هازئاً: ... هذا جَسدَىً ممتنع المطلب
واعجباً من جرذٍ شاعرٍ ... يُحال بالبرّ على ثعلب!
وأنشدني له أيضاً في نائب الوزير بسبب إحالته على المنثر، وكان قد عه:
يا سيدي والطَّالب الغالب ... قد وقع اللَّصُّ على النائب
ولست أهجو مفلحاً بعدها ... قد صحَّ أنَّ الذنب للنائب
وأنشدني لنفسه في ابن تركان:
يا ابن تركان لن يدومَ سِوى الل ... ه بعلمي، وكلُّ هَمّ يزولُ
كلُّ حيّ، وإن تمادى بـه العم ... رُ طويلاً، إلى الممات يؤول
وأنشدني لنفسه في بعض الوزراء:
يا سيد الوزرآء، عبدكَ لم يزل ... يرجو العلوَّ لظلّك الممدود
فعلام ذِيدَ، وللعفاة مناهِلٌ ... من حوضك المتُلاطِم المَوْرود؟
نَثَلَ الكنائنَ للنّضال ذِياده ... عنكم فأصمى عِرضَ كلِّ حسود
وغدا يهذ من المديح قصائداً ... تزهى إلى إحسان كلِّ قصيد
وبكلِّ عافية يروح ويغتدي ... منْ ربّه لكن بغير ثريد
وأنشدني في ذم الغيم لنفسه:
ما أقبح الغيم ولو أنَّهُ ... يُمطرنا دُرّاً وياقوتا!
فكيف والآفاق مغبرةٌّ ... شوهاء لا ماءً ولا قوتا؟
وأنشدني لنفسه في واسط، ويذكر مخالطة النسيم روائح السحاه، وفيه نوع تحميض:
لله واسط! ما أشـهى المقام بها ... إلى فؤادي وأحلاه إذا ذكرا!
لا عيب فيها ولله الكمال سوى ... أنَّ النسيم بها يفسو إذا خّطرا
وأنشدني لنفسه:
نَفْضُ التُراب عقوقٌ عن مناكبنا ... لأنَّه نَسَبُ الآباء في القِدَمِ

وأنشدني لنفسه في امرأة له بذلت نفسها لغيره، وتمنعت عليه، وقد لبست على ابنـها نقاب سواد:
قلتُ لها إذ أقبلتْ ... في حُلّة كالسبج
ومنظرٍ يسبي العقو ... ل لحظه بالغنج
تضايقي تضايقي ... لا بدَّ أنْ تنفرجي!

أبو سعد محمد بن علي بن عبد المطلب كان في عهد الوزير ابن المطلب، وزير الامام المستظهر رضي الله عنـه متصرفا. وكان هجاماً على الهجاء وثلب الكبراء.
له:
عُزلتُ وما خُنْت فيما ولي ... تُ وغيري يَخون ولا يُعزّلُ
فهذا يدلُّ على أنَّ مَن ... يوّلي ويعزل لا يعِقل
وله في الهجو السخيف:
. . . حتى يسيل فوه ... ويدّعي أَنَّه . . .
ثلاثة حبّبت إليه ... التيه، والعجبُ، والسّقوط
تراه في الدَّست مثل ميت ... ذرّ على وجهه الحنوط
وأنشدني مجد الدين ابن المطلب بدمشق لأبي سعد ابن المطلب:
تنانيركم للنَّمْل فيها مدارجُ ... وفي قِدركم للعنكبوت مناسِجُ
وعندكم للضَّيف يومَ يزوركمُ ... حَوالاتُ سوءٍ كلها وسَفائج
إذا سهل الإذن العسير ورفعت ... ستورك فانظرني بما أنا خارج
وسّيانٍ بيت العنكبوت وجوسق ... منيف إذا لم تقض فيه حوائج بهاء الدين كافي الدولة ابن حمدون الكاتب كان عارض العسكر المقتفوي. ثم صار صاحب ديوان الزمام المستنجدي. وهو كلف باقتناء الحمد، وابتناء المجد. وفيه فضل ونبل، وله على أهل الأدب ظل. وألف كتاباً كبيراً سماه التذكرة، وجمع فيه الغث والسمين والمعرفة والنكرة، فوقف الإمام المستنجد على حكايات ذكرها نقلاً من التواريخ نوهم في الدولة غضاضة، ويعتقد للتعرض بالقدح فيها غراضة، فأخذ من دست منصبه وحبس، ولم يزل في نصبه إلى أن رمس. وذلك في أوائل سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
وأنشدني لنفسه في مروحة الخيش ملغزاً:
ومرسلة معقولة دون قصدها ... مقيدة تجري حبيس طليقها
تُمرّ خفيف الريح وهي مقيمة ... وتسري وقد سُدّتْ عليها طريقها
لها من سليمان النبي وراثة ... وقد ضربت إلى النبيط عروقها
إذا صدق النَّوْءُ السِمّاكيّ أمحلت ... وتمطرُ والجوزاء ذاكٍ حريقها
تحيتها إحدى الطبائعِ، إنّها ... لذلك كانت كلّ روح صديقها
وقال:
وحاشا معاليك أنْ يُستزادَ ... وحاشا نَوالُك أن يقتضى
ولكنّما أستزيد الحظوظَ ... وإنْ أمرتني النـهى بالرّضى
وقال:
يا خفيف الرأس والعقلِ معاً ... وثقيلَ الرُّوح أيضاً والبدنْ
تدّعي أنّك مثلي طيّبٌ ... طيب أنت ولكنْ باللبن! أبو المظفر ابن السببي الملقب عز الدولة، من أهل بغداد وأعيانـها. كان شاباً ظريفاً، متودداً لطيفاً، ذا كياسة، ورياسة ونفاسة، ملء الفضائل، حلو الشمائل، حسن البهجة، لسن اللهجة. أناب ابن البلدي في وزارته بوزر دمـه، وتوصل في قطع يده وقدمـه، وذلك في آخر سنة خمس وستين وخمس مئة. ولم يمض شـهران حتى انقضت أيام المستنجد، وفتك بالوزير المتبلد، ولم يتم ثأره، حتى ظهرت في تبديل الدولة آثاره.
ومن نظمـه السلس، وهو أرق من النفس، ويغنى به:
يا ناجِياً من عذاب قلبي ... وسالماً من رسِيس وَجْدي
لا تتقرب إلى ثيابي ... فإنَّ داء الغرام يعدي
تزعم أنَّ الفؤاد عندي ... لو كنت عندي لكان عندي
قد غّير الدهر كلّ شيء ... سوى جفاكم وحسن عهدي
وله:
أعيذكمُ من لوعتي وشجوني ... ونار أسى بين الضلوع دَفينِ
وبَرَّح جوى لم يُبق منّي بقيةً ... سوى حركاتٍ تارةً وسكونِ
سهرنا بنعمانٍ ونمتم ببابلٍ ... فيا لعيونٍ ما وفت لعيون!
أكاذب سمعي عن أحاديث غدركم ... وأعرفها عن صحّةٍ ويقين
ألا مخبرٌ عنّي قلوباً أبيةً ... يقول لها: كم ذي القساوة؟ ليِني! الأجل سعد الدين

أبو عبد الله الحسين بن شبيب الطيبي. ولد بالطيب، وسكن بغداد، وخص بأمير المؤمنين المستنجد، وولاه إشراف المخزن، وأحله محل أمينـه المؤتمن، وخف على قلبه، وجن بحبه، وصار له بمنزلة النديم السمير، وحصل من أثرته بالمقام الأثير. وكان يداعبه ويصحف عليه في خطابه، ويستدعي منـه تصحيف جوابه، فمن ذلك أنـه أقبل يوماً، فقال له الخليفة: ابن شتيت؟ فقال في الحال: عندك، يعني ابن شبيب، فقال هو: عبدك.
وله نظم رائق، بالإحسان لائق. واتفق له هذا البيت في المستنجد من قصيدة:
أصبحت لبَّ بني العبّاس كلّهم ... إنْ عُدّدَتْ بحروف الجُمَّل الخلفا
والمستنجد: هو الثاني والثلاثون من خلفاء بني العباس، ولب: اثنان وثلاثون بحساب الجمل.
واتفق للقاضي أبي بكر الأرجاني في المسترشد، وكان التاسع والعشرون من خلفاء بني العباس، وقد عدهم في قصيدة وقال:
خلائف نظموا في سِلك دهرهم ... ونورَ وجهك منـهم في المتون سرى
عشرون تتبعها منـهم ثمانيةٌ ... كاتوا المنازِلَ والمسترِشدُ القمرا
ابن شبيب، حلو التشبيب، ورقيق النسيب. وله أشعار تخجل الدر منظوماً، والوشي مرقوماً، والروض ناظراً، والبدر زاهراً.
ومن جملة شعره السائر، ولفظه الساحر، قصيدة له يستطرد فيها بمؤذن يعرف بعباس، جهر الصوت، كان يصل صوته إلى أقاصي المحال ببغداد وقت الصباح:
وشى بالصبح عبّاس ... وثوب الليل أدراس
ومنـها:
وقد مجّ فم الأبري ... ق مما قهقه الكاس
ويقول في آخرها:
فما أطيب ليلَ الوص ... ل لو يخرس عباس!
وله قصيدة في الإمام المستنجد أولها:
إذا حلّ تشرينُ فاحلل أوانا ... فإنّ لكلّ سرورٍ أوانا
وله من قصيدة في الإمام المستضيء:
سرى، والدّجى تصبي غدائره الجُونُ، ... نسيمٌ على سرَ الأحبّة مأمونُ
وما استيقظ الواشون إلا بنشره ... فقالوُا، وما قالُوه وَهْمٌ ومظنونُ
وبحر الهوى طامي الغوارب مزبدٌ ... مخيف، وفُلكي بالصّبابات مشحونُ
إذا جاد فالبحرانِ جرعة شاربٍ ... وإن زاد فالسبعُ الأقاليم ماعونُ
ومنـها:
فأنقذ مِصراً من يَدَيْ كلّ كافرٍ ... لنعماه، لا عقل لَدَيْهِ ولا دينُ
إذا ما أراد الله إهباطَ دولةٍ ... تبيذقَ منـها في الدُّسوتِ الفرازينُ
ولمّا مضى فِرْعَوْنُها فَرّ عَوْنُها ... وأدركها موسى الكليمُ وهارونُ
وَقد بقيت في نفس يَعقوبَ حاجة ... إلى سيفك الماضي هي الغرب والصينُ
قسوتم ولِنتم غِلظةً وتعطّفاً ... وفي جانب اللهِ القساوةُ واللينُ
وله من قصيدة فيه:
فمن ذا يبلغ أهل الغرام ... بهذا العجيب الذي قد بَدَرْ؟
فإنّيَ قد رَقَّ لي من قسا ... فمن شاء سرّ ومَنْ شاء برّ
وما بعد ذلك من غايةٍ ... إذا شـهد القلب غاب النظر
وله يهنيء الإمام المستضيء بأمر الله بالخلافة، ويذكر الخلع التي أفاضها على أرباب دولته، ومتقدميوخاصته، ووجوه الناس من رعيته. وكان رسم له في أيام والده المستنجد أن ينظم أبياتاً على وزن أبيات ابن الحجاج التي أولها:
يا دار يا دار الوزير النّاصح
أمسى بخير في حماه وأنْعمي ... ما دام يبقى في الصبّاح الصّالح
وفي هذه الأبيات صوت يعرف بالصباح الصالح. فتأخر عملها إلى حين تولى الخلافة، فقال يمدحه على الوزن والروي:
بكر الغمام لها بدمع سافح ... طرباً إلى نغم ال الصّادح
وتنّبهَ النّوّار في جَنباتها ... سحراً لدغدغة النسيم المازح
بالغ في وصف النسيم باللطف بتشبيهه بالمازح، وتشبيه مروره المنبه بالدغدغة، فأحسن في الاستعارة.
وافترّ ثغرُ الأقحوانة ضاحكاً ... لمّا حَبته يَدُ السحابِ الدّالح
ووشى بها ووشت بـه أنوارها ... يا حّبذا نَفس الكتوم البائح
وتسلسلت رُقْشُ الجداول، وانثنت ... تستنُّ بين أراكها المتناوح

تجري وتجري الريحُ بين غصونـها ... فتميل من راح وطيبِ روائح
فإذا أعير بديعه من روضها ... طُرَفاً، أقام بها، فليس ببارح
خَلعَ الربيع على الرُّبا لما انتشى ... وَشْياً، وضمخها بمسك نافح
خِلع الإمام المستضيء، فإنّها ... عظمت وجلّت عن بلاغة شارح
سفرت لنا من طيبها أيّامـه ... عن وجه معشوق الدلال مسامح
عاد الزّمان بـه إلى رَيْعانـه ... بعد ارتداد مَفارق ومَسايح
رُفِعت لنا عنـه السجوُف، فلاح لي ... كالبدر سُلَّ عن السحاب الرائح
فتبادروا لَثمَ الصعيد، وبايعوا ... طَوْعاً لمجتهدٍ تقيّ صالح
يا صاحب الدعوى العريضة، إنّه ... صبٌّ إلى ضوء الصباح الصابح
ما بعدها لمؤّملٍ من غايةٍ ... هذا أمير المؤمنين، فصافح!
هذا الذي عادت بُسنّة عدله ... سُنَنُ النبيّ إلى الطريق الواضح
فخراً، بني العبّاس، إنَّ لبيتكم ... شَرَفاً يُنيفُ على السّمِاك الرامح
ماذا يقول الجاحدون لفضلكم؟ ... علت المجرَّةُ عن عُواء النّابح!
وبفضلكم نطق الكتاب مفصّلاً ... أفكيفَ يبلغه فصاحة مادح؟
يا سعد أخبية الذين تحمَّلوا ... سَعد السعود خِلاف سَعد الذابح
يشير إلى والده المستنجد، ويقول: إن زمان هذا السخي الرحيم السهل الجانب، خير من زمان أبيه الحازم، الشديد السطوة، الصعب الشكيمة.
جاءتك تخِطبكَ الخلافة كفوها ... فاستجلها عَفواً بغير مشايح
وأفِضْ على عَطش البرايا رحمةً ... سَيباً كَمنـهلّ الغمام السافح
وانْشر رِداءَ العدل في أقطارِها ... تَنجُ البغاث من اختطاف الجارح
واستدِركِ الأرماقَ منك بنظرةٍ ... تخلصْ بها من كلّ خَطبٍ فادح
ولقد تجّهمـها الزمان، فأَحْيِها ... عدلاً يقرّبُ بالبعيد النازح
وقال يمدحه قبل إفضاء الخلافة إليه:
أوحى فِراقُ المُنجدِ ... فالصّبرُ غير مُنجدِ
قالوا: غَداً فِراقُهمْ ... فجاء قبل الموعدِ
بُحتُ بما ألقاه لمّ ... ا زاد عن تجلّدي
وَشَفّني طول الضنى ... حتى تلاشى جسدي
لولا الأنينُ لخفي ... تُ عن عيون الحُسَّد
يا صاحبيَّ، استمعا ... ما لم يَدُرْ في خَلدِ
ألفُ مريضٍ عُللوا ... رُمانةً في بَلد
فما تُرى بناظرٍ ... ولا تُنالُ بيدِ
عَزَّ الذي تبغي، فقد ... عزَّ وجودُ المسعد
سقى حُمولَ الظاعن ... ين كلُّ جَوْنٍ مُرْعِدِ
ولا عَدَتْهم روضةٌ ... أزهارُها كالعسجدِ
نرجسها مُركّب ... في قُضب الزُّمرَدِ
كأنما مرّ بها ال ... مولى أبو محمد
وجادَها بَنانُه ... بسائح مُطّردِ
يلبس إنْ جمّشـه الر ... يح صُنوفَ الزَّرَدِ
فتارة صَفيحةً ... وتارة كالمبرَدِ
سَرَى إلينا جُودُهُ ... من غير ضَرْبِ مَوْعدِ
وشمتُ من أخلاقه ... شَمائلَ التفرُّدِ
ودَلَّ حسن بِشرهِ ... على كريم المحِتدِ
للِه منـه ساعةٌ ... مسعودةٌ في مولدي!
قبّلتُ ظهرَ كفه ... فيها بغير عَددِ
وافترّ لي حين بدا ... ثغرُ الزمان الأغيد
وردّني إلى الشبا ... ب والنَّعيم الأرْغد
ودَبَّ من ألفاظه ... سكر الصِبّا في جسديِ
فمن عجيب ما جرى ... أنّيَ لم أعَرْبدِ
يقول: إنـه في بعض خرجات المستنجد بالله إلى الصيد، أدناني من خدمته، وأعطاني يده فقبلتها، ولطف بي، وحادثني ساعة.

يا من أُرَجِّيه على الدهرِ لِيوْمي وغَدي
ومن أفَدّيهِ ببذْ ... ل النفس لا بالصَّفَد
أصغ إلى شعري الذّي ... يبقى بقاء المُسَندِ
بكم عُرِفْتُ والسهى ... مُعَرَّفٌ بالفَرْقَدِ
دام عليكم ظَّل مَوْ ... لانا الامام الأمْجَدِ
العالم الحَبر الملي ... ك لقائم المُستنجِدِ
ناب عن الله وعن ... شَرْع النَّبيّ أحمد
به حَمِدْنا زمناً ... من قبله لم يُحمَدِ
فخُلّدِت أيّامـه ... في صَفو عيشٍ رَغَدِ
ولسعد الدين بن شبيب من قصيدة في المستنجد:
مستنجدٌ باللهِ مالكها ... أمسى لأِفلاك العْلى قُطْبا
إنْ عدَّد الخلفاء حاسبنا ... ألفيته لجميعهم لُبّا
لأن المستنجد كان الثاني والثلاثين من خلفاء بني العباس، ولب: في حساب الجمل اثنان وثلاثون.
وأعاد المعنى في نظم آخر، فلطف:
أنت الإمام الذي يحكي بعيرته ... من نابَ بعد رسول الله أو خَلفا
أصبحتَ لبَ بني العباس كلّهم ... إنْ عُدّدِت بحروف الجُمَّل الخلفا
الأمير السيد عزّ الدين
أبو الحسن علي بن المرتضى العلوي. مولده ومنشؤه بغداد، ووالداه من أصفهان.
كان في خدمة الخاتون زوجة المقتفي. وتفقه ولده هذا وبرع على مذهب أبي حنيفة، ووجد الكرامة الكثيرة من الخليفة، وأهل للرتب الشريفة، والمناصب النيفة، فلم يمل إلا إلى العلم ونشره، ولم يرغب إلا في الفقه المؤذن برفع قدره.
وله إلمام بنظم أبيات من الشعر، تدل على إبرازه بالبر. وهو مدرس جامع السلطان بمدينة السلام، مشتمل على الإفادة مشمول بالإكرام.
أنشدت له في سنة سبعين بالشام:
لا تحزَنَنَّ لذاهبٍ ... أبداً، ولا تجزَعْ لآِتِ
واغنَمْ لنفسك حظّها ... في البينِ من قبل الفواتِ
وقوله:
صُن حاضِرَ الوقتِ عن تضييعه ثقةً ... ألاّ بقاءَ لمخلوقٍ على الدَّوْم
وهَبْكَ أنَّك باقٍ بعده أبداً ... فلن يعودَ إلينا عينُ ذا اليوم

الأجل صفي الدين أبو القاسم عبد الله بن زعيم الدين صاحب المخزن يحيى بن جعفر. شاب شؤبوت خاطره دفوق، وشبا قريحته ذلوق. مشبوب الذكاء، محبوب اللقاء، مجبول من الكرم والحياء، متأدب متهذب، متحبب إلى الناس، متجنب للالتباس. وهو البحر ابن الجعفر، والليث ابن القسور.
وله شعر يقطر منـه ماء السلاسة، وينشر بـه عرف الرياسة. وله في مدح الإمام المستضيء بأمر الله يهنيه بالخلافة، في سنة ست وستين وخمس مئة:
يا إماماً أولى الغنى ... كلَّ راج ومُجتَدِ
وكريماً أمواُلهُ ... للعطايا بمرصد
ومُطِلاً على السِمّا ... ك بمجدٍ مُوطَّدِ
ومَناراً بـه إذا ... أظلم الخطبُ نـهتدي
كم وكم كفَّ عَدْلُهُ ... كفَّ طاغٍ ومُعتدِ
وبك اخضرّ ما ذَوَى ... من سَماح وسُؤدَدِ
فَابْقَ واسْلَمْ ودُمْ كذا ... أبدَ الدَّهْر واخْلُدِ
وارْقَ ما شِئْتَ آمِناً ... دَرَجَ العزّ وازْدَدِ
تُخلِق الدهرَ لابِساً ... ثوبَ سَعْد مُجَّددِ
بعلاءٍ مُجّمعٍ ... وثراءٍ مُبَدَّدِ
وانتصارٍ على العِدى ... واقتدارٍ مؤيَّدِ
يا مُعيني على الزّما ... نِ وكهفي ومُسْعِدي
أنا عبدٌ جَلا ندا ... كَ صَدا حظّيَ الصَّدِي
بك مدحي قد اغتدى ... كالجُمانِ المُنَضَّدِ
في معاليك حقّق ال ... لّهُ ظَنّي ومَوْعِدي
كنتُ أرجو لك الخِلا ... فَة، فأسْعَدْ بها اسْعَدِ!
وله أيضاً فيه على وزنين وقافيتين:
جُودُ الإمام المستضيء غمامة للمجتدي ... تروى بها آمالُهُ

مُنحَ الوَرى منـه بأبْلجَ في الشّدائد مُنجد ... معدومةٌ أمثالُهُ
إنّ الخليفةَ بالخليفة في المكارِم تقتدي ... فدليلها أفعالُهُ
وبجُودهِ الخَيْران منـها في النّوائب يهتدي ... فسراجُها أفضالُهُ
وَردَ الرّجاء بـه على أحْلى مراشف مَوْرِدِ ... مُعْذَوْذبٍ سَلساُلهُ
قال السماح، وقد حبا: أكرمْ بـه من مُرِفد ... مبذولة أموالُهُ
أحيا مناقبَ جَدِهّ العبّاس عمّ محّمد ... فبذاك تمَّ جَلاُلهُ
خَجِل الحَيا بسخائه متبرّعاً بندى يَدِ ... متتابع تَهْطاُلهُ
جُود السّحاب بمائة والمستضيءُ بعَسْجَدِ ... فاعتاقَه إخْجاُلهُ
دان الزمان لفخره ولماله من مَحْتِدِ ... وعنت له أقياُلهُ
وأمدَّه الرحمان منـه بناصر وبمسْعِدِ ... وأطاعه إقبالُهُ
وأجاب فيه دُعاءَ قِنٍّ مخلص متعّبدِ ... نطقت بذلك حالُهُ
وقال أيضاً يمدحه ويهنئه بالخلافة:
قد أمَّنَ الله ما كنّا نُحاذِرُهُ ... بعدل مولى زكت منـه عناصرُهُ
خليفةٌ عمّ أهل الأرض قاطبة ... جوداً، وطبّقت الدنيا مآثرُهُ
واستبشرَ الدَّهْرُ لما صار مالِكهُ ... تَمْضي عليه بما يَهْوى أوامرُهُ
أجرى إلى العدل من سيل بمنحدرٍ ... فيا له بحرَ جُودٍ عَبَّ زاخرُهُ
ينـهْنِهُ العلمُ منـه غَرْبَ بادِرَة ... وجُودُهُ باقتنا الحمد آمِرُهُ
فاللهُ من غِير الأيّام كالِئُهُ ... بلطفه وعلى الأعداء ناصِرُهُ
سمعاً إمامَ الهدى من عبد نعمتكم ... عبد صفت لكمُ منـه سرائرُهُ
ما زال يأمُلُ هذا اليوم مبتهلاً ... فحينَ وافى وَفى بالنَّذْرِ ناذرُهُ
بسطت آمالَهُ من بعد ما قبضت ... فطار بالنُّجْح في مَسعاه طائرُهُ
ولاؤكم يا بني العبّاس جُنَّتُهٌ ... وحُبّكمْ أخلصت فيه ضمائرُهُ
غرستموه فأضحى مُخِلصاً لكمُ ... تجيد في شكر نُعماكم خواطرُهُ
يا ابن الخلائف، دْم واسلم، وكن أملي ... بك هتدى في ظلام الليل حائرُهُ
قد أحكمَ الله عَقْداً أنت عاقده ... وعِز ملكك قد شُدَّتْ مرائرُهُ
وقال يمدحه:
عَدْل الإمام المستضيء الحَسَنْ ... أجارَ من جَوْر صُروفِ الزَّمَنْ
كم من عيونٍ في الورى أُسهرتْ ... بالجَوْر قد أهدى إليها الوَسَنْ
وطالما رُوّع قلبُ العُلى ... فالآن قد قرَّبه واطْمَأنّْ
وأصبحت دولتُهُ روضةً ... زاهرةً تُذِهبُ عنّا الحَزَنْ
وطوَّقَ الأعناقَ معروفُهُ ... فينا بأطواق اللُّهى والمِنَنْ
ولو رأى إفضالَهُ حاتِمٌ ... هامَ بـه من دَهَش وافتنْ
قد أوضحت سيرته بالنَّدَى ... لكلّ سارٍ في المعالي سَنَنْ
فما هَفا المذنب إلا عفا ... ولا شَكا الإمحالَ إلاّ هَتَنْ
قُلْ لإمام العصر: يا ذا الذّي ... حلَّ من الفخر الذُّرى والقُننْ
خِلافةٌ بالنصر قُلِدّتْها ... أنت حقيقٌ بحلاها قَمِنْ
دعا عبدٍ مخلصٍ يستوي ... في حبّكم إسرارُهُ والعلَنْ
وَلاؤكم أضحى له جُنّةً ... من كلّ ما لا يُتَّقي بالجَنَنْ
جرت أياديكم وآلاؤكم ... منـه كمجرى دمـه في البَدَنْ

لِسانُهُ منذ بدا ناطقاً ... لُزَّ مع الشكر لكم في قَرَنْ
يقول: إنْ لم أُلْفُ مُسْتَهَتراً ... بشكر ما أوليتموه، فَمنْ؟
فدُمْ رفيع القدر ذا قدرةٍ ... ما هتفت قُمرّيةٌ في فَنَنْ
وأنشدت له، وذكر لي شمس الدين بن نزار أنـها للعالمة جوهرة بنت الدوامي، وهي ببغداد من المعروفات الحسان:
هبَّ النسيم بحاجرٍ ... فتنّبهتْ أشواقُهُ
ووَشتْ بما حوت الضلو ... عُ من الجوى آماقُهُ
ناديتُ والبيَنُ المش ... تُّ غدت تُزَمُّ نِياقُهُ
يا مُشِبهَ الشّمس المني ... رة في الضُّحى إشراقُهُ
الصّبّ فيك مُعَذَّبٌ ... مُضنَي الحَشى مُشتاقُهُ
والقلب في أسر الهوى ... ما تنقضي أعلاُقهُ
إرْحَمْ معنّىً في الهوى ... ما إنْ يحّل وَثاقُهُ
أمسى لَديِغَ هواكمُ ... ووِصالُكمْ تِرْياقُهُ

باب في محاسن الشعراء الحيص بيص وأفضلهم الأمير الهمام شـهاب الدين أبو الفوارس، سعد بن محمد بن الصيفي التميمي، من ولد أكثم بن الصيفي. ذو الجزالة، والبسالة والأصالة. جزل الشعر فحله، قد علا محله، وغلا فضله، وأطاعه وعر الكلام وسيله.
قرأت عليه ديوانـه، واغتنمت زمانـه، وشكرت إحسانـه.
فمن كلامـه المنثور في خطبة ديوانـه، يفضل الشعر على النثر، قوله: وحسب الشعر فخراً أن الإنسان يسمع المعنى نثراً فلا يهز له عطفا، ولا يهيج له طرباً. فإذا حول نظماً فرح الحزين، وحرك الرزين، وكرم البخيل، ووقر الإجفيل. وقرب من الأمل البعيد، وسن الغناء لغير الغريد. وكم أوجف بالجبان إلى مأقط الحرب العوان، فروى حد السيف والسنان، من دماء الشجعان. وكم أعاد جلمود اليد الصيخود، هاطل غمامة بالجود، فهمت لغير سائل وسحت على غير شائم. وكم ارتسن الجليد القرحان بحبل الصبابة والتهيام. وكم أحدث سلوة للمعمود وقد أعيت مداخله، وكلت لوامـه وعواذله. وكم استل سخيمةً من ذي غمر عجز عن مداراته الحجا، وضعفت عن استرجاع وده الرقي. فما كان متصرفاً هذا التصرف في النفوس والأخلاق، فأكبر بشأنـه، وأعظم بمكانـه!.
ومنـها يصف حاله: وقد علم عصري وبنوه، وزماني وأهلوه، أني ابتدرت شعفات الفضل غلاماً يفعةً، هاجراً إليه كل خفض ودعه، ففرعتها شامذ النطاق، مشمراً عن ساق، أستلين عندها السيال والغرقد، وأستخشن وثير المضجع والمرقد، فانغمست في كبات العلوم جرياً، وعمت في جمتها ملياً، ونازلت خمس أبطالها مدرها هبرزياً، وشـهدت معارك الجدال، مع فرسان المذاهب والأقوال، فعرقت الجباه، وألقمت الحجارة الأفواه. ثم جاشت بالشعر مراجلي، وأستمرت إليه أعناق رواحلي، وأذكرني ما غبر من مساعي أوائلي، فعطفت عليه عطف باغم فقيد، ذات طلاً فريد، بغارب بعيد، لا مرعى ولا مورود، فوجدته قد بعد للؤم الزمان، وبعد لفقد الإحسان. وأبت إلى القوة فيه، عن كتمان قوافيه، فما هو إلا أن فهت بـه قائلاً حتى كفر فضائلي بذكره، وغمر أريج علومي برياه ونشره، وطفق يطوي البلاد طي الربد المجلحة، يخلط البيد بالآكام، والحضيض باليفاع، حتى كان كما قلت:
سرى ذكر فضلي حيث لا الريح تهتدي ... طريقاً، ولا الطير المحلق واقع
وله ابتداءات حسنة مخترعة، ومخالص مستطرفة مبتدعة. فمن جملة ابتداءاته، وقد خلع على الوزير، فمدحه بقصيدة أولها يشير إلى الخلعة:
جعلت من الحدثان أحصن أدرع ... فلقد سنن على الكريم الأروع
ومن جملة مخالصه:
تزاحم أشجاني إذا ما ذكرتهم ... زحام المقاوي عند باب ابنِ مسلم
ومنـها وقد وصف الحرب:
كأنّما دمُ أوداج الرجال بـه ... سيلٌ تََعَ، أو جودُ ابنِ حمادِ
وله في عمي العزيز مدائح، ومن جملتها قطعة كتبها إليه بأصفهان في قحط:
أظنّ اعتقاد النسخ صحَّ دليُله ... فعاد إلى ترتيبِ أوصافِهِ الدَّهْرُ
عزيزٌ يَمير المعتفين، وسبعة ... شداد، وجيّ في مساغبها مصر
فمن شعره ما استخرجته من ديوانـه على ترتيب الحروف في الافتخار والمديح: الهمزة قوله من قصيدة:

ترى الجار فينا غير شاكي خَصاصة ... إذا ضاق ذرع الحيّ بالنُّزَلاء
كأنّ القُرومَ الهادرات عشيّةً ... مراجلنُا في أزْمة وشتاء
سعيت فلم أترك قديماً، وإن أعش ... نسخت بفخري مفخر القدماء
ومنـها:
بنفسيَ من جور الحوادث وعكة ... وعند قراع الدارعينَ شِفائي
أما في ملوك الخافَقْينِ ابنُ همّةٍ ... يكفّ بميسور الكفاف عَنائي؟
يصون نَداهُ ماء وجه أراقه ... طِلابَي للجدوى من البخلاء
وهيهات ذاك الآل أن ينقع الصدى ... وإن الظّمآن مورد ماء
ومنـها في التخلص إلى المدح:
إليكم، فإنّي سيّد القول، ما جرى ... لساني، وهذا سيّد الوزراء!
إذا ما بنى مجداً، وقلت قصيدة، ... علونا على السادات والفصحاء
ومنـها:
وقور يشدّ الخطب حبوة حلمـه ... إذا روعة حلّت حُبا الحلماء
بنانٌ ووجهٌ حين يُسأل حاجةً ... نَضُوحانِ ماءً من حَيا وحياء
ومنـها في وصف القلم:
ومضطمر الجنبين يَخْطِر مائساً ... على لاحبٍ من طِرْسه وقوِاء
يذيب على الأطراس كلّ بليغة ... تذوب عليها أنفس العلماء
وله من قصيدة في مدح الإمام المسترشد بالله، أولها:
العزّ حيثُ البلدةُ الزوراءُ ... والمجد حيثُ القّبةُ البيضاءُ
فخر تسامى أن يزان بمدحه ... فالنطق عيّ والصُّمات ثناء
ومنـها:
يقظان أبلج ينجلي بجبينـه ... ودليله الاشكال والظلماء
فتوُّهمُ المتجادلين حقيقة ... منـه، وليل المدلجين ضياء
غيث وليث يرعوى لبنانـه ... بأس العدى واللَّزْبَة الغبراء
فلمحفظيه مَتألف ومَعاطب ... ولمعتفيه مكارم وعطاء
خمصان يقلى الزّادَ غير ممرض ... وله التقّية مطعم وغداء
نور أضاء الأفقَ ساطع لمعه ... فعلى الزّمان وأهِلِه لألاءُ
ومنـها في صفة الجيش:
وعرمرمٍ كاليمّ هِيج بعاصف ... شَرِقت بفضل عبابه البيداءُ
نسخ الفلا والصبحَ رَكَضْ ُجياده ... فالأرض جوّ والصبّاح عِشاءُ
طردت فوارسه وما لاح العدى ... حرصاً، فكل كتيبة دفواء
تدنو له عُتُق القشاعم مثلما ... يحتفّ بالمتصدّق الفقراء
والخيل تقتحم الغبار كأنّها ... نبل الجَفير وقد أُجيد رِماء
تزجي سنابكها سحاباً قطره ... منـها مسيح هاطل ودماء
ينقلن كلّ مُساور ذي همّة ... تجلى بحدّ حسامـه الغَمّاء
حنّ الكمُاةُ إلى النّجيع ولونـه ... فلذاك كلّ عصابة حمراء
وطمى أتِيُّ الحرب حتى ماؤه ... مـهج الفوارس، والرؤوس غُثاء
أجرى أمير المؤمنين جِياده ... ظمأى، وعاد بهنّ وهي رواء
فبِطاء خيل الطّالبين سريعة ... وسراع خيل الهاربين بِطاء
رهباً لأِغلبَ، لا مفرَّ لهارب ... منـه ولو أنّ النّجوم وقاء
وقوله من قطعة في مديح الوزير الزينبي:
إنّي خبرت علاه خُبْرَ مجرّبٍ ... فجعلت صفو قلائدى لثنائه
وتعلمتْ منّي الخواطر جوده ... فبدائهي في الحمد مثلُ عطائه
ولقد أغيب فتعتريني ظلمة ... في الحسّ يجلوها ضياء لقائه
ملآن من كرم، فإن فتّشته ... أبصرت خلو القلب من شَحْنائه
وقوله في ابن طغايرك:
لفخر الدين أخلاق كرام ... يضيق الحمد عنـها والثناء
تنكُّرُها على الأعداء نار ... وعَطفَتُها على العافين ماءُ
إذا مرَّت على ليلٍ بهيمٍ ... تجّلله التّبلّج والضياءُ
وله من قطعة:
أظَللُّ مريضاً بالصَّدى دون وِرِدْكم ... وأشقى بـه والوارداتُ رِواءُ
وأحبِس أعناقَ المطيّ عن السُرى ... وللشوق ما بين الضلوع مَضاءُ

ولمّا دنت داري إليكم تعرّضت ... موانع قُرْبى عندَها عُدَواءُ
فللّهِ دَرُّ القَيْل من آل أرْتَقٍ ... إذا ذُكِرَتْ أكرومَةٌ وحياءُ!
البآء وقوله في الافتخار:
خُذوا من ذِمامي عُدَّةً للعواقبِ ... فيا قربَ من بيني وبين المَطالب!
لَواني زماني بالمرام، ورَّبما ... تقاضيته بالمُرْهَفات القواضبِ
على حين ما ذُدْت الصِبّا عن صبابةٍ ... ذِيادَ المطايا عن عِذاب المَشاربِ
ورُضتُ بأَخلاق المشيب شبيبةً ... مُعاصيةً لا تستكين لجاذبِ
عقائلُ عزم لا تُباح لضارِعٍ ... وأسرار حزمٍ لا تُذاع للاعبِ
وللهِ مقذوفٌ بكلّ تَنُوفَةٍ ... رأى العز أحلى من وصال الكواعبِ
أغرَّ الأعادي أنّني بِتّ مُقْتِراً ... ورُبَّ خلّوٍ كان عونا لواثبِ؟
رُوَيدَ كُمُ، إنّي من المجدِ مُوسِرٌ ... وإن صَفِرتْ عما أفدتم حقائبي
هل المال إلا خادِمٌ شـهوةَ الفتى ... وهل شـهوة إّلا لِجَلْبِ المعاطِبِ
فلا تطلبنْ منـه سوى سّدِ خَلَّةٍ ... فإن زاد شيئاً فليكنْ للمواهبِ
مَرِهت بإدْماني سُرى كلّ حادثٍ ... ولا كحلَ إّلا من غبار المواكبِ
فلا تصطلوها، إنّها دار مِيّةٌ ... مَواقدُها هامُ الملوكِ الأغالبِ
سأضرمـها حمرا، ينزو شرارُها ... على جَنَباتِ القاع نَزْوَ الجنادبِ
بكلّ تميميّ كأنّ قميصَهُ ... يُلاثُ بغصن البانة المتعاقبِ
ومنـها:
إذا كذب البرق اللموعُ لِشائمٍ ... فبرقُ ظُباها صادقٌ غيرُ كاذبِ
فوارسُ باتوا مُجمعين، فأصبحوا ... وآثار عقد الرأي عقد السبائبِ
إذا شَرَعوا الأرماحَ للطّعنِ خلْتَهُمْ ... بدوراً تجارى في طِلابِ كواكبِ
أسودٌ إذا شبّ الخميسُ ضِرامَهُ ... أسالوا نفوس الأسْدِ فوق الثّعالب
ومنـها:
ورَكْب كأنَّ العيسَ أيّانَ ثوّروا ... تساوق أعناق الصَّبا والجَنائبِ
خِفاف على أكوارها، فكأنّهم ... من الوَبَرِ المأنوس عند الغَواربِ
هذه مبالغة في خفة الرجال على الرحال كأنـهم بعض أوبار الأباعر.
إذا أضمرتهم ليلة أظهرتهم ... صبيحتها بين المنى والمآرب
ومنـها في طلب غرض:
وبي ظمأ لم أرضَ ناقع حرّهِ ... سواك، فهل في الكأس فضل لشارب؟
وله من قطعة إلى بعض الأمراء:
أبا عُمارَة، إنْ شطت منازلنا ... فَمِنْ معاليكَ إدناءٌ وتَقريبُ
كما يجوز ضياءُ الشمس مطلَعَها ... ويبعث العَرْفَ للمستنشق الطِيّبُ
أنت الأمير، ووجه الشمس ملتثمٌ، ... واليوم ليلٌ بركض الخيل غِرْبيبُ
أحِنّ شوقاً على نأي الدّيار بنا ... كما تَحِنُّ إلى حِيرانـها النيّبُ
ولو ثنت عن وِداد الشيء غيبُته ... لما أضَرَّ لفَرط الشوق يَعقوبُ
وقوله في الافتخار من أخرى:
نَكِبّا صَمْتي، وخافا صَخَبي، ... لا ركبتُ الخيل إنْ لم أغضَبِ
وأحذرا آخرَ حِلْمي، إنّما ... لَهْذَمُ الذابل أقصى الأَكعُبِ
وأْذنا للقول من مَعْدِنـه ... إنّ جدّض القول غير اللَّعِب
ومنـها:
يا رُواةَ الِشّعر، لا تَرْوُوهُ لي ... فبغير الشعر شِيدَتْ رُتَبي
وَدَعُوهُ لضعافٍ عيُّهُمْ ... مانعٌ عنـهم زُهَيْرَ المكسب
وَرَدُوا الفضل، وما بلّوا بـه ... مَسْمَعاً، والشّرب غير المشرب
ومنـها:
لست بالقاعد عن مَكرُمَةٍ ... وأبو رَغْوان ذو المجد أبي
عَفّروا للسّلْم من أوُجهِكُمْ ... إنَّها خيلُ حكيم العَرَب
قبل يومٍ هامُهُ في صعدٍ ... حيثُ ما أبدانُه في صَبَبِ

يعسل الذئب إلى معركه ... شائم الأرزاق عند الثعلب
وله من قصيدة في وصف أبيات كتبت إليه:
صادرات ألفاظهنّ عذاب ... عن خلال مـهذَّبات عِذابِ
كلّ روعاء لو تقلّدها الفا ... رس أغنت عن صارم قرضاب
أذكرتني أيام عصر التّصابي ... ومَراحي، وابن عهد التصابي؟
حين لا آمرٌ يطاع سوى الله ... و، ولا حاكم سوى الأحباب
وله يصف حصاناً لمظفر الدين يرنقش البازدار صاحب قزوين:
مظفّر الدين، إن فاق الرجال فقد ... فاق الجياد بيوم الطرد أشـهُبهُ
تعلم السبقَ منـه في مناقبه ... من فرط ما راح يُجريه ويَرْكَبُهُ
مصغٍ إلى هاجس من سرّ فارسه ... كأنـه بضمير الركض يضربُهُ
يدنو عليه بَعِيدُ الأرض مرتكضاً ... كأنّ مربطه في الشّدّ سَبْسَبُهُ
يرنقش كسليمان بأشـهبه ... إذا غدا ورُخاء الرّيح مركبُهُ
لما تعوّد في حربٍ خِضابَ دمٍ ... غدا لدى السّلْمِ بالحِنّاء يَخضِبُهُ
ومن قطعه:
تطيش الرزايا حوله وهو راسخ ... يزيد وقاراً من طروق النوائب
وكتب عند قصده الموصل في أيام أتابك غازي بن زنكي:
يَقَرُّ بعيني أن أُجّشمَها السُّرَي ... سِراعاً كظِلْمانِ المُرُوت السَّباسبِ
ِلأنظُرَ بالحَصْباء من سِيفِ دجلةٍ ... أغرَّ كنَصْلِ السَّيْفِ جمّ المَناقب
تنوّرتُ منـه لمعةَ المجدِ يافعاً ... فما رِمْتُ حتّى طوَّحَتْ بالغَياهبِ
فجاء عماد الدّين وابن عماده ... طليق المحَيّا في قُطُوب النّوائبِ
يموتُ الرّدَى والمحل عندَ قبابه ... إذا سَلَّ سَيْفَيْ نَصْلهِ والرّغائب
وقوله من مديح في شرف الدين علي بن طراد الوزير الزينبي:
لَبِيق الغِنى لا ينُقصُ الفقرُ جودَهُ ... ولا يُمْتَرَى معروفه بالعواصب
مُريح غريب الحلم والخَطبُ طائش ... ومُغْري سَرايا صبرِه بالنّوائب
وحامل غُرْم الحيّ جلّ سراته ... مَريِرُ القُوى مستروحٌ للمتاعب
هو المرءُ، أقصى البأس منـه لنَجْدة أل ... طريدِ، وأدنى مالِهِ للمواهب
وما زال مِطْعامَ العشيّ، وسيّد ال ... نَّدِيّ، مشاراً في الوغى والمواكب
وقوله فيه:
ما طاب شيء في الزّمان لسامعٍ ... أو ناشقٍ إلا وعرضُك أطيبُ
َكلاّ ولا بَعْدَ النَّدى عن شائمٍ ... مستمطر إلاّ وجودُك أقربُ
ضَنْك الجوانح بالهضيمة مخرج ... وإذا حلمت فإنَّ صَدْرَك سَبْسَبُ
قد أعتب الدّهرُ الخؤونُ لعاتب ... أوسعتَهُ صدراً ولم يك يُعْتِبُ
فسُطاك موتٌ لأعادي قاتلٌ ... ونَداك للعافِينَ غيثٌ صَيّبُ
ومن قوله فيه يصف الفضل:
أبعدت بالفضل عمّن قبله سَفَهاً ... وبِتُّ للفضل منـه أيَّ مقتربِ
والفضُل كالصبح يَهْدِيَ مَنْ له نظرٌ ... ولا يَصيرُ بـه الأعمى إلى أرَب
وله قصيدة في مدح الأمير هندي الزهري، وكان موضعه الزاب:
أجَا وسَلْمَى أم بلاد الزّابِ؟ ... وأبو المُهَنَّدِ أم غضنفرُ غابِ؟
رفع المنارَ بنو زهيرٍ في العلى ... بالفارس المتغطرف الوهابِ
بأَغرَّ بسّامٍ كأنَّ بَنانَهُ ... في كل مكرمة قطارُ سَحابِ
بالمانع البذّال غير مَعٍ ... في بذلِ معروفٍ وعزِّ صحابِ
عمّت فواضُلهُ وعَمَّ ثناؤه ... فالحمد والإِحسان في إصقابِ
ومنـها في صفة الجيش:
وإذا الفلاة تضايقت أرجاؤها ... يوم الِهياجِ بجَحْفَل غلاّبِ
وتمطّرتْ قُبُلُ العُيُونِ، كأنّها ... بالقاع تحت القوم مُعْطُ ذئابِ
ظمأى إلى ماء الجراح كأنما ... تجري مواردُها بخدع سَرابِ

تطوي نضير الثمد وهي سواغبٌ ... طلباً لرعيِ جماجمٍ ورِقابِ
وأحْلَوْ لَكَ اليومُ المضيئةُ شمسهُ ... فالظُّهرُ جُنْحٌ غيرُ ما مُنجابِ
فعلى الدروع غَلائلٌ من عِثْيَرٍ ... وعلى مِجَنِّ الشّمسِ فضلُ نقابِ
لاقيت فخر الدين يكشف نَقْعَها ... كشفَ الغَزالةِ مضمحلَّ ضَبابِ
وقوله:
وكنتُ كبازيّ من الطّير أشـهبٍ ... يُهاب تجلّيه وتخشى مخالِبُه
إذا انقضّ في إثْرِ البُغاثِ تفرّقت ... شَعاعاً، ومَنْ لم يَنْجُ حانت مَعاطبه
فأصبحت فّلاً بعد رائعِ نَجْدَتِي ... لِصِرْدانـها، والدهرُ جَمٌّ عجائِبُهْ
وقوله:
الخُرْقُ يُرْهَبُ، لكنَّ الأناةَ لها ... عند التأيدّ أَضعافٌ من الرَّهَبِ
لا يأمَنُ الدَّهرَ بأسَ الجمر لامسهُ ... وقد يروح سليماً لامسُ اللَّهَبِ!!
وقوله:
سلامةُ المرءِ ساعةً عَجَبُ ... وكلُّ شيء لِحَتْفِهِ سَبَبُ
يَفِرُّ والحادثاتُ تطلُبُهُ ... يهرُبُ منـها ونَحْوَها الهَرَبُ
فكيف يبقى على تقلّبهِ ... مسلمَّاً مَنْ بقاؤه العَطَبُ!
وله من قطعة:
نشوانُ من ذكر العلاء، كأنّما ... في كل مَنْقَبَةٍ مُدامة شارِبِ
ويبيتُ منـه جارُهُ وضيوفه ... رَغَداً وأمناً في حِمىً ومَلاعِبِ
وقوله في التهنئة برجب:
أدْنَتْ لك العلياءُ نازِحَها ... فبعيدُ كلِّ فضيلةٍ كثَبُ
وَبَرَعْتَ في بأسٍ وفي كرمٍ ... فالحاسدانِ: البِيضُ والسُّحُبُ
فليهن عصراً أنت واحدُهُ ... فضلاً، وبعضُ شـهورِهِ رَجَبُ
التاء وقوله في مديح الوزير الزينبي، في الأيام المسترشدية:
صُلْتُ منـه بصقيل الص ... فْحِ مَطْرُوِر الشَّباةِ
بكريم الأصل مَشْ ... عُوفٍ بحبّ المأثُراتِ
بجميع العرض، والأم ... والُ منـه للشَّتات
من قريش في نواصي المج ... دِ والغُرِّ السَّراةِ
شأنُهُمْ طعنُ الغَطا ... ريفِ وإدْمانُ الصِّلاتِ
واغتصابُ العزّ بالأي ... دي الطِوّالِ الغاشماتِ
واقتيادُ الخيلِ جُرْداً ... مثلَ سِيدانِ الفلاةِ
يَتَعَثَّرْنَ بملفو ... ظ الظُّبا والقَنَواتِ
بحروبٍ مظلماتٍ ... وَوُجوهٍ مُشْرِقاتِ
وقوله فيه من قطعة:
كأنّ مِجَنّ الشّمسِ فوقَ جبيِنِه ... إذا ما وجوهُ الحادثاتِ اكفهرّتِ
يدلّ عليه نَشْر عرض كأنّه ... رِياح الخُزامَى إذْ جَرَتْ فاستمرتِ
كثير اهتزاز العِطْف من طرب العلى ... إذا ما أحاديثُ المماجيدِ كَرَّتِ
وقوله في الوزير عضد الدين بن رئيس الرؤساء، وكان أستاذ الدار في الأيام المستنجدية:
أقولُ لِمْنِطيقٍ من الحَيّ فْوَهٍ ... بليغٍ إذا ما الْسنُ اللُّدّ كَلَّتِ
زعيمٍ بغُرمِ الفَوْت غير مُجَمْجِمٍ ... إذا لفظةٌ عن مسلك القول ضَلّتِ:
تحمَّلْ، رعاك اللهُ، شكري إلى الذّي ... بـه عظُمت حالُ المعالي وجَلَّتِ
إلى عضد الدين الجواد ابن عزّهِ ... نِجارٌ كشمس الصّبحِ حين تجلّتِ
فَثَمَّ النَّدَى الهامِي إذا السُّحْب أخلفتْ ... وثَمَّ الحِمَى الحامي إذا البِيضُ ذَلّتِ
حييّ جريء في العُفاة وفي العِدى ... إذا عدّةٌ زادت لفضليه قلّتِ
فيحتقر الجَمَّيْن دثْراً وجَحْفَلا ... عطاء وإقداماً إذا الخيلُ وَلَّتِ
يُسَنُّ قميصاه على شامخ الذُّرى ... إذا ما الحُبا من سَوْرة الخَطْب حُلّتِ
فلا زال فرّاعاً لِكلّ منيفة ... من المجدِ لو طارت بها الرّيح زَلَّتِ
الثاء وقوله في مدائح الوزير الزينبي:

يفضّله على ماء الغَوادي ... نَدى كَفَّيْهِ والخُلُقُ الدَّمِيثُ
له دوُنَ المَعابِ وُقوفُ وانٍ ... وفي طلب العلى عَنَقٌ حثيثُ
وزيرٌ في الثراء وفي الأعادي ... بنائله ونَجدته يُغِيثُ
قَشيِبُ العِرضِ لا يُرْمي بذمٍّ ... وعرضُ عدوّهِ سَمَلٌ رَثيِثُ
تَضاءلُ دُوَنـهُ مُهَجُ الأعادي ... فنظرتُهُ لأنُفِسها تَمِيثُ
رزين العِطْفِ يحسب أنّ طَوْداً ... بِنِيقٍ منـه عِمَّتهُ يَلُوثُ
تركتُ عليه غُرّاً، لو زُهَيْرٌ ... أصاخ لفضلها، فمن البَغِيثُ؟
الجيم وقوله في مديحه:
جُمِعَتْ لك الأوصافُ غيرَ منازَعٍ ... في غايةٍ، وسواك منـها مُخْدَجُ
فحِماك معَتَصمٌ، وكفُّك دِيمةٌ، ... وسُطاك مَعْطَبةٌ، ووجهُك أبلجُ
هَيْفٌ على مُهَجِ الأعادي زعزعٌ ... وعلى الوليّ نسيمُ ليلٍ سَجْسَجُ
تكبو العزائم في محاولة العلى ... حِيناً، وعزمُك يستطيرُ ويمعَجُ
جذلانُ مبتسمٌ إذا ازورَّ الرَّدَى ... وإذا يُنيلُ المُعتفينَ فأبهجُ
وقوله فيه، وكأن حسن مدائحه فيه مقصور على حبي منائحه:
دعوت الّذي أرسى ثَبِيراً بِحَوِْلهِ ... وأعقب ظلما الدُّجَى بالتبلّجِ
دعاءَ بليغِ الالتماس مصرّح ... بآماله لا بالعيَيِ المُلَجْلجِ
بأن يَهديَ الآراءَ منك صوابها ... لدى كلّ مسدود المطالع مُرْتَجِ
ويجلو دجى الظلماء من كلِّ حادثٍ ... بواضحِ أمرٍ مثلِ وجهِك أبلجِ
وذلك مقدورٌ ليمنِ نقيبةٍ ... خُصصت بها في كلِّ أمرٍ بمَخْرَجِ
فإنّك من حبّ الصلاح تكادُ أن ... تصيب النَّدَى عند الضِّرام المؤجّجِ
إذا أخدجَ الرأيُ اللبيبُ لطارقٍ ... أتيتَ تماميَّ الحِجا غير مُخْدَجِ
شِعارْك إيساعُ الجَهالةِ رأفةً ... مع الحذق في ضرب الكَمِيّ المُدَجَّجِ
وقوله في الحكمة:
لا يُعْجِزَنْك المجدُ من بُعْدِه ... وإن نَضا عِيسَك إدلاجا
واسْلُكْ إلى إحراز غاياِتهِ ... وعراً من الرأي ومنـهاجا
كم خاملٍ صار بتدبيره ... ما بين أبناء العلى تاجا
كوَرَقِ التُّوت على ضَعْفِهِ ... أصبح بالتدبير دِيباجا
الحاء وقوله في مدح الوزير الزينبي من قطعة:
إنّ الوزارة وهي مُعتَلَجُ العلى ... ومَقامُ كلِّ مُسَوَّدٍ جَحْجاحِ
نِيطتْ بأبلجَ من ذُؤابِة هاشمٍ ... جمِّ المآثِرِ ذي سُطاً وسَماحِ
نَشوانَ من رَجْعِ المديح كأنّما ... في كلّ قافيةٍ حُمَيّا راحِ
ومنـها:
نكّبتُ عن سَنَن الفَخار توكّلاً ... منّي على المستبصر اللمّاحِ
وعلمت أنّ بـه أصيرُ إلى العلى ... فأجدت فيه قلائدي وفصِاحي
وله اعتْناءٌ بالرجال أظنّه ... ينتاشني عن موقف المُدّاحِ
وقوله فيه:
يظنّ الهوى العُذْريّ وجدي بمجده ... وما هو إلا الدارِميُّ المُبِّرحُ
ويحسبُ أني مادحٌ، وكأننّي ... لصدق مديح الزينبيّ مسبّحُ
مكارمُهُ أدنى من الغيث للغِنى ... وغُرَّتهُ من رَوْنَق الصبح أوضحُ
يَعافُ إباء فيه أدنى خَسِيفةٍ ... ويغتفرُ الجُرْمَ الجليلَ ويصفَحُ
ويهتزّ عِطْفاه ِلأُحدوثة العلى ... كما مال للكأس النَّزيفُ المرنّحُ
إذا طاشتِ الأحلام يوماً فَحْلُمـهُ ... من الأورق العاديّ ذي النّيِق أرجح
وإن ضاق قلب بالصغيرة لامريءٍ ... فقلب عليٍّ بالكبيرة أسمح
وقوله ارتجالاً في أول لقية الأمير دبيس بن صدقة:
إنّي َلأُفْكِرُ في علاك فأنثني ... حيرانَ لا أدري بماذا أمدحُ

إن قلت: ليثٌ كنتَ أقتلَ سطوةً ... أو قلت: بحر ندى فكفّك أسمح
الدال وقوله في وصف الخال واللمى والعذار:
وليس اللّمى والخال زينة نظرة ... ولكنّها قلبُ المُتَيَّمِ ذي الوَجْدِ
نـهبت سويداء الفؤاد بنظرة ... فقسمتها بين المُقَبَّلِ والخدِّ
وقوله من قصيدة في الوزير الزينبي:
كيفَ الرُّقادُ، ولاتَ حينَ رقادِ! ... رَحلَ الشَّباب ولم أفُزْ بمراد
هِمَمٌ عن الغَرَض المحاول بُدّلتْ ... أملاً فبَدلتِ الكرى بسهاد
سِيّانِ: معتلجُ الحِمامِ، وحسرة ... ضربتْ وجوهَ العزمِ بالأسدادِ
إنَّ المعَاليَ حالَ دونَ بلوغِها ... عَدَمُ الثَّراء وقِلّةُ الإنجادِ
فعلى العراقِ كآبة من مُغْرَمٍ ... جعل الضّلوعَ ركائبَ الأحقادِ
يُبدِي حَفائظه، وليس بحاصل ... إلا على الإبراقِ والإرعادِ
ومنـها:
طَرَقتْ بأشراف العُذَيْبِ مُسَهَّداً ... أغضى الجفونَ على قَذىً وقَتادِ
والجَوُّ من فَقْدِ الصبّاح كأنّه ... أسوانُ مشتملٌ بثوبِ حِدادِ
ومنـها:
ما أنصفتْ بغداد ناشئَها الذّي ... كَثْرَ الثّناءُ بـه على بغداد
سَلْ بي إذا مدَّ الجدالُ رِواقَهُ ... بصوارمٍ غير السيوف حِدادِ
وجرت بأنواع العلوم مقالتي ... كالسيل مَدَّ إلى قرار الوادي
وذعرت ألبْابَ الخُصوم بخاطر ... يقظانَ في الإصدار والإيراِد
فتصدّعوا متفرِّقينَ كأنـهّم ... مالٌ تفرْقه يدُ ابْنِ طِرادِ
وقوله في مدحه من قصيدة:
قربا مني حُسامي وجوادي ... وانظرا صدق ضرابي وطِرادي
ودَعاني من أحاديثِ الهوى ... فالعلى بين عِنانٍ ونِجادِ
إن بَرَى جسمي سَقامٌ عارِقٌ ... فبحُبُ المجد لا حُبِّ سُعادِ
لَقِحَتْ حربُ بني فاعلة ... جهلوا حّقي ولم يرعوا ودادي
ومنـها:
نَطَقُوا لا نَطَقُوا في فارع ... رفع الفضلَ إلى السبع الشداد
نَقَمُوا منـه عَلى أحرزَها ... والصّبا أغيد مخضر المَرادِ
بأس مطرور الشّبا بشفعه ... كلم تسخر من قسِّ إياد
ووراء الضيم نفس مرّة ... تسلبنّ العزَّ من خَرطِ القَتادِ
ومنـها:
كَررِّا لَحْظَكما في عارضٍ ... لبسَ الصّبح بـه ثوبَ سواِد
يلمع البارقُ من حافاته ... بدِلاصٍ ونصالٍ وصِعادِ
مستهلّ القَطْرِ، لكنّ ملؤهُ ... حَلَبُ الأوداجِ، لا صَوْبُ العِهاد
ملأ الخَرقَ رِجالاً وقَناً ... وجِياداً مثلَ مبثوثِ الجرادِ
واستمرّ الطعن حتّى فُجِعَتْ ... ذُبلُ الخَطّيِّ بالزُّرقِ الحِدادِ
وأتى الضَّرْبُ دِراكاً مثلَما ... رادفَ الجُودَ عليّ بن طِرادِ
أسد يُخْشَى، وغيثٌ يرتجى ... في غنى مُقْوٍ وإرْغامِ معادي
وقوله من قصيدة في مدح السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه في السهم والقوس وغيرهما:
أَلْقِ الحدائجَ تَرْع الضُّمرَّ القودُ ... طال السُّر وتشكّت وَخْدَك البيدُ
يا ساريَ الليلِ لا جَذبٌ ولا فَرَقٌ ... النّبتُ أغيدْ والسلطانُ محمودُ
قَيْلٌ تألفت الأضداد خيفته ... فالموردْ الضَّنْكُ فيه الشاءُ والسِّيدُ
أغرّ يُشرقُ ديجورُ الظلامِ بـه ... ومشرقاتُ الضحى من غزوه سُودُ
تروى غروب الظّبا والمعفين بـه ... ما أنبطَ الجُرح أو ما أسبلَ الجودُ
ومنـها:
يَزيدُه جَذَلاً صوتُ الصريخِ ضُحى ... كأنّما الحربُ في ألحاظه رُودُ
الْهُوبُ حربٍ له يوم الوغى شُعَل ... وماءُ سلم شـهيّ الطعم مورودُ
ومنـها في وصف السهام:
يصْمِي بطيرٍ من الأعوادِ هافيةٍ ... أو كارهنّ المَجالِي واللغَّاديدُ

من كلّ أهيفَ ممشوق يظاهره ... مُؤَلَّلٌ من حديد الهند مجرود
ألفى بـه النّسر عهداً من قوادمـه ... يَمِيره، ورواقُ الحربِ ممدودُ
كأنّ مرماهُ مغناطيسُ أنْصلِه ... ففيه قبلَ انتحاء القصدِ تسديدُ
لو أبصرتْ عينُ داوودٍ مَنافِذَهُ ... لما تحدّى بِنَسْجِ السَّرْدِ داوودُ
ومنـها في صفة القوس:
من قلب مَحْنِيَّةٍ مَلْوِيّةٍ قُذُفٍ ... سِيّانِ في قصدها قربٌ وتبعيدُ
لها رنينٌ إذا ما انْبِضَتْ زَجِلٌ ... كما أرنَّ أبِيُّ النّفس مجهودُ
كأنّها حاجب المذعور، مرشقة ... ما فيه للخوفِ تدريجٌ وتجعيدُ
وتنثني حين تلفى غيرَ مُوتَرَةٍ ... كأنّها حاجبٌ بالغيظِ معقودُ
وفي صفة الرمح:
له ألَفُّ قَويم القدّ معتدلٌ ... مثقَّفٌ من عروق الخَطّ أُمْلُودُ
سكران من عَسلان في مَعاطفه ... لكّنـه عند طعنِ النّحرِ غرّيدُ
وفي صفة السنان:
يجري بـه وهو كَيْوان لزرتته ... وينثني وهو كالمريخ مَزْؤُودُ
وفي صفة السيف:
وصارم يسبق التقحيمَ، قَتْلَتهُ ... يومَ الكريهةِ والإيماء تقديدُ
يغتالُ من لمعانٍ لحظَ ناظرهِ ... فما لمِقُلة راءٍ فيه ترديدُ
كأنّه جدولٌ والبحرُ قابضُهُ ... إذا انتضاه شديدُ البأس محدودُ
وفي صفة الفرس:
على أقبَّ رحيبِ الصدرِ ذي خُصَلٍ ... فيه علي الريح تبريزٌ وتجويدُ
نَوّام مربطة، يقظان معركة، ... سهل العنانِ، وفي التَّعْداءِ تشديدُ
مصغٍ إلى هاجس من سرّ فارسه ... كأنّه بضمير الرَّكض مجلودُ
وفي صفة الجيش:
في جحفل كأتِيّ الطّود ذي لَجَبٍ ... له بمخْترقِ البيدا تنضيدُ
كأنّما القاعُ طِربىٌ وهو أسطره ... والبيِضُ والسُّمْرُ إعرابٌ وتأكيدُ
كأنَّ حَيّا تَهادَوْا نارَ ممْسِيةٍ ... نار السنابك تعليها الجلاميدُ
لاحت بـه الطّلعةُ الغرّاء، إذ حجبت ... شمس الضُّحى، فضياء اليوم موجودُ
من نور أبلجَ، لا في عوده خَوَرٌ ... للعاجمينَ، ولا في الرأي تفنيدُ
صَدقُ البديهة في تأميم مقصده ... وللِرَّويَّةِ تصويبٌ وتصعيدُ
ومنـها في مدح قوم الممدوح:
قومٌ أنامِلُهم سُحْبٌ، وأعصرهم ... خِصْبٌ، وعافِيُهم في الجَدْبِ مورودُ
ومنـها:
من كلّ متعصبٍ بالتاج، يَنْعَتُهُ ... على المنابر تعظيمٌ وتمجيدُ
يُهاب، وهو جَنِينٌ قبلَ رُؤْيتِهِ ... ويستقادُ إليه وهو مولودُ
وفي التهنئة بالصوم والعيد:
يا صائماً قبلَ صومِ اليوم من وَرَعٍ ... هنّاك باليُمْن هذا اليومُ والعِيدُ
وله من قصيدة في مدح السلطان طغرل بن محمد بن ملكشاه:
أأهجع أم آوي إلى لِينِ مرقدِ ... ولم يَرْوَ في كّفيِ غرارُ مـهنَّدي؟
ومنـها في الافتخار:
إذا أخمد النّيرانَ قرٌّ مُراوِحٌ ... بأهداب رَجّافِ العشيّةِ مرْعدِ
ولم يُطقِ العجلانُ في قَبْسِ ضَرْمةٍ ... حِفاظاً، لِما يعروه من رعشة اليدِ
ولاذت بفرث المُودياتِ مع الدُّجَى ... من القُرِّ رعُيْانُ العَزِيبِ المبدَّدِ
رأيت ضيوف الدارِمييِّن هُجَّعاً ... لدى مثوى من رِجال وموقدِ
ومنـها في صفة الركب:
أقولُ لرَكْبٍ مُدْلِجينَ تذارعوا ... بُرودَ الفَيافِي بالرَّسِيمِ المُردَّدِ
نَشاوَى من التّهويمِ حتّى كأنّما ... سقاهم سُهاد الليل خمرةَ صَرْخَدِ
إذا ساور الإعياءُ منـهم غَرِيمَهٌ ... نَفاه مقالٌ من فصيح مغرّدِ
وقد لفظوا عن عِيسهم كلَّ مثقلٍ ... من الرَّحْلِ حتّى بُلْغَهَ المتزوّدِ
خذوا برقاب العيسِ إنْ رمتم الغِنى ... إلى ذي الأيادي طغرل بن محمّدِ
ومنـها:

يُذَمُّ بأفواه العِشارِ عشيّة ... وتَحْمَدُه العِقبانُ عندَ ضحى الغدِ
ومنـها:
وأبلج متلاف كأنّ نَوالَهُ ... تحدَّرُ سيلٍ من ذُرَى الطّود مُزْبدِ
هنيء الندى، لا واهبٌ بوسيلة، ... ولا شائب المعروفِ منـه بموعِدِ
ومنـها:
إذا غَدَرَتْ دارٌ، وَهبْتَ ترابَها ... لأَيدي المَذاكِي والعجاج المْصَعِّدِ
ومنـها:
وكم جلّ جُرمٌ فاغتفرتَ خطيرَهُ ... بحْلمٍ جميلِ الصفحِ رَحْبِ التغمُّدِ
وقوله من قصيدة في السلطان مسعود بن محمد نظمـها بمرو سنة اثنتين وعشرين:
حيّ نجداً وأين من مَرْوَ نجد؟ ... إنّما يبعثُ التحيّةَ وَجْدُ!
عرضت بيننا البلادُ، وأضحى ... للمطايا دونَ التّزاوُرِ وَخْدُ
شامخاتٌ من الجبال صِعابٌ ... وقِفارٌ من التنائف مُلْدُ
ووراء الفراق طيفُ خيالٍ ... لم يَعُقْهُ عن الزيارة بُعْدُ
يفضل اليقظةَ الكرى حين يخطو ... والظّلام الصّباح أيانَ يبدو
لا تظنّوا أنّ الغرامَ وإنْ بِنّ ... ا وبِنْتُمْ يقضي عليه الصدُّ
دون سَلْوانِ حبّكم زفَراتٌ ... لا فحلتٌ لها ضِرامٌ ووَقْدُ
ومنـها:
هان عندي الزَّمانُ بؤْسَي ونُعَمى ... وتساوى نحس لديَّ وسعدُ
وإذا الحبّ لم يَدُمْ، فسواءٌ ... عَذُبَ الوصلُ، أو أمرّ البعدُ
يفعل اللهُ ما يشاء، فما مِنْ ... هُ مفرٌّ، ولا لمِا شاء ردُّ
حازمُ القوم عاجزٌ في توقّي ... ه، وكالجاهل اللبيبُ الأسَدُّ
ما لفضلي يُذالُ بين أناسٍ ... جودُهم موعدٌ، وشعريَ نقدُ!
كنزوا المالَ للخطوب، وذمّي ... لَهُمُ من أشدِّ خطبٍ أشدُّ
كم أذَلْتُ المديح في حمد قومٍ ... كان كفراً بالمجد ذاك الحمدُ
حرجاً ألجأ الصدوق إلى المَيْ ... نِ، وما من لوازم العيش بدُّ!
لستُ أخشى فوتَ الغنى وأمامي ... شرفُ الحظ والمليكُ الجَعْدُ
ملك عنده قِراءانِ للضي ... فِ وللجيش: فتكه، والرِّفْدُ
كلّما نازلَ الكتائبَ والفق ... رَ، شكا جَحْفَلٌ، وأثنى وَفْدُ
نِعْمَ مَنْ لئّمتْهُ هَبْوَةُ حربٍ ... وجلاه تحت السنَوَّرِ طردُ
وادا ملّ سيفُه الغِمْدَ أضحى ... وله مَفرِقُ المتوَّجِ غِمْدُ
دارهُ حَوْمةُ الوَغَى من غِوارٍ ... وحشاياه عُودُ سرجٍ ولِبْدُ
ومنـها:
مُتْلِفٌ ما احتواه جوداً وبذلاً ... يُهْدَمُ المالُ حيثُ يُبْنَى المجدُ
وله من مدح المظفر بن حماد:
ظِلُّ الأسنّةِ لا جُدْرانُ بغدادِ ... وسابغُ الزُّغْفِ لا مَوْشيّ أبرادِ
أدنى إلى المجدِ من عيشٍ يقارنـهُ ... تهضُّمٌ من أباةِ الحمدِ أوغاِد
فارْغَبْ بنفسك أنْ يقتادَها رَغَدٌ ... ودونـه جائر في حكمـه عادِ
رحلت عنكم، فلا جِيدٌ بملتفتٍ ... إلى الدّيار، ولا شوقٌ بمُعْتاِد
وكم وراءَ رحيلي من مخّبرةٍ ... رَوْعاء بارقةٍ بالشرّ مِرْعاِد
يا غامزين قناةَ غيرَ خائرةٍ ... وراِسنينَ شديداً غير منقادِ
كفّوا عن الأورق العاديّ، إنّكم ... لا تستطيعون نقلَ الأورق العادي
ولا تسنّوا لأقوالي سِبابَكُمُ ... فما العَضِيهَةُ من شأني ولا عادي
ومنـها:
وإن أكن مادحاً من غير قارصة ... فرّبما كنت يوماً حَيّةَ الوادي
وفي المخلص بعد وصف معرك:
وبالفلاة لنا يومٌ تراجمـه ... بالهام يُنْجِزُ مأمولي وميعادي
كأنّما دَمُ أوداجِ الِرجال بـه ... سيلٌ تَعَ أو جود ابْنِ حَمادِ
ومن قطعة:
إلامَ أمَنّي النفسَ كلَّ عظيمةٍ ... ودهريَ عنـها عٌ لي وذائدُ؟

وأسْتَوْكِفُ المعروفَ أيديَ معشر ... تموتُ الأماني عندَهُمْ والمحامدُ
إذا أنا بالغُرّ القوافي مدحتهم ... لعذر، هجتني بالمديحِ القصائدُ!
وله من قصيدة في مدح الوزير محمود بن أبي توبة وزير السلطان سنجر:
كّفي منالكِ عن لومي وتفنيدي ... صَبابتي بالعلى لا الخُرَّدِ الغِيدِ
أطلتُ حتّى حسِبتُ المجدَ منقصهً ... كلاّ ولو أنّه حَتْفُ المَماجيدِ
لمّا رأيت غراماً جلّ عن عَدَلٍ ... حسبته بهوى الحُسّانِة الرُّودِ
لا والرواقصِ في الأَنساعِ يبَعثُها ... زجرُ الحُداةِ بإِنشادٍ وتغريدِ
إذا ونَيِنَ من الإرْقال، واضطمرت ... من اللُّغُوبِ، خلَطْنَ البيدَ بالبيدِ
يَحْمْلَن شعثاً على الأكوار تحَسبُهُمْ ... أزِمَّةَ العيسِ من همّ وتسهيدِ
ما حَنَّ قلبي إلى الحسناء من عَلَقٍ ... لكنّني بالمعالي حِدُّ معمودِ
صَبابتي دون عِقْدٍ زانـه عنقٌ ... إلى لواءٍ أمامَ الجيشِ معقودِ
أمِيس تيِهاً على الأحياء كلّهم ... علماً بأنّ نظيري غيرُ موجودِ
كيف الإجادةُ في نظمٍ وقافيةٍ ... عن خاطرٍ بصُروفِ الدهِر مكدودِ؟
كم قد قَريْتُ هنيَّ العزم نازلةً ... والخَطبُ يجْلِبُ في ساحات رِعْديدِ
تبصَّروُها مراحا في أعنّتها ... يَجِفْنَ ما بين مقتولٍ ومطرودِ
تَكِرَ في ليلةٍ ليلاءَ من رَهَجٍ ... على نجيع لخيلِ اللهِ مورودِ
تنزو بحُمْسِ هفت أضغانـهم بهمُ ... فحطَّموا في التّراقي كلَّ أمْلُودِ
كأنَّ فَرطَ توالي الطّعنِ بيَنُهمُ ... وَلْغُ العواسلِ أو معروفُ محمودِ
الواهب الحتف والعيش الخصيب معاً ... فالموتُ بالبأسِ، والإحياءُ بالجودِ
ومنـها:
إن أمسك الغيثُ لم يحبسْ مكارمَهُ ... طولُ المِطلِ ولا خُلْفُ المواعيدِ
مالٌ مُذالٌ وعرضٌ دون بذلته ... خوضُ الأسنّة في ماء اللَّغادِيدِ
أرقّ من خلق الصباء شيمته ... فإن يهجْ فهو كاسٍ خُلْقَ جلْمُودِ
ومنـها:
فكلُّ مُعّضِلِ خطبٍ في رَوِيَّتِهِ ... حديدُ سابغةٍ في كفِّ داوودِ
ومنـها في التهنئة:
فضلت حدّ التهاني فانصرفت إلى ... هنّي بك العيد من هنّيت بالعيدِ
وله من قصيدة في الأمير دبيس بن صدقة:
يغبّ الغيثُ أكنافَ البلادِ ... ويخلفُ بارقُ السُّحُبِ الغوادي
ويغبرُّ الشتاءُ، ومنـه يرجى ... نموُّ الروض، أو رِيُّ الصَّوادي
وسيفُ الدولة الملك المرَجَّى ... سَحُوحُ الجودِ مُنْهَلُّ العِهاِد
يُبِيدُ نواله فَقْرَ المَقاوِي ... وحد حُسامِهِ مُهَجَ الأعادي
إذا افتخرت ملوكُ الأرضِ طرّاً ... بتعديد المساعي والأيادي
شآها عند معتبر المَعاِلي ... طويلُ الرمحِ واليدِ والنِّجاِد
طليقُ الوجهِ أغلبُ مَزْيديٌّ ... مضيء النار مرفوع العِمِاد
ومنـها:
وباعثها إلى الغارات تهفو ... سِراعاً مثلَ مبثوثِ الجرادِ
فيَوْماً بالمشارق في مُغارِ ... ويوماً بالمغارب في جِلادِ
أجلت الخيل في الآفاق حتّى ... تخوّفت السماء من الطَّرادِ
وباراك الملوكُ فكنتَ منـهم ... مكانَ الشامخاتِ من الوِهادِ
ومنـها:
أطِعْ فيَّ العلى وازْجُر رجالاً ... سَعَوا في شأن مجدي بالفسادِ
فإنَّ الجاهلينَ بغيرِ خُلْفٍ ... لأهلِ لفضلِ قد خُلِقُوا لأعادي
ومنـها:
أنا الرجلُ المُقرُّ بفخر فضلي ... وهمّتيَ الأصادِقُ والأعادي
فإنْ حَرْبٌ فعَمْروٌ في زُبَيْدٍ ... وإن نُطْقٌ فقُسٌّ في إيادِ
ولم أمنحك هذا الرأسَ إّلا ... لترفعني على السبع الشِّدادِ
ومنـها:

وكم بدروبِ بغدادٍ حديث ... يَسُرُّكَ نَشْرُهُ في كلّ نادِ
بأنّي قد بلغتُ بك الثريّا ... وأنّي للترقّي في ازديادِ
فكن حيثُ الظّنونُ، فكُلُّ كسبٍ ... سوى الذِكْرِ الجميلِ إلى نَفادِ
وله من قطعة في مدح الوزير الزينبي:
جوادٌ، إذا ما أفقر البذلُ كفَّهُ ... غدا الشكرُ يُغني عرضه والمحامدُ
ويقظانُ في كسبِ العلى، غير أنَّهُ ... عن الجُرْمِ نوّامُ الحَفيظةِ راقدُ
وله فيه:
دأماءُ الجُودِ وخِضْرِمُهُ ... وحُسامُ البأسِ مُهَنَّدُهُ
مضّاءُ العزمِ وثاقبُهُ ... ومُصيبُ الرأيِ مُسَدّدُهُ
قَرَّاءُ الضيفِ وخادِمُهُ ... ومُشارُ الدهر وسيّدُهُ
يدنو للقِرْنِ فيَصْرَعُهُ ... ولِمَحْلِ العامِ فيَطْرُدُهُ
فالموتُ الفصلُ تَقَحُّمُهُ ... والطَّوْدُ الثَّبْتُ تأيُّدُهُ
وقوله:
مدحتكُمُ للوُدِّ، لا لرغيبة، ... وشتّانَ ما بينَ الرَّغائِبِ والوُدِّ
فجُدْتُمْ ولم أقدِمْ على ردِّ جودِكم ... محافةً أنْ أرْمى بداهيةِ الصدِّ
ونفّرتُمُ إنسَ القوافي وقد دنت ... إليكم دُنُوَّ العاطشاتِ إلى الوِرْدِ
ولمّا رأيتُ المدحَ فيكم فريضةً ... تحرَّجتُ من أخذ الجزاء على الحمدِ
فقل لرئيس الدين: مالي وللنّدى ... وحاجات نفسي منك في طلب المجدِ؟
قال: أرسل إلي شرف الدين الزينبي فضة، لأصوغ لي دواة من الفضة، فصغتها، وكتبت عليها:
قد حويتُ الشُّهْدَ والسُّمَّ معاً ... بالندى والبأس في لونِ مِدادِ
وفضلتُ الجنسَ، إذ يُكْتَبُ بي ... مدحُ مولانا عليِّ بْنِ طِرادِ!
وله في التغزل:
عجزتُ فما لي حِيلةٌ في هواكُمُ ... سوى أننّي أزدادُ وَجْداً مع الصَّدِّ
ولو أننَّي جاهدتُ نفسيَ فيكُمُ ... سلوتُ، ولكنْ لا جِهادَ على العبدِ
وله في الحكمة:
لا تلبس الدهرَ على غِرَّةٍ ... فما لِمَوْتِ الحيّ من بُدِّ
ولا يخادِعْك طويل البقا ... فتحسب الطولَ من الخُلْدِ
يَنْفَذُ ما كان له آخِرٌ ... ما أقربَ المَهْدَ من الَّلْحدِ!
وله:
وفُرْقةُ ما يعاد عليك صعبٌ ... فكيف فراقُ شيء لا يُعادُ؟
وله في المطل:
رُبَّ رِفْدٍ وإنْ تكاثر عَدّاً ... قلّ من فَرْطِ كَثْرِة التَّرْدادِ
إنّما الجودُ كالحياةِ، ولكن ... يعتريها السَّقامُ بالميعادِ
وسؤالُ الأحرارِ من غيرِ خُلْفٍ ... ثمنٌ للنَّدَى من الأجوادِ
الراء وله في الوزير جلال الدين أبي علي ابن صدقة في الأيام المسترشدية، وكان قد عتب عليه:
وراءَك أقوال الوُشاةِ الفَواجرِ ... ودُونَك أحوال الغرام المُخامِرِ
فلولا وَلُوعٌ منك بالصَّدِّ ما سَعَوْا ... ولولا الهوى لم أنتدب للمعاذِر
تزاور نومي أنْ هجرتِ، وطالما ... صغاِ صغْوَ جَفْنٍ، إذ وصَلْتِ، وناظِرِ
لقد أنجمت تلك العهودُ، كانّها ... جَوافلُ طيرٍ نُفِّرَتْ بالخوادرِ
فلا الطَّيْفُ للطَّرْفِ القَريحِ بسانحٍ ... ولا الحِبُّ للصبّ المُعَنَّى بزائرِ
سليمٌ من الأشواق شِيبَ بكاذب ... وأمنٌ من الإلمام رِيع بهاجرِ
وباكٍ إذا ما اجدب العامُ عندَه ... سقى التُّربَ من أجفانِهِ بالمواطرِ
أصَخْت ولو أرعيت بعديَ مَسمَعاً ... لرُدَّ على أعقابه كلُّ فاجرِ
وحملتني ذنبَ الكذوبِ، ولم تَزَلْ ... يدَ الخَطبِ تُدْمِي ناقلاً غير عائرِ
عصيتُ أميرَ العَذْلِ فيك، وطالما ... تداوَلَ سمعي مُجْلبِاً بالزواجرِ
إذا عُدِّدَتْ أنواع صدكِ، واغتدتْ ... أوائلها مشفوعةً بالأَواخرِ
محاها هَوىً لا يستفيقُ، كما انمحى ... بِحْلم جلالِ الدين عُظْمُ الجَرائرِ
ومنـها:

إذا ما أتاه مُجْرِمٌ وهو قادرٌ ... توهمتهُ من عفوِهِ غيرَ قادرِ
وله من قصيدة في أنوشروان الوزير، في الحلم:
وكم من سفِيه الرأي والقولِ أجلبت ... فَواحشُهُ إجلابَ هوجاءَ ذاعرِ
يقولُ ليَ الفحشاءَ كيما أجِيبه ... فيغدو بقولي في عِدادِ النَّظائرِ
كررتُ عليهِ الحلمَ حتّى تبدّلت ... جرائمُهُ، من خجلهٍ، بالمعاذرِ
ومنـها:
وحاجة مصدورٍ سَهِرْتُ لنُجْحِها ... وقد نام عنـها رَبُّها غيرَ ساهرِ
قطعتُ لها لَيْلَيْ سُرىً وَروِيَّةٍ ... فجاءت وما نَمَّ الصباحُ بجاشرِ
ومنـها:
وإنّي لمشتاقٌ إلى ذي حَفِيظهٍ ... شديدِ مَضاء البأس مُرِّ البوادرِ
متى سُمْتُهُ بالقولِ نصراً جرت بـه ... مقاول أغماد فِصاحُ المجازرِ
فيفتكُ فيمن رامَ ظُلمي بأوّلٍ ... ويسألُ عمّن جرَّ حربي بآخِرِ
يكونُ نصيري في دِاركيَ للعلى ... ولن تُدْرَكَ العَلياءُ إلاّ بناصرِ
ومنـها:
هجرنا إلى آمِالنا كلَّ مطعمٍ ... فلم تَرَ إّلا ضامراً فوق ضامرِ
بيوم وَغىً تُعمِى العجاجةُ شمسَهُ ... وتُطْلِعُ زُهْرَ الذابلاتِ الشّواجِر
جَبَهْناهُمُ فيه بطعنٍ كأنّه ... خُروقُ العزالي واستنانُ المواطرِ
وسقْناُهمُ تحت العَجاجِ كأنّما ... تَخِبُّ بِغزْلانِ الصَّريمِ النّوافِر
فلولا ادّكارٌ من أناةِ ابْنِ خالدٍ ... لما كفّ عن ضربِ الطُّلَى غَربُ باترِ
وله من قصيدة:
بني دارمٍ، إنْ لم تُغيروا فبدّلوا ... عمائمكم يومَ الكَريهِة بالخُمْرِ
فإن القُرى والمُدْنَ حِيزَتْ لأَعْبُدٍ ... وما سلمت أفْحُوصَةٌ لفتى حُرِّ
ربطتم بأطنابِ البيوتِ جِيادَكُمْ ... وخيلُ العدى في كلِّ مَلْحَمةٍ تَجْري
إذا ما شببتم نارَ حربٍ وقَودُها ... صدورُ المَواضي الِبيضِ والأسَلِ السُّمْرِ
ضَمِنْتُ لكم أنْ تَرجِعُوها حميدةً ... تَواجَفُ غِبَّ الرَّوْعِ بالنَّعَمِ الحمْرِ
أنا المرءُ لا أوفي المنى عن ضراعة ... ولا أستفيدُ الأمْنَ إلا منَ الذُّعْرِ
ولا أطرقُ الحَيَّ اللِئامَ بمدحهٍ ... ولو عَرَقَتْنِي شدّةُ الأزُمِ الغُبْرِ
تغانيت عن مالِ البخيلِ، ِلأَنَّنِي ... رأيتُ الغِنى بالذُّلِّ ضرباً من الفَقْرِ
وله:
أقرب من قولك يا عَمْرُو ... حالٌ بها ينكشفُ الضُّرُّ
فلا تَبِتْ أسْوانَ في غَمْرَةٍ ... ضاق بها ذَرْعْكَ والصَّدْرُ
واتّخذِ الصبرَ لها جُنَّةً ... فمن شِعارِ الحازمِ الصبرُ
هي العلى عِلْقٌ إذا قِسْتَهُ ... مسترخَصٌ، والثمنُ العُمْرُ
إنّ امرءاً مات على مجده ... لخاَلدٌ ما خلد الذكرُ
لا خيرَ في مُثْرٍ بلا شاكرٍ ... فإنّما المالُ هو الشكرُ
أحجار سَوْءٍ جُعِلَتْ آلةً ... وسِرُّها النفعُ أو الضُّرُّ
يُصيب من يبذلُهُا أجرَهُ ... وللّذي يَحرزُها الوِزْرُ
ومنـها:
إن شام غيري بارقاً من ندىً ... بفضله، فهو إذَنْ نُكْرُ
أيُّ مَحَلٍّ لنجومِ الدُّجَى ... يبقى إذا ما جهِلَ البدْرُ
وله من قصيدة في الأمير مظفر بن حماد، في الحث على السفر والمخلص:
ومعنّفٍ في المجد يحرق نابَهُ ... متخمّطٍ في عَذْلِهِ متنمِّرِ
قال: اتخذت الإغترابَ مطيّةً ... فارْفُقْ بنفسك من سِفارِك واحضُرِ
فأجبته: إنّ الهلالَ بسيرِه ... بدرٌ، ولولا سيُرهُ لم يُقْمِرِ
دعْ عنك لومي، إن عزميَ والسُّرَى ... أخوا لِبانٍ: كالنّدى ومظفّر
ومنـها في المديح:
خِرْقٌ، إذا عنّتَ وَغىً وخَصاصهٌ ... جادَتْ يداهُ بوابلٍ مُثْعَنْجِرِ

فالقَرْنُ والرجلُ الفقيرُ ِكلاهما ... غَرِقانِ من عُرْفٍ وقانٍ أحمرِ
وإذا خبت نارُ اليَفاعِ، فنارُهُ ... تهْدِي رِكابَ الخابطِ المتنوِّرِ
نارٌ تكادُ منَ المكارمِ والندَّىَ ... تخبو، فلولا البأسُ لم تَتَسعَّرِ
رُفِعَتْ ِلأبلجَ من كنانةَ، دَأبُهُ ... ضربُ الجماجمِ تحتَ ظِلِّ العِثْيَرِ
لِمُعَذَّلٍ في الجودِ، صَوْبُ يمينِهِ ... يُزْري بسيلِ الشاهِقِ المتحدِّرِ
باع الثراءَ من الثناءِ بطيِبِه ... وشِرا الثنا بالمال أربحُ مَتْجَرِ
فإذا غدا صِفْرَ اليدَيْنَ، فإنّه ... ملآنُ من شرفِ العُلى والمفخرِ
سهلُ الخلائقِ والودادِ كلاهما ... لا بالملولِ هوىً ولا المتكبِّرِ
تنجابُ أستارُ الحجابِ إذا انتدى ... للحيِّ عن متواضعٍ متوقّرِ
تُخْشَى سُطاه على لَطافةِ وجهِهِ ... ولَرُبَّ برقٍ بالصواعق مُنْذِرِ
أَلِفَتْ قِراعَ الدّارِعِينَ سيوفُهُ ... فيكادُ يمرُقُ مُغْمَدٌ لم يُشْهَرِ
وتعودّت خوضَ النُّحُورِ رماحُهُ ... فإذا جرتْ للطّعنِ لم تتأطَّرِ
وغنينَ من وِرْدِ الدّماءِ جيادُهُ ... في الحربِ عن ورد النَّمِير الأخضرِ
زَوْلٌ تُعيض الحَيَّ غُرَّةُ وجهِهِ ... تحتَ اللثامِ عنِ الصباح المُسْفِرِ
لا تَطَّبيهِ مع الشبيبة للهوى ... خدعٌ، ولا تُلْهيه بهجةُ منظِر
ومنـها في صفة الجيش:
ومزمجرٍ بالقاع يُظْلِمُ صبحُه ... مما يثير من العجاجِ الأكدرِ
مَجْرٍ كأنَّ خُيُوَلهُ ورِجالَهُ ... غِزْلانُ وَجْرَةَ تحتِ جنَّةِ عَبْقَرِ
أعمى القَتامُ بـه الكُماةَ، فخيُلُه ... لولا بريقُ حديدِهِ لم تنظُرِ
فيه السوابغُ والدِّلاصُ كأنّها ... غُدُرُ الفلاةِ تلوحُ للمتبِّصرِ
غادرتهم صَرْعَى بأوّلِ حملةٍ ... من غير تثنيةٍ وغير تكرّرِ
وإلى عُلى بكرٍ نَمَتْك عِصابةٌ ... طيبُ الثناءِ لهم لطيبِ العُنْصُرِ
قوم إذا كَرهوا الحريرَ بَسالةً ... لَبسُوا لزينتهم ثيابَ سَنَوَّرِ
يتقارعون على الضيوفِ إذا الدُّجَى ... سُدَّتْ مطالعْهُ بريحٍ صَرْصَرِ
من كلِّ متبوعِ اللِّواءِ، مؤمَّلٍ ... في المَحْلِ، مُنْتَجَعِ النَّدَى، مُسْتَمْطَرِ
تتلو الذئابُ المُعطُ كبّةَ خيلهِ ... ثِقةً بأنّ طعامَها من مَنْسِرِ
أرِجُ الثناءِ لدى النَّدِيِّ، كأنّما ... تُتْلَى مدائحُ عِرْضِهِ من مِجْمَرِ
وله من أخرى في الهم:
كأنَّ بلادَ اللهِ مما أجِنُّهُ ... من الهمّ أحْبُولٌ تُحاذِرُهُ العُفْرُ
يَضيقُ بيَ الخَرْقُ الوَسيِعُ كآبةً ... ولولا همومُ النفسِ لمَ يضقِ القَفْرُ
يظنّون فخري رائقَ الشعِر عندَهُمْ ... ولا عيبَ لي إلا الفصاحةُ والشعرُ
إذا لم يكن لي ناصرٌ من صوارمي ... فما لي من قولٍ أنِّمقُهُ نصرُ
وكم عارِ مدحٍ مُثْقِلٍ لأبيِتّي ... وإن كان لي لمّا نطقتُ بـه عذرُ
وله من قصيدة في السلطان مسعود:
وما عذبٌ مواردُهُ بَرُودٌ ... له بالرَّعْنِ جَرْيٌ وانحدارُ
أصاب بَمرِّهِ عُلْوِيَّ وَقْبٍ ... تَقاصَرُ عن تناوُلهِ البحارُ
حديث المجِّ من كرماءِ رَعْيٍ ... لهنّ بكلّ ناضرةٍ مطارُ
له خَصَرٌ، ونسمته اعتلالٌ ... إذا ما اسْتوقد الشِّعرَي النَّهارُ
بأعذبَ من غياث الدين وُداً ... إذا ما علقَمَ البَرِمَ النِفارُ
ومن قوله فيه:
وصاحبٍ من بني الآمال خُضْتُ بـه ... بحراً من الآل ذا لُجٍّ وتيّارِ

يلفُّه النومُ أحياناً فأفِرشُهُ ... حديثَ مجدٍ يجلّي نومةَ السّاري
يرجو، ويرقُدُ عمّا قد سَهِرتُ له، ... والمجدُ لا يُبْتنَى إلاّ بمسهار
إذا اطبَّاهُ مُناخٌ عند باديةٍ ... أذكرته دَعَةً من ريفِ أمصارِ
علماً بأنّ اعتزامي سوف يُنزِلُنا ... بمنزلٍ من غياث الدين مُختارِ
حتّى أنخنا بميمونٍ نقيبتُهُ ... منزّهِ العرْضِ عن ذامٍ وعن عارِ
القاتل المحل حيثُ المُزْنُ مُكديةٌ ... بهاطلٍ من ندى كفّيه مِدرارِ
يَجِلُّ عن منحِة الأموال آونةً ... فالجودُ منـه بآجالٍ وأعمارِ
ويُكْرِمُ السيفَ عن غِمْدٍ فيَغْمِدهُ ... ، إذا يُجرِّدُهُ، في رأسِ جبّارِ
ومنـها:
تناطُ حُبْوَتُهُ في يومِ نَدْوَتِهِ ... بصافحٍ عن عظيمِ الجُرْمِ غفّارِ
وله من قصيدة في الوزير الزينبي:
أعِيذُ قريشاً أنْ تُصيخُ لكاشحٍ ... كذوبٍ، وما يقضي بظلمٍ أميرُها
وعندَ قريشٍ شيمةٌ نبويّةٌ ... يُخبّرُها ما في النفوس ضميرُها
لهم مَهْبِطُ الوحيِ المَجيدِ، ومنُهمُ ... بَشيرُ البَرايا مُرْسَلاً ونَذيرُها
ومنـهم أغرُّ الوجه يُشرقُ وجهُه ... بشيبِتهِ، جادَ البلادَ مَطيِرُها
وجهل بحِلْمِ قد غفرتم عظيمَهُ ... إذا ما شفى غيظَ النفوسِ قديرُها
ويوم نِزالٍ قد دَلَفْتُمْ لِشرّهِ ... فأبليُتمُ والخيلُ تَدْمَى نحورُها
ومنـها:
ومَنْ كقريشٍ في المعاركِ والنَّدَى ... يموتُ مُناديها ويَحْيا فقيرُها
إذا ما مساعيهم أعيدَتْ وكُرِّرتْ ... أضاء الدجى والشّمسُ لم يَبْدُ نورُها
أبرَّ عِليّاها على كل ماجدٍ ... فأوّلهُا حاز العلى وأخيرُها
تلا ابْنُ طِرادٍ في المعالي سَميَّهُ ... فلا سورةٌ أّلا الوزيرُ أميرُها
ومنـها في صفة الروض:
وما أنُفٌ من روضةٍ ذاتِ بهجة ... ممنَّعِة الأكنافِ غَضٍّ نضيرُها
لها نَفَحاتٌ بالعشيّ، كأنّها ... لَطِيمَةُ داريٍّ يُفَتُّ عبيرُها
أقامَ بها القَيْلُ التَّريفُ وأسرةٌ ... كِرامُ التلهّي نَشؤها وكبيرُها
تصبّ على نُوّارهِا قرقفيّةٌ ... يَميِسُ لِعَرْفِ الطِّيبِ منـها مديرُها
يكادُ نسيمُ الجوِّ بعدَ رُكودِهِ ... يموجُ انتشاءَ إذْ تُصَبُّ خمورُها
بأطيب من عَرْفِ الوزير، وإنْ غْدت ... أصائلُها مطلولةً وبُكورُها
ومنـها في الاستعطاف:
تيمَّمْتُ زَوراء العراقِ، وذادَني ... عن القصد بُهتانُ الأعادي وزورُها
وماليَ ذنبٌ أختشي من عِقابه ... سوى صحبةٍ مجدُ الإمامِ غَفورُها
يعني صحبة دبيس حين خرج إلى المسترشد.
أقمتُ بها حيثُ الرِّضا ذو مَخايلٍ ... وفارقتُها لمّا بدا لي غرورُها
ومنـها:
ومن عجبٍ تغشى البلادَ قلائِدي ... وتُعرضُ عن زَوْراِئكم لا تزورُها
وفيكم غدت ألفاظُها مستجيبةً ... ملائمة أعجازُها وصدورُها
ومنـها:
أقِلْني عثاري واتّخذها صنيعةً ... يُطَرِّبُ شاديِها ويَلْهى سَمِيرُها
فما الدهرُ أّلا حِلْيَةٌ مستعارةٌ ... جديرٌ بكسبِ الحمدِ من يستعيرُها
وله في مدحه:
إذا ما عليُّ الخيرِ عُدَّ فَخارُهُ ... فكلُّ ثَرىً روضٌ، وكلُّ دُجى فَجْرُ
عَمِيدٌ بِحُبِّ المجدِ، ما في وِصالِهِ ... إذا انقضتِ الأهواءُ صدٌّ ولا هَجْرُ
هزيمانِ عن عافيهِ والمحتمي بـه ... لِفَرْطِ النَّدى والنَّجْدَةِ: الذلُّ والفقرُ
تَرى المُخْصِباتِ الخُضْرَ غُبْراً بفتكه ... وتخضرُّ من جَدْوَى أنامِلهِ الغُبْرُ

يَوَدُّ نسيمُ الليلُ لُطفَ خِلالِه ... وترهَبُهُ من بأسه البِيضُ والسُّمْرُ
يُسِرُّ النَّدى، والحمدُ فاشٍ حديثُهُ، ... فنائُلهُ سرٌّ، وإحمادُهُ جَهْرُ
وله فيه من قطعة:
أبي اللهُ إّلا ما تُرِيدُ، فكُنْ له ... شكوراً، فنُعْمَى اللهِ تبقى على الشكرِ
ودُمْ سالماً، إنّ المعالي بهيجةٌ ... بتصريفها ما بين نَهْيِكَ والأمرِ
فإنَّ على الأيّام نَضْرةَ زهرةٍ ... بوجهك يا ابْنَ الماجدِينَ بني النَّضْرِ
ومن قوله فيه:
تُناطُ أيادي الله منـه وعنده ... إلى وَرِعٍ جَمِّ المحامدِ شاكرِ
يُعيدُ النَّوارَ النافراتِ أنسيةً ... وَيْحبسُ منـها شكرَهُ كلُّ طائرِ
ومنـها:
أغرُّ، مَرِيرُ البأسِ، سهلٌ ودادُهُ ... رفيعُ عمادِ البيتِ، جَمُّ المآثرِ
إذا ما عصت صِيدُ الرِّقابِ مرادَهُ ... بَراها بحدِّ الرأي قبلَ البواترِ
نمى لِمَعدٍّ، والمساعي حميدةٌ ... مردّدةٌ بين النُّفوسِ الطواهرِ
فجاء كَنصْلِ السيفِ أكرمَ صاحبٍ ... وألينَ ملموسٍ، وأخشنَ ناصرِ
فتى مالُهُ نَهْبُ الفقيرِ، وبأسُهُ ... حِمى المستجيرِ في الليالي الغوادرِ
وله فيه:
مُسْمَهِرُّ البأسِ من مُضَرٍ ... يقشعرُّ الموتُ من حَذَرهْ
تطرَبُ الألبابُ مصغيةً ... لحديثِ المجدِ من سِيَرِهْ
كلَّما أوسعتَ مبتلياً ... خُبْرَهُ أربى على خَبَرِهْ
تُهْزَمُ الأحداثُ كالحةً ... بارتجالِ الرأي لا فِكَرِهْ
وإذا ما أجدبتْ سنةٌ ... كان سُقْيا الحيِّ من مطِرهْ
هو بحرٌ من فضائله ... ومديحي فيه من دُرَرِهْ
شرفُ الدين الذي وضَحَتْ ... ظُلَمُ الأحداثِ من غُرَرِهْ
ومن قوله فيه:
هو المرءُ: أمّا فضلُهُ فهو شاملٌ ... عميمٌ، وأمّا مدحُهُ فهو سائرُ
يَقَرُّ بعيني مدحُهُ وثناؤهُ ... وإنْ باتَ جفْني وهْوَ بالنظم ساهرُ
وله من قصيدة في مدح أتابك غازي بن زنكي بالموصل سنة أربع وأربعين وخمس مئة:
إلامَ يراك المجدُ في زيِّ شاعرِ ... وقد نَحَلتْ شوقاً فروعُ المنابِرِ؟
كتمتَ بصِيتِ الشعرِ علماً وهمّةً ... ببعضهما ينقادُ صعبُ المفاخرِ
لئنْ سرَّكَ التجويدُ فيما نظمتُهُ ... فنظمُ القوافي غيرُ نظمِ العساكرِ
لَعَمْرُ أبيك الخيرِ، إنّك فارسُ ال ... مَقال، ومحيي الدارسات الغوابرِ
وإنّك أغنيتَ المسامعَ والنُّهَى ... بقولك عمّا في بطونِ الدَّفاتر
ومنـها:
ولا خيرَ في فضلٍ تباعدَ عزُّهُ ... ولو فاق أضواء النجومِ الزَّواهرِ
يذلُّ شديدُ الأيْدِ أنْ تقطعَ الطُّلَى ... إذا لم يُعنْهُ غَرْبُ أبيضَ باترِ
ومنـها:
أقولُ لِخلٍّ بالعِراق يَسُرُّهُ ... مُقامي، ويأبى لي شِعارَ المسافرِ
حريصٍ على علم الخفيّ، ودُونَهُ ... جدائلُ حزمٍ مُحْصَداتُ المرائرِ
إذا استنطقتني في هواه مَوَدَّةٌ ... محا الرأيُ حُبّاً آذِناً بالفَواقرِ
تنكّر من كتمان سرّي. ولو درى ... بخُرْق زماني، بات في الصمتِ عاذري
تطاولَ همّي، فابْغني ذا نباهةٍ ... يُجّلي دُجَى ظلمائه عن خواطري
فبات لَمُوحَ الطّرف، والعصرُ أغبرُ ال ... مَطالع، والأيّامُ شُوسٌ لناظرِ
فلمّا استجال الرأي وانـهزمت بـه ... روِيَّتُهُ عن غادرٍ بعد غادرِ
ورَدَّ إليَّ الأمرَ ردَّ مُسَلِمٍ ... إلى عالمٍ بالدهرِ والناسِ ماهرِ
سَهِرتُ لبرقٍ من ديارِ ربيعةٍ ... ولم أكُ للبرقِ اللَّمُوعِ بِساهرِ
ومنـها في التخلص:

وما البرقُ إّلا البِشْرُ عند أسرَّةٍ ... بوجهِ عمادِ الدينِ رَبِّ المفاخِرِ
وله في عضد الدين وزير الإمام المستضيء:
آل المظّفرِ، والأيّامُ شاهدةٌ، ... بيضُ العَوارفِ والأنسابِ والأثَرِ
تشكو مَراجِلُهم فَرْطَ الوقودِ كما ... تشكو النواصفُ فَرْطَ القُرِّ والخصَرِ
فساهراتٌ من التَّرْدادِ في صَرَدٍ ... وراسياتٌ من الإيقادِ في سُعُرِ
إذا استراحتْ ظُباهم من منازلةٍ ... فلاغباتٌ لِعَقْرِ النِّيبِ والجُزُرِ
ومن مقطوعاته في المعاني قوله:
تعجَّبَ صحبي أنْ كتمتُ فلم أشِعْ ... علومي الّتي في بعضها شَرَفُ القدرِ
فقلتُ لهم: مالَ الزمانُ وأهُلهُ ... إلى فضلِ قولٍ، فاقتصرتُ على الشعرِ
وقوله في العذار:
شكّوا أشمسٌ أنتَ أم قمرٌ؟ ... ولِفَرْط حسنِكَ أشكلَ الأمرُ!
فانجاب ليلُ الشكّ حينَ قضى ... ليلُ العِذارِ بأنّكَ البدرُ
وقوله:
ومن السعادةِ للّئامِ تَرَفُّعِي ... عن هَجْوِهمْ، لمناقبي ومفاخري
فلو انتدَبْتُ له، أتيتُ بمعجزٍ ... منـه، لِفيضِ عُيوُبِهمْ وخواطري
وقوله:
أسدٌ باتَ يتَقي سَوْرَةَ الذّئ ... بِ، وبازٌ يَخْشَى من العُصْفُورِ
وقوله:
إذا شوركْتَ في حالٍ بدُونٍ ... فلا يغشاك عارٌ أو نُفُورُ
تشاركَ في الحياة بغيرِ خُلْفٍ ... أرسطا لِيسُ والكلبُ العَقُورُ
وقوله:
وجوهٌ لا يُحَمِّرُها عتابٌ ... جدير أنْ تصَفَّرَ بالصَّغارِ
فما دانَ اللئامُ لغيرِ بأسٍ ... ولا لانَ الحديدُ لغيرِ نارِ
وقوله في كبير زاده ثم انقطع عنـه، وتعذر لقاؤه:
إنْ عزّ لُقياك وماءُ النَّدى ... هامٍ، فإنّي شاكرٌ عاذرٌ
يسقي السَّحاب الجَدْبَ سَحّاً، ولا ... يجتمعُ الممطورُ والماطرُ
وقوله مما يكتب على المقرعة:
لم لا أتيهُ على الرّماح إذا ... فخرتْ وتحسُدنُي الظُّبى البُتْرُ؟
وإليَّ سوقُ الرّيحِ حاملةً ... طودْاً أشمَّ، وقابضي بحرُ
وقوله:
إذا المرءُ لم يُرْزقْ مع الأيْدِ همّةً ... فلا شرفٌ في الأيْدِ منـه ولا فخرُ
ألم تَرَ أنَّ البازَ يسمو لصيده ... عزيزاً، ويَهْوِي نحوَ جيفتِه النَّسْر؟
وقوله في التحريض:
قول المحرّض يزدادُ الشُّجاعُ بـه ... بأساً، ويغدو جبانُ القومِ ذا أشَرِ
ما السيفُ سيفاً وإنْ أرضاك جوهرُهُ ... لولا الصَّياقلُ والإمـهاءُ بالحجرِ
وقوله في صفة الجيش:
ويومٍ تظمأ الأرواحُ منـه ... وتَرْدَى من جماجمـه الشِّفارُ
تَضيقُ بخيله فِيحُ الموامِي ... ويَكْسِفُ شمس ضحْوِتهِ الغُبارُ
كأنَّ رِماحَهُ أشطانُ جدلٍ ... تُرَنِّخُها من الطُّولِ البِئارُ
تسابِقُ طيرُهُ زُرقْ العَوالي ... إلى مُقَلٍ، فطعنٌ وابتسارُ
جعل الطير والأسنة متسابقاتٍ إلى مقل الرجال، والطعن أفخره ما أصاب المقل، والطير شأنـها ابتسار عيون القتلى. وهذا أبلغ من قول النابغة الذبياني:
إذا ما غزوا بالجيش، حَلَّقَ فوقهم ... عصائبُ طيرٍ تهتدي بعصائبِ
الزّاي وقوله:
حُثَّ الكَريمَ على النَّدَى، وتقاضَهُ ... بالوعِد، وابْعَثْهُ على الإنجازِ
وَدَعِ الوثوقَ بطبعه، فلطالما ... نَشِطَ الجوادُ بشوكة الِمْهمازِ
السين وقوله:
لا تُنكري شَعَثي، ولو حسبت ... تلك البروُد هوابيَ الرَّمْسِ
فالحظُّ قد غطّى مطالعَهُ ... بخلُ الملوكِ وعزّةُ النفسِ
ولقد شكوتُ الأمسَ قبلَ غدٍ ... فأتى غَدٌ فشكرتُ للأمسِ
الصّاد وقوله في خالص المسترشدي:
إذا شائباتُ الدَّهْرِ كدَّرْنَ صَفْوَتِي ... جلوتُ قَذاها عن فُؤادي ب خاِلصِ

بِخِرْقٍ إذا عَزَّ الحَيا غير باخلٍ ... وماضٍ إذا جدّ الوغى غير ناكصِ
الضاد وقوله:
إذا مَرِض النمر أبو عليٍّ ... رعاه الله فالمجدُ المريضُ
يرى الناسُ العوارفَ نافلاتٍ ... وهنّ عليه واجبةٌ فروضُ
فدامت صحّةُ العلياءِ منـه ... ودام المدحُ فيه والقَريضُ
الطاء وقوله في مدح الوزير الزينبي:
وأحلاف مجدٍ مُوجِفينَ إلى العلى ... لهم من قُصَيّ حيثّما انتسبوا رَهْطُ
تَقِلُّهُمُ الجُرْدُ الجِيادُ كأنّها ... سَراحِينُ ثَلاّتٍ بَموْماتِها مُعْطُ
يَرْودُونَ رأياً من لبيبٍ مُغامرٍ ... لكلٍّ عقالٍ من رَويتِهِ نَشْطُ
منحتهمُ أسطارَ طِرْسٍ ومعركٍ ... بليغَيْن ممّا أنبت الخطُّ والخطُّ
فعادت لهم صِيدُ الملوكِ أذِلَّةً ... لكلّ طليقٍ من كُماتِهِمُ رُبْطُ
وَمنْ كالوزيرِ الزينَبّي مقرَّباً ... بعيدَ العلى إذْ حال من دُونِهِ الشَّحْطُ
فتى لا يُدانِيِه رضاهُ للينةٍ ... تذلُّ، ولا يَثْنِيهِ عن كرم سُخْطُ
العين وقوله من قصيدة في مدح أنوشروان بن خالد، الوزير:
وفتيان صِدْقٍ من تَمِيمٍ تناثلوا ... دروعَهُمُ والليلُ ضافي الوشائعِ
وَقيذَيْنِ من عَرْقِ السُّرى، وقلوبُهُمْ ... شِدادٌ على مَرّ الخطوبِ الصوادعِ
يقودون جُرْداً مُضْمَراتٍ، كأنّها ... كواسرُ عِقبانِ الشُّرَيْفِ الأباقِعِ
تَجَارى إلى شَعْواءَ، لا السَّيفُ عندَها ... بصادٍ، ولا ظامي الرّجالِ بناقِعِ
ضَمِنْتُ لهم مُلْكَ العِراقِ، فأوسعوا ... ضِرابَ الطُّلى بالمُرْهَفاتِ القواطعِ
وكنتُ إذا ما ساوَرَتْني كَريهةٌ ... بَرزْتُ لها في جَحْفَلٍ من مُجاشِعِ
فلم أسْتكِنْ من صَرْفِ دهرٍ لحادثٍ ... ولا ارتعتُ من وقعِ الخُطُوبِ لرائعِ
قِناعَكِ ما اسْطَعْتِ الغَداةَ، فإنّها ... صَبابةُ مجدٍ لا هوىً بالبراقعِ
سَلِي غانياتِ الحيّ عن مُتخمطٍ ... إذا السُّجْفُ مِيطَتْ عن ظباء الأجارعِ
وكم زَوْرَةٍ قابلُتها بتجنّبٍ ... ومبذولِ وصلٍ رُعْتُهُ بالقطائعِ
وسكرى من الوَجدِ الدَّخيلِ أبَحْتُها ... عَفافَ تقيٍّ لا عفافَ مُخادعِ
إذا المرء لم يَعْتَدَّ إلا لصَبْوةٍ ... أتاه الرّدَى ما بين ناءٍ وقاطعِ
وإن هو لم يجهدْ إلى العِزِّ نفسَهُ ... تحمَّل أوْقَ الذُّل في زِيِّ وادعِ
أبى الله إّلا وثبةً مُضَرِبّة ... تُبِيحُ المواضي من دماء الأخادعِ
تَعُمُّ الفَضا من أدكن البُرْدِ قاتمٍ ... وتكسو الثَّرِى من أحمرِ اللَّوْنِ ناصعِ
فلا تاجَ إّلا وَهْوَ في رُسْغِ سابحٍ ... ولا رأسَ إّلا وَهْوَ في كفِّ قاطعِ
إذا ما حَمَوْا أرماحهُمْ بِدُروِعهم ... أبَحْنا حِماها بالرماحِ الشّوارعِ
وإن ناجزونا بالطِعّانِ سَفاهةَ ... أعدناهُمُ بالرِّقِّ بعضَ البضائعِ
ومنـها في صفة الغام:
بدا لأصيَحْابي غَمامٌ كأنَّهُ ... أعَيْلامُ رَضْوَى للمُجِدِّ المُتابعِ
تعرَّضَ نجْديّا كأنّ وميضَهُ ... سيوفٌ جَلاها صاقلٌ غِبَّ طابعِ
كأنَّ العِشارَ المُثْقَلاتِ أجاءَها ... مَخاضٌ فجاءت بين مُوفٍ وواضعِ
فما زعزعتهُ الرّيحُ حتّى تصادمَتْ ... على الأكْمِ أعناقُ السُّيُول الدَّوافعِ
فأضحتْ له البيداءُ يَمّاً، وبُدلَتْ ... يَرابيعُ ذاك المُنحَني بالضَّفادعِ
فلا مُوِضعٌ إلا مخيضٌ رِكابهُ ... ولا واضعٌ إلا فُوَيْقَ المناقعِ

فقال خبيرُ القومِ: عامٌ بغبطةٍ ... نديُّ الثّرى، والجوُّ غضُّ المراتعِ
فقلت: لأنْدَى منـه لو تعلمونـه ... أنامِلُ نُوشَروانَ تَهْمِي لتابعِ
قوله: ندي الثري لحن، يعني بـه ندي مخففاً من الندى، ولا أعلم أنـه يجوز بالتشديد إلا بمعنى النادي.
وقوله من قصيدة في ملك العرب دبيس من صدقة:
أمجداً بلا سعيٍ؟ لقد كذبتكمُ ... نفوسٌ ثَناها الذُّلُّ أنْ تترفّعا
سلُوا صَهَوات الخيلِ عنيّ، فإننّي ... جعَلْتُ ظُهورَ اللاحِقيّات مَضجَعا
ومنـها:
وَفَيْتُ لقَيْلٍ من ذُؤابةِ خِنْدِفٍ ... إذا ما أضاعَ القومُ حقَّ أمريٍء رعى
هو ابنُ الّذي جازى مُناولَ سَوْطِهِ ... فأغنى وأقنى حين أعطى وأوسعا
يعني أن سيف الدولة سقط السوط من يده يوماً، فناوله إنسان إياه، فأعطاه وأغناه.
تَغِيبُ شموسُ الصبُّحِ من نَقْعِ خيِلِه ... وتغدو نُجُومُ الليلِ بالصبُّح طلُعَّا
تَخالُ سُقاطَ السُّمْرِ والدَّمِ إنْ غزا ... غُثاءً وسَيْلاً من يَفاعٍ تَدفَّعا
ومنـها في صفة الجيش:
وذي رَهَجٍ جَمِّ الغَماغمِ مُجلبٍ ... غدا عَرْضُهُ من أوسع الخَرْق أوسعا
طويل القنا تخشى النُّجومُ طِعانـهُ ... بأمثالها ما لم تَرَ السُّمْرَ شُرَّعا
إذا استثبحَ الظمآن فارطَ خيلهِ ... يظَنُّ الغَديرَ السابرِيَّ المُرفعَّا
تُخُيِّرَتِ الأبطالُ والخيلُ عندهُ ... فلم تَرَ إّلا سابقاً وسَمَيْدَعا
وطالتْ بـه عندَ التّجاوُب ألسُنٌ ... فأحمدت فيه ذا صهيلٍ ومِصقْعَا
كأنّ على أقطارِه من وَجِيفهِ ... غَضىً نَّبَهتهُ حَرْجفٌ فتجعجعا
طَردْت رخيَّ البال من سَوْرَةِ الرَّدَى ... كما جفَّل المُصطادُ سِرباً مُذعذَعا
فغادرتهُ من عادةِ البذلِ للقرِى ... يقوتُ عُقاباً كاسراً وسَمَعْمَعا
وكنت متى استمطرت بِيَضكَ والقنا ... دماءَ الأعادي في الوَغَى، هَطَلاً معا
ومنـها في البحر والروض:
وما الأخضرُ الطّامي يَعُبُّ عبابُهُ ... بأكرمَ من كفّيك في الجَدْبِ مَنْجَعا
ولا أنُفٌ من روضةٍ ذات بهجةٍ ... سقتها الصبَّا كأسا من الغيث مُتْرَعا
أقام بها الشَّرْبُ الكرامُ عشيّةً ... وقد هجم الليلُ البهَيمُ فأمتعا
إذا أمسك الغيثُ المُلثُّ بأرضها ... سَقَوْها من الأيدي عُقاراً مُشَعْشَعا
وإن دارتِ الصَّهْباءُ فيهم، تجاذَبُوا ... أحاديثَ مجدٍ يجعَلُ النِّكسَ أروعا
فما الهُجرُ مسموعاً لهم عندَ سكرةٍ ... وما الحلمُ فيِهمْ بالسُّروُرِ مضيَّعا
بأطيبَ من ذكرى دُبَيْسِ بْنِ مَزْيَدٍ ... إذا ردَّدَ الساري ثناءً ورجّعا
توالَتْ عليه الفادحاتُ، ولم يَجِدْ ... عن الصّبرِ حتّى أدرك المجدَ أجمعا
ما زال يُرْخي للنَّوَى من قياده ... إلى أن أفادَ الحيَّ شملاً مُجَمَّعا
ولو لم تكن فيه سَرِيرَة قادرٍ ... لمَا راحَ من جَورِ الرَّزايا مُمَنَّعا
وقوله:
حَلَفْتُ بما شادتْ تَمِيمٌ من العَلى ... أولُو الفضل في يومِ النَّدى والوقائعِ
يمينَ صَدُوقِ القولِ من غير خِلْفَةٍ ... كريمِ المساعي والثنا والمطامعِ
لَئِنْ لم تَلُذْ بالوُدِّ من بعد نِبذِه ... مَلاذَ الأراوَى بالطَّوال الفَوارعِ
ليَعْتَلِجَنْ بين البيوتِ مع الضحُّى ... مَقالٌ كأطراف الرِّماحِ الشَّوارعِ
وله في الوزير الزينبي يهنئه بالخلعة، قال: جئته وهو يتهادى في ديوان الخلافة، والناس حافون به، وللحديد حوله صليل، فتولجت كثافة الجمع، وخضت وعر الهيبة مسترسلاً. فلما بصر بي، قبض قدميه عن السعي، وأنصت لأمارات المقالة من أسرة وجهي، فوضعت يدي على كم الخلعة، وقلت:

جُعِلَتْ من الحَدثانِ أحصَنَ أدْرُعِ ... فلقد سُنِنَّ على الكريمِ الأروعِ
شَرُفَتْ على شرف اللَّبُوص، فغُودرت ... فلَكَاً لشمسِ عُلَىً حَميدَ المطلعِ
زُرَّتْ على طَوْد الأناةِ، وضمّنت ... بحرَ النَّدَى، وحوت شِراسَ الأدْرُعِ
حسد اللّباسُ العبقريُّ مقامَها ... من ماجدٍ في نكسه متودعِ
نَضِرِ النعيمِ، يكادُ ساحبُ ذيلِهِ ... يخضرُّ منـه ثرى الجديبِ المُدْقِعِ
يختالُ في شَرَفيْنِ شَأوُ عُلاهما ... لبني المناقبِ سامقٌ لم يفْرَعِ
نَجْرٌ كمنبلجِ الصباح يَزِينُهُ ... سعيٌ كعَرْفِ الرّوضةِ المتضوّعِ
ومنـها:
يغدو لدى الحاجاتِ أسمعَ مُنصتٍ ... ويروحُ لّلاحي كأنْ لم يَسْمَعِ
قالّلائمُ المنطيقُ أعجمُ قائلٍ ... والمقُرَمُ السَّكِّيتُ أفصحُ مُسمعِ
ومنـها في صفة السحاب:
وإذا جرت هُوجُ الرّياحِ عشيّةً ... ما بين نكْباءِ الهُبُوبِ وزَعْزَعِ
فُرُطاً لمؤتلفٍ كأنّ رُكاَمـهُ ... في جوّه عَقِداتُ رملِ الأجرعِ
أو مُؤْثَراتٌ من ركائبَ بُزَّلٍ ... نَزَعُوا بمُعتَلِجِ المُناخِ الجعجع
فاقتَدْنَ منـه كلَّ أكحلَ داجنٍ ... هولِ التصاخبِ بالمكان البلقعِ
دانٍ يكادُ الوحشُ يكرَعُ وَسْطَهُ ... وتَمَسُّهُ كفُّ الوليدِ المُرْضَع
هذا أبلغ من قول الطرماح:
دانٍ مُسِفّ فُوَيْقَ الأرضِ هَيْدَبُهُ ... يكادُ يَلْمُسهُ من قام بالرّاحِ
متتابعٌ جَمٌّ كأنّ رُكامَهُ كبّاتُ قيصَر أو سَرايا تُبَّعِ
زَجِلُ الرُّغودِ يكادُ يُخْدِجُ عندَهْ ... شاءُ الملا، ويَمُوتُ سَخْلُ الموضعِ
فَهَمى، فألقى بالعَراءِ بعَاعَهُ ... سَحّاً كمندفعِ الأَتيِّ المترعِ
فتسلوتِ الأقطارُ من أمواهه ... فالقارةُ العلياءُ مثلُ المَدْفَعِ
وغدا سَرابُ القاعِ بحرَ حقيقةٍ ... فكأنّه لِتَيقُّنٍ لم يخدعِ
متعطمطاً غَصَبَ الوحوشَ مكانَها ... تَيّارهُ، فالضَّبُّ جارُ الضِّفدَعِ
فضل الوزيرُ الزينبيُّ بجوده ... ذاك الندى حقّاً بغير توسّع
ومنـها في صفة الركب:
ومُسَهَّدِين على الرِّحال يَميزُهْم ... شرفُ الرَّجاءِ عن النُّفوسِ الهُجَّعِ
شُعْثٍ كأنَّ على الرَّكائِب منُهمُ ... غولاً تَجارَى بالنَّعامِ الأجدعِ
نَحَلُوا على شَعَثِ الرِّحالِ، فأشبهت ... أعوادُها منـهم عَرِيقَ الأضْلُعِ
وتفاضلوا شحباً، فأبعدُ همـه ... أوفاهُمُ وَصَباً وإنْ لم يوجعِ
خَفَقُوا بهامِهِمُ على أكوارِهِمْ ... خَفْقَ السُّجُودِ من الصَّلاةِ الرَّكَّعِ
وطغت بإنجادِ النُّعاس أزمّةٌ ... فَجُعِلْنَ طَاعةَ راحةٍ أو إصبعِ
ومنـها:
كتَمَ الدُّجَى والقاعُ سِرَّ سُراهُمُ ... فأباحه صبحُ المكانِ المُتْلِعِ
يَبغونَ مُشِكي المُجْدِباتِ وماجداً ... تُغْنِي رَغائُبهُ غَناءَ الهُمَّعِ
ناداهُمُ كرمُ الوزير، فأُنزِلُوا ... بعد التماحلِ بالخَصِيب المُمْرعِ
بِمُوَسِّعِ المعروفِ غيرِ مُضَيِّقٍ ... ومُضِّيق الأعذارِ غيرِ مُوَسَّعِ
ومنـها في صفة السيف:
متّبسمٌ قبلَ الضِّرابِ، وإنّهُ ... من بَعِد فتكِتهِ غَزيرُ الأدُمعِ
برقٌ أضِيفَ إلى سَحابِ أنامِلٍ ... والبرقُ لولا سُحْبهُ لم يلمَعِ
بل جدولٌ في رَعْنِ طَوْدٍ أيْهَمٍ ... حَوْليهِ بحرُ نائلٍ مُتَدفِّعِ
عَدِمَ النُّبُوَّ غِرارُهُ، فكأنّه ... من غيرِ حدّهِ عزمِهِ لم يُطْبَعِ
ومنـها في صفة الفرس:
طِرْفٌ يراه الطَّرْفُ عندَ وَجِيِفهِ ... جبلاً يسيرُ على الرِّياحِ الأربعِ

رَحْبُ اللَّبانِ. كأنَّ لونَ إهابهِ ... شَفَقٌ تجلَّلَ قَشْعَ غيمٍ مُقْلِعِ
ومنـها في المقطع:
ما أقنعتني في وَلائِكَ غايةٌ ... فبِدُونِ تبليغي العُلَى لم تُقنعِ
وقوله في الغزل:
صحا القلبُ من وُدِّ الغَواني، ووُدُّها ... من السّورة العلياء ليس براجعِ
وفرّق جيشَ الجهلِ شيبُ وُجوهِنا ... حصينُ الحِمى لا يُدَّرَي بالرَّوادعِ
منَّعمةٌ لا الصّبرُ عنـها بناصرٍ ... مُجيرٍ، ولا العَذْلُ الطّويلُ بنافعِ
يذودُ الكَرى عن مُقلةِ الصَّبِّ صَدها ... وتسخَرُ عندَ الوصلِ من نفسِ هاجعِ
أسِرُّ هواها غَيرةً، فَتُذِيعُهُ ... حرارةُ أنفاسٍ، وفيضُ مدامعِ
وأظْهرَ سُلْواني لها، ووراءهُ ... غَرامٌ كضربِ المُرْهَفاتِ القواطعِ
ولّما استراح العَذْلُ من بَعْدِ شِدًّةٍ ... إلى بارقٍ في مَفْرقِ الرّأس لامِعِ
تضاعفَ سلطانُ الهوى، فكأنّما ... أطاف بِغَمْرٍ في الخلاعِة يافعِ
وقوله في أنوشروان:
يُجيبُ نداهُ قبلَ أن يستغيثَهُ ... وخيرُ النَّدَى ما لم يكن بدواعِ
يُضيء ابتهاجاً بالعُفاةِ، كأنّما ... مُحَيّاهُ في الجَدْوَى ظَهِيرةُ قاعِ
يُرَى عن جليلِ الجُرمِ بالحلمِ مُعِرضاً ... وعندَ دقيقِ القولِ أحسنَ واعِ
ومن قوله في قصيدة في وصف الخيل عند شربها:
إذا ما احتستْ، خِلْتَ الرِّياحَ جرت ضحُى ... على قَصَبِ الآجامِ وهْيَ زعازعُ
ومن قوله في الوزير الزينبي:
أغرُّ، رَحيبُ الصّدرِ أمّا مَلامُهُ ... فَعاصٍ، وأمّا جودُهُ فَهْوَ طائعُهْ
تُضِيءُ ظلامَ الليلِ غُرَّةُ وجههِ ... وتُظلِمُ منـه بالطِّرادِ وقائعُهْ
فتى هامُ أبناءِ المعالي صِلاتُهُ ... قديماً، وأطواقُ الرِّقابِ صنائعُه
وقوله فيه:
قومك أغرى معشراً بالنَّدَى ... وخيرُ من أصغى إلى الدّاعي
صِيدٌ، ومن رائق أخلاقهم ... تشبّهُ المَرْعِيّ بالرّاعي
تضُمُّ منـه هَبَواتُ الوَغَى ... كلَّ طويلِ الرُّمحِ والباعِ
وقفتُ في المسعى، ولمّا أقُلْ ... سعيت كيلَ الصّاِع بالصّاعِ
مُضّيعُ المالِ ومِتْلافُهُ ... والعهدُ وافٍ حافظٌ راعِ
يُنيخُ منـه جارُهُ بالنَّدَى ... والعُرْفُ والخِصْبُ بِجَعْجاعِ
ومن قوله فيه:
رعاك ضمانُ اللهِ، ما أظلم الدُّجَى ... بَهِيماً، وما ابيضَّتْ وجوهُ المطالع
وما طاب ذكرُ المحسنينَ، وما جرى النَّ ... سِيمُ بأرجاءِ المُرُوتِ البلاقعِ
أضاءت بك الأحداثُ حتّى كأنّها ... بشائرُ في ألحْاظِنا والمسامعِ
وطابت بك الأيّامُ حتّى كأنّها ... إيابُ شبابٍ، أو وِصالُ مُقاطع
ومن قوله فيه:
يبذُلُ المالَ، فإن حلَّ بـه ... لاجيءٌ من صَرْفِ دهرٍ، مَنَعَهْ
ولدَى الفاقةِ خِصْبٌ وغِنىً ... ولَدَى الخِيفةِ أمنٌ ودَعَهْ
أبداً يَجمعُ بالبأسِ الغِنى ... ويَفُضُّ الجودُ ما قد جمَعَهْ
زينبيٌّ يفخَرُ الدَّهْرُ بهِ ... أحرز المجدَ غُلاماً يَفَعَهْ
ضّيقُ الأعذارِ، لكنْ ضيفُهُ ... من حِماهُ وقِراهُ في سَعَهْ
وقوله من مدائحه في عمي الصدر الشـهيد عزيز الدين أبي نصر أحمد بن حامد بن محمد، وكان حينئذ مستوفي السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه، كتبها إليه بعد غيبته عنـه:
ألا، مَنْ مُبْلِغٌ عنّي هُماماً ... أشمَّ كَذِروْةِ الطَّوْدِ الرَّفيعِ؟
يُباري بالنَّدَى والبأسِ سَيْحَ ال ... غمامِ، وهبّةَ السَّيفِ القَطُوعِ
إذا ما حلَّ أرضاً ذاتَ مَحْل ... أعاد المَحْلَ خصْباً من ربيعِ

ألُوكةَ صادقِ الدّعوى أمينٍ ... بريءٍ من نِفاقٍ في خضوعِ
بأنّي مغرمٌ بهواك أطوي ... على البُرَحاء أخّاذَ الضُّلُوعِ
أحنُّ حنينَ رازحةٍ فَقِيدٍ ... تراوِحُ في الأزمَّة والنُّسُوعِ
إلى الوجهِ الطَّليقِ لمعتفيه ... على العّلات، والكَلِفِ النَّفُوعِ
وما غالت هوايَ نَوَىً شَطُونٌ ... ولكنْ زادَ بُعْدِي في وَلوُعي
ولو مكّنت من عَطْف المطايا ... لكانَ إلى أبي نصرٍ رُجُوعي
وله في مدح أمير المؤمنين علي عليه السلام:
صِنْوَ النّبيِّ، رأيتُ قافيتي ... أوصافَ ما أوتيتَ لا تمَنعُ
فجعلتُ مدحي الصَّمْتَ عن شرفٍ ... كلُّ المدائحِ دُونَهُ يَقَعُ
ماذا أقولُ، وكلُّ مُقْتَسَمِ ... بين الأفاضلِ فيك مجتمِعُ؟
الفاء وقوله في الذم:
خليلَيَّ من عُليا تَميمِ ابْن خِنْدِفٍ ... نداءَ أبيٍّ للهَضيمَةِ عارفِ
خُذا برِقابِ العِيسِ عن عُقْرِ منزلٍ ... بَغيضٍ إلى النُّزّالِ شَيْنِ المواقفِ
عن الحيِّ: لا الجارُ المقيمُ بآمنٍ ... لَدَيْهمْ، ولا الجاني عليهِمْ بخائفِ
بيوتٌ قصيراتُ العمِادِ، كأنّها ... وَجارُ ضِباعٍ أجحرتْ للمخلوفِ
إذا نزلَ النّاسُ اليَفاعَ، تزاوروا ... إلى سُتُراتِ الغائطِ المتقاذفِ
جِفانُهُمُ أردانُهُمْ يستُرُونَها ... إذا أطعُموا نَسْرَ البُزاةِ الخوطفِ
أذىً كصدورِ السَّمْهَرِيّةِ مُرْهَفٌ ... وذُلٌّ كعِيدانِ الأراكِ الضَّعائف
ظواهرُ أمثالُ الصَّباحِ، ودُونـها ... بواطِنُ سودٌ كالدُّجى المتكاثف
عَداكم غَمامُ العامِ أخصبَ أهُلهُ ... وجادكُمُ صَوْبَ اللِّدانِ الرَّواعفِ
وله من قصيدة في شرف الدين البيهقي:
حاشا لدينِ العلى يُلْوي بواجبه ... وأنت للدّينِ من بين الورى شَرفُ
خيرُ المَوارد أدناها لِذِي ظمأٍ ... وشرُّها بطويلِ المتحِ يُعْتسفُ
لولا الحوادثُ، إذْ أمسين ضاريةً ... كما تَضارى ذئاب الثَّلَّة لغُضفُ
وجورُ دهرٍ أعاد الحالَ رازحةً ... فالملكُ يمدحُ والمخدومُ يَحترفُ
لَما طَمحْتُ إلى عيشٍ أرَمِّقهُ ... أعبُّهُ تارةً عبّاً، وأرتشفُ
وما جَزِعْتُ لخطبٍ غانَ في شرفي ... والشّمسُ تُشرقُ أحياناً وتنكسفُ
وإن علا نورَ مجدي ليلُ نازلةٍ ... فهالةُ البدرِ في لألائِها كلفُ
ومنـها:
وكم ثلمتَ غُروبَ البيضِ ماضيةً ... بمُضْمرِ القدِّ في أعطافهِ هَيفُ
الجودُ عندَك طبعٌ لا تكلَّفُه ... وعندَ غيرِك أفعالُ النَّدى كُلَف
وقوله يف الحكمة:
اضطرارُ الحرَّ الكريمِ إلى الدُّو ... نِ، وإنْ حازَ غايةَ الإسرافِ،
لا يَشِينُ المجدَ المُنِيفَ، ولا ين ... قُصُ قدرَ الشريفِ في الأشرافِ
هل يُعابُ العطّارُ يوماً إذا أص ... بحَ ذا حاجةٍ إلى الكَنافِ؟
القاف وله من قصيدة سارت في مدح الوزير الزينبي:
لمن جِيرةٌ دونَ اللِّوى والشقائقِ ... يُغَطُّونَ بالأعدادِ ثوبَ السَّمالقِ؟
ومنـها، وقد أحسن:
عِجالُ السُّرَى، لا يستقلُّ مُعرسٌ ... بِهمْ غيرَ إزجاءِ الطَّلاحَى الأيانِقِ
كأنَّ فَتيتَ المسكِ ذَرُّ سحيقةٍ ... مع الصُّبح في أكوارهم والنَّمارِقِ
إذا رحَلُوا عن منزلٍ، غادروا بـه ... مِهاجا لمشتاقٍ وِطيباً لناشقِ
وفوقَ الحَوايا كلُّ غيداءَ، دُونـها ... حميّةُ غيرانٍ ولوعةُ عاشقِ
سَحَبْنَ فُضولَ الرَّيْطِ صَوناً كأنّما ... خِفافُ المطايا من شعورِ المفارقِ
يعني: أضفين الملابس حتى سوين من الصون بين أخفاف إبلهن وبين شعور مفارقهن.

وأعرضُ عن زَجْرِ الحُداةِ تحرُّجا ... عن النّظمِ في ذكرى مَشُوقٍ وشائقِ
توّهمتُ حِلمي بَعْدَهُنَّ سَفاهةً ... وخِلْتُ أناتي خِفّةَ المُتَنازِقِ
وعهدي بنا والدَّارُ قربٌ لشاحِطٍ ... ووصلٌ لمـهجورٍ ووُدٌّ لوامقِ
ومُرتَبَعُ الحيِّ الجميعِ من الحِمى ... رياضُ العَوالي في رياضِ المَبارقِ
مَجامعُ أيسارٍ، ومَوْقِفُ سُمَّرٍ، ... ومَطْعَنُ فُرسانٍ، وشاراتُ راشقِ
ومَبْرَكُ أنْضاءٍ، ومُلْقَى سوابغٍ، ... ومَسْحَبُ أرماحٍ، ومُنْضَى سوابقِ
فلمّا دعا داعي النَّوَى واستخفّنا ... تجاوُبُ غربانِ الفراقِ النّواعقِ
ظَلِلْتُ أداري دمع عينٍ قريحةٍ ... أبَي الوَجْدُ إلا أن تجودَ بقِ
كأنّ إهابي مُشْعِرٌ جَبَريّةً ... غَداةَ سَرتْ ظُعْنُ الخليطِ المفارقِ
تنفّستُ حّتى قال صحبي: ضريمةٌ ... من النّارِ هاجتها رياحُ المشارِق
أهجراً وما أضمرتُ غدرا، ولا سَرى ... مشَيبيَ في ليلِ الشّبابِ الغُرانِق
إذنْ فوِصالُ الغانياتِ نقيصةٌ ... أمَحَّتْ فما فيها اعتصامٌ لواثق
ذرِ الدّمعَ يجري مُسْتّهلا، فما الهوى ... بِدانٍ، ولا وعدُ الحِسانِ بصادق
وإنّ وراءَ الحبِّ حِبّاً وصالُهُ ... مَجالُ المَذاِكي في دماءِ المَواذقِ
منعتُ القِرى إنْ لم أنُدْها عوابسا ... تُثيرُ عجاجَ المأزقِ المتضايقِ
خوارجَ من ليل الغُبار، كأنّها ... رُجومُ نُجومٍ أو سِهامُ مُراشقِ
تَجانَفُ عن ورِدْ الفلاةِ ظميئةً ... فلا وِرْدَ إّلا من دماءِ الفيالق
يُعيدُ عليها الكَرَّ كلُّ مُجاهرٍ ... بأخذِ العلى والمجدِ غيرِ مُسارق
رجالٌ نبتْ أغمادُهم بسيوفهمْ ... فعاجوا على إغمادها في العواتقِ
يَزينون ما أبقى الطِّعانُ من القَنا ... لهم برؤوس الصَّيدِ لا بالبيارِقِ
أرُوعُ بـه ضبحاً ظهيرةَ يومـه ... تعصّبَ تاجٍ واحتلالَ سُرادِقِ
دعوتُ تَميماً والرّجال بعيدة ... وقد ضِقتُ ذَرْعا بالخطوبِ الطّوارقِ
فقام بنصري من قُرَيْشٍ مُمَجَّدٌ ... شديدُ مَضاءِ البأس سهلُ الخلائق
فتى قُدَّ قَدَّ المَشْرَ فيَّ، فَصَفْحُهُ ... لِصَفْحٍ، وحدّا شَفْرَتَيْهِ لِعاتقِ
يشامُ نَدَى كفّيهِ من بِشرِ وجهِهِ ... كما شِيمَ مُنْهَلُّ الحَيا بالبوارقِ
ومنـها في وصف العود:
وما منَدلٌ فاهتْ بـه بعدَ هَجعةٍ ... جِمارُ غَضىً شُبَّتْ بأتلعَ شاهقِ
من القُطُر الأحوى كأنّ أريِجَهُ ... يَذِيعُ لَدى الدّارِيّ دُون المحارِقِ
أتِيحَ له نَشْرُ الخُزامَى ونَفْحُهُ ... من الغيدِ ما بين الطُّلى والبنائقِ
تهادته أرواحُ الصَّبا فبَعَثْنَهُ ... لِشُرْبِ جلالٍ بالِحمى فالأبارقِ
فمادت بمن لم يسكر الخمر نشوةً ... من الطّيب في عِرنينـه والمَناشقِ
بأطيبَ من عرض الرّضا حين تنشر ال ... مدائحُ غُرّاً بينَ نادٍ ومازِقِ
وله من قصيدة فيه، مطلعها:
ذَريني وأهوالي نَفِرُّ ونلتقي ... سيَهْزِمُها عنّي حُسامي ومنطقي
ومنـها:
وإنّ صباباتي بأجردَ سابحٍ، ... وأسمرَ خَطَّيٍّ، وعَضبٍ مُذَلَّقِ
هجرتُ الهوى والعمرُ غَضٌّ نباتُهُ ... فكيف وقد لاحَ المَشيِبُ بِمَفْرِقي!
ومنـها:
وربّ لُهامِ الجيشِ جَمّ بُنُودُهُ ... وَشِيكَ نَفاذِ الأمر من آل سلجقِ
تُحَجِّبُهُ عندَ المقامِ سُتُورُهُ ... وفي الحربِ أستارُ العجاجِ المرَوَّقِ

مَهيب الرُّؤا، معدودة لفَظاتُهُ، ... يُحاذِرُهُ الموتُ الزُّؤامُ ويتّقي
وَلَجْتُ عليه والملوكُ بِنَجْوَةٍ ... يُذادُونَ عن صعب المَراتجِ مُغْلَقِ
ومنـها:
وعَنْس كأعواد القِداحِ زَجَرْتُها ... على لاحبٍ من نازحِ الغَوْرِ سَمْلَقِ
ورَدْتُ بها أعقابَ ماءٍ كأنّه ... من الأَجْنِ أغبارُ السَّليطِ المُعَتَّقِ
ومنـها في المدح:
يُهابُ نَداه مثلَما هِيبَ بأسُهُ ... إذ المُغْرِقُ الجيّاشُ مثلُ المحرَّقِ
قشيبُ رِداء العِرضِ، لكنَّ مالهُ ... يمزّقُهُ العافُون كُلَّ مُمَزَّقِ
فشَمْلُ العُلى من سعيه في تجمُّعٍ ... وشمل اللُّهَا من بذلِه في تفرّقِ
ومنـها في المقطعة والنـهنئة:
لِيَهْنكَ عيدٌ أنتَ عيدٌ ِلأهلهِ ... سرورٌ لمـهموم ووُجْدٌ لِمُمْلِقِ
ولا زِلتَ تبقى للمكارمِ والعلى ... فأنت الَّذي يبَقىَ الفَخارُ إذا بَقِي
تعطَّلَ جِيدي من حِلَى كُلِّ مِنَّةٍ ... وراحَ بما أوليتَ أيَّ مُطَوَّقِ
ومن قوله:
وما معزمٌ صبُّ الفؤادِ وشتْ بـه ... مَدامِعُهُ إثْرَ الخَليطِ المُفارقِ
تذكّرَ نُوّاراً من الثَّغْرِ ضاحكاً ... ونَشْراً عِطاريّاً كروضِ المَبارقِ
لِهيفاءَ مِقلاقِ الوِشاح، قَوامُها ... لعُوبٌ كمتن الصَّعْدَةِ المتناسقِ
تعلَّقَها والقلبُ لم يعرفِ الأسى ... ولا اعتاقه صَرفُ الليالي بعائقِ
وباتَ يُرَجّي بعد ما شطّتِ النَّوى ... زِيارةَ طَيْفٍ بالتحّيةِ طارقِ
بأوجدَ منَي للعلى، غيرَ أنّه ... إذا فارقتْ محبوبةٌ لم يفارقِ
وقوله في الوزير ابن هبيرة، في الأيام المستنجدية، وقد دعاه إلى خوانـه، فكتب يستعفي من الحضور:
يا باذلَ المال في عدلٍ وفي سَعَةٍ ... ومُطعمَ الزّادِ في صُبحٍ وفي غَسَقِ
وحاشِرَ النّاسِ أغنتهمْ فَواضِلُهُ ... إلى مَزِيدٍ من النَّعماءِ مندفقِ
في كلّ بيتٍ خِوانٌ من مكارمـه ... يميرُهُمْ وَهْوَ يدعوهم إلى الطَّبَقِ
فاض النَّوالُ، فلولا خوفُ مفعمةٍ ... من بأسِ عدلِك نادى النّاسُ بالغرقِ
فكلُّ أرضٍ بها صَوْبٌ وساكبةٌ ... حتّى الوغى من نَجيعِ الخيلِ والعَرَقِ
صُنْ مَنْكبِي عن زِحامٍ إن غَضِبتُ له ... تمكّن الطّعنُ من عقلي ومن خُلُقي
وإنْ رَضيتُ بـه فالذُّلُّ منقصةٌ ... وكم تكلّفتُهُ حملاً فلم أطِقِ
أنا المريضُ بأحداثي وسَوْرَتِها ... وليس غيرَ إبائي حافظٌ رَمَقي
فَهَبْهُ لي كعطاياك التّي كَثُرَتْ ... فالجود بالعزّ فوق الجودِ بالورقِ
إنّ اصفرارَ مِجَنِّ الشّمسِ عن حَزَنٍ ... على علاها لمرماها إلى الأُفُقِ
وإنْ توهّم قومٌ أنّه حُمُقٌ ... فطالما اشتبهَ التّوقيرُ بالُحُمقِ
وقوله في صفة مروحة الخيش لغزاً:
ولَيْنَة الأعطافِ خوّارة ... ذات غصونٍ لونُها أورقُ
غبراء لا تبرحُ ممطورةً ... وَهْيَ على الغَبرةِ لا تُورِقُ
موثقة، مطلقة، لَيْنَة، ... شديدة، ثابتة، تَقْلَقُ
تسعى بلا رجل على طائر ... للذرّ في مسلكها مَزْلقُ
تجري مدى الشّمسِ، على أنّها ... محصورة مذهبُها ضيّقُ
طيّارة يمنع إبعادَها ... أسبابُها والسُّورُ والخندقُ
كأنّها، من حَيرةٍ، ناشدٌ ... يَدْأبُ نِشْداناً ولا يلحقُ
إذا أريحت خِلْتَها والهاً ... ثَكْلَى بها من حزنـها أوْلَقُ
كرّارّةٌ في حربِ شمسِ الضّحى ... لا تَرْهَبُ البأسَ ولا تَفْرَقُ
ما بين إدريسَ ونُوحٍ لها ... في حالَتْيها نسبٌ مُعْرِقُ

تُهْدِي الكَرى للمُستهامِ الذّي ... ينبو بـه المضجعُ والنُّمْرُقُ
لا يسألُ المُجْبلُ معروفَها ... ويجتدي نائَلها المُعرِقُ
تنقُصُ مَنْ خاشَنَها بَزَّها ... وتُوسِعُ الجودَ لمن يرفُقُ
قويّةُ السّلطانِ في مُدْنـها ... ضعيفةٌ إنْ ضمـهَّا سَمْلَقُ
تُجْبَلُ حالُ الأرضِ من فضلها ... سِيرافُ من إحسانـها جِلَّقُ
من لي بأخرى مثلها للّذي ... أعيا على الآسي، فما يعرقُ؟
وقوله في الحكمة:
مِنَّةُ الدُّونِ في الرِّقابِ حِبالٌ ... مُحْصَداتٌ كأحْبُلِ الخَنّاقِ
غيرَ أنّ التّخنيقَ مُرْدٍ، وهذا ... ألمٌ دائمٌ مسمع الدّهرِ بلقِ
فإذا أخفق الرَّجاءُ من الدُّو ... نِ، فأكرمْ بذاك من إخفاقِ!
سَوْرَةُ السُّمِّ في التَّعزّزِ أولى ... من شقاءٍ بالذُّلِّ في التِّرْياقِ
الكاف وقوله مما يكتب بـه بتطريز الإبرة على قميص امرأة:
إذا اشتملتُ على شمسٍ وبدرِ دجَى ... يهدى بـه الرَّكبُ أنَّى وجهةٍ سلكوا
فَمَنْ دعاني قميصاً، بات يَظْلِمُني ... وإنّما أنا لو أنصفتُمُ فَلَكُ
اللام وقوله في مدح ابن هبيرة الوزير في الأيام المقتفوية، وفيه حسن صنعة المقابلة:
يَفُلُّ غَرْبَ الرَّزايا وهي باسلةٌ ... ويُوِسُع الجارَ نصراً وَهْوَ مخذولُ
ويشـهَدُ الهولَ بَسّاماً، وقد دَمَعت ... شوسُ العيونِ، فذمَّ القومَ إجفِيلُ
وتُتقى مثَلما تُرجَى فَواضُلهٌ ... وجُودُهُ، فهو مرهوبٌ ومأمولُ
عارٍ من العارِ، كاسٍ من مَناقِبِه ... كأنّه مُرْهَفُ الحدَّيْنِ مصقولُ
سهلُ المكارمِ، سهلٌ في حَفِيظَتِهِ، ... فبأسُهُ والنّدى مُرٌّ ومعسولُ
قالي الدَّنايا وصّبْوانُ العلى كَلِفٌ ... فالعارُ والمجدُ مقطوعٌ وموصولُ
الصّدرُ يحيا لدى قولٍ ومُعْتَركٍ ... إذا تشابَهَ مقطوعٌ ومفلولُ
تَهمي الأسنّةُ والأقوالُ ماضيةٌ ... فالحِبرُ والقِرنُ مطرودٌ ومفضولُ
جوادُ مَحْلٍ، له من فخره شِيَةٌ، ... وفيه من واضح العلياءِ تحجيلُ
يَصيدُ وحشَ المعالي وهَيْ َنافرةٌ ... كأنّ مَسعاهُ للعلياء أحْبُولُ
وقوله من قصيدة في أنوشروان:
عفا الله عنـها. هل يُلمُّ خَيالُها ... فيقضى على رغم الرَّقيبِ وِصالُها
وما ملتقى الطّيفِ المُلِمِّ بناقعٍ ... غَلِيلاً. ولكنْ مُنْيَةٌ وضَلالهُا
تذكرّتُها والحيُّ للحيِّ جِيرَةٌ ... يهونُ تلاقيها ويدنو منالُها
وقومي وقومُ العامرّية عُصبةٌ ... كذاتِ البَنانِ ما يُرامُ انفصالُها
رفاقُ نَدىً لا يستهلُّ نَوالُها ... وأحلافُ درعٍ لا يُفَلُّ نِزالُها
وفي ألْسُنِ الواشينَ صمتٌ عن الخَنا ... إذا أرشقت بالقول طاشت نِبالُها
فبتُّ كأنّي شاربٌ قَرْقَفِيَّةً ... من الرّاح لم يَفْلُلْ شَباها زُلالُها
أبى حبّها إّلا غرامي، وأصبحت ... تقطَّعُ إّلا من فراقي حِباُلها
كأنّ خوافي ناهضٍ مُتَمَطِّرٍ ... غَدَت بفؤادي يومَ زُمَّتْ جِمالُها
عَدمْتُ اصطباري، والنَّوى مطمثّنةٌ، ... فكيف احتمالي حين جدَّ احتمالُها
وممّا شجاني أنَّ حُبّيَ سالمٌ ... من الفحش، والدّنيا كثيرٌ وبَالُها
إذا رفّت العشّاقُ ساهرتُ عفّةً ... سَواءٌ عليها حِرْمُها وحلالُها
تَجَنَّبُ بي عن مَحْرمِ الله خشيةٌ ... وتكثُرُ عندي رُخصةٌ واحتيالُها
ومن رام ما أبغيه، فالحربُ عندَهُ ... فتاةٌ، وتحطيمُ المعالي بِعالُها

ستُسفرُ لي تلك الدُّمَى مستدقّةً ... إذا هَلَكت تحتَ العجاجِ رِجالُها
لَدُنْ غُدوَةً لا أمنَعُ السّيفَ حَقَّهُ ... من الهامِ، أو يُبدي شعاري مقالُها
بفتيان صِدْقٍ من ذُؤابة دارِمٍ ... مَواضٍ إذا أعيا الكُماةَ اقتتالها
عَثَرْنَ جِيادي بالوشيج، وربّما ... أعِيدت وتيجانُ الملوكِ نعاُلها
وَغَىً ضاق عنـها القاعُ طرداً وكَثْرَةً ... فشاركتِ البَيْداء فيها جبالُها
أذَلْتُ مديحي، والحوادثُ جَمَّةٌ، ... بأعراض لؤمٍ من أذاها نَوالُها
ودونَ مديحي كلُّ دَهْياءَ، لو رمت ... دعائمَ رَضْوَى لاستمرَّ انـهيالُها
فإنْ تجهَلُوني فالقَنا ومُجاشعٌ ... وعزمي وحزمي والعلى واحتلالُها
وإنْ صَدِئتْ أعراضُهم فصوارمي ... بماء طُلاهم سوف يصدا صِقالُها
وإنّ مقامي في فِناء ابن خالدٍ ... لأوّل حربٍ عاث فيهم صيالُها
هو المرءُ يُغني مُعطياً عن سؤاله ... إذا شانَ بيضَ الأعطياتِ سؤالهُا
مَنيعُ الِحمى، لو ساور الموتُ جارَهُ ... لردَّ المنايا الحمرَ تنبو نصالهُا
مرائرُ عهدٍ لا يُرامُ انتقاضُها ... وعجلى عطايا لا يُخافُ مِطالُها
وأبلجُ سامي الطَّرفِ لا تستفزّه ال ... دَّنايا ولو زانَ الدَّنايا جَمالُها
تطيشُ الرَّزايا وهو ثَبْتٌ كأنّما ... جرت بِشَرَ ورْىَ نسمةٌ واعتلالهُا
ومنـها في صفة السيل:
وما مقبلٌ من قُنّة الطَّودِ زاخرٌ ... له صَخَباتُ الأسدِ عَنَّ مَصالُها
تَظَلُّ بـه عُصْمُ اليَفاعِ غريقةً ... ويتبَعُها ضَبُّ الفَلا وغَزالُها
إذا مرّ بالوَعْساءِ وهو مزمجرٌ ... تَدَهْدى له كُثبانُها ورِمالُها
ترى شجرَ الغُلاّن فيه كأنّها ... سفائنُ يَمٍّ أسلمتها رجالُها
كأنّ بياضاً راغياً في عُبابه ... لغُامُ المَطايا أثقلتها رِحالُها
أفادته غِبَّ المَحْلِ وَطْفاءُ جَوْنةٌ ... أقامتْ نُعاماها وغابَ شَمالُها
سرتْ لبني الآمالِ من بعد هَجعةٍ ... إلى الصّبحَ سَحّاً وَدْقُها وانـهمالُها
بأغزرَ من يُمناهُ جوداً إذا همى ... على مُعْتَفِيها رِفْدُها ونَوالُها
ومنـها في المقطع:
ألا رَجُلٌ ألقي عليه عظيمةً؟ ... وهيهاتَ، أعيت عقدةٌ وانحلالُها
فيغضب لي حتّى أديرَ رَحى وَغَىً ... تكونُ ديارَ النّاكثينَ ثِفالُها
ومن قوله في الوزير جلال الدين بن صدقة في الأيام المسترشدية:
لَمَعتْ كتلويح الرِّداءِ المُسْبَلِ ... والليلُ صبغُ خِضابه لم يَنْصُلِ
نارٌ كسَحْرِ العَوْدِ أرشدَ ضوؤها ... بالبيد أعناقَ الرِّكابِ الضُّلِّلِ
طابت لِمُعتِسفِ الظّلامِ، كأنّما ... شُبَّتْ على قُنَنِ اليَفاعِ بِمَنْدِل
فعلمتُ أنّ بني تميمٍ عندَها ... يتقارعونَ على الضُّيوف النُّزُّلِ
العاقرينِ الكُومَ وهي منيفةٌ ... والضّاربينَ الهامَ تحتَ القسْطلِ
والسّسائسينَ الملكَ لا آراؤُهم ... تهفو، ولا معروفُهم بمقلّلِ
قومي، وأين كمثلٍ قومي والقَنا ... والبِيضُ بينَ مُقصّدٍ ومُفللِ؟
نَجُلوا أخا وَجْدٍ بغير خَريدةٍ ... جعَلَ النَّسِيبَ لِذابلٍ أو مُنْصُلِ
شَغلتهُ عن وصف الهوى ذِكَرُ العُلى ... فنضا شِعارَ الشّاعرِ المتغزّلِ
قَضَّى شبيبَتهُ لمجدِ مَشِيبهِ ... فإذا المشيبُ بدا له لم يَوْجَلِ
ومنـها:
يَحْمِلْنَ فُرساناً كأنّ دُرُوَعُهمْ ... سُنَّتْ على مثلٍ الجبال المُثَّلِ
قوماً إذا طُبِعت نُصُولُ سيوفِهم ... قام النَّجِيعُ لها مَقامَ الصَّيْقلِ
ومنـها:

أقسام الكتاب 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16




[قسمت نهم ولما]

نویسنده و منبع | تاریخ انتشار: Mon, 05 Nov 2018 20:34:00 +0000



قسمت نهم ولما

الموسوعة الشاملة - جمـهرة اللغة

الموسوعة الشاملة - جمـهرة اللغة

صدر هذا الكتاب آليا بواسطة الموسوعة الشاملة
(اضغط هنا للانتقال إلى صفحة الموسوعة الشاملة على الإنترنت)

 


الكتاب : قسمت نهم ولما جمـهرة اللغة
المؤلف : ابن دريد
مصدر الكتاب : الوراق

[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ]

ذ - ر - ي
ذري رأس الرجل، قسمت نهم ولما إذا صار في شعره بياض، يذرى ذريا، وأصله الهمز؛ يقال: ذرئ يذرأ رأسه ذرءا. قسمت نهم ولما قال الراجز:
وقد علتني ذرأة بادي بدي
ورثية تنـهض في تشددي
وكبش أذرى، إذا خالط سواد صوفه بياض، وقد همزه قوم فقالوا: كبش أذرأ ونعجة ذرآء. قسمت نهم ولما وملح ذرآني: شديد البياض، يهمز ولا يهمز. وذئر الرجل، إذا ساء خلقه. وفي الحديث: " فذئر النساء على أزواجهن " ؛ ومنـه اشتقاق ناقة مذائر، تزبن فصيلها تدفعه ولا ترأمـه. قال بشر بن أبي خازم:
ولقد أتاني عن تميم أنـهم ... ذئروا لقتلى عامر وتغضبوا
والذئار: بعر يشد على أخلاف الناقة لئلا يرضعها الفصيل. قال عمر بن لجأ:
ترى الإفال في الذئار المحكم
وللذال والراء والياء مواضع في الاعتلال تراها إن شاء الله.
باب الذال والزاي
أهملتا
مع ما بعدهما من الحروف.
باب الذال والسين
أهملتا
مع ما بعدهما من الحروف.
باب الذال والشين
أهملت إلا في أحرف منـها: شمذت الناقة بذنبها، إذا أشالته عند اللقاح، الواحد شامذ وشماذ. قال الشاعر:
شامذا تتقي المبس عن المر ... ية كرها بالصرف ذي الطلاء
الصرف: الدم الخالص؛ والطلاء: الدم الشديد الحمرة أيضا. والشعوذة زعم الخليل أنـها عربية، ولا أدري ما صحتها.
باب الذال والصاد
أهملتا مع ما بعدهما من الحروف.
باب الذال والضاد
أهملتا مع ما بعدهما من الحروف.
باب الذال والطاء
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - ط - ظ
أهملت.
ذ - ط - ع
ذعطه يذعطه ذعطا، إذا قتله قتلا وحيا، أي سريعا. قال الشاعر:
إذا وردوا مصرهم عوجلوا ... من الموت بالهميغ الذاعط
قال أبو بكر: كان الخليل يقول الهميع بالعين غير معجمة، وذكر أن الهاء والغين المعجمة والميم لم تجتمع في كلمة، وخالفه جميع أصحابنا. قال أبو حاتم: أحسب أن الهميغ مقلوب الميم من باء من قولهم: هبغ الرجل هبوغا، إذا سبت للنوم، فكأنـها هبيغ فقلبت ميما لقربها منـها.
ذ - ط - غ
أهملت وكذلك حالهما مع الفاء.
ذ - ط - ق
ذقط الطائر، إذا سفد.
ذ - ط - ك
أهملت وكذلك حالهما مع سائر الحروف.
باب الذال والظاء
أهملتا مع ما بعدهما من الحروف.
باب الذال والعين
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - ع - غ
أهملت.
ذ - ع - ف
الذعف والذعاف: السم. وأذعف الرجل الرجل، إذا قتله قتلا سريعا. والعذف فعل ممات؛ يقال منـه: ما له عذوف يوم، أي قوت يوم؛ وما أكلت عذوفا، أي ما أكلت شيئا. والعذوف والعزوف واحد؛ يقال: عذفت نفسي وعزفت عن كذا وكذا.
ذ - ع - ق
الذعق: لغة في الزعق؛ ذعقه وزعقه، إذا صاح بـه وأفزعه. وماء ذعاق وزعاق بمعنى. والعذق؛ بفتح العين: النخلة. والعذق، بكسرها: الكباسة. وعذقت الكبش وأعذقته عذقا وإعذاقا، إذا علمت على ظهره بصوفة من غير لونـه أو حمرة، والكبش معذق ومعذوق. وأعذقت فلانا بشر، إذا ألزمته إياه. والعذق: موضع. قال رؤبة:
للعد إذ أخلفها ماء الطر
بين القريتين وخبراء العذق
والقذع: الكلام القبيح؛ قذعت الرجل وأقذعته، إذا أسمعته كلاما قبيحا، وأقذعت له - وأقذعته أعلى - وقذعته.
ذ - ع - ك
أهملت.
ذ - ع - ل
عذلت الرجل عذلا وعذلا، إذا لمته. ومعتذلات سهيل: أيام شديدة الحر باردة الليل، وقد مضى شرحها في أول الكتاب. والعاذل: العرق الذي يخرج منـه دم الحيض، وربما سمي عاذرا. ولذعته النار لذعا، إذا لفحته؛ وكذلك لذع الحب قلبه، إذا آلمـه.
ذ - ع - م
العذم: العض؛ عذمـه يعذمـه عذما، إذا عضه، والعذام: شجرة من شجر الحمض. ورجل مذاع، إذا كان لا يكتم سرا.
ذ - ع - ن
أذعن الرجل يذعن إذعانا فهو مذعن، إذا انقاد قسرا. وناقة مذعان: منقادة لا تنازع.
ذ - ع - و

(1/377)

عذت بالشيء أعوذ عوذا وعياذا، إذا لجأت إليه. وقد سمت العرب عوذا وعياذا ومعوذا ومعاذا وعائذة، وكل هذا اشتقاقه من العوذ. وقال عبد الرحمن عن الأصمعي قال: تقول العرب: أطيب اللحم عوذه، أي ما عاذ بالعظم منـه. وبنو عوذى: بطن من العرب من قضاعة. قال الشاعر:
ساق الرفيدات من عوذى ومن عمم ... والسبي من رهط ربعي وحجار
وبنو عوذ من الأزد. وبنو عائذة من بني ضبة. ويقال: عوذ فلان فلانا، إذا رقاه كأنـه ألجأه الى الرقية التي يعوذ بها من الشر ومما يخاف. وناقة عائذ، أي يعوذ بها ولدها، فجعلها عائذا وهي معوذ بها، أي يطيف بها، وهذا مقلوب. وعائذة قريش: ناقلة في بني شيبان.
ذ - ع - ه
أهملت.
ذ - ع - ي
ذاع الحديث يذيع ذيعا وذيعانا، إذا فشا؛ ومنـه قولهم: رجل مذياع، إذا كان لا يكتم شيئا، وكذلك مذياع، إذا كان مبذرا.
باب الذال والغين
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - غ - ف
الغذوف والعذوف واحد، وهو ما يتقوته الإنسان أو الدابة.
ذ - غ - ق
أهملت وكذلك حالهما مع الكاف واللام إلا في قولهم: رجل أذلغ وأذلغي، إذا كان قصيرا غليظ الشفتين. وبنو الأذلغ: بطن من العرب.
ذ - غ - م
الغذم من قولهم: ما سمعت له غذمة، أي ما سمعت له كلمة. والغذمة مثل الغثمة، وهي غبرة فيها كدرة. ويقال: تغذم البعير بالزبد، إذا تلمظ بـه وألقاه من فيه. ويقال: ألق في غذيمة فلان ما شئت، أي في رحب صدره. وقال يونس: الغذام ضرب من النبت.
ذ - غ - ن
أهملت. قال أبو حاتم: الغانذ والعانذ: الحلق ومخرج الصوت.
ذ - غ - و
الغذو: مصدر غذاه يغذوه غذوا، والاسم الغذاء.
ذ - غ - ه
أهملت.
ذ - غ - ي
مواضعها كثيرة في الاعتلال تراها إن شاء الله تعالى.
باب الذال والفاء
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - ف - ق
منزل قذف وقذيب، أي بعيد. وقذفت الشيء من يدي قذفا، إذا ألقيته. وأقذاف الجبل: نواحيه، الواحد قذف، والأقذاف أيضا: أطراف الجبل. وقذف الرجل، إذا قاء. وكل شيء رميت بـه من يدك فقد قذفته قذفا. وروض القذاف: موضع. وقذف الرجل الرجل، إذا شتمـه. والقاذف: الرامي؛ والقذيفة: الرمية؛ يقال: هذه قذيفة فلان للشيء الذي يلقيه. قال الشاعر:
قذيفة شيطان رجيم رمى بها ... فصارت ضواة في لهازم ضرزم
الضواة: السلعة؛ والضرزم: الناقة المسنة.
ذ - ف - ك
أهملت.
ذ - ف - ل
الذفل، قالوا: القطران، وقال قوم: بل هو الدفل، بالدال غير معجمة، ولا أدري ما صحته. والذلف: صغر الأنف؛ رجل أذلف وامرأة ذلفاء من قوم ذلف. قال أبو النجم:
للشم عندي بهجة ومزية ... وأحب بعض ملاحة الذلفاء
يريد أن الملاح أكثرهن ذلف. قال أبو بكر: إذا كان الأنف صغيرا في دقة قيل: أنف أذلف. وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إنكم لتقاتلن قوما يعالهم الشعر صغار العيون ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة " ، يعني التراس التي قد طورق بعضها على بعض. والفلذ: قطعة من الكبد أو اللحم المشتوى. قال أعشى باهلة:
تكفيه حزة فلذ إن ألم بها ... من الشواء ويروي شربه الغمر
ويروى: فلذة كبد؛ والغمر: القدح الصغير، وهو مأخوذ من قولهم: تغمرت، إذا شربت دون الري. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر: " هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها " ، يعني رجال قريش. وفلذت له فلذا وفلذة من مالي، إذا أعطيته قطعة منـه.
ذ - ف - م
أهملت.
ذ - ف - ن
نفذ الشيء ينفذ نفوذا ونفاذا من قولهم: نفذ أمره. ورجل ذو نفاذ: بصير بالأمور ولاج فيها.
ذ - ف - و
وذف الإناء يذف وذفا، إذا قطر أو سال من جوانبه، ويقال: ودف، بالدال غير معجمة وهو أعلى. وقالوا: الوذفة: الروضة؛ وقال قوم: الوذفة: روضة بعينـها، وليس كل روضة وذفة. ووذفة: موضع بلا ألف ولام.
ذ - ف - ه
أهملت.
ذ - ف - ي

(1/378)

الذيفان: السم، وربما قالوا: الذيفان، بفتح الياء والذال، وربما قالوا الذوفان، وكله السم.
باب الذال والقاف
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - ق - ك
أهملت.
ذ - ق - ل
ذلق كل شيء: حده. قال امرؤ القيس:
فكاب على حر الجبين ومتق ... بمدراته كأنـها ذلق مشعب
ويروى: بمذرية، والمذرية: المحددة، وإنما أراد قرن هذا الثور، ويروى: بمذروية. والمشعب: المخرز. ولسان ذلق طلق، وذليق طليق، وذلق طلق. والحروف الذلق: حروف طرف اللسان، وقد مر شرحها في أول الكتاب. وأذلقت الضب، إذا صببت في جحره الماء حتى يخرج. والقذل: أصل بناء القذال، وللإنسان قذالان، وهما ما اكتنف فأس القفا من عن يمين وشمال. وقذلت الرجل، إذا ضربت قذاله. وقذل الحجام الرجل، إذا حجم قذاله، وربما سمي الحجام فاذلا لأنـه يشرط ما تحت القذال.
ذ - ق - م
الذقم والقذم واحد، وهو الأخذ الكثير مثل القثم سواء؛ يقال: قذم له قذمة من ماله، أي أعطاه شيئا كثيرا. ورجل قذم: كثير الأخذ لما وجد. والمذق: خلطك الشيء بالشيء، وأصله مزج اللبن؛ يقال: مذقت اللبن بالماء أمذقه مذقا، فهو مذيق وممذوق، وكثر ذلك حتى قالوا: مذق له المودة، إذا لم يصفها له. والمذقة: الشربة من اللبن المذيق.
ذ - ق - ن
الذقن: مجتمع صبيي اللحيين، والجمع أذقان. وناقة ذقون، وهي التي يرجف ذقنـها في سيرها. وتقول العرب " لألصقن حواقنـه بذواقنـه " ، أي أعلاه بأسفله، فاختلفوا في الحواقن فقال قوم: الحواقن ما تحت السرة مما يلي العانة؛ وقال آخرون: الحواقن التراقي من الإنسان؛ وقال غيرهم: الحاقنتان القلتان تحت الترقوتين من عن يمين وشمال؛ وقال قوم: الذواقن ما حول الذقن؛ وقال آخرون: الذواقن ما انحط عن الترقوتين عن يمين وشمال. وذقان: جبل معروف. والنقذ: مصدر نقذ ينقذ نقذا، وقالوا ينقذ بكسر القاف، إذا نجا؛ وأنقذته أنا إنقاذا، إذا أنجيته. وكل شيء استرجعته من عدوك من بعير أو فرس فهو نقيذ، والجمع نقائذ. ونقذة، زعموا: موضع معروف.
ذ - ق - و
الذوق: مصدر ذقت الشيء أذوقه ذوقا، فهو مذوق وأنا ذائق. ويقال: ما ذقت ذواقا، أي ما تطعمت شيئا، وكثر ذلك حتى قالوا: فلان حسن الذوق للشعر، إذا كان مطبوعا عليه. والوقذ: مصدر وقذه وقذا، إذا آلمـه ضربا، فهو وقيذ وموقوذ.
ذ - ق - ه
القذة: قذة السهم، قد مر تفسيرها في الثنائي.
ذ - ق - ي
مواضعها في الاعتلال كثيرة.
باب الذال والكاف
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - ك - ل
أهملت وكذلك حالهما مع الميم والنون.
ذ - ك - و
الذكوة والذكا، مقصور: الجمرة المتلظية، والجمع الذكو، واشتقاقه من ذكا النار وذكوها، وذكا النار مقصور، وذكاء السن ممدود، ومنـه اشتقاق اسم ذكوان. وأنشد في ذكا النار، مقصور:
وعارضها يوم كأن أواره ... ذكا النار من فيح الفروغ طويل
وذكا، ممدود غير مصروف: اسم للشمس. وابن ذكاء: الصبح. وذكوان: اسم، الألف والنون فيه زائدتان. وفرس مذك، وهو إذا تم سنـه. قال الراجز:
جربة كحمر الأبك
لا ضرع فيها ولا مذكي
ذ - ك - ه
أهملت وكذلك حالهما مع الياء.
باب الذال واللام
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - ل - م
لذم بالمكان وألذم به، إذا أقام به. وألذم فلان بفلان، إذا لم يفارقه. ورجل لذمة: لا يفارق البيت. وكلام للأعراب أن الأرنب قالت: اللهم اجعلني حذمة لذمة، أي سريعة العدو لازمة لموضعها لا تفارقه. وذملت الناقة ذميلا وذملانا، وهو ضرب من السير أعلى من العنق؛ وناقة ذمول. وقد سمت العرب ذاملا وذميلا. والمذل: الاسترخاء عن فترة؛ أصبح فلان مذلا ومذيلا. قال الراعي:
ما بال دفك في الفراس مذيلا ... أقذى بعينك أم أردت رحيلا

(1/379)

والحديد الذي يسمى بالفارسية النرم آهن يسمى المذيل. والمذل: الذي يجود بماله سخاء. قال الشاعر:
ولقد أروح الى التجار مرجلا ... مذلا بمالي لينا أجيادي
والمذل: الذي لا يكتم سره. والملذ: السرعة في الذهاب والمجيء. وذئب ملاذ، إذا كان سريعا، والمصدر الملذان. ورجل ملاذ: كذاب.
ذ - ل - ن
رجل نذل بين النذالة والنذولة؛ وهو رجل نذل ونذيل، إذا كان خسيسا. قال الشاعر:
منيبا وقد أمسى يقدر وردها ... أقيدر محموز القطاع نذيل
ويروى: محموز الفؤاد؛ أقيدر: تصغير أقدر، وهو القصير العنق، يعني صائدا؛ ومحموز، أي حاد، من قولهم: حميز الفؤاد، أي حاده، وبه سمي الرجل حمزة؛ والحمز: الشدة؛ والقطاع: جمع قطع، وهو نصل قصير عريض.
ذ - ل - و
لاذ بالشيء يلوذ لوذا ولواذا ولواذا، إذا أطاف به، وألاذ يليذ إلاذة، ولاوذ يلاوذ ملاوذة ولواذا. ولوذ الوادي: منقطعه، وكذلك لوذ الجبل، والجمع ألواذ. والوذل فعل ممات، ومنـه الوذيلة، وهي السبيكة من الفضة خاصة، وقال قوم: بل من الفضة والذهب. قال أبو كبير الهذلي:
وبياض وجه لم تحل أسراره ... مثل الوذيلة أو كشنف الأنضر
الأنضر والنضار: الذهب، فكأنـه أراد الذهب بعينـه إذا فتح. والوذيلة: القطعة المستطيلة من سديف السنام. قال الراجز:
هل في دجوب الحرة المخيط
وذيلة تشفي من الأطيط الذجوب هاهنا: وعاء شبيه بالغرارة؛ والوذيلة هاهنا: قطعة من السنام مستطيلة؛ والأطيط هاهنا: أن تئط الأمعاء من الجوع؛ وجمع وذيلة وذائل. والولذ: مصدر ولذ يلذ ولذا، وهو والذ وولاذ، وهي سرعة في المشي والحركة؛ رجل ولاذ وملاذ، والمعنيان متقاربان.
ذ - ل - ه
ذهل عن الشيء يذهل ذهلا، وذهل أيضا يذهل، إذا سلا عنـه ونسيه، فهو ذاهل. ويمكن أن يكون منـه اشتقاق ذهل، وقال قوم: بل اشتقاق ذهل من قولهم: مر ذهل من الليل وذهل من الليل، أي قطعة عظيمة نحو الثلث أو النصف، ولم يجئ بـه غير أبي مالك، وما أدري ما صحته. وقد سمت العرب ذهلا وذهيلا وذهلان وذاهلا، وهو أبو قبيلة من العرب. والذهلان: حيان بن ربيعة. والذاهل عن الشيء: السالي عنـه الناسي له. والهذل: الاضطراب، وقد أميت هذا الفعل، وأصله: هذل يهذل هذلا وهذلانا، ومنـه اشتقاق هذيل وهو اسم أبي قبيلة من العرب. والهوذلة: الاضطراب، الواو زائدة، ومن هذا أصله. قال الراجز:
إذ لا يزال قائل أبن أبن
هوذلة المشآة عن ضرس اللبن
الشعر لابن ميادة، قال: كان يحفر فأضجره قولهم أبن؛ المشآة؛ زبيل من أدم ينقل بـه الطين من الآبار إذا حفرت؛ واللبن أراد بـه الحجارة التي تطوى بها البئر فسماها لبنا تشبيها باللبن الذي يبنى به؛ والضرس: التضريس. ويقال: هوذل الرجل ببوله، إذا أخرجه يهتز.
ذ - ل - ي
الذيل: ذيل القميص، والجمع أذيال وذيول، ثم كثر ذلك حتى قالوا: ذيل الريح، يعنون غبارها الذي تسحبه على وجه الأرض. وفرس ذيال، إذا كان ذنوبا؛ وثور ذيال، إذا كان كذلك. فأما ذأل الذئب يذأل فستراه في الهمز. وفرس ذائل: طويل الذنب، وإن كان قصير الخلق؛ وذيال: طويلالذنب. وذيل الرجل: قميصه ورداؤه إذا سحبهما. والذويل: اليبيس. وذال الرجل ذيلا، إذا سحب ذيله، غير مـهموز، وكذلك المرأة، وكذلك الة إذا سحبت ذنبها على الأرض. وقد سمت العرب ذيالا. وبنو الذيال: بطن من العرب من بني سعد. وذؤالة: اسم من أسماء الذئب.
باب الذال والميم
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - م - ن
أهملت.
ذ - م - و

(1/380)

الوذم: وذم الدلو، وهي سيور تشد بها أطراف العراقي، والجمع أوذام ووذام؛ وكل سير قددته مستطيلا فهو وذم، وكذلك اللحم والكرش وما أشبهه. وفي حديث علي رضي الله تعالى عنـه: لأنفضنكم نفض الجزار الوذام التربة؛ فقلبه قوم فقالوا: نفض الجزار التراب الوذمة. ووذمت الناقة توذيما، إذا عالجتها بنزل الثآليل الثابتة في حيائها المانعة لها من اللقاح. والوذم: قطعة من الأدم تجعل فيها قلادة للكلب.
ذ - م - ه
الذمـه، يقال: ذمـه الرجل يذمـه ذمـها، وهو شبيه بالحيرة. وذمـه يومنا، إذا اشتد حره؛ وربما قيل: ذمـه الرجل. وأذمـهته الشمس، بالذال والدال، إذا آلمت دماغه. والهذم: القطع؛ سيف هذام: قاطع، وشفرة هذامة، وقالوا: هذمة. قال الراجز:
ويل لبعران بني نعامـه
منك ومن شفرتك الهذامـه
ومنـه اشتقاق هيذام، وهو اسم. وسعد هذيم: أبو قبيلة من العرب.
ذ - م - ي
الذيم: العيب، وهو الذام أيضا. ومثل من أمثالهم: " لا تعدم الحسناء ذاما " ، أي عيبا. والمذي: الماء الذي يخرج عند الإنعاظ وليس بالذي يوجب الغسل، وربما قيل: المذي، مثقل الياء. والمذي: مخرج الماء من صنبور الحوض، والصنبور مثل البزال الذي يخرج منـه الماء، وكذلك صنبور الإداوة. والمذية: أم بعض شعراء العرب يعير بها. والماذي: السهل اللين، وبه سميت الدروع ماذية، وكذلك يسمى العسل ماذيا لاسترخائه ولينـه.
باب الذال والنون
وما بعدهما من الحروف
ذ - ن - و
أهملت.
ذ - ن - ه
الذهن: الفطنة، والجمع أذهان؛ ورجل ذهن: فطن. وربما سميت القوة ذهنا؛ يقال: ما بـه ذهن، أي ما بـه قوة.
ذ - ن - ي
أهملت.
باب الذال والواو
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - و - ه
الهوذة: الة أو ضرب من الطيور، وبه سمي الرجل هوذة.
ذ - و - ي
ذوى العود يذوي ذيا وذويا، إذا ذبل. فأما ذوي يذوى فليس من كلامـهم، وقد همزه قوم فقالوا: ذأى العود، وأنشدوا بيت ذي الرمة:
أقامت بـه حتى ذأى العود والتوى ... وساق الثريا في ملاءته الفجر
وليس بالجيد، وهذا تراه في المعتل إن شاء الله تعالى.
باب الذال والهاء
مع ما بعدهما من الحروف
ذ - ه - ي
يقال: هذى الرجل يهذي هذيا وهذيانا، وهذا مستقصى في المعتل تراه إن شاء الله تعالى.
انقضى حرف الذال والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وسلم.
حرف الراء في الثلاثي الصحيح
باب الراء والزاي
مع ما بعدهما من الحروف
ر - ز - س
أهملت.
ر - ز - ش
شزره ببصره يشزره ويشزره شزرا، إذا نظر إليه بمؤخر عينـه. وطعنـه شزرا، إذا طعنـه من عن يمين وشمال. قال رؤبة:
نقفا على الهام وطعنا شزرا
والشزر: الفتل الشديد. قال الراجز:
أمره يسرا فإن أعيا اليسر
والتاث إلا مرة الشزر شزر
والمشازرة: المضايقة. وشيزر: موضع، ولا أحسبه عربيا صحيحا. قال امرؤ القيس:
تقطع أسباب اللبانة والهوى ... عشية جاوزنا حماة وشيزرا
والشرز: الشدة في الأمر والصعوبة. قال رؤبة:
نسقي العدى غيظا طويل الجأز
يلقى معاديهم عذاب الشرز
ر - ز - ص
أهملت وكذلك حالهما مع الضاد والطاء، إلا في قولهم: الضرز، وهو العسر.
ر - ز - ط
الطرز والطراز فارسي معرب، وقد تكلمت بـه العرب قديما. قال حسان:
بيض الوجوه كريمة أحسابهم ... شم الأنوف من الطراز الأول
وتقول العرب: طرز فلان طرز حسن، أي زيه وهيئته. واستعمل ذلك في جيد كل شيء؛ قال رؤبة:
فاخترت من جيد كل طرز
جيدة القد جياد الخرز
ر - ز - ظ
أهملت.
ر - ز - ع

(1/381)

الزعر: قلة الشعر في الرأس واللحية وقلة الريش في الطائر؛ رجل أزعر وامرأة زعراء، وظليم أزعر ونعامة زعراء. ورجل في خلقه زعارة، أي شدة. ويقال في قلة الشعر: زعر يزعر زعرا وازعر ازعرارا، فأما من سوء الخلق فلا يقال إلا ازعار وازعر. والزعرور: ثمر شجر، عربي معروف. وزعران: اسم رجل. وقد سمت العرب زعورا، وهو أبو بطن منـهم. والرعز: يكنى بـه عن النكاح؛ لغة مرغوب عنـها لمـهرة بن حيدان؛ بات يرعزها رعزا. والزرع: كل ما زرعته من نبت أو بقل؛ زرعت أزرع زرعا، ثم كثر ذلك حتى قالوا: زرع الله الصبي، أي أنماه. ويقال: هؤلاء زرع فلان، أي ولده. والمزرعة والمزرعة: موضع الزرع، لغتان فصيحتان، والجمع مزارع. فأما الزريعة فربما سمي الشيء المزروع زريعة، كأنـها فعيلة في معنى مفعولة. ويقال: زراع، في معنى زارع. قال الشاعر:
ذريني لك الويلات آتي الغوانيا ... متى كنت زراعا أسوق السوانيا
وقد سمت العرب زرعة وزريا وزرعان. والعزر من قولهم: عزرته أعزره عزرا، إذا منعته عن الشيء، وبه سمي الرجل عزرة. وعزرت الرجل تعزيرا، إذا فخمت أمره وأكرمته، ومنـه قوله عز وجل: " وتعزروه وتوقروه " . والتعزير: ضرب دون الحد؛ هكذا يقول بعض أهل اللغة. والعيزار: ضرب من الشجر، الواحدة عيزارة. وقد سمت العرب عازرا وعيزارة وعزران. فأما عزير فاسم عبراني وافق لفظه العربية، وكذلك عيزار بن هارون بن عمران. والعرز: اشتداد الشيء وغلظه، وربما قيل: استعرز الشيء، إذا تقبض كما تستعرز الجلدة في النار، إذا تقبضت. واستعرز النبت، إذا اشتد وصلب. وعرز لحم الدابة واستعرز كذلك. وعرزت الشيء أعرزه عرزا، إذا انتزعته انتزاعا عنيفا. قال الشماخ:
وكل خليل غير هاضم نفسه ... لوصل خليل صارم أو معارز
ر - ز - غ
الرزغة مثل الردغة سواء، وهو الطين القليل من مطر أو غيره؛ أرزغ المطر الأرض وأردغها بمعنى. وأنشد لطرفة:
وأنت على الأقصى صبا غير قرة ... تذاءب منـها مزرغ ومسيل
ويروى: مرزع ومسيل. وأرزغ فلان في عرض فلان يرزغ إرزاغا، إذا طعن فيه؛ عن أبي حاتم عن أبي زيد. والزغر فعل ممات، وهو اغتصابك الشيء، زعموا؛ زغرت الشيء أزغره زغرا. وزغر: اسم رجل، وأحسبه أبا قوم من العرب. وعين زغر: موضع بالشام، وزعم ابن الكلبي أن زغر امرأة نسبت إليها هذه العين، فأما قول أبي دواد:
ككنانة الزغري غ ... شاها من الذهب الدلامص
فلا أدري الى ما نسبت؛ والدلامص: البراق، وهو واحد. والغرز: ركاب الرحل. قال الشاعر:
تصغي إذا شدها في الكور جانحة ... حتى إذا ما استوى في غرزها تثب
وغرزت رجلي في الغرز واغترزت، إذا ركبت؛ وكل شيء سمرته في شيء فقد غرزته فيه. وغرزت الناقة، وغيرها، إذا قل لبنـها، وأكثر ما يستعمل ذلك في الإبل خاصة والآتن. قال الشماخ:
كأني ورحلي فوق جأب مطرد ... من الحقب لاحته الجداد الغوارز
وغرزت الجرادة، إذا أدخلت ذنبها في الأرض لتبيض. والغريزة: الطبيعة، والجمع غرائز؛ فلان كريم الغريزة والطبيعة والنحيتة والنحيرة والخليقة والسليقة، كل ذلك واحد. وماء غزير من مياه غزار وغزر، أي كثير، ثم كثر ذلك حتى قيل: شاة غزيرة كثيرة اللبن، ورجل غزير العلم بين الغزارة. وغزران: موضع. وغزر البحر غزارة، إذا كثر ماؤه.
ر - ز - ف
الزفر: الحمل على الظهر خاصة، والجمع أزفار. قال الشاعر:
طوال أنضية الأعناق لم يجدوا ... ريح الإماء إذا راحت بأزفار
ويقال: جاد ما ازدفر بحمله، إذا أطاقه ونـهض به. وبه سمي الرجل زفر لأنـه يزدفر بالأمور، أي يطيقها. قال الشاعر:
أخو رغائب يعطيها ويسألها ... يأبى الظلامة منـه النوفل الزفر

(1/382)

النوفل: الكثير النوافل. والزفر: مصدر زفر يزفر زفرا وزفيرا، إذا ردد النفس في جوفه حتى تنتفخ ضلوعه. قال النابغة الجعدي:
خيط على زفرة فتم ولم ... يرجع الى دقة ولا هضم
يصف فرسا، يقول: كأنـه زفر ثم خيط على زفرته فهو منتفج الجنبين. وزافرة الرجل: عشيرته وبنو أبيه. وزفرة الفرس: وسطه. وزفرت النار، إذا سمعت لها صوتا في توقدها. والزرف: الزيادة على الشيء؛ زرف الرجل في حديث، إذا زاد فيه. قال الأصمعي: كان يقال إن ابن الكلبي يزرف في حديثه، أي يزيد فيه. والزرافة: الجماعة من الناس، والجمع الزرافات. وقال الحجاج على منبر الكوفة: إياي وهذه الزرافات فإني لا أرى رجلا تطيف بـه زرافة إلا استحللت دمـه وماله. والزرافة، بضم الزاي: دابة، ولا أدري أعربية صحيحة أم لا، وأكثر ظني أنـها عربية لأن أهل اليمن يعرفونـها من ناحية الحبشة. وقال أبو مالك: الزرافات: المنازف التي ينزف بها الماء للزرع وما أشبهه. وأنشد:
يبيت وذا الأهداب يعوي ودونـه ... من الشام زرافاتها وقصورها
والفرز: فرزك الشيء عن الشيء، إذا فرقته؛ فرزته أفرزه فرزا فهو مفروز، إذا فرقته، والقطعة منـه فرزة بكسر الفاء، فإذا لم تدخل الهاء قلت: فرز، والجمع أفراز وفروز. والفرز: القطعة من المغزى خاصة. وكان سعد بن زيد مناة يسمى الفزر لحديث كان له. قال الحنفي:
وإن أبانا كان حل ببلدة ... سوى بين قيس قيس عيلان والفزر
سوى: أي مستو عدل. وتقول العرب: " لا أفعله أو تجتمع معزى الفزر " ، وله حديث. سئل أبو بكر عن مناه، بالهاء أم بالتاء، فأنشد:
ألا هل أتى التيم بن زيد مناتهم ... على الشنء فيما بيننا، ابن تميم
بمصرعنا النعمان يوم تألبت ... تميم علينا من شظى وصميم
تزود منا بين أذناه ضربة ... دعته الى هابي التراب عقيم
قوله: بين أذناه، على لغته لأنـهم يقولون: رأيت الرجلان ومررت بالرجلان. وفزرت الشيء أفزره فزرا، إذا صدعته مثل الثوب وما أشبهه، وانفزر الشيء انفزارا. ورجل أفزر وامرأة فزراء، وهو الذي يتطأمن ظهره وكذلك الفرس. ومنـه اشتقاق فزارة، وقال قوم: الفزارة أنثى هذا السبع الذي يسمى الببر. والفازر: ضرب من النمل فيه حمرة؛ قال الأصمعي: قيل لفلان: قد نسبت الجن والإنس فهل نسبت الذر؟ فقال: نعم، للنمل جدان: عقفان والفازر، فالفازر جد للسودان، وعقفان جد الحمر. ويقال: طريق فازر، أي واسع؛ هكذا قال الخليل. وقد سمت العرب فزارة، وهو أبو حي من العرب، وفزرا وفزيرا. وبنو الأفزر: بطن من العرب. ويقال للأنثى من النمور: فزارة، ولا أدري ما صحة ذلك.
ر - ز - ق
الرزق: معروف، رزق الله تعالى، والرزق المصدر، بفتح الراء. قال الراجز:
وبث في هذا الأنام رزقه
وقال أيضا:
سميت بالفاروق فافرق فرقه
وارزق عيال المسلمين رزقه
وكل من أجريت عليه جراية فقد رزقته رزقا. والله عز وجل الرازق والرزاق، وجمع الرزق أرزاق. والرزق: الشكر، لغة سروية. قال الشاعر:
مننت على رجال عمرو ... برازقي غير مرزوق
أي غير مشكور. ومنـه: " وتجعلون رزقكم " ، أي شكركم. وقد سمت العرب رزيقا ومرزوقا. والرزق: زرق العين، وهو خضرة الحدقة؛ رجل أزرق وامرأة زرقاء، وكذلك الفرس وكل ما زرقت عينـه من الدواب وغيرها، والباز أزرق. قال الشاعر:
لقد زرقت عيناك يا ابن مكعبر ... كما كل ضبي من اللؤم أزرق

(1/383)

وسميت الأسنة زرقا للونـها. وفي كتاب الله عز وجل: " ونحشر المجرمين يومئذ زرقا " . قال المفسرون: عميا لا يبصرون، والله أعلم. والزرق: الطعن؛ زرقه يزرقه زرقا. والمزراق: الرمح الصغير يزرق بـه الوحش وغيرها. والأزارقة: قوم من الخوارج ينسبون الى نافع بن الأزرق. والزرق: طائر من الجوارح. وقد سمت العرب زرقان وزريقا. وبنو زريق: بطن من العرب من الأنصار. وجمعوا أزرق زرقانا، كما جمعوا أدهم دهمانا وأحمر حمرانا. فأما زرقم صفة رجل فالميم زائدة، وستراه مجموعا في بابه إن شاء الله. والزقر لغة في الصقر تميمية، وقد روي عن صفية بنت عبد المطلب أنـها قالت لرجل:
كيف رأيت زبرا
أأقطا وتمرا
أم مشمعلا زقرا
تعني الزبير؛ المشمعل: الجاد في أمره الماضي فيه. والقرز: قرزك التراب وغيره بأطراف أصابعك نحو القبض. والقرز أيضا: الغلظ من الأرض، والأكمة.
ر - ز - ك
الركز: الحس والصوت. وفي التنزيل: " أو تسمع لهم ركزا " ، هكذا فسره أبو عبيدة، والله أعلم. والركاز: الكنز يوجد في فلاة أو في معدن. وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم لوائل بن حجر: " وفي الركاز الخمس " . وركزت الرمح أركزه وأركزه ركزا، إذا أثبته في الأرض. ومراكز القوم: مواضعهم في ثغورهم؛ يقال: زال القوم عن مراكزهم. والزكرة: سقاء صغير. وتزكر بطن الجدي، إذا امتلأ، وزكري: اسم أعجمي فيه ثلاث لغات: زكري، وزكريا مقصور، وزكرياء ممدود. والكرز: الخرج الصغير يجعل فيه الراعي متاعه ثم يحمله على كبش من غنمـه، فذلك الكبش يسمى الكراز. وبه سمي الرجل كريزا، وهو تصغير كرز. وربما سمي الخرج الكبير كرزا. ومثل من أمثالهم: " رب شد في الكرز " . ولهذا حديث؛ قال ابن الكلبي: هذا حديث أعوج، وهو فرس لبني هلال بن عامر وأمـه سبل فرس كانت لبني آكل المرار ثم صارت الى بني كلاب. وقال مرة أخرى: فرس يقال له أعوج نتجته أمـه وتحمل أصحابه فحملوه في كرز فمروا بشيخ فقال: رب شد في الكرز، يعني عدوه. وقد سمت العرب كرزا وكريزا وكريزا وكارزا ومكرزا ومكرزا. والكرز من الطير: الذي قد أتى عليه حول، وهو فارسي معرب وقد تلكمت بـه العرب. قال الراجز:
لما رأتني راضيا بالإهماد
لا أتنحى قاعدا في القعاد
كالكرز المشدود بين الأوتاد
والكراز: القارورة، وتجمع كرزانا، ولا أدري أعجمي هو أم عربي، غير أنـهم قد تكلموا بها. ويقال: كارز الى المكان، إذا بادر إليه فاختبأ؛ هكذا يقول الخليل. وقال يونس أيضا: كارز الرجل الى المكان، إذا اختبأ فيه. وأنشد:
فلما رأين الماء قد حال دونـه ... ذعاف الى جنب الشريعة كارز
ر - ز - ل
أهملت.
ر - ز - م
رزمت الشيء أرزمـه رزما، إذا جمعته. والرزمة: الثياب المجتمعة وغيرها. ورزم الرجل يرزم رزما فهو رازم، إذا أضر بـه المرض أو الجوع فغيره. وبه سمي الرجل رزاما. وأرزمت الناقة ترزم إرزاما، إذا حنت. وأرزم الرعد، إذا سمعت له حنينا في السحاب. والمرزمان: نجمان من نجوم الأنواء، والجمع المرازم. ورازم الرجل بين طعامين، أي ضربين من خبز وتمر وما أشبه ذلك. قال الراعي:
كلي الحمض بعد المقحمين ورازمي ... الى قابل ثم اعذري بعد قابل
ويمكن أن يكون اشتقاق رزام من هذا. ومرزم الجوزاء اختلفوا فيه، فقال بعضهم: ليس للجوزاء مرزم، إنما هو مرزم السماك؛ ويقال: المرزمان مرزم الجوزاء ومرزم السماك. وسمعت رزمة السباع، أي هماهمـها على فرائسها. قال الشاعر:
تركوا عمران منجدلا ... للسباع حوله رزمـه
وبعير رازم، إذا برك فلم يبرح من مكانـه إعياء. ويقال: أسد رزم ورزام، إذا جثم على الفريسة وهمـهم عليها. قال الراجز:
أيا بني عبد مناة الرزام
أنتم حماة وأبوكم حام
لا تسلموني لا يحل إسلام

(1/384)

لا تعدوني نصركم بعد العام
والرزام من الرجال: الصعب المتشدد. وفلان يأكل رزمة، مثل الوجبة. والرمز: الإيحاء والإيماء؛ رمز يرمز رمزا؛ وفي التنزيل: " إلا رمزا " ، أي إشارة، والله أعلم. وترمز القوم، إذا تحركوا في مجالسهم لقيام أو خصومة. وعاد نساء من العرب رجلا منـهم فقعدن حوله فأنشأ يقول:
لقل غناء عن عمير بن مالك ... ترمز أستاه النساء العوائد
قال: فقمن، وقلن: أبعده الله. ورجل رميز: كثير الحركة، وقالوا: الرميز: الحليم الوقور. وكتيبة رمازة: كأنـها لا تستبيه حركتها لكثرة أهلها. قال الهذلي:
تحميهم شـهباء ذات قوانس ... رمازة تأبى لهم أن يحربوا
ومنـه قولهم: لم يرمئز من مكانـه، أي لم يتحرك، وكان الأصل: يرمأزز. وقال يونس: ذهبنا الى أبي مـهدية في عقب مطر نسأله عن حاله وكان قد بنى بيتا في ظاهر خندق البصرة وسماه جناحا فقلنا له: كيف أنت يا أبا مـهدية؟ فقال:
عهدي بجناح إذا ما ارتزا
وأذرت الريح ترابا نزا
أن سوف تمضيه وما ارمأزا
كأنما لز بصخر لزا
أحسن بيت أهرا وبزا
يقال: بيت حسن الأهرة والظهرة، إذا كان حسن المتاع؛ قال: وما كان في البيت إلا حصير مخرق. قال أعرابي لرجل: أعطني درهما، قال: لقد سألت رميزا، الدرهم عشر العشرة والعشرة عشر المائة والمائة عشر الألف والألف عشر ديتك. والزرم: القطع؛ يزرمـه زرما؛ وزرم الصبي، إذا انقطع بوله. وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تزرموا ابني " ، أي لا تقطعوا عليه بوله، يعني الحسين. وكل شيء انقطع فقد زرم. قال النابغة:
قلت لها وهي تسعى تحت لبتها ... لا تحطمنك أن البيع قد زرما
وارزأم ارزيماما، بمعنى رزم. وقد نـهي عن كسب الزمارة، وفسره أصحاب الحديث: الفاجرة، وقال قوم إنـها الرمازة؛ ولا أقول في هذا شيئا. والزمارة: عمود الغل الذي بين الحلقتين. قال الشاعر:
ولي مسمعان وزمارة ... وظل مديد وحصن أمق
يعني قيدين وغلاا. وزمرت مروءة الرجل، إذا قلت؛ وكذلك زمر شعره، إذا رق وقل نبته. والزمار: صوت النعامة الأنثى خاصة، وصوت الظليم: العرار. قال الشاعر:
إلا عرارا وإلا زمارا
وزمر يزمر زمرا. ويقال: زمرت بالحديث، إذا أفضت ذكره وبثثته للناس. والزمرة: الجماعة من الناس، والجمع زمر. والزمر: فعل الزامر؛ زمر يزمر زمرا، والرجل زمار والمرأة زامرة. والمزمار: الزمر بعينـه، والجمع مزامير. وحرفة الزمار: الزمارة. وقال بعض أهل اللغة: يقال للمرأة زامرة وللرجل زمار، ولا يقال على القياس: رجل زامر. ومرز الصبي ثدي أمـه يمرز مرزا، إذا اعتصر بأصابعه في رضاعه، وربما سمي الثدي: المراز لذلك. والمرز: القرص الخفيف يكون بأطراف الأصابع؛ مرزه يمرزه ويمرزه مرزا. وفي حديث عمر رضي الله تعالى عنـه: فمرزه حذيفة. والمرز: ضرب من ال يتخذ من العسل، وقد جاء في النـهي. والمزارة: الزيادة في الجسم أو العقل؛ فلان أمزر من فلان، أي أرجح منـه؛ مزر يمزر مزارة فهو مازر، وكل ثمر استحكم فقد مزر يمزر مزارة.
ر - ز - ن
الرزن: نقر في الحجر يجتمع فيه ماء السماء، والجمع رزون. قال الراجز:
أحقب ميفاء على الرزون
لا خطل الرجع ولا قرون
القرون: الذي يطرح حوافر رجليه مكان حوافر يديه؛ والأحقب: الذي في حقبه بياض؛ وميفاء: مفعال من قولهم: أوفى على الشيء، إذا علا؛ والرجع: رجع اليدين في العدو؛ وقوله: لا خطل الرجع: لي في رجعه اضطراب. ورجل رزين بين الرزانة، أي حكيم ركين ثقيل في مجلسه، وامرأة رزان كذلك. قال حسان:
حصان رزان لا تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

(1/385)

أي هي لا تغتاب الناس فتأكل لحومـهم. والزنر: فعل ممات؛ تزنر الشيء، إذا دق، ولا أحسبه عربيا، فإن كان للزنار اشتقاق فمن هذا إن شاء الله تعالى. والزنير، والجمع زنانير: حصى صغار، وقيل للواحد زنار أيضا. والنزر من الشيء: القليل؛ طعام نزر بين النزارة والنزورة، وطعام نزر ومنزور أيضا: قليل؛ ومنـه اشتقاق اسم نزار؛ وطعام نزر ونزير أيضا. وامرأة نزور: قليلة الولد، وكذلك في غير الإنس. قال الشاعر:
خشاش الطير أكثرها فراخا ... وأم الباز مقلات نزور
والنرز فعل ممات، وهو الاستخفاء من فزع، زعموا؛ وبه سمي الرجل نرزة ونارزة. ولم يجئ في كلام العرب نون بعدها راء إلا هذا وليس بصحيح، فأما النرجس ففارسي معرب.
ر - ز - و
الرزء، مـهموز: المصيبة، تراه في موضعه إن شاء الله تعالى. وزرت الرجل أزوره زورا من الزيارة والقوم الزور والزوار. قال الراجز:
ومشيهن بالخبيب مور
كما تهادى الفتيات الزور
المور: المشي السهل من قولهم: مارت الريح، إذا مرت مرا سهلا؛ ويقال: رجل زور وقوم زور وامرأة زور الواحد والجميع فيه سواء. والزور: عظام الصدر، والجمع أزوار؛ رجل أزور وامرأة زوراء والجمع زور، إذا كان في صدرها اعوجاج. وتزاور الرجل عن الشيء وازور، إذا مال عنـه وكرهه. وزور فلان الكتاب والكلام تزويرا، إذا قواه وشدده؛ وبه سمي الكلام الزور لأنـه يزور، أي يسوى ثم يتكلم به؛ وكذلك شـهادة الزور لأنـه يقويها ويشددها، وزعموا أنـه فارسي معرب لأن الزور بالفارسية القوة. قال أبو عبيدة: هو مأخوذ من الزور، وهو القوي الشديد. والزور، بفتح الزاي: عسيب النخل؛ لغة يمانية. ويوم الزويرين: يوم معروف، وهو يوم لبكر بن وائل على بني تميم، وذلك أنـهم عقلوا بعيرين فقالوا: هذان زويرانا لا نفر حتى يفرا؛ وقال مرة أخرى: لا نبرح أو يبرحا. قال الراجز:
جاءوا بزوريهم وجئنا بالأصم
شيخ لنا معاود ضرب البهم
البهم: جمع بهمة، وهو الشجاع الذي لا يدرى من أين يلقى. وزور الطائر، إذا امتلأت حوصلته، وأكثر ما يستعمل ذلك في الجارح. ورجل أزور وامرأة زوراء، إذا نتأ أحد شقي صدره واطمأن الآخر. وزورت كلام فلان، إذا جعلت حديثه زورا، أي كذبته. وزوير القوم: رئيسهم وشديدهم، وهو زورهم أيضا. والوزر: الملجأ. والوزر: الإثم، والوزر: الثقل. ووازر الرجل الرجل موازرة، أعانـه، وكذلك آزره. وسمي الوزير وزيرا لأنـه يحمل وزر صاحبه، أي ثقله؛ وكان الأصمعي يقول: اشتقاق الوزير من آزره، وكان في الأصل أزير فقالوا: وزير. وجمع وزر أوزار. وفي التنزيل: " يحملون أوزارهم على ظهورهم " ، أي أثقالهم؛ ووضعت الحرب أوزارها، إذا وضع القوم السلاح عنـهم فجعل الفعل للحرب وإنما هو لأهلها. والإزار: معروف، ويقال الإزارة أيضا. قال الأعشى:
كتميل النشوان ير ... فل في البقير وفي الإزاره
وقال الآخر:
تبرأ من دم القتيل وبزه ... وقد علقت دم القتيل إزارها
ويروى: بزه بالرفع، يريد بزه إزارها، أي دمـه في ثوبها. ورجل إزار، إذا كان ثقيل اللسان دون الخرس. وفرس إزار، إذا كان في عجزه بياض.
ر - ز - ه
الرهز: حركة عند الجماع وغيره؛ رهز يرهز رهزا. والزهر: زهر النبت، وهو نواره. والزهرة والزهرة: زهرة الدنيا وبهجتها. وقد قرئ: " زهرة الحياة الدنيا، وزهرة. ورجل زاهر وأزهر، وهو الأبيض المضيء الوجه، وقمر زاهر. وقد سمت العرب زاهرا وزهيرا وزهرا وأزهرا وأزهر وزهران، وهو أبي قبيلة منـهم. والزهرة: نجم من نجوم السماء معروف، بضم الزاي وفتح الهاء لا غير. قال الراجز:
قد وكللتني طلتي بالسمسره
وأيقظتني لطلوع الزهره
والهزر: الغمز الشديد؛ هزره يهزره هزرا. ومـهزور: واد بالحجاز. والهزر: موضع أو اسم قوم. قال أبو ذؤيب:

(1/386)

وليلة أهلي بوادي الرجي ... ع كانت كليلة أهل الهزر
والهزر: الضرب بالخشب خاصة؛ هزره يهزره هزرا. والهزرة: الأرض الرقيقة.
ر - ز - ي
الزير: الرجل الكثيرة الزيارة للنساء، وأصله الواو، وهو في وزن فعل. قال مـهلهل:
فلو نبش المقابر عن كليب ... لأخبر بالذنائب أي زير
ويروى: فلو نبش بتسكين الباء، وهي لغة؛ والذنائب: موضع. وللراء والزاي والياء مواضع في الاعتلال تراها إن شاء الله تعالى.
باب الراء والسين
مع ما بعدهما من الحروف
ر - س - ش
رجل شرس وامرأة شرسة، وهو سوء الخلق؛ شرس يشرس شرسا وشراسة. وقد سمت العرب أشرس وشريسا. والشريس: نبت بشع الطعم، أحسبه سمي شريسا لذلك؛ وكل بشع شريس. ويقال: تشارس القوم، إذا تعاودوا. والشرس: نبت أو حمل نبت.
ر - س - ص
أهملت.
ر - س - ض
الضرس: واحد الأضراس. والضرس: مطر يصيب الأرض قليل متفرق؛ أصابت الأرض ضروس من مطر، أي قطع متفرقة. وناقة ضروس: سيئة الخلق تعض حالبها. وتضارس القوم، إذا تعادوا وتحاربوا، والمصدر المضارسة والضراس. وضرسته الحرب تضريسا، إذا جربها. ورجل ضرس ضبس، إذا كان سيئ الخلق داهيا. وقالوا: حرب ضروس أيضا، لشدتها. وضرس السبع فريسته، إذا مضغ لحمـها ولم يبتلعه. وفلان ضرس من الأضراس، أي صعب المرام داهية من الدواهي. وبرد مضرس: ضرب من الوشي. وضرس الزمان القوم، إذا اشتد عليهم. وتضرس البناء، إذا لم يستو.
ر - س - ط
الطرس: الكتاب، والجمع طروس وأطراس؛ وقال قوم: الطرس الصحيفة التي قد محي ما فيها ثم أعيد الكتاب؛ وقال آخرون: بل الطرس الصحيفة بعينـها. والطلس: الذي قد محي ثم كتب. والسطر من الكتاب معروف، والجمع سطور وأسطار، ثم جمعوا أسطارا أساطير؛ وقال قوم: واحد الأساطير أسطورة وإسطارة، ولم يتكلم فيه الأصمعي. وسطر الكتاب وسطره لغتان فصيحتان. والسطر من النخل: السكة المغروسة على غرار واحد؛ الغرار: السطر المستوي. والمسطار: ضرب من ال فيه حموضة. قال الشاعر:
قوم إذا هدر البعير رأيتهم ... حمرا عيونـهم من المسطار
والسطر: العتود من المعز خاصة في بعض اللغات؛ العتود: الجدي الذي قد بلغ أن ينزو، والجمع عتدان وعدان. والسرط من الاستراط؛ استطرت الشيء، إذا ابتلعته استرطاا، وسرطته سرطا. ومسرط الإنسان: البلغوم، وهو مجرى الطعام الى الجوف، والجمع مسارط. ومثل من أمثالهم: " الأخذ سريطى والقضاء ضريطى " ، ويقال: سريطى وضريطى، مشددا ومخففا؛ يقال ذلك لمن يأخذ الدين ويصعب عليه قضاؤه. ومثل من أمثالهم: " الأخذ سرطان والقضاء ليان " ، يضرب ذلك لمن يأخذ الدين ثم يصعب عليه قضاؤه؛ ويروى: " الأخذ سلجان والقضاء ليان " ، ويروى: " الأخذ سريط والقضاء ضريط " . والسراط والصراط، بالسين والصاد: الطريق القاصد. قال الشاعر:
أمير المؤمنين على سراط ... إذا اعوج الموارد مستقيم
والسرطان: دابة من دواب الماء معروفة. والسرطان: داء يصيب الناس والخيل. ويقال: فرس سرطان الجري، كأنـه يسترط الجري استراطا؛ وسراطي أيضا. والسرطراط: الفالوذ، زعموا. والسريطاء: حساء شبيه بالخزيرة أو نحوها. فأما السرطان المنزل من منازل القمر فليس بالعربي المحض. والرطس: الضرب بباطن الكف؛ رطسه يرطسه رطسا، إذا ضربه بباطن كفه.
ر - س - ظ
أهملت.
ر - س - ع
الرسع من قولهم: رسعت الصبي وغيره، إذا شددت في يده أو رجله خرزا لتدفع بـه العين عنـه؛ ويقال بالغين أيضا: رسغت. والرسيع: موضع. والمريسيع: موضع أيضا. ورسعت أعضاء الرجل، إذا فسدت واسترخت. والرعس: الارتعاش والانتفاض. قال الراجز:
يبري بإرعاس يمين المؤتلي
خضمة الدارع هذ المختلي

(1/387)

ويروى: الذراع؛ ويروى: هذ المنجل؛ ومعظم كل شيء خضمته، وقال أيضا: الخضمة معظم الذراع، وكذلك هو من كل شيء. يصف سيفا يقول: يقطع بضعف صاحبه وارتعاشـه؛ والمختلي من الخلى، وهو الحشيش. ورمح رعاس، إذا كان شديد الاضطراب. قال الشاعر:
وعرضة للشطن الرعاس
والسعر: استعار النار؛ سعرت النار أسعرها وأسعرتها، فهي مسعرة ومسعورة، وأنا مسعر وساعر، والسعير من هذا اشتقاقها. وسعر الشيء المبيع: معروف. واستعر اللصوص، بفتح العين وتخفيف الراء، وهو افتعل من السعير، أي اشتعلوا، فأما قولهم: استعر فخطأ، وقد أولعت بـه العامة. واستعرت الحرب كذلك. واستعر الجرب في البعير، إذا ابتدأ في مساعره، وهي الآباط والأرفاغ؛ الأرفاغ: أصول الفخذين، وقال قوم: بل هو كل موضع اجتمع فيه الوسخ. وسمي الأسعر الشاعر ببيت قاله:
فلا يدعني الأقوام من آل مالك ... إذا أنا لم أسعر عليهم وأثقب
ورجل مسعر حرب من قوم مساعر، إذا كان يسعرها ويشبها. والمسعر والمسعار: الخشبة التي تحرك بها النار. وقد سمت العرب مسعرا وسعيرا وسعرا وسعران. وسعر الرجل، إذا أصابته السموم، وكذلك هو من الجوع والعطش؛ رجل مسعور. والسعرة: لون يضرب الى السواد. والسعرارة والسعرورة: الضوء الذي يدخل البيت من شعاع الشمس ومن الصبح أيضا من كو. والسرع والسرعة جميعا: ضد البطء؛ أسرع الرجل يسرع إسراعا وسرع سرعا وسرعا، والرجل سريع وسراع مثل كبير وكبار. قال الراجز:
أين دريد وهو ذو بزاعه
حتى تروه كاشفا قناعه
تعدو بـه سلهبة سراعه
ويروى: براعه؛ قوله: ذو بزاعه، أي حسن الحركة والنيقظ. وأقبل فلان في سرعان الناس وسرعان الناس، بفتح الراء وتسكينـها، أي في أوائلهم المتسرعين. ومثل من أمثالهم: " سرعان ذي إهالة " ، بسكون الراء وفتحها. قال أبو بكر: يضرب للرجل إذا أخبرك بسرعة شيء لم يحن وقته. وأصل هذا المثل أن رجلا كان يحمق فاشترى شاة عجفاء فجاء بها الى أمـه فلامته ورعام الشاة يسيل من أنفها، فقال: أما ترين إهالتها؟ فقالت له أمـه: سرعان ذي إهالة؛ أي ما أسرع إهالتها. واليسروع، ويقال: أسروع: دويبة تكون في الرمل. قال الشاعر:
فليس لساريها بها متعرج ... إذا انجدل اليسروع وانعدل الفحل
ورجل سرعرع: ناعم غض. قال الشاعر:
رؤد الشباب سرعرع
والسروع: قضبان من قضبان الكرم. وفي لغة العرب: جاء فلان سرعا، أي سريعا. والعسر: ضد السهولة؛ رجل عسر بين العسر. ورجل أعسر: يعمل بشماله. ورجل أعسر يسر: يعمل بيديه. وأمر عسير: صعب. وعقاب عسراء: في جناحها قوادم بيض؛ وقال قوم: بل العسراء القادمة البيضاء. قال الشاعر:
وعمى عليه الموت يأتي طريقه ... سنان كعسراء العقاب ومنـهب
يقال: فرس منـهب، أي ينتهب الجري، وناقة عوسرانية وعيسرانية للتي تركب ولم ترض، والذكر عيسراني. وناقة عسير: صعبة لم ترض. قال الراجز:
والله لولا خشية الأمير
ورهبة الشرطي والتؤرور
لجلت عن شيخ بني البقير
جول القلوص الصعبة العسير
التؤرور: الذي يصحب أعوان السلطان بلا رزق. وعسرت الرجل فأنا أعسره عسرا، إذا لم ترفق به. وعسرت الناقة بذنبها، إذا شالت به، فهي عاسر ومعسر. ويوم عسير: صعب. والعسرة والمعسرة: خلاف الميسرة. وأعسر الرجل إعسارا، إذا افتقر. والعرس: معروف، بضم الراء وتسكينـها: عرس وعرس. وامرأة الرجل عرسه، والرجل عروس وكذلك المرأة؛ اسم يجمع الذكر والأنثى لا تدخله الهاء. قال الراجز:
يا ليت شعري عنك دختنوس
إذا أتاها الخبر المرموس
أتحلق القرون أم تميس
لا بل تميس إنـها عروس

(1/388)

وسألت أبا عثمان عن اشتقاق العرس فقال: تفاؤلا، من قولهم: عرس الصبي بأمـه، إذا ألفها. وعرس الرجل يعرس عرسا، إذا بعل بالشيء كالفزع منـه؛ يقال: بعل بالشيء وبقر بـه وعرس بـه وخرق بـه وذئب، كله واحد، إذا تحير فيه. والزوجان: عرسان. قال الراجز:
أنجب عرس جبلا وعرس
ويقال: عرس به، مثل سدك به. والتعريس: النزول بالليل؛ يقال: عرس الرجل بالمكان تعريسا، إذا نزله ليلا ثم ارتحل عنـه. قال الراجز:
قال أبو ليلى بقو عرسوا
مـهلا أبا ليلى سراها أكيس
والعريساء: موضع، زعموا. وابن عرس: سبع معروف. وعريسة الأسد: الموضع الذي يألفه ويأوي إليه. قال الشاعر:
يا طيء السهل والأجبال موعدكم ... كطالب الصيد في عريسة الأسد
ر - س - غ
الرسغ: موصل الكف في الذراع، وموصل القدم في الساق، وهو من ذوات الحافر موصل وظيفي اليدين والرجلين في الحافر، ومن الإبل موصل الأوظفة في الأحقاف. وجمع الرسغ أرساغ. والرساغ: حبل يشد في رسغ البعير أو الحمار ثم يشد الى شجرة أو وتد. ويقال: أصاب الأرض مطر فرسغ، إذا بلغ الماء الرسغ أو حفر حافر فبلغ الثرى قدر رسغه. والرغس: البركة والنماء؛ رجل مرغوس: مبارك. قال الراجز:
حتى احتضرنا بعد سير حدس
إمام رغس في نصاب رغس
خليفة ساس بغير فجس
وقال رؤبة:
دعوت رب العزة القدوسا
دعاء من لا يقرع الناقوسا
حتى أراني وجهك المرغوسا
والغرس: كل ما غرسته من شجرة أو نخلة، والجمع أغراس وغراس. والفسيلة: ساعة توضع في الأرض فهي غريسة حتى تعلق. والغرس: جليدة رقيقة تكون على وجه الفصيل وغيره ساعة يولد فإن تركت على وجهه قتلته. قال الشاعر:
مـهرية مخطتها غرسها العيد
العيد: ابن الآمري - في وزن عامري - بن مـهرة بن حيدان. وكثر الغرس في كلامـهم حتى قالوا: غرس فلان عندي نعمة، أي أثبتها عندي. والغسر: ما طرحته الريح في الغدير ونحوه؛ لغة يمانية، يقولون: تغسر الغدير، إذا ألقت الريح فيه العيدان وما أشبهها، ثم كثر ذلك في كلامـهم حتى قالوا: تغسر الأمر، أي اختلط وفسد.
ر - س - ف
رسف يرسف ويرسف رسفا ورسيفا ورسفانا، وهو مشي المقيد إذا قارب خطوه. قال الشاعر:
فرحت أخضخض صفني بـه ... كمشي المقيد يمشي رسيفا
والرفس: رفس الدابة؛ رفس يرفس رفسا، وهو الركض برجله؛ ودابة رفوس. ويقولون عند البيع: برئت إليك من الرفاس. والسرف: التبذير؛ أسرف الرجل في ماله إسرافا، إذا عجل فيه؛ وأكل ماله سرفا. ثم كثر ذلك في كلامـهم حتى قالوا: قتل فلان بني فلان فأسرف، إذا جاوز في ذلك المقدار؛ وتكلم بإسراف، إذا جاوز المقدار أيضا. وسرفت القوم، إذا جاوزتهم وأنت لا تعرف مكانـهم. وسرفت الشيء، إذا أنسيته. وسرف: موضع معروف. والسرفة: دويبة تكون في العشب تصلح بيتا من حطام الشجر، وتنسج عليه نسجا رقيقا كنسج العنكبوت، فلذلك قالوا في المثل: " أصنع من سرفة " . والسفر: القوم المسافرون، واحدهم سافر مثل صاحب وصحب، ولا يتكلم بسافر. والسافرة أيضا: القوم المسافرون مثل السابلة. وقوم سفر وأسفار وسفار، أي مسافرون. قال الشاعر:
عوجوا فحيوا أيها السفر ... أم كيف ينطق منزل قفر
قال: عوجوا، ثم رجع الى نفسه فقال: كيف ينطق؟ وسافر الرجل سفرا، أحد ما جاء على فاعل من فاعل واحد. والسفر: الكتاب، والجمع أسفار، وكذلك هو في التنزيل: " كمثل الحمار يحمل أسفارا " . ويقولون: أسماؤنا في السفر الأول، أي في الكتاب الأول؛ هكذا يقول الأصمعي. والسفار للبعير كالحكمة للفرس، وهي حديدة توضع على أنف البعير، والجمع سفر. وسفرت المرأة عن وجهها لا غير، فهي سافر. قال الشاعر:
عروب كأن الشمس تحت قناعها ... إذا ابتسمت أو سافرا لم تبسم

(1/389)

وسفر الصبح وأسفر؛ قال الأصمعي: أقول: أسفرنا، إذا دخلنا في سفر الصبح، ولا أقول إلا سفر الصبح. وفي التنزيل: " والصبح إذا أسفر " . والسفرة: معروفة، واشتقاقها من السفر. وبعير مسفر: قوي على السفر؛ وناقة مسفرة ورجل مسفر كذلك. قال الراجز:
لن يعدم المطي منا مسفرا
شيخا بجالا وغلاما حزورا
وسفرت الريح الورق وغيره، إذا درجت بـه على وجه الأرض، والورق السفير. وسفرت الريح التراب، إذا كنسته، وكل كنس سفر. وسفرت البيت أسفره سفرا، إذا كسحته؛ وكل كسح سفر. والكساحة: السفارة. والمسفرة: المكنسة. وسفرت الريح السحاب تسفره سفرا، إذا قشعته. قال العجاج:
وحين يبعثن الرياغ رهجا
سفر الشمال الزبرج المزبرجا
قال أبو بكر: الزبرج هاهنا: السحاب الذي فيه ألوان مختلفة من بياض وسواد. وقال في وقت آخر: الزبرج: السحاب الرقيق. والسفير بين القوم: الماشي بينـهم في الصلح؛ سفر يسفر ويسفر سفرا وسفارة وسفارا. قال العجاج:
أشوس عن سفارة السفير
ويجمع سفير على سفراء مثل عليهم وعلماء والفرس: معروف، وجمعه في أدنى العدد أفراس، فإذا كثرت فهي الخيل. فأما قول العامة في جمع فرس فرسان فخطأ، إنما الفرسان جمع فارس؛ فارس وفرسان مثل راهب ورهبان، ورجل فارس من قوم فوارس مثل حاجب وحواجب. ورجل حسن الفراسة والفروسية على الخيل؛ وجيد الفراسة والتفرس، أي جيد النظر مصيبه. ويقال: فرس أنثى وفرس ذكر، ولا تلتفتن الى قول العامة فرسة. وفي الحديث: " خير المال فرس في بطنـها فرس " . وفرسان: لقب قبيلة من العرب ليس بأب ولا أم نحو تنوخ، وهم أخلاط من العرب اصطلحوا على هذا الاسم، وجلهم من بني تغلب. قال ابن الكلبي: كا عبديد الفرساني أحد رجال العرب المعدودين. ويقال: فرست الذبيحة أفرسها فرسا، إذا فصلت عنقها؛ وبه سميت فريسة الأسد، والجمع فرائس. قال جرير:
فلا يضغمن الليث تيما بغرة ... وتيم يشمون الفريس المنيبا
قال أبو بكر: الضغم: العض، وبه سمي الأسد ضيغما؛ وقال أبو بكر: الشاة إذا فرسها الذئب أو الأسد فمرت بها الغنم وشمتها نفرت متفرقة. يقول: لا تغترن بين تيم فتشم عمر بن لجأ فتنفر مني كما تنفر هذه الغنم من شم الفريسة. والفرسة: ريح تصيب الإنسان في ظهره فتزيل فقاره فيحدب. وقد سمت العرب فراسا، وهو فعال من ذلك؛ وفراسا، وهو المصدر من فارسه مفارسة وفراسا من ركوب الخيل. وفراس بن غنم في بني كنانة الذين منـهم ربيعة بن مكدم. وفراس بن وائل بن عامر بن الحارث الغطريف الأصغر في الأزد. والفرس: هذا الجيل المعروف. والفسر من قولهم: فسرت الحديث أفسره فسرا، إذا بينته وأوضحته؛ وفسرته تفسيرا كذلك.
ر - س - ق
القسر: الأخذ بالغلبة والاضطهاد؛ تقول: قسرته أقسره قسرا. وبنو قسر: قبيلة من العرب من بجيلة، منـهم خالد بن عبد الله القسري. وبعير قيسري: صلب شديد. وبنات قراس: موضع من بلاد هذيل، هضاب بالسراة باردة. قال الهذلي:
يمانية أحيا لها مظ مأبد ... وآل قراس صوب أرمية كحل
أرمية: جمع رمي، وهو ضرب من سحاب الخريف سود؛ وكحل: جمع أكحل، وهو الأسود. وقرس الماء يقرس قرسا، والماء قارس وقريس. ويوم قارس: بارد، ومنـه اشتقاق القريس الذي تسميه العامة القريص، وإنما هو بالسين لا بالصاد. وبعير قراسية: غليظ شديد صلب. والسقر، يقال منـه: سقرته الشمس تسقره سقرا، إذا حميت على دماغه فآلمته. وقد حكي صقرته، بالصاد؛ ومنـه اشتقاق اسم سقر، والله أعلم، ولم يتكلم باسم سقر إلا بالسين. فأما السقر والصقر الجارح فقد جاء بالسين والصاد جميعا، وهذا تراه في باب الراء والصاد مع القاف إن شاء الله. والسرق: معروف؛ سرق يسرق سرقا فهو سارق. والسرق: ضعف في المفاصل؛ سرقت مفاصله تسرق سرقا، إذا ضعفت. قال الشاعر:

(1/390)

فهي تتلو رخص الظلوف ضئيلا ... أكحل العين في قواه انسراق
أي ضعف؛ هكذا فسره أبو عبيدة في شعر الأعشى. والسرق: ضرب من الحرير فارسي معرب، وذكر الأصمعي أن اسمـه سره، أي جيد. وقد سمت العرب سارقا ومسروقا وسراقا. وسرق الشيء، إذا خفي؛ هكذا يقول يونس، وأنشد:
وتبيت منتبذ القذور كأنما ... سرقت بيوتك أن تزور المرقدا
القذور: التي لا تبارك الإبل ولا تبيت معها، تنتبذ حجرة عنـها؛ وقوله: كأنما سرقت، أي خفيت؛ والمرقد: الذي ترقد فيه.
ر - س - ك
الركس: قلب الشيء؛ ركسه يركسه ركسا، أي قلب أمره وأحاله فهو ركيس ومركوس. والسكر: معروف، ما سكرت بـه الماء فمنعته عن جريته، وأصله من قولهم: سكرت الريح، إذا سكن هبوبها. ويوم ساكر: لا ريح فيه. والسكر: كل ما أسكر من . فأما السكر ففارسي معرب. وقال المفسرون في تفسير السكر في القرآن إنـه الخل، وهذا شيء لا يعرفه أهل اللغة. والسكر: معروف، واشتقاقه من سكرت الريح، إذا سكنت، كأن ال سكر عقله أي سد عليه طريقه. وجمع سكران سكارى وسكارى وسكرى. وقد قرئ: " وترى الناس سكرى " ، وسكارى. ورجل سكير: كثير السكر، وهذا أحد ما جاء على فعيل، وهي نيف وثلاثون حرفا تراها في آخر الكتاب مفسرة إن شاء الله. والكسر: مصدر كسرت الشيء أكسره كسرا. والكسر: العضو التام نحو الجدل والإرب، والجمع كسور وأكسار. الأجدال: الأعضاء، الواحد جدل، وواحد الآراب إرب. والكسر: كساء يمد حول الخباء كالإزار له فيكون فضله على الأرض. وقالوا: جفنة أكسار، أي عظيمة موصلة لكبرها. والبعير الكسير: الذي قد انكسر بعض أعضائه. وكل ما سقط من شيء مكسر فهو كسارته. وبنو كسر: بطن من العرب من بني تغلب. وكسرى: اسم فارسي معرب، ويجمع كسورا وأكاسر؛ هكذا يقول أبو عبيدة، وقال أيضا: وأكاسرة. ويقال: فلان طيب المكسر، أي المخبر، وأصله من كسرك العود فتجده لدنا طيب الرائحة. ووصف رجل من العرب رجلا فقال: والله ما كان هشا فيكسر ولا لدنا فيعصر. والكرس: البعر والبول إذا تلبد بعضه على بعض، والجمع أكراس. وكل شيء تراكب فقد تكارس؛ وبه سميت الكراسة لتطابق ورقها بعضه على بعض، وتجمع أكارس وكراريس. قال العجاج:
يا صاح هل تعرف رسما مكرسا
قال نعم أعرفه وأبلسا
أي قد تكارس عليه التراب فغطاه. والأكارس: الجماعات من الناس، لا واحد لها من لفظها؛ هكذا يقول الأصمعي. ويقال للكلس الصاروج المعروف: كرس، وليس بالجيد.
ر - س - ل
الرسل: السهل السريع؛ ناقة رسلة: سريعة رجع اليدين. والرسل: اللبن. واختلفوا في الحديث: " إلا من أعطى من رسلها ونجدتها " ، فقال قوم: من رسلها، والأعلى فتح الراء، أي في الشدة والرخاء. وإذا تكلم الرجل قلت: على رسلك، أي أرود قليلا. والراسلان: عرقان في الكتفين، أو هما الكتفان بعينـهما. وجاءت الإبل أرسالا، أي يتبع بعضها بعضا، وكذلك الخيل أيضا. والرسول: معروف، والجمع رسل وأرسل. والرسالة: ما حمله الرسول، والجمع رسائل. ورسيل الرجل: الذي يقف معه في نضال أو نحوه. وإبل مراسيل: سراع، وأحسب واحدها مرسالا. وامرأة مراسل، قالوا: هي التي قد تزوجت زوجين أو ثلاثة؛ وقال آخرون: بل هي المسنة التي فيها بقية شباب. والمرسلة: قلادة طويلة تقع على الصدر. والرسل: البقية والقليل من الشيء.
ر - س - م
رسم كل شيء: أثره، والجمع رسوم. وترسمت الموضع، إذا طلبت رسومـه حتى تقف عليها. وترسمت الأرض، إذا توخيت موضعا لتحفر فيه. قال الراجز:
الله أسقاك بآل جبار
ترسم الشيخ ووقع المنقار
وقال ذو الرمة:
أأن ترسمت من خرقاء منزلة ... ماء الصبابة من عينيك مسجوم
والرسيم: ضرب من سير الإبل؛ رسم البعير يرسم ويرسم رسيما، والكسر أكثر. قال حميد بن ثور:
أجدت برجليها النجاء وكلفت ... بعيري غلامي الرسيم فأرسما

(1/391)

قال أبو بكر: قلت لأبي حاتم: أتقول: أرسم البعير؟ فقال: لا أقول إلا رسم فهو راسم من إبل رواسم. فقلت: فكيف وقد قال: الرسيم فأرسما؟ قال: أراد كلفت بعيري غلامي الرسيم فأرسم الغلامان بعيرهما. والروسم فارسي معرب، وقيل روشم، وهو الرشم الذي يختم به. قال الأعشى:
وباكرها الريح في دنـها ... وصلى على دنـها وارتشم
ويروى بالسين والشين. والرمس: مصدر رمسته أرمسه رمسا، إذا دفنته، وبه سميت الرياح روامس لأنـها ترمس الآثار، أي تدفنـها. ثم كثر ذلك في كلامـهم فسمي القبر: رمسا، والجمع أرماس ورموس. قال الشاعر:
ألم تر المرء حلف منية ... رهين لعافي الطير أو سوف يرمس
والمرمس: القبر بعينـه، والجمع مرامس، والرجل رميس ومرموس. قال الشاعر:
رجع الركب سالمين جميعا ... وخليلي في مرمس مدفون
والرياح الروامس والرامسات: دوافن الآثار؛ رمست الريح الآثار، إذا دفنتها. والسمرة: لون من البياض والأدمة؛ رجل أسمر من قوم سمر وامرأة سمراء وقناة سمراء، في ذلك اللون. وفي الحديث: " توفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما شبع من البرة السمراء. والسمار: موضع. قال الشاعر:
لئن ورد السمار لنقتلنـه ... ولا والله أرد السمارا
والسمار: اللبن المذيق؛ ليس له فعل يتصرف. والسمر: الحديث بالليل خاصة. وفي الحديث: " جدب لنا عمر السمر " ، أي عابه. وفلان سميري للذي يسامرك بالليل خاصة، والجمع سمار. والسامر: القوم يتحدثون بالليل، أخرج مخرج باقر وجامل، والجمع سمار وسامر. وقال قوم: السمر: الليل؛ وفي كلامـهم: لا أكلمـه السمر والقمر، أي ما أظلم الليل وطلع القمر. وابنا سمير: الليل والنـهار؛ ومن أمثالهم: " لا أكلمـه ما سمر ابنا سمير " ، أي ما اختلف الليل والنـهار. والسمر: ضرب من العضاه له شوك طوال، الواحدة سمرة. وسميراء: موضع معروف، يمد ويقصر. قال الراجز:
يا رب خال لك بالحزيز
بين سميراء وبين توز
وسمرت الحديدة وغيرها أسمرها وأسمرها سمرا. وجارية مسمورة: معصوبة الجسد ليست برخوة اللحم. وقد سمت العرب سميرا، فجائز أن يكون تصغير سمر أو تصغير أسمر، كما قالوا: سويد، تصغير أسود، وهذا يسميه النحويون: تصغير الترخيم. والسرم للإنسان: معروف، وهو المبعر من الظلف وكذلك من الخف، والمراث من الحافر، والمجعر من السباع، والدبر من الإنسان. والسرمان: دويبة لا تضم جناحها شبيهة بالجحل تألف المزابل تشبه الجراد. ويقال: جاءت الإبل الى الحوض متسرمة، إذا جاءت متقطعة. وغرة متسرمة، إذا كانت تغلظ من موضع وتدق من آخر؛ وقال أبو عبيدة: هي المتصرمة، ولم يعرف المتسرمة. والمرس: مصدر مرست الشيء أمرسه مرسا، إذا دلكته. ورجل مرس وممارس: صبور على مراس الأمور. ورجل ممارس للأمور: مزاول لها. والمريس مثل المريد؛ يقال للتمر إذا مرسته في ماء أو لبن: مريس ومريد؛ يقال: مردته أمرده مردا، ومرسته أمرسه مرسا، فإذا فعل بـه ذلك شرب. وتمارس القوم في الحرب، إذا تضاربوا. والمرس: الحبل، والجمع أمراس. قال أبو زبيد الطائي:
إما تقارش بك الرماح فلا ... أبكيك إلا للدلو والمرس
يصف عبدا له قتل، يقول: لا أبكيك لشيء إلا للدلو والمرس، أي للاستقاء؛ تقارشت الرماح في الحرب، إذا دخل بعضها في بعض. وأمرس الحبل عن البكرة، إذا زال عن المحالة فرددته إليها. وقال قوم: بل يقال: مرس الحبل إذا زال عنـها، وأمرسته إذا رددته إليها. قال الراجز:
بئس مقام الشيخ أمرس أمرس
إما على قعو وإما اقعنسس
وبنو مريس: بطين من العرب. وبنو ممارس: بطن منـهم أيضا. والمسر: فعل ممات؛ مسرت الشيءض أمسره مسرا، إذا استللته فأخرجته، أي أخرجته من ضيق الى سعة. والمرمريس: الداهية، وتراها في باب فعلليل.
ر - س - ن

(1/392)

الرسن: الحبل، والجمع أرسان. وفي مثل من أمثالهم: " اللديغ يخاف الرسن " . وسمي أنف الناقة مرسنا لأن الرسن يقع عليه؛ ثم كثر ذلك في كلامـهم حتى قيل: مرسن الإنسان، والجمع مراسن، وفلان كريم المرسن. قال العجاج:
وفاحما ومرسنا مسرجا
وبطن أيم وقواما عسلجا
قال أبو بكر: أراد أنفا واضحا براقا كالسراج؛ وقال قوم: أراد كالسيف السريجي في بياضه ورقته. وبنو رسن: حي من العرب. والسنر: فعل ممات، وهو شراسة الخلق؛ ومنـه اشتقاق السنور، زعموا، وفي بعض اللغات سنار وسنار. والسنور أيضا: فقارة العنق من البعير. قال الراجز:
كأن جذعا خارجا من صوره
بين مقذيه الى سنوره
المقذان: جانبا القفا، وهما الذفريان؛ وقالوا: السنور: الذفرى بعينـها. والسنور: ما لبس من جنن الحديد خاصة، وأنشد:
كأنـهم لما بدوا من عرعر
مستلئمين لابسي السنور
نشز غمام صيب كنـهور
والنرس لا أعرف له أصلا في اللغة، إلا أن العرب قد سمت نارسة، ولم أسمع فيه شيئا من علمائنا، ولا أحسبه عربيا محضا. والنسر: الطائر المعروف. وأصل النسر انتزاع الطائر اللحم بمنسره؛ نسر اللحم ينسره وينسره نسرا. والنسران: نجمان في السماء. والمنسر: ما بين الأربعين الى الخمسين من الخيل، والجمع المناسر. وقد سمت العرب نسيرا وناسرا. ونسر: صنم كان في الجاهلية، وقد ذكر في التنزيل. والنسار: موضع. قال الشاعر:
وأما بنو عامر بالنسار ... غداة لقونا فكانوا نعاما
ر - س - و
الرسو: مصدر رسوت بين القوم أرسو رسوا، إذا أصلحت بينـهم. والروس: مصدر راس يروس روسا، إذا مشى متبخترا؛ وراس يريس ريسا أيضا. وبنو رائس: بطن من العرب. ورجل رؤاسي: عظيم الرأس. وبنو رواس: بطن من العرب. وراس السيل الغثاء يروسه روسا، إذا جمعه واحتمله. والسرو: ارتفاع وهبوط في الأرض بين سهل وسفح، ومنـه سرو حمير. قال ابن مقبل:
من سرو حمير أبوال البغال بـه ... أنى تسديت وهنا ذلك البينا
تسديت: علوت؛ والبين: الغلظ من الأرض. والسروة: النصل الدقيق من نصال السهم، وجمعها سرى. والسورة: المنزلة، والجمع سور، مثل صورة وصور. قال أبو بكر في قول الله عز وجل: " ونفخ في الصور " ، كأنـه جمع صورة، أي ردت فيها الأرواح؛ وقال قوم: بل الصور القرن، والله أعلم. قال النابغة:
ألم تر أن الله أعطاك سورة ... ترى كل ملك دونـها يتذبذب
وزعم قوم من أهل اللغة أن السور كرام الإبل، واحتجوا فيه ببيت رجز لم أسمعه من أصحابنا. والسورة من القرآن كأنـها درجة أو منزلة يفضى منـها الى غيرها في لغة من لم يهمز. والسور: سور المدينة وغيرها. قال جرير:
لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشع
فأنث السور من المدينة، كما قال الآخر:
وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... كما شرقت صدر القناة من الدم
فأنث الصدر لأن صدر القناة من القناة، فإذ أضفت مذكرا الى مؤنث ليس منـه لم يجز ذلك، لا تقول: ضربتني غلام هند، لأن الغلام ليس من هند، وقد جاء مثل هذا كثير في أشعار العرب. وسورة الخمر: حدتها. وساوره السبع يساوره مساورة وسوارا، إذا واثبه. وقد سمت العرب سورة وسوارا وسورا ومساورا ومسورا. والسوار: معروف، والجمع أسورة. وأساورة العجم: الفرسان، واحدهم إسوار، وقد تكلمت بـه العرب. قال الراجز:
ووتر الأساور القياسا
صغدية تنتزع الأنفاسا
وقال الآخر:
أقدم أخا نـهم على الأساوره
ولا تهالنك رجل نادره

(1/393)

وبنو نـهم: من همدان. والسور: كرام الإبل، الواحدة سورة. والسؤر، مـهموز، والجمع أسآر: ما أبقيت في الإناء. وزعم قوم أن السورة من القرآن من هذا إذا همزت، كأنـها أسئرت، أي بقيت من شيء. وفي وصية بعض العرب لبنيه: إذا شربتم فأسئروا، أي أبقوا في الإناء فإنـه أجمل. والورس: صبغ أصفر معروف؛ ثوب ورس ووارس. وأورس الرمث، إذا اصفر ثمره فهو وارس، وهذا الحرف أحد الحروف التي جاءت على أفعل فهو فاعل، ولا يقال مورس. وورست الصخرة في الماء، إذا ركبها الطحلب حتى تخضار وتملاس. قال الشاعر:
ويخطو على صم صلاب كأنـها ... حجارة غيل وارسات بطحلب
ر - س - ه
الرهس: الوطء الشديد، مثل الوهس سواء؛ رهسه يرهسه رهسا؛ أخبر بـه أبو مالك عن العرب. والسهر: ضد النوم؛ سهر يسهر سهرا. والأسهران: عرقان في العينين. وقال قوم: بل الأسهران عرقان يكتنفان غرمول الفرس أو الحمار. قال الشاعر:
توائل من مصك أنصبته ... حوالب أسهريه بالذنين
الذنين: السيلان؛ يقال: ذن أنفه يذن ذنا وذنينا، إذا سال. والساهرة: الأرض البيضاء؛ هكذا فسر أبو عبيدة في التنزيل، والله أعلم. وهي عند أهل اللغة قريب من ذلك، وقالوا: بل أرض يجددها الله يوم القيامة. قال الراجز:
أقدم أخا نـهم على الأساوره
ولا تهالنك رجل نادره
فإنما قصرك ترب الساهره
حتى تعود بعدها في الحافره
من بعد ما صرن عظاما ناخره
والسهر: القمر بالسريانية، وهو الساهور؛ وزعم قوم: بل دارة القمر. وقد ذكره أمية بن أبي الصلت، ولم يسمع إلا في شعره، وكان مستعملا للسريانية كثيرا لأنـه كان قرأ الكتب، فقال:
لا عيب فيه غير أن جبينـه ... قمر وساهور يسل ويغمد
وذكره عبد الرحمن بن حسان بن ثابت. وذكر أبو عبيدة أن الساهرة الفلاة ووجه الأرض، وأنشد لأمية بن أبي الصلت:
ملك بساهرة إذا ... تلقى نمارقه وكوبه
وقال الآخر:
خياركم خيار أهل الساهره
أطعنـهم للبة وخاصره
وقال أبو كبير الهذلي:
يركبن ساهرة كأن غميمـها ... وجميمـها أس ليل مظلم
والهرس: الأكل الشديد؛ ولذلك قيل: إبل مـهاريس، شديدات الأكل. قال الحطيئة:
مـهاريس يروي رسلها ضيف أهلها ... إذا النار أبدت أوجه الخفرات
يقول: إذا أجدب الزمان. وأصل الهرس الدق الشديد، وبه سمي الهاوون مـهراسا. والهريس من ذا أيضا لأن يدق دقا شديدا. والهراس، مخفف: نبت له شوك، الواحدة منـه الهراسة. قال الشاعر:
يطابقن في كل أرض يطأن ... طباق الكلاب يطأن الهراسا
والسرة من كل شيء: خالصه، من ذلك سرة الوادي وسر الوادي وسرارة الوادي، وهو أكرمـه وأطيبه ترابا.
ر - س - ي
راس يريس ريسا وريسانا، إذا مشى متبخترا. قال أبو زبيد:
قصاقصة أبو شبلين ورد ... أتاهم بين أرحلهم يريس
وبه سمي الرجل رائسا. والسير: مصدر سار يسير سيرا. والسير: القطعة المستطيلة من الأدم، والجمع سيور وأسيار. قال الشاعر:
لا تأمنن فزاريا خلوت بـه ... على قلوصك واكتبها بأسيار
وسار فلان يسير سيرة حسنة. قال خالد بن زهير الهذلي ابن أخي أبي ذؤيب:
فلا تجزعن من سيرة أنت سرتها ... فأول راض سيرة من يسيرها

(1/394)

وسير فلان سيرة، إذا جاء بحديث الأوائل، والجميع سير. والسري: النـهر؛ هكذا فسر في التنزيل، والله أعلم. ورجل سري: بين السرو. وقد سمت العرب سريا وسريا. والسرية: القوم الذين يسيرون الى أعدائهم، وكان أصله من سرى الليل، فكثر ذلك حتى جعلت السرية الخارجة للحرب ليلا أو نـهارا، وهي فعلية من سرى يسري. واليسر ضد العسر، وأيسر الرجل إيسارا. واليد اليسار ضد اليمين، بفتح الياء وكسرها، وزعموا أن الكسر أفصح. ويقولون: خذ على يسارك، بفتح الياء. وقال بعض أهل اللغة: اليسار، بكسر الياء، شبهوه بالشمال، إذا ليس في كلامـهم كلمة أولها ياء مكسورة إلا يسار. ويسر: دحل لبني يربوع بالدهناء معروف. قال طرفة:
هاجه ذكر خيال عاده ... طاف والركب بصحراء يسر
فأما قول العامة: عود اليسر فخطأ، إنما هو عود الأسر، والأسر: احتباس البول. ورجل أعسر يسر، فأما قولهم: أعسر أيسر فخطأ. وأيسار الجزور، الواحد يسر، وهم الذين يتقامرون على الجزور. قال الشاعر:
لو ييسرون بخيل قد يسرت بها ... وكل ما ييسر الأقوام مغروم
أي كل ما يتياسر فيه فلا بد من أن يغرم ثمنـه، ومنـه الميسر الذي نـهي عنـه. والميسرة ضد المعسرة، وكذلك هو في التنزيل: " فنظرة الى ميسرة " . ويقولون: خذ ميسوره ودع معسوره، أي خذ ما يسر ودع ما عسر. وقد سمت العرب يسرا وياسرا ويسارا وأيسر. واليسر: القوم المياسرون. وبايعت الرجل فياسرته، إذا ساهلته. والشيء اليسير: القليل. وياسر منعم: ملك من ملوك حمير.
باب الراء والشين
مع ما بعدهما من الحروف
ر - ش - ص
الشرص، والجمع شرصة وشراص، بكسر الشين، وهي النزعة عند الصدغ. قال الأغلب:
يا رب شيخ أشمط العناصي
ذي لمة مبيضة القصاص
صلت الجبين ظاهر الشراص
والشصر: مصدر شصرت الناقة أشصرها وأشصرها شصرا، وهو أن تزند في أخلة بهلب ذنبها تغرز في أشاعرها إذا دحقت، أي خرجت رحمـها عند الولادة. والتزنيد: الشد الضيق؛ وكل شيء فعلت بـه ذلك فقد زندته. والأشعران: جانب الفرج منـها ينبت عليهما الشعر. والشصر، بفتح الصاد والشين: الظبي الشادن.
ر - ش - ض
أهملت.
ر - ش - ط
الشطر: النصف من كل شيء. وشاة شطور، إذا يبس أحد ضرعيها. وقولهم: حلب فلان الدهر أشطره، إذا جرب الأمور، وأصله من الحلب، أي هو يحلب شطرا ثم يحلب الشطر الآخر، وكأن أشطرا جمع شطر في أدنى العدد. ونظرت شطر بني فلان، أي ناحيتهم التي يقصد إليهم منـها. وفي التنزيل: " شطر المسجد الحرام " ، أي نحوه والله أعلم. قال الشاعر:
أقم قصد وجهك شطر العراق ... وخال الخليفة فاستمطر
كنى بالخال عن السحاب الذي يخال فيه المطر. والمحل الشطير: البعيد، وبه سمي الشاطر لتباعده عن الخير. ومنـه:
مليكية جاورت بالحجا ... ز قوما عداة وأرضا شطيرا
والشرط: رديء المال من الإبل والغنم، والجمع أشراط. والشرط: معروف، والجمع شروط وأشراط. وأشرط فلان نفسه لهذا الأمر، أي جعل نفسه علما له. وبه سمي الشرط لأنـهم جعلوا لأنفسهم أعلاما للناس يعرفون بها. قال أوس بن حجر:
فأشرط فيها نفسه وهو معصم ... وألقى بأسباب له وتوكلا
يصف رجلا دلى نفسه من الجبل على نبعة ليأخذها، أي هو متعلق بشيء، يقال: أعصمت بهذا الحبل واعتصمت به، إذا تعلقت به. وأشراط القيامة: علاماتها. والشرطان: نجمان من منازل القمر ولهما نوء ليس بغزير. ويقال: مطرنا بنوء الشرطين وبالأشراط أيضا. قال العجاج:
نوء السماك انقض أو دلوي ... من باكر الأشراط أشراطي

(1/395)

وربما قيل: مطرنا بنوء الشرط، وهو بطن الحمل فيما يزعم النجامون. والشرط أصله الشق، وبه سمي شرط الحجام. والشريط من الخوص من هذا اشتقاقه لأنـه يشق خوصه ثم يفتل، وهو فعيل في موضع مفعول. والشريطة مثل الشرط سواء. وبنو شريط: بطن من العرب.
والطرش ليس بعربي محض، بل هو من كلام المولدين، وهو بمنزلة الصمم عندهم. قال أبو حاتم: لم يرضوا باللكنة حتى صرفوا له فعلا فقالوا: طرش يطرش طرشا.
ر - ش - ظ
أهملت
ر - ض - ع
الرعش: الرعدة، رعش يرعش رعشا ورعشا ورعشانا فهو راعش. وشمر يرعش: ملك من ملوك حمير كان بـه ارتعاش فسمي يرعش.
والشعر: معروف، بتحريك العين وتسكينـها، وتقول العرب: ما شعرت بـه شعرا وشعرة وشعورة. والشاعر سمي شاعرا لأنـه يشعر للكلام. وقولهم: ليت شعري، أي ليتني أشعر بكذا وكذا. والشعير: حب معروف. وشعائر الله: المناسك، وهي أنصاب الحرم، واحدتها شعيرة هكذا يقول أبو عبيدة، والمشاعر التي هي مناسك الحج واحدها مشعر، وهي الأنصاب أيضا.
وأشعرت البدنة، إذا طعنت في سنامـها بمشقص أو سكين لتدمى فيعلم أنـها بدنة.
وشعيرة السيف من فضة أو حديد، وهي رأس الكلب، والكلب: المسمار في قائم السيف. والشعار: كل شيء لبسته تحت ثوب فهو شعار له. وشعار القوم: ما تداعوا بـه عند الحرب من ذكر أب أو أم أو غير ذلك. وأشعر فلان فلانا شرا، إذا غشيه به. وأشعره الحب مرضا، إذا أبطنـه إياه. والشعراء: ضرب من الذباب أزرق. والشعراء أيضا: هذا الخوخ المعروف. والشعيراء: ابنة ضبة بن أد ولدت لبكر بن مر أخي تميم ابن مر ولده، فهم بنو الشعيراء. وقال قوم: بل الشعيراء لقب بكر بن مر نفسه. والشعريان: نجمان، وهما الشعرى العبور والشعرى الغميصاء. قال أبو بكر: إنما سميت الغميصاء لأنـها أقل نورا من العبور، وسميت العبور لأنـها تعبر المجرة، هكذا يقول قوم. وأشاعر الفرس: ما حول حافره من الشعر. وأشاعر الناقة: جوانب حيائها. ويقال: داهية شعراء وداهية وبراء. ومن كلامـهم للرجل إذا تكلم بما ينكر عليه: جئت بها شعراء ذات وبر. والشعرة: العانة. وخف مشعر: مبطن بشعر. وشعر: جبل معروف، غير مصروف. والأشعر والأقرع: جبلان بالحجاز معروفان. ورجل أشعر وامرأة شعراء: كثير الشعر. والشعرور: نبت. وتفرق القوم شعارير شذر مذر، وشعارير قندحرة. وجاء أمية بن أبي الصلت في شعره بالشيتعور، وزعم قوم أنـه الشعير، ولا أدري ما صحته.
وروضة شعراء: كثيرة الشجر. ورملة شعراء: تنبت النصي وما أشبهه. والشرع: الوتر، والجمع شراع وشرع. قال الهذلي:
وعاودني ديني فبت كأنما ... خلال ضلوع الصدر شرع ممدد
وشريعة النـهر ومشرعته: حيث ينحدر إلى الماء منـه، ومنـه سميت شريعة الدين إن شاء الله تعالى لأنـها المدخل إليه، وهي الشرعة أيضا. وأشرع القوم الرماح للطعن، إذا هم صوبوها. ودور شوارع: على نـهج واضح. والشراع، شراع السفينة: معروف. وما لهم بينـهم شرع واحد وشرع واحد، والفتح أعلى، أي هم سواء، وله في المال سهم شرع. وسقى إبله التشريع، إذا أوردها شراع الماء فشربت ولم يستق لها. ومثل من أمثالهم: " أهون السقي التشريع " . والعشر: عقد معروف. والعشر: عشر ذي الحجة. والعشر: جزء من عشرة أجزاء. وأما قولهم: عشرون فمأخوذ من أظماء الإبل، أرادوا عشرا وعشرا وبعض عشر ثالث، فلما جاء البعض جعلوها ثلاثة أعشار فجمعوا عشرين على فعلين فقالوا: عشرين وذلك أن الإبل ترعى ستة أيام وتقرب يومين وترد في اليوم التاسع وكذلك العشر الثاني، فصار العشران ثمانية عشر يوما وبقي يومان من العشر الثالث فأقاموه مقام عشر. والعشر: آخر الأظماء. قال ذو الرمة:
حنين اللقاح الخور حرق ناره ... بجرعاء حزوى فوق أكبادها العشر

(1/396)

وعاشوراء: يوم سمي في الإسلام ولم يعرف في الجاهلية. قال أبو بكر: وليس في كلام العرب فاعولاء ممدودا إلا عاشوراء، هكذا قال البصريون، وزعم ابن الأعرابي أنـه سمع خابوراء، أخبرني بذلك حامد بن طرفة عنـه، ولم يجىء بهذا الحرف أصحابنا، ولا أدري ما صحته. وناقة عشراء، إذا بلغت في حملها عشرة أشـهر وقرب ولادها، والجمع عشار. قال الشاعر:
بلاد رحبة وبها عشار ... يدل بها أخا الركب العشار
وكذا فسروا في التنزيل: " وإذا العشار عطلت " ،قالوا: هي الإبل الحوامل، كذا قال أبو عبيدة والله أعلم. وعشر الحمار تعشيرا، إذا نـهق عشرا في طلق واحد. وعشيرة الرجل: بنو أبيه الأدنون الذي يعاشرونـه، وهكذا ذكر أصحاب المغازي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أنزل عليه: " وأنذر عشيرتك الأقربين " قام فنادى: يا بني عبد مناف. وعشير الرجل: امرأته التي تعاشره في بيته، وهو عشيرها أيضا. ولك عشر هذا المال وعشيره ومعشاره. والعشر: نبت معروف. وأعشار الجزور: أنصباؤها إذا قسمت بين الناس. وعشر الجزار خيرة اللحم، إذا أخذ منـه أطايبه. وذو العشيرة: موضع معروف غزاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وبنو العشراء: قوم من العرب في غطفان لهم حديث لا أستجيز ذكره. وقدر أعشار: عظيمة، وقد فسروا بيت امرىء القيس:
وما ذرفت عيناك إلا لتضربي ... بسهميك في أعشار قلب مقتل
قال البصريون: أراد أن قلبه كسر ثم شعب كما تشعب القدر. وقال آخرون: بل أراد أن قلبه قسم أعشارا كأعشار الجزور فضربت بسهميها فخرج الثالث وهو الرقيب فأخذت ثلاثة أنصباء ثم ثنت فخرج السابع وهو المعلى فأخذت سبعة أنصباء فاحتازت قلبه أجمع، وهو أحسن التفسيرين. وفلان حسن العشرة والمعاشرة.
والعرش: السرير. والعريش: ظلة من شجر أو نحوه، والجمع عرش. والعرشان من الفرس: آخر شعر العرف. ويقال: ثلت عروش بني فلان، إذا تشتتت أمورهم. ويقال: ضربه فثل عرشيه، إذا قتله. قال ذو الرمة:
وعبد يغوث تحجل الطير حوله ... وقد ثل عرشيه الحسام المذكر
ويروى عرشيه " أيضا. وبئر معروشة، إذا طرح عليها خشب يقف عليه الساقي. فيشرف عليها، وربما سميت معروشة أيضا إذا ظللت. قال الشاعر:
ولما رأيت الأمز عرش هوية ... تسليت حاجات الفؤاد بزيمرا
زيمر: اسم ناقته. وعرشت الكرم تعريشا وعرشته عرشا، إذا جعلت تحته خشبا ليمتد عليها، وكرم معروش ومعرش. وعرشان: اسم رجل.
ر - ش - غ
شغر الكلب برجله، إذا رفعها ليبول فهو شاغر، ثم كثر ذلك في كلامـهم حتى قالوا: شغرت أرض بني فلان، إذا لم يكن فيها أحد يحميها ولا يمنع عنـها. وشغر الرجل المرأة للجماع وأشغرها أيضا، إذا رفع رجليها. وفي الحديث: " لا شغار في الإسلام " ، وهو أن يتزوج الرجلان كل واحد منـهما بأخت صاحبه أو بنت صاحبه ليس بينـهما مـهر، وكان من فعل أهل الجاهلية. والشغرور: نبت، زعموا. وتفرق الفوم شغر بغر، وقالوا شغر بغر. والشاغرة: موضع.
والشرغ، بفتح الشين وكسرها: الضفدع الصغيرة، والجمع شروغ والغرش: لغة يمانية، زعموا أنـه ثمر شجر، ولا أحقه.
ر - ش - ف
رشفت الماء أرشفه وأرشفه رشفا، إذا استقصيت شربه من الإناء حتى لا تدع فيه شيئا، والماء مرشوف ومرتشف، وكذلك رشف الريق، يقال: رشف الرجل ريق المرأة رشفا.
والشفر من قولهم: ما بالدار شفر، أي ما بها أحد، ولا يكادون يقولون ذلك إلا في النفي.
والشفر: منبت شعر الجفن، والجمع أشفار. وشفير كل شيء: حرفه، شفير النـهر وشفير البئر، وشفير الوادي وكذلك شفر الفرج: حروف أشاعره. وشفار: موضع. وشفرة السيف: حده والشفرة: السكين أيضا، ويسمى إزميل الحذاء شفرة. ومشفر البعير ومشفره أيضأ مثل الجحفلة من الفرس والشفة من الإنسان. ويربوع شفاري، وهو الذي على أذنـه شعر.

(1/397)

والشرف والشريف: موضعان بنجد. والشرف: علو الحسب. وشرف الإنسان: أعلى جسمـه. والرجل شريف، والذي دونـه لا حسب له مشروف. والرجل الأشرف: الطويل الأذنين، وبه سمي الرجل أشرف. وناقة شرافية: مرتفعة عالية. وناقة شارف: مسنة. وشراف: موضع معروف. وشرفت القصر وغيره، إذا جعلت له شرفا. وأذن شرافية وشفارية، إذا كانت عالية طويلة وعليها شعر.
والفرش: مصدر فرشت الفراش أفرشـه فرشا. وافترشت الأرض، إذا اتخذتها فراشا، وافترش الرجل المرأة كذلك. والفريش من الخيل: التي يحمل عليها بعد نتاجها بسبعة أيام، والجمع الفرائش، قال الأصمعي: وهو خير أوقاتها في النتاج. قال ذو الرمة:
باتت يقحمـها ذو أزمل وسقت ... له الفرائش والسلب القياديد
يصف آتنا، وسقت: جمعت الماء في رحمـها، والسلب: جمع سلوب، وهي التي فقدت ولدها، والفريش في الخيل والحمير سواء. والفرش من الإبل: صغارها التي لا يحمل عليها، الواحد والجمع فيه سواء. وكذلك فسر في التنزيل في قوله جل وعز: " حمولة وفرشا " ، والله أعلم.
والفراش: جمع فراشة، وهي دويبة تطير بالليل فتسقط في النار. وفي الحديث: " فيتتابعون تتابع الفراش في النار " . وفراش الرأس: عظام رقاق متداخلة في مقدمـه تحت الجبهة والجبينين. قال النابغة:
تطير فضاضا بينـهم كل قونس ... ويتبعها منـهم فراش الحواجب
والفرش: الفضاء الواسع من الأرض. والمفارش: النساء، ويقال: فلان كريم المفارش، إذا تزوج كرائم النساء. والمفارش أيضا: كل ما افترشته. وفراشة القفل أحسبها عربية صحيحة، وقد سموها المنشب. وأكمة مفترشة الظهر، إذا كانت دكاء، وكذلك الناقة، وجمل مفترش الظهر: لا سنام له. وما بقي من الغدير إلا فراشة، أي ماء قليل.
ر - ش - ق
الرشق: مصدر رشقت بالنبل رشقا، بفتح الراء. والرشق، بكسر الراء: السهام بعينـها التي يرشق بها. وغلام رشيق: خفيف الجسم لبق، والمصدر الرشاقة. وأرشقت الظبية، إذا مدت عنقها، وأرشقت المرأة، إذا تابعت نظرها، والمرأة والظبية مرشقتان، والجمع مرشقات ومراشق. ورشقه بالكلام، كأنـه رماه بـه كالرمي بالنبل.
والرقش: النقش، حية رقشاء: فيها ألوان من سواد وحمرة وغيرهما، والإسم الرقشة والرقش. ورقش فلان الكلام، إذا تم وكذب. قال رؤبة:
عاذل قد أولعت بالترقيش
إلي سرا فآطرقي وميشي
ورقش كلامـه أيضا، إذا زوره. وتسمى شقشقة البعير رقشاء لما فيها من اختلاف الألوان. قال الراجز:
وهو إذا جرجر بعد الهب ... جرجر في رقشاء مثل الحب
ويروى: في شقشقة كالحب. وسميت المرأة رقاش، معدولة عن راقشة، وفي العرب بطون ينسبون إلى رقاش، وهن أمـهاتهم، في بكر بن وائل بنو رقاش، وفي كلب رقاش، وأحسب أن في كندة بطنا أيضا يقال لهم بنو رقاش. والذين بالبصرة من بكر بن وائل بنو رقاش.
والرقشاء: دويبة تكون في العشب شبيهة بالحمطوط فيها حمرة وصفرة، قال أبو بكر: الحمطوط: دودة منقوشة مليحة. والمرقشان الشاعران كلاهما من بني قيس بن ثعلبة، وإنما سمي الأكبر منـهما بقوله:
الدار قفر والرسوم كما ... رقش في ظهر الكتاب قلم
والشقرة في الإنسان: حمرة تعلو البياض، والشقرة في الخيل: حمرة صافية يحمر معها السبيب والمعرفة والناصية، الذكر أشقر والأنثى شقراء. والشقرة: نور أحمر شبيه بالشقائق، أو هو هو. قال الشاعر:
وتساقى القوم كأسا مرة ... وعلا الخيل دماء كالشقر
وبنو شقرة: بطن من بني عمرو بن تميم، وأبوهم الحارث ابن مازن بن عمرو بن تميم، وإنما سمي الحارث الشقر بقوله:
وقد أحمل الرمح الأصم كعوبه ... بـه من دماء القوم كالشقرات

(1/398)

فسمي شقرة. وبنو شقرة أيضا: بطين أحسبهم من بني ضبة. والأشاقر: بطن من العرب كانت أمـهم تسمى الشقيراء، وأبوهم أسعد بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم، منـهم كعب بن معدان الأشقري الشاعر، ومن مواليهم شعبة بن الحجاج المحدث.
والشقارى: نبت، وقالوا الشقارى بالتشديد، وقالوا الشقار. ويقال: خبرته بشقوري، أي بحالي وأمري. ويقال: جاء فلان بالشقر والبقر، ويقال بالشقارى والبقارى، إذا جاء بالكذب.
وقد سمت العرب أشقر وشقران وشقيرا. والمشقر: حصن بالبحرين قديم وله حديث.
والمشاقر: منابت أحرار البقل، النصي وما أشبه ذلك، الواحد مشقر.
والشرق ضد الغرب، والمشرق ضد المغرب، والمشرقان: مطلع الشتاء ومطلع الصيف، والمشارق: مطالع الشمس كل يوم حتى تعود إلى المطلع الأول في الحول. وشرقت الشمس، إذا طلعت، وأشرقت، إذا امتد ضوءها. ويقال: " لا أفعل ذلك ما ذر شارق " ، أي ما طلع قرن الشمس. والشارق: صنم كان في الجاهلية، وبه سمت العرب عبد الشارق، هكذا يقول ابن الكلبي. وشريق: اسم أيضا. وشرق الرجل يشرق شرقا، إذا اغتص بالماء. قال عدي بن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري
الاعتصار: النجاة. والمشرقة، بضم الراء وفتحها: الموضع الذي يستدرى فيه من الريح وتطلع فيه الشمس، وقال في الإملاء: حيث يقعد المتشرق في الشمس. قال الشاعر:
تريدين الطلاق وأنت عندي ... بعيش مثل مشرقة الشتاء
ويروى: مثل مشرقة الشمال. ومشريق: موضع، وقال سيبويه: مشريق آلة من آلة الباب.
والمشرق: المصلى. قال أبو ذؤيب:
حتى كأني للحوادث مروة ... بصفا المشرق كل يوم تقرع
وأيام التشريق التي بعد الأضحى إنما سميت بذلك لأنـهم كانوا يشرقون اللحم فيها، أي يبسطونـه ليجف. وشرق الثوب بالصبغ، إذا احمر فاشتدت حمرته. ولطمـه فشرق الدم في عينـه، إذا احمرت واشرورقت. وذكر الأصمعي أن رجلا لطم رجلا فاشرورقت عينـه واغرورقت فقدم إلى شريح أو إلى الشعبي فقال:
لها أمرها حتى إذا ما تبوأت ... بأخفافها مأوى تبوأ مضجعا
يقول إنـه لا يحكم فيها حتى ينظر إلى ما يصير أمرها. والأشراق: جمع شرق، والإشراق: المصدر. وناقة شرقاء، إذا شقت أذنـها بنصفين طولا، وكذلك شاة شرقاء.
والقرش: الجمع، تقرش القوم، إذا تجمعوا، وبه سميت قريش لتجمعها. قال أبو بكر: وقد كثر الكلام في هذا فقال قوم: قريش دابة من دواب البحر، وقال آخرون: سميت قريش بقريش بن يخلد بن غالب بن فهر وكان صاحب عيرهم فكانوا يقولون: قدمت عير قريش وخرجت عير قريش، وقال قوم: سميت قريشا لأن قصيا قرشـها أي جمعها، فلذلك سمي قصي مجمعا: قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب:
أبونا قصي كان يدعى مجمعا ... بـه جمع الله القبائل من فهر
وقال أيضا:
نحن كنا سكانـها من قريش ... وبنا سميت قريش قريشا
وقال آخرون: تقرش الرجل، إذا تنزه عن مدانس الأمور. ويقال: تقارشت الرماح في الحرب، إذا تداخل بعضها في بعض. قال أبو زبيد:
إما تقارش بك الرماح فلا ... أبكيك إلا للدلو والمرس
وقد سمت العرب قريشا ومقارشا.
والقشر: مصدر قشرت الشيء أقشره قشرا، إذا انتزعت عنـه قشره. ورجل قاشور: مشؤوم، ومثل من أمثالهم: " أشام من قاشر " ، وهو فحل من الإبل، وله حديث. ورجل أقشر، إذا أفرطت حمرته حتى ينقشر جلده، وامرأة قشراء كذلك. والأقيشر: لقب شاعر معروف.
وبنو قشير: قبيلة من العرب معروفة. وسنة قاشورة: مجدبة لا خير فيها. قال الراجز:
فآبعث عليهم سنة قاشوره
تحتلق المال احتلاق النوره
ر - ش - ك
الشكر من قولهم: الشكر لله، وشكرت لك النعمى، ولا يكادون يقولون: شكرتك.

(1/399)

وبنو شاكر: قبيلة من همدان. وبنو شكر: بطن من الأزد. وبنو يشكر: بطن من بكر بن وائل. وشوكر: اسم من أسمائهم، الواو زائدة، واشتقاقه من الشكر. والشكير: ما نبت من العشب تحت ما هو أعلى منـه فلا يزال ضعيفا. والشكير أيضا: الشعر الصغار في معرفة الفرس. والشكير أيضا: شعر ينبت خلال الشيب ضعيفا. قال الراجز:
الآن إذ لاح بك القتير
والرأس قد صار له شكير
ونام لا يحذرك الغيور
واشتكر ضرع الناقة، إذا امتلأ لبنا، ويقال: أشكر أيضا. وربما استعير ذلك للسحاب فيقال: اشتكرت السحابة، إذا كثر ماؤها. والشكر: بضع المرأة. قال الشاعر:
وبيضاء المعاصم إلف لهو ... خلوت بشكرها ليلا تماما
واختصم رجل وامرأة إلى يحيى بن يعمر فقال يحيى للرجل: " أأن سألتك ثمن شكرها وشبرك أنشأت تطلها وتضهلها " قوله تطلها: تمطلها، وتضهلها: تعطيها قليلا قليلا. ويقال: بئر ضهول، إذا كانت قليلة الماء، وكذلك ناقة ضهول، إذا قل لبنـها. وامرأة شكور: يستبين عليها أثر الغذاء سريعا، وكذلك الفرس.
والشرك: مصدر شركت الرجل في ماله أشركه شركا. وشارك فلان فلانا شرك عنان أو شرك مفاوضة، فالعنان في صنف من المال بعينـه، والمفاوضة في جميعه. قال الشاعر:
أبى ابن كزمان كعب أن يصاهره ... مسكان شرك عنان وهو أسوار
الأسوار بالفارسية: الفارس. وشريك الرجل ومشاركه سواء. والإشراك بالله جل وعز: مصدر أشرك إشراكا، وهو أن يدعو لله شريكا، تبارك ربنا وتعالى. وشراك النعل: معروف، والجمع شرك، وشركت النعل تشريكا، وقال قوم: أشركتها إشراكا، وليس بالعالي. والشراك: الطريق الدقيق ينشعب عن جادة، والجمع شرك. وشرك الصائد: حبالته، الواحدة شركة، والجمع شرك أيضا. وقد سمت العرب شريكا وشريكا، وهو أبو بطن منـهم. وبنو شريك بن مالك بن عمرو بن مالك بن فهم، منـهم مسدد بن مسرهد، ومن مواليهم مقاتل بن سليمان.
والكرش لنوات الأربع من الخف والظلف مثل المعدة للإنسان، والجمع أكراش وكروش.
وكرش الرجل: وعاء يحفظ فيه نفيس متاعه. وفي حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " الأنصار كرشي وعيبتي " ، أي الذين أطلعهم على أسراري، ووجه الحديث: كرشي، أي مددي، أي الذين استمدهم لأن الخف والظلف يستمد الجرة من كرشـه. وتكرش القوم، إذا تجمعوا. وكرش فلان وجهه، إذا قبضه. وكرشان بن الآمري بن مـهرة بن حيدان بن آلحاف بن قضاعة: أبو قبيلة من العرب. ونزل بنا أكراش من الناس، أي جماعات. فأما الأكارس فالجماعات، لا واحد لها من لفظها، بالسين غير معجمة. والكرشة أيضا: ضرب من النبت.
والكشر أن يبدي الرجل ثناياه وأنيابه ورباعياته ضاحكا أو متغيظا. قال الشاعر:
فما ظنكم بآبن الحواري مصعب ... إذا افتر يوما كاشرا غير ضاحك
ر - ش - ل
أهملت.
ر - ش - م
الرشم فارسي معرب، وقد أعرب فقيل روشم وروسم.
والرمش: اللمس باليد أو التناول بأطراف الأصابع، رمشته أرمشـه وأرمشـه رمشا، إذا تناولته بأطراف أصابعك. ويقلب أيضا فيقال: مرشته أمرشـه مرشا.
والشمر: التبختر، شمر يشمر شمرا، إذا مر متخايلا. وشمر في أمره تشميرا، إذا جد.
وشمر من ثيابه، إذا قبضها إليه. وشمر أذياله لهذا الأمر، إذا تأهب له. ومنـه رجل شمري، إذا كان جادا في أموره. وقد سمت العرب شمرا ومشمرا. وشمر يرعش: ملك من ملوك حمير.
والشرم: الشق، يقال: شرمت عين الرجل، إذا شققت جفنـه الأعلى. وأبرهة الأشرم الحبشي ملك الحبشة، وهو صاحب الفيل، سمي بذلك لشرم كان بعينـه. وناقة شريم، إذا زندت فشرمت أشاعرها. قال الشاعر:
وناب همة لا خير فيها ... مشرمة الأشاعر بالمذاري
وامرأة شريم: مفضاة. وكل شق في جبل أو صخرة لا ينفذ فهو شريم.
والمرش: التناول بأطراف الأصابع كالقرص، مرشـه يمرشـه مرشا.

(1/400)

والمشر من قولهم: تمشر الرجل، إذا اكتسى وحسنت حاله.
وتمشر العود، إذا أورق. ورجل مشر، بكسر الميم، وهو الشديد الحمرة الأقشر. وبنو المشر: بطن من مذحج. ومشرت الشيء أمشره مشرا، إذا أظهرته. ومنـه قول الشاعر:
فقلت أشيعا مشرا القدر حولنا ... وأي زمان قدرنا لم تمشر
أي لم تظهر. والمشارة: الكردة، وليس بالعربية الصحيحة.
ر - ش - ن
الرشن: أصل بناء فعل الراشن، وهو الذي تسميه العامة الطفيلي، رشن يرشن رشنا ورشونا، ومنـه يقال: رش الكلب في الإناء، إذا أدخل رأسه فيه.
والشنر. أصل بناء الشنير، وهو السيىء الخلق. وبنو شنير: بطن من العرب أحسبهم من بني كنانة. والشنار: أقبح العار. قال الشاعر:
من الخفرات لم تفضح أخاها ... ولم ترفع لوالدها شنارا
والنشر: مصدر نشرت الثوب وغيره أنشره نشرا، ونشرت الحديث، إذا أذعته ونشرت العود بالمنشار نشرا، ووشرته وشرا وأشرته أشرا، في لغة من سمى المنشار منشارا. قال الشاعر:
لقد عيل الأيتام طعنة ناشره ... أناشر لا زالت يمينك آشره
أي مأشورة بالمئشار. قال أبو بكر: وهذا فاعل في موضع مفعول كقوله تعالى: " في عيشة راضية " ، في معنى مرضية. وشممت نشر الطيب، أي رائحته. وما أحسن نشر الأرض، إذا ابتدأ فيها النبت. ونشر الله الميت وأنشره لغتان فصيحتان، والميت منشور ومنشر. وفي التنزيل: " ثم إذا شاء أنشره " . قال الشاعر:
حتى يقول الناس مما رأوا ... يا عجبا للميت الناشر
أي المنشور. ونشرت عن المريض، إذا رقيته حتى يفيق، وهي النشرة. وانتشر الفحل، إذا أنعظ أو رول، والترويل أن يلألىء ولاينعظ. والنشر: الرائحة، وأكثر ما تخص بـه الرائحة الطيبة، وربما سميت الخبيثة أيضا نشرا. والنشر: أن يصيب اليبيس مطر في دبر الصيف فيتفطر بورق، وهو داء إذا أكله المال يصيبه السهام ويهرب الناس منـه بأموالهم. وقد سمت العرب ناشرة، وأحسب اشتقاقه من نشرت الشيء بالمنشار. والنشر: أن ينبت الشعر على الدبر وتحته فساد. قال الشاعر:
وفينا وإن قيل اصطلحنا تضاغن ... كما طر أوبار الجراب على نشر
إذا ما رآني ظل كاسر عينـه ... ولا جن بالبغضاء والنظر الشزر
والنشر: خلاف الطي. قال الشاعر:
والسوق يطويه وينشره
والنشر: النضح إذا صببت الماء من إناء في إناء أو صببت عليك فانتشر، ومنـه حديث الحسن رحمـه الله: " أتملك نشر الماء لا أم لك؟ " .
والنرش زعم بعض أهل اللغة أنـه التناول باليد، نرشـه نرشا، ولا أعرف ذلك. وليس في كلامـهم راء قبلها نون، ولا تلتفت إلى نرجس فإنـه فارسي معرب.
ر - ش - و
الرشو: مصدر رشاه يرشوه رشوا، والاسم الرشوة.
والشور: مصدر شرت العسل أشوره شورا فهو مشور، وأشاره يشيره فهو مشار، واشتاره يشتاره فهو مشتار، وأبى الأصمعي إلا شرته فهو مشور، وأنشد في ذلك:
كأن جنيا من الزنجبي ... ل بات بفيها وأريا مشورا
ورد " أشرت العسل " ، وأنكر بيت عدي بن زيد:
في سماع يأنن الشيخ له ... وحديث مثل ماذي مشار
فأما اشتار يشتار فهو افتعل يفتعل، ولا يوضح أمن فعل هو أو من أفعل. والشوار: متاع البيت. والشوار: الفرج. وشور: والد قعقاع بن شور الذي يضرب بـه المثل فيقال: " جليس قعقاع بن شور " ، وهو رجل شريف. ومشوار الدابة: الموضع الذي يعرض فيه.
والشرو: أصل بناء قولهم: هذا شروى هذا، أي مثله. قال الحارث بن حلزة:
وإلى ابن مارية الجواد وهل ... شروى أبي حسان في الإنس
والوشر من قولهم: أسنان موشرة حسنة الوشر، وهو التحزيز في أطرافها، وأحسب أن أصله من قولهم: وشرته بالميشار وشرته.
ر - ش - ه
الرهش من قولهم: رجل رهيش العظام، إذا كان دقيقها قليل اللحم عليها. والرواهش واحدها راهش، وهو عصب باطن الذراع. قال الشاعر:

(1/401)

وأعددت للحرب فضفاضة ... دلاصا تثنى على الراهش
وسهم رهيش: مرهف رقيق. قال امرؤ القيس:
برهيش من كنانته ... كتلظي الجمر في شرره
يريد أن هذا السهم قد أرقه بالمبرد وهو الضئيل، يعني الرهيش.
والشـهر: معروف. وشـهرت السيف، إذا انتضيته. وشـهرت الحديث، إذا أظهرته. ورجل شـهير ومشـهور بخير أو شر: نبيه. وقد سمت العرب شـهرا وشـهيرا ومشـهورا وشـهران وهو أبو قبيلة من العرب من خثعم. والأشاهر: بياض النرجس، هكذا قال أبو حاتم.
والشره: النـهم، رجل شره وامرأة شرهة.
والهشر: خفة الشيء ورقته، ومنـه اشتقاق الهيشر، وهو نبت ضعيف، الياء منـه زائدة.
والهرش من تهارش الكلاب، تهارشت تهارشا واهترشت اهتراشا. قال الراجز:
كأنما دلالها على الفرش
من آخر الليل كلاب تهترش
وقد سمت العرب هراشا ومـهارشا.
ر - ش - ي
الرشي أصل قولهم: ترشيت الرجل ورشيته، إذا لاينته ترشية وترشيا.
والريش: معروف، ومنـه رشت السهم أريشـه ريشا، إذا جعلت له قذذا. ومثل من أمثالهم: " فلان لا يريش ولا يبري " ، معناه: لا ينفع ولا يضر. وتريش الرجل، إذا حسنت حاله.
وراشني فلان يريشني ريشا، إذا استبانت منـه عليك حال حسنة. والرياش: الحال الجميلة، وقد قرىء: " وريشا " و " ورياشا " أيضا. وأعطاه مائة بريشـها، اختلف في هذا المعنى فقال الأصمعي: بريشـها: برحالها، وقال أبو عبيدة: كانت الملوك إذا حبت حباء جعلوا في أسنمة الإبل ريشا ليعرف أنـه حباء الملك.
والشير من قولهم: فلان صير شير، إذا كان حسن الصورة والشارة، وأصله الياء.
والشري: ورق الحنظل. والشريان: ضرب من الشجر يتخذ منـه القسي. قال الراجز:
شريانة تمنع بعد لين
وشري جلده يشرى شرى شديدا، إذا ظهرت فيه حدور، أي آثار وبثور. وشري الرجل في الأمر يشرى فيه، إذا لج. وبه سمي الشاري في قول قوم، وهو أقبح القولين عندهم.
والشراة تقول إنما تسموا بذلك لأنـهم شروا أنفسهم لله تعالى، أي باعوها، ومن ذلك شري السحاب، إذا دام مطره كأنـه لج في المطر، وهذا يرجع إلى القول الأول. والشرى: الناحية، مقصور، والجمع أشراء. قال الشاعر:
لعن الكواعب بعد يوم صرمنني ... بشرى الفرات وبعد يوم الخندق
وقال الشاعر:
لقد شعلت كل شرى بنار
أي كل ناحية.
ويقال: أشر الشيء، إذا أظهر. قال امرؤ القيس:
تجاوزت أحراسا إليها ومعشرا ... علي حراصا لو يشرون مقتلي
ويروى: يسرون، بالسين. وقال كعب بن جعيل:
وما برحوا حتى رأى الله فعلهم ... وحتى أشرت بالأكف المصاحف
وللراء والشين والياء مواضع تراها في الاعتلال إن شاء الله تعالى.
باب الراء والصاد
مع ما بعدهما من الحروف
ر - ص - ض
أهملت.
ر - ص - ط
الصطر: معروف، بالصاد والسين. والصطر في بعض اللغات: العتود من الغنم، بالصاد والسين.
والصراط: معروف، بالصاد والسين.
والمسرط: مسرط الطعام، بالسين والصاد، والسين أعلى.
والطرس: الكتاب، بالسين والصاد.
ر - ص - ظ
أهملت.
ر - ص - ع
الرصع: الضرب باليد. والرصائع: حلية السيف إذا كانت مستديرة، الواحدة رصيعة، وكل حلقة في حلية سيف أو سرج أو غير ذلك مستديرة فهي رصيعة. قال الشاعر:
ضربناهم حتى إذا اربث جمعهم ... وصار الرصيع نـهية للحمائل
يقول: انكبوا على وجوههم فصارت أجفان السيوف في موضع الحمائل، وقوله: اربث: تفرق، والنـهية: الغاية، وكل شيء انتهيت إليه فهو نـهية. والرصع مثل الرسح سواء، رجل أرصع وامرأة رصعاء، وهو خفة المؤخر. قال جرير:
ورصعاء هزانية يخلق ابنـها ... لئيما إذا ما جن في اللحم والدم
والرصع: فراخ النحل، الواحدة رصعة، بسكون الصاد. والرصع: الطعن الشديد، يقال: رصعه بالرمح وأرصعه، وهو شدة الطعن. قال الراجز:
وخزا إلى النصف وطعنا أرصعا

(1/402)

وفوق أغياب الكلى وكسعا
والرعص: الضرب، من قولهم: رعصه، إذا ضربه، وضربه حتى ارتعص، أي التوى من شدة الضرب. وارتعصت الحية، إذا التوت. قال الراجز:
إلا ارتعاصا كارتعاص الحيه
على شرا سيفي ومنكبيه
وارتعص الجدي، إذا طفر نشاطا، وأحسب أن هذا مقلوب عن اعترص الفرس وارتعص، وهما واحد. وارتعص الرمح ارتعاصا، إذا اشتد اهتزازه. قال أوس بن حجر:
أصم ردينيا كأن كعوبه ... نوى القسب عراصا مزجا منصلا
والرعص شبيه بالنفض من قولهم: رعصت الريح الشجرة، إذا نفضت أغصانـها.
والصعر: داء يصيب الإبل فتلتوي منـه أعناقها، وبه سمي المتكبر أصعر. وتصاعر الرجل وتصعر، إذا لوى خده من الكبر. وذكر أبو عبيدة أن من هذا قوله عز وجل: " ولا تصغر خدك للناس " . وقد سمت العرب أصعر وصعيرا وصعران. وصعير بن كلاب: أحد فرسان العرب المذكورين. قال مـهلهل:
عجبت أبناؤنا من فعلنا ... إذ نبيع الخيل بالمعزى اللجاب
علموا أن لدينا عقبة ... غير ما قال صعير بن كلاب
اللجاب: واحدها لجبة، بسكون الجيم، وهي التي قد ارتفع لبنـها، وإنما سكنوا في الجمع لجبات لأنـها صفة. والمعزى لا واحد لها من لفظها، ومعز، بسكون العين: جمع ماعز مثل صاحب وصحب. ويقال أيضا: اللجاب من قولهم عنز لجبة: قريبة العهد بالنتاج. وهذه الكلمة لصعير بن كلاب لما جاءهم مـهلهل يسألهم مرعى وهم في المـهادنة التي كانت بينـهم فقال صعير: " والله لا نرعيهم حتى يبيعوا المـهرة الشوهاء بالعنز اللجبة، الشوهاء من كل شيء: القبيحة إلا من الخيل فإنـها الحسنة منـها، وقالوا: هي الواسعة الأشداق، فقال مـهلهل حيئنذ هذه الأبيات. والصعرور: صمغ شجر يستطيل ويلتوي، والجمع صعارير. قال الشاعر:
إذا أورق العوفي جاع عياله ... ولم يجدوا إلا الصعارير مطعما
ويقال: ضربه فاصعنرر، أي التوى من الوجع، وتسمى دحروجة الجعل صعرورة، وليس بثبت قال الراجز:
يبعرن مثل الفلفل المصعرر
والصرع: مصدر صرعت الرجل أصرعه صرعا، فهو صريع ومصروع.
ورجل صريع، إذا كان حاذقا بالصراع. ورجل صرعة، إذا كان كذلك، بفتح الراء، فإذا قلت: رجل صرعة، فهو الذي يصرعه كل من صارعه. والمصاريع: الأبواب، واحدها مصراع، ولا يكون الباب مصراعا حتى يكون اثنين، ومن ذلك قيل: مصراع الشعر، لأنـه نصف بيت فشبه مصراع الباب به. والصرعان، بكسر الصاد وفتحها: الغداة والعشي. تقول: ما أراه الصرعين، أي غدوة وعشية.
والعرص من قولهم: عرص البرق يعرص عرصا وعرصا، وارتعص ارتعاصا، وهو اضطرابه في السحاب فالبرق عراص، وربما سمي السحاب عراصا لاضطراب البرق فيه.
وعرصة الدار: ما لا بناء فيه، والجمع عرصات وعراص. والعرص: خشبه توضع في وسط سقف البيت ويوضع عليها أطراف الخشب. والعرص: النشاط. ولحم معرص: لم يستحكم نضجه.
والعصر: الدهر.
والعصر: الملجأ، وهو المعتصر أيضا. قال الشاعر:
وصاحبي وهوة مستوهل زعل ... يحول بين حمار الوحش والعصر
وكل ما التجأت إليه من شيء فهو عصر ومعتصر وعصرة. قال عدي بن زيد:
لو بغير الماء حلقي شرق ... كنت كالغصان بالماء اعتصاري
وبنو عصر: بطن من العرب من عبد القيس. وذكر أبو عبيدة أن قوله تعالى: " فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " ، قال: ينجون من الجدب. وعصارة كل شيء: ما سال منـه إذا عصر، وليست العصارة بالثجير كما تقول العامة. قال الشاعر:
والعود يعصر ماؤه ... ولكل عيدان عصاره
ووصف بعض العرب رجلا فقال: والله ما كان لدنا فيعتصر ولا كان هشا فيكتسر.
والعصران: الغداة والعشي. وجارية معصرة ومعصر أيضا، والجمع معاصر، وهي التي قد جاوزت حد الكاعب، والجمع أيضا معصرات. قال الراجز:
جارية بسفوان دارها
تمشي الهوينا مائلا خمارها

(1/403)

معصرة أو قد دنا إعصارها
وقال الآخر:
قل لأمير المؤمنين الواهب
أوانسا كالربرب الربائب
من ناهد ومعصر وكاعب
والمعصرات: السحاب لأن الناس ينجون بسببها من الجدب، ومنـه قوله تعالى: " وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا " هكذا يقول أبو عبيدة، والله أعلم. والإعصار: غبار يثور من الأرض فيتصاعد في السماء، والجمع أعاصير، هكذا فسر قوله تعالى: " فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت، هكذا يقول أبو عبيدة، والله أعلم. وعوصرة: اسم الواو فيه زائدة، وهو من العصر. وسميت صلاة العصر لأنـها تصلى في أحد العصرين، وهو آخر النـهار. وقالوا: صلاة العصر وصلاة العصر. أخبرنا أبو عثمان الأشنانداني قال: سمعت الأخفش يقول: كنت عند الخليل فسأله رجل عن حد الليل فقال: من ندأة الشفق إلى ندأة الفجر.
ر - ص - غ
الرصغ والرسغ، بالصاد والسين: رسغ الدابة وغيره، وهو موصل الوظيف بالحافر من ذوات الأربع، ومن الناس موصل الكف بالذراع. والرساغ: حبل يشد في رسغ الدابة إلى وتد أو غيره، وكذلك في الرجلين، وهو الرساغ، بالسين والصاد أيضا. ورصاغ، بالصاد والسين: موضع.
والصغير: خلاف الكبير، والمصدر منـه الصغر. والصغار: الذل. والأصغر: خلاف الأكبر، وجمع أصغر أصاغر، وجمع صغير صغار. وقد سمت العرب صغران.
ر - ص - ف
الرصف والرصف جميعا: كل شيء ثنيت بعضه على بعض أو ضممت بعضه إلى بعض، وكل شيء فعلت بـه ذلك فقد رصفته. وكذلك تراصف الصخر في البناء والجبل، إذا تلاصق بعضه ببعض. والرصاف: العقب الذي يشد على فوق السهم. والرصفة والرصفة: عقبة تشد على عقبة تشد بها حمالة القوس العربية إلى عجسها. قال أبو بكر: الحمالة إنما تكون للقوس العربية، وهي مثل حمائل السيف، فأما سائر القسي فلا يكون لها حمالة. والرصاف: موضع معروف. والرصافة أيضا: موضع معروف. والرصاف: حجارة بيض ينضم بعضها إلى بعض يجري عليها الماء.
والصفر: حية تكون في البطن تعدي. وفي الحديث: " لا عدوى ولا هامة ولا طيرة ولا صفر " . قال الشاعر:
لا يتأرى لما في القدر يرقبه ... ولا يعض على شر سوفه الصفر
قوله يتأرى: يتحبس، ومنـه آري الدابة، والعدوى: أن يعدي الداء من واحد إلى واحد، والطيرة: ضد ما يتيمن به، يقال من ذلك: تطير الرجل تطيرا وطيرة، ومن العدوى أعداه إعداء، والاسم العدوى. والصفر: الحية المعروفة. والصفر: هذا الجوهر الذي تسميه العامة الصفر. والصفر، بكسر الصاد: الشيء الفارغ، صفر يصفر صفرا فهو صفر كما ترى. قال الشاعر:
وأفلتهن علباء جريضا ... ولو أدركنـه صفر الوطاب
والصفار: يبيس البهمى. قال أبو دواد:
فبتنا قياما لدى مـهرنا ... ننزع من شفتيه الصفارا
ويروى: عراة. قال أبو بكر: قال الأصمعي: قوله فبتنا عراة يريد تأزرنا وتشددنا. وقال آخرون: عراة: أصابهم العرواء، أي الزمع، هؤلاء كانوا في الرهان، وقال بعضهم: أخذهم العرواء من الرهان. ويقال: ما بالدار صافر، أي ما بها أحد. ومن أمثالهم: " أجبن من صافر " ، وله تفسيران، وليس هذا موضعه. والصفير: صوت المكاء والصقر وما أشبههما.
ومرج الصفر: موضع. والصفران: شـهران من السنة سمي أحدهما المحرم في الإسلام.
والصفرة: لون معروف. والصفاري: ضرب من الطير. والأصفر: الأسود، والعرب تسمي الواد صفرة. قال الشاعر - الأعشى:
تلك خيلي منـه وتلك ركابي ... هن صفر أولادها كالزبيب
يقوله الأعشى لقيس بن معد يكرب. قال أبو بكر: فهذا يدلك أنـهم يسمون الأسود أصفر.
وتنسب الروم إلى الأصفر فيقال: بنو الأصفر. والصفرية: قوم من الحرورية سموا بذلك لأنـهم أصحاب عبد الله بن صفار صاحب الصفرية، من هذا اشتقاق اسم أبيه. ويقال: رجل صفر اليد وامرأة صفر اليد، إذا خلت أيديهما من الخير. ويقال: هذه جرادة صفراء، إذا لم يكن في بطنـها بيض. قال الشاعر:
كأن جرادة صفراء طارت ... بأحلام الغواضر أجمعينا

(1/404)

والصرف من قولهم: لا يقبل الله منـه صرفا ولا عدلا، فقال بعض أهل اللغة: الصرف: الفريضة، والعدل: النافلة، وقال آخرون: الصرف: الوزن، والعدل: الكيل. والصريف: اللبن إذا سكنت رغوته. قال الراجز:
لم يغذها مد ولا نصيف
ولا تميرات ولا تعجيف
لكن غذاها اللبن الخريف
المحض والقارص والصريف
وقال بعض أهل اللغة: لا يسمى صريفا حتى ينصرف بـه عن الضرع. والصريف: صريف الفحل من الإبل بنابه حتى يسمع له صوت. قال النابغة:
مقذوفة بدخيس النحض بازلها ... له صريف صريف القعو بالمسد
وقال بعض أهل اللغة: صريف الفحل: تهدده.
وصريف الناقة إعياء، وربما كان أينا وربما كان نشاطا. ويقال: عنز صارف، إذا أرادت الفحل، وزعم قوم أن هذه الكلمة مولدة. والصراف: بياع الدراهم، وهو الصيرفي أيضا. قال الشاعر:
تنفي يداها الحصى في كل هاجرة ... نفي الدراهيم تنقاد الصياريف
ورجل صيرف: متصرف في الأمور مجد فيها. قال الشاعر:
قد كنت خراجا ولوجا صيرفا ... لم تلتحصني حيص بيص لحاص
اللحاص: الضيق، وتلتحصني: تفتعلني منـه، وحيص بيص: كلمتان تقالان يومأ بهما إلى الضيق وما لا يتخلص منـه. يقول: لم تضق علي الأمور. والصرف: صبغ أحمر. قال الأصمعي: هو الصبغ الذي تصبغ بـه شرك النعال. قال الشاعر:
كميت غير محلفة ولكن ... كلون الصرف عل بـه الأديم
يعنى فرسا، يقول: لونـها غير مشكل على من رآه فلا يحلف عليه. وقال أيضا: المحلفة: التي يشك فيها فيحلف هذا أنـها كميت ويحلف هذا أنـها ليست كذلك. وقد يسمى الدم صرفا تشبيها بذلك. قال الشاعر:
شامذا تتقي المبس عن المر ... ية كرها بالصرف ذي الطلاء
وإنما يصف حربا، ألا تراه يقول قبل هذا:
أصبحت حربنا وحرب بني الحا ... رث مشبوبة بأغلى الدماء
إنما أراد أن الناقة تحلب لبنا، وهذه الحرب تحلب دما، والصرف: الدم، والطلاء: الدم بعينـه.
وصرف الدهر: تقلبه، والجمع صروف. قال الراجز:
ونجذتني هذه الصروف
عزوزها والثرة الصفوف
يروى: الصفوف والضفوف بالصاد والضاد. وهذا مثل، يقول: " تصرف بي الدهر في شدته ورخائه " ، والعزوز: الضيقة الأحاليل من النوق والغنم، والثرة: الغزيرة. وهذا مثل.
والصرفان: تمر معروف. وزعم قوم أن الرصاص يسمى صرفانا، ولا أدري ما أقول فيه. وأنشدوا بيت الزباء:
أجندلا يحملن أم حديدا
أم صرفانا باردا شديدا
وقد سمت العرب مصرفا وصارفا. والصرفة: نجم من منازل القمر.
والفرص: القطع بالمفراص، والمفراص: حديدة عريضة يقطع بها الحديد، وقال قوم: بل هو إشفى عريض الرأس تخصف بـه النعال يستعمله الحذاءون وغيرهم. قال الشاعر:
وأدفع عن أعراضكم وأعيركم ... لسانا كمفراص الخفاجي ملحبا
الخفاجي: منسوب إلى حي من بني عامر بن صعصعة. والفرصة: قطعة صوف أو قطن.
وفي الحديث: " خذي فرصة ممسكة " . وفراص: أبو بطن من العرب. والفرصة من قولهم: انتهز فلان فرصته، أي اغتنمـها عند إمكانـها. والفريصة: لحمة في مرجع الكتف ترعد عند الفزع، والجمع فرائص، وقد قالوا: فراص، كأنـه جمع فرصة.
؟ر - ص - ق ال: شبيه بالنقزان من النشاط، ي ا، وهو من أحد المصادر التي جاءت على فعل فعلا، وهي ستة أو سبعة: ا، ورفض رفضا، وطرد طردا، وحلب حلبا، وقنص قنصا، وجلب جلبا، وطلب طلبا، وهرب هربا. وأ الرجل بعيره إرقاصا، إذا حمله على الخبب، وكذلك روي بيت حسان بن ثابت:
بزجاجة ت بما في قعرها ... القلوص براكب مستعجل
ومن روى: القلوص فقد أخطأ.

(1/405)

 




[قسمت نهم ولما]

نویسنده و منبع | تاریخ انتشار: Wed, 07 Nov 2018 11:35:00 +0000



قسمت نهم ولما

نشانـه های جادو و راهکارهای قرآنی به منظور باطل «سحر و ...

متاسفانـه رواج افراد ساحر و جادوگر و طلسم نویس درون سطح جامعه باعث روی آوردن افراد بی دین و ضعیف ایمان بـه این افراد شده است. قسمت نهم ولما متاسفانـه شاهد بروز نشانـه های بدی از رواج سحر و جادو درون بین جامعه ایرانی هستیم. قسمت نهم ولما بسیـاری از مردم و علی الخصوص زنان بـه دلیل حسادت نسبت بـه افراد، قسمت نهم ولما نزدیکان، اقوام و ... بـه سحر و جادو روی مـی آورند و پیش جن گیر ها مـی روند و بر علیـه فردی طلسم مـی نویسند که تا فردی را بدبخت کنند، زندگی را بـه کامش تلخ کنند و خوشی را از وی بگیرند. مثلا و مـی روند به منظور و شان طلسم مـی کنند کـه انشان ازدواج نکنند و برای آنـها خواستگار نیـاید. البته این پدیده فقط مختص بـه خویشاوند نیست و ممکن هست در همایسگی شمای باشد کـه برای شما توطئه کرده باشد. یـا درون سطح بالا و کلان ممکن هست سران فاسد و فراماسونر درون یک کشور به منظور فاسد و تباه جامعه، علاوه بر روش های رایج اجتماعی و فمـینیستی، بـه جادوگران و طلسم نویسان پول دهند کـه برای مردم و جوانان طلسم و وکیل بگیرند کـه آنـها همواره درون زندگی شان بـه مشکل برخورند.

شناخت طلسم و انواع آن به منظور ما بسیـار مـهم است. وقتی شما طلسم (سحر و جادو) و نشانـه های آن را بشناسید بـه محض آنکه اولین نشانـه آن درون زندگی تان ظاهر شد بـه دنبال درمان و یـافتن راه حل آن خواهید گشت. مثلا اگری بـه شما غذای بدطعم و مسموم داد ممکن هست در غذای تان موادی ریخته باشد کـه خاصیت طلسم دهندگی داشته باشند و به آن ورد خوانده شده باشد. یـا اگر صبح یـا شب دیدید کهی بر درب ورود خانـه تان آب پاشیده هست یـا خاک ریخته هست بدانید کـه برایتان طلسم پیچیده و شیـاطین را وکیل کرده کـه زندگی را برایتان سیـاه کنند. یـا اگر درون صحبت اقوام خود شنیدید کـه گفتند کـه "من تو را «نفرین» کردم کـه در زندگی موفق نخواهی شد و مـی دانم کـه نفرینم مـی گیرد" (نفرین و پیش گویی را مد نظر داشته باشید)، بدانید کـه فرد مد نظر مطمئنا «طلسم خوبی» به منظور انتقام گیری از شما طراحی و ایجاد کرده است! مثلا یکی از دوستان ما تعریف مـی کرد کـه عروس خانواده شان با اینکه ظاهر موجه چادری و از خانواده خوبی بود ولی بعد از ازدواج فهمـیدیم کـه ماهانـه مبلغ گزافی به منظور رفتن بـه پیش جن گیر و جادو و جنبل خرج مـی کند. ماحصل آن کارها باعث شده بود کـه طلسم های متعددی به منظور خانواده شوهرش بکار گرفته و همواره پیش جن گیر مـی رفت و جن گیر نیز از غیب بـه او مـی گفت و او نیز پیش شوهرش مـی آمد و آن ها را بـه زبان دیگری بازگو مـی کرد. شوهرش نیز جرئت نداشت کاری خلاف نظر همسرش کند.

آنچه محرز هست این هست که جن گیر با ارتباط گیری با شیـاطین جن، آنچه درون ذهن افراد دیگر مـی گذرد را بـه جن گیر مـی گویند و جن گیر نیز درون قبال گرفتن مبلغی آنـها را با زبان حرفه ای بـه مشتریـانش بازگو مـی گوید. آنچه مـهم هست این هست که هدف شیـاطین، دامن زدن بـه اختلافات بین خانوادگی و بدبین خانواده ها از یکدیگر هست بگونـه ای کـه صله رحم درون جامعه ریشـه کن شود. شیـاطین با بیـان حرف هایی کـه باعث حسادت و کینـه مـی شود مشتریـان خود را کـه اکثرا زن هستند را جذب خود مـی کنند و پس از آنکه آنـها را مجذوب حرف های خود د آنـها را وارد دامـی مـی کنند کـه برایشان پهن کرده اند. دام هایی همچون طلسم نویسی به منظور در امان ماندن از شر طرف مقابل!! شری کـه اصلا وجود خارجی نداشته و صرفا با اطلاعات ناقص و هدفمند بـه مخاطب سعی مـی شود وی مشغول دشمنی با خانواده طرف مقابل شود. به منظور شناخت این دسته از افراد شیطان صفت (که ظاهر موجهی نیز ممکن هست داشته باشند. مثلا زن مد نظر چادری یـا مانتویی رسمـی باشد) هیچ وقت دست از کینـه جویی بر نمـی دارند و همـیشـه که تا وقت مرگ بر سر کینـه شان هستند. ویژگی دیگر این دسته از افراد این هست که بـه آنچه جن گیر ها مـی گویند اعتماد و اعتقاد کامل دارند و ماهانـه مبلغ کلانی به منظور این مسئله صرف مـی کنند. بـه عبارتی آنـها بـه جن گیرها و شیـاطین جن ایمان کامل دارند. این ویژگی هر چند درون این دسته از افراد کـه علی الظاهر مسلمان و محجبه باشند باعث مـی شود مصداق تعریف قرآنی باشند کـه در آن، این دسته از افراد را شیطان پرست نامـیده است.

به قول معروف،‌ شیطان پرستی شاخ و دم ندارد. درون مـیان افراد جامعه، افراد شیطان پرستی نیز حضور دارند کـه حتی ممکن هست خود را بـه ظواهر دینی هم آراسته باشند. به منظور فهم بهتر، از سخن امام صادق علیـه السلام کمک مـی‌گیریم. عبد الله بن سنان بـه امام صادق علیـه السلام درباره شخصی این گونـه گفت: قسمت نهم ولما فلانی وسواسی هست و مدام مشغول وضو گرفتن و نماز خواندن است؛ اما درون عین حال مردی عاقل است. امام صادق علیـه السلام درون جواب عبدالله سنان فرمودند: چگونـه مـی‌گویی کـه او مردی عاقل هست و حال آنکه او شیطان را اطاعت مـی‌کند!

مسئله دیگری کـه لازم مـی دانم ذکر کنم این هست که اگر فردی بر اثر سحر و طلسم بـه بیماری دچار شد هم حتما به دنبال درمان بیماری اش باشد (از طرق صحیح پزشکی متناسب با علم روز) و هم بـه دنبال دفع طلسم. طلسم را نباید شوخی گرفت. خداوند متعال درون قرآن کریم بارها بـه سحر و طلسم اشاره کرده است. همچنین راه حل های قرآنی متعددی به منظور درمان آن وجود دارد. لذا توجه داشته باشید کـه ممکن هست طلسم باعث بیماری شود و این دو مـی توانند رابطه ای منطقی با هم داشته باشند. مثلا طلسم باعث مـی شود فکر و ذهن فردی مسخر شود و همـین باعث مـی شود کـه گوشـه نشین و افسرده شود و به همـین دلیل مبتلا بـه اعتیـاد و دیـابت و ... شود.

مسئله دیگری کـه لازم هست بیـان شود این هست که ما بـه عنوان یک مسلمان مومن، حق مراجعه بـه جن گیر نداریم. ما حق و اجازه طلسم افراد را نداریم و اگری چنین کند مطمئنا درون روز قیـامت با ساحران و در صف شیطان پرستان محشور خواهد شد ان شاء الله. ولی ما موظف هستیم همواره درون برابر چشم بد و سحر و طلسم مردم از خود محافظت کنیم. به منظور درمان و رفع طلسم، راه حل های قرآنی متعددی وجود دارد کـه ما را بـه طور کامل نسبت بـه راه حل های انحرافی و غیر اسلامـی بی نیـاز مـی کند. افرادی بسیـاری بوده اند کـه به سبب مراجعه بـه افراد فاسق، نـه تنـها مشکلات شان حل نشده هست بلکه بیشتر نیز شده است. لذا وقت و سرمایـه تان را بـه پای افراد ناصالح تباه نکنید. بـه دامن قرآن پناه بیـاورید و درمان خود را درون محضر قرآن کریم و در پناه آیـات خداوند پیدا کنید. 

اگر طلسم شده اید و در زندگی بـه بن بست رسیده اید، اگر جوان هستید و به دنبال هر کاری مـی روید نمـی توانید کار مناسبی به منظور خود دست و پا کنید، اگر همواره با همسر یـا شوهرتان بحث تان مـی شود، اگر همـییشـه درون خانواده تان مناقشـه و دعوا هست، اگر مشکلات زندگی تان روز بروز بیشتر مـی شود، اتفاق پیش آمده را نـه بـه عنوان یک بحران، بلکه بـه عنوان اتفاقی کـه باعث شده بـه قرآن و خدا پناه ببرید تلقی کنید. درمان قرآنی به منظور این مشکل را اجرا کنید و پس از آنکه مشکلات تان حل شد، زندگی را وقف قرآن و خدا کنید.

در زیر مطالبی کـه از سایت های فعال درون این زمـینـه استخراج شده هست ذکر مـی گردد. مطالب با اهمـیت رنگی شده اند.

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

عاقبت دردناک ساحران و جادوگران   

حرمت جادو
در این پیـام قصد داریم موضوع جادوگری را کـه از زمان‌های بسیـار قدیم رواج داشته پیگیری نماییم و ببینیم قرآنی ‌که همـه چیز درون آن آمده (سوره کهف آیـه 54)  درون این رابطه چه مـی‌فرماید.

در آیـه 102 سوره بقره پرده از این کار زشت برداشته بـه نحوی کـه جادوگری را کار شیطان و دوستان شیطان و کارانی مـی‌داند کـه پیرو شیطان هستند و جادوگر را کافر مـی‌داند. اصل عمل سِحر و جادو از درس‌های شیطان هست که مطرود درگاه خداست* و خدا بر او لعنت کرده * و او مـهلتی را که تا وقت معلوم از خدا خواسته و قسم یـاد کرده که؛ به عزت و جلال خداوند همـه انسان‌ها را گمراه مـی‌کنم مگر بندگان خالص خدا را (سوره ص آیـات 77 که تا 83) گویی شیطان سگِ دَرِ خانـه خداست و با هری کـه اهل آن خانـه نباشد کار دارد.  

یـهودی‌ها از آنچه شیـاطین درون عصر سلیمان بر مردم مـی‌خواندند پیروی د ولی سلیمان هرگز پیروی نکرد و کافر نشد و دست بـه سحر و جادو نیـالود. این نشان مـی‌دهد کـه سلیمان اهل خانـه خداست کـه شیطان (سگ) عوعو نمـی‌کند و کاری بـه او ندارد و نمـی‌تواند کاری بـه او داشته باشد ولی یـهود عصر سلیمان بیگانـه درگاه خدا بودند و شیطان درون آنـها نفوذ کرد و آنـها را گمراه نمود.
کسی کـه وارد مقوله سِحر و جادو مـی‌شود از هم اکنون خود را به منظور آتشی کـه دامنـه‌اش فراگیر هست آماده کند چرا کـه مَتاع ناچیزی مثل از هم پاشیدن زندگی یک زن و مرد را درون دنیـا بدست مـی آورد و بهشت همـیشگی را از دست مـی دهد و عذاب آتش درد آور را بـه جان مـی‌خرد.

آری! شیـاطین مُلک سلیمان بـه مردم سِحر و جادو یـاد دادند (سوره بقره آیـه 102) و خداوند کـه لطف و کرم و هدایتش بی‌نـهایت هست برای هدایت مردم دو فرشته را بنام‌های هاروت و ماروت بصورت دو نفر بر مردم فرستاد که تا طریقه خنثی‌ سحر و جادو را بـه مردم یـاد دهند.

از آنجا کـه سحر و جادو مثل بمب هست برای خنثی‌ آن لازم هست خنثی‌کننده از ریزه‌کاری‌های بمب و نحوه ‌ساخته‌شدن آن خبر داشته باشد آن دو فرشته نیز آمدند و به مردم گفتند کـه اینگونـه و به این روش‌ها سحر و جادو انجام مـی‌شود و اینگونـه هم خنثی مـی‌شود؛ اما با توجه بـه اینکه ما انسان‌ها از همان لحظه‌ای کـه پدربزرگمان آدم (علیـه السلام) و حوا (سلام الله علیـها) پا درون عرصه وجود گذاشتند کراراً امتحان مـی شویم مردم عصر سلیمان هم از این قانون مستثنی نبودند و امتحان شدند بنحوی کـه آن دو فرشته ابتدا بـه مردم مـی‌گفتند ما وسیله آزمایش شما هستیم بعد کافر نشوید (یعنی قسمت سحر و جادو را بکار نبندید) اما یـهود عصر سلیمان از آن دو فرشته مطالبی آموختند کـه بتوانند با آن مـیان مرد و همسرش جدایی بیفکنند. جالب هست که درون همـین آیـه مـی‌فرماید: آنـها نمـی‌توانستند بهی ضرر بزنند مگر بـه اِذن خدا! آنـها چیزی را یـاد مـی‌گرفتند کـه برایشان زیـان داشت و نفعی بـه آنـها نمـی‌رسانید و مسلماً مـی‌دانستند هر خریدار اینگونـه کارها باشد آخرتش را از دست مـی‌دهد بعد اگر اهل فهم مـی‌بودند مـی‌فهمـیدند کـه چه بد معامله‌ای با نفس خود مـی‌کنند.

جهنم شیطان عذاب زنجیر فریـاد 
 کسی کـه وارد مقوله سِحر و جادو مـی‌شود از هم اکنون خود را به منظور آتشی کـه دامنـه‌اش فراگیر هست آماده کند چرا کـه مَتاع ناچیزی مثل از هم پاشیدن زندگی یک زن و مرد را درون دنیـا بدست مـی آورد و  بهشت همـیشگی را از دست مـی دهد  و عذاب آتش درد آور را بـه جان مـی‌خرد. مسلماً اگر انسان بداند این بد معامله‌ای هست که با جان خود مـی‌کند حقیقتا ما انسان‌ها درون گِرو کردار خودمان هستیم (سوره مدثر آیـه 38 ) حتی حتما پاسخگوی آثار اعمال زشت خود هم باشیم مثلا اگری با سحر و جادو زندگی زیبای یک زوج جوان را بـه هم بریزد و آنـها از هم جدا شوند و هر کدام راه فساد را بروند و یـا فرزندان طلاق آنـها بخاطر عدم تربیت صحیح مُفسدِ فی‌الارض شوند شخص جادوگر حتما بار گناه همـه آنـها را بـه دوش بکشد بدون اینکه از بار گناه آنـها کاسته شود. 

شیـاطین مُلک سلیمان بـه مردم سِحر و جادو یـاد دادند  و خداوند کـه لطف و کرم و هدایتش بی‌نـهایت هست برای هدایت مردم دو فرشته را بنام‌های هاروت و ماروت بصورت دو نفر بر مردم فرستاد که تا طریقه خنثی‌ سحر و جادو را بـه مردم یـاد دهند

عاقبت ساحر  
تجربه تاریخ حیـات انسان این حقیقت را بـه اثبات رسانیده و آیـات قرآن و روایـات هم آن را تأیید مى‏کند کـه هیچ خلاف‏کارى و عصیـان‏گرى، و ستم پیشـه‏اى کـه یکى از مصادیق آنـها ساحر و جادوگر هست عاقبت بـه خیر نشده، و زندگى بى‏ دغدغه‏ اى نداشته و نـهایتاً دچار خسارت‏ هاى دنیـائى و آخرتى شده و گوى سعادت را از دست داده و به ویژه خود را درون آخرت از هر گونـه بهره و نصیب الهى و بهشتى محروم نموده است، و با این عمل زشت و کار ناپسندش خود را بـه عذاب ابد و دوزخ همـیشگى فروخته است، چنان کـه قرآن مى‏فرماید:
«ما لَهُ فِی الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَ لَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ کانُوا یَعْلَمُونَ»  ؛ (براى ساحر و جادوگر) درون آخرت هیچ نصیبى نیست، و یقیناً بد چیزى هست آنچه خود را بـه آن فروختند اگر آگاهى و معرفت مى‏ داشتند.

بالاخره اینکه از نظر فقهی تعلیم و تعلم سحر - بـه جز به منظور بی اثر سحر ساحران - حرام است.

آیت الله فاضل : اصل سحر و جادو و مراجعه بـه ساحر و جادوگر به منظور این امور حرام هست و درآمدی هم کـه از این طریقب شود حرام هست ولی مراجعه به منظور بطلان و بی اثر سحر اشکال ندارد. (جامع المسائل آیت الله فاضل، س 961).
آیت الله خامنـه ای: علم سحر و یـاد گرفتن آن حرام هست مگر آن کـه به منظور غرض عقلایی مشروع باشد. (اجوبه الاستفتاآت، ص445)

باز بودن راه توبه بر ساحر  
سحر و جادوگرى از گناهانى نیست کـه توبه نداشته باشد و راه جبران بـه رویش باز نباشد، و حضرت حق هم بـه مقتضاى کرم و لطف و احسان و رحمتش توبه ساحر را مى‏پذیرد و او را مورد عفو و مغفرت قرار مى‏دهد.
خداوندا! ایی کـه برگ درختان بدون اذن تو از درخت جدا نمـی‌شود ما را از شَرِّ شیطان و پیروان شیطان و هر کاری کـه آخرت ما را تهدید مـی‌کند حفظ بفرما فراوری: محمدی / بخش قرآن تبیـان
منابع : سایت عرفان، طهور دانش
http://www.tebyan.net/newindex.aspx?pid=192129

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

نکته ای درون باب سحر و جادو     
یکی از مسائلی کـه از زمان‌های دور و در هر قوم و قبیله‌ای مطرح بوده هست بحث سحر و جادو  هست و حتی درون عصر مدرنیته هم هنوز بـه قوت خود باقی هست و حتی خرافات بی اساس و خلاف عقل درون این حوزه نیز به منظور بسیـاری قابل باور هست و عده‌ای هم آن‌ها را به منظور خود حجت قرار مـی‌دهند . ممکن هست برای ما این سؤال را پیش آورد کـه آیـا این‌ها واقعیت دارند یـا نـه ؟

جادو
در پاسخ حتما به نکات زیر توجه داشت:

الف- سحر و جادو و طلسم و بستن بخت از اموری هست که واقعیت دارد البته انجام آن حرام است. وجود چنین نیروها بـه مقتضای نظام دنیـا مـی‌باشد کـه تزاحم مـیان زشتی‌ها و پلیدی‌ها وجود دارد و همچنان کـه انسان‌های شیطان صفت و زشت کار وجود دارد جن‌های پلید و آزاردهنده نیز وجود دارد. 

ب- آنچه کـه از آیـات قرآن بر مـی‌آید این هست که سحر درون شـهرهای کهن همانند کلدان و مصر درون زمان حضرت موسی و فرعون و پیش از آن درون زمان حضرت نوح (ذاریـات، 52) رواج داشته است. (تفسیر تسنیم، آیت الله جوادی آملی، ج 5، ص 688)

ج- سحر و جادو و طلسم از نظر قرآن کریم و احادیث واقعیت دارد. بـه این امر درون آیـه 102 سوره بقره و 4 سوره فلق اشاره شده است. از این آیـات و برخی روایـات استفاده مـی‌شود کـه برخی از سحرها واقعا اثر گذارند. همچنان کـه آیـه 102 سوره بقره مـی‌فرماید: «مردم سحرهایی را فرا مـی‌گرفتند کـه مـیان مرد و همسرش جدایی مـی‌افکند.» 
در حقیقت مؤثر واقعی، درون تمام نظام جهان یکی هست و نظام جهان کـه به صورت اسباب و مسببات جلوه گری دارند، همگی از او استمداد گرفته و به او منتهی مـی‌شوند

علامـه طباطبایی درون وجود داشتن چنین اموری مـی‌فرمایند: «... درون این مـیان افعال خارق العاده دیگری هست که مستند بـه هیچ کدام از سبب از اسباب طبیعی و عادی نیست، مانند خبر از پنـهانی‌ها و مانند ایجاد محبت یـا دشمنی و گشودن گره‌ها و گره زدن‌ها و خواب و احضار و حرکت اشیـاء با اراده و از این قبیل کارهایی کـه مرتاض‌ها انجام مـی‌دهند کـه به هیچ وجه قابل انکار نیست، یـا خودمان بعضی از آن‌ها را دیده‌ایم و یـا بـه رایمان آن قدر نقل کرده‌اند کـه دیگر قابل انکار نیست».

د- تأثیر تکوینی سحر بـه اذن خداوند:
یکی از اصول اساسی توحید، این هست که همـه قدرت‌ها درون این جهان از قدرت پروردگار سرچشمـه مـی‌گیرد، حتی سوزندگی آتش و برندگی شمشیر بی اذن فرمان او نمـی‌باشد. منتها مفهوم این بیـان مجبور بودن افراد درون کار خود نیست.
خداوند متعال با قدرت خویش، چنین اراده و نیرویی را درون افراد بـه ودیعت نـهاده است. انسان‌ها با بهره گیری از این اراده و تقویت آن مـی‌توانند بـه کارهای شگفت انگیزی دست زنند. برخی مانند اولیـای خداوند از آن نیرو و در مسیر مناسب، استفاده مـی‌کنند و عده‌ای دیگر، با سوء استفاده از آن بـه کارهای ناشایست اقدام مـی‌کنند؛ پس، درون واقع اصل وجود این نیرو درون نـهاد آدمـی از آن خداوند و به فرمان او است.

توضیح این که: جهان آفرینش، جهان اسباب و مسببات است. البته برخی سبب‌ها مادی هست و برخی غیر مادی است. اراده حکیمانـه خداوند بر این تعلق گرفته هست که هر پدیده و حادثه‌ای از علت ویژه خود صادر گردد و درعین حال، نظام علت و معلول‌ها همگی بـه خدا منتهی شده و از او قدرت و نیرو مـی‌گیرند. او هست که سبب را مـی‌آفریند و به آن قدرت و نیرو مـی‌بخشد و آن را به منظور ایجاد معلول ویژه خود آماده مـی‌سازد. درون حقیقت مؤثر واقعی، درون تمام نظام جهان یکی هست و نظام جهان کـه به صورت اسباب و مسببات جلوه گری دارند، همگی از او استمداد گرفته و به او منتهی مـی‌شوند (اصالت روح، آیت الله سبحانی، ص 241، مؤسسه امام صادق).

در تأثیر سحر و جادو نیز وضع چنین است. خداوند متعال با قدرت خویش، چنین اراده و نیرویی را درون افراد بـه ودیعت نـهاده است. انسان‌ها با بهره گیری از این اراده و تقویت آن مـی‌توانند بـه کارهای شگفت انگیزی دست زنند. برخی مانند اولیـای خداوند از آن نیرو و در مسیر مناسب، استفاده مـی‌کنند و عده‌ای دیگر، با سوء استفاده از آن بـه کارهای ناشایست اقدام مـی‌کنند؛ پس، درون واقع اصل وجود این نیرو درون نـهاد آدمـی از آن خداوند و به فرمان او است، منتها چگونگی بهره گیری از آن بـه عهده خود انسان نـهاده شده هست و او درون چگونگی بهره گیری از آن مسؤول است.

ه- گرچه سحر و جادو واقعیت دارد ولی غالب آنچه امروزه درون مـیان مردم درون این بـه اره شایع هست بی‌اساس مـی‌باشد و اکثرانی کـه به این امور مـی‌پردازند کلاه بردارانی هستند کـه از این طریق قصد اخاذی و پر جیب خود را دارند.

ولی اگر بر فرض موردی پیدا شد کـه سحری درون کار بود راه‌هایی به منظور بطلان آن وجود دارد:   
1- استعاذه بـه خداوند و خواندن سوره‌های فلق و ناس.  
2- خواندن و نوشتن آیـات 75 که تا 82 سوره یونس.   
3- آیـه 102 سوره بقره «واتبعوا ما تتلوا الشیـاطین...» که تا آخر آیـه با آب زعفران روی طشت مسی نوشته شود و در هنگام نوشتن، کندر را بخور دهند. بعد طشت را پر از آب باران و یـا آب چشمـه مـی‌کنند بعد مسحور با استفاده از آن آب غسل مـی‌کند و از آن آب مـی‌نوشد. بقیـه آب را درون پارچ شیشـه‌ای بریزد و برای غسل استفاده کند. بهترین روز هم روز چهارشنبه است.  
4- آیـه 100 سوره نسا «و من یـهاجر فی سبیل الله...» که تا آخر آیـه با جوهر زعفران با کره روی کف دست نوشته شود.  
5- دعا وتضرع بـه درگاه خداوند.  
6- درخواست دعا از اولیـای واقعی خداوند. 
7- صدقه دادن.   

بخش دین تبیـان
منبع : وبلاگ سید مصطفی علم خواه
http://www.tebyan.net/newindex.aspx?pid=169531

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

آیـات قرآن کریم و دعای باطل سحر و طلسم – ابطال سحر    

دعای باطل سحر و طلسم – ابطال سحر:    سبحان من لبس العز وتردى بـه ، سبحان من تعطف بالمجد وتکرم بـه ، سبحان من لا ینبغى التسبیح الا له ، جل جلاله ، سبحان من احصى کل شىء بعلمـه ، وخلقه بقدرته ، سبحان ذى المن والنعم.

آیـات قرآن به منظور باطل سحر:
وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ کَانَ زَهُوقاً وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَلاَ یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَسَاراً (سوره مبارکه اسرا آیـه 82)

وَأَوْحَیْنَا إِلَى‏ مُوسَى‏ أَنْ أَلْقِ عَصَاکَ فَإِذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأْفِکُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَاکَانُوا یَعْمَلُونَ  فَغُلِبُوا هُنَالِکَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِینَ  وَأُلْقِیَ الْسَّحَرَةُ سَاجِدِینَ لا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِینَ  رَبِّ مُوسَى‏ وَهَارُونَ (سوره مبارکه اعراف آیـه 122)

قَالُوا یَامُوسَى‏ إِمَّا أَن تُلْقِیَ وَإِمَّا أَن نَّکُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى‏  قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِیُّهُمْ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعَى‏  فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً مُّوسَى‏  قُلْنَا لاَ تَخَفْ إِنَّکَ أَنتَ الْأَعْلَى‏  وَأَلْقِ مَا فِی یَمِینِکَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا کَیْدُ سَاحِرٍ وَلاَ یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتَى‏  فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى‏ (سوره مبارکه طه آیـه70)

قَالَ لَهُم مُّوسَى‏ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُلْقُونَ(سوره مبارکه یونس آیـه80)

فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِیَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ  فَأَلْقَى‏ مُوسَى‏ عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأْفِکُونَ فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سَاجِدِینَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِینَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (سوره مبارکه شعراء آیـه 48)‏

وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِی بِکُلِّ سَاحِرٍ عَلِیمٍ فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَى‏ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى‏ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لاَ یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِینَ(سوره مبارکه یونس آیـه 81 و 82)

آیـات کریمـه فوق، خاصیت باطل السحر و الطلسم و از بین بردن بستگی درون کارها را دارد. همچنین بـه بخت گشائی مردان کمک شایـانی مـینماید. جهت بخت گشائی مردان این آیـات کریمـه را با گلاب و زعفران نوشته و در آب نموده و بنوشند و اگری این آیـات کریمـه راپیوسته بـه همراه داشته باشد از سحر و طلسم  درون امان خواهد بود.
وفقکم الله.
التماس دعا
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دستورالعمل جلوگیری از چشم زخم و چگونگی غلبه بر دشمنان      

فضیلت سوره کافرون و نصر و توحید و معوذتین
در احادیث بسیـار وارد شده فضیلت خواندن سوره قُلْ یـا اَیُّهَا الْکافِروُن درون نمازهاى فریضه و نافله و آنکه خواندن آن رُبع قرآن هست و سوره توحید ثلث قرآن هست و خواندن سوره نصر درون فرایض و نوافل سبب نصرت بر اعداء هست و آنکه چون شخص از منزل خود بیرون رود معوذتین را بخواند چشم بد بـه او ضرر نرساند وى کـه در خواب ترسد درون وقت خواب این دو سوره را با آیةالکرسى بخواند.
حاج شیخ عباس قمـی، باقیـات الصالحات، ص 10
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%AC%D9%84%D9%88%DA%AF%DB%8C%D8%B1%DB%8C-%D8%A7%D8%B2-%DA%86%D8%B4%D9%85-%D8%B2%D8%AE%D9%85-%D9%88-%DA%86%DA%AF%D9%88%D9%86%DA%AF%DB%8C/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعا و تعویذ باطل سحر و طلسم به منظور همراه داشتن با خود 
دعا و تعویذ بسیـار مجرب به منظور بُطلان سحر و طلسم

از حضرت امـیرالمؤمنین علیـه السلام مروى هست که بر پوست آهو بنویسد و با خود نگاه دارند:
(بِسْمِ اللَّهِ وَ بِاللَّهِ بِسْمِ اللَّهِ وَ ماشآءَ اللَّهُ بِسْمِ اللَّهِ وَ لاحَوْلَ وَلاقُوَّةَ اِلاَّ بِاللَّهِ قالَ مُوسی ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ اِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ اِنَّ اللَّهَ لایُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدینَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَ بَطَلَ ما کانُوا یَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنالِکَ وَانْقَلَبُوا صاغِرینَ)

بنام خدا و به (یـارى) خدا و بنام خدا و آنچه خدا خواهد بنام خدا و و نیرویى نیست جز بـه خدا «گفت موسى آنچه شما آوردهاید جادو هست و خدا حتماً آنرا باطل مـیکند زیرا خدا اصلاح نمـیکند کار تبهکاران را بعد حق قرار گرفت و کارى کـه آنـها مـید باطل گشت و در آن حال مغلوب گشتند و خوار و زبون بازگشتند.

باقیـات الصالحات، حاج شیخ عباس قمـی.
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7-%D9%88-%D8%AA%D8%B9%D9%88%DB%8C%D8%B0-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

رقعة الجیب – حرز حضرت امام رضا علیـه السلام (جهت دفع ناخوشی و دفع بلا)  

 رقعة الجیب (حرزحضرت امام رضاعلیـه السلام)
روایت هست از یـاسر خادم مأمون کـه گفت زمانى کـه وارد شد ابوالحسن علىّ بن موسى الرّضاعلیـه السلام بـه قصر حمـید بن قحطبه بیرون کرد از تن لباس را و داد بـه حمـید و حمل کرد حمـید و داد بـه جاریـه خود کـه بشوید آن را بعد نگذشت زمانى کـه آن جاریـه آمد و با او رقعه اى بود و داد بـه حمـید و گفت یـافتم این رقعه را درون گریبان لباس ابوالحسن علیـه السلام بعد حمـید بـه آن حضرت گفت فداى تو گردم بدرستى کـه این جاریـه یـافته هست رقعهاى درون گریبان پیراهن تو چیست آن فرمود تعویذى هست که آن را از خود دور نمى کنم حمـید گفت ممکن هست که ما را مشرّف کنى بـه آن بعد فرمود کـه این تعویذى هست که هرکه نگاه دارد درون گریبان خود دفع مى شود بلا از او و مى باشد براى او حرزى از شیطان رجیم بعد خواند تعویذ را بر حمـید و آن این است:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ بِسْمِ اللَّهِ اِنّى اَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْکَ اِنْ کُنْتَ تَقِیّاً اَوْغَیْرَ تَقِىٍ اَخَذْتُ بِاللَّهِ السَّمـیعِ الْبَصیرِ عَلى سَمْعِکَ وَ بَصَرِکَ لا سُلْطانَ لَکَ عَلَىَّ وَ لا عَلى سَمْعى وَلا عَلى بَصَرى وَلاعَلى شَعْرى وَلاعَلى بَشَرى وَلاعَلى لَحْمى وَلا عَلى دَمى وَلا عَلى مُخّى وَلا عَلى عَصَبى وَلا عَلى عِظامى وَلاعَلى مالى وَ لا عَلى ما رَزَقَنى رَبّى سَتَرْتُ بَیْنى وَ بَیْنَکَ بِسِتْرِ النُّبُوَّةِالَّذِى اسْتَتَرَ اَنْبِیآءُ اللَّهِ بِهِ مِنْ سَطَواتِ الْجَبابِرَةِ وَالْفَراعِنَةِ جَبْرَئیلُ عَنْ یَمـینى وَ مـیکائیلُ عَنْ یَسارى وَ اِسْرافیلُ عَنْ وَرآئى وَ مَحَمَّدٌ صَلّىَ اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ اَمامى وَاللَّهُ مُطَّلِعٌ عَلَىَّ یَمْنَعُکَ مِنّى وَ یَمْنَعُ الشَّیْطانَ مِنّى اَللَّهُمَّ لا یَغْلِبْ جَهْلُهُ اَناتَکَ اَنْ یَسْتَفِزَّنى وَ یَسْتَخِفَّنى اَللَّهُمَّ اِلَیْکَ الْتَجَاْتُ اَللَّهُمَّ اِلَیْکَ الْتَجَاْتُ اَللَّهُمَّ اِلَیْکَ الْتَجَاْتُ.

مـهج الدّعوات، رضىّ الدّین سیّد بن طاوس قدّس سرّه.
قاعده: با گلاب و زعفران ، درون کاغذ بی خط و با طهارت کامل نوشته شود و پیوسته با خود بـه همراه داشته باشد.   

http://www.malakootiha.com/%D8%B1%D9%82%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%DB%8C%D8%A8-%D8%AD%D8%B1%D8%B2-%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%B1%D8%B6%D8%A7-%D8%B9%D9%84%DB%8C%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

طلسم چیست و باطل طلسم و سحر چگونـه است
بیش از 300 خطوط طلسمـی وجود دارد. از فلقطیر بابلی گرفته که تا سریـانی و عبری و داوودی و ماقبل عبری. درون واقع طلسم، استفاده از حروف و نقوش و خطوط و دستورات مختلفه ای هست که حالت رمزی دارد و استاد عامل (طلسم کننده) توسط آنـها (خطوط و نقوش و حروف) بین خود و موجودات غیر ارگانیک (موکلین) رمزی را ایجاد مـیکند و این نوشته مرموز کـه متشکل از حروف و اعداد عجیب و غریب و نامفهوم (برایی کـه آشنا بـه خطوط طلسمـی نیست) را بر روی کاغذ یـا پوست یـا از این قبیل مـینویسد یـا بصورت جداول خاصی ترسیم مـیکند. درون انجام طلسم از عنصر بسیـار مـهم شبیـه سازی همـیشـه استفاده مـیشود. 
فردی کـه دچار طلسم و سحر مـیشود نشانـه های عمومـی دارد(بسته بـه سحر متفاوت هست از صدمات روحی و روانی گرفته که تا صدمات جسمـی و ….)
برخی از نشانـه های عمومـی سحر شامل موارد زیر است:
نشانـه اول سحر و طلسم کـه در روابط اجتماعی مـیتواند اتفاق بیفتد، ایجاد جدائی و طلاق و کم مـیلی بـه طرف مقابل و سرد شدن ناشی از دل سیـاهی است.
نشانـه دیگر ایجاد مشکل و اختلال درون رابطه ….. با طرف مقابل هست که از آن بـه ناتوانی تعبیر مـیشود.
مشکلات روانی مثل عصبانیت شدید و بدون دلیل و گرفتگی و انزوا و افسردگی شدید یک نشانـه مـهم دیگر است.
نشانـه مـهم دیگر، مشکلات و بیماریـهای جسمـی است. گرفتگی زبان و حتی لال شدن و یـا فلج شدن یکباره و ناگهانی برخی از اعضای بدن مثل کمر و یـا دست و پا (موقت باشد یـا دائم).
نشانـه دیگر اینکه همـیشـه احساس مـیکنید کهی با شما همراهست و در بعضی شرایط شما را زیر نظر دارد.
همچنین درون اوقات خوابیدن دچار اضطراب و دلشوره مـیشوید. ممکن هست در موقع خوابیدن احساس سنگینی درون قفسه داشته باشید.
برای باطل طلسم البته ادعیـه و احراز و تعویذات مجربه موثر هست و مـیتواند امواج و نیروهای منفی ناشی از طلسم را کاهش دهد و به حداقل برساند ولی طلسم را باطل نمـیکند. باطل طلسم حتما با مانی و یـا اساتیدی کـه موکل یـا موکلانی دارند (در برخی از موارد حاد مربوط بـه درمان ، بشرط داشتن خاتم طاعت از موکل مربوطه) صورت گیرد و بوسیله آنـها اقدام بـه ابطال و استخراج یـا خنثی سازی طلسم شود. بعد فردی کـه موکل ندارد نمـیتواند طلسم دفن شده را درون زیر زمـین استخراج یـا ابطال کند مگر درون شرایط خاص.  به منظور دفع و کاهش اثرات طلسم و سحر حتما ادعیـه و احراز و تعویذات مخصوص آن بطور منظم و مثلا بصورت هفتگی تکرار شود.

http://www.malakootiha.com/%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%DA%86%DB%8C%D8%B3%D8%AA-%D9%88-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D9%88-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%DA%86%DA%AF%D9%88%D9%86%D9%87-%D8%A7/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

حرز حضرت امـیر المؤمنین (ع) جهت حفظ و بُطلان سحر   

حرز حضرت امـیر المؤمنین علیـه السّلام جهت حفظ و بُطلان سحر
آن حضرت مى ‏نوشت این حرز را و بر بازوى راست مبارک خود مى ‏بست و آن این است:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ اى کنوش (کنویش‏) اى کنوش اره شش عطیطسفیخ یـا مظظرون قرتالیون ما و ماسوماس ما طیطسالوس خیطوس مسفقلس مساصعوس الطیعوس لطیفوس اقرطیعوش لطفیـهذا هذا وَ ما کُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِیِّ إِذْ قَضَیْنا إِلى‏ مُوسَى الْأَمْرَ وَ ما کُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِینَ اخْرُجْ بِقُدْرَةِ اللَّهِ مِنْهَا أَیُّهَا اللَّعِینُ بِقُوَّةِ (بِعِزَّةِ) رَبِّ الْعَالَمِینَ اخْرُجْ مِنْهَا وَ إِلَّا کُنْتَ مِنَ الْمَسْجُونِینَ اخْرُجْ مِنْها فَما یَکُونُ لَکَ أَنْ تَتَکَبَّرَ فِیـها فَاخْرُجْ‏ إِنَّکَ مِنَ الصَّاغِرِینَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً مَلْعُوناً کَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَ کانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا اخْرُجْ یَا ذَا الْمَخْزُونِ اخْرُجْ یَا سورا یَا سوراسور بِالاسْمِ الْمَخْزُونِ یـا ططرون طرعون مراعون تَبَارَکَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ باهیـا شراهیـا حَیّاً قَیُّوماً بِالاسْمِ الْمَکْتُوبِ عَلَى جَبْهَةِ إِسْرَافِیلَ اطْرُدُوا عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْکِتَابِ کُلَّ جِنِّیٍّ وَ جِنِّیَّةٍ وَ شَیْطَانٍ وَ شَیْطَانَةٍ وَ تَابِعٍ وَ تَابِعَةٍ وَ سَاحِرٍ وَ سَاحِرَةٍ وَ غُولٍ وَ غُولَةٍ وَ کُلِّ مُتَعَبِّثٍ وَ عَابِثٍ یَعْبَثُ بِابْنِ آدَمَ وَ لَا حَوْلَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ أَجْمَعِینَ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ‏.

مـهج الدعوات و منـهج العنایـات، علی بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسینی.

قاعده:
با گلاب و زعفران و برکاغذ بی خط با رعایت شرایط عمومـی نوشتن تعویذ بنویسید و به همراه داشته باشید.

http://www.malakootiha.com/%D8%AD%D8%B1%D8%B2-%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D9%85%DB%8C%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%85%D9%86%DB%8C%D9%86-%D8%B9-%D8%AC%D9%87%D8%AA-%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D9%88-%D8%A8%D9%8F%D8%B7%D9%84/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

حرز حضرت امام محمّد باقر (ع) (جهت ایمنی و حفظ از شر جن و انس)   

حرز حضرت امام محمّد باقر علیـه السّلام‏ جهت ایمنی و حفظ از شر جن و انس و طلسم و چشم زخم
باید این دعا را نوشت و بر بازو بست‏ :

أُعِیذُ نَفْسِی بِرَبِّیَ الْأَکْبَرِ مِمَّا یَخْفَى وَ یَظْهَرُ وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ أُنْثَى وَ ذَکَرٍ وَ مِنْ شَرِّ مَا رَأَتِ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِکَةِ وَ الرُّوحِ أَدْعُوکُمْ أَیُّهَا الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ إِلَى اللَّطِیفِ الْخَبِیرِ وَ أَدْعُوکُمْ أَیُّهَا الْجِنُّ وَ الْإِنْسُ إِلَى الَّذِی خَتَمْتُهُ بِخَاتَمِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَ خَاتَمِ جَبْرَئِیلَ وَ مِیکَائِیلَ وَ إِسْرَافِیلَ‏ وَ بِخَاتَمِ سُلَیْمَانَ بْنِ دَاوُدَ وَ خَاتَمِ مُحَمَّدٍ سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَ النَّبِیِّینَ صَلَّى اللَّهُ عَلَیْهِ وَ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ اخْسَؤُا فِیـها وَ لا تُکَلِّمُونِ اخْسَئُوا عَنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ کُلَّمَا یَغْدُو وَ یَرُوحُ مِنْ ذِی حَیَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ أَوْ سَاحِرٍ أَوْ شَیْطَانٍ رَجِیمٍ وَ سُلْطَانٍ عَنِیدٍ أَخَذْتُ عَنْهُ مَا یُرَى وَ مَا لَا یُرَى وَ مَا رَأَتْ عَیْنُ نَائِمٍ أَوْ یَقْظَانَ تَوَکَّلْتُ عَلَى اللَّهِ لَا شَرِیکَ لَهُ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ الرَّسُولِ النَّبِیِّ الْأُمِّیِّ سَیِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ وَ سَلَّمَ تَسْلِیماً بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى‏ أُمَّةٌ یَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ یَعْدِلُون
یَا حَیُّ یَا قَیُّومُ یَا دَیَّانُ یَا دَیَّانُ یَا اهیـا شراهیـا آذونا اصباوث ال شداى
أَسْأَلُکَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ الطَّاهِرَةِ الْمُطَهَّرَةِ أَنْ تَدْفَعَ عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْکِتَابِ جَمِیعَ الْبَلَایَا وَ تَقْضِیَ حَوَائِجَهُ إِنَّکَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ وَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ اللَّهُمَّ کهکهیج بعسط مـهحما مسلع و روره مـهفتام وَ بِعَوْنِکَ إِلَّا مَا أَخَذْتَ لِسَانَ جَمِیعِ بَنِی آدَمَ وَ بَنَاتِ حَوَّاءَ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ إِلَّا بِالْخَیْرِ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ فَسَیَکْفِیکَهُمُ اللَّهُ وَ هُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى‏ مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّاهِرِینَ‏.

مـهج الدعوات و منـهج العنایـات، علی بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسینی.
http://www.malakootiha.com/%D8%AD%D8%B1%D8%B2-%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%AA-%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%91%D8%AF-%D8%A8%D8%A7%D9%82%D8%B1-%D8%B9-%D8%AC%D9%87%D8%AA-%D8%A7%DB%8C%D9%85%D9%86%DB%8C-%D9%88-%D8%AD/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

سحر و طلسم چیست – دعای ابطال طلسم   
روش و نحوه باطل طلسم , باطل طلسم , باطل شدن طلسم,باز فرد بسته شده,دعای باطل طلسم

در تعریف سحر و طلسم و انجام آن حتما گفت:
سحر عبارت هست نوعی تاثیر نفسانی  کـه البته علمـی هست مانند سایر علوم و قواعد و مقررات و احکام خاصی بر آن مترتب هست و قریب بـه شصت جا درون قرآن کریم بـه آن اشاره شده است. بطور خیلی مختصر و موجز حتما گفت کـه سحر و طلسم عبارت هست از اتفاق و توافق مـیان انسان فاجر و شیطان یـا شیـاطین کافر بر تحریک و برانگیختن انسان بـه ارتکاب گناهان آشکار و پنـهان. (نعوذ بالله من شر الشیطان الرجیم). این اتفاق (انجام سحر و طلسم) یـا از طریق عبادت و ریـاضت تسخیری کواکب (تسخیر کواکب سبعه مثل تسخیر شمس و مریخ و مشتری و زحل و از این قبیل با رعایت بخورات و زمان و مکان خاص است) یـا اینکه از طریق خواندن اوراد و اذکاری مخصوصه وغیر معمول یـا عزائم و طلسماتی خاص کـه دارای فحوای شرکیـه و کفریـه بـه زبانـهای غیر مانوس مثل سریـانی و عبری و از این قبیل هستند و به همراه انجام بخورات مخصوصه مـیباشد و به نحوی انجام مـیشود کـه شیـاطین (موکلین کافر) دعوت و عزیمت آن فرد معزم را اجابت مـیکنند و امور غیر معمول را بدین واسطه انجام مـیدهند ( کـه این امر معروف بـه سحر و جادوست.)  

برای دور تاثیرات سحر و طلسم و دفع شیـاطین، ادعیـه فراوانی وجود دارد. بـه عنوان مثال دعای عظیم الشان ذیل بسیـار نافع و مجرب است:
بسم الله الرحمن الرحیم
(( نودی باسم یـا محمد صلى اللّه علیـه و آله و سلم من خاف فی الأرض جانا أو شیطانا فلیقل حین یدخله الروع یـا اللّه الإله الأکبر القاهر، بقدرته جمـیع عباده و المطاع لعظمته عند کل خلیقته و الممضی مشیئته لسابق قدره أنت تکلأ ما خلقت باللیل و النـهار و لا یمنع من أردت بـه سؤلی بشیء دونک من ذلک السوء و لا یحول أحد دونک بین أحد و ما ترید بـه من الخیر کل ما یرى و ما لا یرى فی قبضتک و جعلت قبائل الجن و الشیـاطین یرونا و لا نراهم و إنا لکیدهم خائف فأمنی من شرهم و باسهم بحق سلطانک العزیز یـا عزیز )).

توجه:
همـیشـه معوذتین (سوره های مبارکه فلق و ناس) را بخوانید.
قرائت یـا نوشتن حرز شریفه مذکور با گلاب و زعفران بر روی کاغذ بدون خط و نگهداشتن نافع است.   

http://www.malakootiha.com/%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%DA%86%DB%8C%D8%B3%D8%AA-%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D9%84-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

راههایی به منظور نجات از سحر و جادو!   

به نظر شما چرا خدا از بین شرور کـه به صورت کلی بیـان مـی کند، درون سوره فلق فقط این سه که تا شر را انتخاب کرده است؟ تاریکی، سحر و حسود؟ مگه اینـها چه خصوصیت مشترکی دارند؟

سوره فلق
«قل اعوذ برب الفلق» بگو پناه مـی برم بـه پروردگار سپیده دم (اعوذ یعنی پناه بردن از شئی هراسناک بـه موجودی نیرومند به منظور دفع شر)
«من شر ما خلق» از شر آنچه کـه آفریده است
«و من شر غاسق اذا وقب» از شر تاریکی آنگاه کـه فراگیر شود.
«و من شر نفاثات فی العقد» و از شر زنان جادوگر کـه به هنگام افسون مردمان درون گره های جادو سخت مـی دمند .
«و من شر حاسد اذا حسد» و از شر هر حسود آنگاه کـه حسد مـی ورزد.

مگر خداوند شر آفریده است؟
حضرت معشوق مـی فرماید: «من شر ما خلق» مگر خداوند شر آفریده است؟

خداوند درون این سوره مـی فرماید: آنچه من آفریده ام کـه البته خلق آنـها و دارای وجود شدن آنـها خیر هست اما بعضی از اوقات این خیرات آفریده شده با اختیـار خود شر ایجاد مـی کنند و خدا طبق سنت خود کـه بنا دارد بـه انسان ها اختیـار بدهد که تا خود انتخاب کنند جلوی شر آنـها را نمـی گیرد اما بـه ما راهکار ارائه مـی دهد کـه چگونـه با این شرور مـی توانیم مقابله کنیم و این راهکار همان پناه بردن بـه خالق آنـهاست کـه مسلمای کـه مـی تواند شر آنـها را از بین ببرد خالق آنـهاست کـه به همـه ابعاد وجودی شما و آنـها آگاه است.   

خداوند اسباب فراوانی به منظور امان بخشیدن بـه انسان ها از شر آفریده ها تدارک دیده، بـه عنوان مثال، خانـه ای کـه در آن زندگی مـی کنیم وسایلی کـه توسط آن خطرات را پیش بینی مـی کنیم. درون زمان حاضر و هر چه پیش مـی رویم این وسایل را بیشتر پیش بینی مـی کنیم (ترمز ای بی اس، انرژی اتمـی، دارو های رفع بیماری و...)

گاهی وجود همـین اسباب و وسائل، مانند حجابی بر یک واقعیت ما را از ناتوانی خود درون محافظت از خویشتن غافل مـی سازد، کـه بشر درون این شرایط بـه حدی مـی رسد کـه مانند فیلسوف آلمانی " نیچه " بـه طور رسمـی اعلام مـی دارد: خدا مرده است.

این سوره بـه ما مـی فرماید کـه هر مقدار پیشرفت داشته باشیم ، باز هم به منظور دفع کوچکترین این شرور بـه توسل بـه خدا نیـازمندیم.
در صحیفه الرضا از امام رضا علیـه السلام نقل شده است: «به جهت دفع ضرر سحر و بطلان آن دستت را مقابل صورت قرار بده و بخوان : بِسمِ الله الْعَظیم رَبّ الْعرشِ الْعظیم إلاّ ذَهبت و انْقرضت»

3 شر از مـیان همـه ی شرها
به نظر شما چرا خدا از بین شرور کـه به صورت کلی بیـان مـی کند ،فقط این سه که تا شر را انتخاب مـی کند؟ تاریکی، سحر و حسود؟ مگه اینـها چه خصوصیت مشترکی دارند؟ شاید پاسخ این باشد کـه هر سه این شرور از دید ما مخفی هستند و در حالت غفلت، بـه سراغ ما مـی آیند.
تو تاریکی کـه از خطرهای احتمالی غافلیم، چه راهی به منظور حفظ خویش داریم؟ اگر حیوان درنده ای یـا انسان شروری بخواهد بـه ما آسیبی برساند، بی آنکه ما از وجود آن آگاه باشیم.
اگر ساحران با ورد و جادو و دمـیدن درون گره ها بخواهند ، ما را دچار مشکل سازند بی آنکه ما از اصل سحر و راه ابطال آن خبری داشته باشیم؛ اگر برادر یـا دوستانمان نسبت بـه ما حسادت بورزند و بخواهند ضرری بـه ما برسانند، بی آنکه از نیت سوء او آگاه باشیم؛ درون برابر این شرور نـهان چه کاری از دست ما بر مـی آید و چه راهی به منظور نجات خویشتن از شر آنان سراغ داریم؟
اینجا فرصت مناسبی هست تا ناتوانی خویش را با همـه وجود درون یـابیم و به دنبال پناهگاه حقیقی باشیم. 
 
آیـا خدا درون قرآن سحر را تأیید مـی کند؟
خداوند درون سوره بقره آیـه 102 هم این مسأله را مطرح مـی کند کـه به وسیله سحر بین دو همسر جدایی مـی اندازند.
سحر، جادو، طلسم و بستن بخت از امورى هست که واقعیت دارد و از نظر فقهی تعلیم و تعلم آنـها - بـه جز به منظور بی اثر شان- حرام است. وجود چنین نیروهائی بـه مقتضای نظام دنیـا مـی باشد کـه تزاحم مـیان زشتی ها و پلیدی ها وجود دارد و همچنان کـه انسان های شیطان صفت و زشتکار وجود دارد ، جن های پلید و آزار دهنده نیز وجود دارد. 

البته نمى‏توان مطمئن بود کـه هر نوع مشکلی ریشـه درون همـین مسئله دارد و باید توجه داشت کـه غالب آنچه امروزه درون مـیان مردم درون این‏باره شایع است، بى اساس هست و بیشتر بـه افکار روانى، تخیلات، سوءظن‏ها، توهمات و مشکلات واقعى موجود درون رفتار و اعمال آنـها مربوط است.

جادو
لازم بـه ذکر هست که خداوند متعال با قدرت خویش، چنین اراده و نیرویی را درون افراد بـه ودیعت نـهاده هست که با بهره گیری از این اراده و تقویت آن مـی توانند بـه کارهای شگفت انگیزی دست زنند. برخی مانند اولیـای خداوند از آن نیرو و در مسیر مناسب، استفاده مـی کنند و عده ای دیگر، با سوء استفاده از آن بـه کارهای ناشایست اقدام مـی کنند. بعد در واقع اصل وجود این نیرو درون نـهاد آدمـی از آن خداوند و به فرمان او است، منتها چگونگی بهره گیری از آن بـه عهده خود انسان نـهاده شده هست و او درون چگونگی بهره گیری از آن مسئول است.
خداوند به منظور رسیدن بـه هر مقصدی راهکار و اسباب و عللی قرار داده هست ، به منظور بطلان سحر نیز راهی مشخص کرده است.

با استفاده از راهکارهای زیر انشاءالله مـی توانید سحر و طلسم را باطل کنید:
1 ـ پناه بردن بـه خداوند (گفتن اعوذ بالله من الشیطان الرجیم) و زیـاد خواندن سوره‌های فلق و ناس؛
2- خواندن آیـه 51 و 52 سوره قلم (یعنی از: «و إن یکادالّذین ... که تا آخر سوره») و هم چنین خواندن «آیة الکرسی».
3- حاج شیخ عباس قمـی درون کتاب مفاتیح الجنان از امـیرالمۆمنین علی علیـه السلام نقل نموده هست که جهت باطل سحر این جملات را بنویسید و همراه خود داشته باشید:
«بِسمِ الله وَ بِالله، بِسمِ الله وَ ما شاءَالله، بِسم الله لاحَولَ ولاقُوّه الا بالله، قالَ موسی ما جِئتُم بِه السِّحرُ اِنَّ اللهَ سَیُبطِلُهُ اِنَّ اللهَ لا یُصلِحُ عَملَ المُفسِدینَ، فَوَقَعَ الحَقُّ و بَطَلَ ما کانُوا یَعمَلونَ فَغُلِبوا هُنالِکَ وَانقَلَبُوا صاغِرینَ» (1)

4- همچنین از حضرت روایت شده است: جهت محفوظ ماندن از سحر و جادو، شب ها بعد از نماز و روزها پیش از نماز هفت مرتبه بخوانید: «بِسمِ الله وَ بِالله سَنشُدُّ عَضُدَکَ بِأخیک وَ نَجعَلَ لَکُما سُلطاناً فَلا یَصِلونَ إلَیکُما بِآیـاتِنا أنتُما وَ مَن اتَّبَعَکُما الغالِبون». (2)

محمد بن مسلم از امام صادق علیـه السلام نقل کرده: جهت بطلان سحر، این دعا را بنویسید و همراه خود نگه دارید: «قالَ موسی ما جِئتُم بِهِ السِّحر إنَّ الله سَیُبطِلُه إنّ الله لا یُصلِحُ عَملَ المُفسِدین و یَحِقّ الله الحَقّ بِکلِماتِه و لَو کَرِهَ المُجرِمون اَأنتم أشَدُّ خَلقاً أمِ السماءَ بناها رَفعَ سَمکَها فَسوّاها» که تا آخر آیـات سوره نازعات. درون ادامـه: «فَوَقَعَ الحَقُّ و بَطَلَ ما کانُوا یَعمَلونَ فَغُلِبوا هُنالِکَ وَانقَلَبُوا صاغِرینَ و أُلقی السَّحرةُ ساجدین، قالوا آمَنّا بِربِّ العالَمـین رَبِّ موسی وَ هارون»(3)
 
5- خواندن این آیـه نیز جهت خنثی اثر سحر وارد شده است: «إنَّ ربّکم اللهُ الَذی خَلقَ السَموات وَ الأرض فی سِتةِ أیّام ثُمَّ استوی عَلی العَرش یُغشِی اللیل النَهار یَطْلبه حثیثاً و الشَّمْس وَ القَمر و النُجوم مُسخّرات بِأمره ألاَ لَه الخَلق و الأمر تَبارکَ اللهُ رَبّ العالَمـین». «ادْعُوا رَبَّکُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْیَةً إِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدِینَ وَ لا تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ ادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِیبٌ مِنَ الْمُحْسِنِین».‏(4)

6- درون صحیفه الرضا از امام رضا علیـه السلام نقل شده است: «به جهت دفع ضرر سحر و بطلان آن دستت را مقابل صورت قرار بده و بخوان : بِسمِ الله الْعَظیم رَبّ الْعرشِ الْعظیم إلاّ ذَهبت و انْقرضت». (5)

7- علامـه کفعمـی دعایی بـه عنوان حدیث قدسی نقل کرده هست که خداوند بـه حضرت محمد صلی الله علیـه و آله فرمود: «کسی کـه دوست دارد از سحر درون امان باشد، بگوید:
«اللَّهُمَّ رَبَّ مُوسَی وَ خَاصَّهُ بِکَلَامِهِ وَ هَازِمَ مَنْ کَادَهُ بِسِحْرِهِ بِعَصَاهُ وَ مُعِیدَهَا بَعْدَ الْعَوْدِ ثُعْبَاناً وَ مُلَقِّفَهَا إِفْکَ أَهْلِ الْإِفْکِ وَ مُفْسِدَ عَمَلِ السَّاحِرِینَ وَ مُبْطِلَ کَیْدِ أَهْلِ الْفَسَادِ مَنْ کَادَنِی بِسِحْرٍ أَوْ بِضُرٍّ عَامِداً أَوْ غَیْرَ عَامِدٍ أَعْلَمُهُ أَوْ لَا أَعْلَمُهُ وَ أَخَافُهُ أَوْ لَا أَخَافُهُ فَاقْطَعْ مِنْ أَسْبَابِ السَّمَاوَاتِ عَمَلَهُ حَتَّی تُرْجِعَهُ عَنِّی غَیْرَ نَافِذٍ وَ لَا ضَارٍّ لِی وَ لَا شَامِتٍ بِی إِنِّی أَدْرَأُ بِعَظَمَتِکَ فِی نُحُورِ الْأَعْدَاءِ فَکُنْ لِی مِنْهُمْ مُدَافِعاً أَحْسَنَ مُدَافَعَةٍ وَ أَتَمَّهَا یَا کَرِیم‏». (6)

8- صدقه دادن.
ان شاء الله با تداوم صدقه، تغییر محل زندگی، و تکرار سوره «یس» مشکلات و نفوس بد از اطراف شما دور خواهد شد. و در هر صورت بـه خداوند و حاکمـیت اراده الهی همچنان معتقد باشید چه بسا همـین فراز و نشیب ها دامـی از سوی شیطان باشد کـه ایمان شما را متزلزل کند. لذا با پایداری و استقامت ایمان خود را حفظ کنید که تا در نتیجه آن شیطان ناامـید شود و درهای رحمت الهی بـه سوی شما باز گردد.

 پی نوشت‌ها:
1. مفاتیح، باقیـات صالحات، باب سوم.
2. بحار الانوار، ج 92، ص 129.
3. همان.
4. همان؛ مفاتیح الجنان، باقیـات صالحات، باب سوم.
5. همان.
6. کفعمـی، مصباح، ص 228؛ بحار الانوار, ج 92، ص 319.

بنابر این اگر انسان با اسباب معنوی مأنوس باشـه تو اون لحظه ای کـه چنین خطری احساس مـی کنـه آغوش خدا را مقابلش باز مـی بیند وبه اون قوی و شکست ناپذیر پناه مـی برد، نـه اینکه سراغ رمال وجادو گربره کـه خیلی وقتها بـه مشکلاتش اضافه هم بشود.

فرآوری: زهرا اجلال / بخش قرآن تبیـان  
منابع: سایت ایده ها / سایت پرسمان
http://www.tebyan.net/newindex.aspx?pid=259179

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعا به منظور باطل سحر   
سوال:
اگری زبان بند شده باشد آیـا دعایی برا ی باطل ش وجود دارد؟ 2-اگری خوا ستگارهایی دا شته با شد ولی این خوا ستگارها نتوانند بیـا ن کنند انـهم بمدت 10 سا ل و هم یک مذهبی با شد ایـا بخت این جادو شده است؟
پاسخ:
چنان چه از قرآن استفاده مـی شود سحر و جادو  وجود دارد و در احکام اسلامـی سحر از گناهان کبیره و بزرگ بوده و حکم ساحر سحر کننده اعدام است و تعلیم و تعلّم سحر نیز حرام مـی باشد، البته بجز موقعی کـه برای باطل نمودن سحر از آن استفاده گردد؛ بـه این معنی کـه تعلیم سحر به منظور باطل نمودن سحر حرام نیست.اما اینکه با توجه بـه شرایطی کـه گفتید ما بـه یقین برسیم کـه ایشان سحر شده اند درون علم و قدرت ما نیست و اصولا خود ما نمـی توانیم با هر مشکلی بـه این نتیجه برسیم کـه ما را سحر کرده اند(این گزاره نادرست هست زیرا مـی توان با ارتباط گیری آسان با موکلین جن از آنـها پرسید کـه آیـا سحر شده ایم یـا خیر) اما با انجام توصیـه های روایی زیر کـه همـه بخودی خود نیز مستحب و ثواب دارد مـی تواند بـه شما کمک کند.

راههای جلوگیری از سحر:
آنچه از مجموعه آیـات و روایـات بدست مـی آید آن هست که با توکل و استعانت بـه درگاه ربوبی و پناه بردن بـه تعویذات قرآنی مـی توان بـه نتایج مثبت دست یـافت مثل

قرائت آیـات 54 که تا 56 سوره اعراف:
إِنَّ رَبَّکُمُ اللّهُ الَّذی خَلَقَ السَّماواتِ وَ اْلأَرْضَ فی سِتَّةِ أَیـامٍ ثُمَّ اسْتَوی‏ عَلَی الْعَرْشِ یغْشِی اللَّیلَ النَّهارَ یطْلُبُهُ حَثیثًا وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ وَ النُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ اْلأَمْرُ تَبارَکَ اللّهُ رَبُّ الْعالَمـینَ.
پروردگار شما، خداوندی هست که آسمانـها و زمـین را درون شش روز (شش دوران‏)آفرید؛ سپس بـه تدبیر جهان هستی پرداخت؛ با (پرده تاریک) شب، روز را مـی پوشاند؛ و شب بـه دنبال روز، بـه سرعت درون حرکت است؛ و خورشید و ماه و ستارگان را آفرید، کـه مسخّر فرمان او هستند. آگاه باشید کـه آفرینش و تدبیر (جهان)، از آن او (و بـه فرمان او)ست! پر برکت (و زوال ‏ناپذیر) هست خداوندی کـه پروردگار جهانیـان است![1]

 ادْعُوا رَبَّکُمْ تَضَرُّعًا وَ خُفْیةً إِنَّهُ لا یحِبُّ الْمُعْتَدینَ
پروردگار خود را (آشکارا) از روی تضرّع، و در پنـهانی، بخوانید! (و از تجاوز، دست بردارید که) او متجاوزان را دوست نمـی‏دارد![2]

وَ لا تُفْسِدُوا فِی اْلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَ ادْعُوهُ خَوْفًا وَ طَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَریبٌ مِنَ الْمُحْسِنینَ.
و درون زمـین بعد از اصلاح آن فساد نکنید، و او را با بیم و امـید بخوانید! (بیم از مسؤولیتها، و امـید بـه رحمتش. و نیکی کنید) زیرا رحمت خدا بـه نیکوکاران نزدیک است![3]

و یـا  دو سوره آخر قرآن [معوذتین].
بعضی از این تعویذات درون باب سوم از ابواب ملحقات کتاب مفاتیح الجنان تالیف مرحوم شیخ عباس قمـی آمده است.

البته این موضوعی نیست کـه صد درون صد نتیجه بخش باشد چون بالاخره ساحران نیز با قدرت و اراده و وسائلی کـه در اختیـار دارند مـی توانند موثر واقع شوند. بنابراین دعا و تضرع بـه درگاه خداوند و توسل و تعویذ بـه سوره ها و آیـات قرآن برایـانی کـه در معرض خطر ساحران مـی باشند، توصیـه مـی گردد.

خلاصی از سحری کـه الان شخص گرفتار آن است:
در کتب روائی تعویذاتی آمده هست که از آن جمله، دو سوره آخر قرآن هست و بعضی از این تعویذات درون کتاب مفاتیح الجنان در  همان آدرس بالا آمده است.
علامـه طباطبایی هم درون تفسیر المـیزان جلد 20 صفحه 682 مـی فرماید توکل بر خداوند و پناه بردن بر او  و خواندن معوذتین[ دو سوره آخر قرآن – ناس و فلق ] هر آثار سوئی از این نوع را برطرف مـی کند.
[1] سوره اعراف، آیـه 54
[2] سوره اعراف، آیـه 55
[3] سوره اعراف، آیـه 56
http://www.hawzah.net/fa/Question/View/63349/%D8%AF%D8%B9%D8%A7-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%DB%8C-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B3%D8%AD%D8%B1

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

روش پیشگیری از طلسم ، روش باطل طلسم   
پیشگیری و جلوگیری از ورود سحر و طلسم بـه منزل
روشـها و دعاهای مختلفی به منظور باطل سحر و طلسم و بستگی وجود دارد. بهترین روشـهای باطل طلسم و جادو و سحر، استفاده از آیـات مبارکه قرآنی است.

معروفترین و مجرب ترین روش باطل سحر و طلسم و حتی چشم زخم استفاده از معوذتین (سوره های مبارکه فلق و ناس ) درون قرآن کریم است. یک مورد دیگر مساله پیشگیری و جلوگیری نمودن از هر گونـه طلسم و آسیب توسط دشمنان و بدخواهان با استفاده از سوره مبارکه بقره است.

در واقع اگر بخواهیم از هر گونـه سحر و طلسم و ضررهای ناشی از آن درون امان باشیم و هیچ گونـه بستگی و سحر و طلسمـی نتواند بر اهالی منزل کارساز شود، حتما سوره مبارکه بقره را بطور کامل نوشته (بهتر هست با گلاب و زعفران بنویسد) و بالای درب داخل منزل بیـاویزیم. بـه اذن خداوند جل جلاله، آن منزل بطور کلی از هر گونـه سحر و طلسم و آسیب درون امان خواهد بود.       

توجه:
در کاغذ بدون خط و با رعایت طهارت کامل ثوب و بدن نوشته شود.
http://www.malakootiha.com/%D9%BE%D9%8A%D8%B4%DA%AF%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D8%B2-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای بخت گشایی, دعای گشایش بخت, دعای ازدواج  
دعایی به منظور باز شدن بخت و ازدواج سریع و نیکو
مشکل باز شدن بخت و عدم استطاعت بـه ازدواج درون تمام جوامع وجود دارد. خصوصا اینکه بسته شدن بخت و عدم توانائی بـه ازدواج (تعطیل الزواج) عوارض و نشانـه های خاصی نیز بر آن مترتب نیست. درون ذیل دعا و دستورالعملی بسیـار مجرب و فوری و قوی به منظور باز شدن بخت ان و پسرانی کـه با مشکل ازدواج مواجه هستند ارائه مـیشود. توجه شود کـه با توکل بـه خداوند جل جلاله و اعتقاد بـه موثر بودن این دعا و ختم، ازدواجی نیکو خواهند داشت.

بین نماز عصر و نماز مغرب (قبل از نماز مغرب افضل است) هفت مرتبه سوره الشرح را قرائت کنید:
أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ 1 وَوَضَعْنَا عَنکَ وِزْرَکَ 2 الَّذِی أَنقَضَ ظَهْرَکَ 3 وَرَفَعْنَا لَکَ ذِکْرَکَ 4 فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْرًا 5 إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْرًا 6 فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ 7 وَإِلَى رَبِّکَ فَارْغَبْ

و سپس پسرها این دعا را هفت مرتبه بخوانند:
 اللهم اشرح صدور بنات حواء -اللهم یـا جامع الناس فی یوم لا ریب فیـه – اللهم اجمع بینی وبین زوجتی اللهم ارزقنی الزوجة الصالحة التی تحبها وترضى عنـها.

و ها دعای ذیل را هفت مرتبه بخوانند:
اللهم اشرح صدور أولاد آدم – اللهم یـا جامع الناس فی یوم لا ریب فیـه – اللهم اجمع بینی وبین زوجی -اللهم ارزقنی الرجل الصالح الذی تحبه وترضاه.

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D9%8A-%D8%A8%D8%AE%D8%AA-%DA%AF%D8%B4%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%88-%D8%A7%D8%B2%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%AC-%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9-2/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای دفع چشم زخم ، باطل چشم زخم  
تعویذ دفع و از بین بردن هر گونـه چشم زخم و نظر بد مروى از امـیرالمؤمنین علیـه السلام
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ بِسْمِ اللَّهِ الْعَظیمِ عَبَسَ عابِسٍ وَ شَهابَ قابسٍ حَجَرَ یـابِسٍ رَدَدْتُ عَیْنَالعایِنِ عَلَیْهِ مِنْ رَاءْسِهِ اِلى قَدَمَیْهِ اَخَذَ عَیْناهُ قابِضٌ بِکِلاهُ وَ عَلى جارِهِ وَاَقارِبِهِ جِلْدُهُ دَقیقٌ وَ دَمُهُ رَقیقٌ وَ بابُ الْمَکْرُوهِ تَلیقُ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ثمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ کَرَّتَیْنِ یَنْقَلِبْ اِلَیْکَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسیرٌ.
مفاتیح الجنان، حاج شیخ عباس قمـی (ره).

ترجمـه:
(بنام خداى بخشاینده مـهربان بنام خداى بزرگ بر ترش رویى ترش روى و اخگر فروزان و سنگ خشک بازگرداندم چشم چشم زن را بر خودش از سر که تا به پایش بگیرد دو چشمش را گیرنده او و بر همسایـه و خویشانش و پوستش نازک و خونش رقیق و درب مکروه سزاى او هست {پس دیده را بگردان آیـاشکافى درون آسمانـها بینى سپس بازگردان دوباره که تا دور مانده از هدف بـه تو بازگردد و وامانده باشد}).

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D9%8A-%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D9%88-%D8%A7%D8%B2-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B1%D8%AF%D9%86-%DA%86%D8%B4%D9%85-%D8%B2%D8%AE%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای مـهر و محبت ، دعای محبوبیت ، دعای حاجت  
دعایی به منظور مـهر و محبت و سایر حاجات مـهم
آیـه شریفه ذیل را (87 مرتبه یـا 99 مرتبه) بر روی کاغذ بدون خط بنویسد:
(فسیکفیکهم الله وهو السمـیع العلیم).

و درون انتها، حاجت خود را بنویسد:
ألقوا محبة ….. فى قلب…… (ابتدا نام طالب و سپس نام مطلوب را بنویسد).

و یـا بنویسد یـا بگوید:
 أفعلوا کذا وکذا ( بجای کذا و کذا حاجت خود را بنویسد و یـا ذکر کند).

این دعا به منظور مـهر و محبت و رزق و روزی و حفظ از جمـیع بلایـا و علاج بیماریـها و…. کـه رضایت خداوند عز و جل درون آنـهاست مجرب است.

توجه شود:
روز پنجشنبه و در ساعت اول، بعد از انصراف عمار مکان، با گلاب و زعفران بنویسد.
مـیتوان آنرا نوشاند و یـا درون مقابل باد آویزان کرد.
مجرب و صحیح است.
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%85%D8%AC%D8%B1%D8%A8-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%8A-%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9-%D8%AD%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D8%AA/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای چشم زخم ، باطل چشم زخم  
دعا و تعویذ دفع و از بین بردن چشم زخم و نظر بد
( اَللّهُمَّ ذَا السُّلْطانِ الْعَظیمِ وَالْمَنِّ الْقَدیمِ وَالْوَجْهِ الْکَریمِ ذَا الْکَلِماتِ التّامّاتِ وَالدَّعَواتِ المُسْتَجابات عافِ فُلاناً مِنْ اَنْفُسِ الْجِنِّ وَ اَعْیُنِ الاِْنْسِ ).خدایـا اى صاحب سلطنت بزرگ و نعمت دیرین و ذات بزرگوار و صاحب کلمات تام و تمام و دعاهاى مستجاب شده عافیت ده فلانى را از نفسهاى جنیـان و چشم مردم.

و این تعویذى هست که رسول خدا صلى الله علیـه و آله براى حسنین علیـهماالسلام خواند و اصحاب خویش را فرمود کـه زنـهار اولاد خویش را بـه این کلمات تعویذ کنید.
مفاتیح الجنان، حاج شیخ عباس قمـی (ره).

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7-%D9%88-%D8%AA%D8%B9%D9%88%D9%8A%D8%B0-%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D9%88-%D8%A7%D8%B2-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B1%D8%AF%D9%86-%DA%86%D8%B4%D9%85-%D8%B2%D8%AE%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

حرز چیست , معنی حرز و هدف از انجام آن  
تعریف حرز و هدف از انجام آن
حرز را اینگونـه تعریف و معنی نموده اند:
الحِرْزُ : الوعاء الحصینُ یُحفَظَ فیـه الشیء .
و الحِرْزُ المکان المنیع یلجأُ إِلیـه .
در اصول کافى  درون مورد حرز این چنین آمده:
حرز بـه معناى پناهگاه و جاى محکم و استوار و دعائى کـه بر کاغذ نویسند و براى دفع چشم زخم یـا دفع بلا همراه خود نگهدارند آمده ، و تعویذ هم معناى شبیـه حرز دارد و بـه مـعـنـاى پناه نیز آمده و مقصود درون اینجا چنانکه از دعاهائى کـه مى آید معلوم گـردد دعـاهـائى اسـت کـه بـا خـوانـدن یـا نـوشـتـن و همراه آنـها انسان از دردها و یـا جانوران موذى و درندگان و ترس و دیگر چیزها درون امان ماند).
ابـن مـنـذر گـوید: خدمت حضرت صادق (ع ) از وحشت (ترس و اندوه از تنـهائى ) یـادآور شـدم فـرمود: آیـا شما را آگاه نکنم بـه چیزى کـه هرگاه آن را بگوئید نـه درون شب و نـه درون روز از تنـهائى نترسید؟ (و آن اینست ): (((بسم اللّه و باللّه و توکلت على اللّه و انـه من یـتـوکـل عـلى اللّه فـهـو حـسـبـه ان اللّه بـالغ امـرة قـد جـعـل اللّه لکـل شـى ء قـدرا، اللهـم اجعلنى فى کنفک و فى جوارک و اجعلنى فى امانک و فـى مـنـعـک ))) پـس فـرمـود: بـه مـا رسـیـده کـه مـردى سـى سال این دعا را مى خواند و یک شب آنرا ترک کرد و همان شب او را عقرب گزید.
در روایت دیگری آمده کـه حـضـرت صـادق (ع ) فـرمـود: بـگـو، (((أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَ أَعُوذُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ وَ أَعُوذُ بِجَلَالِ اللَّهِ وَ أَعُوذُ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَ أَعُوذُ بِعَفْوِ اللَّهِ وَ أَعُوذُ بِمَغْفِرَةِ اللَّهِ وَ أَعُوذُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ وَ أَعُوذُ بِسُلْطَانِ اللَّهِ الَّذِی هُوَ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ وَ أَعُوذُ بِکَرَمِ اللَّهِ وَ أَعُوذُ بِجَمْعِ اللَّهِ مِنْ شَرِّ کُلِّ جَبَّارٍ عَنِیدٍ وَ کُلِّ شَیْطَانٍ مَرِیدٍ وَ شَرِّ کُلِّ قَرِیبٍ أَوْ بَعِیدٍ أَوْ ضَعِیفٍ أَوْ شَدِیدٍ وَ مِنْ شَرِّ السَّامَّةِ وَ الْهـَامَّةِ وَ الْعـَامَّةِ وَ مـِنْ شـَرِّ کـُلِّ دَابَّةٍ صَغِیرَةٍ أَوْ کَبِیرَةٍ بِلَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَ مِنْ شَرِّ فُسَّاقِ الْعَرَبِ وَ الْعَجَمِ وَ مِنْ شَرِّ فَسَقَةِ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ.)))  اصول کافى جلد 4 صفحه  357.

(توجه شود کـه حرز مجرب و موثر فوق به منظور حفاظت و ایمنی از جمـیع بلیـه انس و …… و پیشگیری از هرگونـه سحر و طلسم هست و مـیتوان آنرا با گلاب و زعفران نوشت و با خود بـه همراه داشت.)
بطور کلی معنی حرز از لحاظ لغوی همان مامن و پناهنگاه هست و هدف از نوشتن حرز، دفع آفات زمـینی و آسمانی هست و درون واقع فلسفه انجام حرز حفاظت درون برابر جمـیع بلیـه است. کتب مختلفی نیز درون زمـینـه احراز و تعویذات از علمای گذشته موجود هست و روایـات فراوان نیز درون زمـینـه تاکید معصومـین بـه انجام تعویذات و احراز وجود دارد.
نکته مـهم درون نوشتن تعویذات و احراز این هست که ادعیـه و احراز زمانی موثر هست که همراه با طهارت نفس باشد و پاکی ظاهری و باطنی درون آنـها ملحوظ افتد.

http://www.malakootiha.com/%D8%AD%D8%B1%D8%B2-%DA%86%DB%8C%D8%B3%D8%AA-%D9%85%D8%B9%D9%86%DB%8C-%D8%AD%D8%B1%D8%B2-%D9%88-%D9%87%D8%AF%D9%81-%D8%A7%D8%B2-%D8%A7%D9%86%D8%AC%D8%A7%D9%85-%D8%A2%D9%86/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای رزق و روزی زیـاد – دعای رزق مغازه  
دعای وسعت و زیـاد شدن رزق و روزی
آیـات شریفه ذیل به منظور باز رزق و روزیـانی هست که رزق و روزیشان بسته شده و یـا مورد چشم زخم و نظر قرار گرفته است. این آیـات بـه اذن و اراده باریتعالی، وسعت دهنده رزق و روزی و خنثی کننده و از بین برنده اثر چشم زخم و نظر و هر گونـه سحر و طلسمـی هست که موجب بسته شدن رزق و روزی هست .

این آیـات را بخواند و یـا بنویسد و با خود بـه همراه داشته باشد:
(وَمَا مِن دَآبّةٍ فِی الأرْضِ إِلاّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَیَعْلَمُ مُسْتَقَرّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا کُلّ فِی کِتَابٍ مّبِینٍ) [هود:6]
( إِنّ رَبّکَ یَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن یَشَآءُ وَیَقْدِرُ إِنّهُ کَانَ بِعِبَادِهِ خَبِیراً بَصِیراً) [الإسراء:30]
( وَفِی السّمَآءِ رِزْقُکُمْ وَمَا تُوعَدُونَ*فَوَرَبّ السّمَآءِ وَالأرْضِ إِنّهُ لَحَقّ مّثْلَ مَآ أَنّکُمْ تَنطِقُونَ) [الذاریـات:22-23]
( مّا یَفْتَحِ اللّهُ لِلنّاسِ مِن رّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِکَ لَهَا وَمَا یُمْسِکْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ) [فاطر:2]
(وَالضّحَىَ * وَاللّیْلِ إِذَا سَجَىَ * مَا وَدّعَکَ رَبّکَ وَمَا قَلَىَ * وَ لَلآخِرَةُ خَیْرٌ لَّکَ مِنَ الأُولَى‌ * وَلَسَوْفَ یُعْطِیکَ رَبّکَ فَتَرْضَىَ * أَلَمْ یَجِدْکَ یَتِیماً فَآوَىَ * وَوَجَدَکَ ضَآلاّ فَهَدَىَ * وَوَجَدَکَ عَآئِلاً فَأَغْنَىَ * فَأَمّا الْیَتِیمَ فَلاَ تَقْهَرْ * وَأَمّا السّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ * وَأَمّا بِنِعْمَةِ رَبّکَ فَحَدّثْ).
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D9%88%D8%B3%D8%B9%D8%AA-%D9%88-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%AF-%D8%B4%D8%AF%D9%86-%D8%B1%D8%B2%D9%82-%D9%88-%D8%B1%D9%88%D8%B2%DB%8C/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

بهترین و جامعترین روش به منظور باطل طلسم و سحر  
روشی آسان به منظور باطل طلسم (علاج و درمان و ابطال سحر و طلسم مرشوش (پاشیدنی)

تعریف سحر و طلسم مرشوش (پاشیدنی):
این نوع سحر و طلسم را اعتاب نیز مـی نامند و علت این نامگذاری این هست که غالبا درون مقابل درب منزل یـا آپارتمان شخص مورد نظر پاشیده شده و یـا درون مسیر گذر و محل عبور فرد مورد نظر پاشیده مـیشود. ولی غالبا بر درب ورودی یـا خروجی یـا دیوار و در موارد دیگر بر لباس و بستر فرد مورد نظر نیز پاشیده مـیشود.
اما این نوع سحر و طلسم بر روی خاک یـا آب یـا روغن یـا عطر یـا پودر و یـا نجاسات و از این قبیل چیزها صورت مـیگیرد. طلسم کننده درون این موارد، از اسم فرد و مادر یـا پدرش و یـا تصویر و در مواردی اشیـاء فرد مورد نظر (مثل مو، ناخن و از این قبیل) استفاده مـیکند. سپس فردی کـه طلسم را مـینویسد عزیمتهای خاصی را بر آن قرائت مـیکند کـه به آن طلسم قدرت خاصی را مـی بخشد و انجام این نوع طلسم را موکل خاص همان طلسم بر عهد مـی گیرد.
( شرط اول و مـهمترین شرط تاثیر داشتن این نوع طلسم این هست که فرد طلسم کننده حتما موکلی را درون خدمت داشته باشد).
ببینید ، درون اینجا لازم هست متذکر شد کـه سحر و طلسمـی کـه بر خاک انجام مـیشود قویتر و تاثیرگذارتر از سحر و طلسمـی هست که بر آب خوانده شده هست چون کـه خاک طبعی خشک  دارد و طبع سوداوی درون طلسم و سحر قوی تر و تاثیرگذارتر و سریعتر است.

مـهمترین نشانـه ها و علامات سحر و طلسم مرشوش و پاشیدنی:
احساس درد شدید خصوصا درون قسمت پاها
احساس حرارت یـا سرمای شدید از زانو بـه پایین
ورمـهایی درون ناحیـه پا همراه با درد شدید
احساس گرما یـا سرمای شدید درون ناحیـه درد
ترس بدون دلیل
خوابهای پریشان و آشفته

علاج عمومـی این نوع سحر و طلسم
مقداری آب آورده و نمرکه درون آن ریخته و در مکان مرشوش پاشیده مـیشود
سوره های مبارکه بقره و دخان و جن درون قسمتهای مـهم منزل یـا آپارتمان قرائت مـیشود. قبل از انجام این عمل بهتر هست که اذان گفته شود. انجام این عمل حتما سه روز پی درون پی باشد.

آبی را کـه بر آن رقیـه و دعای طرد و دفع طلسم خوانده شده هست در منزل پاشیده مـیشود. همچنین مـیتوان گلاب را با آن آب مخلوط کرد و در هنگام غروب بر دیوار پاشید.
اما به منظور درمان فردی کـه به این سحر مبتلا شده هست : هست مریض و نوشیدن از آبی کـه بر آن دعاهای مخصوص ابطال سحر خوانده شده هست قبل از هست به مدت هفت روز پی درون پی. هست باید با آبی کـه بر آن آیـات باطل کننده سحر خوانده شده باشد و نیز سوره الزلزله و معوذتین بر آن قرائت شده باشد صورت گیرد.
ماساژ ناحیـه دردناک بدن بعد از اینکه آیـات باطل السحر بر آن خوانده شده است.
چند روز پی درون پی پاهای فرد مسحور را درون ظرفی کـه مخلوط آب و سرکه درون آن هست بگذارد.
صبحها و شبها اذکار و تسبیح خداوند بگوید.
از معاصی دوری کند.
پیوسته ذکر خداوند سبحان را درون منزل داشته باشد.
عموجودات ذی روح را درون منزل نگهداری نکند.
در صورتی کـه درد مستمر باشد، خضاب ناحیـه درد با حنا نیز بسیـار نافع است. درون حدیثی از رسول خدا صلى الله علیـه و آله و سلم آمده که:
کان رسول الله صلى الله علیـه و آله و سلم اذا اشتکى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم ، وإذا اشتکى رجله قال : اذهب فأخضبها بالحناء).

بهترین روش درمان و باطل طلسم و سحر مرشوش ( رش البیت ) بطور خلاصه درون ذیل ذکر مـیگردد:

در ابتدا یک ظرف 10 لیتری پر از آب آماده مـیشود و مقداری هم نمک جهت مخلوط با این آب تدارک مـیگردد.
سپس بر آب آماده شده، آیـات ابطال طلسم و آیـات مربوط بـه حضرت موسی (ع) و همچنین برخی از آیـات مربوط بـه رقیـه شرعیـه کـه در ادامـه ذکر مـیشود قرائت مـیشود. این آیـات شریفه عبارتند از:

أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیـمِ – بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِیـمِ
1- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِیـنَ (2( الرَّحْمَنِ الرَّحِیـمِ (3) مَـالِکِ یَوْمِ الدِّیـنِ (4) إِیَّاکَ نَعْبُدُ وَإِیَّاکَ نَسْتَعِیـنُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیـمَ (6) صِرَاطَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ وَلا الضَّـالِّیـنَ (7) الفاتحة.
2- الم * ذَلِکَ الْکِتَابُ لاَ رَیْبَ فِیـهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِینَ * الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَیُقِیمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنفِقُونَ * والَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَیْکَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِکَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ * أُوْلَـئِکَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
3- اللَّهُ لـَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ, لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ, لَهُ مَا فِی السَّمَوَاتِ وَمَا فِی الأَرْضِ, مَنْ ذَا الَّذِی یَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ, یَعْلَمُ مَا بَیْنَ أَیْدِیـهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ, وَلا یُحِیطُونَ بِشَیْءٍ مِنْ عِلْمِـهِ إِلاَّ بِمَا شَـاءَ, وَسِعَ کُرْسِیُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا یَئُودُهُ حِفْظُهُمَا, وَهُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیـمُ (255) البقرة.
4- لِلَّهِ مَا فِی السَّمَوَاتِ وَمَا فِی الأَرْضِ, وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِـی أَنفُسِکُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحَاسِبْکُمْ بِهِ اللَّهُ, فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشَـاءُ وَیُعَذِّبُ مَنْ یَشَـاءُ, وَاللَّهُ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیـرٌ (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَـا أُنزِلَ إِلَیْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُـونَ, کُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلـَائِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ, وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَکَ رَبَّنَا وَإِلَیْکَ الْمَصِیـرُ (285) لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا, لَهَا مَا کَسَبَتْ وَعَلَیْهَا مَا اکْتَسَبَتْ, رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَـا إِنْ نَسِینَـا أَوْ أَخْطَأْنَا, رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَیْنَـا إِصْراً کَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنَا, رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا, أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْکَافِرِیـنَ
5- الم ( 1 ) الله لا إله إلا هو الحی القیوم ( 2 ) نزل علیک الکتاب بالحق مصدقا لما بین یدیـه وأنزل التوراة والإنجیل ( 3 ) من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذین کفروا بآیـات الله لهم عذاب شدید والله عزیز ذو انتقام
6- تِلْکَ آیَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَیْکَ بِالْحَقِّ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآیَاتِهِ یُؤْمِنُـونَ (6) وَیْلٌ لِکُلِّ أَفَّاکٍ أَثِیـمٍ (7) یَسْمَعُ آیَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَیْهِ ثُمَّ یُصِرُّ مُسْتَکْبِراً کَأَنْ لَمْ یَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِیـمٍ (8) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آیَاتِنَا شَیْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً, أُوْلَـئِکَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِیـنٌ (9) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا یُغْنِی عَنْهُمْ مَا کَسَبُوا شَیْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیَـاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِیـمٌ (10) هَذَا هُدًى وَالَّذِینَ کَفَرُوا بِآیَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِیـمٌ (11) الجاثیة.

آیـات فوق سه مرتبه (سه دور) قرائت مـیشود.

بعد از این مراحل ، آیـات شریفه مربوط بـه باطل طلسم و سحر و آیـات ذکر حضرت موسی (ع) هفت مرتبه بر آب قرائت مـیگردد. آیـات ذیل:

1- وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّیَاطِینُ عَلَى مُلْکِ سُلَیْمَانَ وَمَا کَفَرَ سُلَیْمَانُ وَلَکِنَّ الشَّیَاطِینَ کَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَـا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَکَیْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ, وَمَا یُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى یَقُولـَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَکْفُرْ, فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ, وَمَا هُمْ بِضَـارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّـهِ, وَیَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمْ وَلا یَنفَعُهُمْ, وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِی الآخِرَةِ مِنْ خَلـَاقٍ, وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِـهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ کَانُوا یَعْلَمُـونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَیْرٌ لَوْ کَانُوا یَعْلَمُـونَ (103) البقرة.
2- وَأَوْحَیْنَـا إِلَى مُوسَـى أَنْ أَلْقِ عَصَاکَ فَإِذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأْفِکُـونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا کَانُوا یَعْمَلُـونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِکَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِیـنَ (119)وَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سَاجِدِیـنَ (120) قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِیـنَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) الأعراف.
3- قَالَ مُوسَـى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَـاءَکُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا یُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77) قَالُـوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَیْهِ آبَـاءَنَا وَتَکُونَ لَکُمَا الْکِبْرِیَـاءُ فِی الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَکُمَا بِمُؤْمِنِیـنَ (78) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِی بِکُلِّ سَاحِرٍ عَلِیـمٍ (79) فَلَمَّا جَـاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَـى أَلْقُوا مَـا أَنْتُمْ مُلْقُـونَ (80( فَلَمَّـا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ, إِنَّ اللَّهَ لا یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِیـنَ (81) وَیُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُجْرِمُـونَ (82) یونس.
4- قَالُوا یَا مُوسَـى إِمَّـا أَنْ تُلْقِیَ وَإِمَّـا أَنْ نَکُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (65) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِیُّهُمْ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى(66)فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الأَعْلَى (68) وَأَلْقِ مَا فِی یَمِینِکَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُـوا إِنَّمَا صَنَعُوا کَیْدُ سَاحِرٍ وَلا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتَى(69)فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (70) طه
5- قَالَ لَهُمْ مُوسَـى أَلْقُوا مَـا أَنْتُمْ مُلْقُـونَ (43)فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِیَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُـونَ (44) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأْفِکُـونَ (45) فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سَاجِدِیـنَ (64) قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِیـنَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (48) الشعراء
6- وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا . الفرقان 23
7- وَقُلْ جَـاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ, إِنَّ الْبَاطِلَ کَانَ زَهُوقاً (الإسراء)
8- قُلْ إِنّ رَبّی یَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلاّمُ الْغُیُوبِ * قُلْ جَآءَ الْحَقّ وَمَا یُبْدِىءُ الْبَاطِلُ وَمَا یُعِیدُ (سبأ:48-49)
9- بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَیَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَکُمُ الْوَیْلُ مِمّا تَصِفُونَ (الأنبیـاء :18)
10- {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ }الطور15

سپس دعای ذیل قرائت مـیشود:
بسم الله العظیم الاعظم یحرق کل خادم سحر ( 7 مرتبه )
بسم الله العظیم الاعظم یبطل کل سحر ( 7 مرتبه )
و سپس درون مرحله آخر گفته مـیشود
الحمد لله رب العالمـین والصلاه علی النبی
اللهم صلی علی محمد وعلی ال محمد کما صلیت علی ابراهیم وعلی ال ابراهیم فی العالمـین انک حمـید مجید.

کیفیت قرائت بر روی آب مربوطه به منظور ابطال سحر:
دهان حتما به نحوی بـه آب نزدیک شود کـه هوایی کـه از دهان خارج مـیگردد، درون زمان قرائت بتواند آب را بـه حرکت درآورد.
سپس آب مربوطه بـه دو بخش تقسیم مـیشود:

بخش اول
سه یـا چهار لیتر از آب کـه برای نوشیدن درون هفت روز کفایت کند (یک لیوان قبل و یک لیوان بعد از خواب).
بخش دوم
با مقداری نمک مخلوط گردیده و در قسمتهای مختلف منزل پاشیده مـیشود. بـه نحوی این آب درون منزل پاشیده مـیشود کـه به هدر نرود. این عمل حتما هفت روز پی درون پی تکرار شود. در زمان رش البیت (پاشیدن آب درون منزل) حتما آیـه الکرسی شریفه قرائت گردد.
همچنین بمدت هفت روز متوالی سوره مبارکه بقره درون منزل قرائت مـیشود.
نکته دیگر اینکه از این مخلوط آب و نمک روزانـه یکبار حتما بر بدن مالیده شود و به عبارتی تدهین گردد. (قبل از خواب)

در اینجا فقط بـه مختصری بسنده شد.

*****
اللهم ابطل سحر الاروح ، اللهم ابطل سحر قلب العقول ، اللهم ابطل کل سحر مدفون عند البیوت، بسم الله یبطل کل سحر مدفون تحت الاعتاب، اللهم ابطل کل سحر مدفون فی القبور ،اللهم ابطل کل سحر فی قبر، اللهم ابطل کل سحر فی مـیت فی قبر، اللهم ابطل کل سحر منثور، اللهم ابطل کل سحر فی عطر او بخور، اللهم ابطل کل سحر مشموم فی عطر او بخور، اللهم ابطل کل سحر مکتوب، اللهم ابطل کل سحر بدم مکتوب.
(اللهم لا ملجأ و لا منجا منک إلا إلیک .. إنک على کل شیء قدیر .
اللهم اشفه شفاءبعده سقما ابدا.
اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافی لا شافی إلا أنت.
فصبر جمـیل والله المستعان على ما تصفون.)

(واسئل الله العظیم رب العرش العظیم ان یشفیکم ویبطل اسحارکم)

http://www.malakootiha.com/%D8%A8%D9%87%D8%AA%D8%B1%DB%8C%D9%86-%D9%88-%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%AA%D8%B1%DB%8C%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%B4-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%DB%8C-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعایی قوی و مجرب به منظور باطل طلسم و سحر  
برای باطل طلسم و سحر راهها و روشـهای مختلفی وجود دارد. بهترین روش به منظور ابطال طلسم و سحر (مکتوب باشد یـا مرشوش و یـا ماکول ) استفاده از آیـات قرآنی (خصوصا معوذتین) به منظور این امر است کـه در مطالب قبلی بـه این آیـات کریمـه اشاره شده است.
یکی از بهترین اذکار به منظور باطل طلسم و سحر ، استفاده از آیـه شریفه ذیل است:
{وَلَا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتَى} [طه:69]. عدد تکرار این آیـه شریفه 1394 مـیباشد.
دعای مذکور درون ذیل از قویترین و مجربترین حرزها جهت جلوگیری و درمان و باطل طلسم است. فردی کـه این دعا را بـه همراه داشته باشد و یـا حتی درون منزل نگهداری کند، بـه اذن و اراده باریتعالی از طلسم و بسته شدن کارها مصون خواهد ماند.

دعای بسیـار قوی باطل طلسم وپیشگیری کننده از هر گونـه سحر و جادو و طلسم   
الحمد لله رب العالمـین اللهم لک الحمد کله دقه وجله علانیته وسره اللهم لک الحمد یـا من توحّدت بالملک والملکوت وتفرّدت بالعظمة والجبروت ملکت فقهرت وخلقت فأمرت لاتحول ولا تزول لاتغیب ولاتفوت قائم بنفسک سبحانک أنت الواحد العظیم فی جلاله وقدسه القادر العلیم بأحوال جنـه وإنسه الکبیر المتعال العالم بکل حال سبحانک أنت المتکبر ذو الجلال والإکرام نحمدک سبحانک بحمد الأنبیـاء والأولیـاء والصالحین والملآئکة المقربین اللهم إنّا نحمدک بما تحب أن تسمع من عبادک حمداً اللهم نحمدک حمداً کثیراً اللهم صل وسلم وبارک على عبدک ونبیک محمدٍ وعلى آله الطیبین الطاهرین اللهم أنت أکبر کبیراً .
اللهم أنت أکبر کبیراً اللهم لک الحمد کثیراً اللهم إنا نسبحک بکرة وأصیلاً اللهم أنت العالم بکل حال اللهم منزّل الکتاب ومجریَ السحاب هازم الأحزاب شدید العقاب سریع الحساب اللهم احصِ السحرة وأعوانـهم عدداً
اللهم منزّل الکتاب ومجریَ السحاب هازم الأحزاب شدید العقاب سریع الحساب اللهم احصِ السحرة وأعوانـهم عدداً
اللهم احصِ السحرة وأعوانـهم عدداً
اللهم واقتلهم بدداً
اللهم ولا تغادر منـهم أحداً
اللهم قتّل السحرة وأعوانـهم أجمعین
اللهم إنّا نجعلک فی نحورهم
اللهم إنّا نعوذ بک من شرورهم اللهم إنّا نعوذ بک من اسحارهم وعقدهم وربطهم یـاقوی یـا متین
اللهم إنّا ونعوذ بک من اسحارهم وعقدهم وربطهم
اللهم أنزل علیـهم بأسک الشدید اللهم أنزل علیـهم بأسک الشدید اللهم أنزل علیـهم بأسک الشدیدالذی لایُردُ ولا یُصدُ ولا یقدر على دفعه أحد
اللهم أهلک أقواهم اللهم أهلک أعتاهم اللهم أهلک أمکرهم وأکبرهم اللهم هلک أمکرهم وأکبرهم وأدهاهم وأخفاهم
اللهم اهلک أعلمـهم بالسحر وأشدّهم وأقواهم سحراً
اللهم اهلک کل جبار عنید اللهم اهلک کل جبار عنید اللهم اهلک کل جبار عنید شیطان متکبر مرید
اللهم اهلک من تسلطو بالسحر على عبادک عددا اللهم اقتلهم بدد فانـهم لا یعجزونک
اللهم علیک بکل ملک ساحر من الجان بسحره المستمر تسلط
اللهم إنا نجعلک فی نحروهم ونعوذ بک من شرِّورهم إکفناهم بما شئت وکیف شئت
اللهم اهلک من تسلّطوا بالسحر على عبادک عدداً، اللهم واقتلهم بدداً ، ولا تغادر منـهم أحداً ، فإنـهم لا یعجزونک ،
اللهم وأهلکهم هلاک عادٍ وثمود
اللهم اجعل عالیـهم سافلهم کقوم لوط
اللهم وأرجمـهم بحجارة اللهم وأرجمـهم بحجارة اللهم وأرجمـهم بحجارة اللهم وأرجمـهم بحجارة من سجیل منضود مسومة من عندک من الشیـاطین غیر بعید
اللهم وأرسل علیـهم ریحاً صرصراً
اللهم أرسل علیـهم ریحاً صرصراً فی یوم نحسٍ مستمر
اللهم اجعلهم کأعجاز نخلٍ منقعر
اللهم أهلکهم بالطاغیة
اللهم لا تجعل لهم من باقیة
اللهم سلط علیـهم جنداً من جندک
وملائکةً من عندک
اللهم أنزل علیـهم رجزک الألیم
وعذابک الشدید
اللهم سلط علیـهم جنداً من جندک وملائکة من عندک یسومونـهم سوء العذاب
یضربون وجوههم وأدبارهم ، وأذقهم عذاب الحریق
اللهم أنزل علیـهم رجزاً من السماء، اللهم وأغرقهم وأطبق علیـهم کقوم فرعون الماء
اللهم أرسل علیـهم أنجماً ثاقبة وشـهباً حارقة وشـهباً حارقة وصواعق قاتلة مدمرة
اللهم انزل علیـهم بأسک الشدید
اللهم زلزلهم زلزالاً شدیداً
واکبتهم والعنـهم لعناً کبیراً
اللهم اقتل من سحر وطغى وبغى وکان لآیـاتک عنیدا
اللهم ارهقه صعوداً
اللهم اجعل النجوم علیـهم رجوماً
والزّقوم لهم طعاماً
واسقهم حمـیماً
اللهم ألق فی قلوبهم الرعب
وفزّعهم وحل بینـهم وبین مایشتهون
اللهم قتّلهم تقتیلاً وحرّقهم تحریقاً
اللهم صبّ من فوق رؤوسهم الحمـیم
اللهم واصهر بـه مافی الأرحام والظهور والأیدی والأرجل والعورات والبطون
اللهم احرقهم بنار تأتیـهم بغتة فتبهتهم لایستطیعون ردها عن وجوههم وأجسادهم
واجعلهم حصیداً خامدین
اللهم صب علیـهم العذاب صباً
اللهم لاتبقِ منـهم أحداً أبداً
اللهم صب علیـهم سوط عذاب
اللهم کن لهم بالمرصاد
اللهم اجعلهم کهشیم محتظر
للهم إجعل فی أعناقهم وأیدیـهم وأرجلهم سلاسل وأغلالاً وسعیراً
اللهم علیک بمن أدبر واستکبر وعبس للحق وبسر وحسد وعقد وربط وسحر
اللهم واصله سقر ولا تبقِ منـه ولا منولا تذر
اللهم واخسف بهم الأرض
وأرسل علیـهم حاصباً من السماء
واقطع عنـهم أسباب الحیـاة
وأنزلهم من صیـاصیـهم
وأخرجهم من حصونـهم وبیوتهم أذلّة صاغرین
اللهم واکسر ملکهم واقصم ظهورهم واکسر شوکتهم وعطّل أسلحتهم وما یستخدمونـه فی أسحارهم ضد المسلمـین
اللهم أبطل أسحارهم أینما کانت وکیفما کانت
اللهم علیک بالیـهود والنصارى ومن شایعهم وأعانـهم من السحرة یـاقوی یـامتین
بسم الله یبطل کل سحر
بسم الله یبطل کل سحر مأکول
بسم الله یبطل کل سحر
بإسمک اللهم أبطل کل سحر مأکول
بسم الله یبطل کل سحر معقود
بسم الله یبطل کل سحر مرشوش
بسم الله یبطل کل سحرمدفون
بسم الله یبطل کل سحرمحروس
سم الله یحرق کل سحرمحروس
اللهم ابطل کل سحر مدفون عند البیوت
بسم الله یبطل کل سحر مدفون تحت الاعتاب
اللهم ابطل کل سحر مدفون فی القبور
اللهم ابطل کل سحر فی قبر
اللهم ابطل کل سحر فی مـیت فی قبر
اللهم ابطل کل سحر منثور
اللهم ابطل کل سحر فی عطر او بخور
اللهم ابطل کل سحر مشموم فی عطر او بخور
اللهم ابطل کل سحر مکتوب
اللهم ابطل کل سحر بدم مکتوب
اللهم ابطل کل سحر بدم کتبوه
اللهم ابطل کل سحر بحروف او ارقام او جداول کتبوه
اللهم ابطل کل سحر من شمس المعارف کتبوه ونقلوه
اللهم ابطل کل سحر سفلی
اللهم ابطل کل سحر قدیم قوی خفی
اللهم ابطل سحر الکواکب والنجوم
اللهم ابطل سحر عباد الکواکب والنجوم
اللهم ابطل کل اسحار الیـهود
اللهم ابطل کل اسحار الیـهود والنصارى والبوذیین والهندوس انک انت القوی العزیز
اللهم ابطل کل سحر فی کنیسة عقدوه
اللهم ابطل کل سحر على صورة صنعوه
اللهم ابطل کل سحر فی تمثال صنعوه
اللهم ابطل کل سحر فی تماثل بابر ودبابیس صنعوه
اللهم ابطل کل سحر فی تمثال
اللهم ابطل کل سحر فی تمثال ربطوه
اللهم ابطل کل سحر فی تمثال دفنوه
اللهم ابطل کل سحر فی خیط عقدوه
اللهم ابطل کل سحر فی خیوط عقدوه
اللهم ابطل کل سحر معقود مربوط
اللهم ابطل کل سحر من اجزاء الحیوان صنعوه
اللهم ابطل کل سحر فی شعر عقدوه
اللهم ابطل کل سحر من اثار المسحور صنعوه
اللهم ابطل کل سحر من ملابس المسحور ربطوه وعقدو
اللهم ابطل کل سحر بدم کتبوه
اللهم ابطل کل سحر بدم امراءة کتبوه
اللهم ابطل کل سحر بدم امراءة صنعوه
اللهم ابطل کل سحر بذهب او فظة او نحاس او زئبق صنعوه
اللهم ابطل کل سحر بزئبق استجلبوا بـه الشیـاطین
اللهم ابطل سحر الاروح
اللهم ابطل سحر قلب العقول
اللهم ابطل سحر الجنون
اللهم ابطل سحر تفریق الازواج
اللهم ابطل سحر الطلاق
اللهم ابطل اسحار الطلاق والفرقة والبغضاء
اللهم ابطل سحر البغضاء
اللهم واجعل فی سحر الطلاق زیـادة فی المحبة
اللهم واجعل فی سحر تفریق الازواج زیـادة فی المحبة والمودة
اللهم ابطل اسحار المحبة
اللهم ابطل اسحار المحبة المحرمة
اللهم ابطل اسحار الزنا
اللهم ابطل اسحار الوقوع فی الزنا
اللهم ابطل اسحار التسخیر والجلب والمحبة
اللهم ابطل کل سحر على القلوب
اللهم ابطل کل سحر یغیر القلوب
اللهم ابطل عقد المحبة
اللهم ابطل سحر تعطل الزواج
اللهم ابطل سحر العنوسة
اللهم ابطل سحر البوار
اللهم ابطل سحر صرف الازواج
اللهم ابطل اسحار الجان
اللهم ابطل اسحار العاشق
اللهم ابطل سحر العاشق
اللهم ابطل سحر العاشق من الجان
اللهم ابطل اسحار المرض
اللهم ابطل اسحار السرطان
اللهم ابطل اسحار الجنون
اللهم ابطل سحر الجنون
اللهم ابطل سحر الوسوسة
اللهم ابطل سحر عدم الانجاب
اللهم ابطل سحر الاسقاط
اللهم ابطل سحر العقم
اللهم ابطل اسحار العقم والنزیف
اللهم ابطل اسحار النزیف
اللهم حل کل عقد فی الارحام
اللهم حل کل عقد وربط شدید فی الارحام
اللهم احرق مافی الارحام من عقد وسدد
اللهم ابطل سحر ربط الازواج
اللهم حل کل ربط على الازواج
اللهم حل کل ربط على العورات
اللهم ابطل سحر الازواج
اللهم ابطل اسحار البغضاء
اللهم ابطل سحر تعطیل العمل
اللهم ابطل سحر الخسارة
اللهم ابطل سحر تبدید الاموال
اللهم ابطل اسحار الفقر
اللهم ابطل اسحار الکفر
اللهم ابطل کل سحر یصد عن الالتزام
اللهم ابطل کل سحر یصد عن الاستقامة
اللهم ابطل کل سحر یصد الحجاب
اللهم ابطل کل سحر یصد عن القران
اللهم ابطل کل سحر یصد عن الاسلام
اللهم ابطل اسحار الکفر والفجور
اللهم ابطل اسحار الشک
اللهم ابطل اسحار القتل والهلاک
اللهم ابطل سحر القتل والانتقام والهلاک
اللهم ابطل اسحار السرقة والابتزاز
اللهم ابطل سحر السرقة والابتزاز
اللهم ابطل کل سحر مستمر
اللهم ابطل کل سحر مستمر یجدد
اللهم ابطل کل سحر تم بالعیون
اللهم ابطل کل سحر تم بنظرة
اللهم ابطل کل سحر من عین الساحر تم
اللهم ابطل کل سحر قوی
اللهم ابطل کل عقدة
اللهم ابطل کل عقدة فی الاجساد
اللهم احرق کل عقدة وحل کل عقدة
اللهم ابطل اکبر العقد
اللهم حل اکبر العقد
اللهم حل اکبر عقدة تفرعت منـها العقد
اللهم اقلب السحر على من سحر
اللهم ابطل سحر الاسر
اللهم ابطل کل سحر اصله فی الام او الاب
اللهم ابطل کل سحر خفی قوی
اللهم ابطل کل سحر غار فی الاجواف
اللهم اقلب السحر على من سحر
اللهم اذق الساحر الم سحره
اللهم اجعل عاقبة امره خسران
اللهم اقلب السحرة على اعوانـهم
اللهم اقلب السحرة على اعوانـهم وسحرتهم
اللهم اقلب اعوان السحرة خائبین
اللهم رد کیدهم فی نحورهم اللهم اخرجهم من الاجساد اذلة صاغرین
اللهم انصر عبدک وامتک
اللهم انصر کتابک ودینک وسنة نبیک علیـه الصلاة والسلام
اللهم افتح لعبدک فتحا مبینا
اللهم اشفه شفاء لا سقم بعده
اللهم انزل الشفاء اللهم ارفع کل الداء اللهم اشفهم بشفاک واحجر عنـهم اذاک اللهم انت الشافی لاشفاء الا شفاک شفاء لا یغادر سقما
اللهم لایبطل السحر الا انت سبحانک
ولا یحل العقد الا انت سبحانک

***
توجه شود:
در کاغذ بی خط نوشته شود و شرایط عمومـی نوشتن دعا رعایت گردد.

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C%DB%8C-%D9%82%D9%88%DB%8C-%D9%88-%D9%85%D8%AC%D8%B1%D8%A8-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%DB%8C-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D9%88-%D8%B3/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

روش درمان و باطل طلسم و سحر   
درمان و باطل طلسم و سحر مکتوب هوایی
طلسم و سحر هوایی یـا بادی: این نوع سحر درون معرض هوا یـا باد و در جهت مورد نظر معلق و آویزان مـیشود. زمانی کـه جریـان هوا یـا باد این طلسم را بـه حرکت درمـی آورد موجب تاذی و تاثیر بر شخص مسحور مـیگردد.
از علامتها و نشانـه های این سحر و طلسم هوایی این هست که شخص مسحور و مطلسم با هر جریـان هوا و باد شدیدی متاذی مـیشود و احساس ناراحتی او تشدید مـیشود.

تعریف سحر و طلسم هوایی یـا بادی: طلسم و سحر هوایی طلسمـی هست که بر روی ورقه بـه صورت ارقام و حروف نوشته مـیشود. نوشتن و شکل این نوع طلسم چیزی هست مثل حرز و تعویذات عادی. درون بعضی حالات این طلسم بـه شکل مثلث و یـا دوایر مخصوصه  مـیباشد. معنی دایره این هست که درون مواقع مشخصی از سال گردش کند و این دوران و گردش باعث تقویت این نوع سحر درون روزهای چهاردهم و پانزدهم و یـا اواخر ماه قمری مـیگردد.  

نشانـه های سحر و طلسم هوایی:
احساس ثقل و سنگینی درون ناحیـه سر و همچنین کثرت و زیـاد شدن فراموشی
سردرد و سرگیجه شدید درون بیشتر مواقع
بی حالی ول بودن و خمودگی و خستگی بدون دلیل
فرد مسحور تصور مـیکند کـه سایـه ها و اشباحی را عموما بصورت سگ یـا مار و افعی بطور مستمر مـی بیند.

نشانـه های فرد مسحورشده با این طلسم درون هنگام قرائت آیـات مبارکه ابطال سحر و طلسم بر او عبارتند از:
1- سرگیجه و کلافگی و عدم تمرکز فکری و ذهنی
2- خوف و ترس شدید و سرگیجه مداوم

معالجه و درمان این نوع سحر و طلسم:
فرد معالجه کننده حتما در این زمـینـه تجربه و دانش لازم را داشته باشد کـه بتواند نوع طلسم و سحر را تشخیص دهد.
راه سریع و سهل و آسان به منظور تشخیص این نوع سحر زمانی هست که آیـات مربوط بـه سحر قرائت شود:
( قال موسى ما جئتم بـه السحر إن الله سیبطله ) را قرائت کند و بر مریض مکررا بخواند. درون این حالت فرد مریض احساس حالت سرگیجه و چرخش را مـیکند کـه در ادامـه نیز با گریـه او همراه خواهد بود.
چرا سحر معلق و مکتوب انجام شده است؟ بخاطر اینکه سحر و طلسم مکتوب و معلق بسیـار دور از دسترس شخص مسحور است. مثلا بر درختی آویزان شده و با وزش هر هوایی تشدید مـیشود و فرد متاذی مـیگردد .

درمان سحر و طلسم هوایی:  
درمان شخص مسحور مـیتواند بـه طرق و روشـهای مختلف صورت گیرد. ولی افراد آشنا بـه علوم غریبه و باطل سحر و طلسم هر چند ممکن هست در جزئیـات روشـهای متفاوتی داشته باشند ، روش کلی آنـها تقریبا مشابه است.
شخص درمان کننده و معالج حتما به علوم غریبه و شیوه های ابطال سحر آشنا باشد. ببینید ، درمان کننده و باطل کننده سحر ، به منظور درمان سحر و طلسم هوایی، حتما آیـات سحر و الزلزله و المعوذتین را مکررا قرائت کند و سپس ورقه ای کـه بر آن آیـات باطل کننده سحر و آیـات شفا و آیـه الکرسی و المعوذتین  و حدیث ( بسم الله الذی لا یضــر مع اسمـه شیء فی الأرض ولا فى السماء وهو السمـیع العلیـم ) نوشته شده باشد بـه شخص داده شود و مسحور از آبی کـه بر آن آیـات مخصوص ابطال سحر قرائت شده باشد بنوشد و با آبی کـه آیـات مذکور بر آن قرائت شده هست (کمـی هم گلاب بـه آن اضافه کند)  چند روز پی درون پی هست کند که تا خداوند عزوجل او را شفا عنایت فرماید.  
آیـات شریفه ای را کـه باید بر آب خوانده شود عبارت از آیـات ذیل است:

(الّذِینَ قَالَ لَهُمُ النّاسُ إِنّ النّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَکُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِیمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَکِیلُ * فَانْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لّمْ یَمْسَسْهُمْ سُوَءٌ وَاتّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِیمٍ * إِنّمَا ذَلِکُمُ الشّیْطَانُ یُخَوّفُ أَوْلِیَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن کُنتُمْ مّؤْمِنِینَ) (آل عمران :173-175)

( إِذْ تَسْتَغِیثُونَ رَبّکُمْ فَاسْتَجَابَ لَکُمْ أَنّی مُمِدّکُمْ بِأَلْفٍ مّنَ الْمَلآئِکَةِ مُرْدِفِینَ * وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاّ بُشْرَىَ وَلِتَطْمَئِنّ بِهِ قُلُوبُکُمْ وَمَا النّصْرُ إِلاّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنّ اللّهَ عَزِیزٌ حَکِیمٌ *إِذْ یُغَشّیکُمُ النّعَاسَ أَمَنَةً مّنْهُ وَیُنَزّلُ عَلَیْکُم مّن السّمَآءِ مَآءً لّیُطَهّرَکُمْ بِهِ وَیُذْهِبَ عَنکُمْ رِجْزَ الشّیْطَانِ وَلِیَرْبِطَ عَلَىَ قُلُوبِکُمْ وَیُثَبّتَ بِهِ الأقْدَامَ ) الأنفال (9-11)

( وَقَالَ لَهُمْ نِبِیّهُمْ إِنّ آیَةَ مُلْکِهِ أَن یَأْتِیَکُمُ التّابُوتُ فِیـهِ سَکِینَةٌ مّن رّبّکُمْ وَبَقِیّةٌ مّمّا تَرَکَ آلُ مُوسَىَ وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِکَةُ إِنّ فِی ذَلِکَ لاَیَةً لّکُمْ إِن کُنْتُم مّؤْمِنِینَ ) (البقرة –248)

( ثُمّ أَنَزلَ اللّهُ سَکِینَتَهُ عَلَىَ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِینَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لّمْ تَرَوْهَا وَعذّبَ الّذِینَ کَفَرُواْ وَذَلِکَ جَزَآءُ الْکَافِرِینَ ) (التوبة:26)

( إِلاّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الّذِینَ کَفَرُواْ ثَانِیَ اثْنَیْنِ إِذْ هُمَا فِی الْغَارِ إِذْ یَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَکِینَتَهُ عَلَیْهِ وَأَیّدَهُ بِجُنُودٍ لّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ کَلِمَةَ الّذِینَ کَفَرُواْ السّفْلَىَ وَکَلِمَةُ اللّهِ هِیَ الْعُلْیَا وَاللّهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ ) (التوبة:40 )

( هُوَ الّذِیَ أَنزَلَ السّکِینَةَ فِی قُلُوبِ الْمُؤْمِنِینَ لِیَزْدَادُوَاْ إِیمَاناً مّعَ إِیمَانِهِمْ وَلِلّهِ جُنُودُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَکَانَ اللّهُ عَلِیماً حَکِیماً ) ( الفتح:4)

( لّقَدْ رَضِیَ اللّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِینَ إِذْ یُبَایِعُونَکَ تَحْتَ الشّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِی قُلُوبِهِمْ فَأنزَلَ السّکِینَةَ عَلَیْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِیباً ) ( الفتح: 18)

( إِذْ جَعَلَ الّذِینَ کَفَرُواْ فِی قُلُوبِهِمُ الْحَمِیّةَ حَمِیّةَ الْجَاهِلِیّةِ فَأَنزَلَ اللّهُ سَکِینَتَهُ عَلَىَ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِینَ وَأَلْزَمَهُمْ کَلِمَةَ التّقْوَىَ وَکَانُوَاْ أَحَقّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَکَانَ اللّهُ بِکُلّ شَیْءٍ عَلِیماً ) ( الفتح:26)

( الّذِینَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِکْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِکْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ ) (الرعد :28)

( قَالَ رَبّ اشْرَحْ لِی صَدْرِی * وَیَسّرْ لِیَ أَمْرِی * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مّن لّسَانِی* یَفْقَهُواْ قَوْلِی ) (طه:24–28)

( إِنّ الّذِینَ قَالُواْ رَبّنَا اللّهُ ثُمّ اسْتَقَامُواْ تَتَنَزّلُ عَلَیْهِمُ الْمَلاَئِکَةُ أَلاّ تَخَافُواْ وَلاَ تَحْزَنُواْ وَأَبْشِرُواْ بِالْجَنّةِ الّتِی کُنتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30)

( وَقَالُواْ الْحَمْدُ للّهِ الّذِیَ أَذْهَبَ عَنّا الْحَزَنَ إِنّ رَبّنَا لَغَفُورٌ شَکُورٌ ) (فاطر:34)

( أَلَمْ نَشْرَحْ لَکَ صَدْرَکَ * وَوَضَعْنَا عَنکَ وِزْرَکَ * الّذِیَ أَنقَضَ ظَهْرَکَ * وَرَفَعْنَا لَکَ ذِکْرَکَ * فَإِنّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً * إِنّ مَعَ الْعُسْرِ یُسْراً * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَىَ رَبّکَ فَارْغَبْ )

( لإِیلاَفِ قُرَیْشٍ * إِیلاَفِهِمْ رِحْلَةَ الشّتَآءِ وَالصّیْفِ * فَلْیَعْبُدُواْ رَبّ هَذَا الْبَیْتِ * الّذِیَ أَطْعَمَهُم مّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مّنْ خَوْفٍ )

باید متذکر شد کـه تمامـی اینـها صرفا اسباب و لوازم است  ولکن الشفاء بیدی الله تعالى .

***
اللهم ابطل کل سحر مستمر
اللهم ابطل کل سحر مستمر یجدد
اللهم ابطل کل سحر تم بالعیون
اللهم ابطل کل سحر تم بنظرة
اللهم ابطل کل سحر من عین الساحر تم
اللهم ابطل کل سحر قوی
اللهم ابطل کل عقدة
اللهم ابطل کل عقدة فی الاجساد
اللهم احرق کل عقدة وحل کل عقدة
اللهم ابطل اکبر العقد
اللهم حل اکبر العقد
اللهم حل اکبر عقدة تفرعت منـها العقد
اللهم اقلب السحر على من سحر
اللهم ابطل سحر الاسر
اللهم ابطل کل سحر اصله فی الام او الاب
اللهم ابطل کل سحر خفی قوی
اللهم ابطل کل سحر غار فی الاجواف
اللهم اقلب السحر على من سحر

http://www.malakootiha.com/%D8%B1%D9%88%D8%B4-%D8%AF%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%88-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D9%88-%D8%B3%D8%AD%D8%B1/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

روش باطل طلسم و سحر خوراندنی , عوارض و نشانـه های طلسم   
عوارض و نشانـه های طلسم و روش باطل طلسم
علاج طلسم و سحر ماکول و خورانده شده و روش و نحوه باطل طلسم (سحر و طلسم اکل و شرب)

تعریف این نوع طلسم و سحر:   
در این مطلب صرفا درون مورد سحر و طلسم خورانده شده بـه فرد طلسم شده (طلسم اکل و شرب) سخن گفته مـیشود.
سحر و طلسم خوراندنی نوعی از طلسم هست که درون بطن و خون و پوست  فرد مسحور و مطلسم وارد مـی شود وهر کجا کـه فرد و شخص برود سحر و طلسم هم همراه اوست و این همان سحر و طلسم اکل و شرب (خوراندنی) مـیباشد.

طریقه عمل این طلسم: 
این نوع سحر و طلسم عبارت از این هست که ساحر و طلسم کننده اسم شخص مورد نظر را بـه همراه نام مادرش بر ورقه ای  مـینویسد (به صورت حروف و ارقام جدا و مفرقه ) و سپس نام موکل (جن) و در آخر نیز آنچه کـه موکل حتما انجام دهد.
شرط انجام شدن این نوع طلسم هم این هست که طلسم کننده موکل داشته باشد. بعد از احضار، موکل انجام عمل و طلسم نوشته و ترسیم شده درون ورقه را عهده دار خواهد گردید.
پس از اینکه شخص مورد نظر از خوردنی کـه از قبل طلسم درون آن قرار گرفته هست بخورد یـا بیـاشامد منافذ بدنش باز خواهد شد و موکل درون او حلول خواهد نمود (وارد جسمش خواهد شد) و کاری کـه از او خواسته شده هست انجام مـیدهد.
ورقه ای کـه طلسم بر روی آن نوشته شده هست در مقداری آب انداخته  مـیشود و این آب یـا نوشانده مـیشود و یـا درون غذای فرد انداخته مـیشود و به او خورانده مـیشود. این همان سحر و طلسم اکل و شرب است. 

عوارض و نشانـه های این نوع از طلسم و سحر:    
مشکلات گوارشی شدید و اینکه شخص احساس قولنج و دلپیچه و گرفتگی و انقباضات شدید درون معده خواهد داشت و این فرایند مداوم است.
سرگیجه های مداوم و مستمر
گریـه های بدون دلیل
احساس حالت تهوع مداوم و مکرر خصوصا درون اثنای طلسم شدن
نفس نفس زدن بیش از حد از بینی و زیـاد شدن آب دهان
درد شدید درون ناحیـه شکمـی
احساس حرارت و تهوع شدید
سرو صدای ناحیـه شکمـی (بطن) و زیـاد شدن گازهای شکمـی درون زمان طلسم
دردهای شدید مقطعی
خروج رایحه کریـهه (بوهای ناخوشایند) از معده از طریق دهان
عدم رغبت بـه خوردن و آشامـیدن
امساک مزمن (نخوردن و نیـاشامـیدن) درون بعضی حالات
ضعف قوه بینایی و اینکه درون چشم خود نوری را مشاهده مـینماید
از علامات و نشانـه های مـهم سحر و طلسم خوردنی سیـاه شدن چهره است. این علامت درون زمان باطل شدن طلسم از بین مـیرود و رنگ رخسار و صورت شخص طلسم شده بـه حالت عادی خود برمـیگردد.

عوارض طلسم درون هنگام خواب عبارتند از:  
حالت خفگی و اینکه فرد احساس مـیکند کـه حرارت جسمش زیـاد شده
گریـه درون خواب
دیگر اینکه فرد طلسم شده خوابهای پریشان پی درون پی و مستمر مـیبیند
خواب ماهی مـیبیند ، خواب باران مـیبیند ، خواب دریـا و اینکه درون حال غرق شدن درون دریـاست

درمان طلسم خوراندنی (اکل و شرب):   
برای درمان این نوع سحر و طلسم طرق و روشـهای فراوانی وجود دارد.
مواردی کـه برای درمان این نوع سحر وجود دارد و خوراندنی هستند عبارتند از: تخم مرغ ، عسل ، روغن زیتون ، نمک ، ریحان.
در مورد نحوه و روش درمان طلسم خوراندنی مورد مربوط بـه عسل  ذکر خواهد شد.

درمان فرد طلسم شده با عسل:
یک کیلو گرم عسل طبیعی و خالص را تهیـه نموده و در آن (روغن حبه البرکه) مـی اندازیم (به عبارت دیگر روغن سیـاه دانـه را با عسل مخلوط مـیکنیم و سپس آیـات مربوط بـه ابطال را بر آن قرائت مـیکنیم. شخص طلسم شده حتما روزانـه شش قاشق چای خوری از این معجون بخورد. سه قاشق درون طول روز زمانی کـه معده خالی هست و سه قاشق زمان خواب. ضمن اینکه هفت روز نیز حتما بطور پیوسته با آبی کـه بر آن آیـات مخصوص باطل السحر خوانده شده هست است نماید و قبل از هست قدری از آن آب را بیـاشامد.
ببینید،  سوالی کـه پیش مـی آید و باید متذکر شد این هست که چرا حتما از عسل همراه با روغن سیـاه دانـه به منظور درمان استفاده شود؟ پاسخ این هست که حتی درون قرآن کریم نیز بـه خاصیت درمانی عسل اشاره شده است. خداوند جل جلاله درون سوره نحل مـیفرماید:
یَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِیـهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِی ذَلِکَ لآیَةً لِّقَوْمٍ یَتَفَکَّرُونَ ) ( النحــل / 69 )
رسول الله – صلى الله علیـه و آله و سلم نیز درون این زمـینـه مـیفرمایند: ( إن فی الحبة السوداء شفاء من کل داء إلا السأم ) .

*****
اللهم احصِ السحرة وأعوانـهم عدداً
اللهم واقتلهم بدداً
اللهم ولا تغادر منـهم أحداً
اللهم قتّل السحرة وأعوانـهم أجمعین
اللهم إنّا نجعلک فی نحورهم
اللهم إنّا نعوذ بک من شرورهم اللهم إنّا نعوذ بک من اسحارهم وعقدهم وربطهم یـاقوی یـا متین
اللهم إنّا ونعوذ بک من اسحارهم وعقدهم وربطهم.

http://www.malakootiha.com/%D8%B1%D9%88%D8%B4-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D9%88-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D8%AE%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%86%DB%8C-%D8%B9%D9%88%D8%A7%D8%B1/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای باطل طلسم ، باطل شدن سحر و طلسم
برای باطل هر گونـه سحر و طلسم و بستگی درون کارها بهترین روشـها، یـاری جستن از آیـات شریفه قرآنی است. باطل السحر ذیل به منظور از بین بردن هر گونـه طلسم و باز شدن بسته شده بسیـار مجرب است.

***
باطل سحر 
هر گاه برایی سحر و جادو کرده باشند و او را سرگردان و آواره از دنیـا و شغل نموده باشند حتما عمل باطل السحر انجام دهد که تا در حق او هر سحر و جادویی و به هر زبانی و به هر قلمـی کـه در حق او شده باطل شود.
این عمل را درون روز یکشنبه و در ساعت شمس یـا درون روز پنجشنبه درون ساعت مشتری یـا درون روز جمعه و در ساعت زهره حتما انجام داد و در اول ماه و به مشک و زعفران و گلاب یـا آب باران و با چوب زیتون نوشته شود.
هر گاه خواستی باطل سحر به منظور خود یـا شخصی بنویسی بر روی کاغذ سفید معوذتین را ( کـه سوره مبارکه ناس و فلق مـی باشد) نوشته و همچنین آیـه فوق را و سپس ان را درون ظرف آب بزرگی انداخته و با آن غسل مـی کنی و به نیت باطل سحر و هنگامـی کـه غسل انجام مـی دهی حتما آب از روی بدنت بر روی زمـین نریزد بلکه ظرفی مانند تشت زیر پا گذاشته و آب درون داخل ظرف جمع شود و آن آب جمع شده را درون ظرف روان مـیریزی [ مـیتوان درون آب روان ریخت یـا آب را درون نزدیک منزل پاشید ] درون آب روان  و این عمل غسل را حتما هفت روز مداوم و بدون قطع نمودن انجام دهی. 

و این آیـات را حتما بر روی ورقه نوشت :
((بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِیمِ *
قُل اَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ * مِن شَرِّمَا خَلَقَ * وَ مِن شَرِّ غَاسِقٍ اِذَا وَقَبَ * وَ مِن شَرِّ النُّفَّاثَاتِ فِی العُقَدِ * وَ مِن شَرِّ حَاسِدٍ اِذَا حَسَدَ ))
(( بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِیم *
قُل اَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلَکِ النَّاسِ * اِلَهِ النَّاسِ * مِن شَرِّ الوَسوَاسِ الخَنَّاسِ * اَلَّذِی یُوَسوِسُ فِی صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ ))

(( بسم الله الرحمن الرحیم
فوقع الحق و بطل ما کانوا یعملون فغلبوا هنالک و انقلبوا صغرین و القی السحرة ساجدین – قالوا امنا برب العالمـین رب موسی و هارون فلما القوا قال موسی ما جئتم بـه السحر ان الله سیبطله ان الله لا یصلح عمل المفسدین و بحق الله الحق بکلمة و لوکره المجرمون انما صنعوا کید ساحر و لا یفلح الساحر حیث اتی یـا شکیکفی یـا قاهروا . ))

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D8%8C-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%D8%B4%D8%AF%D9%86-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای باطل طلسم ، دفع جن و شیـاطین و طلسم   
دعاهای مجرب ذیل به منظور درمان صرع (موارد خاص) و نیز دفع و جلوگیری و از هر گونـه سحر و طلسم و بستگی و همچنین باطل آن است. همچنین  به منظور دور نمودن و دفع سریع شر جن و شیـاطین و جادوگران بسیـار مجرب و نافع است.

براى دفع شیـاطین و جادوگران
از حضرت رسول خدا صلى الله علیـه و آله وارد شده کـه آیـه سخره بخوانند و آن این هست :
اِنَّ رَبَّکُمُ اللَّهُ الَّذى خَلَقَ السَّمواتِ وَالاْرْضَ فى
همانا پروردگار شماى هست که آفرید آسمانـها و زمـین را در
سِتَّةِ اَیّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ یُغْشِى اللَّیْلَ النَّهارَ یَطْلُبُهُ حَثیثاً وَ الشَّمْسَ
شش روز سپس بـه عرش پرداخت ، بپوشاند شب را بـه روز کـه با شتاب از دنبال آن رود و مـهر
وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِاَمْرِهِ اَلا لَهُ الْخَلقُ وَالاْمْرُ تَبارَکَاللَّهُ رَبُّ
و ماه و ستارگان تحت فرمان اویند بدانید کـه از اوست آفرینش و فرمان بزرگست خدا پروردگار
الْعالَمـینَ اُدْعُوا رَبَّکُمْ تَضَرُّعاً وَ خُفْیَةً اِنَّهُ لا یُحِبُّ الْمُعْتَدینَ وَلاتُفْسِدُوا فِى
جهانیـان بخوانید پروردگار خویش را بـه زارى و پنـهانى کـه او تجاوزکاران را دوست ندارد و فساد نکنید درون روى
الاْرْضِ بَعْدَ اِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَ طَمَعاً اِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَریبٌ مِنَ
زمـین بعد از اصلاح آن و بخوانید خدا را با بیم و امـید براستى کـه رحمت خدا نزدیک است
الْمُحْسِنینَ
به نیکوکاران
و درون بعضى روایت هست که که تا تَبارَکَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمـینَ بخواند
و از حضرت رسول صلى الله علیـه و آله نقل شده کـه بر هر یک از برگ و دانـه درخت اسفند ملکى موکّل هست که با آنـها هست که تا آنکه بپوسد و ریشـه اش و شاخش غم و سحر را برطرف مى کند و در دانـه اش شفاى هفتاد درد هست پس مداوا کنید بـه اسفند و کُنُدر
و از حضرت امام رضا علیـه السلام منقول هست که مصروعى را دید بعد طلب کرد قدحى از آب و خواند بر آن حمد و معوّذتین و دمـید درون قدح بعد امر فرمود کـه از آن آب بر سر و صورتش ریختند که تا به هوش آمد و فرمود دیگر عود نخواهد کرد بسوى تو هرگز
و روایت شده از حضرت رسول صلى الله علیـه و آله کـه اگر جنّ سنگى افکند آن سنگ را بگیرد و بیـافکند بـه همان موضعى کـه سنگ از آنجا آمده و بگوید:
حَسْبِىَ اللَّهُ وَ کَفى وَ
بس هست مرا خدا و کافى هست و
سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ دَعا لَیْسَ وَراءَ اللَّهِ
مى شنود خدا دعاىى را کـه بخواندش و برتر از خدا جایى نیست
مُنْتَهى

و نیز از براى شرّ جنّیـان نگاه داشتن مرغ و خروس و کبوتر و بزغاله درون خانـه نافع است
و نیز از براى شرّ جنّیـان درون سفر و بیـابان و مواضع هولناک آن از حضرت صادق علیـه السلام مروى هست که دست بر بالاى سر گذارد و به صداى بلند بخواند
اَفَغَیْرَ دینِ اللَّهِ یَبْغُونَ وَ لَهُ اَسْلَمَ مَنْ فِى السَّمواتِ وَالاْرْضِ طَوْعاً وَ کَرْهاً وَ اِلَیْهِ یُرْجَعُونَ
آیـا غیر دین خدا را مى جویید با اینکه برایش تسلیم گشته آسمانـها و زمـین از روى مـیل و اکراه و بسویش بازگردند
و نیز درون بیـابان درون مواضع مُوحشـه و هولناک وارد شده هست که بلند اذان گویند.

مفاتیح الجنان ، حاج شیخ عباس قمـی (رحمـه الله علیـه).
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D8%8C-%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D8%AC%D9%86-%D9%88-%D8%B4%DB%8C%D8%A7%D8%B7%DB%8C%D9%86-%D9%88-%D8%B7/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای حفظ از بلا ، دعای حفظ از دشمن
دعایی به منظور حفاظت و امان  از شر جن و انس:
و آن دعایی هست که درون کتاب مـهج الدعوات و منـهج العنایـات سید بن طاووس از قول  پیـامبر اکرم صلى الله علیـه و آله و سلم نقل شده است. دعائی هست بسیـار مجرب و موثر و فواید و نتایج عظیمـه درون حفظ و رفع بلا، درون امان ماندن و تحصین از جمـیع بلایـا و آسیبها دارد.

و دعا این است:
دعاى پیغمبر اکرم صلى الله علیـه و آله و سلم براى امان از شرّ جن و انس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَیْهِ تَوَکَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ مَا شَاءَ اللَّهُ کَانَ وَ مَا لَمْ یَشَأْ لَمْ یَکُنْ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ کُلِ‏ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ عِلْماً اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِکَ مِنْ شَرِّ نَفْسِی وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِیَتِها إِنَّ رَبِّی عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ‏.

مـهج الدعوات و منـهج العنایـات، سید بن طاووس الحسنی الحسینی.

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%8A-%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D8%A7%D8%B2-%D8%B4%D8%B1-%D8%AC%D9%86-%D9%88-%D8%A7%D9%86%D8%B3/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای حفظ از بلا ، دعای حفظ از دشمن
دعایی به منظور حفاظت و امان  از شر جن و انس
و آن دعایی هست که درون کتاب مـهج الدعوات و منـهج العنایـات سید بن طاووس از قول  پیـامبر اکرم صلى الله علیـه و آله و سلم نقل شده است. دعائی هست بسیـار مجرب و موثر و فواید و نتایج عظیمـه درون حفظ و رفع بلا، درون امان ماندن و تحصین از جمـیع بلایـا و آسیبها دارد.

و دعا این است:
دعاى پیغمبر اکرم صلى الله علیـه و آله و سلم براى امان از شرّ جن و انس

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَلَیْهِ تَوَکَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ مَا شَاءَ اللَّهُ کَانَ وَ مَا لَمْ یَشَأْ لَمْ یَکُنْ أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلى‏ کُلِ‏ شَیْ‏ءٍ قَدِیرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحاطَ بِکُلِّ شَیْ‏ءٍ عِلْماً اللَّهُمَّ إِنِّی أَعُوذُ بِکَ مِنْ شَرِّ نَفْسِی وَ مِنْ شَرِّ کُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِناصِیَتِها إِنَّ رَبِّی عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ‏.

مـهج الدعوات و منـهج العنایـات، سید بن طاووس الحسنی الحسینی.

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%8A-%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D8%A7%D8%B2-%D8%B4%D8%B1-%D8%AC%D9%86-%D9%88-%D8%A7%D9%86%D8%B3/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای باطل طلسم ، دعای دفع چشم زخم
دعای باطل طلسم تفریق و تبغیض و دعای دفع چشم زخم
آیـات شریفه ذیل به منظور باطل طلسم و سحر تقریق و تبغیض است. افرادی کـه چشم زخم حسودان و یـا دلایل مختلف دیگر مثل سحر و طلسم موجب تغییر رفتار و بستگی بین او و خانواده اش شده هست و درون حقیقتی کـه از اهل و عیـالش بطور ناگهانی تنفر یـافته و رفتارش تغییر کرده و دلیل آن هم مشخص نیست و تعادل رفتارش بهم خورده و این مساله باعث شده کـه خیلی زود هم عصبانی مـیشود و قدرت تحملش کم شده هست اگر آیـات شریفه بر او خوانده شود بـه اذن و اراده پروردگار فورا درمان خواهد شد.

آیـات ذیل را بخواند:
(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِیعاً وَلاَ تَفَرّقُواْ وَاذْکُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَیْکُمْ إِذْ کُنْتُمْ أَعْدَآءً فَأَلّفَ بَیْنَ قُلُوبِکُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَکُنْتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ النّارِ فَأَنقَذَکُمْ مّنْهَا کَذَلِکَ یُبَیّنُ اللّهُ لَکُمْ آیَاتِهِ لَعَلّکُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران:103]

(وَنَزَعْنَا مَا فِی صُدُورِهِم مّنْ غِلّ تَجْرِی مِن تَحْتِهِمُ الأنْهَارُ وَقَالُواْ الْحَمْدُ للّهِ الّذِی هَدَانَا لِهَذَا وَمَا کُنّا لِنَهْتَدِیَ لَوْلآ أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبّنَا بِالْحَقّ وَنُودُوَاْ أَن تِلْکُمُ الْجَنّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا کُنتُمْ تَعْمَلُونَ) [الأعراف:43]

( وَنَزَعْنَا مَا فِی صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَاناً عَلَىَ سُرُرٍ مّتَقَابِلِینَ) [الحجر:47]

( وَأَلّفَ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِی الأرْضِ جَمِیعاً مّآ أَلّفَتْ بَیْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَکِنّ اللّهَ أَلّفَ بَیْنَهُمْ إِنّهُ عَزِیزٌ حَکِیمٌ ) [الأنفال:63]

( إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَیْنَ أَخَوَیْکُمْ وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّکُمْ تُرْحَمُونَ)[الحجرات:10]

( عَسَى اللّهُ أَن یَجْعَلَ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَ الّذِینَ عَادَیْتُم مّنْهُم مّوَدّةً وَاللّهُ قَدِیرٌ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِیمٌ) [الممتحنة:7]

( وَقُل لّعِبَادِی یَقُولُواْ الّتِی هِیَ أَحْسَنُ إِنّ الشّیْطَانَ یَنزَغُ بَیْنَهُمْ إِنّ الشّیْطَانَ کَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مّبِیناً)[الإسراء:53]

(وَالّذِینَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ یَقُولُونَ رَبّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الّذِینَ سَبَقُونَا بِالإِیمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِی قُلُوبِنَا غِلاّ لّلّذِینَ آمَنُواْ رَبّنَآ إِنّکَ رَءُوفٌ رّحِیمٌ) [الحشر:10]

( أحِلّ لَکُمْ لَیْلَةَ الصّیَامِ الرّفَثُ إِلَىَ نِسَآئِکُمْ هُنّ لِبَاسٌ لّکُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لّهُنّ عَلِمَ اللّهُ أَنّکُمْ کُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَکُمْ فَتَابَ عَلَیْکُمْ وَعَفَا عَنْکُمْ فَالاَنَ بَاشِرُوهُنّ وَابْتَغُواْ مَا کَتَبَ اللّهُ لَکُمْ وَکُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتّىَ یَتَبَیّنَ لَکُمُ الْخَیْطُ الأبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمّ أَتِمّواْ الصّیَامَ إِلَى الّلیْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنّ وَأَنْتُمْ عَاکِفُونَ فِی الْمَسَاجِدِ تِلْکَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا کَذَلِکَ یُبَیّنُ اللّهُ آیَاتِهِ لِلنّاسِ لَعَلّهُمْ یَتّقُونَ) [البقرة :187]

(وَسَارِعُوَاْ إِلَىَ مَغْفِرَةٍ مّن رّبّکُمْ وَجَنّةٍ عَرْضُهَا السّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدّتْ لِلْمُتّقِینَ * الّذِینَ یُنفِقُونَ فِی السّرّآءِ وَالضّرّآءِ وَالْکَاظِمِینَ الْغَیْظَ وَالْعَافِینَ عَنِ النّاسِ وَاللّهُ یُحِبّ الْمُحْسِنِینَ * وَالّذِینَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوَاْ أَنْفُسَهُمْ ذَکَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن یَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلاّ اللّهُ وَلَمْ یُصِرّواْ عَلَىَ مَا فَعَلُواْ وَهُمْ یَعْلَمُونَ) [آل عمران:133-135]

( فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنْتَ فَظّاً غَلِیظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضّواْ مِنْ حَوْلِکَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِی الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکّلْ عَلَى اللّهِ إِنّ اللّهَ یُحِبّ الْمُتَوَکّلِینَ) [آل عمران:159]

( وَدّ کَثِیرٌ مّنْ أَهْلِ الْکِتَابِ لَوْ یَرُدّونَکُم مِنْ بَعْدِ إِیمَانِکُمْ کُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَیّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ یَأْتِیَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ کُلّ شَیْءٍ قَدِیرٌ ) [البقرة:109]

(فَبِمَا نَقْضِهِم مّیثَاقَهُمْ لَعنّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِیَةً یُحَرّفُونَ الْکَلِمَ عَن مّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظّا مّمّا ذُکِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مّنْهُمْ إِلاّ قَلِیلاً مّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنّ اللّهَ یُحِبّ الْمُحْسِنِینَ ) [المائدة:13]

(وَلاَ یَأْتَلِ أُوْلُواْ الْفَضْلِ مِنکُمْ وَالسّعَةِ أَن یُؤْتُوَاْ أُوْلِی الْقُرْبَىَ وَالْمَسَاکِینَ وَالْمُهَاجِرِینَ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَلْیَعْفُواْ وَلْیَصْفَحُوَاْ أَلاَ تُحِبّونَ أَن یَغْفِرَ اللّهُ لَکُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِیمٌ) [النور:22]

(وَمِنْ آیَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُم مّنْ أَنفُسِکُمْ أَزْوَاجاً لّتَسْکُنُوَاْ إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَکُم مّوَدّةً وَرَحْمَةً إِنّ فِی ذَلِکَ لاَیَاتٍ لّقَوْمٍ یَتَفَکّرُونَ) [الروم:21]

( هُوَ الّذِی خَلَقَکُمْ مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِیَسْکُنَ إِلَیْهَا فَلَماّ تَغَشّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِیفاً فَمَرّتْ بِهِ فَلَمّآ أَثْقَلَتْ دّعَوَا اللّهَ رَبّهُمَا لَئِنْ آتَیْتَنَا صَالِحاً لّنَکُونَنّ مِنَ الشّاکِرِینَ) [الأعراف:189]

( وَإِذْ تَقُولُ لِلّذِیَ أَنعَمَ اللّهُ عَلَیْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَیْهِ أَمْسِکْ عَلَیْکَ زَوْجَکَ وَاتّقِ اللّهَ وَتُخْفِی فِی نِفْسِکَ مَا اللّهُ مُبْدِیـهِ وَتَخْشَى النّاسَ وَاللّهُ أَحَقّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمّا قَضَىَ زَیْدٌ مّنْهَا وَطَراً زَوّجْنَاکَهَا لِکَیْ لاَ یَکُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِینَ حَرَجٌ فِیَ أَزْوَاجِ أَدْعِیَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنّ وَطَراً وَکَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً) [الأحزاب:37]

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِکَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّیَّةً وَمَا کَانَ لِرَسُولٍ أَنْ یَأْتِیَ بِآیَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ لِکُلِّ أَجَلٍ کِتَابٌ) [الرعد:38]

( وَاللَّهُ جَعَلَ لَکُمْ مِنْ أَنفُسِکُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَکُمْ مِنْ أَزْوَاجِکُمْ بَنِینَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَکُمْ مِنْ الطَّیِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ یُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ یَکْفُرُونَ) [النحل:72]

( إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْیَوْمَ فِی شُغُلٍ فَاکِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِی ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِکِ مُتَّکِئُونَ * لَهُمْ فِیـهَا فَاکِهَةٌ وَلَهُمْ مَا یَدَّعُونَ) [یس:55-57]

قوله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمّن دَعَآ إِلَى اللّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنّنِی مِنَ الْمُسْلِمِین).

http://www.malakootiha.com/%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D8%AA%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D9%88-%D8%AA%D8%A8%D8%BA%D9%8A%D8%B6-%D9%88-%DA%86%D8%B4%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای باز بسته شده ، شیوه و روش باطل طلسم   
مرحوم شیخ عباس قمى(رحمـه الله) درون کتاب باقیـات صالحات مى گوید :

جهت باز بسته شده ، اول سوره إنّا فتحنا که تا مستقیماً بنویسد(فتح ،1ـ2) ، و سوره «إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ» و این آیـات را : «وَ مِنْ ءَایَـتِهِ أَنْ خَلَقَ لَکُم مِّنْ أَنفُسِکُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْکُنُواْ إِلَیْهَا وَجَعَلَ بَیْنَکُم مَّوَدَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِى ذَ لِکَ لاََیَـات لِّقَوْم َیتَفَکَّرُونَ» (روم ،21) ; «ادْخُلُواْ عَلَیْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّکُمْ غَالِبُونَ» (مائده ،23) ; «فَفَتَحْنَآ أَبْوَابَ السَّمَآءِ بِمَآء مُّنْهَمِر * وَ فَجَّرْنَا الاَْرْضَ عُیُونًا فَالْتَقَى الْمَآءُ عَلَى أَمْر قَدْ قُدِرَ» (قمر ،11ـ12) ; «قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِى صَدْرِى * وَ یَسِّرْ لِى أَمْرِى * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِى * یَفْقَهُواْ قَوْلِى » (طه ،25ـ28) ; «وَ تَرَکْنَا بَعْضَهُمْ یَوْمَـئِذ یَمُوجُ فِى بَعْض وَ نُفِخَ فِى الصُّورِ فَجَمَعْنَـهُمْ جَمْعًا» (کهف ،99) ; «کذلک حللت فلان بن فلان عن بنت فلانة» ; «لَقَدْ جَآءَکُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِکُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْکُم بِالْمُؤْمِنِینَ رَءُوفٌ رَّحِیمٌ * فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِىَ اللَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَیْهِ تَوَکَّلْتُ وَ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِیمِ» (توبه ، 128 و 129) ; پس این نوشته را همراه او نموده و بر او آویزان کنند.

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D9%8A-%D9%85%D8%AC%D8%B1%D8%A8-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D8%B2-%D9%83%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%A8%D8%B3%D8%AA%D9%87-%D8%B4%D8%AF%D9%87/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

روش و نحوه باطل طلسم , باطل طلسم  
روش و نحوه باطل طلسم ، اقسام سحر و طلسم و روشـهای پیشگیری از آن:
روشـهای مختلفی به منظور باطل طلسم و جادو وجود دارد کـه این بستگی بـه نوع طلسم و طبع آن دارد. نحوه و روش باطل طلسم با توجه بـه نوع و طبع آن هست که مـیتواند بخورات خاص خود را داشته باشد. درون واقع بخورات باطل طلسم هم از موارد ضروری به منظور انجام صحیح باطل شدن و یـا استخراج طلسم است.
سحر درون لغت بـه معناى کار لطیف، ظریف و عجیبى هست که علت آن مخفى هست و درعرف شرع بـه کارى مى‏ گویند کـه سبب و علتش مخفى باشد و انسان خیـال کند کـه واقعیت دارد، ولى خدعه و فریب‏کارى باشد. ر. ک. بحارالأنوار، ج 56.
اللهم بسر هذه الدعوات المستجابات أن تقضی لنا جمـیع الحاجات وأن تطهرنا من جمـیع السیئات وأن تنجینا من جمـیع الأهوال والآفات ، وأن ترفعنا عندک أعلى الدرجات ، وأن تبلغنا أقصى الغایـات من جمـیع الخیرات فی الحیـاة وبعد الممات ونسألک أن تُفَرِّجَ عنا ما نحن فیـه وأن تُقَدِّرَ لنا الخیر فیما نریده ونوینا علیـه وأن تعصمنا من الفتن والمعاصی والفحشاء وأن تحفظنا وأهلنا وذریتنا وأحبابنا فیک ولمن وصانا ووصیناه بالدعاء من کل سوء وشر وبلاء وأن تنصرنا على جمـیع الحساد والأعداء . وأن تجعلنا من الذین لا خوف علیـهم ولاهم یحزنون.

سحر و طلسم را انواع مختلفی هست که دو سبب مـهم دارد یکی سبب مادی و دیگری سبب غیر مادی کـه هر دو این تقسیمات جزو علوم غریبه است. سبب مادی سحر بخودی  خود مـیتواند محسوس یـا غیر محسوس باشد. سبب غیر مادی سحر همان بخشی هست که بـه علم تسخیرات و دعوات مربوط مـیشود و در آن دعواتی مثل برهتیـه و هوتریـه  … از این قبیل درون آن مورد استفاده قرار مـیگیرد و معزم جهت انجام امور مورد نظر خود از نیروهای موکلین و خدام استفاده مـیکند.
نکته مـهم این هست که بخشی از سحر و طلسم درون واقع زاده تخیل و تردستی هست و درون قرآن کریم هم (در داستان مقابله حضرت موسی (ع) با ساحران) بـه این مساله اشاره شده است. ( سوره های مبارکه طه و اعراف ).
بخش دیگر از سحر کـه واقعی هست و درون عالم واقع تاثیر گذار هست نیز وجود دارد کـه البته با انجام طلسمات و خواندن اوراد و اذکاری خاص توسط سحر کننده رخ مـیدهد. درون قرآن کریم درون داستان هاروت و ماروت کـه به مردم سحر مـی آموختند نیز بـه این جنبه از سحر اشاره گردیده هست (فیتعلمون منـها ما یفرقون بـه بین المرء و زوجه) (آیـه 102 سوره مبارکه بقره).
زمانی یکی از ساحران  بـه حضور امام صادق(ع) رسیده و گفت: حرفه من سحر بوده هست و درون برابر آن مزد مى ‏گرفتم.
خرج زندگى من از همـین راه تأمـین مى ‏شد و با همان درآمد، حج خانـه خدا را انجام داده ‏ام، ولى اکنون آن را ترک نموده و توبه کرده ‏ام. آیـا براى من راه نجاتى هست؟
امام صادق(ع) فرمود: “عقده و گره سحر را باز کن، ولى گره جادوگرى مزن” (وسائل الشیعه حدیث 1، ص 105.)

آنچه ازاین حدیث شریفه مستفاد مـیشود این هست که اگر آموختن سحر، جهت ابطال آن و مقابله با ساحران باشد، آموختن و عمل نمودن بـه آن بلا اشکال است. لازم بـه ذکر هست که حتی برخی مواقع جنبه وجوب کفایی پیدا مـیکند.
 
چند روش ساده و مـهم به منظور جلوگیری از سحر عبارتند از:
1. خواندن روزانـه و منظم سوره‏ هاى فلق و ناس و آیـه الکرسی شریفه.
2. صدقه دادن.
3. بـه همراه داشتن برخی از تعویذات مجربه مثل حرز حضرت علی(ع):
(بِسمِ الله وَ بِالله، بِسمِ الله وَ ما شاءَالله، بِسم الله لاحَولَ ولاقُوّه الا بالله، قال موسی ما جِئتُم بِه السِّحر انّ الله سَیُبطِلُه انّ الله لا یُصلحُ عَمل المُفسدین، فَوقَع الحَق و بَطل ما کانوا یَعمَلون فغلبوا هُنالکَ وانقَلِبوا صاغرین).  

اللهم صل على سیدنا محمد وعلى آله وسلم صلاه تفتحُ بیننا وبینـه فتحاً مبیناً.

http://www.malakootiha.com/%D8%A7%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D9%88-%D8%B1%D9%88%D8%B4%D9%87%D8%A7%DB%8C-%D9%BE%D9%8A%D8%B4%DA%AF%D9%8A%D8%B1%DB%8C-%D8%A7%D8%B2-%D8%B3%D8%AD%D8%B1/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

روش باطل طلسم , ابطال سحر و طلسم , باطل السحر قوی , باطل طلسم و جادو   
محمد بن عیسى گوید از حضرت رضا (علیـه السلام) درباره سحر پرس و جو کردم فرمود: سحر واقعیت دارد و به اذن خدا اثر و ضرر مى کند و چون تو را سحر د دستت را که تا محاذى صورتت بالا ببر و بخوان : باسم الله العظیم باسم الله العظیم رب العرش العظیم الا ذهبت و انقرضت.
وى مى گوید مردى درباره چشم زخم از حضرت پرسش کرد حضرت فرمود، آن نیز واقعیت دارد، و اگر گرفتار آن شدى دست را که تا محاذى صورت بالا ببر و بخوان : (حمد) و (توحید) و (معوذتین ) و دست ها را بر پیشانى بمال کـه به اذن خدا مفید خواهد بود.

عن محمد بن عیسى قال : سألت الرضا ( علیـه السلام ) عن السحر ؟ فقل : هو حق وهو یضر بإذن الله تعالى ، فإذا أصابک ذلک فارفع یدک حذاء وجهک واقرأ علیـها ( باسم الله العظیم باسم الله العظیم رب العرش العظیم إلا ذهبت وانقرضت ). قال : وسأله رجل عن العین ؟ فقال : حق ، فإذا أصابک ذلک فارفع کفیک حذاء وجهک واقرأ ( الحمد لله ) و ( قل هو الله أحد ) والمعوذتین ، وامسحهما على نواصیک فإنـه نافع بإذن الله.

از امام ششم (علیـه السلام) درباره معوذتین سؤ ال شد فرمود: پیغمبر (صلى الله علیـه و آله و سلم) را لبید یـهودى سحر کرد، جبرئیل معوذتین را براى حضرت آورد حضرت على (علیـه السلام) را خواست و نخى را دوازده گرده زد و به او فرمود: بـه ته چاه رزوان برو و آیـه اى بخوان و گرهى را بگشاى على (علیـه السلام) بـه اندرون چاه رفت و هم چنان کرد، حضرت از سحر آسوده گشت .

وروی عن أبی عبد الله ( علیـه السلام ) أنـه سئل عن المعوذتین ؟ قال : إن رسول الله ( صلى الله علیـه وآله وسلم ) سحره لبید بن أعصم الیـهودی ، فأتاه جبریل ( علیـه السلام ) بالمعوذتین ، فدعا علیـا فعقد له خیطا فیـه اثنا عشر عقدة ، فقال : انطلق إلى بئر ذروان فأنزل إلى القلیب فاقرأ آیة وحل عقدة فنزل علی ( علیـه السلام ) واستخرج من القلیب فتحلل ذلک عن رسول الله ( صلى الله علیـه وآله وسلم ).

ابن عباس گوید: لبید یـهودى پیغمبر را سحر کرد، و سحر را درون چاه رزوان انداخت حضرت بیمار شد، درون حالى کـه حضرت بـه خواب بود دو فرشته آمدند، یکى از آن دو کنار سر حضرت و دیگرى پهلوى پاى او نشست ، و قضیـه را بـه وى خبر دادند، کـه تو را سحر کرده اند و سحر را درون زیر پوست درون زیر سنگى درون چاه رزوان گذارده اند. پیغمبر (صلى الله علیـه و آله و سلم) بیدار شد و على (علیـه السلام) و زبیر و عمار را فرستاده که تا آب چاه را کشیدند و سنگ را برداشتند و سحر را درون آوردند و دیدند کـه در آن موهاى سرى هست با دندانـه هایى از شانـه کـه 11 گره با سوزن بر آن زده اند، درون این موقع معوذتین وحى شد، هر گرهى را کـه مى گشودند، آیـه اى از آنـها را مى خواندند، حضرت احساس سبکى کرد و برخاست گویـا از قید و زنجیر آزاد شده ، و عقال از پاى او برداشته اند و جبرئیل مى گفت : بسم الله ارقیک من کل شى ء یؤ ذیک من حاسد و عین و الله یشفیک .

وعن ابن عباس قال : إن لبید بن أعصم الیـهودی سحر رسول الله ( صلى الله علیـه وآله وسلم ) ثم دس ذلک فی بئر لبنی زریق فمرض رسول الله ( صلى الله علیـه وآله وسلم ) فبینا هو نائم إذ أتاه ملکان فقعد أحدهما عند رأسه والاخر عند رجلیـه فأخبراه بذلک وأنـه فی بئر ذروان فی جف طلعة تحت راعوفة ـ والجف قشر الطلع. والراعوفة حجر فی أسفل البئر یقوم علیـه الماتح ـ فانتبه رسول الله ( صلى الله علیـه وآله وسلم ) وبعث علیـا ( علیـه السلام ) والزبیر وعمارا فنزحوا ماء تلک البئر ثم رفعوا الصخرة وأخرجوا الجف فإذا فیـه مشاطة رأسه وأسنان من مشطه وإذا هو معقد فیـه إحدى عشر عقدة عقد مغروزة بالابر ، فنزلت هاتان السورتان فجعل کلما یقرأ آیة انحلت عقدة ووجد رسول الله ( صلى الله علیـه وآله وسلم ) خفة فقام کأنما أنشط من عقال ، وجعل جبریل ( علیـه السلام ) یقول : ( باسم الله أرقیک من کل شیء یؤذیک من حاسد وعین والله یشفیک ).

مکارم الاخلاق ، حسن بن فضل بن حسن طبرسى.

 http://www.malakootiha.com/%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای دفع چشم زخم و چشم نظر , دعای چشم زخم    
سوره حمد را بخواند و بنویسید: باسم الله اعیذ فلان بن فلانـه بکلمات الله التامات من شر ما خلق و ذراء و براء و من کل عین ناظره واذن سامعه ولسان ناطق ان ربى على صراط مستقیم ، و من شر الشیطان و عمل الشیطان و خیله ورجله ، و قال لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من ابواب متفرقه .

دعای دفع چشم زخم 
اللهم رب مطر حابس ، و حجر یـابس ، و لیل دامس ، و رطب و یـابس رد عین العین علیـه فى کیده و نحره و ماله ، فارجع البصر هل ترى من فطور، ثم ارجع البصر کرتین ینقلب الیک البصر خاسئا وهو حسیر.
مکارم الاخلاق ، حسن بن فضل بن حسن طبرسى.

قاعده: با گلاب و زعفران و بر کاغذ بدون خط با رعایت کامل شرایط عمومـی به منظور نوشتن دعا، نگاشته شود. قلم نوشتن غیر مستعمل باشد.
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D9%88-%D8%A7%D8%B2-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%B1%D8%AF%D9%86-%DA%86%D8%B4%D9%85-%D8%B2%D8%AE%D9%85-%D9%88-%DA%86%D8%B4%D9%85-%D9%86%D8%B8%D8%B1/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

حرز حضرت امام رضا (علیـه السلام) به منظور حفظ و ایمنی از جمـیع بلایـا   
حرز حضرت امام رضا (علیـه السلام)یوضع فی الجیب :
( بسم الله الرحمن الرحیم ، أعوذ بالرحمن منک إن کنت تقیـا ، ( اخسؤا فیـها ولا تکلمون ) ، أخذت سمعک وبصرک بسمع الله وبصره وأخذت قوتک وسلطانک بقوة الله وسلطان الله الحاجز بینی وبینک بما حجز بـه أنبیـاءه ورسله وسترهم من الفراعنة وسطواتهم ، جبریل عن یمـینی ومـیکائیل عن یساری ومحمد أمامـی والله محیط بی یحجزک عنی ویحول بینک وبینی بحوله وقوته حسبی الله ونعم الوکیل ما شاء الله کان وما لم یشأ لم یکن ) ـ ویکتب آیة الکرسی على التنزیل ـ ( ولا حول ولا قوة إلا بالله العلی العظیم ) [ویحملها].
ترجمـه حرز: این حرز درون جیب باشد: (بسم الله الرحمن الرحیم ، اگر متقى باشى بـه خدا از شر تو پناه مى برم ) (ساکت شوید و حرف نزنید) (به یـارى سمع و بصر خدا سمع و بصر تو را مى گیرم ، و قوت تو را بـه یـارى قوت حق ، تسخیر مى نمایم )… (جبرئیل درون طرف راست و مـیکائیل درون طرف چپ و محمد (صلى الله علیـه و آله و سلم) درون جلوى روى من نگهبان من باشند و خداوند بر من احاطه دارد و تو را از من براند…) و آیة الکرسى را بنویسد… و با خود نگاه دارد.

مکارم الاخلاق ، حسن بن فضل بن حسن طبرسى.

http://www.malakootiha.com/%D8%AD%D8%B1%D8%B2-%D8%AD%D8%B6%D8%B1%D8%AA-%D8%B1%D8%B6%D8%A7-%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%8A-%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D9%88-%D8%A7%D9%8A%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای مجرب باطل سحر و طلسم  
(حرز ذیل)  بر رقعه اى نوشته شود و بر سحر شده بیـاویزند:
( قال موسى ما جئتم بـه السحر ان الله سیبطه ان الله لا یصلح على المفسدین ، و یحق الله الحق بکلماته ولو کره المجرمون واوحینا الى موسى اءن اءلق عصاک فاذا هى تلقف ما یـاءفکون ، فوقع الحق و بطل ما کانوا یعملون ، فغلبوا هنالک و انقلبوا صاغرین .)

حرزی دیگر
هفت بار بر سحر شده بخواند: ( سنشد عضدک باءخیک ، و نجعل لکما سلطانا فلا یصلون الیکما بآ یـاتنا اءنتما و من اتبعکما الغالبون.)

مکارم الاخلاق ، حسن بن فضل بن حسن طبرسى، ترجمـه عبد الرحیم عقیقى بخشایشى.

قواعد:
در هنگام نوشتن رقعه شرایط عمومـی نوشتن دعا رعایت شود.
با گلاب و زعفران و در کاغذ بی خط باشد.

http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D9%85%D8%AC%D8%B1%D8%A8-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای هفت حصار – متن کامل دعای هفت حصار  
دعای هفت حصار ایجاد کننده یک حصار محکم درون مقابل بلایـای مختلف و در واقع دفع کننده بلایـا و شر دشمن است. شخصی کـه این دعا را با خود بـه همراه داشته باشد از شر جن و انس درون امان خواهد بود. واقع امر بر این هست که خواص این دعا بی شمار هست ولی بطور کلی بـه جهت دفع بلیـات و حوادث و دفع همزاد و حفظ از شر جن و انس مـیباشد و همچنین حصاری هفتگانـه و غیر قابل نفوذ بوده کـه محافظ و حفظ کننده انسان درون مقابل کلیـه دشمنان و بدگویـان و حاسدان است. خاصیت دیگر دعای هفت حصار ، دفع و ابطال سحر و طلسم هست و درون واقع این دعا ، حصار و دژی محکم هست در برابر سحر و طلسم . منظور این هست که این دعای شریف، خاصیت تحصین و حفظ بسیـار قوی دارد (حفظ از کلیـه بلیـات و حوادث ناخواسته و دور جمـیع بلایـا)ی کـه دعای هفت حصار را بـه همراه داشته باشد همچنین بـه اذن خداوند تبارک و تعالی از هر گونـه چشم زخمـی درون امان خواهد بود.

متن دعای هفت حصار بـه شرح ذیل هست :

حصار اول :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ
وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَیْنَکَ وَبَیْنَ الَّذِینَ لاَ یُؤْمِنُونَ بِالآخِرَهِ حِجَابًا مَّسْتُورًا وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَکِنَّهً أَن یَفْقَهُوهُ وَفِی آذَانِهِمْ وَقْرًا فَاللّهُ خَیْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ
إِن یَنصُرْکُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَکُمْ وَإِن یَخْذُلْکُمْ فَمَن ذَا الَّذِی یَنصُرُکُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى اللّهِ فَلْیَتَوَکِّلِ الْمُؤْمِنُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَکَّلُواْ إِن کُنتُم مُّؤْمِنِینَ قُلْ کُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِیِّ وَمَنِ اهْتَدَى یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ
وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِیرًا سَنُلْقِی فِی قُلُوبِ الَّذِینَ کَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَکُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ یُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا اَللهُمَّ یـا ذَالْمَنِّ وَ لا یُمَنَّ عَلَیْکَ وَ یـا ذَاالطّوْلِ لا اله اِلّا اَنْتَ اَسْئَلُکَ العَفْوَ وَ العافیـهَ فِی الدّین وَ الدّنیـا وَ الاخرهِ بِفَضلِکَ عَلی جَمـیعِ خَلقِکَ رَبَّنا آتِنا یَا فَارِجَ‏ الْهَمِ‏ وَ یَا کَاشِفَ‏ الْغَم‏ فَرِّجْ عَنّی هَمّی وَ اکْشَفْ عَنّی غَمّی بِرَحمَتِکَ یـا اَرحَمَ الرّاحِمـینَ.

حصار دوم :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ
رَبَّنَا إِنَّکَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَیْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَنصَارٍ هُنَالِکَ تَبْلُو کُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَرُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا کَانُواْ یَفْتَرُونَ یَکَادُ الْبَرْقُ یَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ کُلَّمَا أَضَاء لَهُم مَّشَوْاْ فِیـهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَیْهِمْ قَامُواْ وَلَوْ شَاء اللّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ صُمٌّ بُکْمٌ عُمْیٌ فَهُمْ لاَ یَرْجِعُونَ وَجَعَلْنَا مِن بَیْنِ أَیْدِیـهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَیْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ یُبْصِرُونَ وَکَانَ حَقًّا عَلَیْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِینَ فَسَیَکْفِیکَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِیعُ الْعَلِیمُ
فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَکَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ یُحِبُّ الْمُتَوَکِّلِینَ یـا اللهُ یـا والیُ یـا رَبّاهُ یـا سَیداهُ و یـا سَنَداهُ و یـاغایَهَ رَغبَتَنا اَسئَلُکَ بِکَرِمَکَ اِلیَ کَرَمِکَ بِفَضلِکَ اِلی فَضلَکَ بِجُودِکَ اِلی جُودِکَ وَ بِاِحسِانِکَ اِلیَ اِحسانِکَ قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِکَ فَلْیَفْرَحُواْ هُوَ خَیْرٌ مِّمَّا یَجْمَعُونَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّی مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَیْنِی وَبَیْنِکَ سَأُنَبِّئُکَ بِتَأْوِیلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَیْهِ صَبْرًا
اَللهُمَّ یـا حَفیظی وَ ناصِری و مُغیثی فی جَمـیعِ اَلْافعالِ وَ الاَشْغالِ رَبَّنَا آتِنَا فِی الدُّنْیَا حَسَنَهً وَ فِی الآخِرَهِ حَسَنَهً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ اَللهُمَّ یَا فَارِجَ‏ الْهَمِ‏ وَ یَا کَاشِفَ‏ الْغَم‏ فَرِّجْ عَنّی هَمّی وَ اکْشَفْ عَنّی غَمّی بِرَحمَتِکَ یـا اَرحَمَ الرّاحِمـینَ .

حصار سوم :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ
وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ کَانَ زَهُوقًا أَوْ کَظُلُمَاتٍ فِی بَحْرٍ لُّجِّیٍّ یَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ یَدَهُ لَمْ یَکَدْ یَرَاهَا وَمَن لَّمْ یَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ یَا أَیُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّکُمْ إِنَّ زَلْزَلَهَ السَّاعَهِ شَیْءٌ عَظِیمٌ لَّا یَذُوقُونَ فِیـهَا بَرْدًا وَلَا شَرَابًا إِلَّا حَمِیمًا وَغَسَّاقًا جَزَاء وِفَاقًا فِی سَمُومٍ وَحَمِیمٍ وَظِلٍّ مِّن یَحْمُومٍ لَّا بَارِدٍ وَلَا کَرِیمٍ
کَم مِّن فِئَهٍ قَلِیلَهٍ غَلَبَتْ فِئَهً کَثِیرَهً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِینَ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَیْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْکَافِرِینَ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْکَ وَالْحِکْمَهَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا یَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَکِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِینَ آمَنتُ بِاللهِ الذی لا اله الا هُوَ وَ نِعمَ الوَکیلُ رَبَّنَا آتِنَا فِی الدُّنْیَا حَسَنَهً وَفِی الآخِرَهِ حَسَنَهً اَللهُمَّ یَا فَارِجَ‏ الْهَمِ‏ وَ یَا کَاشِفَ‏ الْغَم‏ فَرِّجْ عَنّی هَمّی وَ اکْشَفْ عَنّی غَمّی بِرَحمَتِکَ یـا اَرحَمَ الرّاحِمـینَ.

حصار چهارم :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ
قُل لَّن یُصِیبَنَا إِلاَّ مَا کَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْیَتَوَکَّلِ الْمُؤْمِنُونَ أَیْنَمَا تَکُونُواْ یُدْرِککُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ کُنتُمْ فِی بُرُوجٍ مُّشَیَّدَهٍ وَمَا کَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله کِتَابًا مُّؤَجَّلًا قُل کُونُواْ حِجَارَهً أَوْ حَدِیدًا أَوْ خَلْقًا مِّمَّا یَکْبُرُ فِی صُدُورِکُمْ مَرَجَ الْبَحْرَیْنِ یَلْتَقِیَانِ بَیْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا یَبْغِیَانِ فَبِأَیِّ آلَاء رَبِّکُمَا تُکَذِّبَانِ اَللهُمَّ اِنَّکَ تَعلَمُ سِرّی و علانِیَتی وَ تَعْلَمُ مَا فِی نَفْسِی وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِی نَفْسِکَ فَاِنّی رَاضٍ بِقَضائِکَ وَ تَقدیرِکَ وَ مُطیعٌ لِحُکمِکَ وَ اَنتَ عالِمٌ بِاَحوالِ العابِدینَ وَ اَشعالِهِم وَ حَرَکاتِهِم وَ سَکَاناتِهِم فِی اللّیـالِیَ وَ الاَیّامِ لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَکَ إِنِّی کُنتُ مِنَ الظَّالِمِینَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّیْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَکَذَلِکَ نُنجِی الْمُؤْمِنِینَ فَاللّهُ خَیْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ اللهم اجعلنی بصیرا و اوضح دلیلا و اغثنی دلیلا من الاعداء اَللهُمَّ یَا فَارِجَ‏ الْهَمِ‏ وَ یَا کَاشِفَ‏ الْغَم‏ فَرِّجْ عَنّی هَمّی وَ اکْشَفْ عَنّی غَمّی بِرَحمَتِکَ یـا اَرحَمَ الرّاحِمـینَ و صَلّی اللهُ علی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطّاهِرینَ .

حصار پنجم :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ
رَبِّ قَدْ آتَیْتَنِی مِنَ الْمُلْکِ وَعَلَّمْتَنِی مِن تَأْوِیلِ الأَحَادِیثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِیِّی فِی الدُّنُیَا وَالآخِرَهِ تَوَفَّنِی مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِی بِالصَّالِحِینَ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِکَ الْمُلْکِ تُؤْتِی الْمُلْکَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْکَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِیَدِکَ الْخَیْرُ إِنَّکَ عَلَىَ کُلِّ شَیْءٍ قَدِیرٌ تُولِجُ اللَّیْلَ فِی الْنَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِی اللَّیْلِ وَتُخْرِجُ الْحَیَّ مِنَ الْمَیِّتِ وَتُخْرِجُ الَمَیَّتَ مِنَ الْحَیِّ وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَیْرِ حِسَابٍ لا حَولَ و لا حیلَهَ وَ لا اخْتِبالَ وَ لا مَنجَاء وَ لا مَلْجَاءَ اِلّا بِکَ عَلَیکَ تَوَکَلّتُ وَ اَنتَ خالِقُ الخَلقِ وَ رازقُهُم وَ مُدَبِّرُهُم مِن حالٍ اِلی حالٍ اَللهُمَّ انْصُرنا وَ تَخذُلنا وَ ارْحَمْنا وَ لا تُهْلِکْنا فَاَنتَ رَجائُنا رَبَّنَا آتِنَا فِی الدُّنْیَا حَسَنَهً وَفِی الآخِرَهِ حَسَنَهً اَللهُمَّ یَا فَارِجَ‏ الْهَمِ‏ وَ یَا کَاشِفَ‏ الْغَم‏ فَرِّجْ عَنّی هَمّی وَ اکْشَفْ عَنّی غَمّی بِرَحمَتِکَ یـا اَرحَمَ الرّاحِمـینَ و صَلّی اللهُ علی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطّاهِرینَ.

حصار ششم :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ
إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِیمٌ و لَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَیْکُمْ وَرَحْمَتُهُ لَکُنتُم مِّنَ الْخَاسِرِینَ إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَهِ وَیُنَزِّلُ الْغَیْثَ وَیَعْلَمُ مَا فِی الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِی نَفْسٌ مَّاذَا تَکْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِی نَفْسٌ بِأَیِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِیمٌ خَبِیرٌ إِنَّ فِی خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّیْلِ وَالنَّهَارِ لآیَاتٍ لِّأُوْلِی الألْبَابِ الَّذِینَ یَذْکُرُونَ اللّهَ قِیَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَیَتَفَکَّرُونَ فِی خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلًا سُبْحَانَکَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِی تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِیکُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَیْبِ وَالشَّهَادَهِ فَیُنَبِّئُکُم بِمَا کُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَکِیمُ الْخَبِیرُ اَللهُمَّ یـا ِعَ البَلیّاتِ و یـا رافِعَ الدّرجاتِ وَ کاتِبَ الحَسَناتِ و یـا مُجیبَ الدّعواتِ اَللهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِی الدُّنْیَا حَسَنَهً وَفِی الآخِرَهِ حَسَنَهً اَللهُمَّ یـا فَارِجَ‏ الْهَمِ‏ وَ یَا کَاشِفَ‏ الْغَم‏ فَرِّجْ عَنّی هَمّی وَ اکْشَفْ عَنّی غَمّی بِرَحمَتِکَ یـا اَرحَمَ الرّاحِمـینَ و صَلّی اللهُ علی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطّاهِرینَ.

حصار هفتم :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ
قُلنَا یَا نَارُ کُونِی بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِیمَ وَأَرَادُوا بِهِ کَیْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِینَ وَنَجَّیْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِی بَارَکْنَا فِیـهَا لِلْعَالَمِینَ ثُمَّ نُنَجِّی الَّذِینَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِینَ فِیـهَا جِثِیًّا وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّیْنَا شُعَیْبًا وَالَّذِینَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَهٍ مَّنَّا وَنَجَّیْنَاهُ مِنَ الْقَرْیَهِ الَّتِی کَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لاَ یَعْلَمُونَ رَبَّنَا افْتَحْ بَیْنَنَا وَبَیْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَیْرُ الْفَاتِحِینَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ اَللهُمَّ یـا حَبیبَ التّوابینَ اَللهُمَّ یـا غِیـاثَ المُستَغثینَ اَللهُمَّ یـا اَنیسَ المُستوحِشینَ یـا سَتّار عُیُوب المَعیُوبینَ اَللهُمَّ یـا ناصِرَ المُضطَرّینَ اَللهُمَّ یـا قَریباً غَیرَ بَعیدٍ اَللهُمَّ یـا غالباً غَیرَ مَغلوبٍ اِجْعَلْ لی مِنْ اَمْری فَرَجاً وَ مَخرَجاً فِی الْعافیـهِ اَللهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِی الدُّنْیَا حَسَنَهً وَفِی الآخِرَهِ حَسَنَهً اَللهُمَّ یَا فَارِجَ‏ الْهَمِ‏ وَ یَا کَاشِفَ‏ الْغَم‏ فَرِّجْ عَنّی هَمّی وَ اکْشَفْ عَنّی غَمّی بِرَحمَتِکَ یـا اَرحَمَ الرّاحِمـینَ و صَلّی اللهُ علی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطّاهِرینَ

قواعد
شرایط عمومـی نوشتن دعا (پاکی و طهارت ظاهری و باطنی) را رعایت کند.
در کاغذ بدون خط بنویسد و به همراه خود نگهدارد.
http://www.malakootiha.com/1417-2/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

باطل طلسم بـه روش قرآنی – باطل السحر مجرب  
قبلا مطالبی مختصر پیرامون انواع سحر و طلسم و چگونگی جلوگیری از آنـها و باطل آنـها بیـان شده است. روشـهای قرآنی متفاوت و موثری به منظور ابطال سحر وجود دارد (مثلا استفاده از ادعیـه معتبره و حرزهای کاربردی و مجرب) کـه در کتب مختلفه آمده هست وهمگی کمابیش با آنـها آشنا هستند.
در ذیل نحوه باطل چند نوع سحر و طلسم با مدد گرفتن از روشـهای قرآنی مذکور مـی افتد:

1- باطل سحر و طلسم محبت 
نشانـه های این طلسم شور و رغبت و محبت زیـاده از حد و غیر عادی است. از طرف دیگر کثرت درون مباشرت و اطاعت کورکورانـه و بی دلیل از طرف مقابل است.
(در این نوع طلسم و سحر ، ساحر و طلسم کننده ، مرد یـا زن را بـه نسبت بـه یکدیگر محبوب مـیکند. این نوع سحر مـیتواند موجب شود کـه حتی فرد مورد نظر از مادر و و اقوام درجه یک خود اکراه و تنفر پیدا کند و فقط زوجه خود را ببیند و رضایت او مد نظرش قرار گیرد. از طرف دیگر این نوع سحر مـیتواند مثل یک شمشیر دولبه عمل کند و باعث شود کـه زوج نسبت بـه زوجه اش متنفر شود همچنان کـه نسبت بـه سایر زنـها این احساس را پیدا مـیکند.)

یک روش علاج و درمان طلسم محبت: 
آیـات رقیـه مخصوص ابطال سحر را ((غیر از آیـه شریفه 102 از سوره مبارکه بقره و بجای آن آیـات چهاردهم و پانزدهم و شانزدهم از سوره مبارکه تغابن ( یـا ایـها الذین آمنوا إن من أزواجکم …) جهت درمان مسحور استفاده فرمایید.))
این درمان غالبه با احساس درد درون معده و تخدیر و سردرد و تنگی نفس و تهوع همراه هست ( درون صورتی کـه طلسم و سحر نوشیدنی یـا خوراکی بوده باشد). به منظور درمانش حتما هفت مرتبه آیـات شریفه ابطال سحر و آیـه الکرسی بر آب پاک خوانده شود و شخص مسحور از آن بنوشد. نشانـه اولیـه به منظور ابطال این نوع طلسم خوراکی این هست که بعد از نوشیدن آبی کـه بر آن رقیـه مخصوصه خوانده شده هست ، فرد مسحور، چیزی زرد یـا سرخ یـا سیـاه بالا بیـاورد (استفراغ کند). این اولین نشانـه ابطال این نوع سحر است. درون غیر این صورت حتما به مدت سه هفته از آب پاکی کـه بر آن آیـات شریفه سوره های (یونس آیـات 81 و 82 – و سوره مبارکه الاعراف از آیـه 117 که تا آیـه شریفه 122 – و سوره مبارکه طه آیـه شریفه 69 ) قرائت شده باشد بنوشد کـه به اذن خداوند تبارک و تعالی رفع مشکل شود.    

آیـات شریفه به منظور رقیـه مخصوص ابطال سحر عبارتند از:  
سورة الفاتحة
سورة البقرة از آیـه 1 – 5
سورة البقرة الایة 102 هفت مرتبه
سورة البقرة از آیـه 163 – 164
سورة البقرة آیة الکرسی آیـه 255
سورة البقرة آخر السورة از آیـه 285 – 286
سورة ال عمران از آیـه 18 – 19
سورة الاعراف از آیـه 54 – 56
سورة الاعراف از آیـه 117 – 122 هفت مرتبه ، و این فرموده خداوند تبارک و تعالی را سی مرتبه تکرار کند ( وألقى السحرة ساجدین).
سورة یونس از آیـه 81 – 82 این فرموده خداوند تبارک و تعالی را هفتاد مرتبه تکرار (إن الله سیبطله ).
سورة طه آیـه 69 هفت مرتبه
سورة المؤمنون از آیـه 115 – 118
سورة الصافات از آیـه 1 – 10
سورة الاحقاف از آیـه 29 – 32 این فرموده خداوند تبارک و تعالی را هفت مرتبه تکرار کند ( یـاقومنا أجیبوا داعی الله ).
سورة الرحمن از آیـه 33 – 36
سورة الحشر از آیـه 21 – 24
سورة الجن از آیـه 1 – 9
سورة الاخلاص
سورة الفلق ( نـه مرتبه) .
سورة الناس .

2- باطل سحر و طلسم مرض و بیماری   
(در این نوع طلسم و سحر، جن خبیث درون مرکز سمع و بصر و دست و پای فرد مورد نظر رخنـه مـیکند. درون این حالت مـیتواند موجب کوری و یـا از دست شنوایی فرد شود یـا او را فلج کند. از نشانـه های این طلسم و سحر ، احساس درد متوالی درون یکی از اعضاء و یـا حالات صرع و تشنجات و یـا فلج و از کار افتادن جزیی و کلی اعضاء و یـا از بین رفتن برخی از حواس فرد مـیباشد. این حالات دقیقا شبیـه بـه حالات مرض طبیعی اعضای انسان است. تنـها طریق تشخیص این امراض سحر و طلسم از امراض طبیعی جسم این هست که رقیـه و آیـات باطل کننده طلسم بر آن فرد قرائت شود. اگر فرد مریض درون زمان قرائت احساس سرگیجه یـا سردرد یـا اضطراب و لرز کند یـا اینکه جسمش دچار تغیر شدید شود، حتما مطمئن شد کـه مشکل پیش آمده درون نتیجه طلسم یـا حسد و یـا چشم زخم هست . اگر این تغییرات مشاهده نشد بعد باید توسط اطباء و پزشکان معالجه گردد.)
همانگونـه کـه ذکر شد مـهمترین نشانـه های طلسم و سحر مرض و بیماری ، درد مشخص درون عضوی از اعضای بدن هست که به منظور آن علاج یـا درمانی وجود ندارد. درد و فلج و عجز کلی عضوی از اعضای بدن با یک علت ناشناخته. عجز و تعطل یکی از حواس انسان.

یک روش علاج این نوع سحر و طلسم  
رقیـه ابطال سحر و طلسم مذکور را سه مرتبه انجام دهد. درون صورتی کـه درمان کامل نشد (در وضعیت حاد) اعمال زیر را نیز انجام دهد:
سوره فاتحه الکتاب را هفت مرتبه ، آیـه الکرسی را هفت مرتبه ، معوذات را سه مرتبه بخواند. درون مرحله آخر نیز ، رقیـه ذیل را بر روغن سیـاه دانـه بخواند و بر رشانی و نیز بر مکان درد بمالد (صبحها و عصرها این عمل را انجام دهد و این عمل را که تا چهل روز یـا بیشتر پی درون پی ادامـه دهد که تا کاملا بـه اذن خداوند تبارک و تعالی بهبودی حاصل شود). 
و آن رقیـه این است:
1- الفاتحة.
2- المعوذات.
3- (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنین ) هفت مرتبه.
4- (بسم اللة أرقیک والله یشفیک من کل داء یؤذیک ومن کل نفس او عین حاسد یشفیک ) هفت مرتبه .
5- (اللهم رب الناس إذهب البأس واشف أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤک شفاء الا یغادر سقما ) هفت مرتبه.

3- باطل طلسم و سحر جنون   
سحر و طلسم جنون یعنی طلسمـی کـه موجب شرود و زوال عقل و فراموشی شدید و خطای شدید درون گفتار و نظرات و افعال و از این قبیل است.
(این نوع سحر و طلسم همان هست که جن خبیث (جنی) درون ذهن فرد مستقر مـیشود و باعث فراموشی شدید و نقصان کلام فرد و بی قراری شدید مـیشود و بسیـار آسیب زا مـیباشد. (نعوذ بالله من عمل الشیـاطین). 

یک روش علاج:  
در این نوع سحر ، حتما بر مسحور رقیـه خاصه جهت ابطال سحر قرائت شود و در موارد شدید بایستی آیـات شریفه مخصوص ابطال سحر بر فرد مسحور قرائت شود:
سوره البقرة – هود – الحجر – الصافات – ق – الرحمن – الملک – الجن – الاعلى – الز لزلة – الهمز ة – الکا فرون – المعوذتین .
این قرائت حتما حتما دوبار درون هر روز انجام شود ( بـه مدت یکماه تمام و حتی ممکن هست سه ماه هم بـه طول بیـانجامد) . درون طول مدت ابطال سحر و درمان فرد مسحور حتما از آب پاکی کـه بر آن آیـات خاصه ابطال سحر خوانده شده هست بنوشد. 

4- باطل طلسم بخت (باز شدن بخت بسته شده)   
ازدواج و تشکیل خانواده از امور موکد درون اسلام است. اما درون برخی از موارد انجام این عمل بـه دلایلی مشخص یـا نامشخص دچار وقفه و تعطل مـیگردد. درون برخی موارد این مساله همان تعطیل الزواج است. با وجود اینکه فرد دوست دارد کـه ازدواج کند ولی بـه هر دلیل این عمل جور نمـیشود و مشکلات عدیده درون سر راه قرار مـیگیرد (بصورت غیر عادی و به کرات و مرات). این مسئله بـه گونـه ای هست که فرد را نسبت بـه ازدواج دلسرد مـیکند و حتی ممکن هست ازدواج و تشکیل خانواده را بفراموشی بسپارد. نحوه عمل این نوع طلسم درون مورد خانمـها متفاوت هست (دیده نشدن و مطرح نشدن توسط دیگران جهت ازدواج ، تعدد خواستگار داشتن ولی سرنگرفتن ازدواج ، عدم تمایل بـه ازدواج ، خواستگارهای غیر قابل قبول و مطرح شدن بحث ازدواج و سپس بـه فراموشی سپرده شدن و….. البته نتیجه نیز همان هست که ذکر شد.

یک روش علاج:  
دعاهای مختلفی به منظور سحر تعطیل الزواج (طلسم و سحر بخت و ازدواج) ذکر گردیده است. یک روش بسیـار موثر قرآنی به منظور ابطال این نوع سحر و طلسم، (و صورت گرفتن ازدواج موفق و نیکو) انجام اعمال ذیل است:
1- وضو قبل از خواب ، سپس آیـه الکرسی – سپس معوذات را بخواند و در کف دستهایش بدمد و سپس دستهایش را بر بدنش بمالد (سه مرتبه این عمل را تکرار کند).
2- گوش بـه قرائت آیـه الکرسی (مـیتواند از قرائت ضبط شده استفاده کند و روزی یک مرتبه بـه آن گوش دهد.)
3- گوش بـه قرائت معوذات (سوره های مبارکه الاخلاص – الفلق – الناس ) چندین مرتبه پی درون پی . (مـیتواند از قرائت ضبط شده استفاده کند) و روزی یک مرتبه بـه آن گوش کند.
4- همچنین رقیـه ابطال سحر ذکر شده را بر آب پاک قرائت کند و با آن آب غسل کند. هر سه روز یکبار این عمل را انجام دهد.
5- بعد از نماز صبح ، یکصد مرتبه بگوید : ( لا إله إلا الله وحده لا شریک له ، له الملک و له الحمد یحیى و یمـیت و هو على کل شىء قدیر).
اعمال مذکور را بـه مدت یک ماه کامل انجام دهد بـه اذن و اراده خداوند تبارک و تعالی کارش انجام مـیشود و حاجت مـیگیرد.  

5- باطل طلسم و سحر خمول 
(در این سحر و طلسم، طلسم کننده یـا ساحر کـه جنی را درون خدمت دارد (جن کافر) او را امر بـه ضربه زدن بـه فرد مورد نظر مـیکند و این موکل هم با مستقر شدن درون ذهن و مخ فرد مورد نظر، او را گوشـه گیر و منزوی مـیکند بـه گونـه ای کـه زمـین گیر مـیشود و عوارض آن بعد از این امر ظاهر مـیشود. فرد مسحور درون این حالت دچار فکر مشوش بوده و دچار کم حرفی شدید و سکون و یکجا نشینی و انزوای شدید و سردرد مداوم مـیشود و در برخی موارد حتی از اجتناب و اکراه شدید دارد.)   

یک روش علاج:  
روزانـه سه مرتبه بـه قرائت سوره های شریفه ذیل گوش فرا دهد :
الفاتحه – البقرة -آل عمران – یس – الصافات – الدخان الذاریـات الحشر المعارج الغاشیة الزلزلة القارعة.
بار اول صبح ، مرتبه دوم عصر و مرتبه سوم قبل از خواب.
این عمل را بـه مدت چهل و پنج روز ادامـه دهد. ضمن اینکه حتما همراه با نوشیدن و اغتسال از آبی باشد کـه بر آن رقیـه خاصه باطل السحر قرائت شده است.

*****

اللهم یـا غفار الذنوب ، یـا ستار العیوب ، یـا قابل التوب ، یـا واسع المغفرة ، یـا من کتب على نفسه الرحمة ، یـا رفیع الدرجات ، یـا سامع الأصوات یـا مجیب الدعوات ، یـامن لا على أمره أمر یـا فعال لما یرید ، یـا هادی الذین آمنوا إلى صراط مستقیم ، یـا ذا الرحمة الواسعة ، یـا ذا الفضل والنعم ، یـا ذا القوة المنین یـا ذی الفضل على المؤمنین ،یـا ذا العفو والمغفرة ، یـامن لا یضیع أجر المحسنین ، یـامن عنده مفاتیح الغیب یـامن لایعزب عنـه مثقال ذرة فی الأرض ولا فی السماء ، یـامن یعلم السر وأخفى ویعلم ماتکتمون یـامن له مقالید السموات والأرض وهو السمـیع العلیم ، یـامن له الأسماء الحسنى ، یـامن له الحمد فی الأولى والآخرة وإلیـه ترجعون ، یـا شاهداً غیر غائب یـا قریب غیر بعید أسألک أن تصلی على سیدنا محمد وعلى آله وسلم.

*****
http://www.malakootiha.com/%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D8%A8%D9%87-%D8%B1%D9%88%D8%B4-%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86%DB%8C-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AD%D8%B1/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

شناخت سحر و طلسم و روش پیشگیری از آن  
همانطور کـه مـیدانیم علوم غریبه علمـی هست مطلق. سحر و طلسم نیز حقیقتی هست ثابت و البته قابل انکار نیست. درون حقیقت سحر فقط بـه یک نوع یـا شکل واحد خلاصه نمـیشود بلکه انواع و اشکال مختلف بر آن مترتب است.
درواقع بر طلسمات رنگ خاصی مترتب نیست بلکه این نوعی تقسیم بندی درون مورد نحوه عمل هست و مثلا طلسم غیر رحمانی را طلسم سیـاه، طلسم محبت را طلسم سرخ و طلسم ثروت را طلسم سبز مـینامند. شرط اول و مـهمترین شرط به منظور تاثیر سحر و طلسم این هست که فرد طلسم کننده حتما موکلی (جنی ) را درون اختیـار داشته باشد (تسخیر جزئی یـا کلی و به عبارتی داشتن حکم مربوطه جهت عمل بـه طلسمات) و این از بدیـهیـات تاثیر عمل است).
روشـهای تاثیر طلسم و سحر مختلف هست و به منظور تاثیرگذاری مثلا مدفون یـا مشموم یـا مرشوش یـا ماکول است. درون اینجا بـه برخی از انواع و اشکال سحر اشاره مـیشود و در پایـان روش پیشگیری از آنـها ذکر مـیگردد:

1ـ سحر تفریق و ربط  
در این سحر و طلسم، ساحر اقدام بـه تفریق و جدایی مـیان زوج و زوجه (جدایی زن و شوهر) یـا جدایی پدر و پسر یـا برادر از برادر و از این قبیل مـینماید. این سحر همان سحر تفریق و تبغیض هست که نسبت آنرا تباین مـینمامند. بدین معنا کـه دو نفر نسبت مباینت و مـیگیرند و از هم دور مـیشوند.
اما سحر ربط ، همانی هست که طلسم کننده از طریق استعانت از شیـاطین و جن (که درون اغلب انواع سحر و طلسمات وجود دارد) اقدام بـه اعمال خبیثه مـیکند. این عمل بگونـه ای هست که جن کافر درون ذهن فرد طلسم شده دخل و تصرف مـیکند. این عمل مثلا مـیتواند باعث بسته شدن یـا ناتوانی درون مباشرت حلال زن و شوهر شود هر چند کـه هر دو طرف قادر بـه مباشرت هستند ولی نیرویی مانع از این امر است. این نوع سحر و طلسم از بدترین انواع آن هست که نفرت و جدایی مـیان زوجین و عداوت مـیان آنـها را درون طول زمان موجب مـیشود. (نعوذ بالله من عمل الشیـاطین)

2ـ سحر الخداع والتخییل:  
این نوع سحر درون قوه ذهن انسان دخل و تصرف شدید دارد و بگونـه ای هست که انسان چیزهای ثابت را متحرک یـا چیز متحرک را ثابت ببیند یـا بزرگ را کوچک و کوچک را بزرگ ببیند و در واقع اشیـاء را درون شکل غیر حقیقی خود مـیبیند و این همان سحر تخییل است.  

3ـ سحر جنون:  
این نوع سحر و طلسم همان هست که جن خبیث (جنی) درون ذهن فرد مستقر مـیشود و باعث فراموشی شدید و نقصان کلام فرد و بی قراری شدید مـیشود و بسیـار آسیب زا مـیباشد. (نعوذ بالله من عمل الشیـاطین).  

4ـ سحر الخمول:  
در این سحر و طلسم، طلسم کننده یـا ساحر کـه جنی را درون خدمت دارد (جن کافر) او را امر بـه ضربه زدن بـه فرد مورد نظر مـیکند و این موکل هم با مستقر شدن درون ذهن و مخ فرد مورد نظر، او را گوشـه گیر و منزوی مـیکند بـه گونـه ای کـه زمـین گیر مـیشود و عوارض آن بعد از این امر ظاهر مـیشود. فرد مسحور درون این حالت دچار فکر مشوش بوده و دچار کم حرفی شدید و سکون و یکجا نشینی و انزوای شدید و سردرد مداوم مـیشود و در برخی موارد حتی از اجتناب و اکراه شدید دارد.  

5 ـ سحر الهواتف:  
در این نوع سحر و طلسم، ساحر موکل خود را بـه سوی فرد مورد نظر ارسال مـیکند کـه او را درون هنگام خواب و بیداری آزار دهد. درون زمان خواب بـه شکل حیوانات مختلف و ترسناک خود را بـه او نشان مـیدهد. درون عالم بیداری هم فرد مورد نظر صداهای عجیب و غریب مـیشنود و مثلا صدای افرادی را مـیشنود کـه او را صدا مـیزنند (ممکن هست این صداها آشنا باشند یـا نباشند) و از این قبیل . از نشانـه های این نوع سحر و طلسم ، خوابهای ترسناک و شنیدن اصوات عجیب و غریب و کثرت وسواس است. 

6ـ سحر المرض:  
در این نوع طلسم و سحر، جن خبیث درون مرکز سمع و بصر و دست و پای فرد مورد نظر رخنـه مـیکند. درون این حالت مـیتواند موجب کوری و یـا از دست شنوایی فرد شود یـا او را فلج کند. از نشانـه های این طلسم و سحر ، احساس درد متوالی درون یکی از اعضاء و یـا حالات صرع و تشنجات و یـا فلج و از کار افتادن جزیی و کلی اعضاء و یـا از بین رفتن برخی از حواس فرد مـیباشد. این حالات دقیقا شبیـه بـه حالات مرض طبیعی اعضای انسان است.  تنـها طریق تشخیص این امراض سحر و طلسم از امراض طبیعی جسم این هست که رقیـه و آیـات باطل کننده طلسم بر آن فرد قرائت شود. اگر فرد مریض درون زمان قرائت احساس سرگیجه یـا سردرد یـا اضطراب و لرز کند یـا اینکه جسمش دچار تغیر شدید شود، حتما مطمئن شد کـه مشکل پیش آمده درون نتیجه طلسم یـا حسد و یـا چشم زخم هست . اگر این تغییرات مشاهده نشد بعد باید توسط اطباء و پزشکان معالجه گردد.   

7ـ سحر محبة:  
در این نوع طلسم و سحر ، ساحر و طلسم کننده ، مرد یـا زن را بـه نسبت بـه یکدیگر محبوب مـیکند. این نوع سحر مـیتواند موجب شود کـه حتی فرد مورد نظر از مادر و و اقوام درجه یک خود اکراه و تنفر پیدا کند و فقط زوجه خود را ببیند و رضایت او مد نظرش قرار گیرد. از طرف دیگر این نوع سحر مـیتواند مثل یک شمشیر دولبه عمل کند و باعث شود کـه زوج نسبت بـه زوجه اش متنفر شود همچنان کـه نسبت بـه سایر زنـها این احساس را پیدا مـیکند.  

انواع مختلف دیگری از سحر هم وجود دارد کـه در این مقال نمـیگنجد. قبلا هم مطالبی درون مورد عوارض و نشانـه های سحر و طلسم و نیز روش و نحوه باطل برخی از طلسمات بیـان شده است.
نتیجه اینکه، سحر امری واقعی هست و وجود دارد. بر هر فرد مسلمانی واجب هست که با قرائت مداوم آیـات حفظ و معوذتین و فاتحه الکتاب و قرائت ادعیـه معتبره دیگر، خود را از این مسائل درون امان نگهدارد و از آنـها پیشگیری کند.
در آخر بهتر هست بدانیم کـه همـه نفع ها و ضررها درون دنیـا  فقط بـه اذن خداوند جل جلاله مـیباشد و با ذکر و یـاد مداوم خداوند سبحان همـیشـه سلامت خواهیم بود و ایمن خواهیم ماند.
(وما هم بضارین بـه من أحد إلا بإذن الله)
اللهم اصرف عنی عیون العائنین ، وحسد الحاسدین ، وسحر الساحرین ، ومکر الماکرین ، وکید الشیـاطین .
http://www.malakootiha.com/%D8%B4%D9%86%D8%A7%D8%AE%D8%AA-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%88-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D9%88-%D8%B1%D9%88%D8%B4-%D9%BE%DB%8C%D8%B4%DA%AF%DB%8C%D8%B1%DB%8C-%D8%A7%D8%B2-%D8%A2%D9%86/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعای رفع ترس کودکان – دعای ام صبیـان  
دعای ام صبیـان
توضیح:
(ام صبیـان درون طب قدیم ، نام نوعی بیماری مخصوص کودکان هست و همچنین ام الصبیـان نام جنی هست که دشمن کودکان و نوزادان و آزار دهنده آنـهاست و آنرا بـه عنوان ابلیس یـا سایـه جن یـا باد جن مـیشناسند.)

آنچه درون مورد ام الصبیـان زدگی مـیگفته اند این هست که:
وقتى‌ ام‌ صبیـان‌ درون تن‌ کودکى‌ برود، جان‌ و روان‌ او را تسخیر مى‌کند، و به‌ اصطلاح‌ او را مى‌زند، یـا مى‌گیرد و بیمار مى‌کند. کودک‌ ام‌ صبیـان‌ زده‌ اراده‌ و اختیـارش‌ را از دست‌ مى‌دهد و دیوانـه‌ مى‌شود و اسیر و بازیچه ام‌ صبیـان‌ مى‌گردد و سرانجام‌، اگر به‌ او نرسند و درمانش‌ نکنند، مى‌مـیرد. درون فرهنگ‌ و ادب‌ فارسى‌، کودکان‌ ام‌صبیـان‌ زده‌ را اصطلاحاً دیو زد یـا دیو زده‌ و دیو دید یـا دیو دیده‌ گفته‌اند ( فرهنگ معین‌، 250، 251).

نشانـه های ام صبیـان زدگی بـه قرار ذیل بوده:
کبود و سفید گشتن رنگ پوست ، تنگ شدن نفس و بریده بریده نفس کشیدن ، عدم تعادل بدن و روی زمـین افتادن ، کف و دهان و خشک‌ و بى‌ حس‌ شدن‌ اعضای بدن.
رایج ترین درمانـهایی کـه از قدیم الایـام به منظور ام صبیـان زدایی مورد استفاده قرار مـیگرفته هست توسل بـه نذر و نیـاز و استفاده از دعاها و تعویذات خاص بوده است.
توجه: دعای ام صبیـان بهتر هست با گلاب و زعفران و در کاغذ بی خط نوشته شود و فرد با خود بـه همراه داشته باشد.

*****
دعای رفع ترس و اضطراب  
برای دفع ترس و اضطراب و دلهره مـیتوان آیـات چهل و پنجم و چهل و ششم سوره مبارکه الاسراء را کـه بکار بردن آنـها خصوصا بـه جهت دفع ترس و اضطراب و دلهره و دلشوره و همچنین دفع دشمن بسیـار موثر هست قرائت نمود. این آیـات شریفه حصاری محکم است:

وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَیْنَکَ وَبَیْنَ الَّذِینَ لاَ یُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا ﴿45﴾  وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَکِنَّةً أَن یَفْقَهُوهُ وَفِی آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَکَرْتَ رَبَّکَ فِی الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْاْ عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا ﴿46﴾ .
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D8%AF%D9%81%D8%B9-%D8%AC%D9%86-%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D8%B1%D9%81%D8%B9-%D8%AA%D8%B1%D8%B3-%DA%A9%D9%88%D8%AF%DA%A9%D8%A7%D9%86-%D8%AF%D8%B9%D8%A7/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعا و رقیـه ای به منظور همـه چیز , دعای شفای بیماری  
آیـات کریمـه ذیل ، رقیـه ای به منظور هر حاجت و نیز به منظور شفای هر ناخوشی و بیماری است.
فرد مریض مـیتواند آنرا بنویسد و با خود داشته باشد. یـا مـیتواند این رقیـه را با گلاب و زعفران بنویسد و در آب حل کند و بنوشد کـه به اذن خداوند جل جلاله شفا یـابد. همچنین مـیتوان این آیـات را بـه فرد مریض خواند کـه شفا یـابد و یـا اینکه فرد مریض درون صورتی کـه قادر بـه قرائت این آیـات هست، خود مبادرت بـه قرائت نماید. 
*****
أعوذ بالله من الشیطان الرجیم
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِیم
الْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِینَ * الرّحْمنِ الرّحِیمِ * مَلِکِ یَوْمِ الدّینِ * إِیّاکَ نَعْبُدُ وإِیّاکَ نَسْتَعِینُ * اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِیمَ * صِرَاطَ الّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِم وَلاَ الضّآلّینَ
الَمَ * ذَلِکَ الْکِتَابُ لاَ رَیْبَ فِیـهِ هُدًى لّلْمُتّقِین * الّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَیُقِیمُونَ الصّلاةَ وَممّا رَزَقْنَاهُمْ یُنْفِقُونَ * والّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَیْکَ وَمَآ أُنْزِلَ مِن قَبْلِکَ وَبِالاَخِرَةِ هُمْ یُوقِنُونَ * أُوْلَئِکَ عَلَىَ هُدًى مّن رّبّهِمْ وَأُوْلَئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْحَیّ الْقَیّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لّهُ مَا فِی السّمَاوَاتِ وَمَا فِی الأرْضِ مَن ذَا الّذِی یَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاّ بِإِذْنِهِ یَعْلَمُ مَا بَیْنَ أَیْدِیـهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ یُحِیطُونَ بِشَیْءٍ مّنْ عِلْمِهِ إِلاّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ کُرْسِیّهُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَلاَ یَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِیّ الْعَظِیمُ

آمَنَ الرّسُولُ بِمَآ أُنْزِلَ إِلَیْهِ مِن رّبّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ کُلّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مّن رّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَکَ رَبّنَا وَإِلَیْکَ الْمَصِیر * لاَ یُکَلّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا لَهَا مَا کَسَبَتْ وَعَلَیْهَا مَا اکْتَسَبَتْ رَبّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نّسِینَآ أَوْ أَخْطَأْنَا رَبّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَیْنَآ إِصْراً کَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الّذِینَ مِن قَبْلِنَا رَبّنَا وَلاَ تُحَمّلْنَا مَا لاَ طَاقـَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْکَافِرِینَ

وَدّ کَثِیرٌ مّنْ أَهْلِ الْکِتَابِ لَوْ یَرُدّونَکُم مِنْ بَعْدِ إِیمَانِکُمْ کُفّاراً حَسَداً مّنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مّن بَعْدِ مَا تَبَیّنَ لَهُمُ الْحَقّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتّىَ یَأْتِیَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنّ اللّهَ عَلَىَ کُلّ شَیْءٍ قَدِیرٌ

أَمْ یَحْسُدُونَ النّاسَ عَلَىَ مَآ آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَیْنَآ آلَ إِبْرَاهِیمَ الْکِتَابَ وَالْحِکْمَةَ وَآتَیْنَاهُمْ مّلْکاً عَظِیماً
وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِی السّمَاءِ بُرُوجاً وَزَیّنّاهَا لِلنّاظِرِینَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن کُلّ شَیْطَانٍ رّجِیمٍ * إِلاّ مَنِ اسْتَرَقَ السّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مّبِینٌ

وَلا تَمُدَّنَّ عَیْنَیْکَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَیَاةِ الدُّنیَا لِنَفْتِنَهُمْ فِیـهِ وَرِزْقُ رَبِّکَ خَیْرٌ وَأَبْقَى
وَلَوْلآ إِذْ دَخَلْتَ جَنّتَکَ قُلْتَ مَا شَآءَ اللّهُ لاَ قُوّةَ إِلاّ بِاللّهِ إِن تَرَنِ أَنَاْ أَقَلّ مِنکَ مَالاً وَوَلَداً
سَیَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْکُمْ یُرِیدُونَ أَن یُبَدِّلُوا کَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا کَذَلِکُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَیَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ کَانُوا لا یَفْقَهُونَ إِلا قَلِیلًا ” الفتح
تَبَارَکَ الّذِی بِیَدِهِ الْمُلْکُ وَهُوَ عَلَىَ کُلّ شَیْءٍ قَدِیرٌ * الّذِی خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَیَاةَ لِیَبْلُوَکُمْ أَیّکُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِیزُ الْغَفُورُ * الّذِی خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مّا تَرَىَ فِی خَلْقِ الرّحْمَنِ مِن تَفَاوُتِ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىَ مِن فُطُورٍ * ثُمّ ارجِعِ البَصَرَ کَرّتَیْنِ یَنْقَلِبْ إِلَیْکَ البَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِیرٌ
وَإِن یَکَادُ الّذِینَ کَفَرُواْ لَیُزْلِقُونَکَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمّا سَمِعُواْ الذّکْرَ وَیَقُولُونَ إِنّهُ لَمَجْنُونٌ
أَلَمْ نَخْلُقکّم مّن مّآءٍ مّهِینٍ * فَجَعَلْنَاهُ فِی قَرَارٍ مّکِینٍ * إِلَىَ قَدَرٍ مّعْلُومٍ * فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ * وَیْلٌ یَوْمَئِذٍ لّلْمُکَذّبِینَ
وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِن سُلاَلَةٍ مّن طِینٍ * ثُمّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِی قَرَارٍ مّکِینٍ * ثُمّ خَلَقْنَا النّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَکَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَکَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِینَ

وَهُوَ الّذِیَ أَنشَأَکُم مّن نّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصّلْنَا الاَیَاتِ لِقَوْمٍ یَفْقَهُونَ
یَأَیّهَا النّاسُ إِن کُنتُمْ فِی رَیْبٍ مّنَ الْبَعْثِ فَإِنّا خَلَقْنَاکُمْ مّن تُرَابٍ ثُمّ مِن نّطْفَةٍ ثُمّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمّ مِن مّضْغَةٍ مّخَلّقَةٍ وَغَیْرِ مُخَلّقَةٍ لّنُبَیّنَ لَکُمْ وَنُقِرّ فِی الأرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى ثُمّ نُخْرِجُکُمْ طِفْلاً ثُمّ لِتَبْلُغُوَاْ أَشُدّکُمْ وَمِنکُمْ مّن یُتَوَفّىَ وَمِنکُمْ مّن یُرَدّ إِلَىَ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِکَیْلاَ یَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَیْئاً وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَیْهَا الْمَآءَ اهْتَزّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن کُلّ زَوْجٍ بَهِیجٍ

وَاللّهُ جَعَلَ لَکُمْ مّنْ أَنْفُسِکُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَکُمْ مّنْ أَزْوَاجِکُم بَنِینَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَکُم مّنَ الطّیّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ یُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللّهِ هُمْ یَکْفُرُونَ

هُنَالِکَ دَعَا زَکَرِیّا رَبّهُ قَالَ رَبّ هَبْ لِی مِن لّدُنْکَ ذُرّیّةً طَیّبَةً إِنّکَ سَمِیعُ الدّعَآءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلآئِکَةُ وَهُوَ قَائِمٌ یُصَلّی فِی الْمِحْرَابِ أَنّ اللّهَ یُبَشّرُکَ بِیَحْیَىَ مُصَدّقاً بِکَلِمَةٍ مّنَ اللّهِ وَسَیّداً وَحَصُوراً وَنَبِیّاً مّنَ الصّالِحِینَ
وَزَکَرِیّآ إِذْ نَادَىَ رَبّهُ رَبّ لاَ تَذَرْنِی فَرْداً وَأَنتَ خَیْرُ الْوَارِثِینَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ یَحْیَىَ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنّهُمْ کَانُواْ یُسَارِعُونَ فِی الْخَیْرَاتِ وَیَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَکَانُواْ لَنَا خاشِعِینَ

وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ یَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِینَ لا یَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا کِرَامًا * وَالَّذِینَ إِذَا ذُکِّرُوا بِآیَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ یَخِرُّوا عَلَیْهَا صُمًّا وَعُمْیَانًا * وَالَّذِینَ یَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّیَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْیُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِینَ إِمَامًا لِلّهِ مُلْکُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ یَخْلُقُ مَا یَشَآءُ یَهَبُ لِمَن یَشَآءُ إِنَاثاً وَیَهَبُ لِمَن یَشَآءُ الذّکُورَ
فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُواْ رَبّکُمْ إِنّهُ کَانَ غَفّاراً * یُرْسِلِ السّمَآءَ عَلَیْکُمْ مّدْرَاراً * وَیُمْدِدْکُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِینَ وَیَجْعَل لّکُمْ جَنّاتٍ وَیَجْعَل لّکُمْ أَنْهَاراً

أَلَمْ یَکُ نُطْفَةً مّن مّنِیّ یُمْنَىَ * ثُمّ کَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوّىَ* فَجَعَلَ مِنْهُ الزّوْجَیْنِ الذّکَرَ وَالاُنثَىَ
وَنَبّئْهُمْ عَن ضَیْفِ إِبْرَاهِیمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَیْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنّا مِنْکُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنّا نُبَشّرُکَ بِغُلامٍ عَلِیمٍ

فَأَرَادُواْ بِهِ کَیْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأسْفَلِینَ * وَقَالَ إِنّی ذَاهِبٌ إِلَىَ رَبّی سَیَهْدِینِ* رَبّ هَبْ لِی مِنَ الصّالِحِینِ * فَبَشّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِیمٍ
فَلْیَنظُرِ الإِنسَانُ مِمّ خُلِقَ * خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ * یَخْرُجُ مِن بَیْنِ الصّلْبِ وَالتّرَآئِبِ

قَاتِلُوهُمْ یُعَذّبْهُمُ اللّهُ بِأَیْدِیکُمْ وَیُخْزِهِمْ وَیَنْصُرْکُمْ عَلَیْهِمْ وَیَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مّؤْمِنِینَ * وَیُذْهِبْ غَیْظَ قُلُوبِهِمْ وَیَتُوبُ اللّهُ عَلَىَ مَن یَشَآءُ وَاللّهُ عَلِیمٌ حَکِیمٌ

یَأَیّهَا النّاسُ قَدْ جَآءَتْکُمْ مّوْعِظَةٌ مّن رّبّکُمْ وَشِفَآءٌ لّمَا فِی الصّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِینَ
وَأَوْحَىَ رَبّکَ إِلَىَ النّحْلِ أَنِ اتّخِذِی مِنَ الْجِبَالِ بُیُوتاً وَمِنَ الشّجَرِ وَمِمّا یَعْرِشُونَ * ثُمّ کُلِی مِن کُلّ الثّمَرَاتِ فَاسْلُکِی سُبُلَ رَبّکِ ذُلُلاً یَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِیـهِ شِفَآءٌ لِلنّاسِ إِنّ فِی ذَلِکَ لاَیَةً لّقَوْمٍ یَتَفَکّرُونَ وَنُنَزّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِینَ وَلاَ یَزِیدُ الظّالِمِینَ إَلاّ خَسَاراً

وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ یَشْفِینِ
وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِیّاً لّقَالُواْ لَوْلاَ فُصّلَتْ آیَاتُهُ ءَاعْجَمِیّ وَعَرَبِیّ قُلْ هُوَ لِلّذِینَ آمَنُواْ هُدًى وَشِفَآءٌ وَالّذِینَ لاَ یُؤْمِنُونَ فِیَ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَیْهِمْ عَمًى أُوْلَئِکَ یُنَادَوْنَ مِن مّکَانٍ بَعِیدٍ

قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ * اللّهُ الصّمَدُ * لَمْ یَلِدْ وَلَمْ یُولَدْ * وَلَمْ یَکُنْ لّهُ کُفُواً أَحَدٌ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ * مِن شَرّ مَا خَلَقَ * وَمِن شَرّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِن شَرّ النّفّاثَاتِ فِی الْعُقَدِ * وَمِن شَرّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ النّاسِ * مَلِکِ النّاسِ * إِلَهِ النّاسِ * مِن شَرّ الْوَسْوَاسِ الْخَنّاسِ * الّذِى یُوَسْوِسُ فِی صُدُورِ النّاسِ* مِنَ الْجِنّةِ وَالنّاسِ
اللهم اصرف عنی عیون العائنین ، وحسد الحاسدین ، وسحر الساحرین ، ومکر الماکرین ، وکید الشیـاطین .
أعوذ بکلمات الله التامة من کل شیطان وهامة ومن کل عین لامـه.
اللهم رب الناس أذهب البأس ، واشف أنت الشافی ، لا شفاء إلا شفاؤک شفاء لا یغادر سقما .
بسم الله أرقی نفسی ، من کل شیء یؤذینی ، من شر کل نفس أو عین حاسد أو سحر ساحر الله یشفینی ، بسم الله أرقی نفسی .
http://www.malakootiha.com/%D8%AF%D8%B9%D8%A7-%D9%88-%D8%B1%D9%82%D9%8A%D9%87-%D8%A7%DB%8C-%D8%A8%D8%B1%D8%A7%DB%8C-%D9%87%D9%85%D9%87-%DA%86%D9%8A%D8%B2-%D8%AF%D8%B9%D8%A7%DB%8C-%D8%B4%D9%81%D8%A7%DB%8C-%D8%A8%DB%8C%D9%85/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

دعوت درون علوم غریبه و اهمـیت بخورات 
پرسش و پاسخ
به عنوان مقدمـه ،عاملیتهای مـهم درون دعوات را ذکر بفرمایید؟ 
عاملیت درون دعوات بسیـار گسترده هست . از این عاملیتهای مختلف مـیتوان بـه عاملیت عزیمت عهد قدیم (برهتیـه) اشاره کرد کـه موکلین درون این دعوت (تسخیر کامل و مطلق عزیمت ) حکم طاعتشان بسیـار گسترده هست . بدین معنی کـه از خواص مـهر طاعت آنـها مثلا آوردن شی خاصی هست و یـا تلبیس آینـه و یـا حتی عاملیت مندل است. عموما درون مراحل اول عاملیت جزیی قابل وصول هست (مثلا مـیتواند شامل تلبیس آینـه ، ابطال و استخراج طلسمات، عمل قرطاس، احضار طلسمات ، جلب الحبیب (مـهر و محبت)، عقد اللسان، فروش املاک، جلب الزبون، حجاب الاعین، تغویر المـیاه، اعمال جلالی و…   باشد.)

حضور موکلین درون یک دعوت بـه چه معناست؟  
واقعیت این هست که تسخیر بـه اجبار یـا همان تسخیر قهری معنای دیگرش اجبار بـه حضور موکلین (جنـهاست) و این رابطه مـیتواند حالت عبه خود بگیرد. منظور این هست که درصورتی کـه ارتباط همراه با مـهر طاعت باشد (در شرایط خاص) این همان تسخیر شدن موکل هست و درون غیر این صورت تسخیر فرد توسط جنـها نامـیده مـیشود. بدین خاطر هست که همـیشـه توصیـه مـیشود کـه از این اعمال اجتناب گردد. 
ببینید ، دعوت مـیتواند درون نحله های مختلف باشد و این نحله ها ممکن هست با هم درون ارتباط باشند یـا نباشند مثلا درون تلبیس آینـه یـا تمریض و یـا استخبار از آینده درون مذهب یـهود گرایشات و شاخه های مختلفی هست که روشـهای مختلفی را به منظور تسخیر مـیطلبد. یک دعوت موفق مـیتواند با حضور موکلین  (بصورت کاملا مادی و جسمـی) همراه باشد. درون واقع امر ، همانگونـه کـه قبلا ذکر شده انجام تسخیر درون مرحله اول (اولین دعوت) زیر نظر استاد عامل مشکلترین مرحله است.

آقای دکتر درون مورد شرایط یک مندل (حصار) محکم درون زمان قرائت دعوت بفرمایید کـه چه شرایطی دارد؟   
از لوازم یک دعوت موفق، وجود مندل و حصاری محکم هست و مثلا مـیتوان از منادل هفتگانـه حلزونی (حلقوی) یـا دایره ای (هفت دایره ناقص یـا ناکامل کـه فاصله خطوط آن هر کدام حتما حدود نیم متر باشد و حدود دو مترونیم هم درون وسط مندل فضای خالی باشد) و بستن ورودیـها با خواندن عزائم احراقیـه و مانع شونده استفاده کرد کـه به همراه داشتن حربه های خاص و پوشیدن پیراهنـهای مطلسم با رنگ خاص کـه در واقع امر بر آن اسماء و آیـات خاص نوشته شده هست لازم است. راههای ورود و خروج مندل (دروازه ها) حتما کاملا مشخص باشد و بوسیله آیـات مخصوص مثل کهیعص و…. راههای ورودی (دروازه ها) بسته شود. محل مندل هم کـه حتما حتما زمـین خالی باشد (از خاک یـا گچ یـا گل و امثالهم) و کشیدن مندل هم حتما حتما با حربه های فلزی و خصوصا فولاد یـا آهن باشد . درون اکثر دعوات بهتر هست که معزم، عزیمت قرثیـا را درون سمت راست لباس خود بـه همراه داشته باشد. نتیجه اینکه عاملیت مندل مـهم است، چون درون واقع حکمـی هست برای اجابت مندل.

خواندن عزیمت حتما طبق چه اصولی باشد؟  
ساختن عزیمت دستورالعمل خاصی بر آن مترتب است. آنچه حتما به آن توجه شود، قرائت عزائم هست که بطور معمول  بـه عدد مناسبی از مفتاح و مغلاق و غایت و ضابطه و مساحت و عشر یـا بذل و ختم و غایت و…مـیباشد کـه طبق نظر استاد عامل است.
(قبلا هم ذکر شد کـه تمام اعمال درون دعوت (جلالی یـا جمالی) بـه عهده استاد عامل همان دعوت است. این اعمال اعم از کشیدن مندل وتعجین بخورات و انتخاب و اخذ آنـها از عوالم نیرنجیـه و همچنین استنزال و انتشار ملوک الارض و ساعات خاص و ساخت حربه از این قبیل است).

اهمـیت بخورات که تا چه اندازه است؟   
بخورات مناسب کار بسیـار حائز اهمـیت است.  فی المثل درون تسخیر کواکب، به منظور زحل بـه قشور الکندر و زعفران و مـیعه و …. (دخنـه) بخور مـیکند و در کوکب زهره بخور مـیکند به قسط و لادن و زعفران و عود و…. 
غالبا به منظور هر کوکبی و هر عملی از این دست حدود ۸۰ نوع بخور درون نظر گرفته مـیشود و در این صورت هست که عمل اجابت مـیشود.

نکات مـهم درون دعوت کواکب و همچنین وفق آنـها چیست؟  
دعوات کواکب از سخت ترین و طولانی ترین دعوات هست که حتما از آن اجتناب کرد. ببینید، خود کواکب منتسب بـه گروهها شده اند. کوکب مشتری منتسب بـه عالمان و دانشمندان هست و مریخ منتسب بـه صاحبان سلاح و جلادان و امراست و البته زحل منتسب بـه قوم هندو و جهودان و از این قبیل است. همانطور کـه ذکر شد درون دعوت مثلا یک کوکب خاص حتی رنگ لباس مـهم است  و رنگ لباس مثلا درون دعوت زحل جامـه کبود و دراز هست و خاتم این دعوت یک خاتم دوگانـه هست که یکی از آهن و دیگری از سرب مـیباشد کـه کلمـه ……. بر آن نقش بسته هست و ردای تسخیر مشتری زرد و سفید و خاتم آن عقیق هست که بر آن کلمـه ….. نوشته شده.
نکته دیگر اینکه به منظور هر کوکب وفقی مخصوص است. فی المثل وفق کوکب شمس، مسدس مـیباشد. وفق قمر متسع است، وفق مریخ وفق پنج تایی یـا مخمس است. وفق عطارد مربع و مشتری هشت تایی یـا مثمن و زهره مسبع و زحل مثلث هست و درون این زمـینـه علما اتفاق نظر دارند.
البته مطلب پیچیده تر و گسترده تر از آنست کـه بتوان درون این مختصر بدان پرداخت .

والله أعلم بالصواب، وإلیـه المرجع والمآب
اللهم احرسنی بعینک التی لا تنام واکنفنی فنک الذی لا یرام لا أَهْلَکُ وأنت رجائی کم من ن أنعمت بها علیَّ قلَّ عندها شکری فَلَمْ تحرُمْنی وکم من بلیـه ابتلیتنی بها قل عندها صبری فلم تخذلنی اللهم ثبت رجاءک فی قلبی واقطعنی عمن سواک حتى لا أرجو أحداً غیرک یـا أرحم الراحمـین.
*****
http://www.malakut786.com/%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%AA-%D8%AF%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85-%D8%BA%D8%B1%DB%8C%D8%A8%D9%87-%D9%88-%D8%A7%D9%87%D9%85%DB%8C%D8%AA-%D8%A8%D8%AE%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

بهترین ، آسانترین روش باطل طلسم و سحر
روشی آسان به منظور باطل طلسم  {علاج و درمان و ابطال سحر و طلسم مرشوش (پاشیدنی)}
تعریف سحر و طلسم مرشوش (پاشیدنی):
این نوع سحر و طلسم را اعتاب نیز مـی نامند و علت این نامگذاری این هست که غالبا درون مقابل درب منزل یـا آپارتمان شخص مورد نظر پاشیده شده و یـا درون مسیر گذر و محل عبور فرد مورد نظر پاشیده مـیشود. ولی غالبا بر درب ورودی یـا خروجی یـا دیوار و در موارد دیگر بر لباس و بستر فرد مورد نظر نیز پاشیده مـیشود.
اما این نوع سحر و طلسم بر روی خاک یـا آب یـا روغن یـا عطر یـا پودر و یـا نجاسات و از این قبیل چیزها صورت مـیگیرد. طلسم کننده درون این موارد، از اسم فرد و مادر یـا پدرش و یـا تصویر و در مواردی اشیـاء فرد مورد نظر (مثل مو، ناخن و از این قبیل) استفاده مـیکند. سپس فردی کـه طلسم را مـینویسد عزیمتهای خاصی را بر آن قرائت مـیکند کـه به آن طلسم قدرت خاصی را مـی بخشد و انجام این نوع طلسم را موکل خاص همان طلسم بر عهد مـی گیرد. 

(شرط اول و مـهمترین شرط تاثیر داشتن این نوع طلسم این هست که فرد طلسم کننده حتما موکلی را درون خدمت داشته باشد).
ببینید ، درون اینجا لازم هست متذکر شد کـه سحر و طلسمـی کـه بر خاک انجام مـیشود قویتر و تاثیرگذارتر از سحر و طلسمـی هست که بر آب خوانده شده هست چون کـه خاک طبعی خشک  دارد و طبع سوداوی درون طلسم و سحر قوی تر و تاثیرگذارتر و سریعتر است.

مـهمترین نشانـه ها و علامات سحر و طلسم مرشوش و پاشیدنی:
احساس درد شدید خصوصا درون قسمت پاها
احساس حرارت یـا سرمای شدید از زانو بـه پایین
ورمـهایی درون ناحیـه پا همراه با درد شدید
احساس گرما یـا سرمای شدید درون ناحیـه درد
ترس بدون دلیل
خوابهای پریشان و آشفته

علاج عمومـی این نوع سحر و طلسم
مقداری آب آورده و نمرکه درون آن ریخته و در مکان مرشوش پاشیده مـیشود
سوره های مبارکه بقره و دخان و جن درون قسمتهای مـهم منزل یـا آپارتمان قرائت مـیشود. قبل از انجام این عمل بهتر هست که اذان گفته شود. انجام این عمل حتما سه روز پی درون پی باشد.

آبی را کـه بر آن رقیـه و دعای طرد و دفع طلسم خوانده شده هست در منزل پاشیده مـیشود. همچنین مـیتوان گلاب را با آن آب مخلوط کرد و در هنگام غروب بر دیوار پاشید.
اما به منظور درمان فردی کـه به این سحر مبتلا شده هست : هست مریض و نوشیدن از آبی کـه بر آن دعاهای مخصوص ابطال سحر خوانده شده هست قبل از هست به مدت هفت روز پی درون پی. هست باید با آبی کـه بر آن آیـات باطل کننده سحر خوانده شده باشد و نیز سوره الزلزله و معوذتین بر آن قرائت شده باشد صورت گیرد.
ماساژ ناحیـه دردناک بدن بعد از اینکه آیـات باطل السحر بر آن خوانده شده است.
چند روز پی درون پی پاهای فرد مسحور را درون ظرفی کـه مخلوط آب و سرکه درون آن هست بگذارد.
صبحها و شبها اذکار و تسبیح خداوند بگوید.
از معاصی دوری کند.
پیوسته ذکر خداوند سبحان را درون منزل داشته باشد.
عموجودات ذی روح را درون منزل نگهداری نکند.
در صورتی کـه درد مستمر باشد، خضاب ناحیـه درد با حنا نیز بسیـار نافع است. درون حدیثی از رسول خدا صلى الله علیـه و آله و سلم آمده که:
کان رسول الله صلى الله علیـه و آله و سلم اذا اشتکى أحد رأسه قال : اذهب فاحتجم ، وإذا اشتکى رجله قال : اذهب فأخضبها بالحناء).

بهترین روش درمان و باطل طلسم و سحر مرشوش ( رش البیت ) بطور خلاصه درون ذیل ذکر مـیگردد:
در ابتدا یک ظرف ۱۰ لیتری پر از آب آماده مـیشود و مقداری هم نمک جهت مخلوط با این آب تدارک مـیگردد.
سپس بر آب آماده شده، آیـات ابطال طلسم و آیـات مربوط بـه حضرت موسی (ع) و همچنین برخی از آیـات مربوط بـه رقیـه شرعیـه کـه در ادامـه ذکر مـیشود قرائت مـیشود. این آیـات شریفه عبارتند از:

أَعُوذُ باللَّهِ مِنَ الشَّیْطانِ الرَّجِیـمِ – بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـنِ الرَّحِیـمِ
۱- الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِیـنَ (۲( الرَّحْمَنِ الرَّحِیـمِ (۳) مَـالِکِ یَوْمِ الدِّیـنِ (۴) إِیَّاکَ نَعْبُدُ وَإِیَّاکَ نَسْتَعِیـنُ (۵) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِیـمَ (۶) صِرَاطَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ غَیْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَیْهِمْ وَلا الضَّـالِّیـنَ (۷) الفاتحه.
۲- الم * ذَلِکَ الْکِتَابُ لاَ رَیْبَ فِیـهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِینَ * الَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِالْغَیْبِ وَیُقِیمُونَ الصَّلاهَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ یُنفِقُونَ * والَّذِینَ یُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَیْکَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِکَ وَبِالآخِرَهِ هُمْ یُوقِنُونَ * أُوْلَـئِکَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِکَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ
۳- اللَّهُ لـَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَیُّ الْقَیُّومُ, لا تَأْخُذُهُ سِنَهٌ وَلا نَوْمٌ, لَهُ مَا فِی السَّمَوَاتِ وَمَا فِی الأَرْضِ, مَنْ ذَا الَّذِی یَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ, یَعْلَمُ مَا بَیْنَ أَیْدِیـهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ, وَلا یُحِیطُونَ بِشَیْءٍ مِنْ عِلْمِـهِ إِلاَّ بِمَا شَـاءَ, وَسِعَ کُرْسِیُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا یَئُودُهُ حِفْظُهُمَا, وَهُوَ الْعَلِیُّ الْعَظِیـمُ (۲۵۵) البقره.
۴- لِلَّهِ مَا فِی السَّمَوَاتِ وَمَا فِی الأَرْضِ, وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِـی أَنفُسِکُمْ أَوْ تُخْفُوهُ یُحَاسِبْکُمْ بِهِ اللَّهُ, فَیَغْفِرُ لِمَنْ یَشَـاءُ وَیُعَذِّبُ مَنْ یَشَـاءُ, وَاللَّهُ عَلَى کُلِّ شَیْءٍ قَدِیـرٌ (۲۸۴) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَـا أُنزِلَ إِلَیْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُـونَ, کُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلـَائِکَتِهِ وَکُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ, وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَکَ رَبَّنَا وَإِلَیْکَ الْمَصِیـرُ (۲۸۵) لا یُکَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا, لَهَا مَا کَسَبَتْ وَعَلَیْهَا مَا اکْتَسَبَتْ, رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَـا إِنْ نَسِینَـا أَوْ أَخْطَأْنَا, رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَیْنَـا إِصْراً کَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِینَ مِنْ قَبْلِنَا, رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَهَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا, أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْکَافِرِیـنَ
۵- الم ( ۱ ) الله لا إله إلا هو الحی القیوم ( ۲ ) نزل علیک الکتاب بالحق مصدقا لما بین یدیـه وأنزل التوراه والإنجیل ( ۳ ) من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذین کفروا بآیـات الله لهم عذاب شدید والله عزیز ذو انتقام
۶- تِلْکَ آیَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَیْکَ بِالْحَقِّ فَبِأَیِّ حَدِیثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآیَاتِهِ یُؤْمِنُـونَ (۶) وَیْلٌ لِکُلِّ أَفَّاکٍ أَثِیـمٍ (۷) یَسْمَعُ آیَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَیْهِ ثُمَّ یُصِرُّ مُسْتَکْبِراً کَأَنْ لَمْ یَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِیـمٍ (۸) وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آیَاتِنَا شَیْئاً اتَّخَذَهَا هُزُواً, أُوْلَـئِکَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِیـنٌ (۹) مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا یُغْنِی عَنْهُمْ مَا کَسَبُوا شَیْئاً وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِیَـاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِیـمٌ (۱۰) هَذَا هُدًى وَالَّذِینَ کَفَرُوا بِآیَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِیـمٌ (۱۱) الجاثیـه.

آیـات فوق سه مرتبه (سه دور) قرائت مـیشود.

بعد از این مراحل ، آیـات شریفه مربوط بـه باطل طلسم و سحر و آیـات ذکر حضرت موسی (ع) هفت مرتبه بر آب قرائت مـیگردد. آیـات ذیل:
۱- وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّیَاطِینُ عَلَى مُلْکِ سُلَیْمَانَ وَمَا کَفَرَ سُلَیْمَانُ وَلَکِنَّ الشَّیَاطِینَ کَفَرُوا یُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَـا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَکَیْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ, وَمَا یُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى یَقُولـَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَهٌ فَلا تَکْفُرْ, فَیَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا یُفَرِّقُونَ بِهِ بَیْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ, وَمَا هُمْ بِضَـارِّینَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّـهِ, وَیَتَعَلَّمُونَ مَا یَضُرُّهُمْ وَلا یَنفَعُهُمْ, وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِی الآخِرَهِ مِنْ خَلـَاقٍ, وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِـهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ کَانُوا یَعْلَمُـونَ (۱۰۲) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَهٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَیْرٌ لَوْ کَانُوا یَعْلَمُـونَ (۱۰۳) البقره.
۲- وَأَوْحَیْنَـا إِلَى مُوسَـى أَنْ أَلْقِ عَصَاکَ فَإِذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأْفِکُـونَ (۱۱۷) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا کَانُوا یَعْمَلُـونَ (۱۱۸) فَغُلِبُوا هُنَالِکَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِیـنَ (۱۱۹)وَأُلْقِیَ السَّحَرَهُ سَاجِدِیـنَ (۱۲۰) قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِیـنَ (۱۲۱) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (۱۲۲) الأعراف.
۳- قَالَ مُوسَـى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَـاءَکُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا یُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (۷۷) قَالُـوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَیْهِ آبَـاءَنَا وَتَکُونَ لَکُمَا الْکِبْرِیَـاءُ فِی الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَکُمَا بِمُؤْمِنِیـنَ (۷۸) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِی بِکُلِّ سَاحِرٍ عَلِیـمٍ (۷۹) فَلَمَّا جَـاءَ السَّحَرَهُ قَالَ لَهُمْ مُوسَـى أَلْقُوا مَـا أَنْتُمْ مُلْقُـونَ (۸۰( فَلَمَّـا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ, إِنَّ اللَّهَ لا یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِیـنَ (۸۱) وَیُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُجْرِمُـونَ (۸۲) یونس.
۴- قَالُوا یَا مُوسَـى إِمَّـا أَنْ تُلْقِیَ وَإِمَّـا أَنْ نَکُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (۶۵) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِیُّهُمْ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى(۶۶)فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَهً مُوسَى (۶۷) قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الأَعْلَى (۶۸) وَأَلْقِ مَا فِی یَمِینِکَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُـوا إِنَّمَا صَنَعُوا کَیْدُ سَاحِرٍ وَلا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتَى(۶۹)فَأُلْقِیَ السَّحَرَهُ سُجَّداً قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (۷۰) طه
۵- قَالَ لَهُمْ مُوسَـى أَلْقُوا مَـا أَنْتُمْ مُلْقُـونَ (۴۳)فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِیَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّهِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُـونَ (۴۴) فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأْفِکُـونَ (۴۵) فَأُلْقِیَ السَّحَرَهُ سَاجِدِیـنَ (۶۴) قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِیـنَ (۴۷) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (۴۸) الشعراء
۶- وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا . الفرقان ۲۳
۷- وَقُلْ جَـاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ, إِنَّ الْبَاطِلَ کَانَ زَهُوقاً (الإسراء)
۸- قُلْ إِنّ رَبّی یَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلاّمُ الْغُیُوبِ * قُلْ جَآءَ الْحَقّ وَمَا یُبْدِىءُ الْبَاطِلُ وَمَا یُعِیدُ (سبأ:۴۸-۴۹)
۹- بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَیَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَکُمُ الْوَیْلُ مِمّا تَصِفُونَ (الأنبیـاء :۱۸)
۱۰- {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لَا تُبْصِرُونَ }الطور۱۵

سپس دعای ذیل قرائت مـیشود:
بسم الله العظیم الاعظم یحرق کل خادم سحر ( ۷ مرتبه )
بسم الله العظیم الاعظم یبطل کل سحر ( ۷ مرتبه )
و سپس درون مرحله آخر گفته مـیشود
الحمد لله رب العالمـین والصلاه علی النبی
اللهم صلی علی محمد وعلی ال محمد کما صلیت علی ابراهیم وعلی ال ابراهیم فی العالمـین انک حمـید مجید.

کیفیت قرائت بر روی آب مربوطه به منظور ابطال سحر:
دهان حتما به نحوی بـه آب نزدیک شود کـه هوایی کـه از دهان خارج مـیگردد، درون زمان قرائت بتواند آب را بـه حرکت درآورد.
سپس آب مربوطه بـه دو بخش تقسیم مـیشود:

بخش اول
سه یـا چهار لیتر از آب کـه برای نوشیدن درون هفت روز کفایت کند (یک لیوان قبل و یک لیوان بعد از خواب).
بخش دوم
با مقداری نمک مخلوط گردیده و در قسمتهای مختلف منزل پاشیده مـیشود. بـه نحوی این آب درون منزل پاشیده مـیشود کـه به هدر نرود. این عمل حتما هفت روز پی درون پی تکرار شود. درون زمان رش البیت (پاشیدن آب درون منزل) حتما آیـه الکرسی شریفه قرائت گردد.
همچنین بمدت هفت روز متوالی سوره مبارکه بقره درون منزل قرائت مـیشود.
نکته دیگر اینکه از این مخلوط آب و نمک روزانـه یکبار حتما بر بدن مالیده شود و به عبارتی تدهین گردد. (قبل از خواب)

در اینجا فقط بـه مختصری بسنده شد.

*****

اللهم ابطل سحر الاروح ، اللهم ابطل سحر قلب العقول ، اللهم ابطل کل سحر مدفون عند البیوت، بسم الله یبطل کل سحر مدفون تحت الاعتاب، اللهم ابطل کل سحر مدفون فی القبور ،اللهم ابطل کل سحر فی قبر، اللهم ابطل کل سحر فی مـیت فی قبر، اللهم ابطل کل سحر منثور، اللهم ابطل کل سحر فی عطر او بخور، اللهم ابطل کل سحر مشموم فی عطر او بخور، اللهم ابطل کل سحر مکتوب، اللهم ابطل کل سحر بدم مکتوب.
(اللهم لا ملجأ و لا منجا منک إلا إلیک .. إنک على کل شیء قدیر .
اللهم اشفه شفاءبعده سقما ابدا.
اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافی لا شافی إلا أنت.
فصبر جمـیل والله المستعان على ما تصفون.)

(واسئل الله العظیم رب العرش العظیم ان یشفیکم ویبطل اسحارکم)

http://www.malakut786.com/%D8%A8%D9%87%D8%AA%D8%B1%DB%8C%D9%86-%D8%A2%D8%B3%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B1%DB%8C%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%B4-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%DA%A9%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D8%B7%D9%84%D8%B3%D9%85-%D8%B3%D8%AD%D8%B1/

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

ابطال سحر پاشیدنی درب منزل 
شاید روزی یـادتون باشـه اول صبح کـه از خونـه زدین بیرون با تعجب دیدن درب منزل یـا روی درب ودیوار خانـه آب غیر عادی ورنگی ریخته شده زرد یـا سیـاه یـا قهوه ای  و از اون روز کـه از آن آب عبور کردین دردهائی رو احساس کردین اگر درد شدید درون پاها کـه همراه با گرمـی یـا سردی و یـا ورم و یـا جاهائی از پا یـا بدن کبود مـیشـه و برنگ آبی یـا سبز وبدون هیچ علتی دیده مـیشـه ویـا سردرد های بی مورد وبد اخلاقی ودرگیری درون منزل رو تجربه کردین بدونین اینـها علائم سحر پاشیدنی هستش کـه درب منزلتون ربختن جهت ابطال سحر این آدمـهای از خدا بی خبر وی کـه جز فتنـه وفساد درون روی زمـین چیزی ندارن با توکل برخدای مقتدر وقدرتمند وکریم بـه دستور ذیل عمل کنین.

ابطال سحر پاشیدنی درب منزل:
درد شدید درون پاها کـه همراه با گرمـی یـا سردی و یـا ورم و یـا جاهائی از پا یـا بدن کبود مـیشـه و برنگ آبی یـا سبز وبدون هیچ علتی دیده مـیشـه ویـا سردرد
های بی مورد وبد اخلاقی ودرگیری درون منزل اینـها علائم سحر پاشیدنی هستش جهت ابطال سحر این آدمـهای از خدا بی خبر وی کـه جز فتنـه وفساد
در روی زمـین چیزی ندارن با توکل برخدای مقتدر وقدرتمند وکریم بـه دستور ذیل عمل کنین
7 لیتر آب
یک شیشـه گلاب درجه 1
7قاشق نمک(اگر نمک درشت دست نخوره باشـه خیلی بهتره همون نمکی کـه در کارخانـه ها ازش استفاده مـیکنن)
7قاشق سرکه
همـه رو درون ظرف نسبتا بزرگی قرار بدین وظرف آب رو نزدیک دهان

وانگشت خود را درون آب قرار بدین وبر آن سوره شریفه بقره1بار +سوره حمد 7بار+آیـه الکرسی 7بار+ معوذتین 7بار+ آیـه های ذیل هم 7بار

وَأَوْحَیْنَـا إِلَى مُوسَـى أَنْ أَلْقِ عَصَاکَ فَإِذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأْفِکُـونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا کَانُوا یَعْمَلُـونَ فَغُلِبُوا هُنَالِکَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِیـنَ وَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سَاجِدِیـنَ قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِیـنَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ مُوسَـى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَـاءَکُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلا یُفْلِحُ السَّاحِرُونَ قَالُـوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَیْهِ آبَـاءَنَاوَتَکُونَ لَکُمَا الْکِبْرِیَـاءُ فِی الأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَکُمَابِمُؤْمِنِیـنَ وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِی بِکُلِّ سَاحِرٍ عَلِیـمٍ فَلَمَّا جَـاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَـى أَلْقُوا مَـا أَنْتُمْ مُلْقُـونَ فَلَمَّـا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُإِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ, إِنَّ اللَّهَ لا یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِیـنَ

وَیُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِکَلِمَاتِهِ وَلَوْ کَرِهَ الْمُجْرِمُـونَ- قَالُوا یَا مُوسَـى إِمَّـاأَنْ تُلْقِیَ وَإِمَّـا أَنْ نَکُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِیُّهُمْ یُخَیَّلُ إِلَیْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى فَأَوْجَسَ فِی نَفْسِهِ خِیفَةً مُوسَى قُلْنَا لاتَخَفْ إِنَّکَ أَنْتَ الأَعْلَى وَأَلْقِ مَا فِی یَمِینِکَ تَلْقَفْ مَاصَنَعُـوا إِنَّمَا صَنَعُوا کَیْدُ سَاحِرٍ وَلا یُفْلِحُ السَّاحِرُ حَیْثُ أَتَى فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى.- قَالَ لَهُمْ مُوسَـى أَلْقُوا مَـا أَنْتُمْ مُلْقُـونَ فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِیَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُـونَ فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِیَ تَلْقَفُ مَا یَأْفِکُـونَ فَأُلْقِیَ السَّحَرَةُ سَاجِدِیـنَ قَالُـوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِیـنَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ

آیـه های ذکر شده رو 7بار بخونین و مرتب بـه آب فوت  کنین سپس از آب درب منزل وهمـه جاهائی رو کـه شک کردین سحر پاشیدن رو مقداری ازش بیـاشین بمدت 7 روز از این آب پاشیدنی استفاده کنین و در زمان آب پاشیدن این آیـه رو بخونین

بسم الله الرحمن الرحیم قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُإِنَّ اللَّهَ سَیُبْطِلُهُ, إِنَّ اللَّهَ لا یُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِیـنَ

درمدت 7روز ودرزمان آب پاشیدن نوار سوره بقره را درون خانـه روشن کنین واز گوش بـه ترانـه های مبتذل خود داری کنین اگر درون بدن بخصوص پاها احساس درد داشتین یـا گرمـی یـا سردی بی مورد یـا کبودی های قرمز یـا سبز رنگ بدون هیچ سابقه ضربه دیده شد از آب قرآن خونده شده برآن محل بگذارید وهمون آیـه ..قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُان الله سیبطله رو بخوین..

انشاءالله بـه امر خدا سحر باطل مـیشـه احتمال داره عوارضی مثل اسهال پیش بیـاد کـه مـهم نیستش چون درحال باطل شدن هستش وانشالله سحر باطل وشما شفا پیدا مـیکنین
یـاعلی
دائی ابراهیم

 http://www.daiebrahim.ir/327534-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84-%D8%B3%D8%AD%D8%B1/1143101-%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D8%AD%D8%B1-%D9%BE%D8%A7%D8%B4%DB%8C%D8%AF%D9%86%DB%8C-%D8%AF%D8%B1%D8%A8-%D9%85%D9%86%D8%B2%D9%84.html

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

سحر و جن زدگی دو موضوع واقعی هستند کـه تاثیرات و مشکلات فراوانی به منظور بعضی ها  بـه وجود مـی آورند و عدم شناخت کافی از این موضوعات، مـهم ترین عامل درون درمان نیـافتن بیماری ها و مشکلاتی هست کـه گریبانگیر بعضی از ماست. مشکلاتی از قبیل : ناآرامـی های خانوادگی و تنفر بین زن و شوهر، مشکلات و زناشویی، بیماری های شدید جسمـی، ناراحتی ها و بیماری های روحی و روانی، و ....    

سحر، جادو، طلسم و دل سیـاهی  
سحر و ساحران درون طول تاریخ بشری از دیر باز وجود داشته اند و قرآن نیز بـه امر سحر و جادو اشاره کرده هست و از آن بـه عنوان یک حقیقت و واقعیتی کـه دارای تاثیر مـی باشد یـاد کرده هست و آن را از جمله امور بد و ناردست برشمرده هست و همگان را از اجرا و مشغول شدن بـه این امور بازداشته هست و یـادآوری کرده هست که ساحران جز با اذن الله کاری نمـی توانند ند (( آیـه 122 سوره البقرة  و آیـه 4  سوره الفلق )) و از دیدگاه بسیـاری از فقهای اسلامـی، ساحران و جادوگران کافر مـی باشند. اما درون هر صورت درون اکثر جوامع عده ایی بـه عنوان ساحر و جادوگر بـه این کار زشت و حرام مشغول هستند و موجبات فساد، نزاع و جدایی را بین انسانـها فراهم مـی کنند. با توجه بـه اینکه سحر و جادو دارای تاثیر مـی باشد و عده ایی بـه این کار زشت مشغول هستند و عده ایی نیز توسط ساحران سحر شده اند، و به ضررهای فراوان جسمـی، روحی و خانوادگی دچار شده اند، قضیـه ی باطل سحر دارای اهمـیت دو چندان مـی باشد.

باطل سحر، جادو و طلسم
عده ایی از ساحران با روش های غیر شرعی و زشت خود سحر و جادو را باطل مـی کنند که تا از دو طرف سود ببرند و اموالی را صاحب شوند، حال آنکه مراجعه بـه این ساحران به منظور ابطال سحر، جادو، طلسم، دل سیـاهی و یـا هر بیماری دیگری بـه علت روش های غیر شرعی و نادرست این ساحران، از لحاظ شرعی حرام و ممنوع مـی باشد. درون این مـیان روش درست و شرعی باطل سحر، استفاده از آیـات قرآنی و اذکار نبوی و امور دیگری هست که رسول الله صلی الله علیـه و علی آله و سلم به منظور باطل سحر بـه آن اشاره و ارشاد فرموده اند.

نشانـه ها و عوارض سحر و جادو 
شخصی کـه سحر شده هست به عنوان یک بیمار علائم و نشانـه هایی بر او آشکار مـی شود کـه از خلال آن مـی توان فهمـید کـه مورد سحر واقع شده هست یـا خیر. ما این نشانـه ها را درون ذیل مـی آوریم که تا شما بتوانید درون مرحله ی اولیـه تشخیص دهید کـه آیـا دچار بیماری شده اید یـا نـه؟

1ـ طلسم:  
ساحران معمولا به منظور اجرای سحر از طلسم استفاده مـی کنند. طلسم عبارت هست از نوشته ایی مرموز و متشکل از اعداد و حروف ناهماهنگ و نامفهوم و معمولا بـه صورت جدول کـه ساحر آن را بر روی کاغذ و یـا شیئ دیگر مـی نویسد. درون صورتی کهی چنین چیزی کـه ممکن هست در اشکال و اشیـاء مختلف جاسازی شده باشد را مشاهده کند، احتمال اینکه وی مورد سحر واقع شده باشد زیـاد است. این موارد ممکن هست در محیط خانـه،  اتاق، رختخواب، درون درب ورودی منزل و یـا درون کوچه جلو درب منزل یـافت شود.

2ـ جدایی، بدبینی، تنفر و طلاق ناشی از دل سیـاهی  
رایج ترین نوع  سحر، جدایی و دشمنی افکندن بین دو شخص مـی باشد، بـه گونـه ایی کـه این دو شخص یـا یکی از آنـها بـه طور غیرطبیعی و غیرارادی از دیگری متنفر مـی شود، که تا جایی کـه توانایی و تحمل دیدن وی را ندارد و وقتی کـه او را مـی بیند و یـا هم سخن مـی شود بـه شدت دچار فشار روحی مـی شود، نفس هایش بند مـی آید، سردرد مـی گیرد، رنگش تغییر مـی کند و مـی خواهد هر چه سریع تر از او جدا شود و جالب اینکه خود نیز دلایل این همـه تنفر و امور غیرطبیعی را نمـی داند و متحیر مـی ماند کـه چرا نمـی تواند طرف مقابل خود را تحمل کند. این نوع سحر معمولا بین زن و شوهر و یـا دو نامزد صورت مـی گیرد و ممکن هست بین فرزند و والدین و یـا هر دیگری رخ دهد.
در مورد جدایی و نفرت بین زن و شوهر یـا دو نامزد شرح بیشتری مـی دهیم.
بسیـاری از اوقات دو شریک زندگی، روابط خوب، سالم و گرمـی دارند ولی بـه یکباره همـه چیز بـه هم مـی خورد و همـه ی نشانـه های بالا درون یکی از آن دو ظاهر مـی شود، طوری کـه طرف فقط خواستار طلاق و جدایی مـی شود و خود نیز دلیل آن را نمـی داند و فقط تنفر بی سبب، بی دلیل و بدون اراده...
در بین مردم این نوع سحر را دل سیـاهی مـی نامند. بدین معنی کـه دل و قلبی را به منظور دیگری سیـاه و تار نموده اند که تا موجبات جدایی حاصل شود و معمولا این امور بوسیله ی دشمنان آن خانواده و یـا اشخاص حسود و از طریق شخص ساحر صورت مـی گیرد.
این نوع تنفر بی اراده معمولا نشانـه های دیگری نیز دارد؛ بـه طور مثال زن شوهرش را بـه اشکال غیر طبیعی مـی بیند مثلا صورت شوهرش را مانند یک حیوان حقیقی مـی بیند. معمولا درون این نوع سحر دو شخص درون هنگام دور بودن از هم تنفری ندارند، اما بـه محض اینکه همدیگر را مـی بینند و یـا هم صحبت مـی شوند، این نشانـه ها ظاهر مـی شوند. مثلا که تا زمانی کـه شوهر درون مسافرت و یـا خارج از منزل بـه سر مـی برد، زن هیچ نفرتی ندارد، اما بـه محض اینکه شوهر وارد خانـه مـی شود همـه ی این نشانـه ها و مشکلات بدون اینکه زن بخواهد و بداند بر او عارض گشته و مشکلات شروع مـی شود.

3ـ مشکلات ــ ناتوانی درون روابط ــ اختلال درون روابط
یکی از نشانـه های سحر و یکی از انواع آن، اختلال درون روابط بین زن و شوهر مـی باشد. ساحر بدین وسیله یکی از مـهم ترین ویژگی های روابط بین زن و شوهر را مختل مـی کند، که تا بدین وسیله بتواند بـه همان هدف خود کـه بروز مشکلات خانوادگی و جدایی و طلاق بین زن و شوهر است، دست یـابد.
در این نوع سحر زن یـا شوهر بـه مشکلات غیر معمول و غیر متعارفی دچار مـی شوند، بـه گونـه ایی کـه در اجرای اعمال بـه کلی ناتوان مـی شوند کـه به بعضی از انواع و آثار آن اشاره مـی کنیم.
ممکن هست زن ناخواسته از و نزدیک شدن آلت ی مرد بـه شرمگاهش ممانعت کند و سبب این کار هم ترس یـا مشکلات روانی و یـا سردی مزاج درون امور از طرف زن نمـی باشد، بـه گونـه ایی کـه خود زن هم دلیل این امر را نمـی داند. مثلا قبل از بـه یکباره دو ران زن قفل مـی شود و به هم مـی چسبند و تحت هیچ نیرویی قابل بازشدن نیست و این امر بـه اراده ی زن نیست و زن علت آن را نمـی داند. و یـا اینکه زن بـه یکباره از با شوهرش بـه طور کلی متنفر مـی شود.
این نوع از سحر بیشتر اوقات درون شب اول عروسی اتفاق مـی افتد و ممکن هست تا ماه ها ادامـه یـابد . معمولا توسطانی کـه با این ازدواج مخالف و یـا نسبت بـه داماد و عروس حسودی مـی کنند صورت مـی گیرد.
ممکن هست این نوع سحر به منظور مرد نیز رخ دهد، بـه طوری کـه توانایی کامل اعمال را بـه یکباره و بدون دلایل روانی و پزشکی از دست مـی دهد یـا اینکه مرد درون مراحل لمس و بازی با بدن زن مشکلی ندارد اما بـه محض اینکه قصد مـی کند آلت ی وی ناخواسته و بی دلیل از کار مـی افتد و هیچ گاه موفق بـه مـهم ترین کار یعنی و انزال نمـی شود کـه در این صورت رضایت طرفین حاصل نمـی شود و زمـینـه به منظور بروز مشکلات خانوادگی و نـهایتا جدایی و طلاق مـهیـا مـی شود.

4ـ مشکلات روانی و رفتاری و اختلال درون روابط اجتماعی فرد 
ممکن هست فرد توسط سحر دچار ناراحتی های روانی و اعصاب و اختلال درون روابط اجتماعی شود کـه از نشانـه های آن موارد زیر است:
* عصبانیت بیش از حد و بدون زمـینـه و بی دلیل
* گرفتگی، انزوا، تنـهایی و دوری جستن از دیگران
* افسردگی شدید
نکته ی قابل توجه اینست کـه این موارد مـی بایست یکباره و بدون دلیل بروز کند که تا بتوان آن را جزء علامت احتمالی سحر دانست چون ممکن هست این موارد دلایل دیگری غیر از سحر داشته باشند.

5ـ مشکلات و بیماری های جسمـی
به وسیله ی سحر مـی توان درون بدن شخص، بیماری های مختلفی ایجاد کرد و معمولا این بیماری ها توسط پزشکان قابل درمان نیستند چون علت اصلی این بیماری ها به منظور پزشکان نامشخص است.
مواردی مانند:
* کور شدن یکباره و بی دلیل
* فلج شدن یکباره بعضی از اعضای بدن
* کر و لال شدن بی دلیل و بدون زمـینـه ی قبلی
از جمله نمونـه هایی هست که ساحر ممکن هست به وسیله ی سحر درون شخص مورد نظر ایجاد کند.
توجه: ضعف ایمان و تلاوت ن قرآن و اذکار صحیح شبانـه روز مـهم ترین عامل واقع شدن درون دام ساحران است.

جن زدگی
چنانچه درون قرآن نیز بیـان شده هست "جن ها" موجوداتی شبیـه انسانـها هستند کـه دیده نمـی شوند اما آنـها انسانـها را مـی بینند. آنـها زندگی فردی، اجتماعی و خانوادگی دارند، تشکیل خانواده مـی دهند، زندگیشان درون این دنیـا مثل انسان با تولد شروع و با مرگ پایـان مـی یـابد، بر روی همـین زمـین زندگی مـی کنند و انسانـها آنـها را نمـی بینند و آنـها را احساس نمـی کنند.
جن ها بـه طور معمول و عادی درون زندگی انسانـها هیچ نوع دخالت و تصرفی نمـی کنند، ولی درون بعضی از حالات عده ایی از جن ها درون زندگی گروهی از انسانـها دخالت مـی کنند کـه این نوع تاثیر و دخالت دارای انواعی مـی باشد کـه در ادامـه انواع، اسباب و نشانـه های انسان جن زده را بیـان مـی کنیم و نیـاز بـه ذکر هست که جن زدگی با سحر و جادو تفاوت دارد.

نشانـه های انسان جن زده
1ـ  تشنج و صرع
شخصی کـه توسط جن مورد حمله و ضرر قرار مـی گیرد، نشانـه هایی درون او ظاهر مـی شود کـه بیشتر اوقات بـه صورت تشنج یـا همان صرع بروز مـی کند و شخص جن زده گاه و بیگاه دچار تشنج غیر معمول مـی شود و یـا شخص یکباره و بدون سوابق پزشکی دچار تشنج شدید مـی شود و صرع درون او بـه صورت کامل مشاهده مـی شود و مـهم ترین نکته درون این زمـینـه این هست که این نوع تشنج و صرع هیچ نوع تفسیر پزشکی ندارد و پزشک علت این امر را نمـی داند.

2ـ دیوانگی و جنون
ممکن هست شخص جن زده بـه طور کلی عقل و هوش خود را یکباره از دست بدهد و به قول معروف دیوانـه و یـا مجنون نامـیده مـی شود کـه این امر ممکن هست از تاثیرات جن باشد.

3ـ مشاهده امور عجیب و غریب درون منزل 
هم چنین ممکن هست جن بـه دلایل متفاوت درون امور منزل و خانـه شخص دخالت کند بـه طوری کـه شخص سر و صدای غیرمتعارفی درون خانـه بشنود و یـا وسایل خانـه بـه طور غریبی جا بـه جا شود و یـا سنگ و اشیـاء دیگری پرتاب شوند و اموری از این قبیل مـی توانند نشانـه ی حضور جن باشند.

4ـ بیماری های جسمـی 
جن ممکن هست بیماری های جسمـی مانند درد شدید درون بعضی از اعضای بدن و اختلالاتی مثل کوری و کر و لالی و ... ایجاد کند. پدید آمدن ناگهانی و نامشخص بودن علت آن از لحاظ پزشکی مـهم ترین نکته درون این مشکلات است.

5ـ  مشکلات های روحی روانی 
جن ممکن هست موجبات مشکلات روحی همچون افسردگی شدید و رغبت بـه تنـهایی و انزوا و عصبانی بودن را درون شخص ایجاد کند.

6ـ داشتن علاقه و ارتباط  شدید با دستشویی 
یکی از نشانـه های جانبی درون کنار نشانـه های فوق این هست که شخص جن زده بعد از اینکه بـه یکی یـا بعضی از نشانـه های بالا دچار شد، نشانـه ی جانبی دیگری درون او ظهور مـی کند و آن اینکه هنگام دستشویی رفتن مدت زیـادی آنجا مـی ماند و یـا بسیـاری از اوقات درون نزدیکی دستشویی مـی نشیند.

7- نشانـه های سحر 
جن مـی تواند مشکلاتی کـه توسط سحر بـه وجود مـی آید را درون انسان ایجاد کند لذا همـه نشانـه ها سحر مـی تواند علامت جن زدگی نیز باشد.

علل دخالت جن درون زندگی انسان ها
جن ها بـه یکی از دلایل زیر درون زندگی انسان ها دخالت مـی کنند و اسباب مشکلات را فراهم مـی کنند:

1ـ  انتقام
چنانکه گفتیم انسان ها، جن ها را نمـی بینند، اما آنـها ما را مـی بینند و به همـین خاطر ممکن هست انسانـها ناخواسته بـه بعضی از جن ها یـا اعضای خانواده آنـها آسیبی وارد کنند، مثلا پا روی آنـها بگذارند و یـا ... کـه در این صورت جن بـه خاطر انتقام درون زندگی این شخص دخالت مـی کند و اسباب مشکلات را فراهم مـی کند.

2ـ عشق و عاشق شدن
 جن ها هم مانند انسان ها متشکل از دو جنس نر و ماده هستند کـه به همـین علت ممکن هست جن عاشق انسانی شود و وارد بدن وی شود کـه در پی ورود جن بـه بدن انسان مشکلاتی پدید مـی آید.

3ـ  شرارت جن
جن ها همچون انسان ها دارای ادیـان و عقاید مختلفی هستند و ممکن هست مسلمان، مسیحی، یـهودی و یـا ... باشند و طبعا بعضی از آنـها بد و بعضی خوب هستند. جن های شرور و بد ممکن هست بدون هیچ دلیلی وارد زندگی انسان ها شده و زندگی آنـها را مختل کرده و مشکلات متفاوتی را بوجود بیـاورند.

درمان جن زدگی
امروزه بسیـاری از روش های درمان جن زدگی غیرشرعی مـی باشند و این درون حالی هست که روش های شرعی و قوی تری وجود دارد کـه همنوا با آیـات قرآنی و اذکار نبوی و احادیث رسول الله صلی الله علیـه و سلم مـی باشد.
با جن زدگان درون دو مرحله همراه و مشاور آنان باشیم:

مرحله اول: تشخیص بیماری
وجود نشانـه های فوق همـیشـه دلالت بر جن زده بودن ندارد، بلکه با روش های خاصی مـی بایست بـه این یقین رسید کـه شخص جن زده هست یـا نـه؟
به همـین خاطر این سایت درون این مرحله باانی کـه این نشانـه ها دارند همراه خواهد بود.

مرحله دوم: درمان
پس از اینکه جن زده بودن شخص قطعی و یقینی شود مرحله درمان شروع مـی شود. ما درون این مرحله نیز همراه شما خواهیم بود و فراموش نکنیم کـه شفا دهنده فقط خداوند هست و نگاهمان حتما به سوی خدا باشد و در مسیر درمان از وسایل مشروع و حلال استفاده کنیم.
http://pasokh110.persianblog.ir/post/6

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -




[قسمت نهم ولما]

نویسنده و منبع | تاریخ انتشار: Sat, 03 Nov 2018 20:51:00 +0000



تمامی مطالب این سایت به صورت اتوماتیک توسط موتورهای جستجو و یا جستجو مستقیم بازدیدکنندگان جمع آوری شده است
هیچ مطلبی توسط این سایت مورد تایید نیست.
در صورت وجود مطلب غیرمجاز، جهت حذف به ایمیل زیر پیام ارسال نمایید
i.video.ir@gmail.com